Skip to main content

Full text of "تاريخ الفكر السياسي من الدولة القومية الي الدولة الأممية جان شوفالييه"

See other formats


جان جال شوفالييه 


0 
الف السياس 


م 
ا ل ل 
خا 





كك كك 


. 1 


الفصل الثالث 


الدولة والسيادة 
جان بودان : مؤلّف الجمهورية 


ومع بودان دخلت كلمة : سيادة في مفردات الحقوق 
والبالة . تماماًكيا فعلث كلمة : دولة مع مكيافالي . 
ب. دائتريف ( مفهوم الدولة ) 


« إن عرض مفهوم السيادة عند بودان يبقى مرتبطاً باتشغال 
عمل . متعلن باللكية الفرنسية » 
ب . دوراتيه 


كانت ٠‏ الجمهورية » تنويجاً للفكر القوري - وللبهم أحياناً - وللمعرفة للدهشة لوَّلّفِها . 
الث كياد ني ب لذ ابر اخ رام رزوي رادا انار ا لمشي 
وكان بودان قد نشر قبل ذلك كتاب : « المنهج . . 

(0همتاتهومء ممنمههواكتا دمماأعد لع 5دالمطاء14 ه) ( في عام 16 ) , وكتاب : 
« الجواب ... )(انوماكءلمكظ عل .14 3 . سابلو ابو دوه وين 
الأشياء ٠‏ ووسيلة معالمة ذلك » ( في عام(1568 . وقد استهدف بودان من كتابته « للمنهج . . 
تسهيل معرفة التاريخ وسعرا و يد سيد وي 7 
قانون شامل » وكذلك لفيلسوفب تاريخ. وفيلسوفب سيامي انكبّ مطولاً عل دراسة و تكوين 
الجمهوريات » . أما كتاب : « الجواب . . » فكان عملا لاقتصادي عايش بعمق ثورة الاسعار . 
في القرث السادس هشر ء واتشارها وتعقيداتا وآثرها عل ٠‏ الشعب للسكين الذي شمر اما 
بالآلم» لَكِنْ أغلبيته لا تستطيع أن تعرف من أين يأتي 006 . 

لقد كان عام 1576‏ الذي نشر فيه بودان « الجمهو رية » . العام الذي بلغ فيه الذروة كمؤ لفي 

وسياسي منخرطٍ في ِضَّمٌ العمل . وكان لديه من العمر حينذاك نحو6» سنة ( ولد بودان نحوعام 


(1) إقرا د امنهج . . . » في نصه النهائي , نص الطبعة الثانية لعام 1572 - ترجمة ب. . ميستارد . في 
وعد - نم8 ع1 :3 ./ا ل ل 


2053 


89 . وتوني في عام1596 ) . فبعد أن حَرْسَ الحقوق في تولوز , وأصبح محامياً لدى محكمة باريس 
في عام 1561 تقريباً » أخذ يتدخل » بنشاط في الشؤ ون العامة . ثم ارتبط بدوق ألنسون في عام 
15371 . وف عام1576 المثمر. انتخب نائباً عن الطبقة الثالثة ‏ بدائرة « فرماندوا » . في مجلس 
الطبقات العامة لمنطفة « بلوا »(5ه81©) . وهو المجلس الذي سيكون له فيه دور كبير وشجاع9) » 
وذلك بانتظار حصوله على وظيفة وكيل الملك في محكمة المشرفين الملكيين في لاون(0مهة) . 

وعندما ألّف بودان « الكتب الستة في الجمهورية » بدت طموحاته الفكرية شاسعة ؛ 
وتجاوزت الهدف السيامي المباشر الذي نعرفه . 

فقد كان يعتزم استخلاص القوانين التي تتحكم بمختلف أنظمة الوقائع السياسية . ودبت 
بذلك نفسه كأرسطو جديد , وكمؤّلّفب لكتاب جديدٍ في « السياسة » . مغايرٍ في معلوماته وعمقه 
( كما يرى ) لكتاب « السياسة » القديم . كما كان ينوي دحض مكيافللي , وإفحامه مرة واحادة 
وللأبد . باعتباره مالقاً وداعية للطغاة » وجاهلاً تماماً بالقانون العام ؟ ولكونه لم « يَلِج مُطلقا مَعْبَر 
علم السياسة » . أما هو . صاحب الطبيعة الاخخلاقية الكاملة » والروح الدينية الحادة ( بالرغم من 
أنه كان صاحب عقيدة دينية غير واضحة . وأنه أتهم بقوة بالهرطقة © ) , فقد رفض الفصل بين 
الخير المطلق للدولة » أوه الجمهورية » . والخير المطلق للفرد . وكان في هذا وفياً لتعاليم أفلاطون 
وأرسطو . ولتعاليم الرواقية والمسيحية كذلك . وهكذا عارض وافعية مكيافلل التجريبية ٠‏ بقانون 
الله والطبيعة » والعدالة ,الماك بده سم فلك ) » أنه سقط في المثالية الطوباوية لتوماس مور 
أو لجمهورية أفلاطون . ونوى بودان أنْ يعتمد على التجربة الملموسة . وعلى معرفته الواسعة ١‏ 
بشكل خارق للعادة » سواء في ميدان الفقه أم في ميدان جغرافية العالم » ؛ الذي اكتّشيفَ حينذاك » 
أم في التاريخ : التاريخ الذي كما كان يبشر في المنهج - يوجد فيه بشكل خاص الكثير من الأمور 
التي يمكن تَعلمها . والذي يحنوي على أفضل قسم من القانون الشامل ‏ والذي تنجل فائاته 
الأولى في « خدمة السياسة » . 

ويمكن للمرء أَنْ ببتسم للادعاءات التي يعلنها بسذاجة . مِؤلْفُ قليلٌ الميل لآن يَبَخْسَ 
قيمة .نفسه ٠‏ وللنظرات التنجيمية والبيثاغورية الغريبة التي لا يخشى من القيام بخلطهما مع الكثير 

من العلوم الحقيقية . إلأ أن هذا لا يمنع من القول بأن « الجمهورية » كانت تعتبر » على الطريق 
الطويل الذي يبدأ ه بسياسة » أرسطو . ويتتهي « بروح القوانين » لمونتكيو , وصية موسوعية 
لأكثر العقول الفرنسية ( وحتى الاوروبية ) موسوعية في ذلك القرن . وحصلة حقيقية للفكر 
القانوني والسياسي ( كان الاقتصاد يشكل حينذاك جزءاً من السياسة ) ٠‏ وصرحاً فكرياً هو الأكثر 


1( أحظي كتاب « الجمهورية » فور صدوره بجاح ساطع . وظهرت منه عدة طبعات بالفرنسية » وواحدة باللاتهنية عام 
56 . كبا ترجم الى اللفات الايطالية والاسبانية والألمانية . أن النصوص الأخوذة منه هنا مستقلة من الطبعمة 
الفرنية لعام 1583 

(2©) حول بودان والدهن ‏ أنظر ب. ميسنارد ه الفكرهالديني لبودان » في مجملة(ملءهنه »11/1 يش عنها6) 1929 ص : 

121-77 


مهابة من بين الشواخص . 
إن في قائمة محتويات هذه « الكتب الستة » . الموزعة عل اثنين وأربعين فصلا , ما من شأنه 
أن يُنَوْخْ أكثر القراء عناداً . إنها بالضبط بحر من الوقائع والافكار والمحاكيات العقلية والنصوص 
والتعليقات ؛ بحر تبرز وسطه ني ضوء كامل جزيرة مركزية ذات توم رخامية صظبة وواضحة . 
تتمثل بمفهوم د السيادة )(6امتتلدت«امة هل) . 
لكن هذا الضوه لا يجب أن يعمي القارىه عن حقيقةٍ من نوع مختلف , يحرص املف على 
إسراز وجودها بشكل تام . وتتجل . حسب تعبيره , في طبع الشعوبوعل داهم مآ) 
(دعامنعم . 


1 السيادة : دورها . علاماتها . ومقرها 

د كها أن السفينة لن تكون إلا خشباً , ليس له شكل مركب . عندما تتتزع منها العارضة 
الرئيسية التي تسند الجوانب , والمقدمة والمؤخرة والسطح : كذلك الجمهورية لا تعد جمهورية إنْ 
لم يكن فيها قوة سيدة تود كل أعضائها وأجزائها , وكل أسرها وهيئاتها ني جسم واحد . تلك 
هي ١‏ بالنسبة لبودان , النقطة الرئيسية والأكثر ضرورية التي ينبغي فهمها جيداً ؛ إنطلاقاً من 
التعريف الرائع والتقليدي الذي أعطاه للجمهورية ( التي تعني بشكل بديهي : الشيء العام أو 
المجراعة السياسية . أو . باختصار , الدولة ) . والذي يقول فيه : إن الجمهورية هي الحكم . 
المستقيم لعدة أسرّ. ولما هو مشترك لديها . شرط أن يتوفر للدبه قوة سيدة </ : 

« حكم مستقيم » أي متفق مع قانون الله والطبيعة . الذي يستهدف العدالة والنظام بالمعنى 
الأكثر أفلاطونية والآكثر « إنسجاماً » للكلمة ( إن الجمهورية الجيدة التتظيم هي التي يعتزم بودان 
العليا , الأخلاقية والفكرية . إن هذه الغاية ترقد ‏ كيا يقول بودان _ في الفضائل التأملية ») . 

حكم عدة أسر :فالاسرةالتي قاد بشكل جيد هي الصورة الحقيقية للجمهورية . إن السلطة 
لمنزلية تشبه السلطة السيدة . والحكم المستقيم للمنزل هو النموذج الحقيقي لحكم الجمهورية . 

وأخيراً ٠‏ يحب أن يكون هناك . بالاضافة للسيادة » شيء ما مشترك أوعام : أملاك عامة ‏ 
خزينة عامة , أسواق . قوانين . أعراف , قضاء . عقوبات الخ . . . « لآن الجمهورية لا توجد 
إن لم يكن هناك أي شيء عام » . 

وهذه القوة السيدة . أو السيادة . بالاتينية (هنتعؤص) . التي تجمع كل العناصر ٠‏ وتعطي 
« لمركب » الجمهورية أو الدولة شكله ؛ وتَوّمُّن , في نفس الوقت . انسجامه واستقلاله , لما 
ممتان : فهي دائمة ومطلقة . 





(1) « الجمهورية » _(1553) دص :12-1 


إنها دائمة بدوام حياة الذي بملكها . ويملكها باسمه المخاص . وليس قبط بواسطة لجدة أو 
مؤ سسة أو توكيل من أي جهة كانت ( لانه سمارس » في هذه ال حالة » قوة الغير ) . 

ومطلقة : فليس ها من شرط آخر غبره ما يأمر به قانون الله والطبيعة » . إن على السادة أن لا 
يكونوا أبداً خاضعين لأوامر الغير ؛ وأن يكونوا قادرين عل شنْ القوانين للرعية » وعل نقض 
القوانين غير المفيدة والغائها واستبدالها بأخرى . وهذا يُقال بأنهم « معفيون من قوة القوانين » ١‏ 
ومستنون من قوانين سابقيهم . وكذلك من قوانينهم الخاصة . بحيث أنهم لا يستطيعون أن يقيدوا 
أيدهم حتى ولو كانوا يريدون ذلك . إن عبارة و لآن هذه هي رغبتنا » . التي نفرؤها في نهاية 
المراسيم والأوامر . لم توضم إلا من أجل إثبات أن قوانين « الأمير» السيد : لا تتعلق إلا بإرادته 
البحتة والصريحة , بالرغم من أنها تستند لاسباب جيدة وحيّة 00٠6‏ . | 

ولا تشكل الاعراف . العامة أو الخاصة , إستناءاً : فالقوانين تستطيع أن تلغيها , لأنه لا 
يمكن أن تكون تخالفة لها . 

إن العلامة الأولى للسيادة . أي هذه القوة الدائمة والمطلقة » تُستنتج وتفرض نفسها عل 
الفكر إنطلاقاً من الاستشهادات السابقة : إنها القدرة على سن القاتون ونقضه , سَنْ القانون 

جميم ٠‏ بصفة عامة » ولكل واحد ء بصفة خخاصة ”2 » وذلك دون أز: يكون الأمير السيد بحاجة 

لموافقة أي كان سواء أعلى منه أم مساو له أم أدنى منه . لأنه إذا كان عليه أن يأخذ موافقة من هو أعل 
منه « فإنه سيكون تابعاً حقيقياً » ؛ وإذا كان عليه أن يأخذها من هو مساو له , فإنه سيكون له 
شريك ؛ وإذا كان عليه أن يأخذهاامن الرعية » سواءً من مجلس الشيوخ أم من الشعب . فإنه لن 
يكون سيدا » . 

إننا نلاحظ هنا الإشارة لمجلس الشيوخ الذي يقصد به جمعية مستشارين يستشيرهم مالك 
السيادة » دون أن يكون لهم أي سلطة لجعل أرائهم تتمّذ . أو للأمر با يشيروا به . أو أي شيء من 
هذا القبيل ؛ وإلآ فإنهم سيصبحون سادة » وليس بحرد مستشارين ؛ وسيصبح مجلس الشيوخ سيدا 
خلافاً للغاية التي وُجدَ من أجلها (ويدين بودان بقسوة «هذا التصغير أو بتعبير أفضل الإفراغ للسيادة 
التي هي سامية ومقدصة جداً . والتي لا يعود للرعية مهما كانت أن تمسّها عن قرب أوعن بُعل » ) . 
دشر هنا إلى أن نفس الأمر ينطبق على مالس الطبقات العامة ني المقاطعات , وعلى الهيئات 
والتجمعات ٠‏ التي تُعتبر حلقات وصل بين السيد والرعية ‏ والتي يمكن تشبيهها بِالعُقَدٍ القوية التي 
تَشْدُ ونْدَعُم السلسلة الاججاعية . وبقدرما تكون مؤسسات المجالس والجمعيات الحزئية هذه مفيدة 
في أماكنها . بقدر ما تصبح ضارة إذا سمحت لنفسها بالتطاول . ولو قليلاً » على السلطة إلسيدة : 
لأنه سيكون في هذا أيضاً إفراغ للسيادة السامية والقدسة جدا . 

ونشير أيضاً إلى أن القانون هو ما يأمر به السيد عندما يُستخدم قوته » وأنه يجب عدم الخلط 





(0) ويضيف بودان قائلاً : ٠‏ القاتون الذي لا يستمده الأمير إلا من الله » . 
(1) أنظر : الكتنب الأول الفصل الثامن : «في اليانة  »‏ ص :123-122 


26 


بينه وبين الحق الذي يتضمن الانصاف ولا شيء غيره » وليس أمر السيد . 

أما كل العلامات الأخرى الحقيقية للسيادة فإنها مُتضمنة في علامة سن ونقض القانون » 
بحيث أنه لا يوجد هناك علامة ‏ غيرها » إذا أردنا الكلام بدقة . إن بودان يُعَنْدها . وهذا التعداد 
يرن من الآن على عناوين فصول القانون العام الذي سيتحدد في المستقبل . وهي : القيام بالحرب 
. والسلام . تعيين كبار الموظفين ( « الضباط الرئيسيون » . على حد تعبيره ) . إصدار الأحكام 
انهائية » حت العفو . صك النقود ( إن من لديه القوة على وضع القانون . هو وحده الذي يستطيع 
إضفاء قوة القانون على النقود . فليس هناك من شيء له « نتيجة كبيرة جداً بعد القانون , إلا صفة 
وقيمة النقود ). وأخيراً استيفاء الرسوم والضرائب” . 

أما بالنسبة مقر السيادة , فهو الذي يندش" ل الدولة . أو بعبارات بودائية . نوع (شادة'1) 
الجمهورية الذي ينبغي . ومن لمهم . تمبيزه بعساية عن شكل أو نوع أو أسلوب الحكم ( كا 
سثرى ) . إن هناك فقط ثلاثة أنواع . يمكن تصورها للجمهورية . بنظر بودان : الملكية , عندما 
يمتلك فرد واحد السيادة ٠‏ بيها لا يكون لبقية الشعب «١‏ إلا أن ترى » ؛ والارستقراطية عندما يمتلك 
قسم ضثيل من الشعب . كجسم . السيادة . وبسنْ الة؟نون للباقي ؛ والديمقراطية عندما بمتلك 
الشعب كله أو أغلبيته ه كجسم », القوة السيدة . 

إن أي مق لف قبل بودان لم يرفض وجود هذه الأنواع الثلاثة الميزة للجمهورية » والمحدّدة 
بناهعل مقر السيادة . لكن بعض الؤلفين الأخسرين ( ومن بينهم عدد هام من « الشخصيات 
الكبيرة » ) كانوا يحرصون عل أن يضيفوا اليها نوعاً رابعاً ٠‏ يقوم عل مزج الانواع الثلاثة . ويُسمى 
بللختلط . وقد ذهبوا حتى لإعلان تفوق هذا النموذج المختلط . إلا أن بودان تمرد عل هذا الرأي 
بعنف ء وأصر عل الحفاظ عل رقم ثلاثة , ولا شيء غير ثلاثة . إل إذا كان الأمر يتعلق بنزوة 
خيالية » أشار بودان » مع ذلك . بشدة لضررها . لا سها وأنه تَمَرْفَ في هذا المديح للنظام 
المختلط , الذي يرجع الى أفلاطون وأرسطو وبوليبيوس وشيشرون . عل النظرية الماكرة لموتمان . 
وغيره من الكشّاب البروتستانت الداعين للتمرد ضد الأمير الشرعي ٠‏ والمثيرين لفوضى . هي الاسوأ 
( كما يقول ) من أكثر النظم الطغيانية شدة في العالم . ويتساءل بودان . بالحاح واحتقار » كيف 
يمكن القبول بنوع جمهورية تكون فيها علامات السيادة , غير القابلة للتجزئة » موزعة بين عدة 
سلطات . ويكون بمقدور الشعب ( كما يُفترض ) أن يصنع الضباط » ويتصرف بالتقود ٠‏ ويمنح 
العفو ؛ وبمقدور النبلاء أن يسنوا القوانين وبأمروا بالسلام والحرب . ويحبوا الضرائب . ويكون 
من اختصاص الحاكم الملكي الذي يوجد فوق الجميع ( والذي يؤدي له الجميع يمين الولاء الشديد . 
الاخلاص ) إصدار الأحكام النهائية ؟ إن مثل هذه الجمهورية . الارستقراطية ولللكية والشعبية 
ممتمعة . لم تُوجد مطلقاً . كما أنه لا يمكن حتى تَيأها بالنظر لعدم إمكانية تمزئة السيادة 
لل أنظر - الفصل العاشر : ٠‏ في العلامات الحقيقية للسيادة »- ص : 251-211 . حول مجلس الشيوخ وقوته : انظر 


الكتاب الثالث ‏ الفصل الأول ص : 343-42 -3715-371 . - حول ه مجالس الطبقات العامة » . أنظر : 
الكتنب الأول ص : 138-137 





وعلاماتها , التي تنجل أولاها ( والني توجد فيها » كبا نعلم » كل العلامات الأخخرى ) في سلطة 
سن القانون ونقضه : 

د لآن الذي سيكون لديه قوة سن القوانين للجميع . أي الأمر بما بريد أو النهي 
عنه » دون أن يكون بالامكان استثناف أوامره أو حتى معارضتها . سيمنع الآخرين 
من إقرار السلام وشن الحرب وجباية الضرائب وتادية يمين الولاء بدون إذنه . وأن 
الذي سيؤٌمّى له مين الولاء الشديد الاخعلاص سيرغم النبلاء والشعب على عدم تقاهمٍ 
الطاعة لاي كان غيره . بحيث أنه سيكون من الواجب دائياً اللجوء للسلاح , إلى أن 
تعود السيادة لأمير واحد , أو لأقل جزه من الشعب أو لكل الشعب » . 

وهكذا فإنه ليس هناك خارج الأنواع الثلائة المحددة " أو أشكال الدولة الثلاثة , إلا 
الجمهورية الفاسدة الموعودة بالفتن الاهلية: . 


2 السيادة : مصدرها ومداها ' 
أي مصدر تدده بودان هذه السيادة » التي تُعتبر د جوهراً » خالصاً وغير قابل للتجزئة » 
والني تُمطي للدولة شكلها ؟ . 
إن أصوها الرومانية بديهية . ولنتذكر كل ما قَدّمه القانون الروماني لفقهاء فيليب الجميل من 
أسلحة استخدمت لمصلحته ضد البابوية والامبراطورية والاقطاعية . ومع ذلك فإنْ بودان يحترس 
جبداً من تأسيس السيادة على القانون الروماني . عغافة أن يُقَدمَ لي ماحش مَاهرٍ سكا يمكن أن 
بنطلق منه ليعارض أوامر الأمير بالقانون الروماني . إن مؤلْف اللهمهورية ( حسب التفسير البارع 
ل ب. ميسنارد) يضحي , بلا ندم ٠‏ وعل مذبح السيادة » » بهذا القانون الذي تُفُرصت السيادة 
منه .والذي أصبح مزعجاً وعديم الجمدوى )© . 
ويرفض بودان , الحريص عل عحاربة حجج المناهضين للملكية , أيضاً تأسيس السيادة عل 
حق الشعب أو الجياعة » الذي نَمِل بشروط لامر وصرف بألّه سَيّد . 
كيا يرفض اللجوء لنظرية « الحق الإلهي الملكي » ( بالمعنى الضيق للكلمة ) الْعاِضّة » 
بطيب خاطر , والتي كنا قد صادفناها في حالتها الجنينية منذ عهد فيليب الجميل . فاللك » حسب 
هذه النظرية . كان يُمْيّنّ مباشرة وبالاسم من قبل الله » وبدون وساطة الكنيسة أو الشعب . وهذا 
فإن أي تمرد ضده » وتحت أي ذريعة كانت ٠‏ يعتبر كُفرا وعملاً غير مقبول . لقد كره بودان ( كا 
نمتقد ) أن يسجن مفهومه الواسع للسيادة » والصالح بالنسبة لأنواع الجمهوريات الثلاثة » ضمن 
الإطار الضيق لنظرية كانت موضوعاً للنقاش ٠‏ وكان العقل الطبيعي لوحده عاجزا عن تبريرهاه ٠‏ 
(1) أنظر : الكتنب الثاقي - الفصل الأول : « في كل أتواع اللممهوريات بصفة علمة , وما إذا كفن هناك أكثر من 
ثلاقة » . ص ٠‏ 269-251 
(2) ب. ميستارد ه اتطلاقة . . . » ( للمرجع السايق ذكره ‏ ص : 493 
(ن) حول نطرية الح الإهي : انظر : ب داتتريف - مقهوم الدولة » الذي يرج ( في الصئحة230 ) للمؤألف - 





لقد تصور بودان وجود حالة حرية سابقة لوجود الدولة . حالة كانت السلطة الوحيدة فيها 
تتجل بسلطة أب الآسرة أو المنزل . ولكن بما أنه كان عليه أنْ يُعطي رأياً في كيفية ظهور الدولة ‏ 
صواء استمدت هذه مصدرها من الأسرة التي « تضاعفت شيئاً فشيثاً » . أم قامت فجأة نتيجة 
د لتجمع جمهرة من الناس » ء أو كانت عبارة عن جالية أخرجت من دولة أخرى , فقد رجح , 
بالمقام الأول ٠‏ عامل العنف الذي بمارسه الاقرى . وذلك دون أن يستبعد . من جهة ثانية » رضى 
د البعض » الذي يِحْضِمُون طوعاً حريتهم التامة والكاملة لآخرين يتصرفون بها . من خلال قوة) 
سيدة . بدون قانون » أومع بعض القوانين والشروط<١)‏ . 


ويمكن القول . بالاجمال . أن بودان لم يقترح أساساً مرضياً للالزام السيامي.. وهذا ثميل 
للاستنتاج بأن السيادة بنظره , مثل الله ٠‏ موجودة لأنها موجودة ؛ الدراها موانه لقي 
الاشياء ‏ ومتصلة بالنظام للعالم . وإذا كان يُعرفها بقوة ودقة لا نظير هما » فإنه لاا يشعر 
بحاجة لان يُعطي نفسيراً حقيقياً لها . فيكفيه أنه شَيَدَ إنطلاقاً منها ٠‏ اانا علب قي لفاوق 7 
باعتباره أمرأ وتعبيرا إختيارياً عن إرادة ما ٠‏ على العرف , الذي هو تعبير عفوي عن أسلوب حياة 
الجما عة . نظام يُُسّر فيه هذا القانون عن إرادة العضو السيد فقط . ٠‏ وليس عن إرادة الجماعة التي 
نُصاغ بمشاركة مختلف أعضائها . لقد كان تغير المنظور كبيرأً ؛ كما كان الانفصال عن مفاهيم 
العصور الوسطى بليغاً . فباتجاه هذا التغيير . وهذا الانفصال كانت تنزع منذ وقت طويل جهود 
ملك فرنساء وفقهاثه المتبرمين من كل الارادات المنافسة . 


لقد أصبح مقبولاً . من الآن فصاعداً . في القانون العام , وبصفة بديهية » أن يوجد ء 
بالضرورة , في جهاز حدد من أجهزة الدولة ٠‏ سلطة سامية أصلية وأولى لا تأخذ شيئا من الغير . ولا 
تفضع للغير بأي صلة تبعية . (سلطة يجب أن تقيم في هذا الجهاز . وكأنّه مقر لها ) . إنها سلطة 
غير مسؤ ولة تجاه أي سلطة أخرى على وجه الارض ٠‏ ولا مُفُوْضة من أي كان . سلطة تمتلك الحق 
بأن تُكْرِه ه على هواها أي عضو من أعضاء الجسم السياسي , دون أن تكون هي نفسها قابلة للتعرض 
لأي إكراه إنساني . سلطة تحتفظ لنفسها . باختصّار , بالكلمة الأخيرة . إن وجود هذه السلطة 
وحضورها الدائم يعتبر » فضلاً عن ذلك ؛ العُربون والضهانة للاستقلال النام للدولة إزاء 
الخارج »ولانسجامها الداخلٍ كذلك بن 

ومن المناسب أن نضيف ذا ما يلي : لقد كان للؤلفون . قبل بودان . يعددون الحقوق 
النوعية المعترف بها للأمير السيد . أو الحقوق « الملكية » . وكأنها سلسلة أو حزمة أو« فسيفساء » 
من الامتيازات . أما مع بودان وبعده فإن السيادة تظهر كسلطة مجحردة وير متميزة للاكراه 





- للشهرر ل ج. ن. فيغيز(100015 .14 .1) « الحن الالهي للملرك »(مهمف!ط اه اطهنة عمأ]2 ع1) الطبعة 
الثانية ‏ كمبريدج 1922 
(!) «الجمهورية:- 1583 الكتاب الرابع ‏ الفصل الأول ه ني ولادة . وثمو وازدمار . واتحطاط ودمار 
الجمهرريات  »‏ ص : 503 -504 
(2) أنظر : ب. داتتريف- المرجع السابق ذكره ‏ ص : 127 


289 


الشرعي : إن علاماتها المختلفة ليست إلا تعبيراً عن هذه السلطة . لقد أصبحت السيادة هذا 
د الجوهر الخالص » الذي يعطي للدولة شكلها ( أو بعبارات بودانية : د الذي يعطي للجمهورية 
نوعها » )6 . 

إل أن بودان ؛ المنظور له من خلال مؤّلّفه الكبير. لم يُظهِرٌ بَعْدُ للقارىه . من خلال كل 
م سبق قوله , إل أحد وجوهه . له الوجه المناصر للحكم المطلق ( كما ثميل للقول ) . إنْنا نرى 
فيه , بالفعل . مُنَظرٌ السيادة.» الذي يقطع كل صلة مع مفاهيم العصور الوسطى ذات الأهمية 
القصوى , ويعمل » لهذا السبب في نفس الاتجاه الذي عمل فيه الفقهاء الملكيون . إله ه يختم 
مؤلّفه » بالتحضيرء بصفة إجمالية , وبلا جدال , للملكية المطلقة . لكن هذا التعبير ينبغي 
توضيحه بقوة , لآن من شأنه أن يدف للاعتقاد بأن بودان كان » منذ البداية ‏ مُنظَراً هذه الملكية 
المطلقة ( في حين أن « الجمهورية » كانت تمجيداً لعهد فرانسوا الأول ٠‏ الذي اتُرِحَ كتموذج على 
هنري الرابع ) ؛ وبأن مارسة السيادة البودانية تتضمن الاعتراف بحكم مطلق ٠‏ حقيقي » . إلا أنه 
لم يكن هناك شيء من هذا القبيل . وذلك لآن بودان يُظهر بالضبط وجهاً آخراً يمكن أن يوصف 
باللييرائي . وهو وجه يستمد من مفاهيم العصور الوسطى سماته الأساسية ا . 

في هذا الصدد وردت ني رسالة الاهداء التي وضعها بودان في مقدمة طبعة 1578‏ جملة بارزة 
يجب أن د انتباه كل من يتمنى تفسير د اللجمهورية » بشكل صحيح : إني مندهش لأن البعض 
استطاع أن يأخذ عل أني أسندت لسلطة فرد واحد أكثر ماكان من الملائم اسناده لمواطن شجاع » . 
إن السطور التي تلي هذه الجملة ( والتي تبرر دهشة المؤلف ) تُرّكرٌ بالفعل على الحدود التي كان 
يحرص كثيراً على تعيينها لسلطة الأمراء أصحاب السيادة ١ن‏ . 


3 السيادة : حدودها 
لنتكب إذن عل هذا الوجه الآخر لبودان الذي يُعْبّر عن مزاجه كأخلاقي وفقيه متمسائ 
ببعض القيم ٠‏ ومصمم عل التوفيق بين حقوق السيادة وقانون الله والطبيعة . وكذلك بينها وبين 
الحفاظ على حد أدنى من الدستورية الوسيطية . 
إن الجمهورية » باعتيلرها حكياً مستقيا . يجب أن تحترم الحق المقدس والأولي للاسرة . ولا 
سيا حق الملكية الخاصة ( الذي يعتبر أحد الاسس التي لا يمكن للاسرة أن تستبدله بأي حتى أخر ) 8 
فهي تحكم ما هو مشترك بين الاسر » وليس ما هو عائد لهذه الآسر بشكل خاص . إن بودان لا 
تطلس كحور 
(1) أنظر : و. ف. تشارّش (140082041© .8 ./88) : ٠‏ الفكر الدستوري في فرنا القرن السادس عشر» 
(عممدةا مهمع طامعمددنه وذ اطهدمطا لممدمناستتعده) - عهف هد - 
ص :5226لا فمدكماط ‏ 1941 - 
م أنظر : ب. ميسنارد ‏ المرجع السابق ذكره ( ٠‏ اتطلاقة : . . . » ) ص : 492 
(ن) أنظر رمالة الاهداء قٍ دراسة ر. دوراتيه(مطند0 8) حول د لللكية القرنية حسب جان بودان وموك كيو » 
(نمسجم ةعلوم( ك ونلم8 . ( وماعة عتنموضد] عن تعصمت ها) - منشررات ع8 منسلءة - لاهاي- 
1 . ص : 67 


2260 


ينصور جمهورية جيدة التنظيم بدون التمييز يبن ما لك وما لي : ذلك أنه لا يمككن أن يكون هناك 
شيء مشترك » ٠‏ إِنْ لم يكن هناك شي ء خاص . إن السيادةة هي من اختصاص الامير . أما الملكية 
والحيزة فهها من اختصاص الرعية ٠‏ . إن بودان لم يكن يشعر إلا بالاشمئزاز من الفكرة . المنتشرة 
كثيراً في عصره ٠‏ والقائلة بأن كل الأشياء تعود للسيد . فهو يرى أن السيد ملزم بأن لا يسيء لمق 
الغير إل لسبب عادل . وأنه إذا قام بذلك ٠‏ فإنه لا يتصرف قط بمقتضى حق السيادة ٠‏ وإنما بمقتفى 
العنف المسلح ردابي حل الاقر وى عن اللفربية » أي حق ١‏ اللصوص » . إن التمييز الثلاثي 
الذي أجراه مؤلف « الجمهورية » بين الحكم الفردي(©نامهدمه هل) « الملكي » أو ه الشرعي » 
من جهة . والحكم الفردي « الاقطاعي 6(علهذناءمواعة) والحكم الفردي ١‏ الطغياني » من جهة 
أخرى . يقوم قبل كل شيء على مفهوم الملكية هذا . ففي الأول يخضع الحاكم الفرد لقوانين 
الطبيعة . مثلما يرغب بأن يخضع رعاياه له . ويترك الحرية الطبيعية وملكية الأموال لكل واحد » . 
أما ني الحكم الثاني فيجعل الاقطاعي من نفسه سيداً للاموال وللاشخاص وذلك بمقتضى حق 
السلاح والحرب . « فيحكم رعاياه كيا يحكم رب الاسرة عبيده » . وأما في الحكم الثالث فإن 
الطاغية يحتقر القوانين الطبيعية ويسرف في اضطهاد الاشخاص الاحرار كيا لو أنهم عبيد . وفي 
التصرف بأموال الرعية كما لو كانت أمواله الخاصة » © . 

هكذا نرى إلى أي حبذ تلتصق السيادة الشاتمة والمطلقة . وغير القابلة للتجزئة . لدى 
بودان ٠‏ بضرورة قيام الحكم المستقيم . وكل ما يتضمنه هذا الحكم . كما ندرك أيضا بشكل أفضل 
كيف يرتبط لديه طابع القانون الذي يسنه الأمير . والذي هو أمر . وتعبير عن إرادة » ٠‏ إرادة السيد 
البحتة والصريحة » . بالمضمون الشرعي لهذا القاتون . فإذا كان على الرعية أن تنحني أمام أمر 
الأمير , بلا فيد أو شرط » » فإن الأمير ملزم بأن يعطي للقانون الذي بمليه مضموناً متفقاً مع العدالة 
والعقل والقوانين الإلهية والطبيعية *» » التي ينبغي عليه أن لا يخالفها إذا أراد أن لا يُدَانَ بذنب 
د القدح في الذات الإلهية »رس . 

ويحرص بودان عل أن يأخذ ثانية من « الدستورية الوسيطية » ما يناسب أفكاره . معرضاً 
نفسه لأن يتهم بعدم الانسجام والتناقض . فقد استقى منها يشكل خاص فكرة أن الأمير السيد لا 
يستطيع أن يخالف القوانين ذات الطبيعة الخاصة ٠‏ التي تُوصف بالقوانين الأساسية . والني تعلق 
بحالة المملكة وبقيامها . « وتُلْحَقُ » بهذه الصفة . بالتاج وتتحد به » . وقد تَعَرْف بودان على اثنين 
من هذه القوانين , في فرنسا : وها قانون التوارث الذي يمنع النساء من تولي العرش . وقانون عدم 
(9) إن الرعية ليس لما مع ذلك الح بالتمرد أو فتل الطاغية . إن المقلومة السلبية هي الوحيدة للسموح بها : : لا 

تطيموه في شيء هو ضد قانون الله أو الطبيعة . أهر بوا . إختبئوا » تجنبوا الضربات. كابدوا الوت ولا تعتدواعل 

حياته أوعل شرفه ه . مهما كان طاغية شريرا وقاميا . ويحيل بودان . بسخرية . منلهضي لللكية البروتتاتت ٠‏ 


في هذه النقطة . عل لوثر وكالفن . 
(هه) ويحرص بودان على أن بضيف للقواتنين الامية والطبيعية : ٠‏ عدة فوانين إناتية مشتركة بين كل الشعوب ٠‏ . 
( أي قاتون البشر ) . 


(!) أنظر ه الجمهررية »  1583-‏ الكتاب السادس ‏ ص : 312-270 


291 


إمكانية التنازل عن الاملاك العامة . كما استقى منها أيضاً فكرة أن الأمير السيد لا يستطيع استيفاء 
الضرائب من الشعب « وفق رغبته » , ( كما أنه لا يستطيع . كبا يقول . ٠‏ أن يستولي عل مال 
الغير ) بل إن عليه أن يمحصل عل موافقة هذا الشعب . إلا في حالة الضرورة المستعجلة . وهذه 
الموافقة تعبر عنها مجالس الطبقات العامة والاقليمية ٠‏ والمدن » والجماعات والميئات . إل أن هذا 
الموقف الذي يتخذه مؤّلْفٌ يضع صراحة حق فرض الضرائب على الشعب , من بين العلامات 
الحقيقية للسيادة . يؤدي لإثارة البلبلة لدى أكثر من معلق . ألم يكن بودان شديد الصلابة ٠‏ 
كصخرة , في قوله بأن مجالس الطبقات . حتى العامة منها » ليس لما دور آخر غير إعطاء الآراء » 
دون أي سلطة على الآمر بلي شيء . أو على اتخاذ قرار حتى ولو بصفة استشارية . ( لانه في حال 
العكس فإن الأمير السيد » لن يكون أميرا ولا سيداً , وإنما تابعاً للمجالس . كما أن الجمهورية لن 
تكون ملكية » وإنما أرستقراطية ) ؟ . 

إذن . هل يجب التفكير بأن بودان يعتبر ٠‏ ضمنياً ‏ قاعدة موافقة الشعب على الضريبة بمثابة 
قانون أسامي يتضمن استثناءً للنظام القانوني العادي للمجالس ؟. إن من الممكن أن يكون 
المقصود . بالنسبة له . ببساطة . هو تحقيق الانسجام , دون التعمق في التحليل . بين وسائل 
الجمهورية . وفي مقدمتها السيادة , وغاياتها . هذه الغايات التي تطالب باحترام الملكية الخاصة 

من أجل الحيلولة دون تدمير الأسرة » الخلية الام للمجتمع السيامي ‏ ولكن شريطة أن تراعى حالة 
الاستعجال التي تصبح الحاجات الفورية للجمهورية أثنامها هي التي تأمر () 5 


السيادة والحكم : الحكم الأفضل 

ما هو إذن أفضل أسلوب للحكم في أفضل نوع للجمهورية . أو بعبارة حديثة في أفضل 
شكل للدولة ؟ . 

إن الطريقة التي يطرح بها بودان الؤ ال هي بحد ذاتها أصيلة ١‏ ؛ وتتطلب جواباً لا يقل 
أصالة . نقد أدرك بودان أنه كان أول من وضع قاعدة أوسراً سياسياً ذا قيمة فريدة : وهو أن هناك 
فرقاً كبيراً به بين الدولة والحكم ٠‏ .أو بين شكل الدولة الذي يحدده مقر السيادة وشكل الحكم الذي 
يحدده الاسلوب الذي تمَارَس به السيادة بشكل ملموس . فإذا كان هناك فقط ثلاثة أشكال للدولة » 
أوثلاثة أنواع للجمهورية , يمكن تصورها تبعاً للسيادة » البسيطة حي وغير القابلة للتجزئة ؛ وإذا 
كان من المستبعد ٠‏ على هذا الصعيد , أن يكون هناك شكل رابع غتلط , يُصنع من مزيج من 
الأشكال الثلاثة ويعتبر تجرد جمهورية غامضة وفاسدة , فإن الأمر ليس كذلك في موضوع الحكم : 
إن مزج الاشكال أو الأساليب في شكل مختلط أوه مركب » . من شأنه تلطيف السلطة , هوهنا » 
وبالعكس تماماً » ليس أمرأً يمكن تصوره فقط » وإنما هو مرغوب به أيضاً . 


هكذا يدخل بودان بمهارة في تفاصيل التركييات أو التشكيلات الممكنة التي تبر الأساليب 
امتتوعة لحكم شكل ما من أشكال الدولة . ويقدم لنا( على سبيل المثال ) شكل الحكم الفردي 


(1) أنظر : « الجمهورية » الكتاب الأول ص : 137 


202 


ستقراطياً . 


إن الدولة يمكن أن تأخذ شكل الحكم الفردي ٠‏ ومع ذلك فإنها ستّحكم شعبيا إذا 
وَرْع« الأمير » المهن والوظائف والفوائد بالتساوي على الجميع » دون أن يحابي النبلاء 
أو أصحاب الثروة أو الفضيلة . ويمكن أيضاً للحكم الفردي أن يحكم أرستقراطياً 
عندما لا يعطي « الأمير» المهن والفوائد إلا للنبلاء أو لمن هم أكثر فضيلة فقط أو أكثر 
غنى . كذلك فإن الاقطاعية الارستقراطية يمكن أن تحكم شعبياً حين تُورّْع الاجاد 
والفوائد عل جميع الرعايا بالتساوي . . . أما إذا كانت أغلبية المواطنين تمتلك 
السيادة » وكان الشعب يعطي الوظائف الشرفية والفوائد والأرباح للنبلاء فقط ا 
كان يفعل في روما قبل صدور قانون كانوليا(ةأ»الاهمهه) فإن الدولة ستكون شعبية 
ومحكومة أرستقراطياً . 


وعليه فإن بودان سيعتّبر كأمر مفروغ منه : 
« أن نوع الجمهورية هودائياً بسيط . وان الحكم مناقض للدولة . كما الملكية 
مناقضة كليا للدولة الشعبية . ومع ذلك فإن السيادة يمكن أن تكمن في أمير واحد 
يحكم دولته شعيياً . إن هذا لن يكون اندماجاً بين الدولة الشعبية والحكم الفرديه) 
(>نطءتهده» المتناقضين مع بعض ء وإنما بين الحكم الشعبي والحكم الفردي الذي 
يعتبر » في هذه الحالة . الأكثر أماناً من كل أشكال الحكم الفردي الأخرى 88 . 
بعد تفديم هذه المعطيات . ماهو الشكل الأفضل للدولة . على الأقل نسبياً . وخاصة بالنسبة 
للسيادة ؟ . 
إنه بلا شك حكم الفرد ‏ . لانه الشكل الطبيعي أكثر ( وهذه هي الحجة التقليدية  )‏ 
والاكثر قابلية لاختيار الرجال الحكماء والخبراء في شؤ ون اليولة . إن لهذا الحكم مساوىء بلا 
شك . وأخطرها يكمن في التأثير المفرط للمزاج الشخصي للأمير على بقية الشعب الذي يقلد الأمير 
بدنامة ٠‏ ويقوم « بمضاعفة العيب عشر مرات » . ولكن مهما كانت هذه المساوىء » فإنها لا تقترب 
من مساوىء الدؤل الشعبية والارستقراطية . إن شكل الحكم الفردي . هو بصفة خاصة , الوحيد 
الذي يوفر ركيزة رصينة حقيقةٌ للسيادة . فهذه السيادة لن يكون ها موضوع حقيقي وسند , إن لم 
يكن هناك رئيس واحد يعمل على توحيد الناس بعضهم ببعض © ©: . 
إن بودان يناقض هنا . وهو يدرك ذلك . الطابع ٠‏ العام » لنظريته ( على حد تعبير ر. 
دوراتيه ) . فهو يعترف بأن من الممكن تخيل هيئة من النبلاء أو هيئة من الشعب وهي تمسك 
(1) أنظر : « الجمهورية  »‏ الكتاب الثاني ص : 272 


() الوراني ولمس الانتخابي ( الذي أدين صراحة ) . 
(2) أنظر : « الجمهررية ؛ ‏ الكتاب السلدس - الفصل الرابع - ص : 937 


003 


بالسيادة . لكنه , عملياً ؛ وكرجل عمل اشتغل في خدمة ملك فرنسا , ويرى أن من غير الرصانة 
أبداً أن لا يكون الأمير سيداً ‏ حسب التعبير الذي يستعمله باستمرار . 

ولثن لم يكن الأمر يتعلق بأي حكم فردي كان , فهذا ما نعرفه سابقاً » لان بودان يعتبر أن 
حكم الفرد ه الملكي » أو ه الشرعي » هو فقط الذي يُعتبر « جمهورية » . أما حكم الفرد 
« الاقطاعي » أو « الطغياني » فلا يعطيه هذه التسمية . وهنا يطوح السؤال التالي : بما أن حكم 
الفرد الملكي يمكن أن يِحُكَمْ بعدة أساليب » فما هو عملياً أفضل شكل للحكم في هذا الشكل 
الأفضل للدولة ؟. ما هو الشكل الذي سيضع أفضل السدود في وجه الثورات ؟ . 


الجواب : إنه الحكم الذي يقاد « بشكل ملكي »؛ أي « بشكل منسجم » . ويشرح بودان 
موقفه هذا بوضوح كبير : 

« يجب إذن أن يحكم الملك الحكيم مملكته بشكل منسجم , بحيث يمزج برفق بين النبلاء ٠‏ 
وعامة الشعب . وبين الأغنياء والفقراء . إلا أنْ عليه » مع ذلك . أن يوفر للنبلاء ٠‏ بشيء من 
التكتم . بعض المزايا بالنسبة للعامة : لآن من العقل أن يكون النبيل متميزا في الأسلحة والقوائين ١‏ 
والعامي مفضلاً في مهن القضاء والحرب ؛ وأن يكون الغني , الذي يساوي الفقير في شيء ما 
مفضلاً في المهن التي تدر الامجاد أكثر من تلك التي تدر الأرباح » بينا ينال الفقير المهن التي تدر 
الارباح أكثر من تلك التي تدر الامجاد . وهكذا يكون الاثنان سعيدين »”) : 

لقد سبق لبودان في كتاب « المنهج . . . » أن استند لمفهوم الانسجام من أجل أن يؤْ سس 
بحكمة المدينة المثالية . وقد استعان لهذا الأمر بكمية كبيرة من المقارنات الموسيقية . إن هذا 
الانسجام الذي يتحقق , في نظره » من خلال التضافر الرائع لعناصر مختلفة ومتعاكسة . ومن خلال 
« امتزاجها » وفق نسبة صحيحة , يتناقض مع الاتفاق المسمى ١‏ بالالفة » ؛ والذي ليس له 
رونق . وف كتاب « الجمهورية » يعود المؤلف في الصفحات الأخيرة المنّسيمة بنوع من التبجيل 
الرمزي , للاشارة بشيء من المجاملة » هذه النسبة أو العدالة الانسجامية . فيعارض بها النسبة أو 
العدالة الحسابية ( عدالة الحكم الشعبي ) والنسبة أو العدالة المندسية ( عدالة الحكم 
الارستقراطي ) . ولا يجخشى بودان من أن يؤ كد بأن قانون الله يتحدث بهذا المعنى القائل بأن الحكم 
الاجمل هو ذاك الذي يتاسك وفق نسبة انسجامية »© . 


5 طبع الشعوب والأشكال السياسية 

إذا فتحنا كتاب « المنهيج . . . » على الفصل الخامس ١‏ فإنه لا يمكن إلا أن نذهل للاههام 
الذي أبداه بودان » كمؤ رخ علمي حقيقة . وهوما كان نادرا في عصره » في البحث في الوقائع التي 
تحكمها الطبيعة , أو الوقائع الثابتة التي لا يمكن لشيء أن يبدها » إلا إذا كان هذا الشيء عبارة عن 
قوة كبيرة أو د انضباط متطاول » . وذلك الى جانب بحثه في الوقائع التي تحكمها المؤسسات 


(1) انظر : « الجمهررية  »‏ الكتاب السلدس - الفصل السادس ‏ ص : 1054 
من انظر : « للنهج ... »)ص :412 ود الجمهررية  »‏ ص : 1049 





254 


البشرية . ففي هذا الفصل نجد صفحات عديدة نخصصة لطبيعة الشعوب القاطنة في الشهال وفي 
الجنوب . ثم لطبيعة الشرقيين والغربيين . ثم لتأثير الأماكن المختلفة : الجبلية والسبخية » المعرضة 
للرياح أو المحمية منها " . 

. ويتناول كتاب « الجمهورية » هذا الموضوع الأسامي ثانية » ولكن من المنظور الخاص به . 
رجانه للتواد ‏ قا مان :باو ببردان طن للدم » فحص ما يمكن أن يكون خاصاً 
ببعض الشعوب . وذلك بغية تكبيف ه شكل شكل الشيء العام » » مع طبيعة الامكنة ؛ وتكييف القوانين 
البشرية مع القوانين الطبيعية .ويؤدي هذاالفحص لاعطاء أهمية كير لخطوط العرض التي يظهر عل 
أساسها ثلاثة تماذج من البشر . يختلفون عن بعضهم البعض بشكل عميق : وهم أولئك الذين 
يقطنون في الشهال . وفي الجنوب وف الوسط . 

إن أولبك الذين يقطنون في الشهال لديهم من القوة أكثر ما لديهم من الروح ( من الشهال أنت 
« الحبوش والقوى الكبرى » ) وهم يحكمون أنفسهم بواسطة القوة . إنهم يشربون ويأكلون كثيراً ‏ 
وهم عفيفون ومحتشمون , ويكتفون بسهولة بامرأة واحدة » ويجهلون الغيرة ؛ لكنهم متهورون 
وقساة . إنهم يمتازون بالفنون الميكانيكية ويتميزون بالعمل . وأما أهل الجنوب فهم » بالعكس ٠‏ 
« شهوانيون جداً » وحقودون وماكرون . لكنهم قنوعون وميالون كشيراً نحو العلوم التأملية 
والفلسفة والرياضيات . وهم يحكمون أنفسهم بواسطة الدين . وبين هذين الحدين الاقصيين 
يتميز أهل الوسط . الاقل قوة من الشهاليين والأقل براعة ومكراً من الجنوبيين . بالاعتدال في قوة 
الجسد والروح . وهم يحكمون أنفسهم بواسطة العقل والعدالة . ففي المناطى الوسطى بدات 
العلوم السياسية والقوانين والاجتهادات الفقهية » « ونعمة ة الاجادة في القرل والوعظ » . إن شعوب 
هذه المناطق لقت من أجل التفاوض وبمارسة التجارة والقضاء والوعظ والقيادة وتأليف القوانين 
للشعوب الأخرى . فلاقامة الجمهوريات وحكمها : إنها في هذه الأمور أذكى من الشعوب 
الأخرى . لان لديها « تعقل طبيعي أكثر . . . في الخير » وفي الشر » ( وبالطبع فإن بودان يفكر هنا 
بفرنسا والفرنسيين ) . 

أما خطوط الطول فلها أهمية أقل بكثير : فشعوب الغرب تأخذ الكثير من طبيعة الشهاليين » 
وشعوب الشرق من طبيعة الجنوبيين . ويلعب الارتفاع دوراً أيضاً . فاختلاف الكان الجبلٍ عن 
السهل يظهر ني نفس المناخ . ونفس خطوط العرض والطول . ونفس الدرجة : فالجبلي لا يطيق 
القهر ويتطلع للحرية » وللحكم الشعبي . وهو فخور بنفسه وفظ . ويحب الحرب . في حين أن 

الرياح تجعل الناس مضطربين وقلقين . 

| لقد كان بودان . من جهة أخرى , أول من حَر القارىء من تطبيق آل لنظريته . وذكرء 
وقد ألّحّ على ذلك من قبل في « المنهج » . بأن الميول الطبيعية للشعوب لا تتضمن أي ضرورة ؛ 
وأن التربية ( « التغذية » ) والقوانين والأعراف لديها القوة على تغيير الطبيعة . وبالعكس فإن 


(9) ونعرف مما سبق أن إيزوقراط , ثم أرسطو من بعده . قد تناولوا هذه للسألة . 


205 


الاسترخاء يمكن أن يفسد أجمل المواهب الفطرية . والدليل عل ذلك . الرومان « الذين فقدوا كل 
أبية وفضيلة آبائهم بسبب البطالة البليدة والجبن 6<:) ه 

إل أن هذا لا يمنع إجمالاً » وبشكل موزون , من أن تقولب التأثيرات المشار اليها طبيعة 
الشعوب الى حدٌ ما » لكي تُعنى بالمقام الاول , بالمؤ سسات السياسية » أي بشكل « الشيء العام » 
وتحفق بالضرورة ٠‏ تكيفاً » ما معها . ذلك أن بعض المؤسسات الني تناسب شعباً ما قد يكون من 
شأنها أن تؤدي بشعب آخر لكارثة . إن الملكية الوراثية » بدون أي شك . هي الافضل كثيراً في حد 
ذاتها » بنظر بودان . ومع ذلك فإنه سيكنون من الخطا الشديد محاولة تبديل الدولة الشعبية 
للسويسريين والجريسونيين (6545005) والجبليين الآخرين بالملكية : لأن الرعية ليست « معتادة » 
عليها . ونفس الامر بالنسبة للشعوب الشمالية التي لا تستطيع أن تتحمل أن تنقاد « بالقوة » ١‏ 
والتي يناسبها إما الدولة الشعبية ٠‏ أو عل الأقل الملكية الانتخابية ( المؤسفة في حد ذاتها » برأي 
بودان ) . أما فيا يتعلق بالملكية المحكومة نشكل منسجم , والني نعرف أن بودان يفضلها تماما , 
ويعتبرها النموذج للجمهورية « الجيدة التنظيم » » فكيف نشك بأن الرعية الخاصة بهاء أي 
الشعب الذي تعبر طبيعته عن نفسها في مؤسسات من هذا النوع . سيكون شعبا يسكن المناطق 
الوسطى , ويكمن قدره في العلوم السياسية وني سن القوانين لنفسه وللشعوب الأخرى ٠‏ وفي إقامة 
الجمهرريات وحكمها ؟ه . 

وهكذا نرى ٠‏ بالرغم من بعض الفوضى في التفاصيل . أن كل شيء ينكرر في كناب 
« الجمهورية » . وأنه يتكرر بشكل أفضل بكثير ما نتصوره في الوهلة الأولى . وندرك بشكل 
خاص ٠‏ أن عزل نظرية السيادة عن نظرية طبيعة الشعوب ( إن لم يكن معارضتهما مع بعض ) 
سيكون عملاً لا منطقياً بحتا . إن بودان يستحق مع ذلك أن يؤ خخذ عليه أنه لم يلحظ بنفسه صراحة 
الصلة بينهما » في حين أن كل ما قاله عن الجمهورية الجيدة التنظيم لا يمكن أن يفهم كليا إلا عل 
ضوء نظريته الانتروبولوجية ‏ الجغرافية » المسماة عادة ( ولكن باختصار ) بنظرية « المناخات » . 

ومع هذا فإن إسم بودان يبقى . قبل كل شيء » وفوق كل شيء متصلاً بللفهوم , الأصلي 
والمهيمن , للسيادة . صحيح أنه لم يدفع هذا المفهرم الى نبايته المنطقية . لكن هذا « النقص » 
يخفي . بدون شك , حكمة سامية . تتجل في أن بودان عرف كيف يكبح السيادة التشر بعية 
المطلقة . بالحق المطلق للاسرة وللملكية الخاصة . لقد جرى كل شيء كما لو أنه كان يعتزم نأمين 
مستقبل الدولة القومية الفرنسية من خلال وضع الملك ( عل حد تعبير ج. ه. سابين ) د عل رأصس 
التنظيم السيامي بأسره » , وأنه » في نفس الوقت . كان يريد الاعلان عن اههام مساوٍ بمستقبل 
الحق والنظام والانسجام . العزيز عل البيتاغوريين وأفلاطون . لِنْصّعْ اليه وهو يبتهل . في 
السطور الأخيرة . من الجمهورية « لهذا الملكَ الكبير . الخالد . الوحيد . الصافي . الذي لا 
(1) إفرا : ه الجمهررية  »‏ الكتاب الخامس - الفصل الأول ص : 663 -701 


(2) أنظر : و السطور الاخيرة من الفصل المخصص ليس للمناخات ( كبا يقال دوماً ) وإنما و للميول الطبيعية 
للشعرب ٠.(ص‏ :7201 ). 


2596 


يتجزأ . المرتفع فوق العالم البدائي ٠‏ السماوي والواضح . الذي يُوحٌد الثلاثة مع بعض ٠‏ 
ويضيء بباء جلالته وعذوبة الانسجام الالهي في كل هذا العالم , والذي يجب على الملك الحكيم ٠‏ 
على غراره . أن يتكيف مع مملكته ويحكمها «٠‏ 

إننا لن نجد المنطق الرهيب للسيادة » المدفوعة الى نهايتها , إل بعد نحوثلانة أرباع القرن » 
أي في عام 1561 » وذلك عند الانجليزي توماس هريس . في كتابه اللوفيائان . 

لكن تطورات في الفكر السيامي كانت تبري , خلال هذه المدة . في فرنسا وغيرها من الدول 
الاوروبية . وهي تستحق الذكر ( كما صترى ) . 





(1) أنظره ا ل :1060 ١‏ 


الفصل الرابع 


بين بودان وهو بس 


1 في فرنسا 1 نحو الحكم المطلق الحقيقي 

كان عهد هنري الرابع ٠‏ املك الكبير والاستبدادي والطيب القلب حاسماً . فقد استطاع 
بحكمته كرجل دولة جعل من نفسه كاثوليكاً وأعطى البروتستانت الضمانات المنصوص عليها في 
مرصوم نانت زدعاصدا! عل )801 'ئ1) » أن يستأنف نتيجة لعودة السلام المدني . مسيرة أسلافه بحو 
سلطة غير مقيدة بشرباً »أو مقيدة بأقل قدر مكن . 

ولقد قام علماء القانون العام والفقهاء » بعد بودان - حتى ممن كانوا بعيدين عن مشاطرته كل 
مفاهيمه » ويمن كانوا يؤ كدون المفاهيم الخاصة بهم - بتقديم مساعدة قيّمة لملك فرنسا . من تملال 
دعوتهم للسيادة المطلقة وغير المجزأة. . 


وقد تنافسوا في وضع صيغ مذهلة حول هذه السيادة للجّسّدة في « الأمير » . فهذاغي كوكي 
(»لاننوهت بزنا) يقول : « إن الملك حاكم فرد ليس له في جلالته الملكية من شريك فط » د وهنا 
لواسيل (ا56ذه.آ) يؤكد أنه : « إذا أراد الملك . أراد القانرن » . وهذا لواسو(نهعةزما) يصرّح 
بأن السيادة لا توجد قط إذا كان ينقصها شيء ما . مثلما أن التاج لا يكون كذلك إن لم نكن دائرته 
كاملة » . وهكذا ومع تطور الافكار المؤ يدة أكثر فأكثر لوجود سلطة لا تُناقش للملك السيد ٠‏ حقق 
النظام والسلام . والاب الحقيقي لرعاياه » » أخذ المطلب البوداني الخاص بضرورة موافقة الشعب 
على الضريبةٍ من خلال صوت المجالس يتراجع للوراء . ويلاجظ لواسو بعد أن يشير إلى هذا 
المطلب . بأن العكس هو الذي يحصل ١‏ حاليا » في أي مكان خارج فرنسا : فكيف والحالة هذه » 
نشك بأن الملك في مملكة صافية وكاملة ( إن كان هناك تملكة كهذه في العالسم ) ؛ مثل مملكة 
فرنسا لا يستطيع أن يستوني الضرائب ٠‏ إن لم يكن لديه موارد أخرى . بدون اللجوه 
للمجالس”* ؟ . 


لقد كانت الحرية المعترف بها للملك في الميدان المالي تتناسب تماماً مع مذهب الحق الإلهي 
الذي اخل علماء القانون العام والفقهاء ( الذين لم يعودوا في هذا يشكلون استمرارا لبودان ) 


(1) حول : غي كوكي وانطوان لواسيل وشارل لواسو, أنظر : و.ف. تشارش . للرجع السابق ذكره.. ص 
0 و332 -333 


258 


يرددونه بكثرة وإلحاح . 

وكصدى لفقهاء فيليب الجميل وخلفائه , أعلن لواسل القاعدة الجوهرية القائلة : « بأن 
املك لا يأخذ إلا من الله . ومن السيف » . وبعبارة أخرى فإن النقل من الله الى املك » جندي 
الله ٠‏ هونقل مباشر . كما أن التبعية له هي تبعية مباشرة تنم بدون واسطة الشعب أوحتى الكنيسة » 
وذلك بالرغم من احتفال الترسيم . وهذا ما اهتمت بتطويره وتبريره. عدة مؤ لفات يأتي في مقدمتها 
مؤلمات بيار دو بللوا(:زهااء8 عل .2) ) ٠‏ المدح الكاثوليكي » (عدونامضف منهمامجه '.0) في 
ك58! ) ود في سلطة الملك ع (أه2 دف ماذءماسه'! +0 ( في 1587 ) : والكتاب الشهير» مصهه: +0) 
(منعنعمهدم للعهه: للاسكتلندي وليم باركلاي (لإقاتعة8 .'/3) الدكتور ف الحقوقى من جامعة بورغ 
(5عههناه8) . والاستاذ في بون. أ. مرسّون(0مو5ده8--:200) , الذي نشر كتابه في باريس . في 
عام 1600 وأهداء لمنري الرابع : لقد كان إلئاس العون من مثل هذا للذهب . يبدو . حينذاك » 
ملاتياً . إن لم يكن ضرورياً » من أجل تجريد أي تمرد من المبررات الشرعية ؛ سواء على الصعيد 
البشري أم الدبني , ومن أجل أن يصبح القدح في الذات الملكية معادلاً لقح في الذات الإلهية . 
إن المساس بالملك كان كالمساس بالله » الَكُمٍ الوحيد ني السلوك الملكي . إن الملك لم يكن يستمد 
سلطته مطلقاً من يد البشر » وإنما كان يستمدها ه مباشرة من يد الله الخالد » . وعندما كان يطلب 
الطاعة , فإنغا كان يفعل ذلك باسم الله لا باسم الشعب قط . لقد كان الملك يعبطي الأوامر استناداً 
على حق الله الذي انتخبه مباشرة . فبأي حق يناقش الشعب . أو المجالس الناطقة بإسمه » هله 
الأوامر ؟ »ض . 


لقد كان لمذهب الحق الإلهي هذا » على الصعيد السيامي ‏ الديني . حداً غاليكانياً 
بالتأكيد . ومضاداً للنزعة البابوية المتطرفة ( ولتتذكر ردود فعل الخورئ جا بوشيه , عضو الرابطة 
الكاثوليكية » والتحائف الظرفي بين الكاثوليك المناهضين للملكية وبين اليسوعيين الكبار من أمثال 
بللارمان وماريانا الذي ستُوضح أفكاره فيا بعد ! ) . إن التعبير الأكثر دلالة عن هذه النزعة 
الغاليكانية *» . وعن عدم الثقة المناصلة تجاه روما نصادفه في مقطع مشهور من تقرير الطبقة الثالئة 
لاجتاع مجلس الطبقات العامة المنعقد في عام 1614‏ وهو الاجتاع الأخير لهذا المجلس قبل عام 
9 -. فلقد طلبت الطبقة الثالثة في 


مقدمة تقريرها « التوسل للملك أن يقرر في اججاع مجالسه القانون الأساسي 
للمملكة . الذى سيكون مصاناً ومعلوماً لدى الجميع . فهو( الملك ) المعترف به 


(6) الغاليكانية (556نمهءنالة6) مذهب عتم بالدفاع عن حصانات أو حريات كنبسة فرنسا تهاء الكرسي البابوي . 
وذلك في الوقت الذي يبقى فيه متعلفاً باخلاص بالعقيدة الكاثوليكية . ( للترجم ) . 
(1) تشارش : المرجع السابق : ص : 317 
حول دو بللوا : أنظر © تشارش ‏ ص : 265 -266 
وكلود كوللرت (011-01© مننها") ‏ « المدرسة لمذهبية للقانون العام ني بون أ موسون ٠‏ علم0'86 
(ومكوناه 2001-2-04 عل عنانانم نعل عل ملههذئا40 - باريس ‏ منشورات.آ. 1.0.2‏ 1965 ص :30-29 


299 


كسيد ني دولته , والذي لا يستمد تاجه إلا من الله وحده . وليس هناك من قوة ععل 

الأرض ٠‏ روحية كانت أم زمنية » تتمتع بأي حق على مملكته . وتستطيع حرمان 

ملوكنا المقدسين ٠‏ أو إعفاء رعاياهم 3 لأى سبب أو:حجة كانت ٠‏ من الوفاء والطاعة 

الواجبة عليهم للملوك »© . 

لقد استُبعِدَ هذا المقطم الذي كان يترجم بقوة الغاليكانية العميقة,للطبقة الثالثة الفرنسية ( ولا 

سما بين أناس اللباس( ©4670 05عع 5عم1) ) بأمر ملكي نتيجة لضغط الاكليروس . لكنه انتصر في 
الواقع بالرغم من رفضه رسمياً . فلقد رأينا البروتستانت الفرنسيين أثناء انعقاد بجمعهم الكنبي 
القومي ني فيتري(54اذ/9) ( عام1617 ) ١‏ » يعلنون . بالاستناد على المذاهب السياسية الأصلية 
للاصلاح . أنهم هم أيضاً » مثل الكاثوليك الغاليكانيين » يتمسكون بحزم بالصلة المباشرة للسلطة 
امذكية بلك زو ين اله واللك لا برجد لي نقطة أو وسط) » وأن الشاك بهذه الحتيقة يعتبر نعاً من 
« الهرطقة » بالنسبة لهم لت اسيم القلع العهير : النقرة الاساني + » لقصل * » للآراء 
المفرنسية » غداة هزيمته الرسمية . إن ريشيلير(دعناءطء1) . الكاردينال ٠‏ ولكن كارديعال 
الدولة ٠‏ لن ينسى أن يلح على هذء النقطة بقوله : « إن كل عالم لاهوت صالح يجب أن يعرف أن 
الملك يستمد تاجه . والسلطة الزمنية ني دولته . من الله وحده 2:6 . لكن الكاردينال يجذر. بلا 
شك . لويس الثالث عشر في « الوصية صية السياسية » (#مهنالامم #4تعصعداده1) من مبالغات د رجال 
القصر الذين يقيسون عادة قوة الملك بشكل التاج الذي ليس له نهابة قط , لأنه دائري » » ويعترف 
بواجب الأمراء في تقديم الطاعة الكاملة لمراسيم الكنيسة المقدسة . فيا يتعلق بالقوة الروحية » وفي 
الحفاظ على شرف الباباوات » باعتبارهم خلفاء للقديس بطرس ونواباً ليسوع المسيح . لكنه يوضح 
بقوة بأنه إذا أراد هؤلاء مذ قوتهم الى ما وراء حدودها . فإنه ليس على الأمراء أن يستسلموا 
مشاريعهم . ويَذْر ربشيليرلويس الثالث عشر. مرة أخرى ٠‏ بالمقابل . من أولئك الذين يجعلون 
من أنفسهم أنصاراً لروما . ويغالون ني الحماس العلني لما : إن احترام تاج البابا يجب أن لا يضر 
بواجب الملك السيد في الحفاظ على قوة تاجه . 


إن هذه الوثيقة المشهورة . « الوصية السياسية » . تشهد عل أننا كنا , بصفة عامة . في 

عهد ريشيليو ولويس النالث عشر أمام عملية تجذير للافكار التي ربمها هنري الرابع أو طبقها إن 
من الواجب أن نقرأ هذه الصفحات ذات السمو ء واحياناً ذات الشراسة الرائعة من “جل أن 
نستنشق منها روح الدولة القومية والسيدة المجّدة بملكها » والقائمة على تسلسل صارم للطبقات 
الثلاث . والتي لا تتتسب للعقل الكلاسيكي بأفل مما تتتسب للعدالة والله . وذلك في الوقت الذي 


(1) أ. لرمير(ء:نهدع.1. ال4) : ١‏ القواتين الاساسية للملكية الفرنسية حسب منظري النظام القديم »5نهما 05 
(عصو4 8 معاعمه'! عل كمع ع همعط وعا وغمجة'ل مدنسومة] عنطءعهومص ها عل وعلمام هله بلريس - 
منشورات هههنم16ه20 1907 - ص : 122-121 

(2) أنظر : ج. لاكور ‏ غابي (0212©0 -تنددعهآ .©) الشربية السياسية للويس الرابع عشر ؛ همناهعدش0'6 
(11 دانم ! عل ءدونانامم باريس ‏ منشررات6))عطعة!] -1898 


300 


تحفظ فيه حقوق مصلحة الدولة:ا؛ . 


إن نفس هذه الروح . المنسابة في د قالب حقرقي , تطبع كتاب « في سيادة الملك »هط »2) 
(وماة نه كامصلدى ممه لكاردان لو برَي(8:21 ٠6‏ «تلمدع) » مستشار الدولة .المنشور في عام1632 ٠‏ 
أي قبل وفاة ريشيليو بعشر سنوات » والذي استطاع مؤ لفه أن يقول أنه أنفق كل حياته في الدفاع 
عن حقوق الملك السيد . إن هذا الكتاب له دلالة هامة . نظرا لأنه يكشف , بالرغم من اعتدال 
أساسه الفكري . عن الطريق الثي قُطِمَتْ منذ بودان . والمفتوحة أمام الحكم المطلق الحقيقي . فهو 
يقرن صراحة السيادة البودانية والمذهب الغاليكاني في الحن الالهي . ويعتبر لوبري أن السيادة 
الكاملة والمكتملة لا تخضع إلا لله وحده ولقوانينه , ولا تفبل التجزثئة . مثلها مشل النقطة في 
الهندسة . وبسخر ( كغاليكاني صالح ) قائلاً : « إنها لمضحكة كل تلك التفسيرات الني تعتبر 
الترسيم الملكي نوعاً من الانتخاب أو العقد . بالمعنى الذي تعطيه نظريات العصور الوسطى لهذين 
التعبيرين . إن الملك يستمد سلطته من الله وحده ( إنه مقدس وبمسوح كما يكتب لوبري في مكان 
آخر_« ليس بزيت مشترك وأرضي ٠‏ وإنها بسائل لهي منقول من السماء » ) . إن الله هو الذي ينقل 
الممالك من أسرة لأخرى . وعلى كل, فإن التجربة تثبت أن استلام ملك من يد الله هو أكثر أماناً من 
استلامه من يد البشر . لهذا فإن من غير المتصور توقع مراقبة بشرية للسلطة الملكية » بواسطة 
مؤ سسات وضعية : إنْ هذا سيكون انتهاكاً للحرمات , لان كل شيء . باسثناء الظلم والعارء 
مسموح به لمن يُعتبر « خخادماً للسلطة السيدة لله » . ويتبع هذا أن الملوك غير مضطرين لتقديم د أي 
خضوع » لآية قوة على الارض : الامر الذي يستبعد كل ادعاء للامبراطور , بالطبع ؛ ولكن أيضاً 
كل تدخل للبابا في الشؤ ون الزمنية » حيث يعتبر الملك وحده « جندي الله » . وهنا تتأكد مرة 
أخرى الصلة الحميمة بين نظرية السيادة الني قال بها بودان وعكرها خلفلؤه . والاستقلال 
القومي 2١‏ . 

هل كان من الواجب حقيقة أن يكون الحكم المطلق . الحقيقي . المتصلب . ثمناً لمذا 
الاستقلال ولهذه السيادة ؟.إن إسهام لوبري . يبقى مع هذا . وبالرغم من أهميته . عبارة عن 
مرحلة إنتقالية . إن هذه « القوة السامية » . التي هي السيادة ٠‏ تصطدم عنده أيضاً . وكا عند 
بودان ٠‏ بحقوق الملكية . فهو يرفض الفكرة القائلة بأن الملك السيد هو وحده المالك . أما رعاياه 
فلا يملكون أموالهم إلا بصفة مؤقتة وانتفاعية . لكنه يعطي . نظراً لاههامه الحماسي بالملامة 
العامة . لهذا السيد حقوقاً غير مألوفة على المواريث الخاصة . مستنداً في ذلك لضرورات الدولة . 
كما نتبين لديه بعضي الاندماج بين السيادة وبين الحقوق الارثية . أما فها يتعلق بالطابع الأسامي 





(1) « الوصية السيامية للكاردينال ريشليو ١‏ (نهتاءاعنه عل لممنلعف دل عدونانامم امع سمي ) طبعة نقدية مع 
مقدمة وحوائي للويس اندريه(40064 ..1) وتصدير لليون نويل (1غ780 ..1) - باريس ‏ منشورات 1006لهما - 
7 - ص : 202 -203 

(© أنظر : ج. بيكو()م91  )6.‏ د كاردان لوبري ومذهب اليادة وها عل مدتتاءمك هذ كك 8,64 مآ وندع) 

(4)© نشت انلمع ناي (لاءعمد01 _قهو1|9 


301 


للحكم المطلق الحقيقي , والذي يتجل في التائل بين شخص الملك السيد والدولة ( والذي يمكن أن 
نجده كبذرة وبذرة فقط لدى لواسو ) فإنه لا يشكل موضوعاً لنأكيد قاطم وثابت لدى لوبري ٠‏ 

إل أن مالا يمكن وضعه موضع الشك في فرنسا حينذاك . هو الانطلاق الذي لا يُقهر للحكم 
المطلق ذي الحق الإلهي ؛ وقوة الشعور بالاستقلال القومي المرتبط بالسيادة ؛ والريية العميقة 
الجذور الملازمة لذلك الشعور » إزاء كل ادعاء للبابا بالتدخل في الشؤ ون الفرنسية . إن كل هله 
العناصر المترابطة تفسر العداء النضالي لبرلمان باريس ٠‏ القلعة الغاليكانية ( والتمثيلية جداً ) تجاه 
اليسوعيين الكبار الذين قادوا ما يُسمى بالاصلاح ‏ المضاد . 


2 اليسوعيون : السلطة غير المباشرة وحق المقاومة 
وهم : بللارمان(5نصعهااء8) الايطالي . وماريانا(قصةتيةة0) وصسرواريز(2عتهند5) 
الاسبانيان . 


بللارمان -(1542 -1621) 

يعتبر الكاردينال رويرت بللارمان , جمادلاً مشهوراً كان الاصلاحيون يخشونه كثيراً ؛ وكان 
يوصف « بمطرقة الهراطقة » . فلقد جدد شباب الجدل القديم بين السلطتين الروحية والزمنية ١‏ 
والنزاع الوسيطي الخامد . ولكن الذي لم ينطفىء . بين السيفين , وذلك بعد تكييفه مع روح 
العصر والظروف ( المناهضون للملكية والرابطة ) . إنه لم يخترع شيثاً . فلقد كان عالم اللاهوت 
السالمنكي فرنسوا دي فيتوريا(هض»)ة/ عل كنموهم7) » الدومينيكاني الكبير » قد دافع في كتابه 
(سعدمطمام2) ( المؤلف في 1530 تقريباً ) عن الفكرة القائلة بالسلطة غير المباشرة للبابوية على 
السلطة الزمنية للملوك : هذه الفكرة . الوسط بين متطرفين , التي لم تثر أي عاصفة بالرغم من 
التتائج المضادة للحق الملكي التي استخلصها فيتوريا منها في حالة التهديد الخطير للغايات 
الروحية© . لقد برز الكاردينال بللارمان في جو الضجة السياسية ‏ الدينية وللجادلات الانفعالية 
التي نَشْرَ فيها مؤ لفاته . كفقيه بارز للكاثوليكية د البابوية المتطرفة » . من خلال دعمه وتوضيحه ٠‏ 
برباطة جاشء لنفس الفكرة , القريبة جدا من فكرة القديس توما . 

إن البابا ( كما يبشر بللارمان في _كتابه مسحك: سا ملمشههم نسسسه منساعماه"! «0) 
(سعطلله »دده المنشور ف كولونيا . عام1610 » كجواب على كتاب (ضسيء: +0) لباركلاي ) لا 
ملك ولاية قضائية على الأمور الزمنية إلا بشكل ثانوي , وغير مباشر . إنْ الأمور الروحية فقط.هي 
التي تخضع له بشكل خاص » ولذاتها . أما الامور الأخرى فلا تخضع له » بطريقة خاصة جدا وغير 
اعتيادية » إلا عندما تصبح السلطة الزمنية عقبة أمام خلاص النفوس . وهكذا يمكن للروج ٠‏ 
العنصر الأكثر نبلاً » أن يأتي لبارس سلطته عل الجسد ٠‏ بالمقدلر الذي تتطلبه غايته الخاصة . وذلك 





0( للرجم السابق ص مما بعنها 
«2) دب. ميستلرد ‏ لمرجع السابق ذكره ‏ ص : 467 


من خلال قمع ومعاقبة هذا الجسد » وفرض تضحيات قاسية عليه . وبما أن الغايات تعتبر خاضعة 
لبعضها , فإن السلطة التي تقابلها هي أيضاً كذلك : فالسلطة الزمنية إذا شردت في الميدان 
الروحي . يجب أن تُعاد للطريق المستقيم من قبل السلطة المكلفة بالغاية السامية . 


ويتشتج عن هذا أن البابا » باستعماله لكل الترتييات الملائمة » وبعد كل التحذيرات 
اللازفة ٠‏ يمكنه أن يذهب تدريجياً لحد عزل الملك من أجل سبب علدل , ولحل رعاياه من كل ولاء 
( ويضيف المؤلف . بطريقة ايجازية إن « القتل » يعود «.لأخرين » غير الاكليروس ) . 

وضمن إطار أفكار ذلك العصر , كان السؤ ال المتعلق بشرعية عزل الملوك المرطقيين ٠‏ يتتصل 
الى حد ما بالؤ ال المتعلق بشرعية قتل الطاغية . ففي تلك السنة(1610) التي ظهر فيها كتتاب 
بللارمان أخبت طعنة رفايياك(عهلانةه) في14 أيار حيلة هنري الرابع : و ضحية تجدد الدعاية لقتل 
الطاغية »0 . الأغر الذي أضى لمكي عل كباب ومستت 2ك بأن يحرق بيد الجلاد » في26 
تشرين الثاني النالي . وقد أصابت نفس الادانة . التي أعلنها برلمان باريس نفسه . في8 حزيران » 
كتاباً آخر أكثر شهرة أيضاً هو كتاب اليسوعي الاسباني خوان دي ماريانا ٠‏ وعن رأ نمعلهه: ك عج»: +0) 
«منسدناعها , المنشور في توليدو(701206) , في1599 , والذي أعيد نشره » في1605 . في ماينس 
عتم ه01 . 


خوان دي ماريانا(1535 -1624) 

ألف ماريانا ‏ الانساني ذو المرتبة الرفيعة والفقيه والمبشر ذو الشهرة الكبيرة » ومؤلُف 
الكتاب الضخم المأثور د تاريخ اسباتيا » (ممهموس؟”3 #مامهطاة) الذي كُيِبَ في البدابة باللاتينية » 
كتاب (مهمظ «0) وسط مناظر توليدو الهادئة . وكان الكتاب بالاساس بحداً ذا نفس ايرسمي » 
موضوعه تربية الأمير فيليب ٠‏ ؛ الذي سيصبح الملك فيليب الثالث . 


ويبدا لمؤلف كتابه بفحص أصل السلطة السياسية ٠‏ ويسين لماذا وكيف كُنِمَ الانسان 
للخروج من الحالة الطبيعية البدائية : لقد أسّس الانسان الضعيف العاري » الذي لا يملك وسائل 
للدفاع عن نفسه , والذي يمتاج لمساعدة الغيرء جماعة منظمة أو مجتمع وزود نفسه . بتغس 
الوقت . بحكومة أسندها لفرد واحد . هو المكيم أو الكاهين »أوء باختصار . الملك . إن 
السلطة الشرعية ٠‏ ( والسلطة لللكية هي سلطة شرعية ) دين إذن بوجودها للمواطنين أنفسهم بقدر 
ما تدين لارادة الله . فإرادتهم هي التي خلقت لللك » على الصعيد الارضي . إن للك لا يكون 
عام مر و م . .كا أن 





لل أنظر : معجم علم اللاعرت الكتترليكي (عديمنامطله عنهمله ع عد »متعمومتنت:0) -مَقالة بللارمان ل . ب. 
اكس . لوباشوليه(اامطعه8 مما .عا .© - 
- غوضر لوي (/ا/1.278 تماصعنن) - د درامة في القلفة السيامية خحوان دو ماريانا » لهحفافامح عط كت لالسع5 ) 
(هضهاعماط عذ سعد ات داومدملقم - جيف - منشررات 1960-1202 - ص : 134 


3203 


بالموافقة « الجلية والاجماعية للسرا عدن , 


أي إهتام دقيق يسيطر على ماريانا . ويلهمه , ني كل هذا ؟.إنه ظاهرياً الاهيام باصلاح وتجديد 
شباب الدستورية الوسيطية في اسبانيا ٠‏ وذلك بانعاش الحريات القديمة . ولا سيا الحصانات 
الاقليمية ؛ وبفرض احترام التقاليد والامتيازات الخاص بالكورتيس(0085) أو مجالس المملكة » 
الحراس السامين للقوانين , والممثلين الم هلين للارادة التي خخلقت الملك , عل السلطة الملكية . 
ويجب بالتاكيد أن نضيف إلى هذا الاهتام , ولكن بدون تناقض , إهتامات ذات طابع 
دبني , اكليروسي ‏ من الصعب جد حصرها . فهاريانا يطالب بوجود تداخل قوي « اكلبروسي ) 
بين الكنيسة والدولة » وبنظام قانوني أكثر اعتبارا للاساقفة « أمراء الجمهورية » . وهو يفضل أن 
يرى حول التاج أعضاء بارزين من الاكليروس أكثر ما يوجد هساك من أشخاص فاسدين » 5 
ويطالب أخيرا بالسلطة العليا للبابا في القضايا الروحية » وبخضوع الأمراء المسيحيين لحكمه فوا 
يتعلق مبذه القضايا2) . 


لكن من غير المطروح أبداً لدى المؤلّف » وجود سلطة ولو غير مباشرة . للبابا على السلطة 
الزمنية . إن من غير الممكن ٠‏ بالحقيقة. الايحاء بأنفكرة : تيوقراطية مبطّنة كانت تتخفى لديه ‏ 
كما لدى غيره من كبار اليسوعيين , تحت مذهب السيادة الشعبية . وبالعكس فإن أكثر من معلق قد 
ذهل بالطابع الزمني للمحاكمات العقليةلماريانا . وقد رفض أكثر من واحد منهم أن يرى فيه يسوعيا 
« تموذجيا » ( أو« عضوا متأخرا في الرابطة الكاثوليكية » أو أنه « أخر المناهضين الكاثوليك 
للملكية ؛ ) . وقد اعتبر أكثر من معلنى بأن كتاب (مهمظ »©) لم يكن في النهاية بدأ رسالة في 
الاصلاح ‏ المضاد 5 

لقد كان مذكرة بارزة ودموية . لماذا دموية ؟.بسبب التبرير الذي نجده فيه لقتل الطاغية . 

إن علينا أَنْ نتابع هنا فكر مؤ لعي كان قد تعلق بمهمة استخلاص الأسس الوسيطية الخاصة 
بتحديد السلطة , وذلك لمنع كل تهديد بالطغيان . الأمر الذي كان يتضمن البده بابراز التمييز 
التقليدي بين املك صاحب السلطة العادلة » والطاغية : فالأول يمارس باعتدال ملحوظ السلطة 0 
كيا تلقاها من رعاياه . ويحرص على أن يحصل عل موافقتهم من البداية للنهاية . أما الثاني فيغرق 
في العيوب والفسق والقساوة . ولا يفكر إل باستعيال الحد الاقصى من السلطة , بعيداً عن كل 
قاعدة . إن نفس الاهجام , ونفس الغاية كانت تتضمن بالشالي أن يعلن الؤلّْف حت الشعب 
بالتخلص من ملك شرعي أصبح طاغية » ويبين كيف ينبغي فعل ذلك . 

إل أن ماريانا لا يمد فقط في ناريخ إسبانيا أكثر من سابقة . لآن اغتيال هنري الثالث . في 
فرنسا . على يد الراهب جاك كليمنت » يجلب له برهانا ساطعا على هشاشة السلطة التي فقدت 


(1) أنظر » ب . ميستارد مرجع الاب ذكره ‏ ص : 549 وما بعدها . 
(2) أنظر لوي للرجع السابق ذكره ‏ ص : 82 + وميستارد ‏ المرجع السابق ذكره ‏ ص : 556 -560 


304 


احترام رعاياها . إن ماريانا يدين بشهرته الواضحة للمدح المؤثر . الذي نجده في كتاب 28) 
(عوعآ » للراهب الشاب ذي الروح البسيطة والجسم الضعيف . ولكن الذي كانت ١‏ تقويه فضيلة 
أسمى » , والذي رأى فيه أكثر من واحد « الشرف الخالد للغال , "؟ . 

وبعد هذا يناقش الؤلّف بهدوء ما لممذه الأعمال وما عليها . دون أن يخفي المساوىء 
والأخطار التي تتضمنها . لكن تعاطفه مع قضية الشعب , الذي يجب حمايته من شرور الطاغية التي 
أصبحت مفرطة , يتغلب . لا سما وأن ماريانا يعطي لمذهبه قيمة وفائية كبيرة . فهذا المذهب يمكنه 
أن يساهم في إقناع الملوك بأن سلطة الشعب . في مجموعها . هي اعلى من سلطة فرد واحد . كيا 
يمكنه أن يردعهم عن الاصغاء للمدّاحين . وعن ترك أنفسهم ينقادون مع عيوبهم الخاصة ثلء 

لقد عرفنا سابقاً أنه على إثر خبر اغتيال هنري الرابع في فرنسا , أصدر برلمان باريس في8 
حزيران 1610‏ قراراً باحراق(5688 ع0) 0 انتظار , وسلْمّ في نفس اليوم للجلاد 
لكي « يتتهي كرماد أمام كنيسة نوتردام » . . 

وبعد دن ترات 1 حزيران1614 » باحو كدان الزببنياة السايات 


فرنسيسكو سوار يز 1548 -1617 

يعتبر سواريز من أكبر أتباع القديس توما . إِنْه لاهوتي سكولاستيكي بارز » وفيلسوف 
عميق في الحقوق . وقد نشر في السابق ٠‏ في1612 ٠‏ كتاب (ومممعلطهمط م26 عه مسدئههز «2) الذي 
كان يدرس مضمونه في كويمبر لمدة ستتين . 

وقد عالج هذا الكتاب . من بين مسائل أخرى . قضايا المجتمع والدولة والسيادة ؛ وهدف 
الحكم والتشريع , والقانرن الدولي . 

إن الطبيعة المستقيمة للانسان . الحيوان الاجتاعي . تميل ( كما نقرأ فيه ) للحياة المشتركة . 

فمن الطبيعي بالنسبة له أن يؤّسس دولة .: تُعتبر الجماعة الوحيدة القادرة ة على إشباع حاجاته 
المتعددة : وهذا التأسيس للدولة يعتبر « مطلوباً من أجل كياله . ليس بشكل خارجي”* 
وبالمدفة » . وهو يتم بالموافقة المشتركة (تتحهمعده©) التي تخلق بين المواطنين رابطة أخلاقية ‏ 
وتجعل منهم جسيماً سياسياً ممازيا زم نء درم دءنانادم دسدممم©) 5 


إن كل جماعة أو مجتمع كامل ( والدولة هي كذلك ) يتضمن سلطة تحكمه . وتكون مكلفة 
بالبحث عن الخير المشترك . والسهر عليه : إنها القوة العامة أو السيدة . ويمكن التعرف عليها من 
خلال قدرتها على نشر القانون . إن مما يتفق مع العقل الطبيعي القول بأنْ الله عندما أراد أن يكون 
هناك نظام إجتاعي أراد أن يتوفر له شروط : فهو لم يكن يستطيع أن يدع المجتمع البشري فاقداً 


(©) كلمات اختفت في طبعة ماهنس في علم1605 . 
(1) لوي لمرجع السابق ذكره ‏ ص : 134 


للقرة الضرورية لحفظه . وفي هذا الصدد . فإن الأمراء المسيحيين لا يختلفون عن أسلافهم 
اين . 


لكن أين تكمن هذه القوة السيدة لدى بعض الناس أو لدى الكل ؟.إن الناس نظراً لأنهم 
ولدوا أحراراً ( يميب سواريز ) فإن أي واحد منهم ليس له طبيعياً ولاية قضائية على الآخر . 'وبالتالي 
فإن الله لم يستطع إعطاء السيادة لاي شخص بشكل خاص مباشرة وبلا واسطة . إن السيادة 
تكمن . حسب الطبيعة الحقيقية للأشياء , في مجموع البشر . أي في الجماعة . والأمر يعود هله 
الجماعة في أن تختار بحرية شكلاً محدداً للحكم ؛ وأن تعين الرئيس أو الرؤ ساء عن طريق تفويض 
السيادة . إن التطبيق النوعي للحق الطبيعي ذي المصدر الإلهي , الذي يريد السلطة » يخضع 
للاختيار البشري . إن نظبا متنوعة جداً يمكن بالتالي تصورها إنطلافاً من التفويض الاصل . 

إلا أن هذا لا يمنع من أن تكون الملكية القائمة على أساس الحن الإنساني هذا . هي أفضل 
نظام , بنظر سواريز . وهناك نقطتان هامتان تنبغي الاشارة لها . الأولى هي أن الجماعة . بعد أن 
تكون قد فوضت السيادة الى ملك . وفق بعض الشكليات ٠‏ لا تستطيع بعد ذلك أن تستعيدها 
ثانية . إن هذا سيكون « إغتصاباً » . والثانية هي أنه على إثر هذا التفويض . يصبح الملك « ساميا 
في المملكة » , التي عليه , مع ذلك . أن يحافظ عليها . إنه الآن » وفي نفس الوقت , خحادم الدولة 
والجماعة بواسطة الاختيار البشري , وخادم الله . لأن السلطة من الله , ولأن الله أراد أن تفوض 
السلطة له . وهكذا تتجرد المملكة من حريتها الاصلية لفائدة الملك . ويكتسب هذا الملك القوة 
السيدة بشكل مِلكية حقيقية لا يمكن حرماته منها ( إلا فها عدا بعض الافتراضات الاستثنائية » 
ومنها حالة الطغيان ) . 

لكن الملك لا يحتفظ بهذه القوة إلا بالنسبة و للنقاط التي من أجلها تلقاها » + فليس لديه الحق 
بأن يضيف البها شيئاً . إن الجماعة لها الحق بالسهر على استعماله لله القوة . فهو لا يستطيع أن 
يستعملها إلا من أجل تحفيق سعادة سياسية حقيقية , أو بعبارة أخرى . من أجل الخير المشدرك 
الذي تتمثل غايته الخاصة « والسامية » , بتوفيره لأولتك الذين يحكمهم . وذلك من خلال التشريع 
قبل كل شيء . لآن التشريع يستمد مبدأه الأول من الخير المشترك . إن الملك يصبح طاغية ٠‏ ليس 
عندما يمارس سلطته بشكل سيد وبلا منازع . وإنماعندما يحكم ضد هذا الخيرء وهذه 
السعاجةرن . 

ولا تغيب ماألة جماعة الدول أو الأمم عن بال فقيه كويمبر الكبير . فقد كان اللاهوتي 
السالمنكي فرانسوا دي فيتوريا قد أرسى في السابق قواعد القانون الدولي . عندما رأى ني العالم 
« جمهورية وتحدة » ( بمعنى ما ) ؛ واستخلص نتائج هامة ما كان يُسَّمُيه و الحق الطبيعي في المجتمع 
والاتصال » بين البشرء إن سواريز » في الوقت الذي يستبعد فيه فكرة وجود جسم سرامي واحد 
للبشرية . أي دولة عللية أو قوة شاملة » » يتمسك بفكرة وجود نظام حتوقي (سسطتسج مل من 


(1) ميستارد ‏ مرجع السابن ذكره ‏ ص : 660-617 


شأنه تقريب الاجسام السياسية المختلفة الني ينقسم العالم اليها . وتامين فيام مساعدة وعدالة 
وسلام فيا بينها , من أجل تحفين أكبر قدر من الرفاهية العللية . ( إن هذا الأمر يأخذ بالحسبان واقع 
أن كلا من هذه الاجسام يُعتبر » بالرغم من كونه سيداً  ,‏ عضواً » بشكل ما في هذه الرابطة الني 
تمتد لتشمل الجنس البشري » ؛ وأنه لا بمكن أن يكفي نفه مطلقاً وهو منعزل )0 : 

أما كتاب (إعفها”1 منصس كه 0) فله طابع مغاير كلياً لكتاب (تدلائهه! 0# .. فلقد نشر في عام 
3 بمناسبة الجدل الذي أثارته القضية ا و ع ملك 
انجلترة , والكنيسة الكاثوليكية . إنه مؤلْفُ جدل حام ومرتفع يستهدف دَحْضَ ملك . . 


لفد كَرّرٌ الكتاب وطُوْرٌ افكاراً قيلت سابقاً . فَمَجَدَ تفوق الكنيسة الكلية على الدول 
الخاصة ؛ وأنى بصياغة نهائية لمذهب السلطة غير المباشرة » وكذالك لمذهب حل اللقارمة , بم في ذلك 

الطافية. . كما دم حججأً كثيرة للكاثوليك الانجليز لكي لا يؤدوا يمينا ( له أصداء لوثرية ) كان 
1 ؛ بطريقة غير مقبولة بالنسبة لروما ء شخص لملك وقوته السيدة . وكان بللارمان قد فتح 
النار» منذْ1607 » فأجاب عليه جاك الأول . في البده باسم مستعار . » ثم باضمه في عام 1609 . 
وقد توج سواريز . بتدخمله » بماله من سلطة الفقيه البارز » ضد ١‏ كتاب الملك ‏ , جد مسموماً 
كان بنشر الاضطراب في الضمائر . لقد آن الأوان حقيقة لتوضيح علانات هلين المجتمعين 
و الكاملين ‏ . الكنيسة والدولة . وتعبين الحدود الدقيقة للطاعة الواجبة للملوك © . 


إن اعتبار المجتمع المدني . أي الدولة . مجتمعاً كاملا في نظامه ٠‏ لم يكن أمراً مستبعداً . كها 
. لم يكن مستبعداً كذلك اعتبار أن الكنيسة أقيمت من قبل الله كمجتمع كامل آخر ٠‏ تبعأ لغايتها 
الخاصة « كجسم مجازي كامل وواحد . وكمملكة واحدة منتشرة في العالم»؛ وأن الفروق النوعية 
بين المجتمعين تبر ز تفوق الكنيسة . الكنيسة الثابتة . في وجه السلطات البشرية المتغيرة . المكرسة 
لغايات روحية وما فوق طبيعية ٠ ٠‏ في وجه المجتمع المدني المحصور بأسره ضمن الصعيد الطبيعي . 
الشاملة ٠‏ في وجه السلطات البشرية الخاصة ٠‏ التي ليس من المقدر لها أن تتحول الى دولة عالمية 
واحدة . والوحيدة التي لها الحق ٠‏ أخيراً . بالادعاء باصل إلهمي مباشر . وبالقول بأن الحكم 
البابوي يقوم على تأسيس إِلي خاص ٠‏ با تقوم ا حكومات الزمنية على تأسيس حقوقي بشري بحت 
( يركز عليه سواريز عن قصد ) . 


ومع ذلك فإن خضوع سلطة لأخرى يمكن أن يكون ( برأي سواريز ) إما مباشراً أو غير 
مباشر . وهو لا يكون إل غير مباشر عندما يَنْنِىء فط عن غاية أكثر نبلاً ٠‏ ويستند لسلطة أعل وأكثر 
جودة . وهكذا فإن طبيعة تفوق الكنيسة عل الملوك الزمنيين لا تبرر تدخخل رئيسها ؛ البابا . في 
الشؤ ون الزمنية إلا بطريقة غير مباشرة , وتبعاً للنظام الروحي بشكل حصري . إن هذه السلطة غير 
المباشرة تسمح بمنع السلطة المدنية من أن تهدد , بقوانينها . خلاص التفوس . ومن أن تعرقل سير 


(1) حول فيتوريا ‏ أنظر ‏ ميستارد ص : 4569 وما بعدها 
(© للرجم السلبق ‏ ص : 644-639 


المؤسسات الاكليروسية . إن هذه السلطة ليست فقطتوجيهية . وإنما هي [كراهية أيضاً : أو بعبارة 
أخرى ٠‏ إنها لا تكتفي بتوجيه الأمراء المسيحيين بأوامرها . بل إنها تستطيع أيضاً [كراههم بجزاءاتها 
التي تصل « لحد العزل , إن اقتضت الحاجة ذلك » . 

إن مسالة الجزاءات والعزل تشكل عقدة الجدل , كبا يشير لذلك سوارينده . وهي لاا 
تنفصل عن مسألة حت المقاومة , بما في ذلك قتل الطاغية . إن يمين الاخعلاص , الذي يطالب به 
ملك طاغية بدون حق , حسب منظور لاهوتي كويبر » يتضمن بعض الصيغ ‏ التي كان سواريز 
يرى أنه لا يمكن السكوت عنها ‏ الني ترفض الجزاءات التي يمكن أن تطال السلطة الزمنية المدانة 
تجاه الله والبشر . لقد كان جاك الأول يعتزم بشكل خخاص أن يدحر المذهب القائل بأن الأمراء 
المحرومين أو المجردين من حقوقهم من قِبّل البابا و يمكن أن يعزلوا أو يقتلوا على بد رعاياهم أو 
غيرهم » . وكان يرى في هذا المذهب نوعا من الكفر والغرطقة . إن سواريز يستمد من هذا العزم 
حجة ليكتب حول شرعية قتل الطاغية . أكثر العروض قوة وتعليلا . وهو يأخذ فيه ثانية بالتمبيز 
التقليدي بين الطاغية « بالاصل » والطاغية باممارسة » ويستعرض مختلف الافتراضات . ويكرر 
التوضيحات والتحفظات قبل أن يصل للتنائج التالية : 

« إن أي شخص علدي لا يستطيع . من حيث امبدأ . قتل الطاغية بدون توكيل عام . لكن 
أي شخص يستطيع أن يعتبر أنه تلقى ضمنياً مثل هذا التوكيل » إذا كان الأمر يتعلق بطاغية 
« بالاصل » . أما إذا كان الأمر يتعلق بطاغية « بالممارسة » أي بملك شرعي تحول حكمه الى حكم 
فاسد . وقام الشعب بعزله بالطرق الدستورية » وبناء عل موافقة البابا » أوقام البابا نفسه بحرماته 
وعزله باعتباره هرطفياً فإن الشخص العادي يحتاج . لكي يكون عل حق في قيامه بعملية القتل , الى 
توكيل صر يح يجعل منه أداة السلطة© . 
ش إننا ندرك لدى قراءة كتاب «مطصصق<اء ( الذي نَم إحراقه بسرعة ) أسباب الهميجان الأصود 
للملك الانجليزي , المجادل المتهور ني القضابا اللاهوتية ‏ السياسية . ونفهم لماذا أراد أن يرى في 
اليسوعيين » حسب تعبيره الاحتقاري  ,‏ طهريين ‏ باباويين » . 

إن من المناسب الآن أن ننتقل من إسبانيا الاصلاح ‏ المضاد الى أراضي الاصلاح . أي إلى 
ألانيا والبلاد المنخفضة ء لنلتقي فيها بالتوسيوس وغروتيوس الفقيهين من الطراز الأول » ثم الى 
إنجلترة ٠‏ فبا بعد . حيت بقي الدين والسياسة تمتزجين بعضههما ببعض بشكل معقد ومأساوي 
( أكثر من أي مكان آخخر في أوروبا ) . 


3 التوسيوس(1557 1638-7) أو الديمقراطية التجمعية | , 
في عام1603 ظهر في هر بور ن(600كع1]) , بمقاطعة ناسو( ششدعة01 . مؤّلف كبير عنوانه : 





(1) للرجع السلبق ‏ ص : 652-646 
©. لوي للرجمع السابق ذكره - ص :135 136 


« السياسة المنهجية ) . . . علهدعمعم » فاصمه متاودعت عدوله منممياك ممالممط مض ومتالامط 
(+نعحاعدلقا . وكان موه شخص من منطقة رينانيا الوستفالية » اسمه جوهان التوس سسعطمق) 
(تتتعطئلة الملقب بالتوسيو (هددفعندطغ43) . وقد كان هذا أستاذاً للحقوق بجامعة المدينة الكالفينية 
( التي أصبح رئيسها فبا بعد ) . ثم دعي ليكون عضرا في المجلس البلدي لبلدة إيهدن(مع64) , 
الملقبة ه بجنيف الشهال » . بمقاطعة فريس الشرقية(©لهامع071 م5©) . 


سياسة منهجية : لأنه لم يكن هناك في الواقع من د سياسة » أكثر تنظيأ ودقة منطقية ( حسب 
المنطق المسمى بالمنطق الرامي (©:ندهه©) نسبة الى بيار رامي (5ناصمعظ .8) الخصم الشهير للتيار 
الشكلي المدرسي . ومعلم التفكير العقلٍ المثير للاعجاب ) من هذه « السياسة » التي قال بها مفكر 
هام . نسي بظلم خلال أكثر من قرنين من الزمن . إن التوسيوس . منذ أن أعيد اكتشافه ثانية » 
يتزع الانتباه بفضل أصالة بنائه الاجهاعي ‏ السياسي الذي يرتفع من طابق الى آخخر . ليصل الى 
القمة : التي هي الدولة . الدولة في سيادتها . إن هذا البناء يشهد على وجود شعور حاد بالطابع 
العضوي والجماعي للحياة الاجهاعية . 


إن السياسة بالنسبة لألتوسيوس , هي فن إقامة وتنمية وحفظ الاتصال بين البشر ء الملازم 
للوجود المشترك . إن الؤلف يحلل المجتمع الى تسلسل صاعد من المجموعات الطبيعية الني تشكل 
أجساما إجتاعية . يصفها « بالجماعات التكافلية »(وعناوناهةطمرزة 65انهاصه0ح) . فنظراً 
لاستحالة العيش . خارج هذه الجياعات . حياةٌ إنسانيةٌ حقيقية . بتجه الفرد أو« يُدفع تقريباً » 
للدخول فيها : وهذا فا سيسمح له بوضع فضائله موضع التطبيق . 


وبنطلق التوسيوس . مثله مشل بودان . من الأسرة . الخلية الأولية » والجماعة النكافلية 
الأولى . ثم يرتفع منها إلى العشسيرة (عنمههمههمه) حيث يتحول رئيس الاسرة , السيد في بيه 
( بفضل توسع الاصرة ) الى عضو ف العشيرة . إن الاسرة والعشيرة . وهها الجماعتان التكافليتان 
الاوليتان ٠‏ تعتبران مجتمعان « بسيطان وخخاصان » . أما تجمع عدة جماعات خاصة فيج الجماعة 
د المختلطة والعامة » : التي تتجل حسب الترتيب التصاعدي بالمدينة فالمقاطعة فالدولة . في هذه 
الأجسام السياسية يصبح عضو العشيرة محرد مواطن : 


. هكذا يصل المجتمع البشري في النهاية للدولة . عبر تجمع: متتابع لموحدات إجتاعية أكثر فأكثر 
انساعا ٠‏ وتكفي كل منها نفسها بنفسها ني ميدانها الخاص بالاتصال . وفي كل.مرتبة تأتي فوق 
الأسرة ( الجسم الطبيعي ) يتدخل الانتاء الحر . والموافقة المشتركة للأعضاء : أو بعبارة أخرى 
العقد(سداعه6) . لكن المتعاقدين ليسوا هم الأفراد . وإنما الجماعات التأسيسية . إن الدولة تبدو 
كتجمع لتجمعات . أوه كمركب لمركبات » ( على حد تعبير ب . باستيد ) . إن الإنسان الفردي 
يبدو وكأنه مُغْطَى بعضو التجمع المقابل لكل مرتبة أو طابق : رئيس الأمرة. ثم عضو العشيرة . ثم 
المواطن : إن الفرد يصبح مواطناً ليس بصفته إنسانا . وإنما بصفته عضو عشيرة . إن الدولة إذن 
تنش ليس عن عقد مبرم مباشرة بين عدد غفير من الأفراد » وإنما عن ممرات متنابعة . من « واقع 


3209 


عضوي » معين الى واقع عضوي أعلى . وهي تتميز » عن كل تمر ء بانتاءِ تناقشه بحرية الوحدات 
الاجياعية المعنية:00» . 
الدولة الالتوسية 

ما هي بالضبط هذه الدولة التي تعتبر قمة البناء الالتوسي » وكيف تحَكم ؟ 

إنها الجماعة التكافلية العامة العليا , الكلية أو الكاملة . إنها المجتمع الكامل . القادر 
( لوحده فقط) على إشباع كل الحاجات الاساسية للمواطنين . وبهذه الصفة فإنها تحتفظ بحق 
السيادة (5تاهاكىعزهم 5دال) ٠‏ وبقوة آمرة « متفوقة وسامية وكلية » » قوة ليس هناك من قوة أخرى 
أعللى منها أومساوية لها ؛ قوة تفرر كل ما هو ضروري للخلاص الروحي والجسدي لأعضائها . إن 
هذا الحق الذي نتعرف فيه على السيادة البودانية » هو ملك لجسم الدولة بأسره أو للشعب . فهذا 
الشعب لا يستطيع . حتى عندما يريد ذلك , وتحت أية حجة كانت . أن يتخلى عنه » بإعطائه أو 
بالتنازل عنه أو نقله لاي كان ( تماماً كما أنه لا يمكن للمرء أن يعطي لآخر حياته الخاصة ) . إنه » من 
حيث طبيعته ذاتها لا يمكن أن يكون قابلاً لآن يصبح مادة يُتاجر بها شخص واحد 3 إنه لا.يتجزأ 
ولا بُنقل ولا يقبل التقادم . مهما طالت مدة اغتصابه . فإذا ما سَّحِبّ من الدولة (المطابقة للشعب)» 
فإن الدولة: تَكِفُْ عن أن تستحق اسمها » وتفقد د نفحتها الحيوية ونفسها وقلبها وحياتها » ( كيا . 
سيكتب بقوة ر. دوراتيه ) . 

وهكذا نرى أن التوسيوس يستبعد كل سيادة شخصية . وينفي , إنطلاقاً من ذلك , كل تمييز 
بين عدة أشكال للدولة ( أو أنواع » للجمهورية , بعبارات بودانية ) . فهو يرى أنه لا يوجد هناك 
إلا شكل واحد . لأنه لا يوجد إلا مالك وحيد ممكن للسيادة هو الشعب:© . 

وينجم عن هذا منطقياً المفهوم الالتوسي للحكم . 

إن الحكام تيدون كأنهم جرد إداريين , مكلفين بالسهر باسم الشعب , موكلهم ؛ عل 
حسن سير الاتصال . وهم نوعان : الحكام (5عو<ام» 5عم]) من جهة أولى . والحاكم الاسمى 
(18!05اونهة11 دناصنا5) من جهة ثانية . ا 

إن التوسيوس يُسند للحكام » المنتخبين من طرف الشعب بأسره دوراً كبيراً . وهو يستعيد 
ويتوج في ذلك التقليد الكالفيني . ويُسمَى هؤلاء الحكام بعد كبير من الأسماء : كالتمرسون ٠‏ 
والأمراء 03 واوائل الدولة » والمنتقمين الرسميين للعقد المبرم بين الحاكم الاسمى والشعب ٠‏ 
والمدافعين عن العدالة والحق اللذين يخضعان الحاكم الاسمى هما 5 ومستشاري ومفتشي الدولة 
الخ ... إن الهيئة التي يشكلونها تعتبر السلطة الأعلى في الدولة . أما إذا أخيذ أي واحد منهم 





)و( ميسنارد ‏ مرجم السابق ذكره - ص :616-567 
أنظر أيضاً ‏ ر. دوراتيه (مطاه»ع8 .8 - و جان جاك روسو وعلم السياسة في عصره »ها )© للقعدونه .00.1 
(جتهعا وم عل عنوتائلدم عموعاعة - بلريس - منشررات 1970-18 ص : 99-92 

2 ميسنارد ‏ امرجم السابق ذكره - ص : 593 وما بعدها . 


210 


بمفرده ٠‏ فإنه يعتبر أدنى من الحاكم الأسمى . لكن مجموعهم أو هيئتهم أعل منه . باعتبارها تمثل 
الشعب » عندما تتصرف جاعياً باسمه . 

إن هيئة الحكام هذه هي التي تنتخب الحاكم الأسمى . وهي تقوم بهذا باسم الشعب . إن 
الانتخاب هو المناسبة لتبادل متيميز للقسّم بين المتخّب الجديد « ورعاياه الأعزاء المخلصين » . إن 
الحاكم الاسمى ومساعديه من أعضاء الدولة . المجتمعين في مجلس » والمرتبطين معه تضامنياً » 
يجب أن يؤدوا قسما إضافياً . إلا أن هذا القسم لن يؤدي لإلحاق الضرر ه بالميثاق الديني » بالالتزام 
تجاه الله والدين الحقيقي . ( وهذا ما يشير إلى أن الدولة الالتوسية تتحمل أيضاً عبء الخدلاص 
الروحي ) . 

إن الحاكم الأسمى لا يكون أسمى. . في الواقع ٠‏ إل إزاء الأفراد الأدنى منه ٠‏ وليس إزاء 
رعاياه إذا ما أخذوا بشكل جماعي . وهو لا يكون كذلك بالنسبة للحق ( الذي يخضع له هو 
أيضا ) . إنه يمارس ( ولا مُارس إلا ) السلطة التي فَوْضه إياها موكلوه صراحة : أما ما لم يتم 
تفويضه به فينبغ اعتبار أنه ما زال بيد سلطة « الشعب أو التجمع الكلي » . تلك هي طبيعة الوكالة 
التعاقدية » كما بينها التوسيوس بلطف . 

وبنفس الروح ( الديمقراطية أم الوسيطية ؟ ) تلح ه السياسة » . على استبعاد كل سلطة 
مطلقة أوه قوة كاملة » . 

إن هذا الحاكم الاسمى يمكن أن يتجلى في شخص واحد أو ني عدة أشخاص . فإذا تمل في 
عدة أشخاص ٠‏ فإنه يمكن أن يكون ديمقراطيا ( جمعية شعبية , مع جهاز تنفيذي مفوض ) أو 
أرستقراطيا ( أقلية معينة على أساس المولد أو الثروة ) . ويلاحظ التوسيوس بأنه كما أن تكوين 
الانسان يضم عدة أمزجة . فإن الجماعة التكافلية تضم عادة عدة عناصر ممزوجة : أن المزيج أو 
الاختلاط هر من ماهية الحياة00) . 

ومع ذلك فإن الاههام الكبير للمؤ لف لا يتركز في هذه النقطة . إن ما جهمه هو إقامة الحواجز 
ضد احهال مارسة الحاكم الاسمى لحكم طغياني . ( وهو يتصور أيفناً أن يكون الطاغية شخصاً 
واحدا أوعدة أشخاص ) . وهذا الغرض . يلجا . بطريقة تقليدية للحكّام . هؤلاء الأوائل في 
الدولة . والأفضل ف الدولة الذين نعرف اختصاصاتهم الهامة إزاء الحاكم الأسمى . فهم ملزمون 
بالوقوف في وجه هذا الحاكم الأسمى الفاسد : سواء بالأعمال أم بالأقوال . فردياً وجماعياً . 
وبمساعدة كل المواطنين الصالحين . إن من الأفضل اللجوء للأعمال الدفاعية . لكن هذه يمكن أن 
تتحول الى أعمال هجومية مسلحة . إذا كان من الضروري الرد على نفس الوسائل الني يستعملها 
الطاغية , أو إذا وصل الشرحداً لا يمكن وضع نهابة له بطريقة أخرى . وفي نهاية الطافف فقط يهب 
القيام بعزل المذنب . عندما.يصر عل انتهاك التزاماته » ويكون من الواجت أن تستعيد الدولة 


(!) أنظره ف. كارناي(0810/51 .6 . و سيامات جوهان التوسيرس » مهاو[ 06 وعنانامم 156) 
(05ا7114051ئا4 لندن 1965‏ ص : 100-98-97-94 


311 


حياتها العلدية . ومن المتصور كذلك أن يقوم الحكام أوه أفاضل » الدولة الأخرين بوضع حد لححياة 
الُصرّ » واستبداله بآخر ‏ إن لم يكن هناك وسائل أخرى لمقاومة القوة الطغيانية © . 

. إن مثل هذه المعالجة للطغيان تُبعد عن التوسيوس بما فيه الكفاية تهمة التهيب التي وجهت له 
أحياناً . لا سها عندما نراه ( في الحالة التي يتضح فيها أن وضع حدٍ للشر هو أمر ميؤ وس منه ) يوافق 
على أن المقاومة يمكين أن تصل لحد إنفصال قسم تام من الدولة . مع اختيار حكم منفصل » أوشكل 
جديد للججاعة ؛ وعندما يذهب لحد التبشير » بكل منطق صارم » بأن القِسم المذكور سيكون لديه 
الحق بالدفاع بالسلاح عن شكله الجديد » ووضعه القانوني الجديد » ضد هجوم يشنه عليه القسم 
الباقي من الدولة الاصلية ! . 


توصيح : 

إن مثل هذا التركيب الاجتاعي - السيامي يستخدم عناصر متنوعة » يمكن أن تكونمتنافرة » 
فهويغرف من مصادر مختلفة يمكن التوفيق فها بينها إلى هذا الحد أوذاك . بحيث أن التوسيوس يمكن 
أن ييرز كشخصية ‏ وسيطية » متأخرة تستحق النسيان الذي غرقت فيه لمدة طويلة » بقدر ما يبدو 
كشخصية و حديثة ؛ ومتقدمة جداً ( مَهُدت . بشكل نخاص , لقدوم روسو العقد الاجهامي ) 
كانت إعادة اكتشافها ؛ أمرا يفرض نفسه . وبالحقيقة فإن من المؤكد أكثر » أن نرى فيه مفكرا من 
عصره ( عَاياً ني العادات . ولكن رجل عمل أيضاً ) ودينه ( كان كالفينيا متقيدا تقيدا صارما بتعالم 
الكالفينية ) وبلاده ( ألمانيا ) . وانطلاقاً من هذا فإن من المسموح به اقتراح الصورة الاجمالية التالية 
لكتابه : و السياصة » . 


إن التوسيوس يتأثر ببودان » ويتمرد عليه في نفس الوقت . فلفقد استعاد المنهج 0 الذي يصفه 
ب. مستارد ٠‏ بالمنهج التوليدي والذي كان بودان قد تبناه » للوصول إلى الدولة » انطلاقا من 
الاسرة وليس من الأفراد . وقد حص السيادة البودانية بالمصير الذي أشرنا اليه . 

لكن القول بأن حقوق السيادة لا يمكن أن تُعطى للرعية أو للشعب . بدون ٠‏ تدميرها وجعلها 
تلاثى » » كما كان يقول بودان « وأنها لا تكون في أيدٍ صالحة إل إذا كانت بين أيدي الأمير أو 
الحاكم الأسمى , فهذا ما لم يكن بإمكان التوسيوس أن يقبله » وما لم يكن بإمكانه إلا أن يتمرد 
عليه ( كب تمرد على تعددية ٠‏ أنواع » الدولة ) . وهذا فإن من الحق القول مع ب. باستيد.© 
(#نعهظ بأن و السياسة » كانت في هذا الصدد . رداً على « الجمهورية »© . 

لقد تأثر التوسيوس ٠‏ بالتأكيد » بالكالفينية ‏ وقد وصيف بأنه د آخر المناهضين البروتستانت 
للملكية  »‏ لكنه كان يعتزم بناء نظام يتفق أولاً مع العقل 2 بالرغم من حدة حماسه الدبني . وتعدد 
استشهاداته بالكتب المقدسة . « إن كل ما كتبه من لاهوتيات وككالفيني كان عبارة عن زخرفة 
خارجية » الحدف منها إضفاء طابع شرعي . كمسيحي وكبر وتستانتي » على ما توصل اليه » فما 





(1) كارناي ‏ ص : 185 
(2) دورانيه ‏ امرجم السابن ذكره ‏ ص : 94 


312 


بعد . من خلال الاستتتاجات العقلية . إن بالامكان حذف الافكار والاستشهادات اللاهوتية » 
ومع ذلك فإن النظام سيبقى واقفاً » 0 .ومع هذا فإن حنصة الكالفينية السياسية والارث الناعض 
للملكية ( ولا سها من كتاب « فرنسا الغاليّة » »لهوتمان . وكتاب ٠‏ الانتقام » ) تبقى كبيرة . إننا نجد 
فيه ثانية : سيادة الشعب . الاعلى من الملك . والفكرة التعاقدية ( بما فيها الميئاق الديني بالتزام 
الدولة تجاه الله ) » ودور الحكام . وتبرير مقاومة الطاغية . وأخيراً » وهذا ماينبغي أن نركز عليه » 
الروح الانحادية (عننه»»ة»)) وقد تكيفت مع السياق الالتومي ( هذه الروح التي كانت في نفس 
الرقت معادية للحكم المطلق ) . ومع هذا فإننا نرى ٠‏ فها يتعلق بهذه النقطة الأخيرة. إن الانحادية 
كما كانت مطبفة في أمانيا أو هولندة ذات الحياة الاقليمية واللمهوية والبلدية الشديدة ١‏ لم تكن 
تتضمن نفس أخطار التقهقر الاقطاعي إلا حون.تطبيقها في فرنسا:» . 


إلا أن الأكثر بروزاً ودلالة في نظام التوسيوس يكمن في دعوته التجمعية (6«كنلة»مم02©) 
ذات الجذور الجرمانية بشكل خاص . 

ففها ياعلق بتعبير د السيادة » الني استعملت وعُلّقَ عليها بشكل دائم في كل كتاب 
« السياسة » . يلاحظ ب. ميسنارد بأن الأمر لا يتعلق في حقيقة القول بسيادة ٠‏ وإتماد بملكية 
الأعضاء 1 شتركة خيرات وحقوق الاتصال » . إن التعبيرلم يعد فيه شيئاً من أفكار بودان » ولا من 
الفكر الر وماني . إنه يُذَكّر مباشرة بالمفهومين الجرمانيين المتقاربين : مفهوم الملكية المشتركة. 
(#صهط عا اتهدعع) ومفهوم الشركة أو الرابطة التجمعية (القداعكه800556) . وف حين أن السيادة 
الشخصية . أي سيادة الأمير . تقوم على « التصور » المزدوج للشخصية الطبيعية والملكية الخاصة ١‏ 
ذي الماهية الرومانية ٠‏ فإن سيادة الشعب لدى التوسيوس ترتكز من جهتها على التصور المزدوج 
للشخصية الاعتبارية والملكية المشتركة للتجمعات الجرمانية ؛ . ولكن هل تسمنح سيادة هذا 
الشعب . الذي لا يتألف من أفراد . بوصف الجماعة التكافلية العليا والكاملة . بالديمقراطية ؟.نعم 
بالتأكيد ؛ ( سيؤ كد البعض فيا بعد ) ولكن شريطة إضافة صفة التجمعية(اثلة»هم096©) . 
وستكون هذه الديمقراطية التجمعية هي الديمقراطية « الحقيقية » التي أضفت عليها عبقرية 
التوسيوس طابعاً مذهيياً:0 ؟ 


4 غر وتيوس (1583 -1645) أو ثورة الحق الطبيعي : 
في عام1625 أي بعد مضي إثتتين وعشرين سنة على نشر كتاب و السياسة ؛ لالتوسيوس ٠‏ 
ظهر في باريس هذه المرة مؤلُّف آخر باللانينية عنوانه « في قانون الحرب والسلام »#تسز »0) 


(1) ميستارد ‏ ص : 615 

(© ج. ه. سابين ‏ المرجم السابن ذكره ‏ ص : 357 

(©) ممسنارد - ص : 616 

(9» رمي الؤلف . المشارك ني الصراعات السياسية الدينية في بلاده . بالسجن ثم أفرج عنه . فلجا الى فرنسا حيث - 


213 


(طاعهم عه لناكط » لعالم آخر في عادات الكالفينية الاوروبية » هو هيضو دو غروت عل 0هنا1) 
65000 الملقب بغر وتيوس (سطهه»6) ؛ « أعجوبة هولندة » . وقد لقي الكتاب نجاحاً كبيراً فور . 
صدوره . فالخطاب التمهيدي في هذا الف الضخم الملخصص « لقانون الحرب والسلام » 
يستحق . لوحده , أن يبهر بشكل دائم النفوس المثقفة . والفقهاء والبسياسيين عل حد سواء . فهو 
لا يقترح شيئاً أقل من توضيح جديد . وإعادة تنشيط وتحديث لمفهوم الحق الطبيعي الجليل . 


د إن آم الحق الطبيعي هي الطبيعة نفسها , ؛ التي تحملنا على السعي لعقد صلات مع أمثالنا 
حتى عندما لا نكون محتاجين لشيء » . إن غروتيوس يرفض هنا , دفعة واحدة . الاطروحة 
المنفعية , لكار يناد(ع689ممه©) المتشكك الشهير , والقائلة بأن البش رلا يتطلعون مطلقاً إلا لمنافعهم 
الخاصة . ويْتار مع الرواقيين القول بالنزعة الاجماعية الطبيعية » ويميل كل فرد لآن يعيش مع 
أمثاله بسلام . ضمن جماعة حياتية منظمة ٠‏ كما تقترحه عليه أنوار إدراكه وعقله السو . إلا أن 
هذا العقل يجعلنا نعرف « أن عملاً ما يكون . أخلاقياً ‏ نزياً أوغيرنزيه تبعاً لتوافقه أوعدم توافقه 
الضروري مع الطبيعة العاقلة والاجتاعية » . ( ويتبع هذا أن الله ١‏ خخالق الطبيعة » هو الذي يأمر 
بمثل هذا العمل أو بمنعه ) . فالزهد دينياً بمال الغير ٠‏ وإعادة ما يمكن أن يكون قد أخيِذٌ منه » أو 
الربح الذي جني منه ‏ والوفاء بالوعد . وإصلاح الضرر الذي يسيبه غلطما : كل هذا يشكل الحد 
الادنى لقراعذ يستحق انتهاكها عقاباً ولو إنسانا إن اق اليتي هو ااي لا يني ء مله مث 
الطبيعة والعقل . الحد أن الله نفسه لا يستطيع أن يغير منه شيئاً . . 


إن الله بالطبع 0 هو الذي أراد غرس مثل هذه المبادىه فينا . لكن الله نفسه الذي لا يستطيع 
أن يجعل من إثنين زائد إثنين يساوي غير أربعة , لا يستطيع أن يجعل ما هو سيء ٠‏ في حد ذاته 
وبطبيعته » غيرذلك . ويكتب غروتيوس ببدوء الجملة التالية : « إن كل ما أتينا عل ذكره قد يحدث 
بطريقة ما . حتى ولو اتفقنا على أن الله غير موجود , أو أنه لا يهتم قط . فيا لو وجد ‏ بالأمور 
البشرية . وهذا ما يستحيل تصوره بدون اقتراف جريمة فظيعة »0 . 
المخطط الكبير 
إن الحق الطبيعي الذي كان يُعتبر » برأي القديس توما . انعكاساً للعقل الإلمي في الطبيعة 
العاقلة للانسان , يجد نفسه » من الآن فصاعداً » مقطوعاً عن جذوره اللاهوتية . إن هذا الأمر لا 
يحدث لأنْ مؤّلْف « قانون الحرب والسلام » ينكر هذه الجذور » وإغا لأنه يستبعدها من النقاش 
بالرغم من أنه يتذكرها بصراحة . إن غروتيوس يتم اهياماً علمياً . » بشكل ماء بإضفاء أساس 
مستقل عن كل عفيدة دنية على المباديء اثني ممت لتفرض نفسها عل كل الامم : إن الطبيعة 
- عاش فيها معتمداً على راتب ضئيل خصصه له الملك لويس الثالث عشر ( الذي أهدي الكتاب له ) ٠‏ ولم ينس 
جان جاك روسو في « العقد الاجهاعي ‏ . أن يشير لاهتام غر وتيرس بارضاء حاميه ١‏ والملوك عموماً . 
(1) الاستشهادات مأخوذة من الترجمة الفرنسية التي قام بها جان بار بابراك(©94/ا1 84818  ).‏ منشورات106م) 
(#لش 1ه 1759 - لٍ عجلدين ‏ ( الطبعة الأولى هي طبعة امستردام في عام1724 ) . 
أنظر : « الخطاب التمهيدي  »‏ ص : 3 الى 8‏ ص 10 الكتاب الأول الفصل الأول ص :48 -50 


3214 


الانسانية المنظور لما بذاتها هي التي قدمت له هذا الاساس . 
لقد عَجْلَ هذا الكالفيني المهرطن والمهولندي البارز . بهذا » في عملية العلمنة التي كان 
اليسوعيون الكبار , والكالفيني الارثوذكسي التوسيوس قد طبعوا » بشكل متناقض . مراحلها 
السابقة . فقد ألح بللارمان وماريانا وسواريز على الطابع الطبيعي البحت . والحق الانساني البحت 
للدولة . وذلك بغية الرفع من فدر السلطة الروحية . بينا قام التوسيوص رغم تديّنه » كما رأينا » 
ببناءٍ نظام يعفق اول مع العقل . وبالاجمال . فإن هذه العلمنة التدريجية للحق الطبيعي انبثقت- 
ل النرية وي من هيجان المجادلات الدينية » وظهرت كنتيجة حتمية بلا شك للانشقاق 
النهائي للوحدة المسيحية ! . 
لقد أشرنا قبل قليل للاههام العلمي » بشكل ما ٠‏ لغر وتيوس : ونحن لا نبالغ في هذا الأمر 
لأنه هو نفسه ألْحّ عليه : 
« كنت متنبهاً , » قبل كل شيء » للقيام باختيار جيد للبراهين , في الموضوع الذي 
يختص بالحق الطبيعي . وقد سعيت جهدي لأنْ أبنيها على أفكار أكيدة . بحيث لا 
بستطيع أي شخص أن ينكرها دون أن يُكرء نفسه على ذلك . لآن مبادىء هذا الحق » 
إذا فكرنا فيها جيداً , هي واضحة وبدييية بذاتها » تقريباً بقدر ما هي كذلك الاشياء 
التي نعرفها بالحواس الخارجية ؛ هذه الحواس التي لا تخدع قط . شريطة أن تكون 
الأعضاء سليمة جداً , وأن لا ينقصها شيء تما هو ضروري لعرفة المواد » ده . 
وهكذا يضع مؤّلْف الكتاب المأثور لعام1625 ٠‏ أوتاد المنهج الجديد ‏ المتحرر بأكثر ما يمكن 
من علم اللاهوت . والذي يأمل . من خلال رد فعل عنيف ضد الطاعة العمياء للتقاليد , ني أنْ 
يمخضع ميدان العلاقات الاجتاعية السياسية » ايعو الول كوا يك 0 . لقد 
بده أن هله الارادة بتأسيس .ما يبرهته عل الاسياب:د الآكثر بدبهة 6+ تشينن يجاح التخطط 
الكبير الذي يتابعه » والذي يتجل . عل نحو مبسط جداً . بمايلٍ : 


فمقابل المشهد الحزين والمخزي جداً . بالنسبة للجنس البشري . وللعالم المسيحي بشكل 
خاص . الذي يقدمه له عصره ( وهو مشهد حرب الثلاثين عام الدمرية ) ٠‏ يدعو غروتيوس ٠‏ بعد 
فيكتوريا » وبعد سواريز . للتضامن العالمي ولاناء تختلف الاجسام السياسية . حتى ولو كانت 
سيدة » لبشرية مشتركة . وينادي بحق ضروري » سواء بالنسبة هذه الجماعة البشرية المشتركة أم 
لكل جماعة أخرى . إلا أن الحق الطبيعي . كها يُعَرف.. لا يعتبر كافياً لمذه الجماعة .. لهذا فإن حقاً 
إراهياً ناشثاً عن الارادة الصريحة أو الضمنية للدول ٠‏ أولعدة دول . هوضروري أيضاً . لآن الحق 
لا ينتهي عند حدود دولة ما : إن الامراء والشعوب الأكثر قوة يحرصون دائياً على عقد اتفافيات من 
أجل تحقيق مصلحة متبادلة . إل أن هذا الح الارادي يجب ء » بالطيع . أن لا يخالف الحق 
الطبيعي - بالرغم من أن بإمكانه أن يكون له بعض الآثار عليه وهو يجد » في نباية الامر . ضما نته 


(1) « الخطاب التمهيدي  »‏ ص : 23 


215 


في إحدى القواعد الاساسية لهذا الحق 2 قاعدة الوفاء 00 املع اعد©) ‏ . 


العام م 0 ١‏ شين أذ انق يترد + عل الل و 
جدال . في تقديم أول « عرض مُنَظم )لهذا العلم القانوني المستقل ) . 


إننا سنشير فيا بعد لحدود هذا المخطط . فغر وتيوس ليس ايرسم ولا مور . إنه لا يقول 
بتحريم الحرب . ولا يحلم بتنظيم عل مستوى البشرية يلغي الحرب من العلاقات فيا بين الدول . 
إنه يتمرد فقط( كما يقول ) على الظن الذي يعيش فيه الانسان العامي ٠‏ والقائل بأن حالة الحرب لا 
تتفق مع « مراعاة أي نوع من أنواع الحق »ده 3 
السيادة 

وسنشير أيضاً للموقف المعقد والمبهم والمتراجع كشيراً بالنسبة لالتوسيوس 3 الذي اتخله 
غروتيوس من قضية السيادة في الدولة . وهو موقف ارتبط بنظريته العامة ني الدولة © ٠‏ وأثار فيا 
بعد انتقادات لاذعة وجهها مؤلف العقد الاجهاعي لم لف قانون الحرب والسلام » . 


فهر يعرف الدولة بأنها ه جسم كامل من أشخاص أحرار انضموا لبعضهم البعض من أجل 
التمتع . بهدوء , بحقوقهم » ومن أجل منفعتهم المشتركة » . إن غروتيوس ٠‏ بعبارة أخرى ١‏ 
يضع الفكرة التعاقدية والفردية في أساس للجتمع السياسي أو المدني . فلقد تخلى البشر عن المشاعية 
البدائية للاموال لكي يعيشوا بطر يقة مر يحة ومتعة أكثر . طريقة تُشبع حاجات كل منهم بشكل 
أفضل . وتضع كل واحد . بشكل أفضل أيضاً » بمنأى عن الخيشاء والاشرار » وذلك بفضل 
حسنات سلطة عليا لم تكن معروفة في الحالة الطبيعية ع اتن علم 
يكن باستطاعته إلا أن يوافق عليه ؛ باعتباره خَمْراً بشكل عميق 


تالتب ار ليقدحنا ايم ال راطقل مى بل بي ةب و سن 
بالدولة أو بجسم الشعب ٠‏ تتجل بالسيادة » التي تعتبر رابطة نفيسة جداً , « ونفحة ال حياة» 
الكبرى ( كما يقول سينيكا ) التي تتنشقها آلاف كثيرة من الكائنات . أين تكمن هذه القوة السيدة ١‏ 
التي ُعتبر أعم لها مستقلة عن كل سلطة عليا أخعرى ؛ بحيث أن أبة إرادة بشرية أخرى لا تستطيع 
إلغامها ؟ . يجيب غروتيوس باسلوب مدرسي تميزاً بين الموضوع المشترك والموضوع الخاص : فكيما 
أن البصر له ( كا :يقرل ) موضوع مشترك هو الجسم البشري . وموضوع خاص هو العين . فإن 
الموضوع المشترك للسيادة هو الدولة أو جسم الشعب » بين الوضوع الخاص الذي تكمن فيه هو 
شخص واحد أو عدة أشخاص . وذلك حسب القوانين والأعراف في كل أمة . وهوما بممى 
بكلمة واحدة بالسيد 6 (منهيةنه5) . ويعني هذا أن السيادة إذا كانت تعود بالأصل للشعب » 


(1) أنظر : ج. بادوفان(8452217847071 .) : و مؤ مسو القانرن الذرل »نوكل نف عنم اهفمه) 05) 
(نشعه نهدت :0 باريس 1904 
(2) للرجع. السابن دص : 186 وما بعدها . 


316 


فإنها لست غير فابلة للتنازل . فمالكها الاصل يمكنه أن يتنازل عنها بواسطة عقد ما . أو ميشاق 
خضوع أو حكم » يسند بموجبه لامير أو لجمعية « ليس فقط حق ممارسة هذه القوة السيدة ولا 
وجه الشعب . 

ويضيف غروتيوس , الحريص علٍ استبعاد الافكار المخرّبة للطاعة . والني كأنت شائعة في 
عصره . لما سبق ؛ ملاحظات من نمط تلك التي ستثير ضده المشاعر الديمقراطية لجان جاك روسو. 
وستجعل ج. بار بايراك(عهزءطوظ .0) ( مترجم كتاب « في قانون الحرب واللام » للفرنسية 8 
في عام1724 ) , يقول : بأن مؤلفه « قد أعطى الكثيرلسلطة الملوك » . ومن هذه الملاحظات الني. 
ستجعل القارىء يقع في حيرة من أمره , قوله عل سبيل المثال : 

د يجب رفض رأي أولثك الذين يزعمون بأن القوة السيدة تعود دائً] وبدون 
استثناء للشعب . بحيث يكون لديه الحق بقمع الملوك ومعاقبتهم في كل مرة يسيئون 
فيها استعمال سلطتهم . . . كم سبيت مثل هذه الفكرة من شرور . وكم يمكنها أيضاً 
أن تسبب , إذا حدث واتتنعت بها النفوس جيداً . . . إن من المسموح به لكل 
إنسان . بشكل خخاص . أن يجعل من نفسه عبداً لمن يريد . . . فلماذا إذن لا 
شعب حر أن بخضع نفسه لشخص واحد أو لعدة أشخاص ء بحيث بنقل هم كليا ' 
الحق بأن يحكموه . بدون أن يحتفظ لنفسه بأي جزء من هذا الحق ؟ » . . . : 

أو قوله أيضاً : 

« يستخلص البعض ... حجة مما يقوله الفلاسفة : وهو أن كل حكم يُقام 
لمصلحة المحكومين وليس لمصلحة أولئك الذين يحكمون . ويتبع هذا . على ما 
يُزعم » بأن المحكومين هم أعل من أولئك الذين يحكمون . لان الغابة أكثر أهمية من 
الوسائل . لكنه ليس من الصحيح 03 عموما وبلا قيد ولا شرط . أن كل حكم يقام 
الخضوع المتبادل بين الملك والشعب ؛ بحيث أن جسم الشعب يهب أن يطيع الملك ٠‏ 
طاما أنه كان يستعمل سلطته بشكل جيد . لكن الملك أيضاً يصبح بدوره خاضعاً 
للشعب عندما يسيء استعماها )رن . 

ومع ذلك فإن فكر غروتيوس لا يمكن أن يمُتصر . بدون ظلم , في هذا المظهر الوحيد ( الذي 
يتجلى فيه بوضوح شديد ميل لدمج الملكية التي يمكن . من حيث جوهرها , التنازل عنها. 
والسيادة ) . فهر لم ينس أن يعالج ني فصل طويل من كتابه مسألة حرب الرعية ضد الدول ؛ حيث 
يُعدد فيه سبع حالات تكون فيه المقاومة النشيطة للملك شرعية . وبدون الدخول في التفاصيل . 
فإنه يكفي استخلاص المبدأ العام هذه المقاومة الافتراضية بالقول : بأن الملك له الحق بالطاعة . لانه 





(1) انظر ترجمة بلربايراك ‏ ص : 56 -120 -126 -129 -130 


317 


يتطق باعتباره موضوعاً خاصاً للسرادة , مع الدولة التي تعتبر موضوعها العام . إل ألّحفه لا يعتبر 
موجوداً إلا بمقدار وجود هذء المطابقة نفسها , المنبّتة بميثاق الخضوع . لكنْ الميثاق المذكور يمكنه أن 
بنص عل اقتسام أو عل تحديد للقوة السيدة . بدل النص عل تنازل كلي عنها . وني مشل هذه 
الحالات فإن أي مد من جانب القوة السيدة يؤدي الى نشوب المقاومة بصفة:عادلة ( وهذا دون 
نسيان أن سلوك الملك , المستفيد من تنازل كلي , من شأنه أن يجرده من حقوقه الشرعية , لحد 
إيقاف كل مطابقة بينه وبين الدولة : « إنه يظهر بالحقيقة كعدو لكل الشعب ؛ لآنه يعمل عل 
إضاعته )0 . 

إن إعطاء الكثير لسلطة الملوك لا يعني إذن ؛ بالنسبة لغروتيوس , أنه يحبذ ٠,‏ بأي طريقة ٠‏ 
الحكم الطغياتي ' أو أنه ينحاز لسلطة إستبدادية . إن باربايراك نفسه يحرص على القيام بتمييز في 
هذا الصدد . وذلك بمقارنته بين غروتيوس ومكيافللٍ ٠‏ 

وكذلك بمقارنة غروتيوس بهذا الانجليزي المعاصر الْمسَمُى توماس هوبس . الذي نشر في 
باريس ء في عام1642 بحثاً سياسياً عنوانه ه في المواطن »(سعومافه << , والذي اعتبر باربايراك أن 
مبادئه ليست أقل د فظاعة » من مبادىء مكيافللٍ . لقد قرأ غروتيوس : في المواطن » , وإذا كان قد 
وافق عل ما كُتب فيه لمصلحة الملوك , فإنه لم ينف ( ني رسالة أشار لما باربايراك ) عدم قبوله 
بالأسس التي شيّد عليها هوبس أراءه ألم يطرح هذا المتشائم الانجليزي كمسلمة « أن كل البشر 
هم طبيعياً في حالة حرب ) ؟ © . 

لقد كانت تجري حينذاك أحداث كبرى ومأساوية في وطن المفكر السيامي الذي كان يشد 
الانتباه بقوة : فقضايا السيادة كانت تُطّمُمْ فيه بالصراعات المعقدة ذات الجذور الدينية 1 


5 في انجلترة : نحو الثورة الطهرية 1 

لقد قامت الانجليكانية بتأميم الدين حينا جعلت من الملك الرئيس أو الحاكم الاسمى 
للكتيسة . وإذا كانت بعض العناصر ذات الالحامات اللوثرية تساير جيدا هذا المفهوم . فإن الروح 
الحقيقية للكالفيئية كانت تق معه بصعوبة . ولهذا فإن بريطانيا . في عهد اليزابيت تيودور ٠‏ 
المسمّاة باليزابيت الأولى » الابنة الثانية لمنري الثامن ( والتي خلفت ماري , في عام 1558 
لتحكم حتى عام 1603 ) شهدت , بالاضافة للاحتجاج الكاثوليكي . إحتجاجاً كالفينيا رهيياتمثل 
بحركة المنشقين , الموصوفين بالطهر يبن (دمنس ةاعد . إن هذا التعبير . الذي اخترع . على ما 
يبدو , في عام 565[ تقريباً .. كان يشمل عدة طوائف ( منها « المستقلون » الذين ينبغي تمييزهم 
بعناية عن الكالفينيين « البريبيتاريين »(كمعذالاط©) ) » بجمع فيا بينها [هتامها المشترك 





(1) للرجع السابن_ ص : 193 وما بعدها . 
60 للرجم الابق ‏ مقدمة لمترجم ‏ ص : 30 
(0 أنظر مقدمة جون ميلدون للايروباجيتيكا ‏ منشورات عنتهمناة8 باريس فظنا 1969 - ص : 23 


318 


باستئصال كل آثار البابوية المكروهة من البرونستانتية: وتطهير الكنيسة الانجليكانية المطبومة » 
بشكل محزن . بروح التسوية © . 


ولقد كان هذه الظاهرة الدينية الحقيقية تأثير سيامي خخطير . ففد « انتشرت الطهرية . كيا 
كتب ف, مورو(هتناة96 .5) ٠‏ بشكل خاص لدى برجوازية المدن وصغار النبلاء في الريف . أي 
لدى الطبقات الني يتتمي اليها النواب في مجلس العموم . . . وكانت قوة دينية اتحمهت لتصبح قوة 
سياسية معارضة للملكية » (0 . 


لأ أن الانجليكانية » والسلطة الملكية في نفس الوقت . وجبدت مدافماً قوياً فى شخص 
اللاهوتي ريتشارد هوكر(,عامه11! 4عمطعن) الذي نشر . في السنوات الاخيرة من عهد اليزابيت ٠‏ 
واعتباراً من.عام 1594 , كتاباً بعنوان د قوانين السياسة الكتسية ) لعمناسهاعملمع»ه كن وها 26 
(كقامم . 

ففد سعى هوكر لاثبات أن الطهريين . برفضهم لقوانين الكنيسة الرسمية . إتخذوا موقفاً من 
المتعذر الدفاع عنه لأنه يعني رفض كل التزام سيامي ٠‏ وبالتالي كل ممتمع مدني . 

فهذه القوانين لا ُظهر أي تعارض مع القانون الإلهي النْزّل . ومع قانون العقل والطبيعة . 
وييرر الولف قوله بتحليل لمفهوم القانون يتبع فيه عن قرب القلديس توما » ويأخل فيه ثانية بالنقاط 
المشتركة للفكر السيامي ني العصور الوسطى . ولا سيا تلك المتعلقة بقبول المحكومين الصربح أو 
الضمني بالسلطة : « إن القوانين » كما يكتب . لا تكون إلا كما تجعلها الموافقة العامة . ( لكن 
هوكر لم يقبل . مع هذا . بحق المقاومة . كها لم يدع للطاعة السلبية ) . 

ومع ذلك » فإن النزعة الوسيطية تمتزج لدى هوكر , كما يشير لذلك أحد المعلقين . بالقومية 
التي تعتبر الانجليكانية نمطأ لها ٠‏ وذلك بطريقة « غير عادية حقيقةٌ » ٠‏ طريقة تبدو غير مفهومة 
للقديس توما ولنزعته الكلية الدينية . إن الأمر يتعلق الآن . بالنسبة هوكر » بخوض معركة 
« خخاصة » . من أجل كنيسة « خخاصة » . وفي لحظة « خخاصة » ؛ أكثر مما يتعلق باعادة الميلة لتقليد 
كبير في الفكر السيامي أتى من مكان بعيد جداً ( وسيعود له الفضل في نقله بعد قرن كامل الى 





(©) كتب أو. ليتود( 1410 ناا .0) في تنديمه لار يو باجيتيك( ماهم سعد :) مبلتون(همطنا) : أتى الاصلاح 
ليضرب انجلترة « في موجة ثاتية » . وقد أدى هذا الحدوث « أزمة نمو» فريدة » ولتشكل تدريهي «المروحة 
سياسية ‏ دينية » معقدة ٠‏ ستحدد خطوطها في سنوات 1640 . 

(1) موسوعةع لدعا التلريخ العللمي- 3- ص : 176 ١‏ 
- حول الطهريين أنظر : ج . و. ألن(/200 لله .0.77 د القكر اللي الاتجليزي ع لمعنغادم طتفلهم2) 

(#الجنامط (1603 -1644) ' لندن _-1938 

- كر يستوفر موريس (240113105 .©) - و الفكر السيامي في انجلترة من تيندال الى هوكر هذ #الهدهمطا لسنذيفله©) 
(5نا100 0 عطهله 1 0 علوم :- أوكسفررد 1953 


2319 


انجلترة الويغ (هوة:8) , أو الليبرالية ) . ومن هنا ينبع التأكيد بأن الكنيسة والدولة ١‏ في الأمة 
الانجليزية » هما نفس الاعضاء , وأنهما متطابقان بشكل أسامي ؛ وبأن الدولة كلها يُؤمن . ولديها 
إذن السلطة لربط ضمائر أعضائها المؤمنين ؛ وبأن خيار الطهريين ضد التسلسل الانجليكاني ٠‏ 
ولصالح الدعوة الكالفينية عل الطريقة الاسكتلندية ( على سبيل المثال ) يشكل جزءاً من الأشياء غير 
المهمة . وليس من الاشياء الاساسية . 

وأن القوانين الكنسية » التي يضعها البرلمان » في ظل سمو الملك . هي بالتتيجة إلزامية تماما 
أيضاً ولنفس الأسباب . مثل كل القوانين الأخرى ؛ وأن عدم طاعتها يعني إذن , وهذا ما يحب 
البرهان عليه » رفض كل التزام سياسي ونسف كل نظام إجتاعي'«0 ٠.‏ 

وبعد أن ثم التغلب على مختلف أنواع الأخطار, أو تلافيها على يد اليزابيت تيودور- التي 
أصبحت ١الملكة‏ البر وتستانتية الكبيرة بعد هزية ارمادا ملك اسبانيا الكاثوليكي فيليب ألثاني ٠‏ في 
عرض السواحل الانجليزية » في عام 1588 عادت هذه الأخطار لتظهر من جديد , وبحدة » مع 
قدوم أسرة ستيواررت الاسكتلندية للعرش بعد أن خلف ملك اسكوتاددة جاك السادس من آل 
ستيوارت . اليزابيت » واعتلى عرش انجلترة » في عام 1603 » تحت اسم جاك الأول . 

فلقد كان الملك الجديد يميل للمجادلة ومقايضة « تاجه بقبعة الفقيه » ( على حد تعبير ب. 
مسنارد ) : لنتذكر مجادلته مع سواريز في موضوع كسم الولاء !. لقد نَصْبْ نفه بالفمل . 
وبتهور , كفقيه في الح الألهي الملكي .: الذي يريد أن يرى في الملوك د جنود الله , أو آلحة بحد 
ذاتهم . أعل من القوانين , ومكللين بهالة السر : إن منازعتهم السلطة هي شكل من أشكال 
الخطيثة : فهل يناع فها يمكن أن يفعله الله , ألا يكفي « الشعور بالالوهية ‏ في املك ؟ . 

إن مثل هذا الملك كان مهيأ للدخول في صراع مع الطهريين وكذلك مع برمانه » وللتورط 
بعمق في هذا التشابك السيامي ‏ الديني . 

فقد عارض أراء الطهريين » الذين وصفهم بأنهم « طاعون حقيقي في الدولة والكنيسة » ع 
بشعار التضامن بين التسلسل الانجليكاني والملكية : فلا أساقفة ولا ملك . وقام بحملة ملاحقة 
ضد الخارجين عن المذهب الانجليكاني 3 وفي عهده وقعت حادثة الاباء الحجاج(75عطاه7 منهولا”© 
الذين أبحروا في عام1620 الى بليموث (1نهم0!؟) ليؤ سسوا فيها انجاترة الجديدة . ولدى رؤ ية 
هؤلاء المهاجرين لاسباب دينية » للشاطىء الامريكي عقدوا فيا بينهم , علناً وأمام الله . ميثافا . 
وهكذا أقام عدد من الأفراد » الاحرار والمنساوين في الحقوق ٠‏ والذين يفترض أنهم عدوا » من 


(1) حول هوكر : أنظر ألن وموريس - لمرجعان الابقا الذكر . 
ب. داتريف : د لللهمة الوسيطية في الفكر السبامي »لهعذانادم ما ممناسةتدم لدبونامه 1 
(اللمهنسمط - لوكفورد 1939 
بتر منز (112لااطا © : « مكانة هوكر في تاريخ الفكر »كت ل6مدغط عطا وأ تععاده1! 6ه عمهام 6ذ1) 
(#تهدامض ‏ لندن 1952 


خلال نفيهم الارادي . للحالة الطبيعية . يجتمعاً سياسياً جديداً كلياً بواسطة فضيلة الموافقة 
العلنية . 

وعلاوة على هذا ٠‏ فقد خاض الملك المضطهد معركة مع برلا لم يكن يُدعى للاجاع إلا 
عندما يحتاج الملك لاعانات مالية . لكنه كان يحَدٌ ٠‏ مع تحاكم القضاء العادى(<ها مننهم00) » 
من الامتيازات اللكية , ويمند تطلمات جاك الاول للسلطة الطلقة . لقد بقيت انجلترة متاثرة 
كثيراً بالمفهوم الوسيطي للانسجام بين أعضاء الدولة . هذا المفهوم الذي كان يستبعد كل تفوق 
لاحدها . بحيث أنه كان من العسير عليها الانحياز للمنطلق البوداني في السيادة . وقد نطق الفقيه 
الكبير السيد ادوارد كوك(ععاهه 9كه:28 عذ5) . الذي اصطدم به الملك . بهذه الكلمة المأثورة : 
« أن الشرعة الكبرى هي طرف سفينة لا يحتمل وجود سيد » . أما السير فرنسيس بيكون 65 
(59ع83 5نعمهم , خضم كوك . وكبير القضاة في عام1618 . فقد نمنب نصح الملك بان يحكم ‏ 
بدون برمان . بالرغم من أنه كان من أنصار تمتع الملك بامتيازات واسعة . لكن معارضة السيادة 
الملكية ببساطة بالسيادة البرلماتية سيكون , قبل الحرب الأهلية » من قبيل التفسير الخاطىء للوضع 
الدستوري © . 

وعندما توفي في عام1625 » جاك الأول الذي امتنع عن دعوة البرلمان للاجهاع » ٠‏ فها بين 
عامي 1614 و1621 » وأظهر عدم تفهم نادر للانجليز » كانت الحرب الأهلية وشيكة الوقوع , 
بشكل جلي ؛ إلا إذا حدثت معجزة . فقد كان هناك معسكران يقفان وجهاً لوجه : الملك والكنيسة 
الانجليكانية وه الجامعات » من جهة أولى , والبرلمان والطهريون من جهة ثانية . ولم يأت خليفة 

جاك . ابنه شارل الأول بللعجزة . فقد ورث كل هموم أبيه ٠‏ رغم أنه لم يكن أبداً فقيهاً متوجاً 
مثله دكاتت لمات البقرة ذات الكل البعاراطي ٠.‏ » التي نمت في انجلترة ‏ الجديدة » 
منذ1620 ء تؤثر كالخميرة على انجاترة القديمة : فقد كانت تُبرز العديد من الناذج التي بدت 
الظروف الدينية والسياسية في الوطن الام . بللقارنة معها . غير مقيولة بنظر الكثيرين. إل أن هذا 
الحماس ١‏ للأرض للقدسة » الواقعة فيا وراء البحار لم يؤدٍ ( أولم يُؤد بعد ) لظهور الدعوة 
الجمهورية . فالخط المهيمن كان خط النزعة الدستورية الديمقراطية » الذي يتضمن نقل الادلرة 
الحكومية التي بمارسها الملك الى مجلس العموم الذي يضم للمثلين للتحّبين للأمة الانجليزية . 
( الأمر الذي كان يعني أيضاً الابتعاد كثيراً عن المقهوم التقليدي ) . ضمن هذه الظروف كان من 
الطبيغي أن يصادف شارل صعوبات متزايدة » دون أن يستطيع مع ذلك التنبؤ بسير الاحداث التي 
لم يسبق لها مثيل من حيث القسوة © . 

ففي عام 1628 إضطر شارل للقبول بعريضة الحقوق(قاطهنظ أت دمنانت© التي فرضها 


(1) حول جاك الأول - أنظر : الأعيال اليئية لماك الأول ء (1 معدعدة أت ماع نسعنقدم ©ذ1) - منشورات 
(مفه دلا علط .11 ©) معماط مولت هده 1918 

(© أنظر : جد سيرفييه(هة/5580 .0 0 تاريخ اليوتويا »(مذومانا"! عن مها - منثك_ورات-1967 
-118 1967 - ص : 123 


3221 


البرلان , والتي كان السير إدوارد كوك ه وسيط وحي القانون العادي » ٠‏ تحركها الأول . وقد كانت 
العريضة أول وثيقة دستورية . بعد الشرعة الكبرى . تضمن الحريات الفردية ضد التعسف . 

لكن شارل قام بعد ذلك بقليل بحل البرمان , والحكم بدونه بطريقة ما حتى عام1640 . وقد 
استعان لذلك ببعض الوسائل المالية ويشيء من التعسف . ثم قام بدصرة ه البرلان الصغير» 
للاجتاع , ثم حَله بعد ثلاثة أسابيع . وأخخيراً قام بجمع « البرلمان الكبير » الذي سينعقد لمدة ثلاث 
عشرة سنة ٠‏ أي لحتى عام 1653 . . . ولكن , في هذا التاريخ الأخير » كان كل شيء قد تغير . 

فقد هُِمَ شارل وأسرّ من قبل جيش الطهريين أو أصحاب السرؤ وس المستديرة » بقيادة 
كر ومويل (لل:700©) . ثم حْكِمْ عليه وقطع رأسه في عام 1649 ( وهكذا لم يتراجع شعب أمام 
فظاعة قتل ملك . وسمحت العناية الإلهية بحصول ذلك ! ) . وتأسست الحمهورية . وحكم 
كر ومويل لمدة أربع سنوات بمساعدة برئان عاجز , قبل أن يكرس أخييرأً دكتاتوريته » ويلقب نفسه 
باللورد الحامي لجمهورية انجلترة وامكتلندة وايرلندة:0) . 

وف عام 1651 ظهر لهوبس كتاب « اللوفيائان » الذي تابع بمزيد من الاتساع نفس خطط 
كتاب « في المواطن » الذي ظهر في عام 1642 » وهو : أن بيين لرعايا السادة خفايا التمرد وطرقه 
المظلمة . وذلك لمصلحة « طريق السلام » الكبير والواضح . 





210-209 : ص‎  3- أنظر : ف. مورو(80لاهاة .7) - في : موسوعة بلياد  التاربخ العللمي‎ )١( 


232 


الفصل الخامس 


توماس هوبس : أو الفردية الاستبدادية 


« إنزعوا الطاعة ( وبالتالي وئام الشعمب ) من أي نوع من 
أنواع الدول .» وسترون كيف سيتحلل هذا الشعب في مدة 
وجيزة . وسيكتشف أوكك الذبن يتمردون بنمد إصلاح 

الجمهورية ٠‏ أنهم بذلك بهدمونها » 5 
اللوفياتان ( الفصل 30 ) 


« إن الاسطورة الني خملفها هريس هي من الفوة والاثارة 
بحيث أنها ما تزال تتسلط على أرواحنا وقلوبنا حتى الآن » . 
باسيران دائتريف 


ولد توماس هوب س(1]0665 150025) , في عام1588 . قبل الأجل الطبيعي لولادته ٠‏ وق 
وقت كان فيه الاسطول الاسباني . الارمادا المزعوم بأنه لا ُقهر , بهدد السواحل الانجليزية . هل 
يُفسر الرعب الذي شعرت به أمه حينذاك ولادته السابقة لأوانها ؟ . لقد كان هوبس ٠»‏ الذي قال عن 
نفه : « الخوف وأنا توأمان » , مبتلياً دائيأ ٠‏ وبشكل غير عادي , بمزاج حساس من الخوف . 


ولقد كانت المناقشات التي لا تنتهي حول سلطات الملك . وحقوق الضمير الفردي ٠‏ وتفسير 
التوراة ‏ هذا التوراة الذي لم يكف الطهريون عن الاستناد له . ضد الكنيسة القائمة ‏ وهو طالب 
في اكفورد , تثير في نفسه رعباً عميقاً , لأنما كانت تُمَوْض السلطة . وتؤدي للحرب الآهلية 
بالتأكيد ! 

وعندما رأى , منذ عام1640 . الصراع بين الملك والبرلمان يشتد بشكل خطير , اختار المنفى 
لمدة استمرت إحدى عشرة سنة , أي حتى شتاء 1651 -1652 . وكان أحد الأوائل الذين هر بوا من 
انجلترة التي كانت فريسة للكثير من الاضطرابات . وهذا تواجد ني باريس عندما نشر كتاب « في 
المواطن » . عام 1642 . وهو العام نفسه الذي اندلعت فيه بالفمل » في وطئه . الحرب الأهلية 
المتوقعة والتي كان يخشى منها . ( وقد عرفنا سابقاً رأي غروتيوس الواضح في المؤلّف ) . وكان عمر 
هوبس حينذاك أربع وخمسون سنة . وعندما بلغ الثالثة والستين من العمر رأى أنه يستطيع ٠‏ بلا 
تهرر . العودة الى وطنه الذي أصبح جمهورية . والذي ظهر فيه لتوه الكتاب الضخم الذي يحمل 
عنوان اللوفياثان(سعطنهاما) الذي بدأ بتأليفه في فرنسا بعد كتابه ه في المواطن » . والذي يعرضص فيه 


203 


فلسفته السياسية في شكلها النهائي«ه . 


1 روح هوبس : ومتطلباته 

إن هذه الفلسفة ٠‏ الني أوثقت بقوة وهيمنت على , موضوعها : الدولة . هي نتاج الالتقاء 
الغريب بين قلب متعطش للامن . ويمثل السلام بالنسبة له الخير الأسمى . وروح جموحة ذات 
شمولية مدهشة وأصالة عنيدة . 

لقد أوتف هوبس . من أجل أن يكتب « في المواطن ‏ . تخططا طموحاً للبحث والانشاج 
الفكريين . وكان يتصور وهو المتُونَ , وفقاً للتيار العام ني عصره ‏ الذي هو أيضاً عصر ديكارت 
(65تهعوء00) - بالهندسة وبالمنهج الاستنتاجي للرياضيات ؛ نظاماً دقيقاً بشكل تام ومغلقاً من كل 
جانب . ويُفسر . إنطلاقاً من الحركة : العالم النفساني والعالم الاخلاقي والعالم السيامي ٠‏ 
مثلم| يفسر العالم الطبيعي . لقد كان الأمر يتعلق بالنسبة لهوبس . الذي سيطر عليه ميدأ السببية 
الميكانيكي , بملاحظة الأسباب والتتائج وتشابكها . هذا التشابك الذي هو أيضاً عبارة عن تسلسل 
في الحركات ؛ لأن الحركة هي البداية لكل شيء . لقد كان العالم الطبيعي عبارة عن آلية وعن آلة . 
وكذلك كان الانسان الفردي في نظر هوبس ء الفيلسوف الاسمي(©:ةنلقهنتهمم) الذي لم يكن 
يأخذ بالاعتبار إلا الأفراد آلية وآلة . هل هي امادية ؟ . ولكن ما هي الملدة ٠‏ بالنسبة له . 
بالضبط ؟.: إن جهد هوبس . حسب رأي ر. بولان . يتركز على قضية ما وراء طبيعية أفل ما يتركز 
على قضية طبيعية »© . 


إن الانسان هو إذن آلية وآلة . فمن الحركة يولّد الاحساس . وسواء تعلق الأمر يشهوة أم 
برغبة ٠‏ باشمتزاز أم بكراهية » فإن ف هذا « بداية صغيرة -حركة » . أو لجهد بانجاه شيء ما ء أو 
ابتعاداً عن شيء ما : « إن كل إنسان يسمي ما هوممتع بالنسبة له خير . وماهوغيرممتع شر . وهكذا 
يختلف كل انسان عن غيره بمزاجه أو بطريقة وجوده . ويختلف عنه في التمييز بين الخير والشر » . إن 
الشر الاسمى هوللوت . والعذاب الذي يسببه شقاء إنسان آخر هو الشفقة . وهذه الشفقة تأتي من 
تخيل أو توهم شقاء مستقبلي بالنسبة لنا» . إن الإرادة » أو عمل الإرادة » ليست شيئاً آخر غير 
« الشهية الأخيرة في للداولة » : الشهية الآخيرة ‏ أو الإشمتزاز الأخير- التي تضع نهاية لجدل ٠‏ 
وتؤدي فوراً للفعل أولعدم القعل لعل جوت يوا وام بوسح 1 
ومن هنا تنشأ « اللذة للستمرة » : إنها لا تكمن قط في النجاح وإنما في القدرة على النجاح » . إن 


(1) أنظره مقدمة 6 م. اواكشوط(0436125110/11 .36) للطبمة الاتجليزية لعاب1946 الصادرة عن منشورات248 09 
(لقطاعهانا - أوكغورد - 
- وف تريكو( 1330041010 .6 للترجمة الفرنسية الصادرة ضنمن مللة « الفلمة السياسية 6 عن منشورات 
لكف - بفريس -1971 
-وء ر. بولان(201373 .04 ب« السياة والقلمة أدى توماس هوبس » تعنف عناوممماتام ى عمبمنهطك) 
(#تحانام1] تصدده<1" - باريس -.1. 1.1 1952 


(2 أنظر مقالة ر. بولان عن هويس في للوسوعة المللية . 


الشعور بقدرتنا » وبقوتنا الأعل من قوة الغير هو العنصر الأسامي في هذه اللذة. إن الغنى والعلم 
والشرف ليست إلا أشكالاً لهذه القوة . إن هناك في الانسان رغبة دائمة لا تتوقف في امتلاك القدرة » 
وفي اكتساب قدرة بعد قدرة . وهذه الرغبة لا تتوقف إلا عند الموت . إن هوبس بقارن الميياة بسباق 
يشكل فيه التقدم على المنافسين المدف الوحيد والجائزة الوحيدة : « إن السعادة تكمن في التجاوز 
المستمر لذاك الذي كان يسبق ؛ أما الموت فهو في الانسحاب من السباق »00 . 

إن الإنسان يتميز عن الحيوانات الأخرى بعقله . الذي لا يُعتبر إلا حساباً ( أي جمعاً وطرحاً 
للنتائج ) ” , وبالفضولية والرغبة في معرفة اللماذا والكيف . وبالدين النابع ليس فقط من هذه 
الرغبة . وإنما أيضا من القلق من المستقبل والخوف من الغيب . 

إن مكيافللٍ نفسه لم يُعْرْ طبيعة الانسان الى هذا الحد . وانطلاقاً من هذه التعرية يُعتبر 
هوبس . الممكر السياسي الذي تسلطت عليه الدقة الاستتاجية لاقليدس (ع6ف4ناء21ة) . 
والاكتشافات التي جاء بها جاليله (©16لذله6) وهار في (لاءامةة]) حول الطبيعة الفيزيائية » أن من 
واجبه أن يبني علمياً الآلة . أوه النموذج الميكانيكي » الذي يتجلى في الدولة العقلانية التي سمّاها 
« اللوفيانان » . وقد استعان , في سبيل حاجات قضيته . بالمصطلحات الكلاسيكية لحالة الطبيعة 
والحق الطبيعي والقوانين الطبيعية . لكنه استعملها في سياق تختلف جذرياً عن التقاليد الرواقية 
والمسيحية وكذلك عن العلمنة التي قام بها غروتيوس . 

وبالطبع ٠»‏ فإن هوبس لم يستطع » مثله مثل بودان ٠‏ أن يستند على مذهب الحق الإلهي 
الملكي . لكنه بالعكس ٠‏ كان يستطيع أن يأخذ الكثير من بناء بودان الفخم الخاص بالسيادة . 


2 من البشر الطبيعيين الى الانسان الاصطناعي : الدولة ‏ اللوفياثان 

إن الانسان . إذا نُظِرَ اليه في حالته الصافية كفرد معزول . وفي عدم قابليته الطبيعية 
للتواصل . يتمتع على كل الأشياء . بحن عام ومطلق ؛ حق طبيعي في ممارسة قدراته الطبيعية : 
وهذا الحق هو الترجمة لقدرته غير المحدودة على استعمال إرادته في السعي وراء السعادة , أي في 
التحقيق المستمر لرغباته . 





(9) إن العفلانية لدى هوبس لا تستمد جذورها ‏ كا يشير لذلك م. أواكشوط . من التقاليد. الكبرى الافلاطونية ‏ 
المسبحية : فالعقل لدبه ليس الانارة الإلمية للروح الني توسّد الانسان مع الله » . والتي بها يمكن للبشر أن 
بتتاولوا الفربان ١‏ وإنما هو التفكير : أو . بعبارة أخرى . حساب التتائج الذي يقوم به كل فردلحسابه الخاص ء 
والذي يجمه إرادته . إن هذا الحساب لا يُعتبر معصوماً عن الخطا ولا يشفل كل اللكان لدى الانان , لان هذا 
يبقى ‏ بصورة أساسية تخلوقاً انفعالياً »' . 

(1) الاستشهادات مأخوذة من مؤلف هوس الذي ترجمه هرلباخ(140146©11) عن الانجليزية في عام1772 : في 
الطبيعة البشرية ؛ ( باريس - منشورات 1/802  1971-‏ مقدمة اميليان نيرت(418471ا( #ممعنانج6) . 
أواكشوط- مرجع السابق ذكره ‏ ص : 27 


3225 


المشكلة وحلّها 

لكن الانسان ليس وحيداً . فالفرد . المساوي لكل فرد آخر , يجد كحد وعقبة في وجه حقه 
المطلق ‏ الح المطلق لكل فرد آخر وقدرته . إن كل فرد يصادف في كل فرد منافسا "ه . وكل فرد 
بُعتبر عدواً لكل فرد . وهو ني حالة حرب » إفتراضية على الأقل » مع كل فزد . وهكذا يصبح 
الكل في حالة حرب ٠‏ إفتراضية على الاقل , مع الكل » وذلك نظراً لعدم وجود قوة قهرية توقف 
الكل عند حدهم, وتلهمهم الشعور بخوف مفيد ٠.‏ - ' 


في مثل هذه الحالة لا يكون هناك من قانون غير قانون القوة والحيلة . فالقضية ليست قضية 
عدل أو ظلم » وليست قضية مَالَكَ ومالي : إن ما يعود لكل إنسان هو فقطما يستطيع أن يمتلكه 2 
وما لديه القوة على الاحتفاظ به 5 إن مثل هذه ا حالة تمنع كل زراعة 3 وكل صناعة » وكل ملاحة 3 
وكل علم » وكل أدب وكل فن وكل مجتمع : إن ما يسود في هذه الحالة 03 د وهذا هو الاسوأ من كل 
والكَدٌ والتعب . وتكون شبه حيوانية وقصيرة » . 


إن على الانسان أن يخرج من مثل هذه الحالة ١‏ وإلا فإن الجنس البشري سيكون مهدداً 
بالدمار . وهو لدبه الامكانية للقيام بذلك 5 بفضل العديد من غرائزه وعقله 8 فبعض غرائزه نحئه 
بالفعل للميل للسلام : ومنها بشكل رئيسي خوفه من ال موت العنيف . ورغبته بالاشياء الضرورية 
لحياة ممتعة » وأمله في الحصول عليها بوسائل يصطنعها بنفسه . أما عقله ( أى حساب مصلحته 
بالطبع ) . فيوحي له بمواد ملائمة لاتفاق سلمي تنجل في القوانين الطبيعية التي يمكن للجميع أن 
يتاهموا حوها . إن العدالة والانصاف والاعتدال والشفقة » وبصفة عامة » أن نفعل للآخر ين ما 
نريد أن يفعلوه لنا : هي ما يُسميه هوبس ١‏ خلافاً للأصول » ١‏ بقوانين الطبيعة » . إن هذه 
القوانين ليست أوامر ١‏ وإنما هي تعليات وقواعد عامة للاخلاقيات التي يكتشفها العقل ( والمقبولة 
في كل مكان ) من أجل منع البشر من التصرف بشكل مغاير لمصلحتهم . إنها . من جهة أخرى » 
معاكسة لعدد هام من شهواتهم الطبيعية التي تدفعهم ‏ للمحاباة والغرور والانتقام ؛ والسلوكات 
الاخرى من هذا النوع » . 


وبفعل هذا الدفاع المزدوج يقوم البشر الطبيعيون » من أجل الدفاع عن أنفسهم وحماية 
أنفسهم . بإيجاد هذا الانسان الاصطناعي ذي القوام والقوة الأعلى للغاية من قوتهم , هذا اللوفيائان 
الكبير ( وهو اسم وحش بحري ورد الحديث عنه في التوراة ) » الذي هو الدولة أو الجمهورية أو 
الكمنولث (طالهع هه هم ه©) بالانجليزية » أو المدينة (مههة©) باللاتينية . إنه عبارة عن 
جمهورهم المتحد ني شخص واحد كثلهم جميعاً . لقد أجاز كل واحد منهم له استعمال قوة وثروات 
الجميع « بالشكل الذي سيراه ملانيا » من أجل تأمين سلامهم في الداخل والدفاع المشترك عنهم ضد 
أعداء الخارج . إن أي قوة أخرى لا يمكن أن تُقارن بقوة هذا د الإله الغاني » الذي يسك بالسلطة 


326 


السيدة : إن الرعب الذي توحي به قوته تسمح له بأن يقولب إرادات الجميع من أجل خخير 
الجميم 002 . 
إن هوبس يشدد بقوة عل أن هذا اللوفياثان الكثير هو نتاج الفن الانساني والحيلة الانسانية 
والارادة الانسانية التي يوجهها الحساب الفردي للمصلحة بالطبع . إنه لا بنبع أبداً . كي كان 
يعتقد أرسطو . من نزعة اججاعية غريزية لدى الانسان ( الحيوان السيامي ) المدفوع بطبيعته 
لتحقيق كماله في المدينة . لقد استطاع أرسطو أن يشير لواقع أن بعض الحيوانات » كالنحل 
والنمل » ؛ كانت تعيش في مجتمع مع بعضها البعض ( وهذا صدْفها في عداد الحيوانات السياسية  )‏ 
ومع ذلك فإنّ الجنس البشري يختلف عنها لاسباب عديدة : فالانسان الطبيعي » ٠‏ المنغلق على 
نفسه . لم يكن ليأتي للمجتمع السيامي إل بفعل الحاجة . إن بالامكان تقدير كم أن فكرة الحيلة 
هذء هي أساسية بالنسبة لمؤلّف هذا الكتاب الشهير والفريد من نوعه ‏ من خلال الاستشهاد التالي 
المأخوذ من المقدمة : 
د إن الفن هو الذي يخلق هذا اللوفياثان الكبير . . . الذي تعتبر السيادة فيه نفساً 
إصطناعية لأنها تعطي الحياة والحركة لمجموع الجسم . . . إن الحكام والموظفين 
الآخرين هم مفاصله الاصطناعية . أما المكاقاة أو العقاب ٠‏ المرتبطين بمقر السيادة » 
واللذين يحركان كل مِمْصل وكل عضو من أجل قيامه بإنجاز مهمته . فهما اعصابه . 
لان هذه الاعصاب تلعب نفس الدور في الجسم الطبيعي . وأما ازدهار وغنى كل 
الأعضاء الخصوصيين فههما قوته . إن حماية الشعب هي قضيته ؛ والمستشارون هم 
ذاكرته ؛ والانصاف والقوانين هي عقله وإرادته الاصطناعيين . والوثام هي 
صحته , والاضطرابات المدنية داءه . والحرب الأهلية موته »© . 


الاجراء : ميثاق النقل 

ولكن بأي إجراء أنتجت وتجمعت وتوحدت أجزاء هذا الجسم السياسي . بالاصل ؟.بإجراء 
العقود أو المواثيق أو الاتفاقيات . 

إن المقصود بهذا هو نوع من العقد أو الميثاق الاجهاعي الخالق كلياً » والذي لا يستند الى أي 
واقع ه عضوي » موجود مسبقاً . إن الامر يتعلق بعقود أو بمواثيق مبرمة بين البشر الطبيعيين فها 
بينهم » ٠‏ وذلك لمصلحة طرف ثالث لم يتعهد . من جهته . تجاههم بأي التزام ٠‏ بالمعنى الخحصري 
للكلمة . ويعتبر هذا الطرف الثالث ( سواء أكان فرداً أم جمعية ) قانونياً ه الشخص الوحيد » الذي 
يتحد فيه جمهورهم . إن الأمر يحصل كما لو أن كل واحد منهم قال لكل واحد : إني أجيز هذا 
الشخص بأن يحكمني وأتنازل له عن حقي بذلك . شريطة أن تتنازل له أنت عن حقك . وأن نميز 


(1) أنظر ترجمة تربكو للوفيائان ‏ الفصل18 ص :121 وما بعدها . 
والفصل 14‏ ص : 128 وما بعدها ‏ والفصل17 : ص : 173 وما يعدها . 
(2) اللوفيانان ‏ ترجمة تريكو- ص : 5 


327 


٠‏ كل أعماله بتفس الطريقة . إن كل واحد يقوم بالضبط بتقل حقه الكل والمطلق عل كل شيء 
د للشخص الوحيد » لكي يمتلك هو فقط . من الآن فصاعداً . إرادة مطلقة . إن اد قل يكون كليا 
ومطلقاً مثل الحق نفسه . وهو نقل لا يمكن الرجوع عنه . إن كل واحد سيعتبر نفسه املف لكل ما 
سيفعل . من الآن فصاعداً . من أجل تحقيق الأمن المشترك والسلام . إن كل واحد سيُخضع مقدماً 
إرادته ورأيه لارادة ورأي السيد » أو اللوفيائان الكبير . الذي تَكَوْنَ بواسطة هذه المواثيق المبرمة بين 
الأفراد . لهذا نفهم لماذاشْبُهُ هويس هذا الاجراء و بكلمة » ٠‏ لتخلق الانسان » التي تَلمْظّبها الله 
حين قيامه بعملية الخلق » . ونفهم أيضاً لماذا تبدو رمزيا في واجهة الكتاب صورة عملاق متنوج 
يتكون نصف جسمه الأعلى وذراعيه من كمية من الأفراد الصغار المتراكمين فوق بعضهم البعض : 
إنها بالفعل بنية اللوفيائان » نتاج الفن والحيلة الانسانية » » الذي عرف كيف يوحٌّد ويختزل في 
شخص واحد جمهوراً من الأفراد » ويمثلهم جميعاً . ونشير إلى أن اللوفيائان العملاق كان يمسك بيده 
اليمنى سيفاً مرفوعاً فوق الريف وا مدينة ٠‏ بينا يحمل في يده اليسرى ( وسنرى لماذا ) عصا الكنيسة 
' الانجليكانية . 

ويُلحَ المؤلْفٌ عل أن البشر الطبيعيين , بفرضهم عل حريتهم هذه القيود الملازمة للحياة في 
المجتمع المدني أو الدولة أو الجمهورية ١‏ إنما رضخوا لاهتامهم الكبير بتوفير صبل بقائهم وحياتهم 
بشكل أكثر سعادة . إن الآمر كان يتعلق بالنسبة لمم بانتزاع أنفسهم من بؤس حالة الحرب 
( الافتراضية » إن لم تكن المعلنة ) التي كانت تنجم حتا عن عدد لا بأس به من شهواتهم 
الطبيعية . وعن عدم وجود « صلطة مرئية » تعمل على دفعهم ٠‏ بواسطة الخوف من العقاب . لتنفيل 
اتفاقياتهم ومراعاة قوانين الطبيعة » . إن السلطة المرئية هي بالضبط السيف . أما الاتفافيات 
والمواثيق فلا تشكل بدون السيف وكما عبّر:هوبس عن ذلك بقوة . إلا كلمات وعبارات جوفاء 
غير قادرة على أن تضمن للناس أفل قدر من الامن . إن هؤ لاء سيتتظرون من السلطة المرئية حماية 
فعالة . لقاء طاعتهم لها . إن هويس الذي تسلط عليه وسواس الاضطرابات التي وقعت في زمنه 
بانجلترة . لم يكن بهدف من تأليفه للوفياثان ( وهذا ما أوضحه في السطور الأخيرة من كتابه ) » إل 
أن يضع أمام أنظار معاصريه العلاقة المتبادلة التي توجد يبن الحابة والطاعة . 


إنها علاقة وثيقة جد في الواقع . وملازمة لطبيعة العلاقة بين السيد ورعاياه . إن السيد إذا 
فقد , لاي سبب كان . قدرته على الحماية , فإن الرعية تعتبر نفسها عملياً في جل, من كل واجب 
بالطاعة والاخلاص له . 


و إن الحق الذي يمتلكه البشر . بالطبيعة » بحماية أنفسهم عندما لا يستطيع أي شخص آخخر 
أن يفعل ذلك » هو حق لا يمكن التخلٍ عنه بموجب أي اتفاق . .. لان الغاية التي يستهدفها 
الخضوع . هي الحماية » . إن الرعية التي لم يعد لديها أي أمل بانتظار الحماية من سيدها الشرعي ١‏ 
ستبحث عنها في أي مكان آخر . ولهذا فإنه في حال هزيمة السيد على أثر حرب أجنبية أو أهلية » فإن 
الرعية المتحررة حيتئلٍ من التزامها الاصلي » تصبح مضطرة للالتزام تجاه المنتصر . وفي هذا يكمن 
الاستثناء الوحيد لمبدا عدم إمكانية الرجوع عن ميثاق النقل الأصلي . إن من غير المفيد الاشارة لما 


328 


يوجد من برودة منفعية في هذا الرفض لكل إخلاص عاطفي . ولكل استدعاء لمفهوم الشرعية ! إن 
من المناسب أن نشير . من بين واجبات السيد . الذي يتمتع » من جهة أخرى بالعديد من 
الحقوق . لواجبه ( القامى . ولكن المنطقي حقيقة ) بأن يكون دائما سعيدا ده ! 

وقبل القيام بعملية التعداد ‏ المؤثر هذه الحقوق . وبمناقشة هذه الواجبات . هناك عدة 
ملاحظات . تتعلق بإجراء النقل الذي يؤدي لولادة اللوفياثان » تفرض نفسها . على سبيل التعلق 
والتكملة . 
ملاحظات تكميلية 

إن بالامكان الحديث عن الفردية الاستبدادية لدى مؤ لفنا . فهوبس ء الفيلسوف الذي لا 
يوجد بالنسبة له إلا الافراد . والذي لا يمكن الحديث لديه عن « الانسان بصفة عامة  »‏ لأنه لا 
يوجد شيء يتصف بالعمومية . فٍ نظر هذا الفيلسوف الاسمي . وريث تقاليد أوكام ٠‏ إل الاسماء 
يقترح صيغة ترك فردية المتعاقدين . البشر الطبيعيين » سليمة . فهؤلاء لا يذوبون في أي لحظة 
في ه شعب » : إن إرادتهم الفردية لا تذوب في أي لحظة . في إرادة مشتركة أو« عامة » . إن وحدة 
المجتمع المدني تنتج فقط عن حلول الارادة الواحدة للسيد . مثل اللوفياثان . محل تعدد الاراداث 
الفردية . المتناقضة افتراضياً . إن كل ذوبان هو أمر مستبعد . وهكذا إذن يبقى الفرد سلب » في 

نفس الوقت الذي تتأسس فيه السلطة . ومعها قوة فريدة . 

إن الصيغة تستبعد . في المقام الثاتي . ٠‏ كل نوع من أنواع مواثيق أو عقود الخضوع أو الحكم 
التي قد تتبع الموائيق المسماة بالاججهاعية , ٠‏ والتي قد تربط السيد بتعهدات متبادلة ( ستكون مصدرا 
لناقدات مقتيفة ؛ . إن البشر الطبيعيين لم يتعاقدوا إلا فها بينهم . وذلك لفائدة طرف ثالث 

مستفيد ٠‏ سيكون هو سيدهم في المستقبل . فكيف يمكن له 'فها بعد أن يتعاقدوا معه وهم لا 

يشكلون ‏ في حد ذاتهم . شعباً ولا شخصاً عام » وإنغا فقط جمهور من الناس ؟.إن قوة هوبس 
تتجل في أنه أسس . بناء على إجراء العقد . سيادة مطلقة لا تتجزأ . وأكثر تصلباً . كما سئرى » 
من سيادة بودان؛ وذلك بقطعه لكل صلة بالثنائية السابقة . 


ولقد كان من الواجب ٠‏ ثالعاً » أن يكون النقل الذي أجراه البشر الطبيعيون كلياً ومطلقاً ٠ك‏ 
هو حال الحق المنقول نفسه . لأنهم لو احتفظوا لانفسهم بأى جزء من هذا الحق ٠‏ مهما كان قليلاً » 
فإن خالة الحرب البائسة التي أرادوا أن ينتزعوا أنفسهم منها . كانت ستستمر حتى ولو بنفس مقدار 
هذا الجزء القليل . وهذا فإنهم كانوا مرغمين عل أن يجردوا أنفسهم بشكل مطلق من كل ما كان 
يتضمنه حقهم الطبيعي . ولا سها من حريتهم في الحكم الخاص عل الخير والشر . وعلى العدل 
والظلم . بهذا الشرط وحده يمكن تأمين السلام » ويمكن للانسان أن يكف عن كونه ذثباً بالنسبة 
للانسان . وأن يصبح إها © . 





(1) اللوفيائان ‏ القصل 17‏ ص : 173 وما بعدها . 
2( حول نظرية العقد الاججاعي عند هوبس - أنظر دوراتيه ‏ المرجع السابق ذكره - ص : 217 وما بعدها . 


وأخبراً فإنه لا يمكن إههال مساألة شكل دولة اللوفيائان . والمقصود هنا مقر السيادة . فهذا 
امقر يمكن أن يتجل في فرد ( في الملكية ) أو في جمعية ؛ تضم عدة أشخاص مختارين ( في 
الارستقراطية ) أو في مجموع الرعايا ( في الديمقراطية ) . إن هوبس لا يتصور وجود أي شكل آخر 
للدولة أو الجمهورية . لأن السلطة السيدة التي لا تقبل التجزئة ؛ لا يمكن أن تكون إلا بيد فرد 
واحد أوعدة أفراد أوكل الأفراد . وبنفس الاحتقار . الذي أبداه بودان » يستبعد هوبس كل صيغة 
غتلطة من شأنها تفسيم السلطة السيدة وتجزئتها لقطع وزمر تستبسل في تهديم بعضها البعض ٠‏ 
٠‏ رأيت مرة رجلاً نبت في جنبه رجل آخر مزود بدوره برأس وذراع وصدر وبطن » ٠‏ فلوكان هناك 
رجل ثالث نابت في الجنب الآخر أضاف هوبس ساخراً ‏ لكان بالامكان مقارنة هذا الشذوذ في 
الجسم الطبيعي بالشذوذ الذي يمثله الشكل المختلط للدولة . 

بين هذه الأشكال الثلاثة فقط المأخوذة بعين الاعتبار » لا يوجد أي فرق في السلطة . لكن 
هذا لا يعني أنه لا يوجد هناك فرق « في السهولة أو القابلية » لتوفير السلام والأمن للشعب . على 
هذا يستند مؤلّف اللوفياثان للتعبير عن تفضيله للملكية . فهو يُعدّد , بطريقته امنهجية » ستة 
أسباب . يكمن الرئيسي من بينها » في أن المصلحة الشخصية للسيد في الملكية تتطابق مع المصلحة 
العامة . إن أي ملك غني ويجميد لا يشعر بالأمان إذا كان رعاياه فقراء أو بؤساء أو ضعفاء ؛ في حين 
أن الحاكم الفاسد أو الطموح , في الديمقراطية , يمكنه أن يمني من غدره وخيانته أو من حرب 
أهلية » فوائد أكثر من الفوائد التي يمكنه أن يجنيها من الرخحاء العام . وبالاجمال فإن كل ما يمكن أن 
يُخذ عل الملكية يوجد بشكل أخطر في النظم الأخرى » ولا سها في الديمقراطية . فلملوك , مثلاً » 
عندهم عَظِيين . ولكنهم قليلو العدد . أما حيو الديمقراطيات فكثيرون » ويكلفون أغل بكثير . 
وهناك كذلك تقلب في قرارات الملك ‏ لكنه التقلب الملازم للطبيعة الانسانية : « في حين أن هناك 
في الجمعيات تقلبات تظهر بسبب العدد , بالاضافة للتقلبات الني تأتي من الطبيعة » . 

لقد كان بودان يعبر عن نفس التفضيل . لكن مؤلّف الجمهورية كان يُغني » بشكل 
فريد . مفهوم الملكية من خلال التمييز البارع والحاذق بين شكل الدولة وشكل الحكم , بين مقر 
السيادة وتمارستها . أما هوبس فكان يجهل تماماً هذا التمييز ! لقد أغلق هوبس الباب الذي كان 
بودان قد تركه مفتوحا 00 : 

ويبقى إن طبيعة السلطة . في كل أشكالها . هي نفسها , وأن حقوق وواجبات دولة 
اللوفياثان . والسيادة هي نفسها أيضاً سواء في الملكية أم الارستقراطية أم الديمقراطية . 
3 الدولة اللوفيائان : حقوقها وواجباتها 
حقوقها :. 

إجمالاً ٠‏ يعود للسيد أن يفعل كل ما هو ضروري من أجل أن يوفر لرعاياه الخدير الوحيد 
« الذي يمكن القول بأنه مرغوب به كلياً » . وهو السلام , فمقابل هذا السلام نقل البشر الطبيعيون 


(1) حول شكل أ وأشكال الدولة - أنظر الفصل19 من اللوفياتان . 





2330 


كلياً وبشكل لا رجعة فيه ( مع التحفظ الوحيد الذي نعرفه سابقاً) حقهم العام . . وهكذا استلم 
السيد أكبر سلطة يمكن للبشر أن ينقلوها لإنسان آخر : إنها سلطة مطلقة وغير محدودة ٠‏ ٠ويجب‏ أن 
تكون كذلك ليكون المجتمع المدني قابلاً للحياة ( حسب الاعتقاد الأكثر حزماً لدى هويس ) . 
وعليه فإن السيد هو الذي يعود له ؛ من الآن فصاعداً ؛ أن يقرر قطعاً ما هو الخير والشر.» والعدل 
والظلم . وما لَك وما لي . وكذلك أن يقوم بدور الشرطة الفكرية أي المتعلقة بالآراء وللذاهب » 
وكذلك بدور الشرطة المسماة بالروحية . وذلك بالقدر الذي تتطلب فيه حاجات السلام أن يمتلك 
كل هذه الحقوق . وباختصار فإن السيد بهذا المقدار هو سيد القانون وإللكية والآراء والمذاهب ٠‏ 
والدين أيضاً . 

القانون - > إن سلطة سن القانون ونقضه هي . عند هوبس كما كانت عند بودان , العلامة الأولى 
للسيادة . فليس هناك من مُشرُع آخر غير السيد ( سواء كان فرداً أم جمعية ) . فهو الذي يسن 
القانرن ويلغيه . وإرادته ٠‏ التي يدل عليها صمته. فقط؛ د تسمح لاستعمال طويل أن يأخل قوة 
تشريعية . إنه حر إزاء القوانين . إن أي شيء يخرج من القانون لمكن أن يعتبر ظا . وأي قانون 
لا يمكن أن يتهم بالظلم لأنه يصدر عن السيد . ولان كل ما يفعله السيد ٠‏ يجباء إفتراضاً . أن 
يضمنه ويعترف به كل عضومن أعضاء الشعب . كما لوكان هو الذي فعله : « إلا أن ما يريده أي 
شخص لا يمكن أن يقول عنه أنه ظالم » . هذا هو إذن القانون ( الوضعي . كما يقال في أيامنا 
هذه ) . القانون الذي عَرّقَه هوبس بأنه . بشكل خخاص «١‏ كلام ذاك الذي يأمر الآخرين . موجب 
حق عام . إن هذا الكلام هو الذي أصبح القاعدة الوحيدة للعدل والظلم , للصواب والخطأ . (إنه 
مذهب « الوضعية » القانونية من النوع الجذري الذي لم يوجد مثله أبدا ني الماغي ! ) . 


الملكية - كان بودان يطلب من السيد أن يحترم حق الملكية إذا لم يكن يريد أن يكون ٠‏ لصا إل 
أن منطق نظام هوبس يقوده للوصول الى نتيجة مختلفة كلياً . ألم يبدا هذا التوزيع الثابت للاموال » 
والذي يسمى بالملكية . مع تأسيس المجتمع المدني ١‏ وذ ر السيادة » في حين أن الحالة الطريعية لم 
تكن تعرف ِل الحيازة غير الثابتة والعابرة ؟ .الم تكن هذه الملكية تعبيراً أساسياً عن إرادة السيد » 
باعتبارها عنصراً ( ذا قيمة لا تُقَثّر ) لهذا السلام المنتظر من قوته التي لا نظير لها ؟.لهذا فإن الملكية » 
التي هي هبة السيد ٠‏ لا يمكن أن تكون شيئاً مطلقاً يقف في وجه السيد . بحيث يفقد كل حق 
عليها . في حين أنه قد يحتاج لها من أجل القيام بمهمته في الحماية . في الداخل والخارج . 


الآراء والمذاهب - إن الحكم الجيد للبشر الذي يستهدف نحقيق السلام والوثام فيا بينهم 
يرتكز على الحكم الجيد للرأي . لهذا فإنه يعود للسيد أن يحكم في حسنات ومساوىء هذا المذهب أو 
ذاك ٠‏ محتفظاً لنفسه بحق نشر المذاهب الصالحة بنشاط ء وحظر المذاهب الخاطئة . مصدر 
التمردات . بشراسة . ويتتقد هوبس . في هذه المناسبة » الجامعات لانها تجهل فن غرس الآراء 
السليمة . ويتساءل : ولكن ماذا عن الحقيقة ؟ أليست هي الرحيدة الني تحسب في لميدان : 
لمذهبي ؟.إن هذا الاعتراض لم يفت على الفبلسوف مؤ لف اللوفيائان .هذا فإنه يجيب بأن احترام 
الحقيقة لا يتعارض مع واقع اتخاذ السلام كقاعدة ها . «لآن المذهب الذي يتعارض مع السلام لا 


331 


يمكن أن يكون صحيحاً , مثلما أن السلام والوثام لا يمكن أن يكونا مناقضين لقانون الطبيعة«0 . 
أما فيا يتعلق بالدين الي ع و با وياد ا 
مسألة السلطة الروحية . وعلاقاتها بالسلطة الزمنية , في النظام الهويتي . 
رهكذا ترى ٠‏ من الآن نما فيه اكفاية . أن حقوق السيادة غير القابلة لتازل , واي لا 
تتجرا ؛ هي بلا حدود . وأن الكوابح التي توقعها » بعناية » بودان » وريث التقاليد الرواقية 
واللسيحية الطويلة الخاصة بتحديد السلطة » لم تعد ولردة في منظور اللوفيائان . 


ولكن الا يمكن لسلطة غير محدودة الى هذا الحد أن تؤدي لكثير من التتائج المؤسفة ؟.كيف 
يمكن استبعاد احتال التجاوزات من جانب الشخص أو الأشخاص الذين يتولونها ؟.إن هويس الذي 
يطرح بنفسه السؤال . لا ينكر هذه المساوىء . لكنه يعتبرها أقل خطورة بكثير من المساوىء التي 
قد تتتج عن غياب مثل هذه السلطة . إنه يعتقد بان الوضع الانساني لم يكن أبداً خالياً من 
الازعاجات . وأن إزعاجات السيادة الأكثر اتساعاً التي يمكن تصورها , لا يمكن مقارنتها مع 
كوارث وبؤس الحالة الطبيعية . إن الاختيار واجب . وحس الاختيار يفرض نفسه«ه . 

إل إن هناك . تجاه حقوق السيادة . واجباتها التي ينبغي أن تؤخذ بالاعتبار : إنها واجبات 
وليست التزامات, لان الالتزامات قد تعني بالمقابل حقوقا ملازمة للرعايا يمكن لهم أن يعارضوا بها 
اللوفياثان ( الأمر الذي لا يمكن أن يحصل ) . 


واجباتها : 

إن الواجب الأول للوفيائان يكمن ف الحفاظ عل سلطاته وامتيازاته سليمة . فهذه السلطات 
والامتيازات هي الوسائل التي تمكنه من إداء وظيفته : إن التخلي عن الوسائل يعني التخلي عن 
الغاية . إن كل تنازل جزئي . من جانبه .. وكل نقل للغير هو أمر مسستبعد . 

إن الواجب العام الذي يقع على عاتقه هو توفير الأمن للشعب (نلسره؟ 5نالدة) . وهذا لا 
يعني فقط أمن ا حياة ‏ » وإنما كل إشباعات هذه الحياة أيضاً » والتي يمكن لكل واحد أن يتمتع بها بعد 
أن يكون قد امتلكها بشكل شرعي . دون أن يلحق ذلك أي خطر أو أذى بالدولة'. وينجم عن هذا 
الواجب العام بعض الواجبات الفرعية » ذات الطابع الايجابي . ومن بينها : الرقي بالازدهار الملدي 
من خلال تشجيع كل فروع النشاط ؛ وتأمين عدالة متساوية للجميع » وكذلك المساواة أمام القانون 
والضريبة ؛ وتنظيم الاحسان العام لمصلحة العجزة.. وإجبار الناس الاصحاء على العمل ؛ واختيار 


(1) حول الوضعية الحفوقية لدى هوبس انظر : ر. كابيتان(7 0488217470 .0 ١‏ هوبس والدولة الشمولية 01.646 
(©فهاذلهاه] :ها" باريس ‏ منشورات([516) 1936 ص : 46 وما بعدها . 
أنظر : ج. فيالاتو(< نهم اهلها .0) ٠‏ مدينة هوبس ء نظرية الدولة الشمولية »06 1260616 ,.21 عل ماك ه0) 
(عكفشافلشاه) ٠١881:‏ - باريس - ليون 1935 

(©6 ر. دوراتيه - مرجم السابق ذكره ‏ ص : 315-308 


332 


أفضل للستشارين ؛ وأخيراً ٠‏ وخاصة . سن قوائين جيدة : وهنا من الملاشم الاحاح عل هذه 
النقطة . 


إن القوانين الجيدة لا تعني قط قوانين عادلة ( لأننا نعلم أن أي قانون لا يمكن أن يكون 
ظالا ) ١‏ وإنما قوانين واضحة في عرض أسبابها . وقوانين ضرورية . وبرأي هوبس فإن القوانين 
الني لا يتطلبها الخير العام لا تكون إلا ه فخا لجمع المال » ... إن دور القوانين يكمن في توجيه 
واحتواء حركات الرعايا من أجل تدارك تهورهم المحتمل , أو نقص البصيرة لديهم . وكيا أن 
السياج على طول الطرق لا هدف لازعاج المسافرين وإيقافهم . وإنما للابقاء عليهم في الطريق 
الصحيح كذلك فإن الفوانين لم تسَنْ من أجل عرقلة أي عمل طوعي للرعايا . وحرمانهم من حرية 
بريئة . وإنما من أجل إرشادهم” . 


حرية بريثة : لآنها لا تستطيع أن تضر بالسلام !.هكذا تهد دائرة هامة من الحرية الحقيقية 
والعملية . نفسها مضمونة للرعايا , السادة في أن يفعلوا أو يمتتعوا . نتيجة لصمت القاتون . ولان 
السيد لم يأمر بقاعدة . إنها . بطبيعته. حرية متغيرة ٠‏ تتسع هنا وتضيق هناك . تكبر في لحظة 
وتقل ني أخرى » وذلك وفقا لما يعتبر السيد أنه الأفضل . إن من الممكن وصفها . مع ب. 
دانتريف . « بالحرية السلبية » . واعتبار أن هوبس نظر ها بسخاء لأنها تتضمن بالنسبة للرعابا 
« حرية الشراء والبيع ٠‏ وابرام عقود أخرى فيا بينهم . واختيار أماكن إقامتهم . ونوع غذائهم . 
ومهنهم وترببة أطفاهم كما يزون ذلك مناسباً . وأمور أخرى مشابهة 0 . 
هل يجب التذكير بواجب السيد بأن يكون سعيداً دائياً , هذا الواجب امرتبط بمنطق الحهاية 
القامي ؟ . ء' 

إن من الواضح أن وضعية الرعايا هد نفسها محددة ء بصورة غير مباشرة . لدى النظر في هذه 
المجموعة من واجبات العملاق المتوج ( الذي يمكن أن يكون جمعية ) . وليس من غير للفيد أن 
تحرص هويس على إضافة بعض التوضيحات الطريفة ( ولكن المنسجمة مع منطقه ) عل الأمور 
التي يحق لؤ لاء أن يرفضوا القيام بها ء حتى ولو أمرهم السيد بذلك . باعتبارها ه تفاصيل للحرية 
الحقيقية للرعايا » . 

فعلى سبيل المثال . لا يستطيع أي فرد من الرعية أن يتخل .. بمقتضى في ميثاق يمكن تصوره » 
عن الدفاع عن نفسه ضد من يأتي » بصغة قاتونية » لقتله أو لإلحاق الأذى به . كيا لا يستطيع أن 
يتعهد ٠‏ فور إداتته ٠‏ بطاعة الآمر الصادر بأن يقتل نفه بتفسه أو أن يبتر يتفسه أحد أطرافه . لان 
هنلك حقوقا لا تقبل التنلزل . وتنلزلات أو تعهدات تر من طببعة للواثيق . إن لدى السيد ء 





(0) في كاب ٠‏ في المواطن » يستعمل هويس صورة أخرى : فهو يقلرن القوقين بالضفاف التي بنيت قتوجيه لي في 
عجراها . وليس لوضع عقبة في هذا للجرى . 


(1) اللوفياتان ‏ القصل 30 والقصل 21 ص : 221 وما يمدها . 


233 


بالطبع » الوسائل الني مكنه من التخلص من المقاوم . وهذه المقاومة المبدئية يمكن أن تُوصف » 
للوهلة الأولى , بأنها و شاذة وبلا معنى ومتنافضة » باعتبارها مقيدة للسلطة المطلقة : ومع ذلك 
فلا مانع من أن يتكشف فيها الخليط المفاجىء بين القرة المنطقية والدفة الملموسة للروح 
الهويسية01 . 

خليط, أكثر براعة » من أي مكان آخر » في الطريقة التي احتضن بها ملف اللوفياثان 
المعضلة المخيفة الخاصة بالدين وبالسلطة الروحية . 


4 الدولة اللوفياثان والدين 

يخصص هوبس الفصل التاسع والعشرين من مؤلفه ه للاشياء التي تُضعف الدولة وتميل 
لانحلاها » . . . إن بعض هذه الأشياء أصبح الآن معروفا . إننا نعرف نتائج المزيمة النهائية للسيد 
في الحرب » الخارجية أو الأهلية : فنظرا لعدم قدرة الدولة » من الآن فصاعداً , على تأمين حماية 
الرعايا مقابل ولائهم فإنها تمل . ( فمع مغادرة السيادة التي هي الروح » للجسد . تختفي كل 
حياة عامة وكل حركة عامة ) . ونعرف آيضاً أن غياب السلطة المطلقة هوشيء يجعل من غير الممكن 
العيش في المجتمع المدني : إن الحاكم الذي يرضى هذا السبب أوذاك ؛ بقدر من السلطة يقل عما 
بستلزمه . بالضرورة , السلام والدفاع عن الدولة , يُوَسسْس بهذا جسما سياسيا عاجزا وفاسدا . 
كا نعرف أيضاً إلى أي حد يعتبر ضارا الحكم المسمى « بالمختلط» » والذي يؤدي لتقسيم 
الجمهورية الى ثلاث زمرء وثلاثة أشخاص وثلاثة سادة . ويُعتبر شذوذاً يمكن مقارنته بمرض 
يصيب الجسم الطبيعي . ونعرف كذلك الأمراض « المثاتية من سم المذاهب التمردية ؛ التي لا يمكن 
التوفيق بينها وبين الطاعة المدنية » . والتي يمثلها بالنسبة للدولة إدعاء الافراد بأن لهم الح في بيان 
الرأي في الخير والشر ١‏ حيث بْتْ السيد في هذا الأمر . لقد أشرنا لقساوة هوبس تجاه خطأ وضع 
القانون فوق السيد الذي سَنْهُ , لان هذا يعني أن نضع فوقه قاضيا وسلطة قادرين على معاقبته : 
الأمر الذي يعني « إقامة سيد جديد ؛ ثم ولنفس السبب » سيد ثالث لمعاقبة الثاني » . ونعرف أخيرا 
أن هوبس لم يكن أقل قساوة بالنسبة للخطأ الآخر الذي يكمن ني إعطاء الأفراد حق التحكم ف 
أموالهم بطريقة مطلقة ؛ ولحد نفي كل حق للسيد على هذه الأموال<) : 

لكن هناك مرضاً أخيراً وخطبراً للغاية بحيث أن مؤلّف اللوفياثان لم يش من مقارنته بمرض 
الصرع الذي يصيب الجسم الطبيعي . إنه المرض الذي يُترجم ضرره العميق بتشافس وتمارس 
اللطتين : السلطة المدنية أو الزمنية » والسلطة الروحية المزعومة . إن كل فرد من الرعية سيكون 
لديه هكذا سيدان , كل منهما بريد أن تُطاع أوامره مثل القوانين . والحقيقة أن الحكم الزمني 
والحكم الروحي هم] كلمتان أدخلتا في العالم لكي « يصاب الناس بلول » ويخطكوا في تحديد 
سيدهم الشرعي » 3 





(1) ر. دوراتيه ‏ ص : 318-315 
(2) اللوفياتان ‏ الفصل29 - ص : 342 وما بعدها . 


2334 


أي علاج يقترحه هوبس إذن لهذا المرض الْهَدّد الذي تعود أصوله الى أمد بعيد في العالم. 
المسيحي . هزبس هذا الذي اختار أن يكون عنوان مؤلفه ىا يلٍ : «١‏ اللوفيائان : بحث في مادة 
وشكل وسلطة الجمهورية الكنسية ( كذا ! ) والمدنية ؛ . هوبس الذي حرص عل أن يضع عصا 
الكنيسة الانجليكانية في اليد اليسرى لعملاقه المتوج . وذلك بشكل مناظر للسيف الموضوع في اليد 
اليمنى ! . 

إن علينا أن ننظر جيداً لما يل : لقد أحَسّ هوبس تجاه الدين بحد ذائه بعداء جذري . لكنه 
حاول . بدافع التعقل . أن يُغلق هذا العداء ببعض الاحتجاجات ٠‏ السطحية » . وهذا استحق 
بجدارة وصف الكافر الذي أغدق عليه . ومع ذلك , فإن الدولة التي بنى نظريتها » بمنطق لا يُعل 
عليه ٠‏ كانت دولة مسيحية مؤ لفة من"أفراد مسيحيين , فقانونهم الديني يوجد في الكتاب المقدس 3 
والتزاماتهم تخضع لتفسير هذا الكتاب . ولكن من الذي يفسره ؟ 

الجواب : في الحالة الطبيعية كان كل مسيحي « طبيعي » يقوم بذلك حسب عقله الفردي . 
ولهذا كانت هناك فوانين مسيحية بعدد الافراد المسيحيين : وهكذا ازدادت خطورة فوضى الحالة 
الطبيعية بسبب هيجان المجادلات الدينية ! 


لكن آلية النقل جلبت الحل في هذا الصدد كما جلبته في كافة المجالات الأخرى . إن حق 
التفسير الشخصي للكتاب المقدس , الذي لا يُعتبر إل مظهراً للحق العام للبشر الطبيعيين على كل 
شيء » يشكل . مثل بقية الاشياء . موضوعاً للتقل بموجب الموائيق أو الاتفاقيات , للانسان 
الاصطناعي . أي للوفياثان . فهذا الأخير يصبح رئيس الكنيسة ورئيس الدولة في نمس الوقت . 
لآن الكنيسة والدولة تتألفان من نفس الناس » ومن نمس الأشخاص المسيحيين الذين اتحدوا في ممثل 
واحد , في شخص عام واحد » هو السيد المسيحي (0غ نانك هنوت انا50 ع0) : ففي هذه الحياة 
ليس هناك من حكم للدولة ولا للدين لا يكون حكياً زمنياً . إن الحق السياسي والحق الكنمي لا 
يتجزآن لدى السيد المسبحي . فله على رعاياه « كل نوع من أنواع السلطة التي يمكن أن تعطى 
للانسان من أجل حكم الأعمال الخارجية للناس . سواء في السياسة أم في الدين » . إن من المباح له 
أن يسن القوانين التي يرى أنها الاكثر ملائمة , في هذين المجالين . الحكم رعاياه . « لان هؤلاء 
يكونون الجمهورية والكنيسة في آن واحد» . 

بهذا لا يمن لأي سلطة نزعم أنها روحية أن نقف في وجه السيد كمنافس له . فلا باباء ولا 
قيادة للضمير الفردي . ولا جدل تمزق يمكن بعد الآن أن يفستح في قلب أي كان بين كونه مسيحياً 
وكونه رعية. إن أي رعية لم يعبد يستطيع أن يرى نفسه ممنوعا . كمسيحي ونحت طائلة الموت 
الابدي ٠‏ من القيام بعمل يأمره به القانون المدني نحت طائلة الموت الطبيعي . إن أي شخص لم يعد 
عليه بعد الآن أن يخدم سيدين . وهكذا يستبعد أحد أكثر التهديدات رعبا . إن لم يكن أكثرها , 
بالنسبة لصحة الدولة وحياتها ”» . إن مؤ لف اللوفيائان يذهب هنا الى نهاية الطريق الذي توقف في 


(9) كتب جان جاك روسو( ني الكتاب الرابع ‏ الفصل الثامن ‏ من العقد الاجهاعي ) يقول : « إن الفيلسوف هوبس - 


335 


منتصفه مارضيل ده بادوا المدهش ( الذي سدد ضر بات لا تقل قسوة للثنائية المسيحية وذلك من أجل 
قضية اللام في الدولة ) . وهكذا يتم , في نفس الوقت . دفع الادعاءات العقيمة للبابا » « شبح 
الامبراطورية الرومانية المتوفاة » . والفوضى الطهرية . ودعم مرافقة هوكر اللو يدة للكنيسة 
الانجليكانية .الكنيسة ‏ الدولة » بطريقة خاصة جدا . 

لكن علينا أن لا ننخدع بهذا : فهذا اللوفياثان الذي يرفع العصا , وهذا السيد المسلح جيداً 
بحيث يلغي بسطونه كل جدل ‏ مثير للانشقاقات المدنية ‏ في القضايا الدينية » والذني يحتفظ لنفسه ه 
حسب تعاليم مارسيل , باحتكار القهر , لا يعتزم أن يحكم ٠‏ فى هذا المجال وفي أي مجال آخر ء إل 
على الاعبال الخارجية للناس . إن هوبس يوافق عل أن الله وحده يعرف القلوب ؛ ؛ وإن الفكر 
والاعتقاد الداخليين للبشر لا يقعان تحت قبضة الحكام البشريين : فهؤ لاء لا يطلبون من الرعايا أن 
يؤمنوا ٠‏ وإنما أن يطيعوا ويمتتثلوا. إن السلام . الخير الاسمى . الذي كان « السياسيون » 
الفرنسيون . في زمن بودان . يتتظرونه من التسامح . يتنظره هوبس من الامتثال الخارجي . ولقد 
كان مكيافللٍ نفسه , عل ما يبدو , يولي أهمية أكبر ‏ على الاقل لدى الرعايا ‏ للمعتقدات الخاصة 
باعتبارها دعامة للدولةره . 


الخلاصة : مدى الهو بسية 

رغم أن اللوفيائان شكُلَ » بطريقته الخاصة . مرافعة لصالح الملكية المطلقة . فإن الملكيين 
الانجليز . الأوفياء للستيوارت الذين خُلِعوا عن العرش . لم ينظروا له بلا رعب . فبقدر ما كان 
يرضيهم تبرير الحكم المطلق من خلال مذهب الحق الإلهي . بقدر ما كانوا ينكرون التبرير 
الموبي , العقلاني بدقة . المنفعي ببرودة » والصاني . كياوياً . من كل مسحة دينية » ومن كل 
نزعة عاطفية . ألا يمكن لمذا التبرير » علاوة على ذلك . أن يُطبى لمصلحة الحكم المطلق 
لكر ومويل , المغتصب والمتصر مؤقتاً ؟ هذا دون أنْ نحب أنْ هوبس . لمدافع عل طريقته عن 
الانجليكانية , لم يكن يُعتبر في نظر هؤ لاء الانجليكانيين الملكيين » أقل « كفرأ » , ما هو في نظر 
الطهريين الذين كان يندد بعدم خضوعهم . 

إن العداء الملكي لم يكن يرتكز على مجرد أمزجة متحيزة » بل كانت تلهمه غريزة ثابتة جيدا . 
لقد كانت الهويسية , على لمدى اليعيد على الأقل , ثورية للغاية . 

إنها لم تكن تكتفي برفض كل استنجاد بحق إلهي . بل كانت بالرغم من بعض للظاهر في. 
للصطلحات تضرب صفحاً . يكل البناء الأخلاقي والسيامي الوسيطي الذي سعى بودان جلهدا 
لإنقاذ جزء منه على الأقل . فالسيادة عند هوبس , التي كانت تدفع السيادة دى بودان لتتجها 
للتطقية القصوى , كانت إسقاطاً على الصعيد السرامي لفردية فلسفية كلية , مرتبطة بالاسمية 6 
- هو الوحيد . من بين للؤالقين للسيحيين . الذي رلى جيدا الداء والعلاج ٠‏ ونجرأ عل اتتراح توحيد رأس النسر ٠‏ 

وعل اعادة كل شيء للوحدة السياسية التي بدونها لا يمكن أبداً أن يلس بشكل جيد , دولة أوحكم ٠.٠‏ ' 

2( اللوفيقتان ‏ الترجة الغرنية ‏ ص : 493 496 -569 -570 -619 620 


336 


(3فلقه1:ه00 , وكانت تعطي قيمة مطلقة للارادة الفردية . إن نهاية الاستنتاجات الدقيقة للمفكر 
الانجليزي الكبير كانت هذا اللوفياثان العملاق . المهيمن بلا منافسة ولا مشاركة على العدد الغفير 
من الافراد الذين نشا منهم بالاصل . والذين كانوا قد حَلُوا إرادته كممشل وكشخص محل 
إرادتهم » من أجل شراء حمايته الفعالة ( لقاء سيطرته ) . إنهم الأفراد الذين ينصرفون , من جهة 
أخرى , للقيام بنشاطاتهم البريثة ! . 

عدد غفير من الأفراد !.إن من العبث البحث لدى هوبس عن مكان متروك للاسرة بحد 
ذاتها . أو عن مختلف التجمعات ٠‏ أده الأجسام » المتوسطة بين الدولة والأفراد ٠‏ للوروثة عن 
القرون الوسطى ( والتي دعا لما بودان مع بعض التحفظات ) . وإذا كانت هناك إشارة فى 
اللوفياثان . للعدد الكبير من التجمعات الحرفية » فإن هذا حصل من أجل إدانتها كافة في الدولة » 
واعتبارها « جمهوريات صغيرة في أمعاء جمهورية أكبر » مثلها مثل الدود في أحشاء إنسان طبيعي » . 
إن البناء التجمعي البارع لالتوسيوس غريب عنه بالطيبع . إن حس ٠‏ الكثافة » في الحياة 
الاجهاعية . وكذلك حس الطابع الداخلي للحياة الدينية أو الروحية . ومفهوم النزعة الاجهاعية 
الطبيعية لدى الانسان , وغريزة التجمع والمساعدة لديه . وحاجته العميقة للمشاركة المقبولة » كل 
هذا . على ما يبدو , » كان مفقوداً » بشكل جذري , لدى عالم النفس العميق ‏ » ولكن للتشائم 
بحزم » الذي كان قد أَلْفَ . قبل « في المواطن » وه اللوفياثان » . بحثاً صغيراً حول ٠‏ الطييمة 
الانساتية ‏ (#صستطعذ؟ معسسةة) قال عنه ديدر و(00106704 إنه « تحفة في المنطق والعقل »© . 

غسمن هذا المنظور . وانطلاقاً من منهج فكري استتتاجي بشكل دقيق ٠‏ كان هويس يقتفي 
خطى مكيافللي وتمريبيته المتحررة من الأوهام . لقد كانت البشرية في الحالة الصافية أو الطبيعية 
عبلرة عن غابة . أمافي الحالة الاججماعية ( التي تكونت فيها المجتمعات للدنية أو السياسية المتميزة ٠‏ 
أي الدول السيدة ) فإنه لا يمتمل أن تتحول ٠‏ فيا يتعلق بالعلاقات بين الأفراد . الى غابة . اعتباراً 
من اللحظة التي سمح فيها القبول بقيام سلطة مطلقة غير محدودة مبدئياً ٠‏ للانسان أن يكف عن أنْ 
يكون ذثباً بالنسبة للانسان . إن القوة التي يرمز إليها السيف كانت تقوم بهذه للعجزة . إلا أن يحب 
القول , في نفس الوقت ٠‏ بأن هويس كان يكمل بشكل فريد مكيفالي » » بتفس القدر الذي كان 
يقدم فيه السلطة ليس ياعتبارها تجرد ظاهرة قوة ‏ وإنما باعتبلرها القوة ‏ المجَسّدة في مؤسسة . 
وال يوجهها لحق »( الرضعي ) ٠‏ والذي كان يني فيه حتى ولو أخلنابالأتبارالاسهام 
الاسامي لبودان -« أول نظرية حديثة للدولة الحديثة » © . 

ومع ذلك ء فإن البشرية تب تبقى » وهي مهيأة لآن تبقى دوماً . في نظر مؤ لف اللوفيائان ٠‏ غابة 
بالنسبة للملاقات فيا بين الدول السيدة . فنظراً لعدم وجود سلطة عليا فوق هذه الدول ٠‏ فإن كلا 
منها تمتلك الحرية المطلقة للقيام بما تراه أكثر ملائمة لمصلحتها ( ه إن هذه الدول تعيش أيضاً في حالة 
حرب دائمة , وني سهرة مسلحة متواصلة » فحدودها تحصّنة » ومداضهها مُسلْطة على كل البلاد 


1) ر. بولان - للمرجع الليق ذكره ‏ ص : 10 
2 ب. داتريف - للرجع الاق ذكره ‏ ص : 134 وما بمدها . 


3 


التي تحيط بها » ) . وني حين أن غروتيوس كان يقول بوجود قانون وضعي , إرادي . خخارج الدرل 
وفوقها . فإن هوبس يرى بأنه لا وجود لمثل هذا الفانرن إلأ على مستوى هذه الدول . الأمر الذي 
يعني أن هذه اللوفياثانات المتنوعة » التي لا تجد أمامها إلا أوامر القانون الطبيعي والعدالة الطبيعية 0 
« والتي ليس ها محكمة إلا في الضمائر » سيكون لديها القليل من الحظفي أن تكف عن أن تكون ذثابا 
فيا بينها . هذا إذا لم يود الخوف من التدمير المتبادل والكلي . وكذلك حساب عقلها , لإقناعها ني 
النهاية بضرورة الخروج من مثل هذه الحالة:» 5 ( لكن هذا . مالم يوضحه هوبس بدقة ) 5 


ما هو بالنتيجة الطابع الحقيقي . الذي فَنّعه أو زوه بسهولة سوه فهم يمكن إدراكه جيداً » 
للوفيائان » هذا الانتاج للفن البشري أوهذا الاختراع الانساني الذي سمي باسم وحش توراني . 

إن هذا الاسم نفسه يجب أن لا يخدع : فهولا يستند بأي طريقة كانت لواقع ما فوق فردي أو 
« عضوي » . إنه ( على حد تعبير م. أواكشوط) . ليس إلا صورة ٠‏ أو مقارنة أو أسطورة <١‏ إنه 
نقل لتفكير برد ني عالم الخيال » . إن هويس ينصحنا بالاساس ٠‏ وبالطبع . بعدم احتقار هذا 
الاختراع الانساني . لكنه ينصحنا أيضا بعدم المبالغة في تقديره . 

إن الافراد الذين يدون الحقيقة الوحيدة لا يتتظرون من الدولة التي خلقوها . السعادة » 
وإنما المبة السلبية جداً , والحيوية مع ذلك . المتمثلة بالسلام . الشرطالمسبق للسعي للسغادة . له 
سلام مُتعلق بنمو كبير للسلطة : سلطة السيد .» سلطة القانون النابع منه . ولكن مهما بدا 
اللوفيائان , للوهلة الأولى على الأفل , جشعاً ومكتسيحاً ‏ فإنه يتجنب المطالبة بكل الانسان . ففي 
أكثر من ميدان تغطي نزعة الحكم المطلق السياسية لدى فوبس ( وكها يشير لذلك رينيه كابيتان ) 
« نوعامن الليبرالية الأخلاقية » . وليس من الخطأ القول . مع ج. ه. سابين ١‏ بأن البناء الهوبسي 
يبدو . بشكل خخاص ء تحبذ للاتتشار الحر » في ظل السلطة المخيفة للقانون الوضعي . للمبادرات 
الخاصة التي توجهها فقط المصلحة الفردية » المحسوبة جيداً » وغريزة الكسب العقلاتية . أمّا أن 
نصنع من « اللوفياثان » وثناً » حاملاً ه لايمان » أوه لرسالة » أو مجسداً لايديولوجية , أو أن نخصه 
« بمهمة » تلريخية موحى بها عقاياً- كبا تفعل ذلك الطريقة الذهنية الاسطورية لشمولي 
(تعتفهائله0) القرن العشرين ‏ فهذا ما كان غريباً بشكل كامل عن هويس ٠‏ النبي الواضح للفردية 
الاستبدادية ه» . 

إننا رى كفلية » من خلال الافكار السابقة , مدى الالعاب القكرية الكبيرة ونا » التي 
تجلوز الاشكال السياسية وقضايا الحكم في عصره : هذا العصر الذي دفعت اضطراباته هويس 
( وكما كتب ينفسه في السطور الأخيرة من اللوفياثان ) لصراغة بحتّه للهيأ لتمجيد السلطة المدنية 
وإنهائه « بدون تحيز » وبدون يجماملة لأي شخص » . 
(0) للرجع الايق-ص :141 ووكة ‏ : 

أنظر : ملرسيل ميرل(815815 .84) _ د علم اجياع العلاقات الدولية ؛ مممنتحك: معد عنهمامت ه66 

(ملتدمتاسد كاد - باريس _تماله0 19711 
(2 افواكشوط لمقدمة ص : 66 و18 


ومع ذلك فقد يكون من غير المناسب أنْ ننسى أن الهوبسية . في المدى القصير. ساهمت في 
تثبيت الحكم الملكي المطلق ( الأمر الذي يغيب عن بال الملكيين الانجليز ) . وهذا ما سنراه في 
فرنسا : فرنسا لويس الرابع عشر وبوسييه . التي ستكون قريبا المكان للذروة المجيدة » ولكن 
المختصرة . للدولة الملكية . 


الفصل السادس 


ذروة الحكم الملكي المطلق في فرنسا 


مهدت فرنسا هنري الرابع ثم ريشيليو » السبيل لفرنسا لويس الرابع عشر وبوسبيه . لكن 
من أجل تأمين قدومها والاسراع به » بدون شلك . كان من اللازم قيام حرب الفروند وفشلها . 

لقد كان من شأن حرب الفروند(1648 -1652) » أو حرب الاطفال- كا سيقول عنها 
الداعية للحكم المطلق . بالرغم من الرعب الذي شعر به العديد من الفرنسيين تجاه الثورة الطهرية 
الانجليزية » التي كانت قد قتلت ملكا . ولكن نظرا لآنه الفروند » فشلت ٠‏ فقد حدث العكس 
تماماً . فبعد الالتهاب العابر والجديد للأفكار المعادية للحكم المطلق . التي كانت الحروب الدينية 
قد أيقظتها , أخذت الدولة الملكية لمطلقة التي أصبحت أكثر قرة بفضل انتصارها الكل عل 
أعدائهاء تفرض نفسها بدون منازع . ولا قوة مولزنة ‏ 

لقد عادت للظهور ف الكتابات الملزارانية(«تشصطسعععة:0) التي لا حصر لا والتي تعود لعهد 
حرب الفروند ء المفاهيم الألوفة : القانون الالهي والقانون الطبيعي المعارضين للسياسة » حسبها 
يفهمها مكيافللٍ ؛ اميثاق العلني الملحوظ ني حفل الترسيم , بين الملك وشعبه ؛ إمتيازات البرلمانات 
والمجالس العامة باعتبلرها المؤتمنة على القوانين والاعراف المكرسة التي كانت تخفف تقليديا من 
السلطة الملكية ؛ وعند الاقتضاء حق المقاومة . حتى النشيطة منها باعتبارها جزاءً للتجلوزات التي 
لا يمكن السياح بها . لقد إدينت « السلطة الوزارية (ئقةك هتعفد عم1) ء أو بعبارة أخرى » 
الطغيان الذي ملرسه ريشيليو, ومن بعده مازاران(044241100 اللذان تسلَّما منصب الوزير 
الأول » وحولا الحكم الفردي الملكي ( الذي امتدحه بودان بقوة ) الى حكم فردي إقطامي 
(علهةتتاممواعة) ( استهجنه بودان ) إن لم يكن حتى الى طغياتي . فلم يمد هناك بالنسبة للرعايا 
حرية طبيعية ولا ملكية آمنة للاموال . وهكذا انقطع , على حد قول كاردينال ريتز » القروندي ا 
البارز . كاردينال الفوضى , الذي كان النقيض الحي . الحي جدا . لكاردينال النظام ٠‏ مرحو 
ريشليو المكروه جداً ولكن للرعب جداً » التوازن الحكيم الذي عرقت القواتين القديمة للمملكة 
.كيف تقيمه بين فسق الملوك وطيش الشعوب : وهذا ( وهذا شيء خطير جدا ) دخخل الشعب الى 
« المحراب » ولم يعد يخشى من الدخول اليه » ومن رفع الحجاب « الذي يحب دائياً أنْ يغطي كل ما 
يمكن قوله ء وكل ما يمكن الاعتقلا به حول حق الشعوب . وحق لملوك اللذان لا يتفقان مع بعض 


ومقابل ‏ المازارانيات » المشبوية بالعاطفة . وذات المدى الضعيف الى حد ما . فإن « مجموعة 
الجكم “0ق 5عل اأعناءه8) لكلود جولي(/ائ301 ع0ناها©) حفيد الفقيه لراسل . كانت 
تدهش بزصانتها وعلو نظرتها ”' . فهي تنص عل أن الملوك ليس لديهم الحق بفرض ضرائب على 
شعوبهم بدون موافقة هؤلاء . وأنْ هناك في أصل السلطة الملكية عقداً ملزماً للطرفين . يتنازل 
الشعب بموجبه عن سلطته . ويضعها بين يدي الأمير . في حين يتعهد الأمير بإقامة العدالة وحماية 
الشعب : وبعد ذلك يصادق الله على العقد المذكور . ويضع عليه خاتمه ويعطيه قوة تنفيذية 5 


ويتجلى في هذا تذكير حازم بتقاليد القرون الوسطى الأكثر شرعية . تذكير حازم ولكنه بلا 
جدوى !| فهذه اليقظة للنزعة المعادية للحكم المطلق ليست إلا ناراً سريعة الزوال ٠‏ سينقشع بسرعة 
دخانها المقلق . إن ما سيبقى من حرب الفروند . بالاضافة للكراهية الثابتة لمؤسسة الوزير الأول . 
هو التعطش لسلطة ملكية ارس بشكل شخصي وقوي في آن واحد » ضد كل مثيري الاضطرابات 
الاهلية ؛ إنه شبه إجماع بين الفرنسيين على حبهم لملكهم الشاب الذي أصبح بمأمن من الأخطار . 
إن بوسبيه في تأبيته (#بضخصية «معطه1.'0) لآن در غونزاغ (عنهدتمه6 06 8006) , بعد ثلاث 
وثلائين سنة » لن يتحدث فقط كمتملق عندما يقارن حرب الفروند بمخاض لفرنسا المستعدة لولادة 
العهد الاعجربي ١‏ للويس ٠ه‏ . 
إن هذا العهد سيكف بالطبع عن الظهور بمظهر الاعجوبة . بقدر ما سيستمر لمدة طويلة 
جدا . ولكن في فترة بزوغه » وخخلال سنواته الجميلة الأولى . قَدُم مشهداً نادراً لاتفاق حقيقي بين 
شعب وملكه . إن هيجان الشعور . في أمة يعود فيها « الدين الملكي » لعهد بعيد . أتى ليشيد 
بالطاعة المنفعية للسلطة . فمن كان يجرؤ عل إنكار تفوق الحكم الملكي . كما كان موجوداً في 
فرنسا . على كل حكم آخر ؟ حينئل وجدت نزعة تأليه الملكية الني انتقلت من الوظيفة الملكية الى 
شخص الملك . نفسها مدفوعة لحد مبالغات في اللغة » سير . فيا بعد . الابتسامة أو الفضيحة . 
لكنها كانت تبدو طبيعية جدا للمعاصرين . وحبنئذٍ أيضاً تكرست نهائياً السيادة المطلقة التي لا 
تتجزأ . والتي تدعمت بطريقة لا يُستهان بها بنظرية الحق الإلهي . وهذا ليس دون أن تتضمن هذه 
السيادة عددا ما من الكوابح الأخلاقية . التي كان من الواجب عليها أن تتكيف معها بطريقة أو 
بأخرى . وهذه الكوابح هي : احترام نوع من المظاهر السياسية والدينية » والخوف الصادق من 
الله . وإجلال العقل المسَمُى بالتقليدي ٠‏ وإحياء مفهوم القوانين الاساسية التي تُعْبّر عن'المقاومة 
الخفية للمؤسسات لمنطق السيادة الصلب : فالحكم المطلق لا يعني الحكم التعسفي أو السيطرة 





(9) إنها مجموعة كم حفيفية وهامة من أجل تنشئة الملك . موجهة ضد السياسة الخاطئة والضارة للكارديشال 
مازاران . الناظر لمزعوم عل تربية جلالته . 

(1) جب لاكرر ‏ غايي « التربية السياسية للويس الرابع عشر  »‏ باريس - منشورات 1427646 -1898 ص :279 
أنظر ه سياسة » بوسييه : عرض ججاك نروشيه( 7700001457 .1) - باريس -0010© - مجموعة لا -1966 
ر. ماتدرو ( 81417101010 .2) «لريس الرابع عشر وعصره » 5 
(6م0مع) ممد نء (11/١‏ وزيم 1) -( جموعة شعرب وحضارات  )‏ بلريس 1973 


341 


الجائحة للطغاة المتقلبي الأطوار ( إن الفرق أسامي بينهما في فكر ذلك الزمن » بالرغم من أنه سيظهر 


هشاً في المستقبل ) . 
تفوق وسمو النظام الملكي الفرنسيٍ 


يُعَبْر بوسييه(إعندونهه8) في مؤلفه : « السياسة مستقاة من كلام ألكتاب المقدس 2ه 
(متهلعة معتذلجع ٠١‏ عل معامموح مععوومم ععل عامنا مناوتائلهط . (للؤلف من اجل تربية ولي 
العهند " . وكذلك في كتابه د خطاب حول التشاريخ المللي ‏ #عاماطةط'! عن «تعدمطا/ | 
رملاعدى نفدلا ؛ بقوة فريدة عما كان يُكتب حينذاك بكل الأقلام . فهو يعلن أن السلطة الملكية 
والورائية هي أفضل ما يناسب الحكم . ولا سها عندما تنتقل , كما هو الحال في فرنسا » من ذكر إلى 
ذكر » ومن ابن بكر إلى ابن بكر . إن هذا النظام هو الأكثر طبيعية . لأنه يستمد أساسه ونموذجه من 
السلطة الأبوية » أي من ١‏ الطبيعة نفسها » : وهو يستبعد جنس الاناث الذي « وَلِدَ ليطيع » ٠‏ إنه 
يدوم بنفس الأسباب التي تجعل العالم يدوم , والتي تديم الجنس البشري . إنه , بالحقيقة » النظام 
الذي « يدور لوحده بشكل أفضل » . دون أن يكون هناك أي تحايل أو سحر من أجل تعيين 
وريث . لأنّ الطبيعة اختارت واحداً . ( د إن الموت . كما يقال , يأخخذ الجسم الحي ؛ أما الملك 
فلا يموت أبداً » ) . إنه النظام الاكثر بقاءً لآننا نكون فيه الأكثر اتحاداً : إن الرئيس الوحيد يجمل كل 1 
شيء يسيره في تأزر » . والجمهور يصبح رجلاً واحدا حين يتخل كل واحد عن إرادته لينقلها الإرادة 
الأمير ويجمعها معها . إنه النظام الاكثر ملائمة للخير العام , ممعنى أنه يقيم بين الامير والدولة تضامنا 
في المصالح لا يمكن حَلّهُ . فالأمير الذي يعمل لاجل دولته » يعمل لاجل أبنائه » وه الحب الذي 
يكنه لمملكته يصبح لديه طبيعياً لانه يندمج بالحب الذي يكنّه لأسرته » . لقد كان الفكر المتفعي 
لهوبس قد سلط في السابق الضوء على الحجة ؛ كها إننا سنجدها من جديد في و مذكرات لويس 
الرابع عشر لتثقيف ولي العهد ؛ . حيث يشير الاب لابنه بأن الأمير هو الوحيد ني المملكة الذي ليس 
له أن يقيم ثروة غيره ثروة الدولة » وأن يحقق مكسباً آخر غير المكسب الذي ه ينمي الملكية »00 . 


هل يجب إذن نسيان أنه وجد . ويوجد دائياً أشكال أخرى للحكم غير الملكية » وذلك بسبب 
التشبث برأي لويس الرابع عشر , والمبالغة في التعلق د بالدين الملكي » الذي يصل لحد عبادة 
الأوثان ؟.إن القديس بولس لم بميز قط أي سلطة لم تأت من الله . فليطمئن : فبوسييه ٠‏ الخحارس 
المتيقظ جداً للارئوذكسية ‏ لن يقوم بأي ابتعاد عنها . لقد اهتم اهتاماً كبيرا بالتذكير بأن ه كل شعب 





(ه) إن الكتب الستة الأول فقط من الولف , الذي يضم عشرة كتب . كتبت من أجل ولي العهد . وقد أنجزت في 
9 عند انتهاء مدة وظيفته كمعلم له . وفي عام1700 استانف بوسييه عمله لكتلة الكتب الار بعة الأخيرة من 
للألف . واستمر ني عمله هذا حنى وفانه في عام1704" . أما لأْفْ فلم بنشر إلا بعد وفانه » في عام1709 : 

1( بوسييه « السيامة  »‏ طبعة نقدية مع مقدمة وحواشي لماك لوبران(8:00 مما .00 « كلاسيكيات الفكر السيامي » 
جنيف -2402  1967-‏ الكتاب الثاني ص : 54  59-‏ وستقرأ ه مذكرات لويس الرابع عشر؛ ... لي 

2655 - باريس -66أل:© -1870 


3242 


يجب أن يتبع الحكم القائم في بلده » كها لو أنه أمر إلمي » » لأن الله هو إله السلام , ولأنه يريد هدوم , 
الأمور البشرية » . إن كل الحكومات الشرعية . فهم| كان شكلها , تتمتع بالحماية الإلهية . والذي ' 
يشرع في العمل لقلبها هو . في آن واحد . عدو عام وعدو لله : إن هذا الأمر واضح جداً ؛ وهو 
مستقل عن مسألة التفوق أو السمو . 
تأليه الملكية 
لقد انزلق تأليه الملكية لتأليه شخص الملك . إن دين فرساي(5ءلانهوىع7) . كما سيقال , بدأ 
يميل ء حيتئنل . ليحل محل دين ريم (كماع8) . فلويس « الملك ‏ الشمس . هو أبولون » مارس » 
هرقل . هوالله . إن بطاقة البلاطاهي طقس من الطفوس الدينية » , لقد كان بوسييه يصرخ , حين 
مخاطبته الملوك : « إنكم الحة , ٠‏ أي إن لديكم في ملطتكم . وانكم تحملون على جبينكم سمة أ 
إلهية » . وبخلاف مسحة التكريس . فإن الملوك مقدسون بحكم العبء الواقع على عاتقهم : 
لقد حرص لؤيس الرابع عشر جيداً عل أن يوضح بدقة لابنه أن حفل التكريس لا يعطي الملكية . 
وإنما هو يوم فقط باعلانها للشعب . وجعلها أكثر هيبة . وأكثر حرمة . وأكثر قداسة في شخص 
الملك . هل هو نفس الاهتام الغاليكاني بالتقليل من دور حفل التكريس ؟.إن كون اللذعهب 
الغاليكاني في الحق الإلمي للملوك يسيل بلا عرافيل في تلك الأوفات المتميزة بتمتح الملكية » هو أمر 
يبدو كبديهية . ومع ذلك 590 
ومع ذلك فإن بوسبيه . الحريص دائياً على الارنوذكسية , يدر من أنْ يُعْلّْم لتلميذه 
الجليل , في « السياسة » . أن السلطة الملكية تنحدر مباشرة . وبدون أي واسطة , من الله ( وذلك 
بالرغم من أن هذه الفكرة كانت قريبة جداً من قلبه ) . فلقد تجنب أن يضع النقاط عل الحروف . 
وتلانى التوضيحات الدقيقة بواسطة روعة الصيغ . ومع أنه كان حازماً في مسألة مصدر السلطة , 
ومصمياً على أن كل سلطة هي من الله ؛ وبالرغم من تفضيله للنظام الملكي . فإنه لم يعلن موقفه 
بوضوح من مسألة طريقة نقل هذه السلطة التي تأتي دائياً من الله . ولا من مسألة مفهوم « بواسطة 
الشعب )6 («دنانممم ععم) الوسيطي ده . 
وبالمقابل » وعلى غرار القديس غريغوار الكبير . قبل ذلك بعدة قرون . ذهب بوسييه 
لاستخلاص النتائج القصوى من نص القديس بولس حول المصدر الإلهي . والطبيعة الإلهية 
للسلطة . إن ما كان بهمه ( ويهم ملكه كذلك ) هو أن بستتتج من هذا النص نفياً جذربا لكل نوع 
من أنواع حق المقاومة . لقد كان يريد أن يُرَكُرْ عليه القاعدة » التي من الصعب قبوها . والقائلة 
بأنه يجب طاعة الامراء حتى ولوكانوا ه وعرين وظالمين » , وذلك من أجل أن نحترم ذ فيهم وظيفتهم 
وخدمتهم ٠‏ ومن أجل أن نأخخذ بالحسبان « جلالتهم الثانية » » التي هي ليست إل تنمة للجلالة الاولى 
( أي للجلالة الإلهية ) . إن من الممكن للامير أن يصحح نفسه بنفسه . عندما يعلم بأنّه أساء 
التصرف . لكنه لا يمكن أن يكون هناك من علاج . ضد سلطته . « إلا في سلطته » . إن جمرد 
اهمس هو أمر مدان . لأن اهمس هوه إستعداد للتمرد » . 


)1( حول هذه للسألة انظر اجا لاكور غايي ‏ المرجع السابق ذكره . ص :312 . وج. تروشيه : امرجم السابق 
ذكره ‏ ص : 34 -35 


3243 


ويقبل بوسبيه باستثناء وحيد للطاعة الكاملة الواجبة للأمير : وذلك عندما يأمر الأمير ضد 
لله . ألم يقل الرسول بطرس بأن ٠‏ الله أحق من الناس بالطاعة » ( وهي كلمة كبيرة كانت تزعج 
هوبس لانها كانت تسمح بخدمة سيدين ) ؟. إن كل مسيحي ملزم بأن يتمسك بحزم بهذا 
الاسخناء . وبوسييه يتمسك به بحزم . لكنه لم يستطع منعم نم نفسه من إضعاف مداه بتأكيده أيضاً أن 
الكفر اَن ٠‏ وحتى الاضطهاد لا يعفي الرعية من وابجب الطاعة ؛ وإن الرعية ليس عليها أن 
تعارض عنف الامراء إلا بتنبيهات محترمة » وبدون تمرد ولا همس . وبصلوات من أجل 
هديهم » . هل يمكن الدعوة لمقاومة أكثر سلبية ؟ لهذا نفهم الكلمة الحادة لنابليون الني قال فيها عن 
بوسبيه بأنه دخل ‏ مثله مثل كورناي(©11ن000) - في النظام القائم في عصره . وهو« ينشر جميم 
ليع الطائفة» - إن من اليد خنا 8 تقارنا بي تعالمم معنم وإلي المهد + وناليم الآليه سه في 
« المذكرات »(تعمامده046) : 
«ويجب . بالتأكيد ٠‏ أن نبقى متفقين على أنه مهما كان الأمير سيئا ٠‏ فإن تمرد رعاياه 
يعتبر دائياً عملاً إجرامياً للغاية . إن الذي أعطى البشر ملوكاً أراد أن يحرم هؤلاء 
وكأنيم عرد + واحضظ لنفسه ققط يسدق قحس سلوكوم . إن إرادته تكمن في أن كل 
من وَلِدَ رعية يطيع ع » بدون تمييز . وهذا القانون . .. لم يوضع لمصلحة الامراء 
وحدهم ٠.‏ ؛ لكئه صحي حتى للشعوب التي تُرض عليها » والتي لا تستطيع مطلقا أن 
تتتهكه بدون أن تُعْرْضَ نفسها لشرور أكثر رعباً بكشير من تلك التي تدعي أنها 
تعقيها ١»‏ . 
سيادة الملك المطلقة والتي لا تتجزأ 
قَدُمْ مذهب الح الإلمي . في ذلك الحين , دعياً مدهشاً ذا طابع عاطفي وديني للنظرية 
القانونية الباردة في السيادة والتي كانت ترجمة لعلافة جديدة ودائمة في موازين القوى السياسية . 
لكن هذه النظرية بمفردها » التي كُرسَتْ من الآن فصاعداً . بشكل أصولي ١‏ » كانتت تكفي لتضع 
السلطة بمنأى عن كل طعن أو مقاومة شرعية . ولا سها في الشكل الذي أعطاه إياها هربس . والذي 
كان له صدى كبير في فرنسا . وف غيرها من أنحاء القارة الاوروبية ! فكيف لا تؤخخذ بالحسبان ١‏ 
حتى ولو كان ذلك من أجل دحضها ؛ , الفكرة الهوبسية القوية واللاذعة والبذيئة ( وذلك كيا 
سيصفها بول هازار . وهو يشير لمكانتها في الأزمة الفكرية والأخلافية التي كانت تتحضر ) ؟ . 
لنفتح ثانية كناب « السياسة » . . . لبوسيبه . إن المؤلْف يوافق . بعد أرسطو والقديس توما 
وسواريز . عل النزعة الاجاعية الطبيعية لدى الانسان . لكنه يتمسك » كما يبشر بذلك أباء 
الكئيسة . بأن الخطيئة شُوهّت طبيعة الكائن البشري . بحيث أنْ الأفراد , بعد أن أصبحوا غير 
إجتاعين وشرسين ٠‏ وذثبا نبا بينهم ٠ ٠‏ صاروا غير قلدرين على أن يتحدوا إل من خلال خضوع 
مشترك لنفس الحكم الذي « يضبطهم جميعاً » . إن السلطة ( وبالذات سلطة الفرد الواحد باعتبارها 
الذكل الأعل القيلة السياسية) قبي إذن أت خكرة والا كنهر»: + الكى تقوم يمتها البوبحيدية 


.(1) « للذكرات . . » - المجلد2 ص : 285 


والمحققة للسلام . إن أي شخص لن يكون آمناً إذا كان هناك في الدولة سلطة ما قادرة عل إيقاف 
مجرى القوة العامة » ومضايقتها في تمارستها لعملها » وإذا كان الأميرنفسه . على سبيل المثال ؛ وهو 
« قاضي القضاةة» , « يخشى الكبار » . إن هذا الأمير يجب أن لا يقدم حسابا لأي شخص فيا يصدره 
من أوامر . وعندما يقضي بأمر ما فإنه ليس هناك رأي آخر علل وجه الأرض : « إن الذي يصنع أميرا 
سيدا يضع بين يديه . . . كل قوى الدولة » . وإذا ما حدث خلاف ذلك . فإن الرعايا يمكن أن 
يكون عليهم خدمة ‏ سيدين » » وهو احتال رَوْعّ بوسبيه بقدر ما رَوْعَ هوبس . إن الحكم لن 
يكون مطلقا . أي مستقلا عن أي سلطة بشرية « إن كان هناك أي قوة قادرة على إرغام السيد »0 . 
ولنفتح ثانية ه مذكرات ؛ لويس الرابع عشر . إننا نحس فيها بملك تغلغل فيه كلياً المفهوم 
الذي كان يرمز اليه العملاق المتوج في واجهة كتاب « اللوفياثان » . ( والذي لخصه بوسييه عل 
طريقته : و شعب ضكخم موحد في شخص واحد » » ود العقل السري » الذي يحكم كل جسم 
الدولة والمنغلق في رأس واحد » ) . كما نحس فيها بسيد يتطلع بكل قواه . في سنوات 1660 التي 


يَكَون نفسه فيها لمهنة الملك . لان يجسد صورة الأمير ء وهو في مكتبه . كما وصفها بروعة كتاب | 


« السياسة ... ؛ ( « من هنا تصدر الأوامر التي تُسَيْرٌ بانسجام الحكام والضباط . المواطئين 
والجنود . المقاطمات والجيوش البرية والبحرية . إنها صورة الله الجالس على عرشه في أعل 
السهاوات . والذي يُسَيْرٌ كل الطبيعة » ) . 
ٍ لقد كان لدى لويس الرابع عشر إيمان لا يتزعزع بان سلطة بمثل هذا الجلال لا يمكن أن 
تُقسُمَ او هأ : لامع وزير أول : « إنني مصمم . بالنسبة كل الأشياء . أن لا أتخذ قط وزيراً 
أولاً » ؛ ولا مع البرلمانات . هذه الهيئات القضائية التي تنطلع للسيادة . والتي اغتصبت شيئا فشيئا 
اسم المحاكم السيدة . والتي أصبح من المهم إعادتها لوظائفها المتمثلة باقرار العدل : « لقد 
أوضحت بأني لم أعد أطيق مشاريعها » ؛ ولا . بشكل خاص . مع برلمان . بالمعنى الانجليزي » 
أي جمعية أو عدة جمعيات يضطر السيد لان يأخذ منها القانون : 
« من المؤكد أن هذا الاخضاع . . . . هو آخخر مصيبة يمكن لرجل؛ من مرتبتنا أن 
يقع فيها . . . إن إعطاء اختصاص اتخاذ القرارات للرعايا , والاحترام للملك يؤدي 
الى تشويش نظام الأشياء . إن اخنتصاص المداولة واتخاذ القرار يعود فقط للرأس . . . 
والشقاء سيكون من نصيب أولثئك الذين تُركوا لتطفل جمعية رعاع . . . فكلما زدت في 
إعطائها . كلا زادت في الادعاء . وكلما زدت في ملاطفتها كلما زادت في احتقارك . 
وإذا امتلكت مرة شيثا ما فإنها ستحافظ عليه بالعديد من الاذرع . بحيث لا يمكن 
انتزاعه منها بدون الحد الأقصى من العنف »ينا . 
كثيرون سيعجبون , وآأخمرون سيسخرون مما لدى لويس الرابع عشر من هذه السيادة 
الرومانية ثم البودانية الكاملة والمنتصرة . التي تتخللها تسربات هويسية فعالة . سيادة مطلقة لا 


(1) أنظر : و الميامة ... » الكتاب الأول المقالة الثاللة - ص : 17 وما بليها . 
22 « للذكرات » - المجلد الثاني ص : 9-6 


345 


تتجزأ ‏ ولا تتجسد بشكل كامل . وفقاً لتعاليم بودان . إلا في رئيس واحد , ملك ه لا شريك 
له 
الكوا ابح الاخلاقية والقوانين الأساسية ؛ الحكم المطلق والتعسف 

ينبغي تمبيز هذا الملك , الرئيس الوحيد . جيداً عن المستبد « من النمط الشرقي » ٠‏ وعسن 
الطاغية حسب مفهوم أرسطو أو القديس توما . وعن الأميره الجديد » وفق أسلوب مكيافللٍ . 

إنه وريث . إن نبرة لويس الرابع عشر . في مذكراته . الموجهة لولي العهد تقول كل شيء في 
هذا الصدد . إنها نبرة وريث يتحدث الى وريث . فكلاهما حلقة في سلسلة بعتب أنّها خالدة . لقد 
أخذ الملك عل عاتقه المملكة » وفي نفس الوقت . كمية كبيرة من التقاليد والمعتقدات والعلدات ١‏ 
وعدداً هاماً من المراسم الدينية والسياسية . إن الدافع الابوي يشكل ‏ بالمعنى المعماري ‏ جزءاً من 
هذه المراسم : ٠‏ إن أول فكرة قوة ظهرت لدى البشرهي . كما كتب بوسبيه ٠‏ فكرة القوة الأبوية . 
وقد جُعِلَ الملوك على غرار الآباء » . إن الملكية المقدسة . المطلقة هي أيضا أبوية . فلللك سيد ؛ 
لكنه أيضاً أب . صالح , إنساني . عذب ؛ إنه يعيش من أجل العامة . كما يعيش الأب من أجل 
أبناله . إن الطاغية ‏ وليس الملك ‏ هو الذي لا يفكر إلا بنفسه . وتشكل أيضاً جزءا من هذه 
المراسم نبرة عامة ما للحرية « الصادقة » . التي تستبعد من جانب الرعايا كل مذلة ( على الأقل 
خلال الفترة الجميلة من عهده ) . ولنضف بأنَ املك . المؤمن الوني . يكبحه أيضاً الخدوف من 
الله » الذي يشعر به في أعماق قلبه » والذي يحرص المبشرون عل الحفاظ عليه وعل تنشيطه لديه : 
وتقول « المذكرات » هنا » بنبل ولكن بدون تمويه » مايل : 

د يجب أن تعلم قبل كل شيء » يابنّيّ » بأن علينا أن نعرف كيف نُظهر الكثي رمن 
الاحترام لذاك الذي يجعلنا محترمين من قِبَل آلاف عديدة من البشر . إن الجزء الاول 
من السياسة هوذاك الذي يُعَلّمنا كيف نخدمه جيداً . إن الخضوع الذي ينبغي علينا 
إبداءه له » هو أجمل درس يمكننا إعطاؤه عن الخضوع الواجب لنا . إننا نخل بالفطنة 
وبالعدالة عندما ننتقص من الاحترام لذاك الذي لسنا إلا جنوده . . . . إن كراما 
تنهض بكل الواجبات التي نؤديها له . لكنْ اعلم بأنه لا يجب . من أجل خدمته وفق 
رغباته . الاكتفاء بتقديم عبادة خارجية له » كها تفعل أغلبية الناس الآأخرين »00 . 

أما المبشرون فيكررون عليه » بالتنافس مع بوسبيه , بأنْ قوته حتى ولو كانت إلية ٠‏ تتركه 
ضعيفاً وآثباً . وفاتياً . وُحَمُلَهُ » أمام الله . « الحساب الأكبر» . 

وأخخيراً . فإنّ العقل يلعب دوره ؛ عقل القرن ء المنظّم , الْصلِح » المسيطر على 
الشهوات , العقل ‏ الانضباط . ( الذي كان ريشليو يطالب به . بالضبط , في وصيته ) . إنه وقف 
عل الأمير الشرعي الذي لا يعرف التصرف بنزوة . ولا يخضع لحماسة مشوشة . إنه عقل حكيم 
ومتوازن ٠‏ بحيث يعرف » في بعض الناسبات غير المتوقعة » كيف يندثر ( وهذا ما يعبر عنه مقطع 
غريب من « المذكرات » يقول : « لا أعرف أي حركات أو غرائز عمياء » تقف فوق العقل . 


(1) « اللذكرات ؛ ‏ للجلد الثاني - ص : 421 


وبنصح العقل نفسه باتباعها » ) . 

وباختصار . فإن هذه الملكية » برأي بوسييه » هي . في أن واحد » مقدمة وأبوية وخاضعة 
للعقل . ومطلقة . 

إننا نرى كيف أن هذا الملك القوي . المنحرر كلياً من القهر ٠‏ أو من « القوة القمعية » 
للقوانين . ( إنه غير متحرر من « قونها الموجَهّة » حسب التمييز الوسيطي ٠‏ وغثر المقيد إنسانياً ‏ 
يجد نفسه ممنوعاً » بفضل“"العلنيد من الكوابح نالأخلاقية . من الانزلاق في الحكم التعسفي : وهو 
شكل بر بري ومكروه برأي بوسبيه » بالرغم من أن هناك شعوبا وأمبراطوريات كبيرة إرتضت به . 
ويلح مؤّلْف « السياسة » على أن الحكم المطلق شيء والحكم التعسفي شي ء أخر . إن الكشيرين 
يقومون بالدمج بين النوعين من أجل جعل كلمة ه مطلق » كر رف .رلا لتمل «التن ليقي وي 
أنه . ه في ظل إله عادل » ليست هناك من قوة متحررة» بطبيعتهاء « من كل قانون طبيعي. إلمي . 
أو بشري  »‏ ففي ظل إله عادل لا توجد قط سلطة تعسفية خالصة 6« . 

لقد ركنا عل كلمة : أو بعري . فهل من الصحيح تماماً دعم الفكرة القائلة بأن املك 

المطلق هو بشرياً غير مقيد ؟ وماذا عن القوانين الاساسية ؟.إن هذه القوانين : التي م تمى ايا 
بقوانين « المملكة » ؛ لتمبيزها عن قوانين « الأمير» . كانت تشكل صدعاً » ذا أصل وسيطي ٠‏ في 
منطق الحكم المطلق والحق الااهمي . فمقابل المثل القائل « الله يريد والملك يُشرّع ».2 ,لاع معل 8) 
(«6اعقة6 كانت القوانين الاساسية تُذَكُرٌ بالقاعدة الوسيطية القائلة ه بأن القانرن فوق الملك »«06) 
(معوع: اعد . ففي ذروة الحكم الملكي المطلق كانت هذه القوانين تمثل البقية الاخيرة للتحديدات 
القديمة للسلطة . والتعبير الأخمير لنكرر ذلك عن مقاومة المؤبات الخفية . فلقد كتب 
بوسييه : « بأن هناك قوانين أساسية لا يمكن تغييرها » . واستشهد . في هذا الصدد . بالكتاب 
المقدس . ( ولكن دون أن يوضح ذلك في « السياسة » . بقدر ما سيفعله في ه التحذير الخامس 
للبر ونستانت » ٠‏ الذي سيكتب فيه : ٠‏ إن أكثر الملكيات حكياً مطلقاً لايمكن إلا أن يكون ها حدود 
لا تتزعزع . وتتجلى في بعض القوانين الأساسية . التي لا يمكن فعل شيء ضدها ٠ ١‏ لا يكون باطلاٌ 
في حد ذاته » ) . 

ويجب مع هذا القبول بأن منظري تلك العصور لم يتمقوا مطلقاً عل قائمة دقيقة لهذه القوانين 
ولا عل طبيعتها . وذلك باستثناء قاعدة انتقال العرش . وقاعدة عدم إمكانية التنازل عن الأملاك 
العامة الملكبة » وههما النقطتان اللتان لم يكن يوجد حومما أي شك . 

إل أن أي من هذه القوانين » في كل الأحوال . لم يكن يضمن الملكية الحرة للرعايا . إن 
بوسيبهء الذي يقتفي في هذا أثر بودان ولوبري . يجعل صراحة . بلا شك . من إنتهاك الأمير 
للملكية الشرعية علامة من علامات الحكم التعسفي ( ٠‏ في الحكم التعسفي لا يمتلك المره شيشا 
كملكية . فكل الأموال نعود للأمير . وليس هناك قط حق أرث ولا حتى من الاب لابنه » . إن 
الأمير يتصرف على هواه بأموال الرعايا ‏ كما يتصرف من جهة أخرى بحياتهم ) . لكن لويس الرابع 


(1) أنظر-: « السياسة » . . . ص :92 ؛ وص : 290 -292 


23247 


عشر في « المذكرات » يقتفي أثر هوبس » مع شيء من الوضوح المقلق للكنيسة 3 « إن الملوك هم 
سادة مطلقون . وإن هم بشكل طبيعي حق التصرف التام والحر بكل الأموال . سواء بالنسبة لأموال 
المدنيين أم الاكليروس ٠‏ وذلك ليستخدمونها مثل أمناء الصناديق الحكاء , أي وفق حاجات 
دولتهم » . ولتفهم من هذا أن المصلحة العليا للدولة فقطهي التي تتحكم في الضرورات الملكية . 


إن أي قانون أسامي أيضاً ‏ ومرسوم نانت الذي منحه هنري الرابع للبروتستانت لم يكن 
فلنوناً أسادياً - لم يضع الملك السيد في حالة د العجز السعيد » ( حسب التعبير السائد في النظام 
القديم ) . عن العودة عن التسامح في الميدان الديني . إن بوسبيه يُبْشْرٌ أن الامير يجب أن يستعمل 
سلطته من أجل القضاء على الأديان الباطلة في دولته . لكنه ينع هذا د الاقتراح » في الكتاب السابعم 
من « السياسة » بالاقتراح التاللي : « إن من الممكن استعمال الشدة ضد أتباع الأديان الباطلة : لكن 
استعمال اللطف أفضل » . ومن هنا تنبثق مثل هذه الجمل التالية التي تدعو للتأمل . والمثقلة 
بالمعاني . بعد الرجوع عن مرصوم نانت : 
« إن أولئك الذين لا يريدون أن يسمحوا للأمير باستعمال الشدة في المسائل 
الدينية » بحجة أن الدين يجب أن يكون حراً ٠‏ يرتكبون خط كافراً . إنهم ٠‏ بوجه 
أخر » يرون أن من الواجب السماح لكل الرعايا وفي كل الدولة باعتناق. الوثنية 
والمحمدية واليهودية ٠‏ وكل دين باطل . وبالتجديف وحتى بالالحاد . ويعني هذا أن 
أكبر الجرائم ستكون هي الأكثر بعداً عن العقاب ومع ذلك فإنه لا يجب اللجوه 
للشدة إلا في النهاية » ولا سما في النهايات الأخيرة 6« . 
الدين . الملكية : هنا بالضبط يمكن للاغراء أن يكون قوياً جداً بالنسبة للملك المطلق 
للانزلاق نحو التعسف . والتحول الى طاغية « بالممارسة » . هذا فإنه سيكون من الخطأ البالغة في 
تقدير أهمية مفهوم القوانين الأساسية التي لا تحمي الرعايا عملياً إل قليلاً . لقد كان تأييد الفرنسيين 
الحار للنظام مستقلاً عن هذا الأثر من آثار المافي . وقد استمد الحكم الملكي المطلق ٠‏ الذي بلغ 
الذروة » قوته ( كما هو الحال دوماً ) من نظام المعتقدات المغروسة بصلابة لدى المحكومين » روحاً 
وقلباً . لقد كان هناك اعتقاد بأن الملك يستطيع أن يريد فقطما هو جيد بالنسبة للملكة . وكان هذا 
الأعتقاد خي ايل الاثبانت . لقد كان عبارة عن مسلمة بديهية بالنسبة للملكية إنه « السر؛ ٠‏ كما كان 
يقال ) . إنّه سر ومسلمة اعتبرهما . جان جاك روسو. « في العقد الاجباعي » ٠ ٠‏ وبعد نحو مئة 
عام , أي في قرن العقل النقدي . نوعاً من السفسطة التي من شأنها أن تمنح ٠‏ الأمير» » وبحرية » 
د كل الفضائل التي قد يحتاج اليها » . وتفترض « أنه سيكون دائياً كما يجب أن يكون » © 
إلا أن نظام المعتقدات هذا , الْسَلمِ بأنها المعتقدات الوحيدة المستقيمة ( أو باختصار هذه 
الارثوذكسية الدينية والسياسية ) أصبح هدفا للاندفاعة الخفية للتأئيرات الفكرية الججديدة . إن 


01( « السياسة » . . . الكتاب السابع - ص : 288 
(2 أنظر : « ني العفد الاجهاعي » الكتاب الثالث ‏ الفصل السادس ‏ الأعمال الكاملة ‏ بلياد- 3‏ ص : 412 


348 


الامر لم يكن يتعلق بعد إلا بنيارات خفية بدرجات متفاوتة . لكن التقاءها مع بعض مهد بشكل لا 
يقاوم لازمة الضمير الأو ر و بي (#صدحدمته ممع نمدم هط 26 #طاء) ( وهو عنوان الكتاب الذي 
ظهر في 1935 . لبول هازار . والذي أصبح اليوم كتاباً كلاسيكياً ) . التي ستكون أكثر من مجرد 
تمهيد لانحطاط الدولة ‏ الأمة الملكية ‏ بالمعنى الواسع للكلمة -. 

لكنه كان من الواجب أيضاً . لحدوث هذه الأزمة . أن تنواطىء الأحداث ( فهذه الاحداث 
لم نكن قادرة لوحدها فقط عل أن تخلق شيئاً من لاشيء في ميدان الأفكار . لكنها كانت تقوم في آن 
معا بدور الكاشف والسرّع 3 عندما يكون الفكر قد حَضَّرٌَ الارضية 0 بشكل كافي ) 4 

وهكذا . ضربة بعد ضربة . أتى حدثان مُهِمَان بشكل فريد . ومرتبطان ببعض جزئياً » 
ليطبعا سنوات 1680 . من خلال توحيد جهودهم| بطريقة مدهشة . الأول هو رجوع لويس الرابع 
عشر عن مرسوم نانت في عامكة16 ٠‏ والناني هو الثورة الانجليزية لعام1688 . « إن الارثوذكسية » 
بالمعنى المشار اليه » ستُصاب بأضرار فادحة » وذلك لمصلحة « الحرطقة » . المدعوة لأن تعرف ء 
خلال القرن التاللي » تطورات فريدة ١‏ وتنتهي أخيرا بانفجار1789 الفرنسي ذي التتائج العللية . 


3249 


الكتاب الرابع 
الرطقة وتطوراتها 


لكن المسائل الدينية ( ولا سيا وضع الكاثوليك الذين كان الملك مؤ يدأ لهم بشكل سري ) 
ومسائل السياسة الخارجية المرتبطة بشكل وثيق بالاولى ٠‏ لم يكن بإمكانها إلا أن تخلق ثانية توتراً 
خطيراً . فالاتصالات السرية لشارل ( ٠‏ الملك الذي يعوزه المال باستمرار » والذي يلتمس بلاحياء 
الهبات الآنية من وراء المانش »د ) مع لويس الرابع عشر , الذي بلغ حينذاك أوج فوته ني 
أوروبا ٠‏ أقلقت البرلمان والرأي العام المعاديين , في آن واحد » للفرنسيين وللكاثوليكية . وقد 
ازدادت خطورة الموقف بالكشف في عام1678 2 عن مؤ امرة بابوية مزعومة لمصلحة دوق 
يورك(0806لا0 عد©) . جاك . شقيق الملك ووريثه الذي كان رسمياً . كاثوليكياً . وهكذا 
استعرت منذ ذلك الحين , المعركة البرلمانية » حول قضية استبعاد جاك من ورائة العرش . ونفد 
صوت مجلس العموم بالموافقة عل هذا الاستبعاد . لكن مخلس اللوردات رفض ذلك في تشرين 
الثاني 1680 . إن تاربخ التمييز المشهور بين التوريز(وء706) واللويكز(كهة80) يعود للصراع 
الحزبي القامي والمعقد الذي ظهر آنذاك . فالاوائل كانوا محافظين ومعادين للاستبعاد . 
ومناصرين . عموماً . لتوسيع الامتيازات الملكية . أما الآخرون فكانوا احراراً ومؤ يدين 
للاستبعاد »ومداقعين عن حقوق البرلان في وجه الملك . 

واذا كانت مهارة شارل الثاني . ومراوغته أيضاً . وبراعته في كسب الوقت قد سمحت له 
بالوصول الى نباية عهده في عام1685 . في هدوء عابر, فإن شقيقه دوق يورك . الذي خلفه . 
بالرغم من العديد من المزامرات ٠‏ وتولى العرش تحت اسم جاك الثاني , واجه صعوبات فوق 
مستوى قواه ومواهبه . إن من السهل كثيراً وبدون شك . القول . بعد فوات الاوان . بأن عناده 
ورعونته جعلاه »عل ما يبدو , هدفاً للثورة . 


فقد عَرْضَ نفسه . وهو الكاثوليكي والمؤ بد بحرارة للحكم المطلق . للشك بأنه يريد أن يعيد 
إنجلترة لاحضان « البابوية » . المكروهة والمرهوبة الجانب . ورغم إصداره في عام1687 لاعلان 
التسامح الموجه لغير الانجليكاتيين . ٠‏ بما فيهم الكاثوليك . فأنه لم يعرف كيف بهدىء غضب 
الطهريين « الذين لا يريدون الحرية لانفسهم » إذا أعطيت ايضاً للبابويين . ولقد أثار هذا الاعلان 
لدى الانجليكانيين تلوف كبيرة . وطرح هؤلاء على أنفسهم . زيادة على ذلك , تسلؤلاً عا إذا 
كان من الواجب التسامح مع البابويين الانجليز . في الوقت الذي ألغى فيه لويس الرابع عشرء 
« هذا الشيخ الملعون ‏ . الذي كان جاك الثاني حليفاً له . مرسوم التسامح الخاص ببروتستانت 
فرنسا ؟ . 


وعندما رُِقَ جاك الثاني . في حزيران 1688 . بابسن من زوجته الشانية الايطالية 
والكاثوليكية , بدا أن الكيل قد طفح . فقد كان الامل معقوداً . حتى ذلك الحين » عل ولادة 
وريث بروتستاتي امور و حير ع به الس ب 
البروتستانتيتان والمتزوجتان من أميرين بروتستاز نتيين . لكن الولادة الجديدة قتلت هذا الامل » 


(1) أنظر : ماتدرو- المرجع السابن ذكره ص : 233 . 


253 


وفتحت أفقاً مكروهاً لوريث كاثوليكي . أيْ خَل يمكن اعتاده (ا)ضد هذا الافق . إن لم يكن 
اللجوء لأحد الصهرين » وهو غيوم دورانج(286ة:0 'ل عممنولاتت0) ٠»‏ حاكم هولندة ٠‏ وذدج 
ماري البروتستانتي ؟ . ولقد وافق هذا على التدخل بعد أن استُدعي لذلك . في آن واحد » من 
طرف الانجليكانيين وغير الانجليكانيين ؛ ومن طرف التوريز والويكز . ونزل على الشاطيء 
الانجليزي مع جيشه في تشرين الثاني 1688 ؛ حيث استُقبل كمحرر . وقد كتبت على أعلامه هذه 
الكلمات : من أجل الحرية . من أجل البرلمان . من أجل الدين البروتستانتي . 

واعمّبر هرب جاك الثاني في كانون الاول بمثابة تنازل عن العرش . . وهكذا أصبح غيوم 
وماري . بصفة مشتركة . ملكين على انجلترة في شباط1689 بعد أن وافقا على أعلان أو لائحة 
الحقوق 16815 01 11أ8) التي صاغها البرلمان عل غرار الشرعة الكبرى ١‏ وعريضة الحقوق . إِنه 
انتصار الملكية التعاقدية والبمانية على الح الآلمي والحكم للطلق . إنْه أكثر من ذلك . انتصار . 
البروتستانتية المضطهّدة والمهدّدة بشكل خطير , عل الكاثوليكية المضطهدّة0 . 


لقد كان من المحتمل أن تكون آثار إلغاء مرسوم نانت عايرة نسبياً لولم تحدث الشورة 
الانجليزية الثانية . فالدول التي لدأ اليها البروتستانت الفرنسيون سئمت سريعاً من سخط وأحقاد 
هؤلاء المهزومين . لكن ثورة162 أتت لتعطي مدى وصدى جديدين لهذا السخط وهذه الاحقاد . 
فعل سبيل المقابلة بالمثل أخطذ العديد من المهاجرين خارج فرنسا , ينشرون في كل مكان كان 
يصل اليه تأثيرهم . المديح الحمامي لانجلترة المتجددة » ويبررون في نفس الوقت احداث 1688 
بقولهم : إن تمرد الانجليز ضد ملكهم البابوي لم يكن أقل شرعية من تمرد البروتستانت الفرنسيين 
ضد الطاغية لويس الرابع عشر . إن شهادة القس جيريو » في هذا الصدد , ثمينة وذات دلالة . 

جبريو د تلهين » (ه)(حدنه نؤدة'نا» معضسق) 

نشر جيريوء بين عامي 1686 و1689 , « الرسائل الرعوية , المشهورة . الموجهة الى مؤ مني 
فرنسا الذين يثتون تحت الامر البابل »معمد:"! عل معاففة سد تعفد عل دعلد»ه اكدم 5هماكم0) 
(عومازطده8] عل 016زامك ها دنامد المعكدتصعع أنو 

إن بعض هذه الرسائل التي يدعم فيها شرعية حق المقاومة النشيطة . أو بعبارة أخرى » 
التمرد . يعود تاريخها بالضبط لعام1689 . إن هدفها لم يكن مدح ما جرى في انجلتره يحياس » 
بأقل ما هو إدانة لحكم لويس الرابع عشر للطلق , بشدة . 

إن جبريو لا يرد في كتاباته ( وكيا سيأخذ عليه ذلك بوسبيه في التحذير الخاصس لليروتستانت 
في عام1690) إلا كلمة عقد . فهو يرى أن من الواضح » » كالنهار وجود عقد أو ميثاق متبادل » 


(1) للوسوعة المللية ‏ مقالة أ . بورد(54نهم8 ..4) عن بريطتيا العظمى - وموسوعة عشمهفعةة! - التاربخ المللي ل - 
ص :181-176 وص : 211 ف . مور وا(/0 تفاط .'1) . 
(0) على حد تعييرب . هازلر في ه الازمة . . »- ص27 . 


254 


صريح أو ضمني بين الشعب والملك : إن علاقة الرعية بالامير مثل علاقة الخادم بالسيد » والزوجة 
بالزوج » والابن بالاب . ليست ولا يمكن أن تكون إلا تعاقدية » مهما قال فيها أنصار الحكم 
المطلق . إن العقد السيامي ( والمقصود هنا فقط عقد الخضوع أو الحكم » لآن جيريولا ينظر في عقد 
المجتمع ) يُظهر أنه ليس هناك من حكم ذي حق ألهي . إن الملوك , بالرغم من أنهم . فعليا , 
جنود الله ونوابه وصوره الحية » . لا يستمدون سلطتهم مباشرة منه . وإنما من الشعوب . لهذافإن 
السيادة تكمن بالاصل في الشعب ٠‏ فهو موضوعها الاول وهو الذي متلكها لدرجة أكثر ارتفاعاً » 
لآنْ الذي يُوصِلٌ شيئاً يجب أن يملك ما يوصله « بطريقة أكمل » . إن العقد السيامي يد من سلطة 
الامير من خلال توضيحه طدفها بدقة : فالشعب لم يعطه السيادة إل من أجل حفظ أمواله وحياته 
وحرياته ودينه . فاذا انتهك الامير البنود الاساسية للعقد » وإذا أصبح نيره ظالماً وعنيفاً » وإذا سبب 
بادارته السيثة اضطرابات . فإن للشعب الحق بمقاومته . ٠١‏ . 


إننا نجد هنا ثانية أفكار البروتستانت المناهضين للملكية في القرن السادس عشرء وقد 
تكيفت مع الجو الجديد . وخاصة مع أحداث انجلترة . فعقد الخضوع ؛ وسيادة الشعب . بمعنى 
سمو الجماعة . مُثلةٌ بالكبار , وبالمجالس والبرلمانات والمدن ( لآن هؤلاء » برأي جيريو . هم 
الشعب . الذي , لا يعني الجمهور ) ؛ وح المقاومة النشيطة أخيراً : كلها أفكار لا جديد فيها . 
ومع ذلك , فقد كتب جيريو » في حماسه لتبرير ما قامت به الامة الانجليزية ٠‏ » جملة جديرة بلللاحظة 
( بسبب فبرتها أكثر ما هو يسبب مضمونها نفسه ) وقابلة لآن تُذَكُرَ بالمستقبل الديمقراطي البعيد » 
أكثر مما تُذَكر بالماضي الوسيطي الملّهم لمناهضين الملكية : « يجب أن يوجد في للجتمعات سلطة مالا 
تكون مضطرة لآن تكون على حق من أجل إثبات صحة أعمالها . إل أن هذه السلطة لا تكون إلا في 
الشعوب » . ولئن استتكر بوسبيه هذا القول باعتباره نوعاً من العبادة غير المعقولة للجمهور أو للعدد 
الاكبر » فليس في هذا ما يدعو للمفاجأة . ولكن . لنقرا بالاحرى السطور التي سبقت الجملة 
الشهورة ؛ ه إن الامر لا يتعلق حتى بمعرفة ما إذا كانت الامة الانجليزية على حت . بالاساس . في 
كل هذا . لأنه عندما قد تكون على خط فأنه يجب . . . » ( وهنا تتبع الجملة السابقة ) . وهذا يعني 
أنه بغض النظر عن كل برهنة ‏ وقد استطاع القس المتحمس أن يقوم بذلك باندفاع ‏ فإن الضرورة 
للطلقة التي وجدت انجلترة نفسها فيها فبا يتعلق بصيانة البروتستانتية » كانت تكفي لتبرير قيامها 
بطرد ملكها . 

منذ ذلك الحين . أصبح بالامكان فهم الشكوى للرة لبوسييه ‏ بوسييه للمادي لجيريو . 
بوسبيه الارثودكسي الكبير الذي رأى كل تهديدات المرطقة تحلق في الافق وتقترب . والذي قال فيها 


(1) حول جيريو : أنظر : ر . ليرو(ئفتت»نه!ا -88) و للذاهمب السيلية لخيرير » عل وعدجنانامم معساتحمك عمل 
(نتعذتنال - أطروحة حقوق - بوردو1994 . 
ج . هل . دودج(عهك0<! .11 .3) - ه النظريات الياسية لموغويني الشتات »أن وعذعدمط لمعنانادم 1106 
(ومفد جكفك عا كت كاممعصوصا عط -.'! . ل هاطتعساه© . /ا . /( -1947 - الطبعة الثقية 1972 . 
ات . غواييه(©001 -15) - د أناتية بوسييه 6( اعنهوم8 عل عدمموتععدندا'1) - اطر وحة دكتوراله في الاداب - 
باريس تكمنهاعظ1 1965 . ر من 441 وما يمدها) . 


255 


في كانون الاول1688 : « إني لا أفتا أئنُ عل انجلترة » ١‏ . 
- الارثوذكسية المزدوجة : 
ما هو نظام المعتقدات . سواء الدينية أم السياسية » الْسَلْم بأنها مستقيمة . والوحيدة 
المستقيمق » والتي كانت مؤ سسات الحكم الملكي المطلق نزدهر بداخله . ىا تزدهر في هواها 
الحبوي والمقري ؟. وما هي السهات الاساسية التي كانت تسمح بتعزيفه ؟ يمكن الاجابة : الايمان 
بالعناية الآفية . وأوليهُ الواجبات . والقبول بالعقل ‏ النظام(2مناماعوتك -500نه هل) . 


إن العالم , كما يُعَلْمِ بوسبيه في كتابه ه السياسة » .. . ( وبروعة أكثر في « الخطاب حول 
التاريخ العالمي » ) محكوم بالعناية الأية . فليس هناك قط من صدفةٍ في حكم الامور البشرية . إن 
الحظ . هذه الكلمة العزيزة على مكيافللٍ والتي يستعملها علم التنجيم » ويسرف في ذلك . ليس 
ها أي معنى . « إن لم يكن معناها تغطية جهلنا » . إن حكمة الله تتجل في كل الامور البشرية : 
إنها حكمة أبدية لا محدودة . وحيث تكون الحكمة لا حدودة , لا يبقى هناك مكان للصدفة . إن الله 
يسك بمقاليد كل الممالك ؛ إن بيده كل القلوب , فأحياناً بمبس الشهوات وأحياناً اغرى يطلق لها 
العنان : وبهذا « يمرك كل الجنس البشري » . إنه يحضرٌ النتائج » في الاسباب الاكثر بعداً . «إن 
هذا التلسل الطويل للاسباب الخقاصة التي تبني وتقوض الامبراطوريات » يخضع للاوامر السرية 
للعناية الآهية . إن الله وحده يعرف كيف يخُضع كل شيء لارادته . فليس هناك قط من قوة بشرية لاا 
نُستخدم رغياً عنها في تدابير غير تدابيره . إن غابة حكم العناية الالمية هذا هي خلاص المختارين . 
فهوليس «بقدر» أرة بقانون » » كيا يشير لذلك ناقد مغل تِ . غويبه الذي يراه ه يقظاً . 
حااً» , مشابياً بالاجمال : لملك . عاقل ومطلق . يستعمل بشكل مفيد رعاياه الاوفياء ويحقق 
سعادتهم » . إن سعادة الانسان على هذه الارضض ٠‏ التي لا يعتبر فيها إل عابر سبيل زائل » تبقى 
ثانوية بجانب خلاصه الابدي . ونخاضعة له . إل أن الانسان عاجزعن بلوغ هذا الخلاص بواسطة 
قواه وحدها , وهذا فإنه بحاجة للنعمة الإلهية . إن الاخلاق لا تشكل إلا جزءاً من الدين الْبزّل » 
ولابمكن أن توسد بشكل مسقل عنه وده : 

ومن قبادة العناية الإِية للعالم . الموجهة نحو خلاص النفوس . ننتقل بشكل طبيعي الى 
أولية الواجبات . 

إن الحرية ( كيا كتنب بوسيبه ) أعطيت لنا ء ليس من أجل التحرر من ير الوضع 
البشري « وإنمامن أجل حمله بشرف . بحمله طواعية » . إن في هذا رفض حرية خخاطئة ووهمية لن 
تكون إلا تمردا مجنوناً وعقباً ضد ما هو حتوم ! إن النبرة لم توضع عل الحقوق ولا على السعادة وإثفا 


(1) ر. ليرو- للرجع السابق ذكره ‏ ص : 144 : 
مشجد الجزء الاسامي من « التحذير الخامس للبروتتستقنت » في ج . لانون(200تها.9) : و بوميه : 
نبذات من الاعيال المختلفة 3©3(6تت7فل 02007565 063 قانهتات» ,80980061) باريس -1899 . 

(© أنظر : « الحظاب . . . » مع مقدمة جب . تروشيه(1*اع16  )0.‏ باريس - منشورات عندعدة 1966 . 


356 


على الواجبات : إنه ملم متصاعد من الواجبات . يرتفع من الرعية انى الملك , ومن الملك الى الله 
( بما في ذلك الواجبات الخاصة بالملكية , الني يخُصص لما بوسيبه كل الكتاب السابع من 
و السياسة » .. ٠‏ ) . إن كل واحد يتلقى في إنجازه لهذه الواجبات الفردية والعامة ( المتعلقة 
بالدولة ) . المساعدة من النعمة الاههية ومن الاطار التقليدي الموروث عن العصور الوسطى والذي 
يحدد له مكانه في السلم الاجتاعي . وإن لكل واحد القدرة لآن يرتفع في هذا السلم شريطة أن 
يخضع لقواعد ثابتة ومتفقة مع النظام الذي أراده الله . 

إِنْ هذا النظام هو نظام عقلاني . فاذا كان بوسيبه يستبعد الصدفة أو الحظ . فلن العقل 
السيد الذي يرأس العالم ويهيمن عليه . في شكل العناية الالحية » يستبعده من حيث التعريف . 
(د حيث يوجد الكثير من العقل. يوجد القليل من الحظ» ؛ ) . لقد أشرنا سابقاً لدور العقل في 
ترتيب الملكية . وأوضحنا أن الامر يتعلق بالعقل » حسب مفهوم القرن . أي العقل الانضباط 
( وليسر. العقل النقدي ) . إن قبول كل فرد بهذا العقل - الانضباط » بدءاً باللك السيد نفسه » 

المطلق ولكن العاقل » يعتبر عاملاً مساعداً إضافياً وفعالاً في الانجاز الواعي للواجبات الفردية 
والعامة ( المتعلقة بالدولة ) . 

هكذا نرى الى أي حد ساعد هذا المفهوم ني غرس الاعتقاد لدى المحكومين بان الملك لا 
2 وني اترالي ورارو رسيا يستطيع أن يفعل الأ ما هرجيد 


إن في كل هذا تأكيدات . ذات طابع فوق طبيعي الى حد كبير . » أتت بشكل خاص لتدعيم 
السلطة . أليست هذه السلطة نابعة من الله سواء بصورة مباشرة ( حسب رواية الح الالمي 
الغاليكاني ) أم غير مباشرة . إن طاعة الملك من طاعة الله ا 
والموضوع الاول لكل طاعة . وعدم طاعة الملك هي كعدم طاعة الله : لنتذكر هنا لويس الرابع عشر 
حين يحث ابنه على إظهار الاحترام الاكبر لذاك الذي يجعل الامراء' » باعتبارهم جزءا من قوته 
العليا , تحترمين من قبل الآف البشر . 

إن في كل هذا تأكيدات تستبعد ؛ بسبب فضيلتها فوق الطبيعية . القلق الضار والمرضي » 
والفضولية العقيمة : باعتبارهما عنصراً مذوباً لكل سلطة ضرورية وسيّاً خطيراً بالنسبة للعقيدة 
الملكية والعقيدة الكاثوليكية . وهذا كا لوأن الانسان لم يكن شديد النزوع ٠ ١‏ بشكل غريزي ٠‏ 
لرفض كل إكراه دبني وزمني ! . لقد كان لدى لويس الرابع عشر رعب من القلق الذي يجعل حكم 
الكائن البشري , الطموح والمغرور بشكل طبيعي . أكثر صعوبة . وقد شهْر بوسبيه بكأبة . وهو 
يتخ بانجائرة السزنة ر ضسية الأسالاع المشؤوم!! ) لامي قلت ملكها شارل الأول زوج 
هنريبت دو فرانس ٠‏ بالداء في إحدى أشهر مرئياته بقوله : « إننا نُضعِفُ الدين عندما تعره و وننتزع 
منه وزناً ما » وهو الوحيد القادر عل ضبط الشعوب . إن لدى الشعوب في أعماق القلب قلقاً لا 
أغرف ما هو . . لكنه قلق يتسرب من القلب عندما نتتزع من الشعوب هذا مكبح الضروري . ولا 





(1)ا ت . غوابيه ص : 336 . 


337 


نترك لها شيثاً نحناط به » وذلك عندما نسمح لها بأن تجعل من نفسها سيدة لدينها » "" . 


هكذا تبدوالهرطقة , بوجهيها . المقابلين لنقطتي الدين والحكم واللتين تدور حوفهما ٠‏ برأي 
بوسييه , الأمور البشرية . ( الدين والحكم المتحدان ه في نوع من الاشتراك في السيادة » ) 
(«دنهتصولهه©) . هكذا يحلل نظام المعتقدات الذي تَغْذْتْ منه » واستمرت عليه المسسات في 
ذلك العصر© . 
كيف يمكن . في مواجهة ذلك , تحليل النظام المناقفض » أي الطرطقة التي جرى التمهيد لها 
بشكل خفي ؟ . 
3 الهرطقة : الفردية والعقلانية : 
إنعتاق الفرد أو الفردية(عدمداله12010:041) » تلك هي السمة الاساسية الاولى . 


في اليونان القديم . وني العصر الكلاسيكي . شَهْر أفلاطون وأرسطو, حارسا المدينة 
القلقان » بالفردية باعتبارها نفوراً للفرد من الاكراهات الاجتاعية . ومن الواجبات الثقيلة 
للمواطن . إن صفة عضو المدينة . الواعي لالتزاماته نحوها ٠‏ كانت تتغلب للغاية » بنظره) » عل 
صفة الفرد » المبهمة والتي لا قيمة نبهائية لها : ومع قدوم العصر الملليني وانحطاط المدينة ؛ تغيرت 
الامور : فقد ظهرت فكرة أن الانسان له قيمة نابعة فقط من صفته كفرد إنساني . وكوحدة 
إنسانية متميزة ومتتمية للمدينة العالمية الواسعة . وكان من نتائج ظهور هذه الفكرة الاقرار بأولوية 
هذا الفرد بالنسبة لأي مجموعة .ثم أتت المسبحية . على إثر الرواقية » لتؤكد استقلالية الحياة 
الروحية لكل واحد . ولتعلن الطابع الفردي للخلاص : وقد نجم عن هذا الامر الاعتراف بالقيمة 
المطلقة والسامية لكل كائن بشري » ( أو بتعبير أفضل لكل ه شخص بشري » ) . باعتباره صورة 
الله ٠‏ الذي يجد فيه غايته . والذي لا يمكن بأي حال أن يُعامل كمجرد آلة للجماعة السياسية . لقد 
استفاد هذا الفرد المسيحي » كما أرادته وصنعته العصور الوسطى ( التي كانت عصر تفتحه ) من 
تأطير مزدوج وصارم : تأطير الكنيسة من جهة ٠‏ وتأطير المجتمع الزمني من جهة أخرى ولقد كان 
من غير الممكن . في تلك الفترة ء تصور وجود حقوق فردية إلا بالرجوع لنظام قانوني محدد : فالن 
له نظامه مثلم| أن للملك نظامه . إن الشعب مِثْل في الجمعيات برؤ سائه الطبيعيين . وهناك روابط 
اجتاعية من كل الانواع : إقطاعية » تجمعية حرفية » ديئية » اقليمية توحد بين الانسان والانيان » 
وتخضع الانسان للانسان ٠»‏ وتضمن حداً أدنى من طاعة الفرد للاكراهات العديدة والمتنوعة . 
وتستبعد أيضاً , كتعويض رصين . كل عزلة لهذا الفرد . 





(1) أنظر مرئية هنرييت دو فرانس - في تروشيه ص :80 . 

(2) إن نعبير00000618:1011© هول . ت . غراييه ص : 253 . 

(0© أنظر ه . لامكي(نءلكشا .1!) د الليبرالية الارروبية من العصور الوسطى الى أيامنا هذه » #تمدنلد,54نا ما) 
كنامز دهم ف عو م210 دال معفمو عناء ‏ مترجم عن الانجليزية ‏ باريس 1950 . 
در .ه. تارناي(اماه؟ ذلط .8) ١‏ الدين وانطلاقة الرام لية »(عدمكةلهاامق داك »مك 'ااء مونهناة: هل) - 
باريس ‏ منشورات 0171866  1951-‏ ( مترجم عن الانجليزية ) . 


325 


ولكن ها هو عصر النهضة يأني كرد فعل على العصور الوسطى . ويتحرر الفرد » وحتى لو 
كان قليل التحلٍ بالفضيلة العزيزة على مكيافللي ‏ بشكل مدو من الانضباط الكاثوليكي الطويل . 
ويندفع بتلذذ في الغابة الاجتاعية . ويتطلع للاتعتاق في كل الميادين . ونرى شغف الاكتشاف 
والمطلب النقدي . وروح البحث الحرء وتمجيد الغرور الانساتي » ٠‏ يمتزج بأرادة القَوة وتمجيد” 
الجسد والفن ١‏ » بأشكاله الاكثر وثنية . لدى نخبة ضئيلة من الهاذج الاستثنائية من البشر » الذين 
كانوا غالباً ؛ وفي آن واحد . محاريين وفنانين وعلماء . ولا أخلاقيين عن طيب خاطر , وشرسين . 
لقد أذهل هذا الامر فها بعد ( وب في ذلك القرن العشرين ) اممخيلات بطريقة فريدة » ولكن ليس 
بدون أن يزين اللانسانية » لقاء ثمن زهيد . بالامجاد الرومانسية للانسانية المتفوقة . 


إل إلا أن رد فعل العصر ضد التنظيم الوسيطي المعروف بطابعه التقليدي والسكوني ٠‏ والقائم 
على أسس أخلاقية أكثر مما هي إقتصادية . شجع عل الانعتاق الاقتصادي للفرد أيضاً . فقد كانت 
روح العصر تناضل من أجل قيام تنظيم ديناميكي . يتبنى معيار المنفعة . ٠‏ الحددة تبعاً لاشباع 
الحاجات الفردية . والتي يتم الحصول عليها بالحد الاقصى من الإثراء الفردي . وقد تمحور هذا 
التنظيم حول السعي لإنتاج بلا حدود ؛ الامر الذي يتناسق ؛ بشكل كامل . مع الطابع الشره 
للشهية الجديدة للثروة .ولا ون أن نسى لل هذا للفرد + الساثر فى طريق الاعنان الالتصادي > 
والذي تسيطر عليه غريزة الكسب وروح المشروع . هذاه البائع 50(6هطععة84) ( وهو تعبير يضم 
أصحاب المعامل . والممولين وكذلك التجار أو المفاوضين بالمعنى الحصري للكلمة ) » سيجد في 
الدولة الحديثة - المنعتقة بشكل مواز باعتبارها وحدة سياسية سيدة حليفاً ثميناً » وذلك خلال 
مرحلة طويلة . ذاك أن هذه الدولة الحديثة , ا ل بد اموي 6 
بضمان السلام الداخلي ؛ وباقامة شبكة من المواصلات المحمية برا وبحراً » وستمنع . 
عواسدياب ا ايد موري بمونوج يه 
بالانظمة القديمة المسيّبة للشلل . 


الى أى حد إستيدِلت فردية عصر النهضة هذه » بفردية الاصلاح الديني ذي المدى والاتساع 
الاعم بكثير ؟. لقد قسم السؤال مؤ رخي هذه الحركة الدينية الكبيرة ذات التنائج العميقة 
والمتنوعة 3 التي تتجاوز قضية الايمان وحدها ٠.‏ 


إن جورج بوردو(دادء0:لا8 .)) سيتحدث عن « الوجهين » اللذين يقترحههما الاصلاح فيا 
يتعلق بالنقطة موضوع النقاش : 

« إن الاصلاح يظهر للبعض كمحرك لنزعة ذاتية مطلقة تترك للضمير مسؤ ولية 

تأسيس كل القيم الفردية والاجماعية . إنه يبدو كمدرسة للفردية نفسها . باعتبار أنه 

كاب ورين أ تر مووي بل 

ية . . . بشرعيتها . ويظهر الاصلاح بالعكس للا رين من خلال السمات 

لخد يهام از أ لفوية أذ ييا افر . ويرى فيه هؤلاء 

مذهباً للنظام . يدعو على الصعيد الديني لعقيدة أكثر موضوعية » وأكثر إطلافية » من 


3259 


اك في كلد يق عن واد الغصود وى + كا در عل الصعيد السيبي 
3 خب الزاضيق لسري 4 1 


إن طرح عبارات النقاش أسهل من حسمه . لكن من الممكن بذل جهد للنظر اليه بوضوح 
أكبر . الامر الذي سيقود المؤ رخ لتمبيز التنائج غير المباشرة وذات المدى البعيد للاصلاح عن نتائجه 
المباشرة والفورية . 
كيف نتكر أن الفرد المتحرر من السلطة العقائدية للبابوية يقع الآن فور تحت سلطة الكتاب 
٠ 0‏ أي بعبارة أخرى . كلام الله الذي يفسره بقوة البداهة رجل مُلهم ومُتصلف . 
ثم كالقن . إن هذا الفرد لن يستطيع التذرع بحسه الخاص . وعقله الخاص . وبحثه 
حرو م او ا و 72 . فالسلطة 
المذهبية الجديدة تستبعد كل فردية عل صعيد الايمان . 


هكذا عمل الاصلاح مباشرة » وفوراً » وف المدى القصير , على إيماد رؤساء روحيين 
جدد . يمثلون الحقيقة الموضوعية التي أصلحت وجُدَّدَت . 


ولكن كيف ننكر أن روح التمرد الفردي والبحث الحر أحرزت في الأجل الطويل ؛ وكتتيجة 
غير مباشرة للاصلاح . تقدماً هاماً في كل الميادين بالرغم من المصلحين أنفسهم ؟ . لقد احعذنت 
أعداد متزايدة من الافراد تستسلم أكثر فأكثر لاغراء الانعتاق من السلطات الدينية الجديدة » الناشئة 
عن التمرد الاصلي . وكذلك من السلطات السياسية القديمة والجديدة ‏ . لقد رفض ج . بوردو» 
بحزم أن يقلل من أهمية ما وصفه د بالمعنى الديمقراطي للاصلاح » , وذَكرَ بواقع أن الملفين الذين 
تركت نظراتهم أثرأ في جمهرر المثقفين , بعد ثورة 1789‏ من أمشال كوندورسيه(1ع000006) 
وبونالد (فلههده8) وبالزاك (مهدله8) - وافقوا دائياً على وجود صلة نسب بين الروح الليبرالية 
والبر وتستانتية » لنخلص إذن من هذا للقول بأن البروتستانتية أودمت . بدون أي شك » ف 
النفس الغربية عامل تخمير فعال ودائم للاحتجاج الفردي . وذلك بشكل يتجباوز كقيرا نوايا 
مويه ( وإن كان متفقاً مع ماهيتها الداخلية ) بت :. 


وإذا عدنا الى الميدان الاقتصادي لنلتقي ثانية بالفرد السائر في طريق الانعتاق منذ بداية عصر 
النهضة . والذي تسيطر عليه غريزة الكسب وروح المشروع ٠‏ فاننا سنكتشف بوضوح أن 
الكالقينية , ولا سا في شكلها الطهري , باشرت سيرها في نفس الاتجاه الفردي ( وبقوة مُسرعَة 
فريدة من نوعها ) . لقد ظهر ني عام1905 كتتاب شهير لعالم الاجباع الالماني الكبير ماكس 
ويبر(/ءاء/77 عنهقة) . بعنوان « علم الاخلاق البروتستانتي وروح الرأسمالية »عناونطا»' 0 


(1) ج . برردو(ناشع50نا8 .0) ١‏ الوسيط في علم السباسة (عناوانلوط ععمعاع5 عل 6انه: 7‏ للجلد6 - 
الكتاب 2‏ ص : 130 ( الطبعة الثانية ‏ باربس ‏ منشورات 0.2.2 .1 -1971) . 
22 المرجم السابق ‏ ص : 141 والحاشية 53 . 


(عصعتلة تصق دال لم5 '1اء ع1سهاو60]6م وقد عمل هذا الكتاب . في أيامنا هذه » على إشاعة فكرة 
وجود صلة روحية بين الكالفينية والرأسم لية التجارية في ذلك الوفت : ألم يكن اغتناء أصحاب 
« الايمان الحقيقي » شاهداً على قَتَرهم وعل انتقائهم الإللمي » ؟ « . 


لقد تأمر كل من عصر النهضة والاصلاح والشورة الاقتصادية في القرن السادس عشر 

( المحتومة بالنسبة للنبلاء ) والتطور السيامي ( الموْ كد لمحضر الضبط القاسي الذي وضعه مكيافللٍ). 
بعزم . من أجل الوصول لعصر البائع هذا ٠‏ الذي سيكون . في الوقت نفسه . عصر الطبقات 

الوسطى : إن تجمعاً من الافراد الجريئين . والمليئين ثقة بثرواتهم فقط , كانوا يعانون أكثر فأكثر من 
إكراه الانظمة وبتطلعون ا عهمةء, للحد الاقصى من الانعتاق الاقتصادي . 

العقلانية : إنها السمة الاساسية الثانية للهرطقة . لقد كتب أريك ويل 05378711 يقول : 
وإن هوربس وسبينوزا(028صام5) ولوك (ععماءم1) وبايل (عانزه8) وفولتير (ععنها 01701 وطيرهم ٠‏ 
متفقون على النقطة القائلة بأن أي سلطة . ديئية أم لا . لا يمكنها الاستناد لمجرد التقاليد أو للانوار 
الخاصة أمام محكحة العقل السيد » . إننا لن نعود الى هوبس . وستحتفظ بالحديث عن لوك 
للفصل الخاص به . لما له من أهمية استثنائية , وستتعرضن لفولتير في معرض حديثنا القادم عن 
عصر الانوار . أما الآن فأننااستتكلم عن بايل ( المتوفي في عام1706) وسبينوزا ( المنوفى في عام1677) 
بعد أن نقوم بترضيح موجز . على سبيل التمهيد . للعقل لدى ديكارت (165ئقء5©) سلفهم الكبير 
( المتوق في عام1650) . 


كتب بول هازار . عن لسان فونتنيل00:65©110) . يقول : ١‏ إن ديكارت « المهندس » هر 
الذي أعطى ٠‏ النبرة » للعصر الجديد !.فالعقل الديكارتي لا يقبل بأي شيء كأمر حقيقي إل بعد 
التعرف عليه بشكل مؤ كد . بأنه كذلك . وهو يوصي بالتفكير ثانية بكل الاراء . وباصلاحها من 
خلال ضيطها عل للستوى العقل ! . لقد فضّل فونتنيل . في نهاية القرن . هذا المنهج الجيديد 
للتفكير » على فلسفة ديكارت نفسها التي رفضها . ولكن لنحذر من رد هذا الميتافيزيقي العميق الى 
« الديكارتية المنهجية » ؛ البعيدة عن ثيل كل الديكارتة . مهما كانت شهرة كتاب ؛ خطاب حول 
المنهج (ءلمطاعم ها عند دسنمعوزه) . ولنحذر أيضاً من إلصاق نوايا هرطقية به سواء في السياسة 
أم في الدين . فقد دافع عن نفسه , في هذا الصدد , بصدق وقوة . وأعلن صراحة طاعته لقوانين 
وأعراف بلاده » وكذلك لدين طفولته . إلأ أنه لم يستطع . من جهة أخرى . منع التشويهات التي 
تعرض ها مذهبه في المستقبل عبر سيره با لم مم سع شاه الؤقت سن لبج الطرين اخاك 
نهائي . ولا منع عقله المكبوح إرادياً من أن يبين الطريق للعقل الجريء في الازمنة اللاحقة . العقل 
الذي ازدادت جرأته بقدر ما كان يستطيع منذ ذلك الحين أن يعتمد . أكثر فأكثر . على النمو 
الحخاسم للعلوم الدقيقة . ففي عام1687 نشر اسحق نيوتن (7160100 ع538ا) » عملاق الفكر 
العلمي . كتابه المشهور « الاسس الرياضية للفلسفة الطبيعية )ها06 معنوناهدعطاهد معمامصاءطم) 
(علءتتطهد عنطوموطتام . لقد كان تفكيره النظري يتغذى من التجريب . وقد إنطلق ( كما يقول 


(1) المرجع السابن ‏ المجلد 6‏ الكتاب الاول ‏ ص : 156 وما بعدها . 


361 


فوتتنيل ) مما هرى ليجد له سبباً . وييدو أن عقله قد و اخترق قلب الطبيعة » . لقد تحفقت كلمة 
ف . بيكون  :‏ المعرفة هي القدرة ؛ . وتحققت معها كلمة ديكارت حول البشر الذين أصبحوا 
و مادة الطبيعة رَمُلاكَها » . 

من مثل هذا النمو للعلوم ٠‏ وبشكل ملازم له و قات لابن المت ان و 
فكرة » ستفرض نفسها » غصباً , مع الزمن , وستكون , بشكل ما » المظهر الديناميكي للعقل 
إنها فكرة التقدم . ولنطلب » بالاحرى ٠‏ أيضاً من فونتنيل » هذا المتبسم ولكن الام ٠‏ الذي اننخرط 
حينئذ في النزاع المشهور ( الذي كان أدبياً بالاساس ) بين القدامى والمحدثين » والذي نطق . في 
عام 1638 » لمصلحة هؤلاء الاخيرين . بالحكم المعروف جيداً والذي يتجل فيه إمان بالانسان » 
ينوب عن إيمان عصر النهضة ويوسّعه : دأإن البشر لن يتقهقروا مطلقاً . والنظرات السليمة لكل 
النغوس الطيبة ستضاف دائياً لبعضها البعض » " . 


بايل وسبيئو زا 
عقل بايل . . . إن بيار بايل ٠‏ البروتستانتي من جنوب فرنسا . الذي أصبح يُعرف ‏ بفيلسوف 
روتردام  »‏ المجادل الذي لا يتعب ومؤلَْف  .‏ القاموس التاريفي والنقدي ٠نمهدمناءة©6‏ 
(6ناوناذى اء عناوزكماكلط المشهور في 1696 0( لم يكف عن المطالبة بحقوق العقل والحقيقة في وججه 
الحجة السلطوية . لقد أعلن بأن ما آمنا به وعَلّمناه باستمرار ليس له مع ذلك أي قيمة ٠‏ ون قَدَمْ 
الاخطاء لا يمكن أن يجعلها تصبح حقائق , وأن الزعم بأَنْ الرأي المنقول من جيل الى جيل ٠‏ ومن 
قرن الى قرن » لا يمكن أن يكون خخاطتا كلياً , إنما هو تجرد وهم . إن الحقيقة , بالنسبة لهذا البطل 
العنيد الفكر ٠‏ هي دائياً (كما قال أ . لابروس (055158ا880 ها .8) » « إعادة اكتشاف 
شخصي , وامتلاك نشيط يحفقه الفرد 6 . وأنه لا يوجد هناك من تقادم ضدها . قفي « جمهورية 
الافكار » يعتبر التعارض الحر بين الافكار هو القاعدة . وفيها نتعرف فقط على أمبراطورية الحقيقة 
والعقل ؛ ونْثِينٌ معركة ه بشكل بريء على أي كان » ( صديقاً أو قريباً , لا يهم ! ) . من أجل 
جعله يتتصر على الخطأ والشهوات . إن القاموس , الذي الممته هذه الروح ونشطته كلياً بشكل 
( كا أشار بول هازار ) ترسانة إستمر الناس . بعد وفاة الولف بمدة طويلة . بغرف كل 
الاسلحة » المسئونة حسب الرغبة . منهاء» عندما كان الامر يتعلق «باستبدال السلطة بالنقد و ! . 


عقل سبينوزا . . . رفض فيلسوف لاهاي الاحكام المسبقة المتعلقة بالدين » والتي تُرجعه 
٠‏ لأسرار لا معقولة تُعارض كل استعمال حر للرأي , وكل تمييز بين الصحيح والخطأ ٠‏ وتطفىء « كل 


(9) في « إستطراد حول القدامى وللحدثون ؛(5عدتعله]8 دماك كمعاع م4 وعا تند ومندوعمو91©)  )1688(‏ حول 
فونتبيل ٠‏ الذي فْهِمَتْ اهميته « كمنشد للعقلانية النقدية » ( عل حد تعبير و . كروس ) في فرضاء أنظر 
« للوسوعة العالمية » وكتاب س . ر . كارييه(041388 .2 .5) ٠‏ فلفة فونتيل أو إيتامة العفل  »‏ باريس - 
2 . 
(1) حول بابل أنظر : البزابيت لابروس(عةةناه»طه! .8) : « بايل ٠(عالاة )8‏ ( مجموعة : فلاسفة من كل 
الازمنة  )‏ باربس منشورات5©#الجء5 -1965 . 


نور الفهم . واعتبر أن المعجزات المزعومة تعمل على التشكيك بوجود الله أكثر ما تبرهن عليه : 
أليست هذه المعجزات عبارة عن تخالفات لنظام الطبيعة الثابت ؟ . وينلد سبيئوزا بالخرافة » هذه 
الغباوة » التي بها يحرف الدين . والتي لا سبب آخر لها , ولا غذاء آخر . غين الخوف - لكنها » 
للأسف ‏ الوسيلة الاكثر فعالية لحكم الجمهور : « فبها يمكن حمله بسهولة » » تحت ستار الدين » 
أحياناً عل عبادة الملوك كآلهة . وأحيانا على لعنهم وكرههم كمصيبة مشتركة على الجنس البشري » . 
وبسارع سبينوزا ليعلن بأنه . إذا كان مثل هذا الدجل يتلاءم تماماً مغ النظام الملكي ٠ ٠‏ فأن شيثاً من 
هذا القبيل لا يمكن تصوره أو تجريبه في جمهورية تمنع الحرية المشتركة فيها من أن يخضم « الرأي 
الخاص الحر » للاحكام المسبقة . أو يكون عرضة لأي إكراه :1 . 
إن الفيلسوف ينتفض هنا ؛ بشكل جلٍ ٠‏ كمواطن في هولندة الحرة . ومع ذلك فإن نقطة 
انطلاقه . كمنظر سيامي ( فهو مؤّلّف لبحثين بالاتينية هرا : « بحث في اللاهوت - السيامي » 
(كلءنانامم -مءنع06010) 18618105) الصاحر في عام1670 ؛ د والبحث السيامي » كلااهاءعه:1) 
(ؤنهناتاهم » غير المكتمل ٠‏ الصادر في عام1677) تبدو قريبة بشكل خاص من نقطة انطلاق 
هوبس ا 00 
به » أي أن هذا الحق نحدده فوته وشهيته وهذه الحالة هما مساوىء خطيرة . منها عدم الآمان 
وللتخلص من هذه الحالة . والعيش بشكل أفضل تحت مظلة الضرورة والعقل في أن معاً , يتحد 
البشر في جسم واحد . وينقل كل منهم كل حقه الطبيعي ٠‏ » بموجب ميثاق صريح أو ضمني . لهذا 
الجسم الاجتاعي . أي للمجتمع . ويصبح هذا المجتمع فقط . منذ ذلك الحين » حق طبيعي سيد 
على كل الاشياء . إنه سيد غير مقيد بأي فانون . ويجب عل الجميع أن يطيعوه في كل شيء . 
ل ل 
الاقل من بين شرين 
لكن الاختلافات مع هويس تظهر بعد تجاوز نقطة الانطلاق هذه . 


والاختلاف الاسامي الاول يكمن ني أن هوبس آثر الملكية أو سلطة الفرد الواحد » من بين 
كل أشكال الحكم . أما سبينوزا فاختار الديمقراطية . فقرة وإرادة الكل مجتمعين تل ٠‏ من خلال 
الا تحاد الاججماعي » محل قوة وشهية كل فرد . إن الديمقراطية تُعَرَفء بدقة . بهذا الاتحاد بين البشر 
٠‏ في كل واحدٍ له حق سيد جماعي على كل ما هو بمقدوره » . إِنها أيضاً النظام الذي تكون الاوامر 
اللامعقولة فيه . من أفل الامور التي يِحشى حدوثها : وينبع هذا من غايتها نفسها التي تكمن في ٠‏ 
تخليص البشر من السيطرة ‏ اللامعقولة للشهية . والابقاء عليهم . بقدر الامكان . ضمن حدود 
العقل . الزنام والسلام . إن الديمقراطية هي إيضاً النظام الاقل بُعدا عن الحرية والمساواة 
الطبيعيتين . كل فرد ينقل حقه الطبيعي لاغلبية المجتمع ‏ الذي يشكل في حد ذاته جزءا منه » 
( وليس لرجل آخخر بحيث لا بستشار فيا بعد ) . إن الجميع يبقون إذن متساوين كما كانوا سابقا في 


(1) حول مبينوزا : أنظر : ش . أبوهن(2«الههم4 .08©) : ٠‏ سبينوزا » ( مجموعة : و حضارة ومسيحية  )‏ باريس - 
منشورات طاعنعماء2 -1927 . 


23263 


الحالة الطبيعية ‏ , 
اما الاختلاف الثاني فيكمن في أن الحن الطبيعي لكل فرد » لدى هوبس ٠‏ يختفي جذرياً في 
الحالة الاجتاعية  .‏ فالانسان كان عليه أن يموت بالطبيعة ليلد في الحياة الاجتاعية » . إن عملية 

النقل للوفيائان كانت كلية ومطلقة . أما عند سبينوزا , فإن هذا الحق المنقول . يبقى » بالعكس ٠‏ 

حياً . إن العيش في أمان ( وهذا ما يشكل بالضبط الغاية الاخبيرة التي على الدولة ضمانها ) . يعني «١‏ 

بالنسبة لكل فرد « أن يحفظ بمقدار ما سيستطيع . وبدون إلحاق ضر بالآأخرين . حقه الطبيعي 

بالوجود وبالتصرف » 02١‏ 5 

وأما الاختلاف الاخير . الذي يساهم في توضيح الاختلاف السابق ٠‏ فهو الاكثر جاذبية . 
ففيه ينفصل سبينوزا . مواطن الجمهورية الحرة , أكثر ما يمكن . عن هوبس ( كما ينفصل عنه , في 
نفس الوقت . بطل فكري آخر . مثل بايل . ولكن باسلوب مغاير ) . إنه يرى أن مراقبة الاراء 
والمذاهب والامتثالية الخارجية التي يفرضها اللوثياثان هما ثمن مرتفع جداً وغير مقبول للسلام . إن 
فيلسوف لاهاي يحتفظ صراحة بحرية التفكخير وإصدار الحكم . بالرغم من احتال مناقضة هذا الامر 
تقريباً لمقدماته المنطقية ( وذلك وفاءً منه لمتطلبات عقله الاكثر عمقا ) . « إن أي.شخص لا يمكن أن 
يتنازل عن حرية إصدار الحكم والتعبير عن الرأي كما يريد . فكل فرد هو سيد أفكاره الخاصة 
بمفتضى حق طبيعي عالي » . إن المعضلة تكمن في توضيح المقياس الدقيق الذي يمكن هذه الحرية أن 
تُعطى فيه بدون أن يشكل ذلك خطراً على السلام في الدولة . لكن أي تنازل حول المبدأ نفسه لا 
يمكن أن يكون مقبولاً . إن سبينوزا لا يجخشى هنا من أن يكرر : لا , إن أى شخص لا يستطيع أن 
بنقل لأي شخص آخر حقه الطبيعي . ولا ملكة ه استعمال عقله استعهالاً حرا » » ولا أن يكون 
مُكرهاً عل التخل عن ذلك . ويتوج سبينوزا هذا الشرح بأعلان رائع لرأيه السياسي فها يتعلق بغاية 

الدولة . 

إن هذه الغاية » على حد قوله . ليست السيطرة . فالدولة لم تُوّسّس من أجل إخضاع 

الانسان بالخوف. وجعله يتعلق بأنسان آخر ؟وإنما .بالعكس ٠»‏ من أجل تحرير الفرد من الخنوف 6. 

لا. إن هذه الغاية لست في تحويل البشر من وضعية الكائنات العاقلة . الى وضعية الحيوانات 

الوحشية أو الانسان الآلي . لقد تاسست الدولة , بالعكس . لكي تتمكن أرواحهم واجسامهم من 
القيام بأمان بكل وظائفها . ولكي يستعملوا هم أنفسهم عقلاً حرأ . . . إن غاية الدولة في الحقيقة ‏ 

إذن هي الحرية »© . 

(9) « وبالاجمال » فان سبينوزا ( عل حد تعبير ر . دو لاشاربيار(:#:1تقطعه! عل .08 : في كتابه : « درامات حول 
النظرية الديمقراطبة : سوينوزا . روسو , هيغل . ماركس » , باريس ‏ باهو-1963) افام النظرية الديمقراطية في 
تصورها الاساس من خلال اجراء عملية التقاء بين السلطة والحرية : ان من الصحيح انه افامها بدون جدرى » 

لان أي شخص لم يأخط باله منها . 

(1) أنظر : ر . دو لاشاريير(ء2 :تعاءه.1ع8.0) في : « دراسات حول النظرية الديمراطية : سبينوزا ‏ روسو 
هيغل ‏ ماركس  :6©‏ 26 '(«نقا! -أعج16غ , نن#عككنام! ,5022ام5 زعناو الدع مم 4ل عتكمفطا ها عند دع لسا8) 
باريس - منشورات04لا28  1963-‏ . ص : * 

2( المرجع السابق - صن : 6 وما بعدها . 


3604 


الطبيعة والعقل : بوفندو رف00:9معكنم) 

كان سبينوزا يعارض المعجزات بقوانين الطبيعة : كها لو أن الله كان خاضعاً لمله القواتين" 
( كما كان بوسيبه يقول . بسخط) . والواقع أن العقل , في المرطفة . اتفق مع الطبيعة على القيام 
بعمل مشترك . صحيح إن الله هو خالق الطبيعة . لكن علاقات هذه الطبيعة بهذا الخالن خضعت , 
منذ الآن »وستخضم . أكثر فأكثر , لمراجعة رصينة . 6 

إننا نعرف موقف غرونيوس من الحق الطبيعي . وجملته الجريئة ( ... ومع ذلك فقد 
نفق ... عل أنه لا يوجد من إله قط . . . » الخ ) 5 وها هو الالماني صامويل بوفندورف يسير » 
بعد أكثر من أربعين سنة من « قانون الحرب والسلام » في إثر رجل هولندة الكبير » وينشر( في 
عام1672) ١‏ قانون الطبيعة والبشر 6 («نانادعج اء مهم ممنازء0©) الذي تلاه ( في عام1673) 
بحث موجز بعنوان : « واجب الانسان والمواطن حسب القانون الطبيعي »ك فنهنهههط مك065 +00 
(تعله نهم تمعوء! هاءردازوزل1ء لقد حاز أستاذ ‏ قانون الطبيعة والبشر » في هايدلبرغ ثم في لاند 
بالسويد ؛ على شهرة واسعة في كل أنحاء أوروبا . الني رأت فيه الند لغروتيوس . أما عنوان بحث 
الموجز د فكم فاجأنا في ذلك التاربخ ! إنه يبدو متقدماً يمثة سنة على الافل ؛ ( على حد قول ب . 
هازار ) . « , 

إن المؤلف يعلن بأن النزعة الاجهاعية الطبيعية لدى الانسان . العزيزة على غر وتيوس كبا هي 
عل الرواقيين ٠‏ تتفق كليا( وإن كان هذا لا يحلولهوبس ) مع حب الذات والاههام بحفظ الذات . 
إن العقل السوي يُمَلّم بأنه إذا كان المرء حرص على حفظ ذاته فإنه لا يمكن أن يهمل كل اهيام بمصالح 
الاخرين ٠‏ دون أن يؤدي ذلك للاساءة للغاية لمذكورة . إن على كل فرد أن يتزع » بقدر ما يتعلق 
الامر به . لتشكيل « ممتمع يسوده السلام » . مع كل الآخرين . والمحافظة عليه . وذلك وفقاً 
لدستور وهدف كل الجنس البشري بدون استثناء : وفي هذا يتجلى المبدأ الاسامي للحق الطبيعي » 
الذي يمكن أن نستتج منه كل القواعد المتعلقة بما ينبغي الالتزام به تجاه الآخرين . 

إن اسم هذا الحق نفسه يرين أنه قابل لان يُعْرَفَ بواسطة الانوار الطبيعية للعقل . وبواسطة 
التأمل في الطبيعة الانسانية . بصفة عامة . وبدون ماعدة الوحي . إن القوى الوحيدة لفهمنا » 
المفكر في دستور البشر . تسمح له بأن يكتشف « بوضوح وبشكل متميز » ضرورة تكييف سلوكنا 
غروتيوس الذي :يصفه بالكافر واللامعقول ‏ يحص عل إعلان أنه من أجل إعطاء قوة القانون 
مبادىء العقل هذه » فإن يجب افتراض وجود ألوهية تمكم . بواسطة عنايتها . كل الاشياء » 
والجنس البشري . بصفة رئيسية » . إن الالتزام بالحسق. الطبيعي يأتي إذن من الله نفه . الني 
يأمر البشر . بقوة » بالتقيد به . أما الملوك فيجب أن يُعطوا د قوة القانون المدني الكاملة » لأكبر قدر 


لل ر . دوراتيه : ه جان جاك روسو وعلم السياسة في عصره » الطبعة الثانية ‏ باريس 7/518 -1970 ص :83-78 
و145-142 . 


ممكن من قواعد الح الطبيعي هذه : إن هذه القواعد هي أعلى من القوانين الوضعية . التي لا تعتبر 
( مثلها ) ضرورية لحفظ الجنس البشري بصفة عامة . 

وبالرغم من احتياطات المؤلف , البعيدة عن أن تكون مجرد احتياطات خطابية » أصبح 
الانفصال بين علم اللاهوت والح الطبيعي أمراً ناجزاً ٠٠١‏ 1 

إن بوفندورف يصطدم أيضاً مع هوبس عندما يتعلق الامر' بحالة الطبيعة . التي يرى بأنها 
هي السلام . لأن المبادىء الاساسية للعقل مطبقة فيها . إنه سلام لا يقوم على أي اتفاق . غير مفيد 
في هذا الصدد ' لآن الالتزام بالحق الطبيعي ( الذي يخضع له كل البشر باعتبارهم تخلوقات عافلة ) 
هو أساس كافي له . 

لكن مؤ لفنا يرى نفسه ملزماً بالاعتراف بأن هذا النوع من السلام , الذي يعار به حالة 
الحرب المزعومة للكل ضد الكل . حسب رأي هويس , هو سلام ضعيف وغير مضمون بما فيه 
الكفاية . . . وأنه » إذا لم يأت شيء آخر مالمساعدته ١‏ لن يفيد إلا قليلاً جدا في حفظ البشر ء 
وذلك يسبب خبثهم وطمعهم غير الموزون وبسبب الجشع الذي يرغبون به بمال الغير» م : 

إن هذا الشيء الآخر هو مؤسسة الدولة . الدولة التي ينسب لما تلميذ غروتيوس ٠‏ مشل 
معلمه . أصلاً تعاقدياً وفردياً . ولكن بدقة فريدة لم نكن نجدها لدى المولندي . إن بوفتدورف 
يتخيل وجود عقدين أو ميثاقين . أدج بينهها مرسوم . فبموجب العقد الاول الذي يؤسّس المجتمع 
المدني . يتعهد البشر بأن لا يشكلوا , من الآن فصاعداً » إلا جسياً واحداً . وأن ينظموا باتفاق 
مشترك كل ما يتعلق بحفظهم وأمنهم الطبيعي : 

إن الجاع مطلوب لقيام هذا العقد . فيا بعد يقرر لمرسوم شكل الحكم ٠‏ بالاكثرية . وأخيا 
يتدخل العقد الثاني الذي بموجبه يَعِدّ المحكومون الحكام بطاعة مغلصة . مقابل تعهد هؤلاء بالسهر 
على الخير العام : إن ميثاق « الخضوع » هذا ء هو, بشكل جلي . الاكثر أهمية بنظر بوضدورف 
( الذي يقف هنا أيضا ليعارض مباشرة هوبس ) ٠‏ 

إل أن تناقضاً ما يشوه » لسوء الحظ . هذا النظام . فاللؤلف لا يستخلص من موقفه التائيج 
لمنطقية . إن خلاصانه د لا تفق مع المبادىء التي يستخدمها كأساس » . فهي تظهر أنه يبقى مؤ يدا 
للحكم المطلق » ولكن بشكل غير منطقي ( حسب التعبير الحاد ل : ر . دوراتيه ) . وإذاتذكرنا ما 
أخذه باربايراك على غر وتيوس من أنه أعطى و الكثير لسلطة الملوك 6 » فإننا سنندهش من ملاحظة 
الى أي حد كانت الاتجاهات لل يدة للحكم المطلق في ذلك القرن تتجل حتى في داخل ما يسمى 
بللدرسة و الحديثة » للحق الطبيعي :ن . 





() أنظر : ب هازار  ٠‏ أزمة الضمير الاور وبي ؛(#هصعوهانهت ععمعتعددت ها عل عدات) باريس -1935 - 
ص : 263 . 

)2ن( ر . دوراتيه : لمرجع السابق ذكره ‏ ص : 143 5 

( للرجع السابق ‏ ص : 216-209 . 


لكنّ ما له أهمية أكثر , بالنسبة لدراسة وفهم المرطقة , إنما هو إدراك المدى الذي وصل اليه 
الترابط بين الطبيعة والعقل . وذلك من خلال فكر نفس المدرسة : فلقد أخذ كل منههما » بعد أن 
انتصبا ككيانين . يطالب لنفسه ‏ مثل الله بمكان الصدارة . 

إل أن من العقلاني ومن المعقول ( والطبيعي ! ) أن يتطلع الانسان .'بكل قواه . للسعادة 
على الارض . حتى ولو احتفظ باههامه بالسعادة السماوية . أي بالخلاص . إن لبوسييه . في 
سح عد ول لم ع د لو يب وسو م 
جسده » دائهاً بحجة تجريب وتعلم كيفية الموت ؟ . لكن سبينوزا يرد على ذلك بأن التأمل باحياة 
وليس بالموت هو شُغل الحكيم ٠»‏ وإن من المناسب لهذا أن « يتمتع بملذات الحياة » ويعذوبة 
العطور . ويجمال النباتات » وبالعاب المسرح » وبكل التسليات التي يمكن أن يوفرها لنفسه بدون 
إلحاق الاذى بالآخرين : وف هذا يتجل ما هومعقول . وليس في التمويت والتقشف والزهد 0 . 

إن السعادة الفردية ليست . من جهة أخرى ٠‏ أنانية . إنها لا تتفصل ( حسب المجرى 
الجديد للافكار المسيطرة ) عن السعادة المشتركة . أي عن السعادة الانساتية. . إن كلمة السعادة » 
بهذا المعنى الذي يطال ني أن واحد الفرد والمجتمع ستكتضي طابعاً سحرياً ؛ وستطالب بدورها 
يمكان الصدارة أيضاً . 


عدا اللقتمرن الوريلة قي أذ بتكل ٠‏ يسمح إذن بارجاعه وتلخيصه في أربع 
كلمات أساسية ‏ حولت الى رايات لم تُنشر ضع اأع حس يس د 
وهذه الكليات هي : الفرد » العقل . الطبيعة . السعادة ” . إن هذه الكلمات الجديدة . 
لحطلمة للمعتظدات اليقينية اقدمة . كانت تستدعي معلياً جديا للفكر : يكون أكثر إقناعاً مما هو 
لا وو ا و ل ا ا و 
في آن واحد ؛ ينزع بطيب نخاطر ه لاصلاح الامور » ولكن دون أن يتنازل أبداً عما هو أسامي . إن 
هذا المعلم الجديد للفكر سيكون جون لوك : « الشخصية البارزة » ( على حد تعبيرب . هازار ) في 
أزمة الضمير الاوروبي ( التي عَمْنَعا » هذا الاخيرء وحَْلها) . جون لوك . مواطن توصاس 
هوبس . الفردي , مثله . ولكن لمعادي . بشراسة . للحكم المطلق ( وللعادي أيضاً لبوسييه في 
هذه المسألة كها قي غيرها ) جون لوك . رائد عصر الانوار زدعكغنتهساءعل عهذ') ولتربص ه عل 
منعطف الطرق الاوروبية للؤدية للقرن الجديد» ‏ . 


(1) ب . هازار- للرجع السابق ذكره ‏ ص : 311 . 
(0» إن من الافضل أيضاً الاحضاظ بكلمة التقدم باعتبلوها لم تكن بعد إل بذرة ‏ لكتها بذرة مليعة بالوعود ‏ النقدم 
الذي لا يمكن فصله عن ه ديناميكية العقل » , والني يب اتظار القرن التامع عشر ليكون له أيضاً الح 
بالمدارة . 
062 للرجع السابيق ص : 256 2535 . 


3267 


الفصل الثاني 


جون لوك أو الفردية الليبرالية 


« مشروعه الاساسي هو استعمال الحرية رصيانتها » 
قرة بولان(سلله؟ 81 


عندما غادرت الاميرة ماري ٠‏ ابنة جاك الثاني , الملك المعزول » وزوجة غيوم دورانج » 
الملك الجديد . هولندة . في شباط1689 » للالتحاق بزوجها في انجلثرة . شرج معه بشكل 
مشترك . جلبت معها على ظهر سفيتتها إيزابيلا » رجلاً بشوشاً , كان طبيبا وفيلسوفا . إسمه جون 
لوك(هء»اءم! هطه0) 3 قادته الظروف للعب دور فعال كمستشار سيامي 5 


ولد لوك في عام1632 . وهذا فقد كان لديه من العمر ست وخمسون سنة عندما عايش هذا 
المنعطف الاسامي ف حياته . فقد عاد . هوأيضاً ‏ الى يلاده التي كان عليه أن ينفي نفسه منها لعدة 
سنوات . وقد حمل مع أمتعته تخطوطات متنوعة لسيّقدر ها أنْ تحمدث ضجة كبيرة ودائمة في العالم 1 
والواقع أنه صييدأ اعتباراً من تاريخ هذه العودة بمهارسة عمله ككاتب » وسينشر صواء باسمه » أم 
بشكل مغفل من أي إسم ء مؤ لفاته البارزة وهي : 


د بحث حول الفهم الانناتي ؛(متفصبط امعصع لمعم '! عند نسكوة) (1690) و د رسائل 
حول التسامح :(©عمةكاه) ها ءنه قععاام1) ( اعوام 1689 ,921690 بدون أسم مؤلف ) 
« ومقالتان في ا حكم ؛(ابمصعد :م60 دن مكاند1 0017 ( بدون إسم مؤلف ) » وه بعض أفكار 
حول الثربية (مهناهعن ه8١1‏ بده وعمعمعم دعدواءن0) (1693) , و ١‏ اللسيحية العاقلة » مم0 
عاطتعدمدنة: عسونمه زوزق بدون إسم مؤلف في1695 . 


ويب القول مع ب . لاسليت(#1 لها .© « إن جون لوك الذي وَفْمَ مقدمة كتاب » بحث 
حول الفهم الانساني » . أصبح بهذا التوقيع نفسه جون لوك التاريخ الفكري ؛ ؛ وأنه يدين”' 
هذا التوفيع بالظهور . منذ ذلك الحين ٠‏ وكمؤسة قومية , وكسلطة دولية » ؛ وأن جون لوك 
الفكر السيامي ٠‏ بالمعنى الضيق للكلمة , الذي انكب على قضايا حكم البشر , ليأخخذ في النهلية 
حوره ٠‏ على إثر هوبس ( وكنقيض طوبس ) في سلالة للنظرين الكبار للدولة » لم يكن إجالا إلأ 
إضافة ناجحة على السمعة العالية لفيلسوف الفهم ‏ وذلك في نفس الوقت الذي كان فيه النتاج » 


368 


المحتمل إذا صح القول . لظروف خاصة الى حد ماده . 
هذه الظروف يلخصها إسم أحد السياسيين الاكثر جدارة بالملاحظة . والاكثر إثارة 
للجدل ى, في عهد عودة الملكية » وهو لورد أشل (لااءط5ه 0:م1) 2 كونت شافتسبري الاول . لقد 
كان هذا اللورد , في البداية » مستشاراً مسموعاً جداً للملك شارل الثاني . لكنه ما لبث أن قطع 
صلاته به ليصبح أحد الزعماء الرئيسيين للويكز ( الاحرار ) » ويتتهي بالرزوح في صراعه الضاري 
ضد شارل . ولقد دخل لوك في خدمته بصفة طبيب شخصي , وربما أنقذ حياته بفضل عملية - 
معجزة . وهذا كسب صداقته . واطلع منه على دقائق وخفايا السياسة في ذلك العصر , الحافل 
بالدسائس والمؤ امرات . الوهمية أو الحقيقية . وقد طلب اليه شافتسبري القيام الحسابه » بدراسات 
متنوعة أو استشارات حول مسائل مدنية أو دينية معاصرة ؛ وقثّر عالياً رأيه فيها . وهكذا نّم 
حالم رد لاص بي اللو الاي ورين موود عل ب ماد العا اين اللرجية 
الاولى . 


وبعد وفاة شافتسبري ( في آخر نيسان1679 . بهولندة التي اضطر للهرب اليها ) . لم يعد 
لوك يشعر بالامان . في انجلترة . لذلك كان عليه أن يسلك بدوره نفس الطريق . في 
ايلول 1683 ؛ ولدة خمس سنوات كانت مثمرة للغاية . وقد عقد لوك في هولندة صداقات ثمينة . 
وأنهى فيها كتابة ه بحثه حول الفهم الانساني » . لكنه لم ينج مع ذلك من السياسة . ففي تشرين 
الاول1687 ( عل وجه الاحجال ) قُدّمْ للحاكم الاقليمي غيوم دورنج . وإن جرد تمكنه » بعد عام 
من الابحار ٠‏ على متن « ايزابيلا » , مم الاميرة ماري . ليشهد على رصيدهده 5 


د بحث » لوك يبدو كمحاولة إعادة بناء فكري متواضعة نسبيا . لقد كتبت بما فيه الكفاية ه روايات » 
حول الروح ( كا سيقول فولتير بتهكم ( مستهدفاً ديكارت من بين غيره من للؤلفين ) ؛ 
ونوقشت ء بمافيه الكفاية » مسائل ما فوق الطبيعة والميتافيزياء ( أي المناقشات في الفراغ ) . وها قد 
ان الاوان للتخلٍ عن هذه الالعاب العالية وغير المجدية بالتأكيد » وللكف عن الضياع في محيط 
للعارف الواسع التي تتجاوز مقدرتنا . والذي لن نجد فيه « لا قاع ولا شاطىء 6 3 لقد أن الأوان 
لنكتفي بدراسة ما يتعلق مباشرة بقيادة حياتنا . وما هو مفيد مباشرة لها . لتتأمل فقط صورة الربان 
الذي يسافر في البحر . ومعه آلته الخاصة بسبر الاعماق ؛ إنه لن يستطيع دائما التعرف , بواسطة 
هذه الالة » على كل الاعماق المختلفة ؛ لكنه لن يمتاج » لكي يوجه جيداً جولته ويتجنب القاع 
السطحي الخطير . إلا لمعرفة بعض الاماكن . ويكفيه أن يعرف أن حبل آلته طويل بما فيه الكفاية 


(1) و مقالتان في الحكم  »‏ طبعة نقدية مع مقدمة ل . ب . لاسليت125717كه1 .2-0 . لا مهاه لهمت 1960 - 
للقدمة ص : 37 - 

(© م . كرانستون(0347151011 .04 : و جون لوك . سيرة حيلة »(لاتاجدكومةا د ,عكمآ مذه )0‏ ندن 
117 - الفصل التاسم والعاشر . ص : 105 -128 . 


بالنسبة هذه الاماكن . كذلك فأنه ليس من شأننا في هذا العالم ٠‏ براي لوك . أن نعرف كل 
الاشياء ٠‏ وإنما فقط تلك التي تهم الادارة الصحيحة لوجودنا . فلنوجد إذن القواعد الني « يمكن 
ويجب » بواسطتها لمخلوق عاقل . مثل الانسان . في ال حالة التي هو عليها في هذا العالم « أن يقود 
مشاعره والاعمال التي تتعلق به » , ولن يكون علينا أن نقلق من وجود عدة أمور أخرى أفلتت من 
معرفتنا . 


لقد كان الفهم الانساني هو هذه الآلة التي يحتاج اليها الانسان ليعرف بالضبط الطول اللازم 
من أجل قيادة حياته . إن بذلنا الجهد لمعرفة قوى روحنا بدقة » ورؤية أي الاشياء تتناسب مع 
مقدرتها » وما يقع ضمن نطاق مداهاى أو فوق مستوى فهمها ؛ ورسم الحدود ليقينية معارفنا ؛ 
وكشف أسس الآراء التي نراها تسيطر بين الناس ؛ وإيجاد الحدود التي تفضل بين « الجزء المظلم 
والذي لا يمكن اختراقه كلياً . . . والجزء المفيء » , ني تختلف المواضيع الني تنبغي معرفتها : تلك 
هي سلسلة المهام التي بمقدورنا القيام بها . والتي تعتبر » في نفس الوقت ٠‏ استعما لا مثمراً لآليات 
روحنا . 

لقد كان لوك عدوا للدوغائية(عصسونتدصوه©) . ولذهب الشك(مهدنعنامء5) وللبيرونية 
(مصدندهضجزع) " . .إلا أن طلب الشيء الكثير من الفهم . من خلال التبجج الفكري . 
والمغالاة ٠‏ سيؤدي في النهاية الى تثبيط الحمة » ووضع كل شيء موضع التسلؤ ل , وتحقير كل 
شيء ٠‏ نظراً لعدم إمكانية فهم كل شيء , والى الغرق في الكسل والبطالة : في حين د أن معرفة 
قوى روحنا وحدودها تكفي للشفاء من الشك والتهاون الذي نستسلم له , عندما نشك بقدرتنا عل 
إيجاد الحقيقة » . 

ولكي يقوم بشكل فعال . وخطوة خطوة : وبطريقة واضحة « وتاريخية » بهذا الفحص 
ملكات الروح ؛ ولكي يرى بوضوح الوسائل التي يقوم الفهم بواسطتها بتكوين الافكار التي لديه 
عن الاشياء » برفض مؤلف «١‏ البحث . . » كل قيود التقاليد الفلسفية مهما كانت ( فالفلسفة كبا 
يعلن . هي في النهاية . ٠‏ المعرفة الحقيقية للاشياء » ) . كما يرفض كل الاراء والاحكام المسبقة . 
إنه يريد أن يكون تجرد عامل مكلف بتنظيف الميدان قليلاً , وبأبعاد جزء من الانقاض القديمة التي 
تعترض سبيل المعرفة . والني توقف أو تخفف من تقدمها . ويعتبر لوك أن تحمل أعباء هذه المهمة 
٠‏ المتواضعة هو شرف كبير في قرن أنتج , بالخصوص . رجلا لا يُضاهى مثل نيوتن 16 ..: 


لقد قادته هذه المهمة » لاعتبار الروح الانسانية كلوح خالٍ من أي نقش ١‏ أو كصفحة ورق 


( نسبة الى بيرون اليوناتي , وهي نزعة فلسغة شكية تقرر أن كل حفيقة هي احتالية . ( للترجم ) . 

(01:و بحث فلي حول الفهم الاناني )(منعصصط لمعم عات ٠‏ امسعممه مدجناوموملنام نسم َََ 
تربمة بيار كوست(005718 .©) - الطبعة الرابمة  1700-‏ بلربس -عفة»كع 5‏ ر . بولان(21ل501 © - 
د السيلة الاخلاتية حا لوك »(منءم! سحامز عل عله مده #نجناخادم ها) - باريس - .لا .1960-1 - ص : 
4- ,108-107 . 


200 


بيضاء لم يكتب عليها أي شيء إطلاقاً . إن الافكار التي تتسجل على هذا اللوح أو هذه الصفحة لا 
مكن أن تأتي إلا من التجربة . لانه لا وجود قط لافكار أو مبادىء فطرية . أي مستقلة عن 
التجربة . فمن التجربة تستمد الروح كل موادها . ثم تقوم بعد ذلك بصياغتها ومزجها ونحويلها 
بمهارة فائقة . لكن للتجربة وجهين : الاحساس الناتج عن احتكاك المواضيعم الخارجية بالحواس ١‏ 
والتفكير الذي هو ادراك الروح لعملياته الخاصة . في هذا الرفض للفطرانية ”' , نجد في لوك عدوا 
للدوغمائية : « فهو يأمل بتهديم الامتياز الذي تتمتع به المبادىء المعلن بأنها فطرية ٠‏ والذي تستمده 
من سطوتها فقط . وبدون أي بحث أو تفكير» ؛ ويدافع ( مثل سبينوزا ) عما يبدو له أنه الخير 
الاعظم للفرد . وهو : حرية الحكم . إن الفرد يجب أن يكون حرا في الحكم على الاشياء حسب 
قانون العقل ‏ باعتبار أن فهمه قد تحرر من كل العقبات والاكراهات ذات المصدر الداخلي 
والخارجي :0 . ش 

ولكن ها هو لوك يطرح أسثلة خطيرة جداً تتعلق بالله ‏ أو بفكرة الله . وبالتسامح الديني . 
إن د« البحث ... ؛ ه والرسائل حول التسامح » و« المسيحية العاقلة ؛ تقدم بوفرة معلومات حول 
مواقف لوك من كل هذه المسائل . 

إن فكرة الله ليست فطرية . لكن العقل يقودنا الى هذه الحقيقة « الأكيدة والبديهية » القائلة 
بأن هناك كائن أبدي » قوي جداً » وذكي جداً . إلأّ أن نور الوحي ينضاف الى نور العقل ؛ فالايمان 
هوعبارة عن إذعان للوحي لكنه مع ذلك . لا يملك أي سلطة ضد قرار واضح وصريح للعقل . إن 
لوك يعطي نفسه الكثيرمن حرية التصرف في هذا الموضوع : لهذا فإننالا نفاجىء إذا ما وجدناه يرتبط 
ببؤ لاء الانجليكانيين الموصوفين بدقة بالخلاصيين . الذين كان إيمانهم يكتفي بالحد الادنى اللازم ١‏ 
لكن هذا الايمان كان ايجابياً » ولم يكن قط مجمرد تألبهية * , أو جرد دين طبيعي . إن العقل يمتفظ 
لنفسه بحصة الاسد . وبالحكم النهائي , في الكتابات الدينية للوك ( الذي كان مؤ منا بعمق ( وهذا 
ما ينبغي أن لا ننساه ) ٠‏ وكان يريد أن يكون مسيحيا أرثودكسيا ) . ويمكن القول بأن الاهمية الحية 
هذه الكتابات تكمن في أنها تكشف بوضوح غير عادي طبيعة « التسوية » التي تم التوصل اليها . في 
نهاية قرن ديكارت وهوبس وجاليله ونيوتن: , بين المعتقدات التقليدية والفلسفة الجديدة ها . 


(0) (عدمدنكمد1) رمي الفلسغة القائمة عل الاعتقاد بالافكار القطرية ( للترجم ) . 
(0 (#د06) مذهب فلسفي يفر بوجود الله وبنكر الوحي والاخرة ( المترجم ) . 
(1) ر. بولان ‏ للرجم السابق ص :66 . 
أنظر : ج . شوفالييه(#نلهع .0 : ١‏ تاريخ الفنكر :(عك دنحم ها عل عتنمنهنا )1‏ باريس --1951 
ممتتعهعا ‏ المجلد 3‏ ص : 500 وما يعدها . 
-! . ريفو(80174100  )4.‏ د تاريخ الفلغة »(عنطوموط فطع ها عل عتتمهكة1]) باريس 7 .لا .1950-7 - 
للجلد3 ص : 385 وما بعدها . 
© بلزيل ويل (711-1 لفقم - و خلفية القرن السابع عثر »-طاصععات ع5 11) عادم8 متتهدرا 
(لمدنس جهاعة8 لإمتطدء© دن 1962 ص : 258 . 


371 


الدولة ؟ . وكيف يمكن للحاكم أو للسلطة المدنية أن تتسامح مع أولئك الذين كانت لديهم أراء دينية 
مختلفة ( أو لْمْ يكن لديهم اي رأي ديني ) دون أن تمل بالعبء الملقى على عاتقها ؟ وعل أي 

الاسس يمكن « تحرير البشر من السيطرة التي يمارسوها على بعضهم البعض في القضايا الدينية »؟ . 

الجواب : إن كل الاختصاص القضائي للحاكم يتعلق حصراً بالخيرات المدنية ؛ وان كل 
سلطة للدولة تتحدد بالاهتام بأمور هذا العالم » ولا يجب عليها أن تمس أي شيء مما يتعلق بالحياة 
المستقبلية وبخلاص النفوس » . ومن جهة أخرى » فإن استقلالية الحكم توجب أن يثْركَ كل فرد ١‏ 
في نهاية الامر . ومن أجل خخلاصه » « لتفسه ولضميره الخاص »6 5 إن طبيعة الفهم الانساني لا تريد 
أن يخضع هذا الفرد لإكراه من أَيْ قوة خخارجية ؛ فلا مصادرة الاموال ولا. السجن ولا التعذيب بقادرة 
على « تغيير حكم الروح عل الاشياء ١»‏ . 

ومع ذلك فإن التحرير , الذي يجعل لوك من نفسه رسولاً له , يترك جانباً ‏ وهذا من مميزات 
عصره فتتين من الناس : الكاثوليك والملحدين . 

1 الكاثوليك ”الا نهم يطالبون بامتيازات فاحشة ٠‏ وسلطات مرفوضة لبقية البشر . فهم 
يعلُّمون . بالخصوص . بأن الملوك الذين صدرت بحقهم قرارات حرمان يمكن أن يطردوا من 
العرش : لكنهم يحفظون لسلطتهم التسلسلية الكنسية حق إصدار قرارات الحرمان . الامر الذي 
يبررون لأنفسهم من خلاله ‏ الاستيلاء على حقوق الدولة . وعل أموال وحرية للواطنين في أي 
مناسبة » . إن هذا يعني بدقة تأسيس السيطرة عل النعمة الالحية . لا . إِنْ هؤ لاء الناس لا يمكنهم 
أن يطالبوا بتسامح الحاكم . 

1 أما فيا يتعلق بالللحدين , فإنه لا يمكن إقامة أي شيء ثابت أو مقدس بنا على كلامهم أو 
يهم أو العقد امبرم معهم , نظراً لآن كل شيء بنهار لمجرد الغائهم للاعتقاد بلله . إلا أن هذا 
الاعتقاد هوما يَكَوْن الروابط في كل مجتمع بشري . لا , إنه لا يمكن التسامح بأي شكل مع أولئك 

الذين ينكرون وجود قوة [فية . 

' هل يحب أن نأخذ على لوك أنه كان وليد عصره ؟ إن . ر . بولان الذي يطرح هذا الؤ ال ؛ 
يُذّكر بأنه نظراً لان التامح , بالنسبة لمؤّلف « رسائل حول التسامح » » يجب إن يمارس بالضرورة 
ضمن إطار الحالة المدنية . « فإن كل ما من شأنه أن يلجق الضرر بوجود الجهاعة السياسية والسلام 
المدني يجب أن يستبعد »2 . 


/ 


(9) الذين لم يُسَمُوا بالاسم ء لكن الاشارات لهم واضحة . 

(1) « رسالة حول التسامح » لمام1689 ٠‏ ترجمها عن اللاتينية وقَدّمَ لحار . بولان ‏ بلريس - .نا .1956-2 ص : 
47-17-11 

62 مقدمة : را . بولان ‏ للرجم السابن ص : 57 وما بعدها . 





32 


7 إنهما تذكير وملاحظة يبينان الصلة الموجودة . عبر مسألة التسامح . بين فيلسوف الفهم 
والمنظر السيامي . 


المنظر السيامي : 

لم يكن لوك , وهو ابن وكيل قضائي ذي عواطف طهرية ( كان قد قاتل أثناء الحرب الاهلية 
كتقيب في سلاح الفرسان في الجيش الموالي للبرلمان ) قد وعى وجوده في العالم ‏ على حد تعبيره ‏ حتى 
وجد نفسه مأخوذا ه بعاصفة » ذات طابع سيامي وديني . بدا أن عودة الملكية » في بداياتها ومع 
اعتلاء شارل الثاني للعرش . قد هداتها . لكن أتى حينذاك اللقاء مع كونت شافتسبري » الحاسم 
جديدة ٠‏ كانت قاضية » في النهاية ٠‏ بالنسبة لأسرة ستيوارت . لقد أصبح الطالب في أوكسفورد 
عالاني السياسة ؛ وتجاوز طهرية طفولته . ني نفس الوقت الذي عمق فيه فكرة الفلسفي والديني . 
ولقد مَرَنَ ريشته في قضايا الدولة - بانتظار إضافة « المقالين في الحكم » للادب السياسي إلوفير في 
انجلترة التي هزتها هذه العواصف امتتابعة . 


1 الادب السياسي في انجلترة ذلك العصر . 

يجب التمبيز ضمن هذا الادب " بين الكتابات ذات الاتجاه الديمقراطي ( بالمعنى القتوي 
للكلمة الذي يتضمن حداً شعبياً قاطعاً الى حد ما . وهجة جذرية متقدمة الى حد ما ء بالنسبة 
للعصرء ولكنها لا تفاجيء في جو الحرب الاهلية والثورة الطهرية ) . والكتابات ذات الاتهاه 
الجمهرري الذي تخترقه ‏ حتى عندما يكون الالهام طهرياً ‏ رؤ يا أرستقراطية ضمنياً . والكتابات 
الداعية « للحد الوسط؛ . للمفكر السيامي الاكثر براعة في عهد عودة الملكية » وهو هاليفكس 
(سمكثلة1]) » وأخيراً الكتاب الشهير المؤ يد للحق الالمي الملكي . الذي كان يشكل نوعاً من التحدي 
للافكار المتقدمة . وعنوانه نظام الابوة ( أو البطريركية )(اععهذنوم) للكاتب ر . فيلمر.8) 
عملم , 

لقد ارتبطت بالاتجاه الديمقراطي مطبوعات الْسَوين (ومعلكناما) والحارثين(5عهة01) . 

كان الْسَوون حزباً تشكل في عام1647 . من بين الجنود البسطاء في جيش كر ومويل . تحت 
قيادة جون ليلبورن(عددطلن! هذ30) وريتشارد اوفرترن(076100 لكدهعن) . وانتشر خارج 
الجيش . ولقد وجد السؤال الذي كانوا يطرحونه صدئ واسعا في انجلترة : « كنا محكومين في 
السابق من قبل الملك ومجلسي اللوردات والعموم , والآن نحن محكومون من قبل جنرال وحكمة 
عرفية ومجلس العموم . . . فما هو الفرق ؟ » . لقد كان إسم المسَوين يدع , لانهم لم يكونوا 
باجمون نوعياً الملكية الخاصة ٠‏ ولم يكونوا أشتراكيين أو شيوعيين . وإنما كانوا يطالبون بعدالة 
متساوية . توزع على الجميع بلا تحيز . ويعارضون كل الامتيازات المعترف بها قانونيا . ولهذا أخذوا 
جانب الدفاع عن الملاكين الصغار . مطالبين لهم بالمساواة أمام القانون . والمساواة في الحقوق 


(9) تاركين اللوفيانان جاتباً بالطبع . 


313 


السياسية ضد امتيازات الملاكين الكبار . ولهذا كان السيد . بنظرهم . هو الشعب وحده :أما 
البرلان فلم يكن إل مفوضاً ( وكان يجب أن يمثل الافراد الحقيقيين الذين يؤلفون الامة » وليس 
التجمعات الحرفية والمصالح المكتسبة ) . وكانوا يتصورون الشعب ‏ بعكس الكتاب الجمهور يان 
بشكل خاص ليس كجماعة عضوية تقودها نخبة طبيعية » وإغا كمجموعة أفراد متساوين ومكونين 
في جسم سيامي بمصلحة مفهومة جيداً » كانت تتلخص في حاية حرياتهم . وحقرقهم الفطريه 
الاخرى . وباختصار فأن راديكالية هؤلاء الْسَوْين كانت فردية » وبنفس الوقت ليبرالية 
وديمقراطية . إن سيادة الشعب » بالنسبة لهم . كانت تنجم عن حق كل فرد في حصة من السلطة 
وللسز ولية . ( وهو موقف يتضمن منطقياً الاخذ بميدا الاقتراع العام واشامل . باستثناء أولشنك 
الذين كانوا يخضعون لارادة الغير . مثل الخَدَمْ والمعرزين ) «" . 

ما الحارئون الذين كان على رأسهم افيرارد(لمدء1587) وينستائل (لاهلمهاكهة/18) ١‏ والذين 
لم يشكلوا مطلقاً إل فئة ضثيلة العدد . فكانوا يعتبرون أنفسهم بحق بمثابة المسوين الحقيقيين . لقد 
قاموا بمحاكمة الملكية » ورأوا أن كل الشر الاجتاعي , وكل أشكال التعسف تستمد جذورها من 
التملك الخاص , ثمرة روح الطمع » والمخالف للحالة الطبيعية للانسان . إن المشكلة الاقتصاديم 
التي يطرحها التملك الخاص كانت تتغلب على المشكلة السياسية . إن إسم الحارثين هذا أنى من أن 
بعضاً منهم قام » في أحد أيام شهر نيسان 1649 ؛ باحتلال أرض مشتركة غير مغلقة » وحرثوها 
وزرعوها بالخضار لكي يوزعوا إنتاجها على الفقراء . وقد أعطيت تفسيرات ذات طابع صولٍ 


للسلطات التي نُبّهَتْ للامر ؛ وظهر بيان يذكر بأن الارض عُلِفت لتُستخدم ككنز مشترك 
للحيوانات وللبشر . 


وقد أهدى وينستائلي الى كرومويل , في شباط1652 . وبعد بعض الاحداث الطارئة . كتابه 
حول « قانون الحرية 6400(6ه8 6ه عنها) الذى أغنى فيه الادب الاشتراكي أو الشيوعي اللسمى 
بالخيالي ( الطوباوي ) . وقد دعا فيه للامتلاك المشترك للارض (« بدون هذا , لن يكون 
هناك حرية » ) » وللاستفادة » بشكل مشترك » من المتتجات الموضوعة في مخزن عام » والموزعة 
حسب حاجات كل فرد , لآن حق الحصول عل وسائل المعيشة هو الحق الطبيعي الحقيقي . 
وبالمقابل فإن على كل فرد تحت طائلة العقوبات الشديدة ‏ أن يقدم حصته من العمل المنتج . أما 
الشراء والبيع ( ولا سما بالنسبة للارض ) فكانا محظورين تحت طائلة عقوبة الموت . لقد كان 
وينستانلي , بتخيله في يوتو بيته لمخطط كامل للشيوعية » القائمة على للغيرية التي حلت محل 
الانانية . يستبق بشكل فريد المستقبل الاجتاعي ١‏ أكثر ما كان يُذَكّر بتوماس مور أو بافلاطون . 
إن من الممكن القول بأنه كان يُمِمٌ و الصوت الحقيقي لليوتوبيا البروليتارية ؛ من خلال تعبيره عن 
الانطلاقة الاولى للطموح السيامي للجماهير الصامتة . وتحديده لرفاهية الانسان العادي كهدف 





(0) ج . ب. فوش (600611 .8 .0) ٠‏ الفكر السيامي في انجلتسرة من بيكون الى هاليفكس » لهعفاناه']) 
(سدكتلة!! 0 ممعه8 دده مممتهمع د اطهدمها ‏ لندن-1914 7 


2314 


. «١ العادل‎ 

ويتجلى الاتجاه الجمهوري . باساليب مختلفة . في كتابات ميلتون(8411400) والجرنون سيدني 
(لاع مك51 مممعولة) وهار ينغتون(مملهملعة1) . 

نشر جون ميلتون . الشاعر الطهري الكبير » في عام1667 » كتابه « المردوس المفقود » 
(1650 #الدعدم) . وكان اسمه قد ارتبط. منذ عام1644 . ومن خلال 
الاريوباجيتيكا(ف:انهدممع,ه) " ( الصادر في شكل خطاب في البرمان ) بالدفاع المتحمس عن 
حرية الطباعة » وبشكل أوسم بالدفاع عن « قضية قديمة جيدة » , كبا كان يقول . هي قضية كل 
الازمنة ٠‏ قضية المعرفة النتي جعلها الكتاب حرة » فضية المفكر المتتصب ضد المراقب . 

وفي عام1651 نشرميلتون « أول دفاع عن الشعب الانجليزي » بغية تبرير إعدام شارل 
الاول . ( وفي عام1654 عبر ني دفاع ثان عن إعجابه العاطفي بكرومويل , الحامي الطهري ) . 
وقد استخدم في دفاعه الاول أطروحة المناهض للملكية , ولا'سها الاسكتلنديين كنوكس , 
وبوشانان , القائلة بأن مقاومة الطغاة ومعاقبتهم هي من الحق الطبيعي . إلا أن النزعة الجمهورية 
من النمط القديم والني تميزت بها بتختلف كتابات ميلتون . القومي المتحمس . لم نكن في النهاية أقل 
اتساماً بالطابع الارستقراطي ( السلطة شب حو و ا ا ا 
دفاعه الملتهب عن حرية التعبير- والذي كان يُفسره الى حد ما مزاج المؤ لف وخيبة الامل التي سببتها 
له الاحداث . ألم يكن مواطنوه . العنيفون بشكل غيركاف . برأيه » ضد الملكية هم الذين قلموا 
في نهاية الامر باعادة آل ستيوارت للعرش ؟ 

والواقعم أن عودة الملكية كانت قضية الساعة عندما نشر ميلتون في شباط1660 دفاعه الكبير 
الاخير بعنوان « الطريق الجاهز والسهل لاقامة جمهورية حرة »طةناطقات ٠0‏ نرهث؟ لإكقء وم بإلمد 1 
(طاله*«مهتهدهوهه عع 3 الذي يندد فيه بالملكية » ويمجد الجمهورية باسم الح الطبيعي , الوحيد 
الذي يُلزم ٠‏ والذي يُعتبر الحق الاسامي . حقيقة وبالضبط » بالنسبة لكل البشرية 2:2 . 

اما الجرنون سيدني . فقد كتب في ظل عودة الملكية » بين1680 و1683 . ( السنة التي قطعم 
رأسه فيها لادانته بالتأمر والخيانة ) « الخطب المتعلقة بالحكم ) نمع عه0 5ع نم15 
(لهع د00 والتي لم تنشر إلا في عام1698 . وكان يعتزم فيها نقد كتاب « نظام الابوق» لر . 
فيلمر . بإنكاره للحق الأهي الملكي . وتأسيسه للسلطة الشرعية النوحيدة على رضى الشعب » 
ووضعه للقانون فوق الملك . ودعمه لمقولة أن الحكومة توجد من أجل أمن ورفاهية هذا الشعب 
الذي تنبثق عنه والذي يمكنه عحاسبتها عن عملها في هذا الاتجاه . 

ولكن إذا كانت الحرية هي معبودة سيدني . وإذا كان قد عرف كيف يحافظ على ه شعلتها 


(1) المرجع السابق ‏ ص : 101-92 . 
(©) وهو عنوان مستوحى من ايزوراط( انظر : الكتاب الاول . الفصل الثالث © . 
(© ج . ه . سابين للرجع السابق ذكره ص : 431 . 


3215 


حية » في الايام الصعبة وامقلقة لعودة الملكية ‏ وإذا كان قد سقط في النهاية شهيداً لحاء. فإن نزعته 
الجمهورية ‏ التي لم تكن تستبعد قيام نظام تختلط ملكي وأرستقراطي وديمقراطي ‏ كانت لا تقوم عل 
المساواة : فالافضل والاقل جودة لا يمكن أن يكون لهم نصيب متساوي في الحكم . إن الفضيلة 
وحدها كانت تعطي الحق في السلطة . وهكذا نجد لدى سيدني الكثير من مظاهز النزعة الجمهورية 
الارستقراطية الواضحة لدى ميلتون:. . 

أما بالنسبة لجيمس هاربنغتون ‏ الارستقراطي المولد مثل سيدني ٠‏ فقد أغنى بكتابه أوقيانا 
(همهعء0) . المنشور في عهد كرومويل في عام1656 ٠‏ النزعة الجمهورية بنظرية مبتكرة : هي 
نظرية التلازم بين توزيع السلطة وتوزيع الملكية . إن انتقال ملكية الاراضي لأيدي الطبقة الوسعلى 
يجب أن يؤدي . حسب رأى الؤلّف , لقيام جمهورية منسجمة ومتساوية بدل الملكية . فأشكال 
الحكم ينبغي أن تُصِنفَ تبعاً لدوازن ., أو ميزان , اللكية العقارية . وبما أن هذا الشكل هو 
الجمهورية , فأن من المهم منع تركيز الارض بين عدد ضثيل جدا من الايدي . وقد شكل هذا 
قانوناً زراعياً جائراً » ولكنه أسامي . بصفة مطلقة , في النظام الاقتصادي والسياسي لأوقيانا ”" . 

ِل أن إسهام هارينغتون » الشخصية الجذابة في ذلك العصر , والمسافر الكبير والمراقب 
البارز , والمتعمق في التاريخ والمعجب بمكيافللي . لم يكن يقتصر على هذا . فجمهوريته » فور 
تأسيسها , كان يجب أن توضع تحت حكم القوانين » وليس البشر . وهي التي يمكن لوحدها أن 
تحقق توازناً دقيقاً بين القوى » يضمنه دستور مكتوب . إن دوران الوظائف ( المستوحى من الدورة 
الدموية التي كان هارني قد برهن عليها ) كان أحد عناصر ه علم التشريح السيامي » , الذي يمكن 
وضعه في رصيد هارينغتون . فهناك : مجلس شيوخ . وهو هيئة أرستقراطية . تمل حكمة 
الجماعة . ومهمته التداول في القوانين واقتراحها ؛ وجمعية شعبية متتخبة تمثل المصلحة العامة ( التي 
تكمن في كل جسم الشعب ) ومهمتها قبول أو رفض هذه الاقتراحات , بدون التداول بشأنها » 
وهيثة حكام , بالمعنى التقليدي . لتنفيذ القوانين : وهذه هي المجالس الثلائة أو السلطات في 
الجمهورية المنسجمة , الجمهورية المتساوية . 

هل هي الديمقراطية ؟ لا لان خمسة الآف مالك . حسب القانون الزراعي » كانوا 
يتقاسمون ثلاثة أرباع الاراضي ٠‏ أما الربع الاخير فيذهب لبقية السكان . إن كلمة : الشعب ٠‏ 
لدى هارينغتون هي كلمة مبهمة بشكل غريب . فالذي يقود الجمهورية هو . في نهاية الامر. 
المالك العقاري : « ان الانسان المؤهل سياسياً . المواطن الحقيقي , هو امالك العقاري فهو الوحيد 
الذي يمتلك المصلحة والسلطة ا 


(1) ج . ب . غوش - المرجع السابن ذكره ‏ ص : 127 -132 5 

(ه) إن « أوفيانا » , كبا بشير لذلك ر . بولان . « ليست جزيرة خيالية ولا هي انجلترة نفها » . 

(2) ش . بليتزر(#ع2اناظ .0©) -« مقدمة للكتابات المياسية د . ج . هارينغتون علهعنانادم كاله مدناءناهه سه 1) 
(ممتهمةا! .[ عل كهمن/؟ _كوع2 كائة لدغطنا 15 -لا .1( -1955 . 


316 


إن أصالة مؤّلّف « أوقيانا » تبدو جلية للعيان . لقد اعتُرفَ بها أثناء حياته . فقد ترك الكتاب 
انطباعاً قوياً ( وتركه كر ومويل يتتشر بحجة أن كل ما فيه كان غير خطير لانه غير قابل للتطبيق ) . 
وقد أثار الكتاب . فها بعد إعجاب إنجليز كبار . من بينهسم هيوم(1105) وكول ريدج 
(#هةذك201) . وأكثر من ذلك أيضاً . أمريكيين كبار » مثل جيفرصر ن(0606500) . 


أما أصالة هاليفكس الملقب بأمير الموازنين(1510:06:5 5عل 6106م مم1) فهي محدودة أكثر » 

ففي ظل عودة الملكية » واعتباراً من عام1684 ٠‏ بدأ وضع الافكار الروحية والثاقبة حول 
الحكم ٠‏ وعنوانها « طبع موازن 765065(6 جه كعاع مقط 156) ٠‏ قيد التداول , وذلك قبل 
نشرها في عام 1688 . ثم تلا ذلك كتابات ظرفية وقتالية أخرى لنفس المؤ لف . لكن الكتاب الاول 
يبزها بما لا يقاس . 

إن كلمة مُوازن(م:,1) . بالمصطلحات البحرية . تعني الرجل الذي يضع السفيئة في 
حالة توازن جيد . بسهره على أن لا تميل الى جانب أكثر من جانب ٠‏ وتبقى هكذا في الحد الوسط : 
إن الصورة كانت ترمز لتفضيل جورج سافيل (530116 060186) , ماركيز دو هاليفكس . للملكية 
المختلطة التي هي عبارة عن حل وسط بين الملكية المطلقة والجمهورية اللتين ترفضهها في أن واحد ١‏ 
الاغلبية الساحقة للرأي الانجليزي . فالملكية يجب منعها من التمتع بسلطة تمكنها من فعل الشر ء 
وذلك مع ترك ما يكفي من قوة وسلطة للملك من أجل أن يحكم . ويؤمن الحماية لرعاياه وفي 
الجمهررية يجب إدانة الغموض والاباحية والعداوات المتحزبة ؛ لكنه يجب أن نبقي فيها . بعناية 
كبيرة . على الحرية . كل الحرية المتفقة مع الولاء للسيد . ويأتي النداء لله وللطبيعة ليقوي انجيل 
الحد الوسط هذا : « إن مناخنا هو توازن بين جزء العالم الذي نشوى فيه » والجزء الذي نتجمد فيه 
وقوانينا هي توازنات بين تجاوزات السلطة التي ليس ها حدود . وشطط الحرية غير المحتواة بشكل 
كافي . وحتى الله الجبار فهو مقسم بين صفتيه الكبيرتين : رحمته وعدالته » . 

وهكذا يعلن المفكر الاكثر براعة في عهد عودة الملكية ٠‏ ولكن الاقل مذهبية ‏ والاقل نزوعاً 
للاستعانة بالمبادىء الاساسية وبالحق الطبيعي وبالعقد ( لقد كان يرتعب من التعميات ) . اهتامه 
المهيمن بالملائمة والتجربة . والحس المشتمرك . والانسانية . ونفوره من تجاوزات السلطة 
اللاحدودة .ومن شطط الحرية غير المحتواة بشكل كافب ‏ . 

أما كتاب « نظام الابوة أو السلطة الطبيعية تلملوك )6ه معدو دنهم عطا عه غطءمظةسدط) 
(585نا لروبير فيلمر©51/ .8 ( المنوفي في1653) . المنشور للمرة الاولى في عام1680 , فيشكل 
تحدياً عجيباً ني وجه « حدائة » الافكار التي حَرَكَهَا الملؤلفون السابق ذكرهم : وهي أفكار متقدمة 
وهدامة بنظر النزعة المحافظة لحزب التوريز ( كما هي كذلك . كما نعرف . أفكار هوبس ) . لقد 
دافع المؤلّف فيه عن الحن الاي الملكي باعتباره سلطة طبيعية . مؤسسة على السلطة الطبيعية 


)0( ج . ب . غوش - المرجع السابق ذكره ‏ ص : 155-141 . 


377 


للوالدين والتي تعود لآدم » الانسان الاول والاب الاول , والملك الاول . لقد تلقى أدم مباشرة من 
الله سلطة مطلقة على أولاده . وقد انتقلت هذه السلطة ورائياً . وهذا فإن الملوك يجب أن يُعتبروا 
الورثة الشرعيين لأباء الانسانية الاوائل . فسلطتهم لا تتفرع من الانتخاب الشعبي ١‏ ولا من القوة 
الوحشية . وإنما من الابوة . الرابطة الاجتاعية الطببعية من بين كل الروابط . 

إن هذه الاطروحة الغريبة ولكن البارعة ‏ التي تسترجع على طريقتها الفكرة الابوية الغرهزة 
عل « النظام القديم » ( الذي كان قائيأ في فرنسا قبل ثورة1789 والقائلة بن املك هو أب كانت 
موجهة في آن واحد ضد اليسوعيين وضد الطهريين . وقد عرفت نجاحاً كبيراً لدى المدافعين عن 
الحق الالمي والطاعة السلبية للملك المطلى ( الذي يقف « بالضرورة » فوق القوانين ) . 
وبالمقابل » فان الحرية الطبيعية المزعومة للبشرية » ومعها الحق المزعوم للشعب في اختيار حكامه ١‏ 
كانت تشكل موضوعاً لنفي عنيد . إن المرمى العمل والفوري لكتاب « نظام الابوة ؛ » الاسمى 
بكثير من مرمى اللوفياثان ( الذي كان يعتبر مؤ لَفا لكافر ومفكر ميء ) كان يتطلب أن يؤ خخذ فيلمر 
على حمل الجد من قبل الطرف الآخر . وأن يُلحض منهجيا » ٠‏ . 

وهذا بالضبط ما سينكبُ لوك على القيام به . فمن أجل دحض أفكار فيلمر أخذ لوك 
بالتأمل » وبتأليف « خطاب حول الحكم » . لن تكون ١‏ المقالتان » إلا مقطمين منه ( البداية 
والنهاية ) . إلا أن لوك لم ينشر هانان « المقالتان » إل في عام1690 . أي بعد عشر سنوات من 
تأليفهها . وبعد الثورة المجيدة وعودة المؤلف الى انجلترة . وقد ُشرتا ( وهذا ما يجب نوضيحه ) بعد 
تصحيحات ومراجعات وتوسيعات أدخلت عليهما خلال ذلك ١‏ ولا سما بعد أحداث 1688 -1689 ١‏ 
ولحين لحظة الطباعة . وهنا يأتي المجال للتذكير بأن سنوات 1679 -1680 التي انكب فيها لوك عل 
المهمة المشار البها أعلاه » كانت السنوات التي استعرت فيها المعركة البرلمانية بين التوزير واللويكز 
حول قضية « استبعاد » دوق يورك الذي سيسمى بعد ذلك بجاك الثاني . ومن المعلوم أن 
شافتسبري قاد حينذاك اللويكز الذين كانوا يتمسكون « بالاستبعاد» . وناور( حسب رأي 
كرانستون ) بفكرة « تجميع الشعب باسم انجلترة والحرية والدين البرونستانتي ضد البابوية » . 
ولقد سار لوك؛ في هذه المعركة » في إثر شافتسبري . 

لوك هذا الذي كان يجمم. ,أفضل من أي شخص آخرء المؤهلات المطلوبة 
من أجل معارضة المبادىء الخاطثة لفيلمر , الذي كان أنصار الحكم المطلق يقدرونه تقديراً عالياً ٠‏ 
بالمبادىء الصحيحة : أي » بالضبط , ممبادىء ليبرالية الويكز التي قدّر ها أن تتتصر بعد أقل من 
عشر سنوات بفضل الثورة المجيدة 2١‏ . 
١ 2‏ المقالتان » : من المبادىء الخاطئة الى المبادىء الصحيحة 

عندما نزل جون لوك , في12 شباط1689 . على الارض الانجليزية » مع الاميرة ماري ع 
() ج. ها-_مابين : ص :435-434 , 
© ب . لاسليت - للقدمة ( المشار البها سابقاً  )‏ ص : 45 66 . 


328 


كان عرفانه نحو غيوم دورانج كبيراً ٠‏ ورغبته قوية في أن يكون مفيداً له , وفي أن لا يكتفي بولا 
« عارٍ وكسول ونخامل » . إن النشر اللاحق ٠‏ للمقالتين في الحكم » سيكون عربونا على هذه الرغبة 
وهذا العرفان بالجميل . فالمقدعة تعبر عن الامل بأن تسهم هذه الكتابات . 
« في أن ترسخ . بشكل متين . عرش مصلحنا الكبير » ملكنا الحالي غيوم ؛ 
وتبرهن عل صلاحية لقبه من خلال رضى الشعب » الوحيد الذي يُقيم كل الحكومات 
الشرعية والذي يمكنه أن ينتسب اليها . بشكل كامل وواضح أكثر من أي أمير آخر في 
العالم المسيحي ؛ وتبرىء بنظر العالم شعب انجلترة ١‏ الذي أنقذ حبه لحقوقه ا لحقة 
والطبيعية » وتصميمه عل الدفاع عنها . الامة عندما كانت على حافة العبودية 
وافلاك » . 


إن العنوان الكامل للمؤلُّف يشير , في المقالة الاولى » الى أن المبادىء والاسس الخاطئة 
لفيلمر واتباعه قد قُضِحَت وُقُلِبَتْ . والى: أن المقالة الثانية هي بحث يتعلق بأصل الحكومة المدنية 
وحدودها وغاياتها الحقيقية . أما العبارة التي تتصدر الكتاب . والمستعارة منع“انط -1116 2 فتبرز 
بكآبة فكر المؤلف الذي يتجل فيه صدى الاحداث الاخيرة : « لثن لم يبق للضعيف أي ملجأ 
إنساني ضد الاقوى . فأنا على الاقل سأنوجه بالدعاء للآلة المنتقمة من الكبرياء البشري »1 . 

إن المرافعة التي يكتبها لوك ضد نزعة فيلمر الابوية وضد مبادئه الخاطئة ( أو بتعبير آخر ء هذا 
التعليق ه السلبي » المتمثل بالمقالة الاولى ) ليس لها في وقتنا الحاضر إل أهمية قليلة . فكل الاهمية» 
في تاريخ الفكر السيامي , تتركز عملياً على المقالة الثانية » أي عل هذا العرض الايجابي للمبادىء 
التي يعتبرها المؤزلف صحيحة . والتي يبرهن على صحتها وينقلها , بدون أن يعلن اسمه . الى 
« قرن الانوار» . 


لنترك إذن لوك يسخر بحدة من الطريقة التي يروي بها فيلمر قصة « هذا النوع الغريب من 
الشبح » الْسَمُى بالابوة » والذي يعطى سلطة لا محدودة . ولنشركه يدحض حق أدم بالسيادة من 
خلال الابوة , ويبين أنه » حتى ولو كان آدم قد احتفظ بقوة ملكية مطلقة » فإنه لا يرى بأي وسيلة 
نقل نظامية استطاع :أن يُورئها لملوك وحكام الارض الحاليين . ولنسجل فقط بأنه ينجم عن 
الدحض ء أن البشر يملكون . بشكل بديهي . وبالرغم من كل الحجج المعاكسة لفيلمر . حرية 
طبيعية ترتكز على مساواة طبيعية فيا بينهم جميعاً , وعلى قدرة الجميع على المشاركة في نفس الحقوق 
والامتيازات المشتركة . ومع ذلك فإن لوك يُسَلُم بوجود تحفظ على ما سبق يتجلى ٠‏ بأن تفوق شخص 





(1) أنظر - الترجمة الفرنسية لبرنارد جبلسون(115000 .8)ني « مكتبة النصوص الفلسمية » -00/ -1967 
انظر : ش . باستبد(0#ناكعظ .8©) « جون لوك : نظرياته السياسية وتأثيرها في انجلترة »565 ,اعمط .0 
(مرتعاء همق وه معمعدالص نعل اء وعدوناتامم دعتهمعط) باريس -1907 ص :100 . 


379 


خخاص ما يمكنه أن يستند لاختيار لمي واضح » ٠‏ وأن الانسان يمكن أن يِضع نفسه لرئيس « برضاه 
الخاص »6«ن . 
وهكذا ننتقل . بدون صدمة . من المبادىء اخاطثة الى المبادىء الصحيحة . وذلك بانتظار 
أن يقوم لوك » في الفصل القصير الذي يصل المقالة الثانية بالاولى » بمعارضة الاخطاء التي يتنكر لحا 
بعنف . بالحقيقة التي يعتزم إخراجها للنور بحدة صماء . لا . إن حُكم الارض الحاليين ( كيا 
يقول ) لا يمكنهم أن يستمدوا أي مكسب أو ظل أي سلطة . من سلطة أدم الابوية التي يُزعم بأنها 
منبع كل سلطة : 

٠‏ إذا لم ثرد أن نعطي عالاً.للتفكير بأن كل حكومة في العالم هي فقط نتاج القوة 
والعنف ؛ وأن البشر لا يتبعون في حياتهم المشتركة قواعد أخرى غير تلك التي تتبعها 
الحيوانات ( التي الاقوى لديها هو الذي يتغلب ) ؛وأن نضع بهذا أسس فوضى وشقاء 
وصخب وعصيان وتمرد لا نهاية له » فإنه يجب بالضرورة إكتشاف ولادة أخرى 
للحكومة . وأصل آخر للسلطة السياسية ٠‏ وطريقة أخرى لتعيين ومعرفة الاشخاص 
الذين يحتفظون بها » ٠‏ . 

لنذهب إذن لاكتشاف هذا الاصل الآخر . الأصل الحقيقي. 


الاصل : من الحالة الطبيعية الى العقد الاجهاعي 

ينطلق لوك بدوره « من الوضع الطبيعي للبشر» . أي من الحالة الطبيعية . لكنه يرى هذا 
الوضم بشكل مخالف لهوبس . وموافق لبوفندورف . إن حالة الطبيعة بالنسبة له هي حالة حرية . 
ومساواة : وليست حالة حرب محتملة للكل ضد الكل . إنها ليست حالة إباحية : لأنها محكومة 
« بحق طبيعي يفرض نفسه على الجميع . فالبشرية بأسرها لا تتعلم بأنه يجب أن لا يضر أحد بالغير 
في حياته وصحته وحريته وأمواله » باعتبار أن الجميع متساوين ومستقلين . إلا من خخلال الرجوع 
الى العقل » الذي يجسد هذا الحق » . إن على كل فرد ٠.‏ زيادة عل ذلك , أن يؤ من تنفيذ هذا الحق 
الطبيعي بمعاقبته , بطريقة فعالة » لاولتك الذين ينتهكونه » . إن من المتصور , في هذا الوضع 
حدوث وعود وتعهدات متبادلة بين الافراد ؛ لأن حقيقة هذه الوعود واحترامها تعود للبشر بصفتهم 
أفراداً » وليس بصفتهم أعضاءً في مجتمع '< 6 

ومن المهم أن نضيف الى ما سبق أن حق الملكية يشكل جزءاً لا يتجزا من حالة الطبيعة هذه : 
وفي هذا تتجل لدى لوك . قضية مركزية حقيقة . تُبعده أيضاً . وجذرياً . عن هويس . 


(1) ب . لاسليث ‏ المرجع السابق ذكره ‏ ص : 221-208 . 
(2) المقالة الثانية ‏ الفصل الاول في : لاسليت ص : 285 , وفيٍ ترجمة جيلسون ص :75 . 
المرجع السابق ‏ الفصل الثاني ترجمة جيلسون ‏ ص : 79-78 . 


3230 


لقد أعطى الله الارض وكل ما تحتويه للبشر بصفة مشتركة . ولكن لكي يستخدم هؤلاء هذه 
لمبة بشكل مفيد ‏ كان التملك الفردي ضرورياً . وهنا تَدَخْلٌ عمل كل فرد , الذي هوله حقيقة ‏ 
مثلما هو شخصه الخاص . والذي يبرر أن يكون نتاج أيديه له أيضا : فكيف يمكن للاشياء التي 
وضعتها هذه الايدي خارج الحالة المشتركة وثبتها بشكل ما . أن لا تعود له ؟ هكذا ه يحمل الانسان 
في ذانه التبرير الرئيسي للملكية » لانه هو سيد نفسه » ومالك شخصه . ومالك ما يفعله هذا 
الشخص والعمل الذي ينجزه » 5 

إن الانسان لم يكن . ف البداية » أي في مرحلة أولى من الحالة الطبيعية » يرغب بامتلاك 
أكثر ما هو ضروري لإعالته وإعالة أسرته أي لمساحة من الارض يستطيع أن يفلحها ويبذرها 
ويزرعها » ويستطيع مع أولاده أن يستهلك ثارها . فلماذا كان عليه أن يأخذ ويكتنز أكثر ما 
يستطيع أن يستعمل ؟ إن هذا سيكون عبارة عن حماقة وعدم استقامة لكن ها هي المرحلة الثانية 
من الحالة الطبيعية تظهر مم اختراع النقود » أي مع واقع الانفاق ضمنيا على الاعتراف ١‏ لقطعة 
صغيرة من المعدن الاصفر » القادر على أن يحفظ نفسه من التلف أو الفساد 6 بقيمة ما . حينذاك 
سيأخذ الناس يشعر ون بالحاجة لزيادة ممتلكاتهم . وهذا دوماً خارج إطار روابط المجتمع . وخخارج 
إطار كل عقد اجهاعي . وفقط عل إثر الاستعمال المقبول للنقود . لانه بهذا ثمث الموافقة » فجأة » 
على أن ملكية الارض تتضمن تفاوتات ولا مساواة. إن الامتلاك الخاص يؤدي عقلانياً للشراكم 
اللاحدود . إن الاغتناء الفردي . بدون شك , لم يكن يشكل شرا بالنسبة للجباعة , التي تزدهر 
به . لكن هذا لا يمنع . من الآن فصاعداً . من أنه ستوجد بين الناس الطبيعيين أسباب للتشاجر لم 
تكن معروفة حتى ذلك الحين . 

إن حق كل فرد في الملكية » سواء في المرحلة الثانية أم الاولى » يبقى ملازماً لوضعه الطبيعي : 
فمن الطبيعة يستمد كل فرد القدرة على حماية ما يعود له ١س‏ . 

ولكن لملذا وكيف انتقل البشر من الحالة الطبيعية الى حالة اللجتمع ( المدني أو السياسي ) » أو 
الما عة ( /ا)فتانا دهده 0©) ؟ 

لقد جاء دور لوك ليقدم جوابه على هذا السؤ ال المزدوج والتقليدي . 

لممذا ؟ إن رواية لوك عن الحالة الطبيعية . مثل رواية بوفندورف . وبعكس هوبس ( الذي 
يصف هذه الحالة وكأنها جهنم ) » كانت تثير صعوبة يعرضها المؤلف بنفسه بشكل كامل : «إذا 
كان الانان حرا لحذه الدرجة التي قيل عنها ف هذه الحالة . . . واذا.كان سيداً مطلقاً لشخصه 
وأمواله » ومساوياً لأكبر الناس ٠‏ فلماذا يتخل عن حريته ؟ ولملذا يترك هذه الامبراطورية ٠‏ ويخضع 
نفسه ل مطرة وسلطة قوة أخرى مهها كانت ؟ » . 


الجواب . على حد قول لوك . بديهي . فالانسان الطبيعي لم يكن يتمتع بالحقوق العديدة 
(1) ب . جيلسون_ ص :83,78 . 


331 


التي يمتلكها إل بشكل عابر . وكان تمتعه هذا معرض دائياً لتعديات الاخرين » كبا كان و خطيرً 
جداً » وغير مضمون بالاجمال . ( وكان بوفندورف يقول نفس الشيء ) . إن حالة الطبيعة كانت 
تفتقد لثلاثة شروط : فانون قائم وحدد » ومعروف ومقبول بموجب اتفاق عام كمعيار للخير 
والشرء وقاض كفء وغير متحيز من أجل تطبيقه » وقوة اكراهية من أجل تنفيذ حكم القاضي 
حسب الاصول . ونظرا لعدم توفر هذه الشروط : فإن حفظ ملكية البشر الطبيعين لا يمكن أن مكو 
مضمونا . ولكي يكون الامر كذلك , نراهم يحطمون وحدة الجماعة الانسانية الكبيرة التي كاتوا 
يعيشون فيها , ويقوموا بتكوين أنفسهم , بموجب انفاقيات خاصة . في مجتمعات مدنية ٠‏ 

ولنشر هنا الى أن تعبير د يلكية » يكتسي لدى لوك بعض الخصوصية . فهو يستعمله أحيانا 
بالمعنى المألوف للاموال المنقولة وغير المنقولة ( مثل حديثه عنها في نظريته عن حق الللكية ) ٠‏ 
وأحياناً » إن لم يكن غالباً ؛ يستعمله بالمعنى الواسع ٠‏ ليقصد بها ٠‏ كل ما يعود » للفرد ؛ أي حياته 
وحريته وأموالة . إِنّْ البشر الطبيعيين يقومون بالتخلي عن وضع كان يفتقد لكثير من الامن , « ولو 
أنه كان وضع حرية » ٠‏ من أجل حفظ ووقاية يلكيتهم بهذا المعنى الثاني ؛ أو من أجل حفظها 
ووقايتها بشكل أفضل . صحيح أن الحق الطبيعي والقانون الطبيعي ليس فيه إلا الوضوح والفهم 
بالنسبة لكل كائن مزود بعقل ؛ إلا أن من الواجب أن نأخخذ بالحسبان الجهل والعمى اللذان تسببهما 
لمصلحة الخاصة . صحيح أن كل فرد هو قاض ومسلح بحق المعاقية ؛ لكن كل فرد أيضاً يتحيز 
لصلحته الخاصة ويبدي اللامبالاة تجاه الآخرين ( الامر الذي يجعله , ني آن ولحد » فاضيا 
و وجلاداً » للقانون الطبيعي ) . إن كل فرد يمارس أيضاً حقه بالمعاقبة بطريقة غير نظامية ومتقلبة ٠‏ 
وهذا فإنه يجب البحث عن ملجأ في مجتمع وفي حمى قوانين تقيمها حكومة أو سلطة مدنية . ذاك هو 
الجواب على لماذا ٠٠١‏ 1 

أما الجواب على كيف , فها هو : 


د بما أن البشر . كما قيل , هم , بالطبيعة . أحرار ومتساوون ومستقلون » فان 
أحداً لا يمكن أن يرم من هذه الحالة . ولا أن يَخُضّمْ للسلطة السياسية لآخر ‏ بدون 
موافقته الخاصة . إن الطريقة الوحيدة التي بمكن لأي فرد أن يتنازل بها عن حريته 
الطبيعية ويتحمل التزامات المجتمع المدني تكمن في إجراء اتفاق مع بشر اخرين من 
أجل التجمع والاتحاد في جماعة . بحيث يعيشون بعض في الرفاهية والأمن 
والسلام , ويتمتعون بأمن بأموالهم ويحمون أنفسهم بشكل أفضل من أولئك الذين 
هم ليسوا منهم » 5 

وبعد أن يتشاركوا بهذه الطريقة ١‏ يستطيع البشر أن يقيموا شكل الحكم الذي يريدون . 





)11( لامليت-- الفصل التاسم - ص :127-13 وص : 368 وما بعدها . 


352 


لتشكيل جسم سيامي واحد . ومن اللازم أن يكون بإمكان هذا الجسم أن يتصرف بصفته تلك 
أي في اتجاه واحد . وهنا بتدخل المبدأ الاكثري . إن قدرة أكثرية الجسم على التقرير للقسم الباتي 
منه هي شرطلا بد منه لوجوده نفسه ا لايد ان سسب غه لأ يكن أكون لا لني لي 
تدفعه فيه القوة الاكثر أهمية . وهذه القوة.هي إرادة الاكثرية . لهذا يجب إذن أن يقبل كل فرد بأن 

لابين ارد . وإلاً فإن الميثاق الاصلي . أو 


إن لوك في هذا الجواب على : كيف ؟ يبدو إيجابياً بشكل كثيف . إن هذا الآمرء كما بشير 
هوء ( وهو وحده ) الذي استطاع . ويستطيع . أن يُولْد حكومة شرعية في العالم . ويلح لوك ني 
كل مناسبة على موافقة الشعب كأساس وحيد . ولا بديل له » للشرعية . ويرفض . بمساعدة 
العديد من الحجج . كل مصدر آخر للسلطة اسنَيدَ اليه بشكل تعسفي : كالغزو أو الاغتصاب ٠‏ 
وهونوع من الغزو الداخلي . والطغيان . أو بتعبير آخر ممارسة السلطة خارج إطار ميدانها 
المشروع . أما السلطة الابوية فإن من المعلوم جيداً أنه ليس لما نفس الغايات . ولا نفس 
الاختتصاصات التي للسلطة السياسية أو المدنية . والتي لا يمكن أن نرى فيها امتداداً للاولى . 


وبما أن المجتمع المدني له هذا المصدر . وأنه لا يمكن أن يكون له أي مصدر آخخر قابل 
للتبرير » فإنه ينجم عن ذلك أن الملكية المطلقة ( ويسارع مؤ لف المقالتين لإعلان انتصاره ) لا 
يمكن بأي صفة أن تكون شكلاً للحكم الشرعي . لنتخيل أناساً جانين يوافقون . بتركهم للحالة 
الطبيعية من أجل الدخول في مجتمع , على إخضاع أنفسهم جميعاً لإكراه القوانين ٠‏ بينا يحتفظ فرد 
واحد فقط بحريته الطبيعية سليمة . ويوسّعها بالسلطة . ويقرنها بعدم جواز معاقبته ؟. هل يمكن 
تصور أناس أكثر حماقة من الذين يحمون أنفسهم من شرور ه الانماس والثعالب » . لكنهم يجدون 
الارتياح والامن في أن يكونوا فريسة « للاسود » ؟ . 

أي حماية وأي عقبة تقدمها مثل هذه الحالة ضد عنف واضطهاد هذا الرئيس المطلق ؟ لا . إن 
هذا الرئيس لا يمكن أن يندمج ني المجتمع المدني . إن مثل هذا الشكل من أشكال الحكم يتناقض في 
الحقيقة مع هذا المجتمع وإزاء التو بان الخترين بي الك يدخون له باتياره ٠‏ الشكل الوحيد 
الصالح في العالم ! » وأنَّ سيصيحون بأن السلطة المطلقة « َنَقّي دم البشرء وتصحح 
دنامة الطبيعة البشرية » ! يسخر مق « اللقالتين » . بمرارة تقريبا ٠‏ قائلاً : وهل يمكن أن يكون 
المرء و با ان لل ” 

إننا نعلم أن الصراع بين ملوك أسرة ستيوارت والبرلمان قد تَبْتَ في أذهان الانجليز التمميز بين 
السلطات . إن لوك يحاول . بمهارة كبيرة ٠‏ أن يُطَعُمَ نظريته في المصدر الشرعي بهذا التمييز . فهو 
يُسلُم بأن كل فرد يمتلك ني الحالة الطبيعية سلطتين : سلطة القيام بما يراه ضرورياً لبقائه ولبقاء 
الآخرين . من جهة أولى . وسلطة معاتبة كل تخالفة للقانون الطبيعي . من جهة أخرى . لكن 


(1) لاسليت - ص : 348 وجيلون ص : 132-129 . 


23533 


ححس د مده 


البشر . بدخوهم في المجتمع المدني . يردون انفسهم من السلطة الاولى لكي تصبح ٠‏ من الآن 
فصاعداً . منظمة بالقوانين الوضعية : وينشأ عن هذا ما يُسمى بالسلطة التشريعية . كما يجردون 
أنفسهم من السلطة الثانية ليقدموا المساعدة للسلطة التنفيذية للمجتمع حسب ما ستتطلبه هذه 
القوانين الوضعية . 
الحدود والغايات : الوديعة . 

إن البشر بعد أن يتشاركوا يمكنهم إذن إقامة شكل الحكم الذي يريدون . هل سيتخيل لوك 
هنا وجود « ميئاق خضوع » أوه عقد حكم » يلق التزامات متبادلة بين الشعب والسلطة ؟ إننا نذكر 
أن هوبس كان قد استبعد كل ميثاق من هذا النوع , وحص ركل الاجراء في عقد واحد : لكن ذلك 
كان بهدف تنب قيام مبادلة في التعهدات لفائدة المحكومين . إلا أن لوك بدوره يستبعد كل ميئاق 
خضوع . ولكن ضمن رؤيا مختلفة تماماً . فهو يُؤْسسّس بين الحكام والمحكومين رابطة وديعة 
(12051) وليس رابطة عقد : إنه يجعل من السلطة وديعة . وديعة يسندها المجتمع المدني الناشىء عن 
اليثاق الاصل . للحكام بشرط ( صريح أو ضمني ) أن بمارسوها من أجل الخير العام . وهكذا 
يتجنب لوك أن يكون الشعب ملزما تعاقديا تجاه حكامه : أنه حل معاكس لحل هويس . 
معناه الحقوقي . إن دوره , بالتأكيد , هود أن يوضح أن كل أعمال الحكام حدودة بغاية الحكم ١‏ 
التي هي خيير المحكومين . وأن يبرهن ٠‏ بالمقابل , أنه لا يوبجد هناك ميثاق , وإنما مجرد علاقة ثقة 
إثهانية » ( على حد قول ب . لاسليت ) ٠‏ . 

ويبقى أن نطبق هذا المبدأ على السلطتين : التشريعية والتتفيذية . 

إن تأسيس السلطة التشريعية هو القانون الوضعي الاول والاسامي في كل الدول . فهي 
السلطة السامية . « وروح » الجسم السياسي نفسه . لأنها تمثل الموافقة الاججاعية . فبالهيئة التي 
سند لها يتعلق شكل الحكم : ديمقراطياً كان أم اوليغارشيا » ملكياً ورائيا أو إنتخابيا » أم نظا 
مختلطة متنوعة . وتبقى هذه السلطة في كل ا حالات د ثابتة ومقدسة » بين يدي الذي وضعتها الجماعة 
في البداية فيه ( سواء أكان فرداً أو أقلية أو أكثرية ) . فهو لا يستطيع تخويل أي كان غيره حق 
التشريع . 

وليست هناك حاجة لآ تكون هذه السلطة موجودة باستمرار » لأنه يس من الضروري دوماً. 
سن القوانين . لكن من الضروري , بالعكى ٠‏ العمل دوم على تنفيذ القوانين القائمة . وهذا 
الامر يشكل السبب الاول لوضع السلطتين بين أيدٍ مغتلفة . وهناك سبب ثان لذلك ء وهو أنه إذا 
لم نفصلههما . فإننا سنغري كثيراً الضعف البشري ( الذي يميل دائيا لاساعة استعمال القوة ) . 

ويتوقع لوك وجود سلطة ثالثة . يسميها ب بالسلطة الاتحادية (كناه:ك6؟) . ومهمتها ذات طابع 





(!) لاسليت للقدمة ص : 113 . 


خارجي ( التحالفات والمعاهدات , والحرب والسلام ) . إن هذه السلطة . المتميزة في ذاتها , 
تندمج دائياً وعملياً مع السلطة التنفيذية . وهذا يمكن إذن التفكير فقط بسلطتين ‏ نظراً لآن السلطة 
القضائية لم يكن لها مكان مستقل . باعتبارها « الخاصية العامة للدولة » . 
إلا أنه لا يجب أن نرى في السلطة التنفيذية جرد هيئة مُتَفُذة ٠‏ وإنما ينبغي أن نعترف لما 
« بسلطة العمل تقديرياً ببدف تحقيق الخير العام » وذلك في حال غياب نص قانوني . وأحياناً حتى 
بشكل مالف له » . وهذا يعني أن لوك » عضو حزب الويكز , وعدو ملوك أسرة ستيوارت , كان 
يقبل بالامتياز(ء /اناهعوه© 6م هآ) 8 وقد ذهب حتى لكتابة أن الامتياز » في التاريخ الانجليزي » نما 
دائباً حتى حدوده القصوى بين أيدي الامراء و الاكثر حكمة والافضل  »‏ والمهم في الامر أن يارس 
ضمن احترام الجماعة ووفقاً لغاية الحكم . وبالاجمال .٠فإن‏ الشلطة التنفيذية » سواء نَعَذْتْ ببساطة 
القوانين أم عملت من أجل اخير العام بمقتضى امتيازها » تؤدي رسالة الثقة التي تبرر وجودها 5 
ملزمة بأن تقدم لها جساباً . وأن من غير الممكن تغييرها إذا أرادت السلطة التشريعية ذلك ؛ لآن 
الذي يمكنه أنْ شرع لآخر يكون حا أعل منه . 
إل أنه ينبغي الحذر من نسيان أن للشرعين أنفسهم لا يحتفظون بالسلطة إلا من أجل تحقيق 
بعض الغايات المحددة جيداً بموجب رابطة الوديعة ؛ وأن هذه السلطة لا يمكنها أن تتجاوز متطلبات 
الخير العام ؛ وأنها لا يمكن أن تكون تعسفية ؛ وأنها » خصوصاً . تعود للجماعة في حال خروج 
هؤلاء المشرعين ولو قليلاً عن حدودهم . وخيانتهم للرسالة المسندة اليهم . إن الجماعة ( أو 
« الشعب » ) لا تكف مطلقاً عن أن تكون صاحبة القدرة السامية على تعديل أو عزل السلطة- 
التشريعية . عندما يتطلب ذلك الخدلاص الشترك . إن الجماعة لا تتخلى مطلقاً عن سلطتها 
« المتبقية » إذا صح القول ؛ ويمكن القول بأنها تحتفظ بسرادة « كامنة » ينبغي تمييزها عن السيادة 
و الحالية » للسلطة التشريعيظ ٠١١‏ 5 
إننا نرى هنا أن خحيانة للشرعين لرسالتهم ‏ تماماً مثل خحيانة السلطة التتفيذية » تؤدي منطقيا 
لانحلال الحكم الناثىء عن رابطة الوديعة . ولكن ماذا يعني هذا الامر . إن لم يكن تبرير حق 
الجباعة . أوه الشعب » , بمقلومة حكامه الذين خانوا الثقة التي وضيعت فيهم ؟ 
الجزاء : ححق المقاومة 
خاص . الوضوح . والذي يكتسي مع ذلك أهمية كبيرة جداً : 
« إن غاية الحكم هي خير البشرية . وأما أفضل للبشرية : أن يكون الشعب 
مُعَرّضاً دائياً لارادة طاغية لا حدود لما , أم أن يكون الحكام أحيانا معرضين لمواجهة 


(1) لامسليت : ص :392 وما بعدها 


مقاومة عندما يقومون باستعمال سلطتهم استعهالاً فاحشاً ومغرطاً ؛ ويستخدمونها من 
أجل تهديم ملكيات الشعب » أي ما يعود له بشكل عاص » بدل صيانتها ؟. . . إذا 
كان الشعب مجمعاً على الاقتناع , بالاستناد الى دلائل واضحة , بأنه يمري الاعداد 
لملخططات ضد حرياته . وإذا كان المجرى العام للاشياء لا يمكن إلا أن يجعله يرتاب 
بقوة من النوايا السيثة لحكامه فمن الذي ينبغي لومه حينذاك . هل سناخذ على الشعب 
أنه كائن مزود بالفهم الذي تمتلكه المخلوقات العاقلة وأنه لا يستطيع تقدير الاشياء 
بشكل مغاير لما يلاحظه ويشعر به 6 3 . 
إن لوك يلقي بالخطأ على الحكام الذين وضعوا الاشياء في مثل هذه الحالة . وأرادوا أن لا 
دئرى كيا هي » . إن هؤلاء الحكام.. بتصرفهم بشكل تالف للغاية التي نُصبّوا من أجلها , 
وباستعما لهم « للقوة بلا مبرر» » جعلوا أنفسهم مذنبين بالتمرد بالمعنى الخاص للكلمة (أي 


نعم ء إنه لتمرد من جانب السلطة التنفيذية . أن تلغي بالقوة السلطة التشريعية والقوانين 
التي سنتها بمقتضى رسالتها . لآن هذا يعني , فجأة . إلغاء الحم الذي قبله الجميع من أجل تنظيم 
.الصراعات سلمياً » ومنع حالة حرب الكل ضد الكل . نعم . إنه لتمرد من جانب اللشرعين 
أنفسهم » أن يستعملوا القوة من أجل الاساءة الحريات وأموال الشعب . ويحاولوا تهديمها في حين 
أنهم اختيروا . بالعكس . من أجل حمابتها : إنه التمرد الذي تصاحبه الظروف الاكثر تشديدا 
للعقوبة . ١‏ 

إن الاعتراضات التي سيثيرها مثل هذا المبدأ » بأمسه تلك , لم مف عن بال لوك . لقد 
كان نفسه أول من تصورها . لكن كان لديه ما يجيب به عليها . 

سيحتج البعض بقوفم : إن المقلومة , مهما كان الدافع لها . هي حق ميف : إنها نفي لكل 
نظام قائم ٠‏ ودعوة لتخريب كل نظام شرعي . لقد رأى هوبس هذا جيدا . ونحدث عنه جيدا . 
وكذلك بوسبيه الذي اعتبر بأنه ليس هناك من علاج قط ضد سلطة الامير إلا « في سلطته » . فأي 
تهور , وأي طيش يكمن في تأسيس الحكم على الرأي غير الثابت والمزاج المتغير للشعب , الجاهل 
وللستاء دوما !. 

ويرد لوك بقوله : هذا خطا . إن الخمول الطبيعي للشعب يحمله على عدم التمرد إلا في نبأية 
الامر . إن من الصعب اقناعه بتصحيح العيوب الاكيدة للاطار السيامي الذي اعتاد عليه . إن 
تاربخ إنجلترة يشهد على هذا البطه » وهذا التغور من التخلي عن الدستور القديم . 

ولكن » ألا تشكل مثل هذه النظرية في حد ذاتها تحريضاً على التمرد بشكل متكرر ؟ هذا هو 
لك يشير لاسليت الى أن الفصل التامع عشر ( وعنوانه : انحلال الحكم ) هو الفصل الذي يتضمن عروض لوك التي 

تر بط كتابه بشكل وثيق مع أحداث 1688 8 


إنها ليست كذلك أكثر من غيرها , يجيب لوك , لأنه عندما يصبح عبءُ الحكم المطلق مفرطاً 
حفيقة وغيرسحتمل فإ نأي نظرية للطاعة السلبية , وأي حق إلمي للملوك ه أبناء جوبيثر ٠‏ . الهابطين 

من السماء أو المندوبين من قبلها ‏ لا يمكن أن يصمد . إن أي شعب يُعامل عموماً بشكل ميء 
بالرغم من القانون سينتهز كل مناسبة مواتية ليتحرر . وين شري مم لحلا ليجات ٠‏ أن 
تتاخر مثل هذه المناسبة كثيراً عن القدوم . 

وهنا يأتي اعتراض جديد وأخير , وأكثر إزعاجاً : إن الاعتراف للشعب بحق مقاومة العنف 
غير الشرعي يعني التضحية بالسلام المدني , والاستسلام للفوضى وإراقة الدماء . 

ولنستمع هنا لصوت لوك وهو برتفع . أي سلام مدني هذا الذي بمليه الأقوياء على الضعفاء ! 
محا لايد الدع ا 0 
بدن مقايمة 1 ويسعرلي من ا ضهنا جمانة نتهرية قي دلسنة لاريم بقوله 
الو د وا ا اي لت 
بأن أوليس . الرجل انعافل . كان يدعو للطاعة السليية » ويحض عل الخضوع بلا مشاكل ؛ وهو 
يتمثل أهمية السلام بالنسبة للبشرية . وبين التتائج المحزنة التي يمكن أن نمحصل لوقام ورفاقه 
بمقاومة بوليفيموس الذي كان يمسك بهم نحت قبضته » . 

لقد سُمِمَتَ القضية . إن للشعب الحق بأن يستعمل بدوره القوة ضد الامير , وكذلك ضد 
السلطة التشريعية إذا تصرفا بشكل مناقض لرسالتهه) » واستعملا القوة بلا مبرر . إنه لمن 
الصحيح ٠ ٠‏ لأسف 1ء أن يكون في هذا عودة الحالة الحرب « حيث لم يَعُدْ هناك بوه إلا للسهاء » 
( إن لوك يفضل هذه العبارات المحتشمة التي تستر » من خلال التذكير بحكم الله » عنف تجربة 
القوة ) . 

ويبقى السؤ ال للتعلق بمعرفة من له الصفة للحكم بأن الحكام قد تصرفوا ضد رسالتهم وخخاتوا 
الثقة الاساسية . الجواب : الشعب باعتباره المودع والمنتيب . . فله وحده يعود ا لحق في مراقبة تتفيذ 
الوديعة ٠‏ وله » انطلاقاً من ذلك » الحق في عزل للنتذب أو الخائن : و وبما أن هذا يعتبر عملاً 
معقولاً في القضايا الخاصة للافراد العاديين » فلياذا يكون الامر على خخلاف ذلك في:قضية لها أهمية 
أكبر » وتتعلق بها رفاهية ملايين البشر» « ؟. 
الخلاصة : لوك ؛ معلم التفكير الجديد 

هكذاً امستّخلصت إذن » بمناسبة الاحداث التلريحية الطارئة « للبادىء الصحيحة » لحكم 

در . اسسخُلصت من قبل نفس المفكر الذي كان قد تأمل بموضوع الفهم الانساتي » بمثل هذا 
بيكش اليد بتر الندرل . 


1) جيلون_ص :206205 . 


لقد قادت الظروف لوك لمهاجمة فيلمر . لكنه » وبغض النظر عن الظروف . وعن النجاح 
الذي لقيه كتاب ‏ نظام الابوة ؛ في معسكر أنصار الحكم المطلق . كان من الواجب عليه أن يجابه 
نظريته السياسية الخاصة بنظرية مؤ لف كتاب اللوفيائان غير العادي . الذي كان قد عانى من 
جاذبيته . وقد قام لوك . من أفق فرديته . المشتركة مع هوبس . بعملية انقلاب مفاجيء كان له 
مدى كبير . إن بناء هويسن كان يرنكز على التضحية الكلية بالحقوق الطبيعية للافراد » لقاء الحصول 
على السلام المدني » وعلى دولة اللوفياثان . التي لا تشكل مع الحكومة إلا شيثاً واحداً . أمايناء 
لوك فيقوم بالعكس تماماً على الضمانة التي يوفرها المجتمع السيامي أو الجماعة ( المتميزة كلياً عن 
الحكومة أو السلطة المدنية ) لهذه الحقوق الطبيعية . ويتبع هذا أنه لا يوجد مطلقاً . ٠‏ بالنسبة للوك 
الليبرالي » موافقة يعطيها الشعب مرة واحدة وإلى الابد لهذه السلطة المدنية ٠‏ كبا كان يريد ذلك 
هويس الأمعداقي ( مع التسفظ الرسيد التعلق بعجسز اليد عن حباية وعاياه ) . إن الموافقة 
مشروطة دائياً ؛ وخاضعة داتياً للسلوك الجيد للحكام » ٠‏ الذي يُقَيْمْ تبعاً لحقوق الافراد الطبيعية 
والتي لا يمكن التنازل عنها . وهي : الحياة والحرية والملكية . إن مفهوم الوديعة وحق المقاومة الذي 
يعتبر جزاءً له ( والذي يشكل تحدياً مباشراً للهوبسية ) يبدو المفتاح الاسامي للنظام اللوكي . 


لقد كانت النزعة الدستورية لدى الويكز ( الاحرار ) بحاجة لهذه « المباديء الصحيحة » . 
ولا سيا اعتباراً من اللحظة التي كانت فيها الثورة المجيدة قد ضمنت مستقبلها . ولقد جلب ها لوك 
ما يكمل به مفهوم هاليفكس البارع حول للموازن الساهر على توازن السفينة . لقد جلب لفاحداً 
أدنى من بنية مذهبية » وحداً أدنى من التعميات . لقد قرن لوك الحق الطبيعي بالدستور الانجليزي 
الحاضر بشكل ضمني : «٠‏ فبفضله ‏ على حد تلخيص ب . هازار- كان مطرع النمتود 
الانجليزي ينعكس عل الحق الطبيعي . وفي نفس الوقت , كان الحق الطبيعي يؤسس الدستور 
الانجليزي » تماماً كما كان الحال مع برلماته » ومع ملكه الذي كانت قد استدعته إرادة قومية » ٠:‏ 5 
لقد كان لوك يقرن الازمئة القديمة بالازمئة الجديدة : وبشكل أسامي . التقاليد الوسيطية المغمورة 
كلها بالاخلاقيات والغائيات وروح الجماعة . مع فردية هويس القائمة على صببية ميكانيكية دقيقة » 
وعل نزعة منفعية متجمدة . لقد كان ماله مغزى . فى هذا الصدد » ميل لوك للاستشهاد باللاهوتي 
هوكر » الذي كان يصفه « بالذكي » . باعتبار اي . إن مفهوم 
لوك لخي العا أو لمشترك » وهو للفهوم للركزي في القالة اثانية لأنه يؤسس سلطة الحكام ويد 
منها في آن واحد ( من خلال الوديعة ) , كان يُذَكْرء بدون شك , بمفهوم الخخير للشدرك لدى 
القديس توما . لكنْ هناك فرقاً جذرياً بينهما . في الحقيقة . فالخير المشترك لدى القديس توما 
( وكذلك لدى أرسطو ) كان الخيرالشترك لمجتمع ين له ككل عضوي » وجسم أسبق وأعل من 
الافراد الذين بتألف منهم , وجماعة حقيقية في حين أن الامر ء لدى لوك . يتعلق . على ما يبدو 
بمجرد مجموع لمصالح فردية . . إن لوك يفترص بالاساس وجود انسجام طبيعي عفوي بين متطلبات 
المصلحة الفردية المفهومة جيداً » ومتطلبات المصلحة العامة . ال أنه في هذا تتجل بالضبط 


(1) ب . لامليت - لفقدمة ص : 78277 . 


المسَلّمة . المتفائلة بشكل ملحوظ للفردية الليبرالية :0 . 

ويبقى أن الانجليز كانوا يستفيدون . بفضل مؤّلْف ١‏ المقالتين » . من مذهب للسلطة من 
شأنه أن يضمن هم حكراً معتدلاً . صالحاً للتسويات » ؛ ومستعداً لاحترام حرياتهم التقليدية 
والطبيعية ( وهي نفسها الى حد كبير ) ٠‏ وآميناً لروح الملكية « المختلطة » . ويبقى أن القاعدة 
الديمقراطية للحكم . المتمثلة بالموافقة - الفردية ‏ للمحكومين . والتي تترافق مع رفض كل حكم 
سيامي مطلق كانت تفرض نفسها تدريجياً . وتنتقل من انجلترة ة الى العالم الانجلوسكسوني . قبل 
أن تنتشر في القارة الاوروبية . لقد كان لوك يبين لمواطنيه . وبشكل أعم لمعاصريه « المتنورين » 
( والذين سيكون ابنلؤهم أكثر تنوراً أيضاً ) طريق الانعتاق الذي لم يكن يتصوره إلا« معقولاً » . 


ونميل للاضافة . بأنه كان معقولاً مثل الانعتاق الفكري والاخلاتي الذي بَشرٌ به في بحثه 
الشهير الذي كان قد صنع المجد الكبير لوَلْفه والذي استمر بعد وفاثه ولكن بشكل أكثر سطوعاً . 
لقد كان معقولاً أيضاً مثل المسيحية التي اعتمد عليها لوك كثيراً من أجل شرح أفكاره » والتي كان 
يعتبرها لا تنفصل عن التسامح الاكثر إنانية » وفي نفس الوقت . عن البحث - الصعب ولكن 
الضروري - عن السعادة على الارض : أي عن سعادة « حقيقية » 3 . 


إلا أن بعض الحذر يفرض نفسه في مثل هذه المقارنات . لقد أوضح ب . لاسليت . بطريقة 
لا تقبل الدحض ٠‏ بأن « القالتين» . . كتبتا ,هدف ختلف كلياً ٠‏ وبعقلية مختلفة كلياً عن 
«البحث » . . وإذالم ناخ إلا هذا المثال فقط( الكبير في مغزاه ) فإن من التهور نقل صيغ « اللوح 
الخالي من أي نقش » « أوه صفحة الورق البيضاء » والتي طبقها في « البحث .. » عل الروح 
الانسانية ضمد كل الافكار الفطرية . الى النظرية السياسية « للوك الحكيم » . فلا شيء أكثر من هذه 
الصيغ من شأنه أن يلهم الثورات الراديكالية القائمة على كراهية ورفض الماضي بشكل أعمى . 

والتي تعد باعتتاق طوباوي . وليس لها ٠»‏ بالتأكيد » أي شيء مشترك مع ثورة1688 , المعقولة 
جداً!. 


بعد قول هذا » يبقى أن لوك إذا أخذ بصفة إجمالية » كان يقدم نقاط انطلاق ثمينة ومغرية 
جداً لمفكري المستقبل الاقل اهتاماً بالمجاملات . والاقل حكمة . والذين كانوا ينسبون أنفسهم 
اليه » ويسيؤ ون . مع ذلك , فهمه أو يتجاوزونه . الامر الذي يساهم في تفسير التأثير غير 
العادي . والذي يسير في اتجاهات متنوعة جداً م لهذا الانسان النبيل اللطيف » الطبيب 
والفيلسوف . الوديع والضعيف الصحة . والذي توفي في عام1704 » بعد أن أنهى عند بلوغه صن 
الثانية والسبعين من العمر حياة مليثة بشكل فريد . 

تأثير ‏ بالطبع , في انجلترة حيث ستصبح « المقالتان » بمثابة التوراة السيامي للقرن الجديد 
( الذي سيتغذى منه الامريكيون أيضاً . هؤلاء الانجليز القاطنين فها وراء البحار ) . وتأثير 


12( ج . ه . سليين ‏ ص : 443 444 . 
62 ر . بولان ‏ امرجم للسابق ذكره ‏ ص : 16 -26 : 


مفاجىء » وأكبر بدون شك . في فرنسا . إن بالامكان الحديث عن « استقبال » المذاهمب 
الفلسفية ‏ وخخاصة السياسية للوك في فرنسا القرن. الثائن عشر » تماماً مثل الحديث عن استقبال 
الارسطر طاليسية أو الحق الروماني في أوروبا العصور الوسعلى . لقد اقتفت فرنساه الفلاسفة » ١‏ 
فرنسا « الانوار» . وهي تنشر جميع قلوع الاعجاب ( باستثناء التحفظات اللاحقة ) إثر إنجلترة ع 
التي كان بوسبيه يئن عليها كثيراً . لقد انتضت إثر لوك بالذات , عدو بوسييه » بعد رفضها 
للارثوذكسية المزدوجة : الدينية والسياسية . التي كانت بطلتها المخيفة والمهابة الجانب ... إن 
أفكاراً يقال عنها « إنجليزية » ٠‏ ستصبح أفكاراً يقال عنها « فرنسية » :'" : 

إن وطن بوسبيه وباسكال . الذي أصبح وطن مونتسكيو وفولتير ودالمبير وديدرو والموسوعة 
سيقود الحركة الاوروبية الكبيرة التي أعلنت عنها الازمة التي نعرفها , في حين أن انجلترة » التي 
اكتفت بدون شك بكونما بَينت الطريق وتقدمت فيه . لن تلبث إلا أنْ تنأخر . إن الكلمات الرئيسية 
الارد الْهَيّمة للمعتقدات اليقينية القديمة . وهي : الفرد . العقل , الطبيعة والسعادة » ستكسب 
رويد رويداً ارضاً كبيرة أمام مقاومات ضعيفة أكثر فأكثر . وسيزداد المديح شيثاً فشيثاً للتقدم أو 
لتقدم الروح الانسانية » وذلك بانتظار نوع من الثأليه اللاحق للتقدم . وسيفضل الملوك ؛ الذين 
مارسون بأنفسهم حكياً مطلقاً: أو الطغاة » ( كما كانوا برفضون . من جهة أخرى ‏ أنْ يُسمون 
أنفسهم ) . أكثر فأكثر أن يكونوا . هم أيضاً . متنورين . 

إل أن عبقرياً عجيباً هوجان جاك روسو , ٠‏ مواطن جنيف » . والوريث بشكل جزني للوك 
وهربس ( لكنه المتجاوز لكل إرث ) سيأتي ليضع على القرن علامة لا تمَحى . وسيحضرٌ » وهو 
المذهبي الحاسم لدولة الشعب ٠‏ أكثر من أي مفكر آخر , الازمنة الجديدة للسياسة . 





(1) سج . ه . سايين ‏ ص : 460 وما يليها . 
أنظر أيضاً ‏ ج . غيسدورف(:81520184لان) .ن) ‏ « العلوم الانساتية والفكر الغربي » . قع6معاعة دما 
(علساي لوعن عمكوعم ها )© 065 نسوناط ‏ ( باريس -_-إوتزوط -1966 -1973) . 


2020 


الفصل الثالث 


في فرنسا : الليبرالية النبيلة 


« إختضى لويس الرابعم عشر . . ولم يتوقف المعاصرون قط 

بن لامعاب بتطاذحبد مي . لقد فرحوا جيماً 

امير 3 

« .. . التقليد اللببرالي لتاربخ فرنسا . الخفي أحياناً والمطى 
بالظلمات » . 

كورادو فانا : روح سان سيمون . 


بدأت في فرنسا خلال العشرين سنة الاخخيرة من العهد الطويل جداً للويس . الملقب 
بالكبير » ردة فعل ليبرالية ذات جوهر أرستقراطي : إنها السنوات التي كانت تهري خلاها نتائج 
الرجوع عن مرسوم نانت والثورة الانجليزية ؛ السنوات المظَلّمة بالهزائم العسكرية والبؤس المتزايد 
للشعب ؛ السنوات الني برزت فيها الهرطقة . إن تعرض الحكم المطلق . » في كل مرة كان يجد نفسه 
فيها ني وضع صعب . لحجوم الافكار المعادية أو الخفية التي تغرف من المعين الفديم للعصور 
الرسعلى » » كان يعتبر نوعاً من القانون غير المكتوب في تاريخ فرنسا الملكية . لقد كان « الكبار» » 
بشكل خاص . يتنهزون كل فرصة همؤ انية لمعاكة تيار المركزية الادارية » الاخت التوأم للحكم 
المطلق . التي كانت نجردهم بشكل غير ملموس من نفوذهم التقليدي لحساب وكلاء البيروقراطية 
الملكية ‏ الذين كانوا من عامة الشعب- . لفد تحقق هذا القانون في زمن الحروب الدينية ‏ » ثم في 
أثناء حرب الفروند . ومن الطبيعي أن يد تطبيقاً جديداً له في نهاية عهدٍ كان قد كرس الملكية 
الادارية والملكية المطلقة في نفس الوقت . وأن تحدث حركة ردة فعل مشاببة » رغم أنها تختلفة » 
نتيجة لصعوبات هذه السنوات الاخيرة , إنها ردة فعل ليبرالية » لأنها تتتسب بحنين « للحرية 
القديمة » ؛ وذات جوهر أرستقراطي . لأنها تهم بالمقام الاول المجتمع النبيل . إن الليبرالية النبيلة 
التي تغوص جذورها العميقة في الماضي الفرنسي هي التي انتصيت في وجه التهديد الضاغط أكثر 
فأكثر « للاستبدادية » الجديدة , الغريبة » بشكل كامل عن تقاليد العصور الوسطى . والمستلهمة 
من ممارسات الامبراطورية الرومانية . لقد وضعت هذه الليبرالية » من جهة أخرى . فيد التساؤ ل 
الحكم المطلق في بمارسة لويس الرابع عشر له . أكثر مما فعلت ذلك بالنسبة لمبدأ هذا الحكم ( الذي 
بدا أنه مقبول بالاجمال ) . ألم يترك الملك التعسف والرغبات الخاصة تتسرب » تحت غطاء الحكم 


391 


المطلق . الى كل مكان , لتؤدي في النهاية لإفساد كل شيء ؟ لهذا أخذ النقد والهجاء ‏ الملكشوف أو 
لفن » يستخدم في خدمة الروح الاصلاحية . 
1 فتلون (دماءس8) (1651 -1715) . سان سيمون (و«مساك -نسلهد) . 
بولانفليه (ويعثللا؟سنعلهه8) . 
من الذي كتب إذن الى لويس الرابع عشر ( وني عام 1694 على وجه الاحتال ) السطور التالية 
القاسية جداً ؟ 
« منذ نحو ثلاثين سنة » زعزع وزرلؤك الرئيسيون » وقلبوا كل المبادىء العامة 
القديمة للدولة , وذلك ليصعٌّدوا . حتى الاوج » سلطتك التي أصبحت سلطتهم » 
لأا كانت في أيديهم . إن الحديث لم يعد يجري عن الدولة . وعن القواعد » وإنما 
فقط عن الملك . وعن رغباته الخاصة . لقد دفعوا مداخيلك ونفقاتك الى اللاناية . 
ورفعوك حتى السماء » وذلك . كيا كان يقال » من أجل حو عظمة كل أسلافك 
مجتمعين . أي من أجل إفقار فرنسا بأسرها . بغية إدخال بذخ هائل وعُضال للقصر . 
لقد ارادوا أن يرفعوك عل أنقاض كل طبقات الدولة , كما لو أن بامكانك أن تكون 
كبيراً من خلال تهديم كل رعاباك » الذين عليهم أُسَمْتَ عظمتك »0 . 
هذه السطور هي ( كما سيتشبث بالقول ! ) لفنلون العذب ( واسمه الكامل هو : 
(وماعم8 -عط ه84 ها عل عمموتلهة عل دأمومهم) الذي سيصبح أسقف كامبري(نهطصت) ‏ 
ومنذ عام1689 مربي « ولي العهد الصغير» ٠‏ دوق دو بورجوني(©7ومعكنه8 عل عن00) حفيد 
الملك . وقد وردت في «٠‏ الرسالة 3 المشهورة الموجهة 03 للويس الرابع عشر» 3 التي لم تقل أبدا 
للمرسل اليه ٠‏ ولم يكتشف مؤ لفها قط بالتالي . ولقد تبعتها سطور أخرى كثيرة بنفس الحبر وجهت 
فيها التهم للوزراء لكونهم أصبحوا السادة الحقيقيين في ظل سيد « اعتقد أنه يحكم » . كما لم بنج 
فيها شخص الملك من النقد : لقد ترك الملك نفسه يصبح سجيناً للمجالس المتملقة ‏ وطاب له أن 
يستمع للمدائح المبالغ فيها » والتي وصلت الحد عبادة الاوثان ١‏ واعتزم دائما » منذ حرب هولندة في 
عام1672 التي شرّع بها من أجل مده . أن يمل السلام بلا إنصاف ولا اعتدال » طالما أنه لم يكن 
بامكانها أن تدوم . « إن في هذا ( يقول فنلون في الخلاصة ) ما يكفي . يا سيدي , للاعتراف بانك 
أمضيت حياتك بأسرها خارج طريق الحقيقة والعدالة , وبالتالي خخارج طريق الانجيل » . 





(1) رمالة فنلون الى لويس الرابع عشر (/11< 5أنهمآ ف 156ام1) مع مقدمة لسري جيللومان («نصعلاذنا .81) - 
منشورات 65065ل08 4 1465 نيوشائيل -1961 - ص :61 . 
حول الافكلر اليامبة لفنلون أقرأ : « الامير حسب فتلون ؛(هواعم6! مملعد ععمكم عمل ل : فرانواز 
غالوديك ‏ جونوي(لاناهع0 -606نهوالة6  )1.‏ باريس 1 .لا .1963-1 . 
أنظر : ١‏ مغامرات نيلماك »(عناوهد 71614 عل كعتنامء الها مع مقدمة جين ليديع غوريعفالادا - مممع 0 
(6066 بلريس ‏ منشورات 06ذكشتصها"! -عفدعةة) ‏ باريس -1968 . 


322 


اولان ٠‏ القمم راهب الروح والاسلوب وجواهب القلب والامان وح 0 
باستطاعة أنوار القرن التالي أن تتتسب اليه باعتباره رائداً ( بالمعارضة مع بوسبيه ٠‏ الارثوذكسي 
الكبير ) فان شخصيته العميقة تلتحق . بسبب نزعته الانسانية وروحانيته » ويسبب المثال الاعل 
للامير المسيحي وكراهيته الحادة للحرب ٠‏ بأيرسم الروتردامي . هل هي السياسة الانجيلية ! ألآ 
تُذَّكْر قراءة د تيلماك »(عسوهم 744 عا) ٠‏ هذه التحفة الم لّغة من أجل ولي العهد الصغيرء ولا 
سيا الكتاب السابع منها الذي وصفت فيه عجائب ١‏ لاببتيك 6(ءنهة)86 هما) بيتوبيا القديس 
توماس مور ؟ فنظرا لعدم وجود هذا البلد العزيز على الآألحة ء حيث كل الاموال مشتركة ٠‏ وكل 
الناس أحرار ومتساوون ؛ وحيث الكل يحبون بعضهم « حباً أخوياً » لا يعكره أي شيء , وحيث لا 
يُسمع مطلقاً الصوت « القامي والفسد » ؛ للغش والعنف والمحاكمات والخروب - نظراً. لعدم وجود 
لابيتيك الحلم فان إن مؤلف تيلهاك يقترح سالانت(6716ل530) كمثال : سالانت بملكها إيلومينيه 
(1407674) ومستشاره منتور مينر ف(/811560 -846006) الذي جعله يمل كل أنواع الانظمة 
الآمرة والدقيقة » ويقطع دابر البذخ والفنون غير النافعة , ويعيد الاعتبار للزراعة . ويُرجعٌ . 
أخيراً ٠‏ كل شيء « لبساطة نبيلة وزاهدة » . 


فكيف نندهش من استياء لويس الرابع عشر من نشر كتاب ( ني عام1699) كانت سطوره 
تزدحم ( مهما كانت النوايا الدقيقة لمؤلفه التي ما زالت موضوعاً للنقاش ) عن: طريق القياس أو 
المقارنة العكسية » بالتلميحات لأخطاء وعيوب السلطة المطلقة »كا كان الملك يمارسها ؟ إن ما كان 
بهم فنلون وأصدقاؤه : دوق شوفريز(ع5لء:060 عل عناط) . ودوق دو بوقيلييهءل عدط) 
(دمع الل اسوع8 » في هذه النهاية للقرن , كما في السنوات الاولى للقرن الجديد . وني هذه النهاية 
لعهد ملء بالتهديدات امتنوعة , هو . في الحقيقة . أن يدر الوريث المحتمل للويس الرابع عشر » 
بشكل أصولي . من كل أنواع الاغراءات التي كان الملك الراحل قد استسلم لها كثيراً . 


ضمن هذه الروح . كان فنلون قد كتب . في عام1697 تفريباً . من أجل دوق دو بورجوني 
الذي كان عمره . حينذاك . حمس عشرة سنة » مذكرة بعنوان : « إمتحان ضمير حول واجبات 
الملكية 6 (6اصهتزه: ها عل 5رزه لعل وع| كناد ععمء أعو ناوه عل معصيف!) . وفما يعد . ف عام 1711 2 
عندما أدى موت ولي العهد الكبير الى نقل وراثة العرش المحتملة لهذا الشاب الذي كانت استعداداته 
الطيبة تَعِدُ الفرنسيين بعهد مصلح . قام مربيه القديم بالتشاور مع دوق دو شوفريز . في شولن 
رو هاسهطك) باقليم بيكاردى (ء1لعدءزظ) حول مخططات الحكم (0معمءمء ١نامع‏ عل كمفاط) التي 
سّميت بقوائم شولن(65اناةا» عل 1:6165) من أجل اقتراحها عليه . 


ويلفت فنلون . في « امتحان ضمير . . ؛ . وعبر سلسلة من الاسثلة الملحة ١‏ انتباه الشاب 
لما يجب أن لا يفعله الملك ( وضمنياً لما فعله جَدّه كثيراً ) 2 وذلك بغية أن يعرف جيداً هذه الحالة 
المليثة بالاخطار والتي سيكون فيها ه سيد الاخرين » . وأن يجد نفسه تحضرَا لها . ألن يتخيل بأن 
الانجيل لا يجب أن يكون القاعدة للملوك ولرعاياهم عل حد سواء , وأن السياسة تعفي الاوائل من 


253 


أن يكونوا متواضعين وعادلين وأوفياء ومعتدلين ورحيمين ومستعدين للعفو عن الشتائم ؟ فليعلم 
جيداً هو أيضاً بأنه ه سيُحاكم بناءٌ على الانجيل » ! مثله مثل أقل رعاياه شأنا ! ولكن هل كان على 
اطلاع كاف عل كل حقائق المسيحية ؟ وهل سيسعى لان يعرف بدون أن يُعجب بنفسه , ما هي 
حدود سلطته ؟ وهل سيعتقد بأن الله سيسمح له بأن يحكم , إذا أراد أن يحكم بدون أن يتعلم كيف 
يجب أن يضبط قوته ؟ ألن يكون ميالاً لالحاق بعض الظلم بالامم الاجنبية ؟ وهل سيتضحص أولاً » 
ثم سيجعل الشخصيات المؤهلة وغير المتملقة تتفحص بدقة ٠‏ حقه عندما ستطرح مسألة القيام 
بحرب ما ؟ ألن بنظر لمجده الشخصي كسبب ١‏ للشروع في أمر ما » بغية تمييز نفسه عن الأمراء 
الاخرين ؟ ألن يتجاهل . بشكل خاص ., الكشير من الاشياء , ولا سما الضرر الذي يسببه 
الآخرون باستعهالهم لسلطته ؟ د إِنّْ من الممكن أَنْ تفعل القليل من الضرر بنفسك : لكن سلطتك 
الموضوعة بين أيدٍ سيئة ستسبب ضرراً لا نهاية له ». بهذه الجملة, التي تعكس جيدا نبسرة 
الكتاب . ينتهي « الامتحان ... ليل " 
إن علينا أنْ لا ننخدع وأنْ لا نفسر بشكل معاكس للمعنى , هذا التذكير بحدود السلطة 
الملكية » وهذه القساوة القصوى للاحكام الموجهة ( سواء في « الامتحان » أم في ٠‏ الرسالة » ) لمتكم 
لويس الرابع عشر . إن فنلون لم يعتزم أبدأ أن يضع قيد التساؤ ل الملكية المطلقة في ذاتها . فليس 
هناك أي « استغاثة بالسماء » كما قال لوك . ولا أي تحريض للشعب عل المقاومة أوعل التمرد . ولي 
هذا المجال فان هناك هوة تفصل بين العالّم الاخلاقي لفنلون » وبين عالّم مؤ لف « المقالتين» . إن 
أسقف كامبري يُعتبر ( إذا تخطينا الظواهر ) أقرب كثيراً هنا من بوسبيه الذي كان بميز بعناية بين 
الحكم المطلق . والحكم التعسفي المرفوض بشدة . إن هناك فقط واقعاً ( له وزن كبير في الميزان ) 
بتجل في أن فنلون لا يدخل , مثل بوسيبه » وهو ينش ركل قلوع الطاعة في النظام القائم في عصره : 
انه لا يستطيع منع نفسه من ملاحظة اكتساح التعسف للنظام . بدقة . إنه يرفض أن يغمض 
عينيه ؛ انه يستنكر , وفاء منه لصورة الامير المسيحي ؛ ويدين . متقبلاً أخطار زوال الحظوة الملكية 
عنه . ويجب أن لا نكون أقل تصديقاً له (وبدون أي تحفظ) عندما يؤكد بأنه ه يحب الملك عو 
د يشاهد الله في شخصه » , وأنه يقدم حياته لرؤ يته د كما يريده الله » , وأنه لم يكن ليتكلم هكذا 
لولم يكن يحب فرنا والللك. والبيت الملكي:* . 
أمافها يتعلن د بمخططات الحكم » أوه قوائم شولن » لعام1711 ٠‏ فإن فنلون يقترح فيها أولاً 
نظاماً للمجالس تختلف عن المجالس الموجودة . كيا يقترح أعادة نأسيس المجالس العامة ( التي 
ينبغي أن تجتمع كل ثلاث سنوات ) وإعادة سبك الادارة المحلية 5 وذلك بغية القضاء على الاستبداد 
الوزاري والاداري سواء في المقاطعات أم في العاصمة . وليس المقصود دائها من كل هذا , إلا تقويم 
عمارسة السلطة المطلقة وتسهيلها » وجعلها أقل « خطرا » بالنسبة للشعب وبالنسبة للامير نفسه . 
فهذه الاصلاحات - أوكا سيسخز منها أحد سبيء النية بتسميتها « أحلام يقظة السيد دو 





(1) جيللومان ‏ للقدمة ‏ ص : 124-77 . 
2ن « رسالة الى دوق دو شوثر وز » المؤ رخة في4 آب1710 -ه . جيللومان امرجم السابق ذكره ص :140-139 . 


394 


كامبرى  »‏ لن تكون موجهة ضد ذاك الذي يبقى سيدا بدون شريك . إن اللقصود فقط هو إحاطته 
علي بالحالة الحقيقية للامة » وإخباره كما ينبغي . بمالا يسير سيراً حسنا : لأنه لا يستطيع أن يرى 
كل شيء بعينيه ‏ ولا أن يعرف كل شيء بالتفصيل بنفسه. إن الامر يتعلق فقط في أن ينلقى , منذ اللحظة 
التي يطلبها فيها . نصائح مستنيرة , لا يقلل من شأن الجلالة السيدة مطلقاً أن يستمع اليها بلههام 
( ولكن يتعلق به » وبه وحده دائياً » أن يأخذها بالحسبان أملا ) . إن كل جهاز من أجهزة الجكم لا 
يعمل إلا ه تحت إشرافه . ومع ذلك فإنه يرتبط » من جهة أخرى » بالقوانين . فرعاياه يجب أن 
يخضعوا للقوانين وليس له نفسه١‏ . 

لقد رأينا أن فنلون ني ٠‏ الرسالة الى لويس الرابع عشر » كان يأخعذ بشكل خاص على الوزراء؛ 
أنهم أرادوا أن يرفعوا الملك على أنقاض كل طبقات الدولة . لقد كانت طبقة النبلاء تبدوله بشكل 
خاص - وفاضح ‏ متضررةمن هذا الأمر. لقد أسدى المستشار منتور » في نيلباك ‏ النصيحة التالية 
للملك أيدومينيه : « نَم الطبقات بحسب الولادة » . إن عدم المساواة ني المراتب وتسلسلها كان 
بالنسبة لفنلون من توابع النظام الألهي , النظام القائم من أجل حفظ السلام في المجتمع . وهذا فإن 
خلط هذه المراتب وخرق فواعد « التبعية » من شأنه الاساءة الى هذا النظام . وينتفض السيد دو 
كامبري بحيوية ضد هذا الخلط . مديناً الاغتصابات الشائعة جدا للالقاب » والافراط في إضفاء 
الالقاب النبيلة » ومتمنياً القيام بعملية تنقية شاملة . ومع ذلك فقد كان يتجنب المطالبة لطبقة النبلاء 
بأعلى المناصب نظرً لآنه لم يكن لدبه أوهام حول مؤ هلات هؤ لاء السادة ( الذين كان يسعى زهزة 
وهنهم . وحثهم عل النجاح في مهنتهم » وعلى لعب دور هام في الدولة بدل أن يشكوا من ترفيع 
نبلاء اللباس والعاميين الاخرين )ا . 
سان سيمو ن(1675 -1755) 

إختلفت مواقف فنلون . في هذه المسألة » وفي مسائل أخرى . عن مواقف لويس دو 
روثر وا(لاه:ناناه1 عل ذتناه.ا) دوق دو سان سيمون ء نبيل فرنسا . الذي كان يصغره بنحو ربع 
قرن ؛ ومؤ لف «١‏ المذكرات »(5عتذه8165) غير العادية والجذابة . 

كتب سان سيمون عن نفسه بأن شغفه الأغلى والأكثر حيوية كان شغفه بكرامته ومرتبته . أما 
ثروته فلم تكن تأتي إلا بعد ذلك بكثير . ومن الصحيح أنه كان يتمسك فوق كل شيء بما كان يعود 
. للمرتبة (همه؟) . لقد كان دوقاً ونبيلاً قبل أن يكون مواطناً ورعية ( الامر الذي كان يتبح المجال 
للمؤ اخذة . في عهد لويس الرابع عشر ) . وقد امتلكته صفته كدوق ونبيل هد لحنى أعماق وجوده ٠‏ 
وذلك بشكل حصري ء لحد أنه استمد منها الالحام الدائم لحياته . ولأكثر مباهج وجوده عمقا ؛ . 
والى هذا يجب أن نضيف بأن الاقطاع كان يلخص في نظره كل النبالةن : 





(1) ف ع 5 جونوي - المرجع السابق ذكره ‏ ص : 121 161٠‏ . 
2( المرجع السايق ‏ ص : 195 5 
(3) كورادو فانا(87174]/ وه"  )‏ و روح سان سبمون :(6000اقا “!انظ 06 ا0]دظ) ‏ باربس ‏ منشورات - 


32025 


ويُظهِر سان سيمون ( في « المذكرات » . وكذلك في « الكتابات غير المنشورة »87115)) 
(حانلممة النبالة كضحية لآفة الاغتصاب والمساواة التي . . . تخلط كل الاوضاع وكل المراتب. وبين 
أنها أبيدت تماماً عل يد حكم الوزراء ه هولاء الكواسر » ٠‏ وكتّابهم والمشرفين الماليين وجميع هؤ لاء 
أناس ه « قليلو الاهمية » , « ولا يساوون شيئاً بحد ذاتهم » ذوي السلطة الضخمة والعابرة ٠‏ 
بنفس الوقت : بحيث أن السيد ليس لديه أي مانع من أن يخشى من هذا الحكم . وأن الملكية لم 
يعد لديها « ما تتمسك به » . 


ويطالب سان سيمون بالعودة من هذا الحال الى القوانين الصحيحة والمبادىء العامة 
للمملكة . أي للقوانين الاساسية . وذلك بإعادة الاعتبار لطبقة النبلاء » وإيقاف السلطة المغتتصبة 
للوزراء ( بارجاعها لمهمة تنفيذ أوامر الملك فقط) وباعادة وظيفة المشورة . المحتكرة من قبلهم ٠‏ 
لأولئك الذين كانت تعود لهم بشكل طبيعي » أي قبل كل شيء لمن يحملون لقب دوق ونبيل . 
ويقدم سان سيمون مشروعاً للحكم بواسطة المجالس . تتواجد فيه بشكل جاهز , إقتراحات 
فنلون . مع منظومة مترابطة من المجالس الخاصة والمجالس العامة ٠‏ تحقق نوعاً من اللامركزية 
الادارية الفقة مع و أحلام يقظة » » السيد فنلون . 


لكن الامرلا يتعلق بالنسبة موف« المذكرات » , كما هو الحال بالنسبة لمؤلْف ه تلباك » » 
بوضع تمام السلطة المطلقة موضع التساؤ ل . إن من غير المنطقي أن ننسب الى سان سيمون خلفيات 
فكرية تدعو لتمرد إقطاعي . ألم يمتدح . بصوت عالٍ .ريشيو لانه قضى. ليس فقط . على الحزب 
البروتستانتي الذي كان يشكل دولة ضمن الدولة ٠‏ وإنما أيضاً . « وشيئاً فشيئاً عل قوة وسلطة 
الكبار التي كانت توازن وتعتم على سلطة الملك » » ؟ إن مازاران هو الذي أثقله باحتقاره له قام » 
بسبب غيرته من كل عظمة غير عظمته . بإفساد لويس الرابع عشر » وإقناعه بأن كل سيد إقطاعي 
كان » بشكل طبيعي . عدوا لسلطته » وجعله يفضل أناساً لا قيمة لهم من أجل إدارة أعياله : 
د وهذا حصل رَفْمٌ مقام أصحاب الريشة واللباس . وإبادة النبلاء ؛ . هل كانت لدى سان سيمون 
نزعة اقطاعية . لا ! وإنما نزعة ليبرالية نبيلة ضد البيروقراطية الملكية » وضد التعسف البيروقراطي 
الذي كان النبلاء » من خلاله يشعرون بأنهم مهانون ٠‏ أكثر من غيرهم : إنه تعبير تار يي ٠‏ ٠ك‏ 
سيّقال بشكل جيد جداً . عن حاجة ما للحرية !. إن هذا الحب الجنوني لحقوق الصدارة 
والمراسيم . الذي أخذ كثيراً عل هذا الاخلاتي الكبير » ووّضيمٌ لحساب عجرفة النبلاء » يهد هنا 


- ينا اهن .1954 - ص 26 1 
- انظر : مذكرات مان سيمون ‏ باريس  1959-‏ سبعة مجلدات ‏ ( منشورات -7506 .0)) . 
- كتابات غير منشورة لسان سيمرن(81500 7 ١‏ مل «1ذ1040 8015) منشورات #غوسط ‏ انية يملدات - 
بلريس 18852 -18803 , 
- أنظر أيضاً : ج . ب . برانكور(1؛ناتءصد,8 .2 .3) - دوق دوسان سيمون ولللكية ينا )ء )ون عل عداك مما 
(©االء كفن 00 مقدمة ل . ج . أبمبير(0.1256:1) - أطروحة دكتوراة في الحقرق ‏ باريس -1971 . 
در ١‏ مونييه(©نتدنه240 .16) د مؤسسات فرنسا في ظل الملكية المطلقة 6كنامة #عصية"! هط عل خنهه'ان ]نادم دما) 
(عنااموناف 00086116 ها باريس -"! .لا .2 -1974 د ص : 33-24 . 


326 


معناه الحقيقي : « إن الاشكال تجرف الاساس  »‏ ويمكن التفكير مع ر . جودران(م لد[ .خ) 

« بأن الاحترام الدفيق للمراتب ٠‏ وخضوع بعضها لبعض . كانا يصونان الملكية الفرنسية من 

الاستبداد . لقد كان النظام علاجاً ضد سلطة النزوة . إن سان سيمون « كان يدافع عن حريته » 

عندما كان يماحك حول سفاسف إحتفالية » . إن علينا أن نفهم بكلمة النظام ٠(عتك05'.!)‏ النظام 

التاريخي . نظام تاريخ فرنسا . المتفق في كل نقاطه مع الطبيعة نفسها . مع طبيعة الاشياء ( ذاك 
كان .عل الاقل . الاقتناع العميق لسان سيمون ) 1 . 

وإذا كان من الصحيح أن نفس الحاجة للحرية كانت تحرك فتلون . فإن النزعة الانجيلية 

السياسية لهذا الاخير لم تؤثر ء بالمقابل . في شيء عل سان سيمون الذي كان ميله للواقعية 

ملحوظاً . فبالرغم من أنه كان متديناً » ومتديئاً بعمق . فإن المثال الاعلى السياسي له لم يكن أبداً 

الامير المسيحي المحب . فوق كل شيء , للسلام بين الامم . والكاره للحرب . إن الحرب كانت 

بالنسبة لمؤ لف تيلهاك شرا غغزياً للجنس البشري ؛ أما سان سيمون فكان يعتبرها مصيبة وشراً لا 

جدال فيه . لكن الموافقة العامة كانت تلصق بها ه الشرف والمجد » , وهذا دون حساب ما يتضمنه 
تكبير الاقليم بواسطة حرب ناجحة من شيء حسن .. . 

بولانشليه (1658 -1722) 

من سان سيمون . ومن فنلون . نُقَرب . في نفس الوقت الذي نرصد فيه الاختلافات 

الضرورية . الكونت هنري دو بولانفيليه الذي لم يظهر مول تاريخ الحكم القتديم في فرنسا 

(ععصهظ! ها عن أمعمعمى انمع معاعمه'! عل 76أ5:0ز4]) إل بعد حمس سنوات من وفاته . إن 
السطور التالية تحدد , الى حد كبير » قصد هذا التاريخ . 

« وهكذا فإن من المعاكس . بشكل مطلق , للحقيقة ولطيم الفرنسيين القدماء أن 

نتخيل أن الحق الملكي كان فيا بينهم حقاً سيداً وملكياً أو مستبدا بحيث يكون الافراد 

تابعين له في حياتهم وأموا هم وحريتهم وشرفهم وثروتهم . وبالعكس فإن كل 

الفرنسيين كانوا أحرلرا . وبالتالي غير تابعين . في الاخذ بهذا الحد عند اللزوم . . . 

لقد كانوا كلهم رفاق . . . هل يمكن الاعتقاد . بالفعل . أن الفرنسيين الذين ولدوا 

أحراراً ٠‏ والذين يتمسكون للغاية بهذ الصفة , قد بذلوا دمهم . وتحملوا الكثير من 

الاعمال في فتح بلاد الغال . من أجل أن يُعطوا لانفسهم سيدا مطلقاً في شخص 

ملكهم الذي لم يكن إلا رفيقاً لهم ؛ وإنهم لم يفكروا بأن يكون لهم عبيد , إلا من 


(9) وهي جملة « غالباً» ما أميء فهمها؛ . كيا يلاحظ ذلك ج . بواسون(6هدفت7 .0) في عرضه للوجز الذي 
قدمه . في13 تشرين الاول1975 . أمام اكاديمية العلوم الاخلاقية والسياسية » . أنظر خلاصته التي يقول فيها : 
« إن هذا الرجل , الذي غالباً ما اعتبر متخلفاً , كان في الحفيقة مصلحاً ؛ وإن فشله السيامي هو الذي سيُولْد 

أغهاله الاديية ‏ 

(1) ك . فنا » للرجع السابق ذكره ‏ ص : 50-47 ,105 -109 118 -125 . 

© امرجم السابق ‏ ص : 125 -129 * 


377 


أجل أن يصبحوا هم أنفسهم كذلك » ؟ 1 
إن هذا للقطم العجيب » المميز ما يُسَمُى بالادب النبيل , لا يفهم إل عل هدي الفكرة 
المركزية للمؤلف. فحسب هذه الفكرة كان فتح الفرنجة(5عمهآ وما) أو الفرنسيين. بقيادة 
كلوفيس (101015©) لبلاد الغال هو الاساس للدولة الفرنسية فى الوقت الحاضر . وهذا فانه يب 
العودة لذاك العصر من أجل أن نجلب منه البوليصة(01:6م قمآ) والنظام السيامي الذي سارت عليه 
فرنسا منذ ذلك الحين . أن مصير الامة بأسرها ‏ وهذا ما كان يتجاوز كثيرا بجد كلرئيس وكل 
مصالح السلالات الحاكمة ‏ كان يتعلق بالفتح الفرنسي . إن املف يبرزء من جهة . حرية 
| الفزنجة , ومن جهة أخرى ء نبالتهم . فهؤلاء هم الفاتحون ولمنتصرون ؛ أما الغاليون » اللين 
كانت لديهم أخلاق الرومان وعاداتهم . فهم المنهزمون والمغزوون . لقد كان الفرنجة فقط . ' 
وبفضل القوة الكبرى للفتح . هم الذين اعرف بأنهم نبلاء » أي معلمين وسادة ؛ وأنهم هم الذين 
حفظوا استقلالهم الاصلي ( بخلاف الغاليين الذي اصبحوا تابعين ) . وقد نجم عن هذا أن نبلاء 
الوقت الحاضر ينحدرون من دم الفرنجة المتتصرين . في حين أن طبقة عامة الشعب . أو الطبقة 
الثالثة ()نا» -<,16) ©1) ٠‏ كانت تنحدر من الغاليين المنهزمين . وعليه فأن التبلاء كانوا يملكون حقا 
تار يخياً فى تلطيف الملكية واحتوائها . وني جعلها تنغلق ه ضمن الحدود الصحيحة لقوتها » ٠‏ 
إن نظام بولانفيليه , الذي سيرى فيه مونتكيو وحسب تعبيره اللأثور » ه مؤ امرة ضصد اللبقة 
الثالثة » كان إذن , في نفس الوقت , مؤ امرة ضد الاستبداد وضد التعسف الذأين والمضعفين للامة 
الفرنية , واللذين كان الحكم المطلق الفاسد قد غرق فيها الفترة الاخيرة . وقد كان املف ييرر 
عودته للاصول بالاشارة الى أن من الضلال أن نستبعد من الملكية الوسائل التي كانت قد حافظت 
عليها خلال الكثير من القرون ٠‏ من أجل استبدالها بوسائل أخرى كانت فقط صا حة م لتسهيل قيام 
سلطة إستبدادية أكثر ملائمة لطبع الفرس والاتراك والشعوب الشرقية الاخرى ١‏ مما هي بالنسبة 
لتكويننا » . 

.0 إن بولانقيليه أيضاً يكره . بالطبع ء المركزية الادارية » والوزراء . والمشرفين الماليون ٠‏ 
ويرى في هؤلاء الاخيرين مضطهدين للوطن » ومتملقين حقيرين للسلطة الطغيانية . إن مناصيهم 
أدت , كا يرى « لتخريب الاقتصاد الفديم للدولة » , ولهذا يطالب , مثل فنلون وسان سيمون ٠‏ 
بالعودة لنظام المجالس العامة . لقد كان مقتنعاً بذلك أكثر من سان سيمون . على ما يبدو . ول" 





(1) و تلريخ الحكم القديم في فرنسا  »‏ لاهاي وامستردام1727 ٠‏ 
- أنظر : رينيه سيمون(وصعاة عضوم) : و هشري دو بولانفيليه , مؤ رخ ميامي » فيلسوف ومنجم »- 
اطر وحة دكتورلة في الادآب ‏ ليل(علانل -1939 منشوراتمدن 1940 . 
1 . كلركمون (عمدمدحت عت .18) : ه موت كيو ومالة الدستور الفرني في القرن الثامن عشر 
زع لضفه 111 17/17 بيد مدتموصدم! ومنان انكمم نا عل عدمغااه»م عل بكانوئ ه810 ) -باريس -1.لا. 
7 دص :25-18 . 


308 


خْص اجباع المجالس بدور أكثر اتساعاً . وبدت له هذه المجالس وكأنها الوحيدة القادرة على بعث 
فكرة الخير العام وعل السماح بتوزيع عادل للضرائب . وقد أخخذ عل الامة الفرنسية . القليلة 
الحرص عل امتيازاتها وحرياتها . أنها لم تعرف كيف تسهر على المحافظة على حت أسامي , مثل 
حق « المداولات » «٠‏ المشتركة  »‏ المشتركة حقيفقة . وحيث لا يختزل « المشترك » بالضبط . في مجرد 
هتافات مألوفة ١١‏ 5 

.إن بولانقيليه . الانسان الغريب . صاحب امزاج الاصيل . والحشين للماضي . الاكشر 
انفتاحا على الحاضر . والاكثر إنسانية أيضاً مما يُظَنّ ( الذي لم يخحش أن يأخد على بوسييه « أنه 
اخختلق سلاسل جديدة للحرية الطبيعية للبشر ؛ من خلال إسرافه بالرجوع لنصوص الكتتاب 
المقدس ) سيّنسى:بسرعة:. لكن الاطروحة الْسَّأة بالجرمانية (©)5نههدم:»6) ستبقى حية وثابتة 
بشكل فريد من بعده , بالرغم'من المنجوم الذي شه عليها . في عام1734 ٠»‏ القس دو بوس 
(وه8 نل غططه'آ) المدافع عن الاطروحة الْسَبأة بالرومانية(هاةنعدهه©) © . 

أما فيا يتعلق بفنلون وسان سيمون ٠‏ فإننا سئق رأ دائياً ‏ تيلياك » و المذكرات » , إن لم نقرأ 
« قوائم شولن » و« الكتابات غير المنشورة » . لكن « ا حلم الليبرالي » ذا الجذور الارستقراطية » 
والمستند للماضي الفرنسي . سيتتهي في الحين . أي ف ظل عهد الوصاية على العرش . الى فشل 
عمل كامل . لكن الامر سيكون على خلاف ذلك على صعيد الافكار . وعلى المدى البعيد . ذلك 
أن هذا الحلم سيترك آثارا عمقية ودائمة . وسيجد « كباله 'المأثور » ( على حد تعبيرد . هالثي ) ٠‏ 
وتتويجه الساطع . في عام1748 . في روح القوانين (كذهاةع 0م185 ) . وسنرى فيا بعد بأي 
طريقة حدث ذلك به . 
2 من الرصائل الفارسية(1721) الى الرسائل الفلسفية(1734) 

يب في البدء أن نعكف على تطورات الازمة » بعد موت الملك الشيخ . في عام1715 . وفي 
ظل عهد الوصاية على العرش وما تبعه من أحداث تمثلت بالانطلاق العنيف للاحاسيس والأرواح ٠‏ 
المصحوب بنوع من الرغبة الاصلاحية الشديدة التي لم تؤدٍ في النهاية الى أي شيء . لقد سلطت 
هذه التطورات الضوء على اسم مونتسكيو باعتباره مؤلف « الرسائل الفارسية »5عهم1) 


(1) ج . ب . براتكور- للرجع السابق ذكره ‏ ص : 163 . 
(©© في « تاريخ تقدي لاقامة لللكية القرنية في بلاد الغال »ها عل امعد عجمغاطه ٠"‏ عل عديعناات ع5نه :115 ) 
(تعلته0 دعا تعمل عتنمعصه6 عنشععدمه ينكر در بوس الامتقلال الأولي للفرنجة وعبودية الغاليين لهم . 
ويز هد فكرة أن الفرنجة كانوا مجبرين على طاعة لللك السيد ٠‏ بتمس قدر خضوع » الخاليين الرومان -طله3») 
(قتفصتعت: الذين كأنوا يميشون وسطهم . وأنهم كاتوا يجحترمون الحضارة اللاتينية والقواتين الروماتية ( الامر 
الذي وصفه مونتسكيو ه بللؤامرة د النبلاء » ) . 
(2) كتركمون ص :45-42 وص : 179 وما بعدها . 
أنظر : ر . دوراتيه( ث8  ).‏ في حواشي الكتاب الثلاثين ه لروح القوانين  »‏ منشورات -1973 
ندع - للجلد 2‏ ص : 548 555 . 


259 


(5ءصهومعم أو د خطيئة الشباب » ( كما سسُمْيّت ) الغئية بوعود من كل نوع ؛ وعى اسم فولتير 
(ععنهاله7/) باعتباره مؤ لف « الرسائل الفلفية عزدعدونطممهوانهم دععااما) أو د الانجليزية » .. 


مونتسكيو والحجة الاسيوية . 

في عام 1689 ولد شارل لويس دو سوكوند!(00021ع56 عل 5أنامآ -5ءاتقك) ١‏ المعروف 
باسم مونتسكيو (0 001001650016 ؛ بارون لا بريد(ع8:20 همآ) الذي أصبح وهو ف سن الخامسة 
والعشرين مستشاراً في برلمان بوردو(:سهع69ه8) » ثم ورثاء بعد ذلك بعامين » عن عمه جان 
باتيست (ع16كناهة8 -مم [) وظيفة رئيس محكمة . إنه زينة المجتمع الرافي في بوردو أ وأكاديمية 
المدينة حيث كانت أعراله ومواهبه الفكرية تُقَيُمُ بقوة . لقد كان فضوليا إزاء العلوم الدقيقة تقريبا 
بقدر فضوليته إزاء د هذا المشهد الكبير للاشياء الانسانية » , التي كان عليه . وهو القاريء الذي لا 
يتعب , بالرغم من ضعف نظره » والمسافز وا مراقب المنقد العاطفة , أنْ كرس نفسه لها بالنهاية . 
وكان إجماعياً '» لامعاً . ظريفاً . ومع كل هذا وفوق كل هذا و مواطناً » * متعطشاً لآن يترك البشر 
بعده وهم « أكثر سعادة » , ولآن يعمل بارتياح لهذه المهمة الجميلة : ذاك كان ( لكي لا نقول شيثا 
عن مواهبه التي لا نظير لها ككاتب . وكفنان كبير في اللغة المكتوبة ) النبيل الريفي الذي كان من 
الصمعب عل مقاطعة غويان(506علاناد)) أن لا تتقاسمه قط مع عاصمة فرنسا . 


كولونيا » عام1721 و الاشارة الاولى » للقدر الباريسي » ومن خلال ذلك . بشكل أوسع لقدر 
مونتسكيو 0 . 


كيف يمكن أن يكون للرء فلرسياً . وكم يبدو هذا الامر غير عادي ! ولكن كم هو مفيد أيضاً 
أن يكون هناك فارميبان : ريكا(ه83) وأوزبك (لعطولا) » في باريس ! ( بشرط افشراض أنهما 
مثقفان أحياناً بأخلاق وأساليب الفرنسيين بمقدار الكاتب نفسه . ولحتى معرفة كل دقائقها ) . كم 
هو مفيد لمونتسكيو الذي يريد أن يصور مجتمع عهد الوصاية , الارص للقلق لعهد طويل جدا ١‏ 
ويصوره . بدون بجاملة » كا هوء ويعتزم أن يكشف أساسه وأسراره » محغفظا في ذلك بحجاب 
وحيد ( شفاف لأقصى حد ) تمثل بقصة خيالية حببة ! 


لقد أصدر المؤلف حكياً قاسياً بحق الملك الراحل ٠‏ والقصر , وللتدينين » ورجال الدين 
والمراتب الدينية . والبابا( رئيس المسيحيين « الصنم القديم الذي اعتدنا على تملقه » والذي لم يعد 
الامراء » الذي كانيع زهم ف الماضي . يخشونه ) . وكان مؤ يدا للطلاق , وعدوا منغ رجال الدين 
من الزواج . وقد جعل أوزبك يمتدح البروتستانتية » ويكتب « بأن من غير الممكن » في الحالة 


() كبا كان يراه جيداً البير سوريل . 
(1) أنظر : ب . فيرنييراء كغممعلا .2) مغدمة و للرسائل الفارسية  »‏ باريس - منشورات تنه عدن -1960 دكن 
ااء. 


الماضرة ة لأوروبا , أن يبقى الدين الكاثوليكي فيها خمس مئة سنة » . إن مذهب التأليه(6دمؤ1هم) 
والدين الطبيعي يُقراان هنا بين السطور . إن العدالة مُلِكَةٌ وه . «وعندما لا يكون هناك إله - 
يكتب أوزبك يجب علينا دائياً أن نحب العدالة ٠‏ أي أن نبذل جهودنا للتشبه بهذا الكائن الذي 
لدينا عنه مثل هذه الفكرة الجميلة , والذي لوكان موجوداً . لكان بالضرورة عادلاً » . إن الشرليس 
في تعدد الاديان » » وإنما في روح عدم التسامح . وفي التبشير بدين مهيمن : من هنا تنشا هذه 
الحروب التي تملا التاريخ ل 
في هذا تنجل جوانب خطيرة من كتاب لم يبدو في البداية إلا هزلياً . لكن هناك جوانب 
أخرى فيه . إن خطيئة الشباب » للقاضي المغرم بالادب » ذي الاثنتين والثلاثين سنة , لم تكن إلا 
مقدمة « لروح القوانين» , ولفكر مرحلة النضحج . إن قضية حكم البشر والقواعد السليمة 
للسيامة لازمته بما فيه الكفاية » ودفعته لاتخاذ موقف ما . من أعلى ومن بعيد ٠‏ لنستبمع الي 
أوزبك . إنه ير إلينا بأنه غالباً ما بحث و ابه و لا عا ل 
د الاكمل هو الذي يسير هدفه بأقل ما يمكن من التكاليف : بحيث أن الحكم الذي يقود البشر 
بالطريقة الأنسب لنوازعهم وميوهم هو الاكمل ) . إن هله السياسة تسلك طرق الطبيعة » التي لم 
تكن عملياتها عنيفة مطلقاً , والتي لا تسير مطلقاً إلا وفق قاعدة وقياس وتوفير . إن عل المشرّعين أن 
يستلهموا هذه السياسة » وأن لا يمسرها . إذا بدا لمم أن من الضروري تغيير القانون » « إلا بيد 
م رتجفة ؛ لكي لا يفسدوا قدسيتها في أعين الشعب . أما بالنسبة لشكل الحكم فإن لللكية » برأي 
هذا الفارسي الباريسي , الذي يُعبّر عن فكرٍ ما زال يبحث عن نفسه . همي « حالة عنيفة » ( وهي 
صفة مثقلة باللوم من جديد ) . ٠‏ تنحول دائياً إما الى استبدادية أو الى جمهورية : إن القرة لا يمكن 
أبداً أن تكون مقسمة بشكل متساو بين الشعب والامير ؛ فالتوازن بينهما من الصعب جداً الحفاظ 
عليه » ٠‏ وعادة ما ينقطع هذا التوازن لمصلحة الامير . الذي يتولى قهادة الجيوش . وبالاجمال . فإن 
٠‏ ما بدهش أوزبك هو أن سلطة ملوك أوروبا كبيرة جداً ٠‏ ومع ذلك فإنهم ٠‏ لاسباب مختلفة » لا 
يمارسونها بنمس مقدار الاتساع الذي يملرس به السلاطين سلطتهم ! 
إل أن حالة انجلترة توضع بعناية على حده . وذلك في مقطعين ميُستشهد بهما غالبا : 
« إن المزاج المتلهف للانجليز قلما ترْكَ لملكهم الوقت لتشديد سلطته . إن 
الخضوع والطاعة هيا من أقل الفضائل التي يعتزون بها . إنهم يقولون في هذا الصدد 
أشياءً غير عادية كلياً . فحسب رأيهم لا يوجد هناك إلا رابطة واحدة يمكنها أن تربط 
بين البشر ؛ وهي رابطة العرفان بالجميل . . . لكن إذا أراد أمير ما أن يثقل كلهل 
رعاياه ويدمرهم بدل أن يجملهم يعيشون سعداء . فإن أساس الطاعة يتوقف ويعود 
الرعايا الى حريتهم » . 
وفي مكان آخر يلمح المؤلّف لو رخي انجلترة » « التي نرى فيها الحرية تخرج داتياً من 


() ب. فيرنيير - ص : 175 5 


401 


نيران الخلاف والتمرد ؛ والامير يترنح دائياً على عرش لا يتزعزع ؛ وأمة متلهفة وحكيمة حتى ل 
جنونها » 0 . 
إن دالمبير(::2"41605) في مديحه(8108) لمونتسكيو سيعجب بهذا الفن المعمق الذي يبدو 
أنه ينزلق . وسيرى في ظاهر هذه د الرسائل »- التي لا يشكل فيها تصوير الحب الاسيوي ٠‏ المزدحم 
. باللخصيين المهاتين ؛ إلا حجة ‏ البداية , بالاجمال . « لطوفان » الكتابات التي ظهرت منذ ذلك 
الحين ضد المسيحية والحكم . 
هل يعني هذا القول بأن مونتسكيوكان يعتزم أن يكون هَدَاماً » ويدعو للفوضى , ولا يكتفي 
فقط بوصفها أو , عل الاقل . لا يكتفي بشك متجرد . « أنيق » ولكن سلبي كليا ؟ إن وقاحة النبرة 
ينبغي أن لا تخدعنا . هكذا سيقول ب . فرينير(ء:*ندء/ .2) ( الذي كتب مقدمة « للرسائل » 
التي كانت تُعبِرٌ ٠‏ في نظره » عن « بداية النهاية لنظام إجتاعي » . وأشار الى أنه كانت تسود حينذاك 
بين النظام والفوضى « لحظة عذبة » ) . إن مونتسكيو الذي وصف الفساد والفوضى .كان في الحقيقة. 
يستهجنهها . فماذا تعني حكاية تروغلوديت (وعالاههله150) الواردة في بداية « الرسائل » إن لم 
تكن تعني دعوة حارة للفضيلة ( إنها تُذَكّْر بوصف ١‏ لابيتيك » في « تيلواك » ) ”" . والصحيح - 
كما يُلِخّ ب . فيرنيير - أن المؤلف كان لديه منذ عام1721 نظام يقترحه ويَِجّده ؛ نظام مثالي لكنه 
« سهل الخال . . . إن هذا الدين » وهذه السياسة الطبيعية لم يكونا هروباً نحو اليوتوبيا أو النزعة 
البدائية (عصمكئت «١‏ انصاعط) ؛ وإنما كانا نتيجة لوعي واضح لاخطار مرحلة فوضوية وانتقالية » د 5 
فولتير والحجة الانجليزية . 
إستمرت الاقامة الجبرية لولتير في انجلترة من أيار1726 الى خريف 1728 ٠‏ وذلك بعد أن 
قام رجال الفارس ر وهان(مهناه*1) بضربه بفظاظة . وقد أنت « الرسائل الفلسفية » , التي ظهرت 
في عام 1734 » عل إثر هذا السغر ء لتعطي للجمهور المثقف في باريس والمقاطعات ما كان يمتاج إليه 
بالضبط : إطلاع سريع ومُمَبّه » وروحي على أوضاع البلد المجاور والخصم . المزدهر.وصاحب 
الروح المتقدمة . انه البلد الذي كان يختلف في العديد من النقاط » ويتفوق ( وهذا ما يفهم ضمنيا 
بطيب خخاطر ) على فرنا فلوري(لاننعة:!) , الكلردينال ‏ الوزير للشاب لويس الخامس عشر . 
لقد كان يختلف في الدين ؛ وني العلم والفلسفة ؛ وني الاداب والفنون ؛ وبالطبع في 
موضوع الحكم والسياسة . 





(1) لمرجع الابق ‏ ص : 209-216-215 . 
(0) ه كان هناك ني الجزيرة العربية شعب صغير يسمى تروغلوديت » : كتب لوزبك الى صديقه ميرزا » في أصفهان ٠‏ 
بأنه لن يعرف كيف يحدثه كفاية عن فضيلة هذا الشعب « للستفيم 4 الذي لا يعرف الطمع والذي ينظر لنغسه وكأنه 
« أسرة واحدة » . بحيث أن قطمانه تكون « مختلطة بصفة دائمة تقرييا» . لكته , مع ذلك , لا يقدر عل رد 
المدوان الظالم ججيرانه الذين لا تبحث نذالتهم إل عن الغنيمة . 
(2) لمرجع السابق ‏ القدمة ‏ ص : 35-28 . 


في الدين قبل كل شيء . فمن أصل الخمس والعشرين رسالة هناك سبع رسائل تعالج هذا 
الموضوع . وتركز على الصاحبيين (75©لهناو) . وتقدم الانجليكانيين والكالقينيين والسوسينيون 
(كمءنداء50) . إن الجملة التالية تعطي النبرة : ه لولم يكن هناك في انجلترة إلا دين واحد , لكان 

ينبغي الخوف من الاستبدادية . ولو كان هناك دينان لكانا قطعا رقاب بعضههما البعض . لكن هناك 
دنا : ملناكة ولك لين فب لمات دقاوم . 

في العلم والفلسفة : إن فولتير يريد أن يبدأ بالحديث عن مشاهير الانجليز من أمثال بيكون 
ونيوتن ولوك ( أما « الجنرالات والوزراء فسيأني الحديث عنهم فيا بعد » ) . 


لقد اعتقد أن بإمكانه أن يحي في فرنسيس بيكون أب الفلسفة التجريبية » لأنه « إذا لم يكن 
يعرف بعد الطبيعة , فإنه كان يعرف ويشير لكل الطرق التي تؤدي اليهاء . أمَافٍ نيوتن , الذي 
كان لديه السعادة الكبرى لآن يولد في بلد حر , وني زمن أبعد فيه العقل الفلسفة المدرسية 
( السكولاستيكية ) فقد عَظُّمّ الروح الخلاقة التي حملها في كل أبحاثه , واقترحه كنموذج 
للفيلسوف * . وأما فيا يتعلق بلوك ٠‏ فهل كانت هناك روح أكثر حكمة وأكثر منهجية ؛ وهل كان 
هناك متطقي أكثر دق مه بالرغم من أنهو لم يكن رياضيكيراً» ؟ إن العديد من للفكرين . من 
أرسطو وأفلاطون الى أباء الكنيسة وديكارت كانوا قد كتبوا روايات عن النفس : أما لوك » 
الحكيم . فقد كتب بتواضع تاريخها . وكها يُرٌ المشرّح المنتاز نوابض الجسم البشري . قام هو 
« بتنمية العقل البشري للانسان » '. 
أما الاداب والفنون فهي . في إنجلترة . تحترمة ني نظرْ الشعب . ولديها مكانة شرفية أكثر مما 
في فرنسا . فالكتّاب يتمتعون بالاعتبار الذي يستحقونه ماني يسان بالضرح راقن الدراني ٠‏ 
فمن يمكنه أن يتخيل أن يدينهم| باسم قسوة مسيحية ٠‏ يصفها فولتير ه بالبربرية الغوطية » ؟ 
وف السياسة : 
« إن الامة الانجليزية هي الوحيدة في الارضص التي توصلت لتنظيم سلطة الملوك 
من خلال مقاومتهم والتي » من جهود لجهود , أقامت في النهاية هذا الحكم الحكيم 
الذي تكون فيه أيدي الامير . القوي جداً من أجل فعل الخير , موثوقة من أجل فعل 
الشرء والذي يكون فيه السادة الاقطاعيون كباراً بدون بطر وبدون أتباع . والذي 
يشارك فيه الشعب في الحكم بدون إيهام . . . إنكم لن تسمعون قط هنا حديثاً عن 


(1) « الرسائل الفلسقية »- منشورات 06:تقتصدهها"! -/#نوعة) ‏ بلريس 1964 مع مقدمة ل . ر . بومو.8) 

(نسع و2 . 

(9» وبهذاء أكد ولتير( على حد تعبير ر . بومو(ئندع<ه20 .6) فكرة العلم . كمشروع جماعي للبشرية ١ ٠‏ يمول الحياة 
البشرية من خلال معرفة الفوانين الطبيعية . وهذا ما تزه ٠‏ بشكل مفحك ٠‏ الرسالة حول الجدري » . إن 
الامر يتملن هنا بالرسالة الحادية عشرة : إن النشر لو النلقيح . المطبق في اتجلترة ‏ وليس في بقية أنحاء لورويا - 
كان . حسب رأي جب . لانسون , « عمل حرية فلسفية » . ونوعاً من الرفض راسيم العناية الالهية . 


403 


قضاء عالي وقضاء متوسط وقضاء منخفض . ولا عن حن القنص في أراضي مواطن 
ليس لديه الحرية لان يطلق طلقة بندقية واحدة في حقله الخاص . إن أي رجل لا 
يُستتى قط هنا من دفع بعض الرسوم لأنه نبيل أو لأنه كاهن » ١٠١‏ . 
د قفاضح : مضاد للدين وللاخلاق الحميدة وللاحترام الواجب للقوى » : هكذا كان فرار 
حكم برلمان باريس ضد املف . لقد قضى الحكم بحرق هذه« الرسائل » للسَّة وبالانكليزية » 
كانت والتي تمسيء . بصورة غير مباشرة ٠‏ للمؤسسات الاساسية للنظام القديم الفرنسي ( والتي 
سيقول عنها ج . لانسون(0500ه! .0)) بأنها د القنبلة الاولى التي القيت على هذا النظام » ) . كما 
قفى الحكم بايقاف الَؤّلْف . وهذا اختبا في بلدة سيراي /إء5© بشامباني (#مههم سمه ©) عند 
السيدة دو شاتوليه(6ا»؛شقط© 80 مه 84) . وكان عمره حينذاك أربعون سنة ( ذاك أنه ولد في 
عام 1694) . 
3 نحوه روح القوانين » : « التأملات » 
في نفس العام الذي صدرت فيه هذه « الرسائل » « الفاضحة » , أي في1734 . ظهرت في 
أمستردام » بدون إسم مؤلف «١‏ التاملات حول أسباب عظمة الرومان وانحطاطهم 526م0) 
(عمهء لمعكل كدعا عل أ© كمنهدم دعل ناعوج ها عل 5عذنلى 5عا كئلة 005ئلة1:001و00ه يعد 
بوليييوس والقديس اثريموند(80©0050 -1اينا) وبوسييه ٠‏ ها هو مونتسكيو يعكف بدوره عل 
المشهد الكبير لاحوال روما القديمة . مونتسكيو الذي سيبقى يُعرف « بالرئيس الظريف » ( بالرغم 
من أنه باع وظيفته كقاض في البرلمان ) والذي أصبح الان المؤلف المعروف »د للرسائل الفارسية » 
الذي يبحث عنه المجتمع الباريسي الراقي . والذي أصبح عضو في الاكلديمية الفرنسية منذ 
عام1728 . إن التأملات » ليست قصة تاريخية . ولكنها . انسجاما مع عنوانها , عبارة عن بحث 
في أسياب : إن هذه الاسباب تبدودائياً نفسها , لان البشر لبهم ه في كل الازمضة نفس 
الشهوات » . إن كل الحوادث الطارئة تخضع . برأي المؤلف . لاسباب عامة . أخلاقية أو طبيعية 
. وهذه الاسباب العامة هي التي ترفع كل أمة وتحافظ عليها أو تسقطها . إن ه الحظ ليس هو الذي 
يمن على العالم . . . فاذا كانت صدفة حدوث معركة ما ( وهذا ما يُعتبر سببا خاصا ) قد قضت 
على دولة » فأن هتلك سبياً عاماً آنْى لآن يكون على هذه الدولة أن تهلك بمعركة واحدة : وبكلمة 
واحدة , فأن المظهر الرئيسي يمر معه كل الحوادث الطارئة الخاصة » . 
أي يمان جذاب هذا في عقلاتية التاريخ ! إن في هذا رفضاً متعالياً ٠‏ الى حد ما ء لآن لا ترى 
في التاربخ ٠‏ على طريقة شكسبير , إلا حكاية بدون هلية ولا بداية . حكاية مليكة ه بالصخب 
والميجان » , لأحمق لا يريد أَنْ يقول شيئاً . إن هذه السطور للأثورة تمهد للحكم للشهور الذي 
ستنجده في « روح القوانين » حول شارل الثاني عشرء ملك السويد للهزوم في معركة 
بولتاقااهة»هنلادة) ( ٠‏ إن بولتاقا ليست قط التي حَسرتْ شارل : فاذا لم يكن قد كُمَرَ في هذا للكان 


(1) و الرساقة السلعة »ص :55 . 


لكان سيّدمر في مكان آخر . إن حوادث الحظ العارضة يمكن إصلاحها بسهولة . لكن من غير 
الممكن تفادي الاحداث التي تلد بشكل مستمر من طبيعة الاشياء » . ٠‏ . إِنْ مقطعاً بهذه 
النوعية . مثل العديد من المقاطع الاخرى في « التأملات » . بشهد كفاية عل أن مونتسكيو كان 
يمتلك . منذ ذلك الحين , الاسلوب الادبي والاقتناع الفلسفي اللذين كانا يسايران المشروع 
الفكري . ذا المدى الشاسع ٠‏ ؛ الذي فكر به ملياً منذ أمد طويل - والذي كان يحضر نفسه له سواء 
بواسطة وثائق واسعة أم بشلاث سنوات من السفر لاكتشاف أوروبا ( من نيسان1728 الى 
أيار1731). » منها ثمانية عشر شهراً في انجلترة . 

والواقع أن مؤ لف « التأملات » لم يعد الآن يعيش إلا من أجل العمل الذي استحوذ على 
كل قواه وامتصها . 

لقد كانت هذه القوى تضمحل » عل حد قوله ٠‏ في بداية1742 » بقدر ما كانت المهمة 

اكوب رسيا 39 :وري الترايق ا بوببونا يل ككل رياه العريضة سنن 
لو عر ا اي 

ففي شباطك174 . جرت قراءة للؤلف لدئى رئيس عتتكمة آيف دو بوردوءل 5ع41:0) 
(انهع8060 . وني حزيران 1747 حلم رسخي لنسرية ردابي من جيف اسمه بيار 
ميسار(0ه55! 21656) ليطبعه في مديتته لدى دار نشر باريلو()ملاتئه8) . « 


2( انظر : مونتكيو : الاعهال الكاملة » 1450 باربس 1951 المجلد الثاني : التأملات . 
(2) إفرا حل تحضير ه روح الفوانين » ر . دوراتيه : مقدمة ٠‏ لروح القوانين » منشورات6عأممة0 دع نونتعها0 - 
باريس1973 . 


0405 


الفصل الرابع 


روج القوانين 


و إن مونتسكير هو , بمعنى ماء آخخر الفلاسفة التقليديين » 
وبمعنى آخر , أول علماء الاجياع ٠‏ . 
ريمون آرون : مراحل الفكر العلم اجهامي- 48601 .ا 
. «مناوتومامكمم #اممعح ها من موجها» هما 


٠‏ إن عمل فيلسوف دولابريد يمثل النقطة الحاسمة ني الفكر 
السيامي في القرن الثامن عشر- ولفد فم هكذا من بل كنب 
ذلك العصر, الذبن لم يستطيعوا أن يفعلوا شيثاً اقل من أن 
يقيرا أنفهم به ) . 

س . كوا(0171© .5) 

1 - اتروع الضخم للمؤلّف وتحقيقه 

بعد أَنْ توصل الى نهاية جهده الشاق » اعترف مونتسكيو ‏ وكان قد بلغ الستين من العمر » 
بأن هذا المؤلف كاد يقتله » وأضاف : « أريد أن أرتاح ٠‏ ولن أعمل بعد الآن ؛ . هل بجب القول 
بأن افتخاراً محقاً بالنفس كان يراوده أمام النتيجة , أمام هذا « الولد المخلوق بدون أم ؛ حسب 
العبارة المستعارة من أوقيد (0::06) ؟. لقد كان مشروعه المعلن ضخياً . وكان مونتسكيو يعي 
ذلك . كبا كان يعي أيضا أنه أنجزه بنجاح : 

ضخم : لأنه يتطرق لكل المؤسسات التي عرفها البشر ؛ وينكب عل دراسة القوانين 

والاعراف المختلفة لكل شعوب الارض من أجل أن يُبينّ سببها ويكشف روحها  .‏ " 

الروح : لقد ركز مونتسكيو على ذلك في عدة مناسبات , فهولم يكن يبحث عن جسم 
القوانين . وإنما عن « روحها ؛ . ولم يكن يعتزم تدريس القوانين . وإنما تدريس « طريقة 
تدريها: . ولم يقترح كتابا في الفقه » وإنما منهجا من نوع ما » من أجل دراسة الفقه . وعندما 

وضعوا بين يديه , عند تخرجه من الثانوية » كتب حقوق . أخذ « يبحث ء كما باح لناء عن 

روحهاء . منذ ذلك الحين !ان . 


(1) أنظر : « روح القوانين » - طبعة ر . دوراتيه(6ااد2  )54.‏ بلربس منشورات نومة0 -1973 - للقدمة - 
ص :39 . 





إل أن تعلقه يبحث من هذا النوع , والتسليم بأنه ممكن , ومُوضّح ومثمر , كان يعني ١‏ في 
نفس الوقت » الاعلان » بعكس ما كان يقول به باسكال ومونتاني والسفسطائيون الاغريق » عن 
أن تعدد وتنوع القواعد الناشثة إما عن العرف أو عن إرادة المشرعين . لم يكن ثمرة النزوة أو 
التعسف أو المهرى : وإغا هو وليد العقل الانسائي , وانه يخضع لبعض المبادىء التي لا يجب الأ 
اكتشافها . إكتشافها من خلال استخلاصها , ليس من الاحكام المسبقة ‏ وإنما من طبيعة الاشياء . 
ثم التيقن منها ! . 
ويشرح المؤلف موقفه في مقدمته المأثورة بعبارات جوهرية : 
« لقد تفحصت أولاً البشر . واعتقدت أنهم . في هذا التنوع الانبائي للقوانين 
والعادات ٠‏ لم يكونوا فقطمُسَيرين بواسطة أهوائهم . لقد وضعت المبادىء ٠‏ ورأيت 
الحالات الخاصة تخضع لما من ذاتها . إن تواريخ كل الامم ليست إلا توابع للهذه 
المبادىء . وإنّ كل قانون خاص يرتبط بقانون آخرء أو يخضع لقانون آخر أعم » . 
إننا نجد هنا ثانية إيمان « التاملات » بالعفل التاريخي . بالنظام » بتسللسل الاسباب 
« وبالسياق الرئيسي » . فكما أن الشعوب في تاريخها . ليست العوبات لتعاقب كيفي لأحداث 
طارئة خاصة . فإن القوانين والعادات والاعراف ليست تجرد نتيجة محتملة لأهواء البشر في علاقاتهم 
الاجياعية . فحيث لا يسمح المظهر الاول إل برؤ ية تجمع كيفي كلياً لقواعد مفروضة ٠‏ يوضح 
البحث العقلاني روابط منطقية . وكأنها إيقاعات متفق عليها . « إن الكثير من الحقائق . كما جاء 
أيضاً في المقدمة ‏ لن تُعْرَفَ إلا بعد رؤ بة السلسلة التي تربطها مع غيرها » . ورويداً رويداً » ومن 
ملاحظة الى ملاحظة , ومن مقارنة الى مقارنة يرتفع المؤّلْف الذي انطلق من الوقائع » وخضع في 
البداية لها » فوق هذه الوقائع ٠‏ لكي يكتشف نابضاً رئيسياً ودولاباً مركزباً كبيراً تتعلق به كرة ,من 
الدواليب الثانوية . 
ولكن قبل الوصول الى هذا الاكتشاف . كم من صعوبات ومن مكائد » من شأنها أن تثبط 
عزيمة أكثر العاملين عناداً ! على الاقل طالما أن مونتسكيو لم يمتلك بعد مبادئه : 
« لقد بدات هذا العمل وتخليت عنه عدة مرات . ورميت ألف مرة في الهواء 
الاوراق التي كنت قد كتبتها . وكنت أشعر في كل الايام أن الايدي الرحيمة تسقط . 
وكنت أتابع موضوعي بدون تكوين هدف . ولم أكن أعرف لا القوامد ولا 
الاستثناءات . ولم أكن أجد الحقيقة إلا لافقدها . ولكن عندما اكتشفت مبادئي ١‏ 
أتى إِلّ كل ما كنت أبحث عنه . وخلال عشرين منة . رأيت عمل يبدأ ؛ ونمو 
ويتقدم ويتتهي 12 . 
لقد أنهى هذا العمل الذي كان بالحقيقة , كما قيل عنه غالباً ‏ عمل حياة . ولكن هل أنجز 
مشروعه الضخم . بالفعل . بنجاح . كما كان يتباهى ؟ وكيف ؟ 


(1) أنظر حواشي دورانيه عل المقدمة ص :412 وما بعدها . 


0407 


د الرواقي » الفلسفي 

في البداية ؛ كان على مونتسكيو » من أجل تنوير الطريق الطويل للقاريء » أن يخصص 
بعض التفصيلات للقوانين بصفة عامة ( وهذا موضوع الكتاب الاول) : وقد انتهت هذه 
التفصيلات بشكل طبيعي , بملخص للمباديء المعلنة » وبتعريف واضح للمشروع الذي يستجيب 
له عنوان المؤآلف . وهو عنوان لم يكف قط عن إهام الانتقادات لدى معاصريه ٠‏ , 

ما هي القوانين في معناها الاوسع ؟ إنها » كبا يقول مونتسكيو . العلاقات الضرورية التي 
تنشأ عن طبيعة الاشياء . « ضرورية » : هل كان يعتزم » باستعماله هذه الصفة ذات الظلال 
الخطيرة من السبينوزية » استبعاد الحرية الانسانية لفائدة ه حتمية عمياء » . من شأنها ان تُنتج كل 
التتائج التي نراها في العالم ؟ إنه يدافح عن نفسه في هذا الصدد بقوة فريدة : أي خف كبير يكمن 
في الاعتقاد بان حتمية عمياء من شأنها أن تننج « كائنات عاقلة » ! . إن مونتسكيو يرى ١‏ مع 
الرواقيين » بأنْ هناك عفل بدائي ٠‏ وأن القوانين هي العلاقات التي توجد بين هذا العقل والكائنات 
المختلفة . إبتداءً بالله » خخالق الكون والمحافظ عليه  (‏ إن القوانين التي لق الله بموجبها . همي 
القوانين التي يحفظ بموجبها » ) . 

ويعلن المؤلف كذلك . ضد هوبس »ء أنه قبل أن يكون هناك قوانين مسنونة » كانت هناك 
علاقات عدالة ممكنة : « إن القول بأنه لم يكن هناك من عدل أو ظلم . إلا ما تأمر به القوانين 
الوضعية » يعني القول بأنه قبل رسم الداثرة لم تكن كل الاشعة متساوية » . 

لكنه يوافق على أن العالم العاقل هو أبعد من أن يحكم جيداً كما يحكم العالم الطبيعي ١‏ ونه 
, وإنْ كان يمخضع مثله لقوانين غير متغيرة فأنه لا يطيعها باستمرار , كبا يطيع العالم الطبيعي قوانينه . 
وبعبارة أخرى . فإن الانسان . باعتباره كائناً عاقلاً يتتهك باستمرار القوانين التي أقامها الله . 
ويغير القوانين التي تنبثق عنه نفسه . إن ما يلزمه إذن هو قوانين تكون متفقة مع طبيعته » وتختلف 
.عن تلك التي تحكم بموجبها الكائنات الطبيعية تماماء أي الاجسام. ومن هنا تنبع أهمية القوانين 
الدينية ء والقوانين الاخلاقية والقوانين السياسية والمدنية : فهذه القوانين الاخيرة هي 
التي ترد الانسان لواجباته الاججاعية لأنه وهو الذي « خُلِقَ ليعيش في المجتمع » يمكنه أن ينسى فيه 
الواجبات الاخرى ؛ . 

ومع ذلك فإن قوانين الطبيعة تأتي قبل كل هذه القوانين . إن مونتسكيو مثله مثل فلاسفة 
مدرسة الحق الطبيعي » ولا سما بوفندورف . يفهم بهذه القوانين تلك التي تنشأ د فقط » عن تكوين 
وجودنا . ويضع مونتسكيو في هذه التمهيدات كشفاً مختصراً بهذه القوانين » يمكن وصفه بأنه هزيل 
الى حذ ما ( لكنه يعود لهذا الموضوع في الكتاب السادس والعشرين الذي يعالج بالتفصيل المراتب 
المختلفة للقوانين ) . 

وبعد أن يضع مونتسكيو جانباً ؛ وبشكل غريب إلى حد ماء القانون الطبيعي ( باعتباره 
الاول من حيث الاهمية , إن لم يكن الاول من حيث الترتيب الزمني ) الذي بنقشه فينا ‏ فكرة 
الخالق » . يحملنا نحوه . يُعَدْد : القانون الذي يدفع الانسان الضعيف والخائف للجنوح للسلم مع 


+408 


أمثاله قبل أقامة المجتمعات ( وهذا مالا يُزعج هوبس ( أيضاً ) ! ونظامه « المرعب » ) » والقانون 
الذي يلهمه السعي لتأمين غذائه , والقانون الذي يدفع الجنسين للاقتراب من بعضههم| البعض . 
( إن المؤلف يتكلم عن « الصلاة الطبيعية » التي يؤديها كل منههما دائياً للآخر ) . وأخيراً القانوذ 
الذي يحمل البشر على العيش في مجمتمع . 
سي ال رسي يا . ماذا يعني 
هذا القول ؟. إنه يعني أنْ لدى هذه المجتمعات الخاصة ( أو الشعوب ) قوانين في علاقاتها 
ا و عا ا . كما أن لديها قوانين في العلاقات بين أولنك 
الذين يحكمون وأولئك الذين يحَكَمون : إِنّه الحى السيامي . ولديها أيضاً قوانين في العلاقة القائمة 
فها بين المواطنين :وهذا هوالحق المدني 8 
وهكذا . رويداً رويداً » تقود هذه الافكار الفلسفية القارىء ( حيث يجب الاعتراف بأن 
المؤلف لا يبدو قط مرتاحاً بشكل كامل ) الى الصفحة الحاسمة . ذات الكثافة امثيرة للاعجاب ٠‏ 
والتي يتنهي بها الكتاب الاول : وهي الصفحة التي تعرض باختصار الخيوط الموجّهة للمؤلّف 
الكبير أو ه مبادئه » وتشير تقريبياً لخططه ثم تبرر في النهاية عنوانه بعبارات موجزة جداً . 
« القانرن , بصفة عامة . هو العقل البشري باعتباره يحكم كل شعوب الارض . 
والقوانين السياسية والمدنية لكل أمة لا يجب أن تكون إلا الحالات الخاصة التي يطبق 
فيها هذا العقل البشري - إنها يجب أن تكون خاصة . الى درجة عالية , بالشعب الذي 
مت من أجله + بحيث يأكون من قبيل الصدفة الكبيرة جداً أن توافق قوانين أمة ما . 
أمة أمة أخرى . إن على هذه القوانين أن تستند الى طبيعة ومبدأ الحكم الذي أقيم أو الذي 
يراد إقامته سواء بتكوينها له . كا تفعل القوانين السياسية . أم بمحافظتها عليه . كما 
تفعل القوانين المدنية . إن عليها أن تكون مناسبة لطبيعة البلد » وللمناخ المتجمد أو 
الحار أو المعتدل . ولنوعية الارض وموقعها ومساحتها , ولنمط حياة الشعوب . من 
فلاحين وصيادين ورعاة . ويجب أن تستند الى درجة الحرية التي يمكن للدستور أن 
يسمح بها . والى دين السكان وميوهم وغناهم وعددهم وتجارتهم وأخلاقهم وأساليب 
سلوكهم . وأخيراً فإن لهذه القوانين علاقات فبا بينها . إن هاعلاقات مع مصدرها ‏ 
ومع شخص الشررّع , ومع نظام الاشياء التي أقيمت علبها . إن من الواجب أن ننظر 
اليها من كل هذه الزوايا . وهذا ما سأقوم به في هذا الف . إنفي سأفحص كل هذه 
العلاقات . فهي تشكل مجتمعة ما يُسَمُى « بروح القوانين » ©" , 


(9) أوما يسمى اليوم بالقانون الدولي العام ( المترجم ) . 

(1) سيكون هذا الكتاب الاول موضوعاً لتفيبات متناقضة . أنظر في هذا الصدد : ب . هازار : الفكر الاوروبي ها) 
(0668136لا6 2566م ص : 344 . والسيدة ج . غويار ‏ فابر(ع6طة1 -ليهلا00 .0) د فلفة الحق لدى 
مونتسكير ) (لاعننهقع11001 06 2041 ذال عناو050لئلام ها) بلريس -كاء6نهاءمتل!  1973-‏ ( مقدمة ج . 

كاربونيه ) . 
(©©) أنظر : « الاضافة المفرّة للعنوان » و ه التكملة » اللتين ذكرنا , بناء عل مبادرة من المصحح . القس جاكوب - 


0409 


وسيقول مونتسكيو أيضاً » إن هذه الروح تكمن في مختلف العلاقات التي يمكن أن تكون 
للقوانين مع أشياء مختلفة : فمع أشياء « بلا عدد » » هناك علاقات «١‏ بلا علد ١٠٠١6‏ 3 


نظرية الحكومات : 
إن من الممكن أن نلاحظ . كمدخل » الاشارة التي وردت في الصفحة الذكورة سابقاً » 
للعلاقات التي للقوانين مع طبيعة ومبدأ كل حكم ( ونخاصة مع المبدأ الذي له عليها « تأثيرفائق » 2 
على حد قول المؤلف . بحيث أنه إذا أمكن مزة إثباته » فإننا سنرى « القوانين تسيل منه كما تسيل 
من منبعها ) . إن مونتسكيو يبدأ إذن من هنا ليستمر ‏ والامر متعلق دائياً بقضايا الحكم ‏ بدراسة 
العلاقات بين القوانين » ودرجة الحرية التثي يمكن للدستور أن يسمح بها . 
إن نظرية الحتكومات ٠‏ التي تُغني الكتب السبعة التالية من املف ( من الكتاب الثاني الى 
الكتاب الثامن ) . هي انتصار للمنهج الذي ابتدعه مونتسكيو . إنها ء كا يمكن القولء. نحفة 
« مكتملة » , وسط تحفة و غير مكتملة » : وذلك سواءً من حيث انسجامها الفكري المدهش أو من 
حيث التعميم . عل طريقة كبار المؤلفين التقليديين , والذي هو الطابع البارز فيها . إن تختلف 
ماذج الحكم تُعرض فيها بعيداً عن إطار خصوصيات الزمان والمكان . التي تعتبر معرفة المؤلف 
الواسعة بها أمراً واقعياً بالتأكيد ( وهناك العديد من الامثلة والملاحظات التي تثبت ذلك ) : لقد أراد 
مونتسكيو ‏ عل حد تعبير البير سوريل - أن يُصور الملكية أو الجمهورية كما صّورٌ موليير(ء:*ناه1:!) 
شخصيات ١‏ البخيل » (عكةالى با) و د كاره المجتمم » (عموعة مهدالا عمل والتافق ممل) 
(عانااعنة1 . وكا صّوْرٌ لآب ويير(ء»غلانة8 ضا) الكبار . والسياسيين » وأصحاب العقول 
القوية » . لقد أراد أن يُظهر لنا هذه الحكومات . وهي « عحدّدة وكاملة ونهائية , وكأنها مجمُعة عل 
بعضها من كل عصور التاريخ :3 . وقد انكب على دراسة كل منها تبعاً لطبيعتها ومبدئها : طبيعتها 
باعتبارها ما تجعلها « كائنة » . أو بعبارة أخرى بنيتها الخاصة . ومبدؤها باعتباره ما يجعلها 
تتصرف . أو« الانفعالات الانسانية التي تجعلها تتحرك » ( أوكما يقال في أيامنا : نابضها ) . 
لقد كان التصنيف التقليدي لانظمة الحكم منذ أرسطوء يقوم على التمييز بين الملكية 
والارستقراطية والديمقراطية . إلا أن « روح القوانين » يقترح تصنيفاً تلفاً . فهناك دائياً ثلائة 
أنواع من الحكم , لكن أسمامها تغيرت . وعملياً هناك أربعة أنواع . لأنه إذا كان هناك نظام 
جمهرري وملكي وإستبدادي . فإن.الجمهوري ينقسم بحد ذاته الى ديمقراطي وارستقراطي . 
إن تعريف كل من أنظمة الحكم هذه يدل بنفس الوقت على طبيعته . 


فبرنيه , في الطبعة الاصلية المنشورة ني جنيف : ني روح القوانين ‏ أو في العلاقة الني يحب أن تكون للقوانين مع 
دستور كل حكم . ومع العادات والمناخ والدين والتجارة الخ . . . وهذا ما أضاف علبه املف : ني البحوث 
الجديدة حول القرانين الروماتية الني نمس المواريث . وحول القوانين الفرنسية والقوانين الافطاعية . 

(!) مقدمة دوراتيه ‏ المجلد الاول - ص : 39-33 . 

(2© البيرسوربل(4.506©1) : « مونتسكيو» ‏ باريس 016©<اعدا!  1972-‏ الطبعة الرابعة ص : 57 . 


40 


فالجمهرري هو الذي يمتلك فيه التتعب « كجسم » أو فقط جزء من الشعب (« بعض 
الاسر» ) القوة السيدة . قفي الحالة الاولى يكون هناك الحكم الديمقراطي الذي يلعب فيه الشعب 
أحياناً دور الملك . وأحياناً أخرى دور الرعية ( إنه لا يمكن أن يكون ملكا : إلا بواسطة أصواته التي 
هي تعبير عن اراداته . فارادة السيد هي السيد نفسه » ) ؛ وفي الحالة الثانية يُسَمَى الحكم 
أرستقراطياً . أمًا الحكم الملكي فهو الذي يحكم فيه فرد واحد . واحد . ولكن بواسطة فوانين ‏ ثابتة 
وقائمة » و« أساسية » ( وهذا يفترض وجود سلطات متوسطة ٠‏ أوه أقئية متوسطة تسيل القوة 
عبرها » ) . في حين أن الفرد الواحد . المستبد » » يحكم « بدون قانون وبدون تاعدة , » جر كل 
شيء بارادته وأهوائه . 


إن مبدأ كل من أنظمة الحكم هذه يتفرع طبيعياً عن هذه الطبيعة أو البنية الخاصة . 


فمبدأ الديمقراطية أو الدولة الشعبية هو الفضيلة : ٠‏ إن السياسيين الاغريق الذين كانوا 
يعيشون ني ظل الحكم الشعبي لم يكونوا يعترفون بأي قوة أخرى يمكنها أن تدعمهم غير قوة 
الفضيلة » . وتتجل هذه الفضيلة بوجود روح نكران ذات ثابتة لدى كل مواطن لفائدة الخير العام 
وبحب للوطن ولقوانينه » وبروح مساواة تستبعد كل امتياز » وروح بساطة معادية لكل يذخ 
ومبالغة في المتع الخاصة . 


أما مبدأ الحكم الارستقراطي فهو أكثر حذلقة : إن المآّلف بعد أن يناقشه . وبدون أن 
يستبعد الفضيلة بالضبط . يختار الاعتدال . فحيث تكون ثر وات البشر غير متساوية الى هذا الحد » 
يصبح من النادر أن يكون هناك الكثير من الفضيلة . لهذا يجب أن تنزع القوانين لتوفير روح 
الاعتدال التي ستحل محل روح المساواة في الدولة الشعبية . 


وأما مبدأ الحكم الملكي فهو الشرف . وهذا ما يُعتبر أكشر حذلقة أيضاً . الغرف . أي 
« الحكم المسبق لكل شخص ولك طبقة » ( إنه ٠‏ فلسفياً . شرف مُرْيْف . إنّه , بالاحرى . إنعدام 
الشرف ) . إن لدينا هنا كل ما هو معاكس للمساواة ولروح نكران الذات من خلال حب الوطن 
والدولة . فكل فرد إذا أخذ على انفراد » وكل جسم وكل فئة اجتاعية تفضل نفسها على الاخرى ‏ 
وتقاوم الاخرى ٠‏ وتطالب الدولة بتفضيلات وتفوقات وتمبيزات . أو بكلمة واحمدة بامتيازات . 
لكن هذا الخليط من الطموحات الخاصة الذي قد يكون قاضياً بالنسبة للجمهورية . هو الذي 
يؤدي » بالضبط ؛ لدفع الملكية للأمام ؛ لان ما يحدث هو أن كل واحد يعمل للخير المشترك ٠‏ وهو 
ينتقد أن لا رصمل إلا لفن . 


( ماذا ! أينكر مونتسكيو الفضيلة على الملكية . التي لا تحتاج قط لفضائل أخلاقية ومسيحية ! 
إن مؤ لف« روح القوانين » الذي يتنبا ياتهام من هذا النوع » عتم بايضاح أنه يتكلم هنا -كا تشير 
لذلك حاشية من الكتاب الثالث ‏ « عن الفضيلة السياسية , التي هي فضيلة أخلاقية » بمعنى أنها 
نتجه للخير العام ؛ بينا يتكلم « قليلاً جدأً عن « الفضائل الاخلافية الخاصة » ؛ وأنه لا يتكلم أبداً 


411 


عن « تلك الفضيلة التي لديها علاقة مع الحقائق الْتَزْلَةَ » *" . 

أما مبدا الحكم الاستبدادي فهو الخوف . إن الشرف الذي له قوانينه وقواعده . والذي لاا 
يعرف الخضوع . سيكون خطير فيه . كما أن الفضيلة ليست ضرورية فيه قط . وإذا كان كل 
الرعايا متساوين أمام المستبد . فأن هذه المساواة هي مساواة في العدم , لأنهم ليسوا+ شيئا » . في 
حين أن المواطنين في الديمقراطية متساوون لأنهم « كل شيء » . إن المستبد يحرص دائما على أن تبقى 
ذراعه مرفوعة ليضرب . أو عل الاقل ليهدد . إنه يضع رعاياه بمرتبة « الحيوانات » المطيعة » 
والمتأهبة للهرب خوفاً من الضربات . إن أي اعتراض مستخلص من المشاعر الطبيعية . من الحالة 
الصحية أومن قوانين الشرف لا قيمة له ضد نظام المستبد : « إن الانسان محلوق يطيع المخلوق الذي 
يريد » ! ولكن كيف يمكن للقوانين أن نكون مناسبة لمبدأ بمثل هذا الانحطاط , ويعتبر نوعا من 
الشتيمة للطبيعة البشرية ؟. يجب أن يكون هناك القليل من القوانين : إن كل شيء يجب أن يدور 
حول فكرتين أوئلاث أفكار , ولا يُراد أن يكون هناك أفكار جديدة ٠‏ و عندما تروضون حيواناً » 
إحذروا أن تَُيرُوا له المروض والتمرين والسرعة ؛ واسترعوا انتباه عقله بحركتين أو بثلاث حركات 
لاأكثرء). 

مع هذا التحفظ الذي يتصل بالحكم الاستبدادي , نرى بالفمل , كما أعلن امؤلف عن 
ذلك . أن القوانين تسيل من مبدأ كل حكم مثلما تسيل من منبعها . وأن لهذا المبدا عليها نأثير 
فائق . 

ويبين مونتسكيو ., بشكل منطفي جداً فها بعد , ( في الكتاب الثامن ) أن فساد أنظمة الحكم 
يبدأ دائاً تقريباً بفساد مبادئها . وهو بهذا يعيد الشباب لاحدى تعاليم مكيافللٍ في د الخطب » : 
فعندما تكون هذه المبادىء سليمة يكون للقوانين السيثة نفس أثر القوانين الجيدة ( « إن فوة المبدأ تمر 
كل شيء » ) . ولكن عندما تفسد المبادىء » فإن أفضل القوانين تصبح سيئة » « وتنقلب ضد 
الدولة » . وهنا أيضاً يوضع الحكم الاستبدادي على جانب . وهو النظام الذي ينفد مبدأه 
باستمرار نظراً لأنه فاسد لذاته وبذاته . في حين أن املف يستخدم , عندما يتعلق الامر 
بالجمهورية الديمقراطية وبفساد مبدثها , أي الفضيلة , نبرات مؤ ثرة وناقمة بشكل خفي . من أجل 
تصوير انحطاطها المحزن . 

لقد كتب مونتسكيو سابقاً في الكتاب الثالث . يقول : إنه منذ أن تنقطع الفضيلة . ولا تعود 
الدولة محبوبة لذاتها » وإنما للفوائد التي يمكن جنيها منها ؛ ومنذ أن تصيح الخزينة العامة إرثا 
للافراد بدل أن يكون ماهم ممؤلاً للخزينة العامة ؛ ومنذ أَنْ يريد الرء أن يصبح حراً ضد القوانين 


(9) وهوتميز سيأخذ به ثانية في ه الترضيحات » علل مؤلفه ( النشورة علل إثر دفاعه . . . الذي كان أبضاً جواباً عل 
الانتفادات الكنسية ) وسبكررها وبلح عليها في د تحير المزلف » الذي سيضاف الى طبعة المؤ لف الني ظهرت في 
عام1757 . بعد وفاة مونتسكيو . ( انظر ‏ طبعة دوراتيه للجلد الاول ص : 3 وحواثي الصفحتين412-411 - 

والمجلد الثاتي ‏ ص : 456 بالنسبة لنص «١‏ التوضيحات » ) . ١,‏ 


412 


بدل أن يكون حراً معها ؛ ومنذ أن يكون أي مواطن « مثل عبد أفلت من بيت سيده » : حينئذ 
تضيع الدولة . وتصبح الجمهورية جثة . لا تكمن قوتها , إلا في سلطة بعض الافراد . وفي 
إباحية الجميع » . ولي الكتاب الثامن يصبح أنين المؤلف وتسبيحه المشبع بالنزعة المدنية القديمة 
لجوجا : لم يعد هناك فضيلة .. . لم يعد هناك فضيلة ( وإنما « إستبدادية الجميع » ) : 
«إنهيداً الديمقراطية ينفسد ليس فقط عندما تفقد روح المساواة . . وإنما عندما 
تمسك بروح المساوأة القصرى أيضاً . . . إن الشعب , الذي لم يعد يستطيع تحمل 
حتى السلطة التي اسندها لنفسه » يريد أن يفعل كل شيء بنفسه . وأن يتداول بدل 
مجلس الشيوخ » وينفذ بدل الحكام . ويجرد كل القضاة . . إن كل الناس سيتوصلون 
لمحبة هذا الطيش : إن العوز للقيادة سيتعب مثل العوز للطاعة . ولن يكون عل 
النساء. والاطفال والعبيد أن يخضعوا لأحد . كما لن يكون هناك أخلاق ولااحب 
للنظام . ولا فضيلة بالنهاية » . 


ولكن كيف ينفسد مبدا الملكية ؟ لتؤجل جراب املف لما بعد . ولنشر( لكي ننتهي هنا من 
نظرية الحكومات ) للعلاقة التي يقيمها بين المساحة الاقليمية والشكل السياسي للدولة . فهو يرى 
أن الميزة الطبيعية للدول الصغيرة هي في أن تَحَكَمَ كجمهورية . أما ميزة الدول المتوسطة المساحة 
فهي أن تكون ملكية ؛ وميزة الامبراطوريات الكبيرة أن يسيطر عليها مستبد : ويتبع هذا أن روح 
الدولة تتغير بقدر تعديل حدودها في اتجاه ما أو آخر . وأنه ه من أجل المحافظة على مبادىء الحكم 
القائم فإنه يجب الابقاء على الدولة ضمن المساحة التي كانت لها سابقاً "© :1 . 


نظرية الحرية السياسية 

بين هذه النظرية المشهورة للحكومات ودراسة الغلاقات التي يجب أن تكون للقوانين مع 
درجة الحرية التي يمكن للدمتور أن يسمح بها ( ولنقل باختصار . نظرية الحرية السياسية ) يتكشف 
نقص بدي في الانسجام . إننا نفكر بنهر إنصب فيه رافد غير منتظر وقوي . فأتى ليغير يجراه . 
فللؤلف لم بعد يبدي فيها نفس التفضيل للجمهرريات القدئة القائمة عل الفضيلة . إنه لم 
يكتب عبثا في ملاحظات أسفاره أن اتجلترة كانت البلد ه الاكثر حرية في العالم » » ملحا , د إنني 
لا أستنني من ذلك أي جمهورية » ( وبالتاكيد الجمهوريات الايطالية التي كانت قائمة في زمنه » 





(9ه سنشير الى أن مسأقة المساحة الاقليمية هذه قد أثيرت من جانب مرت كيو أيضاً من زلوية الدفاع . الذي يشكل 
موضوع الكتاب التاسع : ه القراتين في علاتتها مع القوة الدفاعية » . خفي هذا الكتاب يدعو للؤّلف لصيغة 
الجمهورية الانحادية التي يمكنها . وهي الفادرة عل مقاومة القوة الخارجية . أن تحافظ عل كبر مساحتها بدو أن 
تسد داخلها » . إن روسو . كيا سئرى . سيأخط بهذا الاقتراح في « العقد الاجباعي » . 

'(1). تضم ٠‏ نظرية الحكومات ؛ الكتب التالية : الثتي ( طبيعة ) . الثالث ( مبادىء ) , الرايم ( قواتين التريية ) ٠‏ 
الخامس ( قواتين أخرى ) . السادس ( اللبادىء والقوانين للدنية والجناتية ) ٠‏ السابع ( مبادىء وقوقنين تمديد 
التفقات الكيالية . وبذخ ووضع النساء ) . والثامن ( ضاد للبادىء واعتبارات ٠‏ للساحة » للرتبطة بدرجات 
متفلوتة ه بحفظ للبادىء الثلاتة » ) . 


2 3 


والتي وصفها بأنها أرستفراطيات بائسة ) . إنه يرى الان الاسباب التي لاجلها لم يكن لدى القدماء 
فكرة واضحة جداً ء وصحيحة جدأً عن الملكية . وها هو في الكتاب الحادي غشرء وعنوانه : « في 
القوانين التي تكون الحربة السياسية في علافتها مع الدستور . يقدم انجلترة » الملكية ( التي كانت 
غائبة تقريباً في نظرية الحكومات ) وكأنها الامة الوحيدة في العالم التي تعتبر الحرية السياسية 
« موضوعها المباشر » . الحرية المرتبطة بأنظمة الحكم المسمأة بالمعتدلة ٠‏ بالمقارنة مع أنظمة الحكم 
العنيفة , التي يمثل النظام الاستبدادي نموذجها المكروه . وهكذا يبدو الآن تصنيف جديد ء ثنائي 
هذه المرة . من شأنه أن يكون في نهاية الامر حاسياً . الحرية ( ويجب الاشارة خاصة هذا ) التي تجد 
شرطها الاسامي في عدم القدرة على إساءة استعمال السلطة . الامر الذي يتضمن نوعاً من التوزيع 
لللطات . إن المؤلف يدرس هذا التوزيع . مطولاً , في الفصل السادس المشهور من نفس 
الكتاب الحادي عشر . وعنوانه « في دستور انجلترة » ( وذلك قبل أن يصف اليات وتطور الدستور 
في روما القديمة في الفصول الثاني عشر وحتى التاسع عشر ) هَ 

إن عنوان الكتاب الثاني عشر » بالعائل مع الكتاب السابق , هو : ٠‏ في القوانين التي تكون 
الحرية السياسية في علاقتها مع المواطن » . إن الامر يتعلق الآن بالقوانين الجنائية الضرورية جدا 
بالنسبة لأمن المواطن . أوعل الاقل للرأي الذي لديه خول هذا الامن , وبالتالي بالنسبة خريته ٠‏ . 
ويكتب مونتسكيو بقوة إنه عندما لا تكون براءة المواطنين مُؤَمُة ٠‏ فإن الحرية لا تكون مُؤْمَُة 
كذلك . ويجب لامتلاك هذه الحرية أن يكون الحكم قائيا بحيث لا يمكن لمواطن أن يخشى مواطنا 
آخر) ."ا . 

ويذكر الكتاب الثالث عشر , أخيراً ء بأن هناك أيضاً علاقات معقدة بين جباية الضرائب 
ومسائل المداخيل العامة والحرية . ويخصص الفصل الاخيرمن هذا الكتاب للمعالجين . وهو فصل 
موجز ‏ لكنه قارص . وييدا بالعبارة التالية : « إن كل شيء يضيع عندما تتوصل مهنة الماجين 
المربِحَةٍ أيضاً » بواسطة ثرواتها , لتكون مهنة محترمة » . 
الاسباب الطبيعية والاسباب المعنوية : المناخ , الر وح العامة . 

: هذه سلسلة أخرى من العلاقات تم الاعلان عنها بلا ترتيب . إن القوانين ( كبا يشير 

للؤلف ) يجب أن تكون مناسبة لطبيعة البلاد : أي للمناخ المتجمد أو الحار أو المعتدل ؛ ولنوعية 
الارض وموقعها ومساحتها . ويجب أن تكون كذلك مناسبة أيضاً لدين السكان وميوهم وأخلاقهم 
وأساليب سلوكهم ( إن كل الاشياء تتعلق « الحالة لمعنوية » مثلم تتعلق بها » من جهة أخرى ٠‏ 
أسس أنظمة الحكم المختلفة ) . هكذا تخخصص ستة كتب : لتأثير لمناخ ( من الكتاب الرابع عشر 
الى الكتاب السابع عشر ) » ولتثير الارض ( الكتاب الثامن عشر ) وأخيرا للروح العلمة ( الكتاب 
التاسع عشر ) . ويجب فتح للف عل الكتابين الرابع والعشرين والخامس والعشرين من أجل 
العثرر عل دراسة القوانين فى علاقتها مع الدين في كل بلد . وسنرى الى أي حد سيكون من الخطا. 





(1) هذا الاستشهاد مأخوذ من الكتاب الحادي عشر ٠‏ الفصل الادس ولبس من الكتاب الثاني عشر ٠‏ 


414 


والظلم احتجاز مونتسكيو ضمن « نظرية المناخات » فقط. أي ضمن الطبيعة . لقد عَرِفٌ 
مونتسكيو . الذي اهتم منذ أمد بعيد بالجدل القديم حول الاهمية المتالية للاسباب الطبيعية 
والاسباب المعنوية في السلوك البشري . والذي أَلْفّ« محاولة حول الاسباب التي يمكنها أن تؤثر في 
الار واح والطباع » . 5عا اء كامموء وعا ععاءعه اله ألعلاناعم اناو 5علاللق وع1 نلو تمدحق) 
(دععغاعصت ., بالحقيقة » ميلا لتفسيره روح القوانين بالملدة » ( على حد تعبيرب . هازار ) . لكنه 
لم يستلمم لهذا الميل أكثر ما فعل بودان . الطليعي في هذا الميدان . وإن كان قد تردد فقط في هذا 
الصدد . 

نعم . لقد وصف بمجاملة آثار الهواء . البارد أو الحار على أعصاب جسدنا : في المناغات 
الباردة يكون لدينا قوة أكثر , لكن إحساسنا بالملذاتإرالالم والحب يكون أل . ويعالج مونتسكيو . 
بقدرلا يقل من المجاملة . موضوع العلاقات بين المناخ وتعدد الزوجات أو العبودية . « المنزلية » . 
1 وني موضوع علافات المناخ والعبودية « الضياسية » » لا تنضب جعبته من افتراحات عامة » صحيحة 
أحياناً وجذابة غالباً ( وذلك في مناسبات تأني كلياً بالصدفة ) . إن جمله التي أصبحت تقليدية حول 
روح العبودية في آسيا . التي يمكن للاستبداد أن يتفذ اليها ..لأنه ليس فيها مناطق معتدلة -حقيقية » 
ولان اتساع سهوفا شاسم » بلمقارنة مع أوروبا التي خلقت الاسباب الطبيعية فيها ه عبقرية جرية 
جعلت من الصعب عل كل جزء منها أن يكون مقهوراً وخعاضعاً لقوة أجنبية » ( إِنّ جمله هذه ) 
سيستشهد بهااداياً . 


إن القبول بهذا , لا يمنع من أن نيحمل فصل من الكتاب الرابع عشر هذا العنوان البليغ « إن 
للشرعين الرديئين هم أولشك الذين يشجمون عيوب المناخ , والجيدين هم أولتك الذين 
يعارضونها . إن للؤلف يستشهد في هذا الفصل , بالاتجاه المماكس ٠‏ بمشرّعي الهند والصين من 
أجل أن يستخلص من مثالهم الحكمة التالبة التي تنقذ كل شيء : « كلما حملت الاسباب الطبيعية 
البشر للراحة . كلما كان عل الاسباب للعنوية أن تبعدهم عنها أكثر 5.. 
التاسع عشر. التي تحدد مفهوماً جديداً نسبياً » ومدعواً لآن يكون له أكثر الاصداء شرعية : 
« إن عدة أشياء تحكم البشر : المناخ . الدين . القوانين , البادىء الاساسية 
للحكم . أمثلة الاشياء الماضية , الاخلاق أساليب السلوك» ومن هناتتشكل روح 
عامة تتجم عنها . وبقدر ما يؤثر أجد هذه الاسباب في أمة ما بمزيد من القوة . بقدر 
ما تستسلم له الاسباب الاخرى . إن الطبيعة والمناخ يسيطران لوحدهيا تقريياً عل 
المتوحشين ؛ وأساليب السلوك تمكم الصينيين ؛ والقوانين تطغى في اليابان ؛ 
ما حوس و هو بل اا ا 
القديمة كانت هي لمسيطرة في روما » ., 


(1) حول مصادر التظرية للْسَأة ه بنظرية للناخات » - أنظر دوراتيه ٠‏ للجلد الاول ‏ الحوائي ‏ ص : 500-495 . 


415 


إن هذه السطور لوحدها تشكل فصلاً ( هو الفصل الرابع من الكتاب التاسع عشر.) 
عنوانه : ما هي الروح العامة . إنها تُظهر لنا بوضوح هذه الروح باعتبارها حصيلة سبعة أسباب 
مختلفة .» سنلاحظ أن واحداً منها فقط هو سبب طبيعي ‏ إنه ٠‏ بالضبط , المناخ الذي وضع ثانية في 
مكانه الصحيح ‏ وأنّ أياً منها يكون مسيطراً » حسب شكل أو درجة الحضارة . 

لقد سبق لمونتسكيو في 2 التأملات » . . » ومن أجل تفسير أن السلطة الاكثر إستبدادية كانت 
دائياً حدودة بزاوية ما » أن أعلن بفطنة أن : « هناك في كل أمة روح عامة , تقوم عليها القوة 
نفسها؛ وعندما تصدم هذه القوة هذه الروح تصطدم بنفسها » وتتوقف بالضرورة » . كما صبق له 
في « محاولة حول الاصباب . . . » أنْ ألَحّ عل ما كان يسمي ه الطابع العام » في كل أمة . إنه الطابع 
الذي كان كل فرد يُعنى بأمره بدرجات متفاوتة . لقد كان هذا الطابع بج بطريقتين ؛ بالاسباب 
الطبيعية التي كانت تفضع للمناخ . وبالامنباب المعدوية الني كانت تركيباً للقوانين والدين 
والاخخلاق وأساليب السلوك , ونوعاً من الانعتاق ه من طريقة التفكير . ومن هواء وحماقات البلاط 
والعاصمة » . لقد كانت هذه الاسباب المعنوية تُكَوْنُ » من جهة ثانية » الطابع العام للامة 
المدروسة ‏ وتقرر نوعية روحها أكثر من الاسباب الطبيعية ( إننا سنعجب بوضوح هذه الخلاصة ٠‏ 
السابقة للتوضيح النهائي للكتاب التاسع عشر من ه روح القوانين 0/6 . 
بدون وجود أسباب ملحة . حتى ولو كانت العيوب تمتزج فيها بالفضائل.. مثال : « إذا أعطينا 
وحاً متصنعة الى أمة مرحة بشكل طبيعي ٠‏ فأنَ الدولة لن تربح شيثاًمن هذا . لا في الداخل ولا في 
لخارج . أتركوها تفعل الاشياء التافهة بشكل رصين والاشياء الرصينة بشكل مرح 6:. من لا يرى؛ 
5-8 قراعة هذا اللقطع الختامي من صفحة أدبية » أن مونتسكيو يقصد هنا فرنسا ؟ 

لنحفظ هذه الوصية لموجهة للمشرعين : إن من المناسب أن لا نغير الاخملاق وأساليب 
سلوك بقوانين ‏ فهذه الطريقة طخياتية كثياً وإنما بأخلاق وأساليب سلوك أخرى : إن خط 
رس الاكبر يكمن في أَنّهِ أجبر بالقانون سكان موسكو على قص لحلهم واألبستهم . إن هذه 
سائل العنيفة غير مفيدة . لأن «بإمكانه أن يصل الى هدفه بلطافة وا.ت . 


إن مفهوم الروح العامة يتصل » بشكل رائع ٠‏ في الفصل السابع والعشرين » الطويل . 
“خير من الكتاب التاسع عشر » بالفكرة الاساسية للحرية السياسية » الموضوع للباشر للدستور 
جليزي . حينذاك نكتشف كيف تتبع الاخلاق وأساليب السلوك لدى شعب حر » القوانين لكي 
روحا عامة أصيلة وجموحة ( بدل أن يحدث العكس )"لا . 


أنطر و الاعيال الكاملة » لمو تكبو منشورات(علشفلاتة) - للجلد الثاقي - ص : 58 . 
انطر - الكتاب التامع عشر الفصل الرابع عشر ص : 336 . 
٠‏ روح القوانين »ص : 346 - انظر حاشية دوراتيه ص : 5325 . 


416 


ومدو 0 

يمكن القول أن الو يبلغ الاوج مع هذا الفصل السابع والعشرين . والاخير. من 
الكتاب التاسع عشر ( وهو الفصل « الانجليزي » الكبير الآخر في « رو القوانين » ) . إن توزيم 
المواد من الكتاب العشرين وحتى الكتاب الواحد والثلاثين يولد انطباعا عن فوضى من الصعمب 
التغلب عليها . إن املف يناضل فيها بشكل جلي ضد العياء . فهي عبارة عن ملحق من دراسات 
منفصلة . دراسات أحادية الموضوع (5عنطمهموه04000 مزدحمة » من جهة ثانية » بنظرات جديدة 
ومشمرة » ستغني وتنشط الكثير من الارواح أكثر ئما هي عمل متصل بما سبق . ففيها دراسة عن 
التجارة ( ترد فيها هذه الجملة الموجزة بشكل رائع » عن الانجليز : « الشعب الذي يعتبر أفضل من 
عرف في العالم كيف يستفيد في آن معاً من هذه الاشياء الكبيرة الثلائة : الدين والتجارة والحرية ) . 
وفيها دراسة عن القوانين في علاقتها مع استعمال النقود . ودراسة عن القوانين في علاقتها مع عدد 
السكان . ويمكن القول . بدون شك . أن التجارة والنقود والسكان . أي الكتب العشرين » 
والواحد والعشرين والثاني والعشرين » » والثالث والعشرين هي المواد الشلاث في الاقتصاد 
السيامي . لكن دراسة القوانين في علاقتها مع الدين (:الكتابان الرابع والعشرون والخدامس 
والعشرون ) والتي تبدأ بهذا الموقف : « إني لن أتفحص مختلف الاديان في العالم إلا بالنسبة للخير 
الذي يستخلص منها في الحالة المدنية » » تفتح آفاقاً أخرى كلياً . 


نافيا يساق بحي لاخر ودين رورس وطن ) كتين و الاين 
لأجما غصصان لدراسة المؤسسات الاقطاعية للفرنسيين .إفإنة يب القول بأنهما كانا يستجييان 
لانشغالات سياسية دقيقة لدى الف : ومع أنهما أضيفا ( على حد قول ب . دوراتيه ) « في 
النهاية . . . بناه على احاح جاكوب فيرني (اعدت/ ادعد6) فانهما كانا موضوعاً لأبحاث طويلة ‏ 
وكان إمونتسكيو يحرص عل نشرهها . « لقد بين التحليل السابق لليبرالية النبيلة الى أي حد كان 
النبلاء الفرنسيون » القلقون من تطور لللكية للطلقة والادارية » متحمين للاصول » أي 
« للحكم |القديم في فرنسا» , لقد أبرز هذا التحليل التعارض بين الاطروحة النبيلة 
للُسبأة ه بالجرمانية عإلبولانقيليه » والاطروحة للْمَأَة « بالرومانية » للقس دو بوس للؤ يد للطبقة 
الثالثة . ونعرف مما صيق أن مونتكيو كان عليه أن يقول كلمته في المشاجرة : وقد اعتبر الاطروحة 
الاولى د مؤامرة ضد الطبقة الثالثة ٠‏ بينا اعتبر الثانية ٠‏ مؤ امرة ضصد طبقة النبلاء وإ" : 

الخلاصة : بعد إجراء كل الحسابات وإبداء كل التحفظات يمكن القول أن الولف أنجز 
بالفعل بنجاح هذا للشروع الذي لا يمكنلإنسان أن يتكر عليه . بصدق ٠.‏ ضخامته . إن دلليير » 
في د للديح لم يقل شيئا مبالغاً فيه » بتوقعه أن يلد هذا امشروع الكبير إسم مونتسكيو , ويجعله 
محترماً في الازمنة القادمة . كيا لم يكن هناك شيء من المبالغة عندما ججَدَ أ . لابولاي 8 
(«لسادمده1 هذا للْؤلّف للشهور ( الذي أعاد نشره ذ ثاقية » في عام18576) » لكونه حَرْكَ » 
وبشكل ما كبر الروح الانساتية . وليس هناك أيضاً شيء من لمبالغة . في أيامنا الحاضرة . عندما 


(1) أ . موريل ‏ للرجع السابق ذكره ص : 77 . 


417 


اعتبر ل . التوسر(5965ناطال4 ..آ) أن مونتسكيو قام د بثورة في المنهج » ٠‏ وأوضح أن علم الاجهاع 
لدى هويس وسبينوزا وغروتيوس منفصل عن علم الاجتاع لدى مؤ لفنا ه بنفس المسافة التي تفصل 
بين علم الطبيعةٍ التأملٍ لدى ديكارت وعلم الطبيعة التجريبي لدى نيوتن » » وكذلك عندما ذكر 
ج . فوديل(اءل6.!76) 2 ف مقدمته ,» في عام1964) للاعمال الكاملة بأنه سييقى لنا فور 
إغلاق الكتاب الكبير د شيء ما لم يكن أي شخص قبل مونتسكيو قد حمله لنا بوضوح : إنه اليقين 
بأن مجتمعنا البشري هو مجتمع عاقل . وأن من الممكن أن نعرف , في يوم ما , إن لم يكن السيطرة 
عليه » فعل الاقل جعله معتدلاً » ١:‏ 5 
إن فعل عَدَّلَ هو الفعل المناسب في هذا المقام . هو ومشتقاته : الاعتدال , والمعتدل . 
« أقول هذا ء ويبدو لي أنني لم أكتب هذا الولف إلا من أجل إثبات أن روح الاعتدال يجب أن 
تكون هي روح المشرّع . إن الخي السيامي . مثل اللخير الاخلاقي , يوجد دائياً بين حدين » : 
هكذا يبدأ الكتاب التاسع والعشرون حول طريقة سن القوانين . وني الكتاب الثاني عشر الذي 
يعالج القوانين الجنائية » يعلن مونتسكيو تأييده للاعتدال . ولرقة العقوبات . وذلك مقابل شدة 
يزويات العلا التدمم .ول لكاب العار لق ات ا 0 
يدعو للاعتدال في ممارسة حت الحرب وحق الغزو : « إني أَعَرْفٌ حق الغزو بأنه : حق ضروري » 
شرعي وتعيس يترك دائيا دبناً ضخماً ينبغي دفعه من أجل تبرئة النفس تجاه الطبيعة البشرية » . إن 
هذا الموقف لا يفاجىء من جانب ذاك الذي كان قد أسّس « بشكل طبيعي » . ومنذ الكتاب 
الاول . حق البشر(قدمع دعل )10:1 ع على المبدأ القائل بأن تختلف الامم يجب أن تفعل في زمن 
السلم أكثر خير مكن وف زمن الحرب أقل شر جمكن , وذلك دون الاضرار بمصالحها الحقيقية . لهذا 
فإن من الممكن . ومن الواجب أن ننتظر من مونتسكيو . المواطن الصالح المتعطش لأن يترك البشر 
من بعده هم أكثر سعادة ‏ والذي كان يريد أن يساعد عل أن يزيد أولئك اللي يِمكمُون من 
معارفهم بالنسبة للذين يجب أن يأمروهم , ول أن يمد أولتك الذين يطيعون متعة جديدة في 
الطاعة ( وذلك حسيا جاء في للقدمة  )‏ أن يؤسس بشكل طبيعي نظريته السياسية » أو 
باختتصار » سياسته » على مبدأ الحكم المعتدل , النقيض الكامل للحكم الاستبدادي الذي يقوم 
على العنف المجرد . ! 
2 سياسة مونتسكيو : الحكم المعتددل : 

» بالرغم من تأكيد مويسكيو بأنه لاييدي رياً» فإن له تفضيلات سياسية يعبر عنها في مؤلّفه‎ ٠ 
الذي يبحث فيه المعاص رون عنها بفضولية . ولنذهب الى ما هو أبعد من ذلك بالقول : إنه يقاتل من‎ 
لمن عنه بفخر , يخطي‎ ٠ أجلها . عل طريقته الحذرة القن . إن مشروعه الفكري الضخم‎ 
. مشروعاً ثانياً» مُعَلْفَا بفطنة‎ « ٠ ويخدم في نفس الوقت‎ 





)1( انظر- دلليير ه مدح موتكيو  »‏ الوفرد ني الاعبال الكاملة منشورات لفناه5 - ص : 21 وما بعدها . 
-ل . الترمر(عقوطالة ل) : و موت كيو ٠»‏ اليلة والتاريخ » -ك عدوناغامم ها , مصننجى همم01 
(عفم !”1 - بلريس نظ .لا 1969-87 اص 92 . 


418 


إن دروح القوانين» هو, من بعض النواحي . «الانجاز المشهود » للحلم الليبر الي للعروف ني 
الجذور الارستقراطية . إنه يندرج ضمن الخط المستقيم لهذه الليبرالية النبيلة التي لم يكن عدوها 
اللدود بالضبط الحكم المطلق . وإنما أسلوب تمارسته عل طريقة لويس الرابع عشر . أي . بشكل 
دقي . الاسلوب التعسفي . « الاستبدادي » » . لقد كان مونتسكيؤء بدوره بعد فنلون وسان 
صيمون وبولانقيليه ؛ يستهدف توضيح أن مثل هذا الاسلوب في المارسة كان مناقضاً » جدرياً 
للطبيعة الحقيقية للملكية الفرنسية : إن التصنيف غير المألوف الذي يقترحه لأنظمة الحكم ٠‏ وكتابته 
للكتب السّأة « بالاقطاعية » يستجيبان مباشرة لهذا الهدف . 


لكن اكتشاف الدستور الانجليزي والحرية السياسية عل الطريقة الانجليزية أتى ليوسع ١‏ 
بشكل فريد , آفاقه ولكن بدون أن يعدل محورها الرئيسي . لقد سعى . دائيا ويثبات » لنتفس 
الغاية ؛ بالرغم من تغييره . على هدى التجربة » للوسائل الملموسة للوصول اليها . إنه يجعلنا 
نرى ٠‏ بحق , هذا الشيطان المطلي عن قصد بمثل هله الالوان القائمة » والذي يترصد في كل حالة ' 
سياسية « العيب السري » الذي يمكن من خلاله لأمة ما أن تدع نفسها تُفاجىء بالحكم 
الاستبدادي . ويقرع مونتسكيو إشارة التحذير ؛ ويفترح علاجاً ملائأ !. ولكن لنوضح من الآن 
أن المرء الذي سيقرأ جيداً روح القوانين سيكتشف فيه صيغتين وليس صيغة واحدة » للنظام الذي 
تتجه اليه تفضيلات المؤلّف 57 


الملكية والاستبداد 

كان الحكم الاستبدادي أو الطغياني بالنسبة لأرسبطو عبارة عن فساد وانحراف للملكية أو 
لحكم الفرد . هذا كل ما في الامر . أما مونتسكيو فأراد أن يجعل منه نموذجاً متميزاً للحكم » يبدو 
وكأنه الوجه القبيح والكريه للملكية الحقيقية . لقد رفض أن يرى في الشكلين خلافاً في الدرجة 
والاخلاقيات فقط . وحرص علٍ أن يعلن أن هناك خلافاً جذرياً بينهما سواء في الطبيعة أم في المبدأ : 
وهو الخلاف الذي يفصل الحكم المعتدل عن الحكم غير المعتدل ‏ » أي العنيف . إن تصنيفه يدل ١‏ 
بتعبير آخر , المعيار القائم على أسلوب ممارسة الحكم . زيادة على لمعيار القائم على عدد الحكام . 
« إن الامر الحاسم . بنظر مونتسكيو . في الواقع . هو في أن تمُارس السلطة وفقاً للقوانين 
والقياس . أو بالعكس . تعسفياً وبعتف . أكثر من كون السلطة السيدة تعود لعدة أشخاص أو 
لشخص واحد . إن الحياة الاججاعية تختلف أيضاً ( على حد تعبير ريمون آرون ) محسب أسلوب 
مارسة الحكم » . إنها لملاحظة صحيحة أن مونتسكيو , من أجل أنْ يميف فاد الحكم 
الديمقراطي . يظهره لنا متجهاً نحو استبدادية الجميع : إن الامر لم يعد يتعلق بشخص واحد يحكم 
وفق أهوائه د بدون قانون ولا قاعدة » , وإنما بالجميع , وبالارادة التعسفية للجميع . 


إننا نعرف مبدأ هذا الحكم الاستبدادي : إنه الخوف بمظاهره للكروهة . لكن من الواجب أن 


(1) حول« للشروع الثقي »- أنظر : ر . دورانيه - للقدمة ص :30 . 


419 


نضيف الى هذا . أن مثل هذا النظام يبذر وبهدم من أجل المنعة ( ه عندما أراد متوحشو لويزيانا 
الحصول عل الثهار » قطموا الشجرة من أسفلها . وقطفوا الثهار . هكذا يكون الحكم 
الاستبدادي » ) . إنه عاجز عن تدبير وسائله . والذهاب الى هدفه « بأفل التكاليف » » حسب 
وصية « الرسائل الفارسية » . فهولا يعرف إلا نحريف ميول البشر وقيادتهم عبر الطرق القصوى . 
إن من الممكن الادعاء بأن هدفه على الاقل . الشترى بالخوف , هو الطمانينة والسلام . لكن 
مونتسكيو يرد عل هذا بالقول : « إنه ليس سلاماً قط . إنه صمت:هذه المدن التي بهم العدو 
باحتلاها » . ١‏ 


إن من المؤكد ( وهذا ما سيشير له أكثر من معلق في أيامنا الحاضرة ) أن هذه اللوحة كانت 
تدعو للتشلؤم الى أبعد حد . كبا أنها كانت تُسَودُ ونْشُوه صورة الانظمة.الاسيوية المتهمة . بلا 
تيز بالاستبدادية . لقد بدا أثر التضاد , الذي لم يُدْعَمْ مطلقاً بالادلة بشكل كافي ء ضرورياً 
للرسام المرهف الذي تمنى أن يُظهر مؤ هلات ومحاسن الحكم الملكي ف كل أنوارها . مقابل الكثيرمن 
الظلال ٠»‏ . 

إنه حكم معتدل . ولكن كيف يكون كذلك , وكيف يبقى كذلك ؟ 

إنه يكون كذلك بطبيعته التي يريحها مبدأوه : الشرف . فهذه الطبيعة تفترض كمسلمة وجود 
مسلطات متوسطة أو أجسام متوسطة أو ثانوية و خاضعة وتابعة»: أو سلطات مضادة أو قوى مضادة”". 
وهذه كلها تعابير متساوية كانت تُستخدم ٠‏ عل حد قول ب . دو جوقتيل (امصع*اداسن3 06 .0 
للدلالة على كل ما كان يمثل « قوة اججاعية . أو مصلحة جزئية مكونة . . . فردية بشكل كاف » 
وقوية بشكل كاف لتشكيل جسم » . ( إن مونتسكيو يتحدث عن أفنية متوسطة تسيل القوة,عبرها) . 

إن من ماهية مثل هذه السلطات أن تقاوم بعناد » وممنقار وأظافر » التجلوزات التي يرتكبها لللكث 

السيد , وذلك باسم شرف هذا الجسم الذي لديه هو أيضا ‏ بطبيعته - قواعد ثابتة . مثل الحكم 
لللكي . إن القوى للضادة تتدخل ٠‏ وتعترض . وتخفف وتمنع حينا يتطلع السيد لآن يحل إرادته 
الكيفية والعابرة » حل القوانين الاسامية » كما لو أنه لم يعد هناك في الدولة شيء ثابت .. [نها » 
ودون أن تُقَسّم أبداً السيادة » قانونياً ( السيادة التي لم يوضع مبدأ عدم قابليتها للتجزئة موضع 
التلو ل ء منذ بودان ) تحدّها من كل جانب . وتجمل من الملكية للطلقة قانونيا » ملكية معتدلة 
واقعياً » وتختلطة ( أوه ممزوجة » كيا يقول مونتسكيو في إحدى أفكاره ) د . 

إن طبقة النبلاء هي أفضل قوة مضادة : فبدون ملك ليس هناك نبلاء قط . وبدون نبلاء ليس 
هناك ملك قط ء وإنما مستيد . 


(0) التعيبران الاخخيران من ذلك العصر ( لكن موت كيو لم يتعملها ) ٠‏ 
«1) أنظر : ر . أرون(تدعة  )8‏ للرجم الوارد ذكره في بداية الفصل ‏ ص : 36 . 
04 ب -دو جوفنيل في اللطة ؛(منبعهوم 0<4) - ص :350 . 


420 


هذه الكلمات المختصرة والقاطعة تلخص . في شكل حكمة آمرة » كل مذهب الليبرالية 
النبيلة » و« المشروع الثاني » للمؤلف . وذلك بانتظار أن يأتي الكتابان الاقطاعيان الاخيران في 
نجاية المؤلّف لتغصيل التبربر التاريضي البارع له . إلا أنه يهب القوّل بان هذا التبرير لا يتتهي'» 
وإنه سيتعب انتباه أكثر القراء اجتهاداً . ولنشر هنا الى أن مونتسكيو يأخذ ثانية فيه أطر وحة بولانقيليه 
حول الغزو الفرنجي . متجنباً ذلك عدم تبني كل إستتتاجاتها . والفرق بالتالي « في مؤ امرة ضد 
الطبقة الثالثة » ؛ ولنشر أيضاً الى نه أخذ على النظام الاقطاعي أنه أضعف تدر يميا السلطة الملكية » 
أي الحكم « « المدني » أو ه السيامي » ( لأنه أراد , كما لاحظ بكفاءة , أن تُعاد لطبقة النبلاء 
حقوقها . ولكن ليس علل حساب الذولة,: » ) . 


وهناك قوة مضادة أخرى تتمثل بالاكليروس المنظم في جسم مستقل . « بقدر ما تكون سلطة 
الاكليروس خطيرة في جمهورية , بقدر ما هي مناسبة في ملكية » عاق لني تيد نيز 
الاستبداد » . 


وتشكل البرلمانات قوى مضادة باعتبارها الؤتمنة على القوانين الاساسية . إن هذه المهمة 
الجليلة تتمثل باعلان هله القوانين عندما ُسَنْ ٠‏ وبتذكير املك بها » ولا سها عندما ميل لنسيانها . 
كذلك إفإن المدن بامتيازاتها , والهيئات القضائية الاقطاعية تعتبر أيضاً قوى مضادة . وبلخص 
مونتسكيو فكرته في جملة - حكمة : « ألغوا في ملكية ما امتيازات السادة الاقطاعيين والاكليروس 
والنبلاء والمدن . وسيكون لديكم قريباً دولة شعبية » أو بالاصح . دولة إستبدادية . 

إعتراضض : ولكن ألن تقف هذه القوى المضادة في وجه بعضها البعض . وفي وجه الشعب 
أكثر من وقوفها في وجه الملك ؟ ٠‏ برد مومنتسكيو : لا لأنّ هله اللعبة المعقدة من المعارضات 
والمقاومات والاوزان . والاوزان المضادة هي بالضبط ما يحافظ على الدولة الملكية والحرية الملكية 
( التي تُعَرْفُ بخضوع الملك السيد لبعض القوانين الثابتة والقائمة ) . ففي الدولة الاستبدادية يتجه 
الشعب فوراً » عندما تهب رياح التمرد ‏ للتطرف ولمبالغات . أما في الدولة الملكية فنادراً جداً ما 
يحدث هذا . إن لعبة القوى المضادة تكبح فيها آلياً حركة التمرد . فالمراتب المتوسطة لا تريد أن 
يتفوق الشعب كثيراً . كما ينقص المتمردون الاقتناع '. ونرى الناس الحكماء والذين لديهم التفوذ 
يتوسطون ؛ وتستعيد القوانين قوتها وتصبح مسموعة . وفي هذا يكمن . بحسب رأي مونتسكيو, 
كل سر الملكية . فبفضل هذه اللعبة امعقدة تبقى لللكية حُكياً معتدلا «. . 


- الملكية والفساد 


ومع هذا |فإن الملكية لا تنجو . مثلها مثل أي حكم آخر . من الفساد ٠‏ الذي ينشأ عن فساد 
مبدثها أو فساد طبيعتها . 


() أنظر ‏ الكتاب الخامس - الفصل الحادي عشر ص : 64 وما بعدها . 


(2 أنظر : بريت دولا غروماي(علاشكقع66) هط عل  )8]0©‏ المجلد الرابع ‏ تحليل الكتاب الواحد والثلائين- 
ص :223 . 


421 


إويحصل الفساد عندما تزع تدريجيا متيازات الاجسام التوسطة لو إمتيازات المدق". لتطلب 
الى مؤلّف صيني ( مجموعة مؤلفات ظهرت في عهد أسرة مينغ ) أن يعطينا السبب لضباع كل 
الملكيات تقريباً . 
« إن الذي أضاع ملالات تسين(دنة5)وسووي(ندهه5) هو أن الامراء » بدل أن 
يكتفوا مثل الامراء بتفتيش عام » وهو الامر الوحيد الخليق بالسيد » أرادوا أن يحكموا 
كل شيء مباشرة بأنفسهم » . 
ثم يتابع مونتسكيو ء المدعم بهذا الاستشهاد , كلامه قائلاً : 
إن الملكية تُضيع نفسها عندما يعتقد أمير ما بأنه يَظهر أكثر.قوة » عنذما يمير نظام 
الاشياء بدل أن يتبعه » ويشزع الوظائف الطبيعية من البعض ليعطيها تعسفيا 
لآخرين . ويحب أهواءه أكثر من حبه لارادته . 
الى عاصمته . والعاصمة الى بلاطه . والبلاط الى شخصه وحده » . 
ويأتي فاد امبدأ بعد فساد الطبيعة ( الذي رايناه لتنا ) . 
<< « إن مبدأ الملكية ينفسد عندما تكون المناصب الاولى علامات للعبودية الاولى » 
وعندما ننزع غن الكبار إحترام الشعوب , ونْحوَهُم لمجرد أدوات بخسة للسلطة 
التعسفية . ويتفسد المبدأ أكثر عندما يوضع الشرف في حالة تناقض مع الاجاد . 
وعندما يكون بالامكان تغطية المرء » في وقت واحد . بالعار وبالكرامة » ٠٠١‏ 5 
هذه الملكية تجد في أصوها الجرمانية والاقطاعية . أي ني هذا د الحكم الغوطي» الذي كان ني البداية 
مزيماً من الارستفراطية والملكية ( مع السيثة المتمثلة بأن د الشعب كان فيها عبداً ) كل عناصر الحكم 
المعتدل . لكن ريشليو الذي كان مونتسكيو يكن له مشاعر مختلفة جداً عن تلك الثي كان يبديها 
سان سيمون ‏ ولويس الرابع عشر , والمركزية والبيروقراطية الوزارية » وقصر فرساي دفعوا هذه 
الملكية في منحدر الفساد الذي يوجد الحكم الاستبدادي الفظيع في أسفله ‏ . 
هل يعني هذا القول بأن الملكيات حكومة بأن تتلاشئى في الحكم الاستبدادي » كبا « تتلائى 
الانمار الجارية في البحر » » وأن الملكية الفسرنسية » بشكل خاص ؛ ستتحول الى حكم 
إستبدادي ؟. إن هذا . كما نعرف ذلك بوفرة ٠‏ هوما كان يعتبر وسواس المؤلف . هذا المواطن 





(1) الكتلب الثامن ‏ الفصل السادس والسابع . 
6 في صدر حديثه عن إبداع الفوانين بنتفد مونت_كيو عداء ريشليو للبرمانات التي 0 نشكل صعربات أمام كل الاشياء؛ 
( الوصية السياسية » منشورات ل . اندريه ص :246) ويستستج بقسوة عندما لم يكن الاستبداد موجودا في 
قلب هذا الرجل . كان موجوداً في رأمه » ( الكتاب الخامس ‏ الفصل العاشر- ص : 64) . 


42 


| 


الصالح 2 والفرنسي الصالخ :"الور وي" لمتكا :: ربكن ناذا الملكي الصالح 2٠‏ 
بشرط أن نحدد جيدا موقع انشغاله العميق الذي » كما يعرضه ف السطور التالية » يتجاوز مثل هذه 
السمة الضيقة : أ 

« إن للساوىء لا تُتجلى عندما تنتقل الدولة من حكم معتدل الى حكم معتدل » 
مثل الانتقال من الجمهورية الى الملكية » أو من الملكية الى الجمهورية . وإنما عندما 
تقع الدولة وتتحول من حكم معتدل الى حكم إستبدادي » : 

أين تقف الشعوب الاوروبية ٠‏ في هذا الصدد . بنظر مونتسكيو ؟ إنه يرى أن الاغلبية ما 
زالت تحكمها ه العادات » وأن المناخ مطمئن » ولكن : 

د إذا ما أقيم الحكم الاستبدادي . الى بد ما . نتييجة لاساءة طويلة في استعمال 
السلطة , أو لعملية غزو كبيرة .إفإنه| لن يبقى هناك لا عادات ولا مناخ . وستعاني 
الطبيعة البشرية في هذا الجزء الجميل من العالم . على الاقل لوقت ما.. من الاهانات 
التي توجه لما في الاجزاء الثلاثة الاخرى منه 11[6) . 1 

إن هذا الوسواس يقوم لديه . الى حد كبير » على أساس تفكير ثاقب بشكل فريد » صاغه 
( نظرا لأهميته ) عدة مرات بطريقة ممتلفة في أفكارء(دء هدم قبل أن يتتهي للصياغة النهائية الني 
سوف نقرؤها . فبعد أن يوجه قرار أتهام دافع ضد الحكم الاستبدادي . يتساءل كيف يمكن , بعد 
كل هذا أن لا تنهض الطبيعة البشرية ( بحق ) باستمرار ضد مصيبة كهذه . وأن تخضع أغلبية 
الشعوب ها بالرغم من حب البشر للحرية وكراهيتهم للعنف . زيمي مونتسكيو بقوله : إلا أن 
هذا من السهل فهمه : : 1 

« فلنشكيل حكومة معتدلة يجب ترتيب القوى وتنظيمها وتعديلها وجعلها تفعل . 
ويجب ١‏ إذا صح القول . إعطاء ثقل لبعضها لجعلها قادرة على مقاومة الاخرى . إنها 
نحفة تشريعية » نادرا ما تصنعها الصدفة . ونادرا ما نترك للحكمة أن تصنعها . أما 
الحكم الاستبدادي فهو . بالعكس . ظاهر للعيان . إذا صح القول . إِنَّ له شكلاً 
واحدا في كل مكان . وبما أنه لا لزوم من أجل إقامته إلا للشهوات . 'فإن كل الناس 
يصلحون لذلك 6»«ى. . 

هذه التحفة التشريعية كانت مفقودة في الملكية الفرنسية بالرغم من أنها عرفت » في أصوها ‏ 
كل عناصرها . ولكن ألم تنجح الملكية الانجليزية . بالمقابل . ٠‏ في تحقيقها ؟ إن مؤ لف « الرسائل 
الفارسية » ٠‏ الذي سافر الى إنجلترة حيث كانت الحرية ( إذا صدّقنا المؤ رخين ) تخرج باستمرار من 
نيران الخلاف والتمرد . سيطرح عل نفسه السؤال 0 ويجيب عليه بالايجاب بشكل قاطع . إنه 





(1) الكتاب الثامن ‏ الفصل الثامن . 
(2 الكتاب الخامس ‏ الفصل الرابع عشر . 


403 


سيتلقى علاوة على ذلك , نوعاً من الالهام . ولن يجد نفسه هنا فقط أمام حكم معتدل موافق 
لتطلعاته , مع ما يرافقه من لعبة معقدة بين القوى: أو السلطات , لكنه سيكتشف , بالاضافة 
لذلك . أمة في العالم تعتبر الحرية السياسية الموضوع المباشر لدستورها ( بدل أن لا تظهر هذه 
الحرية إلا كنتيجة غير مباشرة لمؤسسات ملكية هدفها المباشر بحد الامير ويجد الدولة ) . فلنتفحص 
إِذن المبادى» التي تقيم عليها هذه الامة دستورها . فلا كانت جيدة فإن الحرية ستظهر فيها كم نظهر 
في المرآة . إن مونتسكيو . سيدعو ء بالنتيجة قَرَامهُ للنامل بال سسات الانجليزية التي درسها بدقة 
أثناء سفره . ومن خلال مناقشته لرجال السياسة وقراءته للصحف وحضوره لمناقشات البرلمان 
المشهور . ولفهمها والاعجاب بها . وسيبدا وهو هناك وصفاً مكتوباً » ليكمله بعد عودته سواء في 
بوردو آم في باريس . وهذا ما جاء في الفصل السادس المشهور من الكتاب الحادي عشر ٠‏ وعنوانه 
« في دستور انجلترة » . وفيه عشر صفحات ستارس ٠‏ التأثير الاكثر عمقاً على القانون الدستوري في 
الغرب » ( على حد تعبير! . ابسمان(8155610 .4)) . وهذا دون الاضرار بقيمة الصفحات التسع 
من الفصل السابع والعشرين من الكتاب التاسع الذي يعتبر الفصل « الانجليزي » الكبير الآخر في 
« روح القوانين » ١‏ . 


الحرية السياسية : تعريفات . « النظام الانجليزي الجميل » . 
قبل كل شيء ٠.‏ يحرص مونتسكيو من أجل إنارة طريقه على تعريف ما هي الحرية في 
السياسة ؟ ذلك أنه ليس هناك من كلمة أخرى كانت موضوعاً لمعان أكثر اختلافا أو أذهلت بطرق 
عديدة الارواح . لقد وصف كل واحد الحكم الموافق لعاداته أو لميوله بأنه حر . ألم تعتبر بعض 
الشعوب ( كالموسكويين ) ولدة طويلة , أن الحرية تكمن « في عادة إطلاق لحية طويلة » ؟. لقد 
ربط البعض إسم الحرية بشكل من أشكال الحكم 3 ونفوه عن الاشكال الاخرى » ٠‏ واستّبعدت : 
الحرية . عن طيب نخاطر » وبشكل خخاص عن الملكيات . لتوضع بشكل طبيعي في الجمهوريات 
حيث يبدو أن القوانين تتكلم أكثر . ومنفذي القوانين يتكلمون أقل . وبما أننا ننزع بسهولة لأن نرى 
فيها محرد غياب للمنع أمام رغباتنا » وللاعتقاد بأنما تكمن في فمل ما نريد . فإنناً نضعها ني 
الديمقراطيات . لأن الشعب يبدو فيها « أنه يفعل تقر يبا ما يريد » : ولكن ها هومن يعود ( وهذا ما 
يعلنه مونتسكيو بقوة ) للدمج بين سلطة الشعب وحرية الشعب . ويوضح الولف في مجموعة ثالية 
من الجمل التي لا تُنسى , والتي أصبحت تقليدية كل هذه الامور . ويكنس . بريشة حازمة » كل 
تبسيط وغموض . 
إن الحرية السياسية لا تكمن قطني فعل ما نريد , وإنما في فعل ما يجب أن نريد » وفي أن لا 
!) أنظر حول تاليف الفصل السادس من الكتاب الحادي عشر بحوث ر . شاكلنون التي لخصها دوراتيه ( في للجلد 
الاول ‏ الحاشية السادمة ص :472 . 
انظر أيضاً : ! . ايسان (معصدع .م) : و الحرية الحديثة : مبادىه ومؤ سات 20006.26 16معناظا ه00 
زمه انتاكمة )» معرأءعدن»م . المجلد الاول من د عناصر الفانون الدستوري الغرني ولمقارن »عل كنمعدم4ل20) 
(ف كمه )© تنهومه) اعصدمنانةنتكده )فوعل ‏ بلريس -لاها5  1906-‏ الطبعة الرابعة - ص : 13 . 





404 


نكون مطلقاً مكرهين عل فعل مالا يجب قطأن نريد . من الذي يحدد إذن الواجب ؟ القوانين . إن 
الحرية هي سلطة القوانين . لا سلطة الشعب . وسلطة القوانين هي حرية الشعب . وهنا ينطق 
مونتسكيو بهذه الحكمة التي ينبغي نقشها في الرخام : « يجب أن نضم في روحنا ما هو الاستقلال » 
وما هي الحرية . إن الحرية هي ا حق في فعل كل ما تسمح به القوانين . وإذا كان بإمكان مواطن ما 
أن يفعل ما تمنعه , فإنه لن يكون هناك حرية . لأن الاخرين سيكون لديهم كذلك هذه القدرة » . 
وينجم عن هذا أن الديمقراطية والارستقراطية . وههما نموذجا الحكم الجمهوري . ليستا دولاً حرة 

بالطبيعة بالطبيعة . ٠‏ إن الحرية السياسية تخص الملكيات المعتدلة كما تخص الجمهوريات وهي ليست أكثر 
بعد عن العرش ما هي عن مجلس الشيوخ» © . إنها توجد في أنظمة الحكم المعتدلة بشكل مستقل 
عن شكلها . ولكن فقطفيٍ هذه الانظمة . إن عدم إساءة إستعمال'الحكام للسلطة هو الشرط الذي لا 
بد منه لوجودها . إلا أن مونتسكيو يعلن بوقار : 

« إن التجربة الخالدة تبين أن كل إنسان يتمتع بسلطة ما يميل الى إساءة استعما هما . وهو 
يذهب في هذا الاتجاه الى أن يجد أمامه حدوداً . من كان يقول ذلك ! إن الفضيلة نفسها بحاجة الى 
حدود ‏ فلكي لا يكون بالامكان إساءة استعمال السلطة يجب على السلطة . بفعل ترتيب الاشياء » 
أن توتف السلطة . إن هكذا دستور يمكن أن لا يكره أي شخص على فعل الاشياء التي لا يجبره 
القادون على فعلها . وعل عدم فعل تلك التي يسمح له بفعلها » . 

ا لي ا : لتوزيع ما للسلطات 

بين القوى الملموسة الموجودة . إننا نجد ثاثية بالا مال . المطلب المطروح سابقاً . والخاص بالثقل 
والكبح المتقابل والارتباط التبادل : وكلها آليات ١‏ لتحفة تشريعية » حفيقية من الصعب إدارتها . 
وهو مطلب فُكْرٌ به الآن ثانية على هدي التجرية الانجليزية وكَيّفَ بناء على ذلك . 

لننتقل الآن مع مونتسكيو . المدَعُم بتعريفاته الجوهرية , لتطبيقاتها في الواقع الندموس 
للمؤسسات . 

« في دستور إنجلترة » : إن الكلمات الاولى التي تتلوهذا العنوان تطرح . من حيث المبدأ ١‏ 
التمبيز أوالفصل بين السلطات الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية يو بن 
نفس جسم الرئيسيين ٠‏ ؛ أي النبلاء أو الشعب » يمارس السلطات الثلاث في آن معا و فإن كل شي 
سيضيع » . فلا حرية قط إذا كانت السلطة التشريعية مجتمعة مع السلطة التنفيذية لمكن 
الخشية من أن يسن نفس الملك أو نفس مجلس الشيوخ قوانين ه طغيانية » لينفذها ه د طغيانياً » . باذ 
كان القاضي مشرعاً فسيكون لديه سلطة تعسفية على حياة المواطنين وحريتهم . وإذا كان مُنْمْذَاً 





)2 الصيغة مستقلة » ليس من « روح القوانين » . وإنما من د فكرة ؛ حول كلمة الحرية هذه في السياسة ؛ ( هكذا يدأ 
مونتسكير ) ذات إيحاء خاص ٠‏ ومهمة جدا بالواقعية والنسبية اللتين تعبران عن نفيهم) فيها . 


إن تأكيد أن الحرية السياسية ه ليست أكثر بعداً عن العرش مما هي عن مجلس الشبوخ » ٠‏ يتوج فكرة تتضمن 
فراءتها فائدة كبيرة ‏ أنظر : الاعمال الكاملة ‏ بلياد ‏ رقم 631 . 


405 


فيمكن أن يكون لديه قوة المضطهد . إن المهم هو أن لا تُعطى قوة القضاء لجسم دائم : الامر الذي 
سيجعلها . ٠‏ إذا صح القول . غير مرئية و ولا قيمة لها » سياسياً . إن القضية التي تُطرح إذن 
1 للساطة الك يديه والللة قيلي : » هي قضية توزيم هاتين السلطتين المنفصلتين » بين 
الفوى الاجتاعية ‏ السياسية الملموسة التي تُكَوْنْ . مجتمعة » ا حياة الجماعية للامة الانجليزية . 
0 إلا إننا نتبين في إنجلترة وجود ثلاث قوى ملموسة : الشعب والنبلاء والملك ( والثانية تشكل 
القوة المتوسطة بين الاثتتين الاخرتين ) . 

إن الشعب كجسم يجب أن يُشَرّع , لان الانسان الذي لديه افتراضاً روحاً حرة » يجب » 
في الدولة الحرة » أن « يحكم نفسه بنفسه , . لكن هذا مستحيل في الدول الكبيرة » ومليء 
بالمساوىء فى الدول الصغيرة . ولهذا تنشأ الضرورة لوجود تمثلين . إن الشعب يختارهم لكفاءتهم ٠»‏ 
الامر الذي يعرف القيام به جيداً ( في حين أنه ليس مختصاً أبدا لآن يناقش بتفسه الشؤ ون الاخخرى) ٠‏ 
ولا يعود لهؤلاء الممثلين اختصاص اتخاذ قرارات فمالة فهم لا يجيدون فمل ذلك - وإنما 
التصويت على القوانين , ورؤ ية ما إذا كان قد ثم تتفيذ القوانين التي صوتوا عليها ‏ ؛ بشكل جيد . 
وهو أمر يستطيعون القيام به به بشكل جيد جداً بحيث أنه لا يوجد من يستطيع القيام بذلك جيداً إلأ 
هُم) . 

إن الجسم الذي يمثل الشعب يتقاسم السلطة التشريعية مع الجسم الذي يشل النيلاء . 
فهزلاء يهب بالفعل أن يكونوا مين عل حده , وإلاّ فإن الحرية المشتركة « ستكون عبوديتهم » . 
ذلك إنه لن يكون لديهم أي مصلحة في الدفاع عنها لآن أغلبية القرارات ستكون ضدهم ١١‏ . 


إن كلاً من مجلسي السلطة التشريعية يكبل الآخر بقدرته المقابلة على المنع ٠‏ والني ينبغي ١‏ 
تمييزها جيداً عن القدرة عل البَتْ فهذه القدرة الاخيرة تتجلى بالحق في أن يأمر كل مجلس من تلقاء 
نفسه أو أن يصحُح ويُعَدّل ويعيد صنع ما فعله المجلس الآخر . أما القدرة على المنع فليست إلا الحق 
في إبقاف ورفض ما أمر به للجلس الآخر . بدون القدرة على مسه . وهكذا لا يكون لمشاريم 
الشعب ضد النبلاء حظ في النجاح أكثر من حظ مشاريع النبلاء ضد الشعب : إن السلطة توقف 
لسلطة . 


كذلك فإن هذين المجلسين المتميزين للسلطة التشريعية يرتبطان كلاه بالسلطة التتفيذية . 
رقد أسندت هذه السلطة للملك ( باعتبار أن الفرد الواحد يكون اكثر قدرة على التصرف من عدة 
فراد ) إلا إن الملك نفسه مرتبط كذلك بالسلطة التشريعية . إن الدمنتور يعطية الإقل الشرددي 
في شكل حقه في الاعتراض , وفي حرمة شخصه ) الذي يسم له بمقاومة التعديات والدفاع عن 

متيازاته . وبالمقابل , فإن السلطة التشربعية تتمتع بموجب الدستور بكل الثفل الضروري لمقاومة 


(1) كذلك فإن. النبلاء . باعتبارهم ه معرضين دائياً للحذ ؛ . لا يمب أن يدعوا للمثول أمام المحاكم « العادية ؛ 


ونا أمام الجزء من السلطة النشريعية الذي بمثلهم ٠‏ وذلك بغبة التمتع بالامتبازالذييتلكه « أقل المواطنون في دولة 
حرة » والمتمثل في أن يحاكم من قبل أمثاله ص176) . 


406 


الملك : وذلك من خلال الدورات الدورية التي تُدعى للانعقاد إجبارياً ؛ والتصويت السنوي عل 
الميزانية » ومراقبة تنفيذ القوانين ( التي تعتبر « الارادة العامة للدولة » ) ؛ واحتال توجيه الاتهام 
للوزراء . 
قد يميل البعض للاعتراض بأن مثل هذا الترابط . والمنع المتبادل بين هذه القوى الثلاث من 
شأنه أن يؤدي لقيام حالة من « الراحة » أو التعطل » . لكن مونتسكيو . الذي صاغ الاعتراض ء 
يحيب بتفائل تفني الى حد ما , « .بأن هذه القوى ستكون مجبرة على السير معأ بانسجام » » بفعل 
الحركة الضرورية للاشياء . . . الْكرَّهَةٍ على السير» . وبعبارة أخرى » فإن السلطة بمكنها أن 
توقف السلطة . لآن ترتيب الاشياء يمنم أن يقوم أي كان باساءة استعمال قوته ( وبهذا يتم استبعاد 
أي شكل من أشكال الحكم الاستبدادي ) ؛ وذلك بدون أن تتجمد الآلية السياسية وأن يصبح 
الانسجام الحكومي مستحيلاً . وأن يتكرس الشقاق بشكل دائم . 
ولكن ماذا يعني الاتحاد في جسم سيامي إذن ؟ . لقد حرص مونتسكيو في التاملات عل 
تحذير إلقراء من غموض هذا الامر. وذلك في معرض حديثه عن موضوع الانقسامات التي أدت 
لاضمحلال روما . فاذا كنا نرى في الحكم الاستبدادي إتحاداً » فإنه لم يكن ( كما يسخر بروعة ) 
إتحادا بين المواطنين » وإنما بين « أجسام ميتة مكمُنّة الواحدة بعد الاخرى » . إن الاتحاد الحقيقي 
هو: 
د إتحاد انسجامي يجعل كل الاجزاء . التي تبدو لنا متعارضة . تساهم في الخير 
العام للمجتمع ‏ ؛ كما يساهم تنافر الاصوات'. في الموسيقى . في الاتفاق الكل . إن 
من الممكن أن يكون هناك إتحاد في دولة نعتقد أننا لا نرى فيها إلا الاضطراب . إنه 
الانسجام الذي تنجم عنه السعادة . التي هي السلام الحقيقي . إن هذا الحال هر 
كحال أجزاء هذا الكون المرتبطة أبدياً بفعل بعضها . وبرد فعل بعضها الآخر» 7 . 


الانسجام , الاتفاق , الفعل ورد الفعل . الثقل والكبح المتقابل . ترتيب القوى وترابطها 
المتبادل . لكي لا يقال تعاونها : إننا نرى ء كفاية . من خلال كل هذه التعابير » الى أي حد من 
شأن تعبير فصل السلطات » المكرّس والْستّعمل بدون غيره » أن يُضَيْ ويُوجز ويُشوه ويبتر الفكر 
الدستوريء الغني جداً. » لمونتسكيو ء المعبر المتحمس ععما يسميه و النظام الانجليزي الجميل» » 
اليا انيد روجا رو يد ب لبوا د إسييها . إننا نعجب كيف أن 
بعض السطور ( التي تشكل لوحدها فصلاً ) تكتّف هذا الفكر الدستوري بشكل عجيب وبلا 


ابا "ان مؤ لف روح القوانين » يرى أن الانجليز يستمدون فكرة حكمهم من الجرمان ‏ وهذا ما سيسخر منه فولتير في 
تعليقاته , الفظة غالبا . والمحقرة عن قصد , حول المؤلُف . الملذا. يسخر معلقنا . لم يمد في غابات للانيا 
مجلس ديات راتيسبون بدل أن يمد فيها برلمان انجائرة ؟ » . ولنشر . ونحن ثمر هنا ١‏ + إل يني الشكزة لباه 
: بالجرمانية » أو الغوطية » على مونتسكيو . 

31 أنظر ‏ « تأملات » في د الاعيال الكاملة ؛ 21610 ص : 119 


0441 


غموض : ١‏ أريد . كتب مونتسكيوء أن أبحث في كل أنظمة الحكم المعتدلة التي نعرفها » عن 
توزيع السلطات الثلاث » وأن أحسب من هنا درجات الحرية التي يمكن أن يتمتع بها كل منها » . 
ويضيف . فى النهاية متباهياً . بأنه لا يهب دائيا ه استنفاذ الموضوع . وعدم ترك أي شيء للقارىء 
ليفعله » . إن الامر لا يتعلق بجع القارىء يقرأ . وإنما بجعله يفكر 1.0 . 


الحرية ذات التمط الانجليزي والروح العامة 

تتقيد القوانين » في أغلبية النظم , بالروح العامة التي تختلقها العادات وأساليب السلوك أكثر 
ما تختلقها الاسباب الطبيعية . لكن هذا الوضع ينقلب في أمة جعلت من الحرية الموضوع امباشر 
لقوانينها الدستورية , وتعلقت بهذه الحرية بشكل عجيب » لاخها حرية « حقيقية » . فهنا تفود قوة 
روح الحرية . التي تُعبّر عنها هذه القوانين » كل ما تبقى بدرجات متفاوتة ( وهذا هو موضوع 
الفصل السابع والعشرين من الكتاب التاسع ) . إن الفضائل والعيوب السياسية . الناشثة عن نفس 
المصدر : أي الدستور , تنوازن تلقائياً وتساهم . مجتمعة في اختلاف طابع أصيل وجموح . 

إن الدور الذي يعزوه الولْف للانفعالات وآثارها في الحياة العامة الانجليزية المتمحورة 
حول حزبين : الاول مؤ يد للسلطة التشريعية » والثاني للسلطة التنفيذية » يعتبر نموذجيا في هذا 
الصدد . فبدون هذه الانفعالات ٠‏ ستكون الدولة كرجل « صرعه المرض . ولم يعد لديه 
انفعالات ٠‏ لانه لم يعد لديه من قوى قط» . وبما أنْ أثْرَ الحرية يكمن في تخفيض الحزب الذي 
تفرق كثيراً » فإن الكراهية بين الاحزاب تبقى , لكنها تكون ضعيفة . إن الجسم التشريعي , الذي 
يتمتع بثقة الشعب » يهدىء هذا الشعب : وهذا تماماً عكس ما كان يحصل في الديمقراطيات القديمة 
التي كان الخطباء بهجونها ويدفعونها فوراً للعمل . أمّا هنا فإن للتهيبج , الذي ليس له توابع 
عملية . أثرأً طيباً يكمن في أنه يَشّدٌ ه كل نوابض » الحكم » ويوقظ انتباه كل المواطنين : ألا يعتبر 
هذا الامر ميزة خاصة بشعب حر كان يخغئى , حتى بدون سيب رصين » على حريته ؟ .نا : 

وعندما كان الامر يتعلق بخطر حقيقي : كان تُقلب القوانين الاساسية أو أن تهدد قوة أجنبية 
ما الدولة وتضع ثروتها ومجدها في خطر , « فحينذاك . . . ع حينذاك ( ولتتمسك بالافتراض 
الثاني المهيأ لان يصبح حقيقة مرات عديدة . منذ عام1748 وحتى أيامنا هذه ) » سيتجمع الكل 
متجاوزين الصراعات الحزبية . لغائدة السلطة التنفيذية » « وستتنازل المصالح الصغيرة للمصالح 
الاكبر » . وستضحي الامة من أجل الدفاع عن حريتها . بمالها ورخائها وستتحمل الضرائب الاكثر 
قسوة والتي لن يجروء « الامير الاكثر ممارسة للحكم المطلق ؛ على فرضها على رعاياه . 


الحرية , دائياً . فمن أجل التمتع بها وحفظها يجب أن يتمكن كل واحد من قول ما يفكر 
به . إن المواطن هنا سيقول ويكتب كل ما لم تمنعه القوانين صراحة من قوله أو كتابته . إن أي 
مواطن في هذه الامة التي تسكن جزيرة ( وهذا أمرمهم ! ) لا يمخضع لمواطن آخر . وكل مواطن يقيم 


0( أنظر ‏ الكتاب الحادي عشر ‏ الفصل العشرين . ١‏ 
(2) حول مونتسكيو وفكرة الحزب ‏ أنظر: س.. كونا في «أعهال مؤ تمر مونتسكبو» ‏ بوردو_أبارك195- ص :263-257 


408 


وزناً لحريته أكثر مما يقيم لمجد بعض المواطنين أو لمجد اي مواطن ممفرده . إن المؤهلات المدنية همي 
أكثر إجلالا من المؤهلات العسكرية . إن هذه الامة . الني يتعاون السلام والحرية على تحريرها من 
« الاحكام المسبقة الهدامة » . تميل للتجارة » مستميدة في ذلك من مزايا موقعها المنعزل . قاذا 
أرسلت جاليات لمكان بعيد , فإن ذلك من أجل نشر تجارتها . أكثر مما هو من أجل السيطرة . 

ويبدي مونتسكيو , بعد ذلك . ملاحظات بارعة . بالرغم من قابليتها للنقاش . ومن كونها . 
نوقشت بالفعل !. إنها ملاحظات حول الصلة بين نوع ما من التهذيب ( التهذيب في أساليب 
السلوك وليس في الاخخلاق ) وبين الحكم « المطلق » . ألم يكن عصر تهذيب الرومان هو نفسه عصر 
« إقامة السلطة التعسفية » ؟ ؛ وحول التفضيل الذي يعطيه حكام البلاد الحرة للناس المفيدين » 
المزودين بمؤ هلات حقيقية ( « كالثروات والجدارة الشخصية » ) . وليس للمُتَسَلْينَ : المداهنين 
والمتملقين والمجاملين ؛ وحول ضرورة أن يفكر الافراد » في بلد جر . بشكل جيد أو ردي» . لأن 
الحرية تضمن من آثار هذه المحاكمات الفكرية ( إن العكس تماماً هو الذي يمددث في الحكم 
الاستبدادي : إذ يكفي أن نفكر . بشكل جيد أو رديء . حتى « يُصدم » مبدأ الحكم ) . 

بناء على هذا . يبدو من الطبيعي أن يتكلم الانجليز كثيرا في السياسة » وذلك مع احهال توقع 
حدوث الاخطاء : ألم يخ الدستور لكل الناس حصة في الحمكم وني للصالح السياسية ؟ إن 
مونتسكيو يحرص على أن يضيف لهذا سببأ آخر مأخوذا من المناخ : فقد أعطى الناخ للعديد من 
الناس « روحا قلقة » © , 

لنحاول الآن تلخيص هذا الفصل « الانجليزي » الكبير الثاني من « روح القوانين » . اللي 

غالبا ما كان موضوعا لتجاهل كبير لفائدة الصفحات المشهورة من الكتاب الحمادي عشر. حول 
« دستور انجلترة » . ١‏ 

الطابع الاصيل والجموح في آن معاً : إن الاصالة تتجل أيضاً في أعمال روح ( الناس 
« التأملين والذين فكروا بمفردهم » ) . أما بالنسبة للجموح : (« الامم الحرة . رائعة . أما 
الاغرى فيمكن بسهولة أكثر أن تكون بلا جدوى » ) فإن دستوراً » فزيداً من نوعه في العالم ‏ هو 
الذي كان بمساعة للناخ , المصدر لمباشر وغير لمباشر في أن واحد , لروح عامة بمثشل هذه 
النوعية : ها هي إذن اتجلترة كيا رأتها عيون موت كيو.. إنها . بكل تأكيد . عيون معجّبة . 
بالرغم مس هذ التتحفظ أو التّد الظرني أم ذاك . في,ذلك العصر , لم ينخدع مهاجم حاد ه لروح 
القوانين » ( يُسمّى جروفيبه (عةم96)) عندما كتب بأن الانجليزي يجب أن يكون « مزهواً» 
بقراءته لهذا للؤلف . ا 1 

لكن , عندما يضيف بأن هذه القرامة لم تكن « خليقة الأ بأن تُذِلٌ الفرنسين الطييين » فإن 





(9م يكرر لكلف هنا اذكاراً منصلة في الكتاب الرابع عشر ء الفصل الثالث عشر : الاثار افدي تتجهم عن مناخ 
انجاترة » ص : 257 : و طابع ما من عدم الصبر » . « شعب بتردد باستمرار . . . وقليا يستطيع أن ينام » 
الخ . .. 


429 


قوله هذا هو أكثر قابلية للنقاش . 

الانجليزي المزهو . . . لان أجنبياً . والاكثر من هذا , فرنسياً , كُلْفَ نفسه عناء الانكباب 
على مؤمساته ( سلدد أنه عَلّمّهِ أياها » حسب كلمة اللورد شسترفيلد الى مونتسكيو ) وقام بالقاء 
سلاحه أمام العبقرية السياسية للامة الانجليزية ‏ والقيمة الفريدة لدستورها ! لقد تأر مؤلّف 
« روح القوانين » بلا شك ببعض الكتاب الانجليز : ولا سها بسيدني . ولوك وبولنغيروك 
(ععامءطهمناه8) ( الذي يعود كتابه حول الاحزاب (ىعناتةظ دممنا ومتتممعووز0) لعام1735). 5 
لكنه لم يكن . بدون شك . مترجماً أمناً » بشكل كامل ٠‏ هذا النظام الذي كان يجده جميلاً جد . 
لانه » عل ما يبدو جيداً , لم يتتبه للدور» الناشيء ولكن الاسامي . للحكومة (©0اطده) 
ولرئيسها « الوزير الرئيسي » الذي مِيُسَمُى فها بعد « بالوزير الاول» : ذلك أن « الأنمحاد 
الانسجامي » سيتحقق في داخل الحكومة ؛ ومن خلالها » ومن خلال رئيسها . الذي كان يمكل 
الصلة الشخصية بين الملك والاغلبية البرلمانية . لقد كانت الاطراف المترابطة بشكل متبادل في 
التشكيلة الحكومية ه مضطرة لان تعمل بانسجام » . وبالاجمال , فإن مونتسكيو لم يتنبا » بما فيه 
الكفاية » بكيفية ممارسة والبول(عاهملة/ )5‏ للسلطة . ومع ذلك فإن المفسرين الأقرى حجة ٠‏ 
والاكثر شهرة للنظام الانجليزي سيتائرون بشكل واسم به . ومنهم : بلاكستون(006:ىاعها8) في 
د تعليقات حول قوانين انجلترة ؛(لمقلهمظ ؛ه 5بدها عطا ده ومع مهنم صصه0) الصادرة بأربعة 
أجزاء فيا بين1765 , 1769 . ودو لولم(ءصماما »0) » الجنيفي » في « دستور انجلترة » 
(عدعاءلومة'اعل مدان )كوم2) ( الصاحر في لندن , عام1771) » الذى نمي كثيراً في أيامنا هذه » 
والذي يعود له الفضل في وصف النظام بطريقة مفصلة جداً » وأكثر كبالاً من طريقة سلفه البارز » 
والذي لا يعتبر بالتأكيد تلميذا له « بلا شروط» ٠‏ : 

أما فيا يتعلق بالفرنسيين الطيبين المذلولين , فإنه يجب أيضاً تغذية بعض الافكار حول ما كان 
مونتسكيو يتمناه بالضبط لوطنه . وذلك من أجل تقدير الى أي حد من امبر لهم أن يكونوا كذلك . 
الصيغتان : خلاصة . 

هل كان مونتسكيو ء في الحالة الاخيرة لأفكاره » يرى بأن الحرية السياسية ذات النمع 
الانجليزي قابلة للتطبيق. في فرنسا ؟ أو , بعبارة أغرى ٠‏ هل كان يتصور ملكية فرنسية تمثيلية ٠‏ 
تصبح » بعد قليل'من الزمن » برلمانية » وتتضمن : محساً شعبيا منتخبا » بنفس طريقة انتخاب 
مجلس العموم » وبجلساً أرستقراطياً ورائياً مشابياً لمجلس اللوردات , وملكاً . مشل الملك 
الانجليزي . مجرداً من القدرة على البت في لميدان التشريعي . ومكتفيا بمجرد القدرة على للنع من 





(9) روبرت والبول(1676 -1745) : من حزب الويكز , سيطر خلال أكثر من20 سنة ( من 1721 - للى 1742) عل 
السيامة الانجليزية من خلال تولبه لتصب وزير للالية . وعندما ترك السلطة في 1742 نظرا لفقداته للاغلبية 
الكلفية في مجلى العموم . كان قد تمكن من خلق ٠‏ جنين النظام البرلمتتي » . 

1 حو لجر وثبيه (ة067)) - أنظر : « ملاحظات حول كتاب روح القواتين »عك ع«افاعا مده عومنئهع*00) 
(حضما تمك 6جع"! ذكره : ] . موريل في للرجع السابق ذكره . ص : 143 . 


2430 


خلال حق الاعتراض ( الذي لم يعد يمارسه مذ عام1707) . 

الجواب : « إني لا أرفب قط . . بالانتقاص من أنظمة الحكم الأشجرى ‏ ولا القول بأن 
هله الخرية السياسية القصوى يجب أنْ ١‏ تل أرلتك الذين ليس لديهم إلا حربة سياسية معندلة . 
فكيف لي أن اقول هذا وأنا الذي أعتقد بأن إسراف العقل حتى هو أمر غير هرغوب به داتيً » وأن 
البشر يرتاحون بشكل أفضل ودائياً تقريباً للرسط أكثر من الحدود القصوى » ؟ . لنعترف بأن روح 
الحذر والخداع وبعض الاههام بالمراقبة » تُشْمَمْ من هذه الجمل . ولكن بعد كل شيء . ألم يضع 
مونتسكيو كمبدأ . من البداية » أن القوانين يجب أن نكون مناسبة للشعب الذي سُنْتْ من أجله » 
وأنه سيكون من قبيل « الصدفة الكبيرة جداً » أن تناسب قوانين أمة ما أمة أخرى ؟. 


إن هذا , عل الاقل . أمر مؤكد . فلقد تمنى مونتسكيو , صراحة . لوطنه حداً ادنى من 
توزيع « القوى » , وحداً أدنى من الامن للمواطن . مقابل الاتجاهات الاستبدادية التي كان يتبينها 
فيه » والمنطق المركزي للحكم المطلق . وذلك دون أن يجروه عل الاعتقاد بامكانية وجود نظام 
دجيل كالنظام الانجليزي .في فرنسا » وحرية سياسية كاملة بما فيه الكفاية لمنع كل تهاوز في 
استعهال السلطة . 


ولكن ألم تكن السلطة القضائية مُارس ٠‏ ف الواقع . من قبل مجسام مستقلة ‏ بالرغم من 
أنه كان هناك , قانونياً . إندماج للسلطات بين أيدي المللك ؟ ألم تكن السلطة , بهذا المقدارء 
توقف السلطة ٠‏ في فرنا ؟ لقد كان من المهم عدم الانحراف بأي ثمن عن هذا الطريق المرسوم . 
بل كان من الواجب . بالعكس . توسيعه وتمديده . لنتأمل . بالاحرى , السطور التي تتلو مباشرة 
تحليل ومديح الحرية الانجليزية » والتي أشير فيها لفرنسا بشكل تلميح . (« في الملكيات التي 
نعرفها ؛ ‏ الكتاب الحادي عشر . ٠‏ الفصل السابع ) . 


٠‏ إن الملكيات التي نعرفها ليس لديها ء كالتين أتينا على ذكرها . الحرية كموضوع 
مباشر ها . إنها لا تتجه إلا الى جد المواطن والدولة والامير . لكن روح الحرية التي 
تتجم عن هذا للجد . في هذه الدول ٠‏ مكتها تفل أشياء كيرة أب ٠‏ ويمكنها أن 
تساهم . بنفس القدر . في تحقيق السعادة والحرية . إن السلطات الثلاث فيها ليست 
قط موزعة ومسبوكة وفق نمط الدستور الذي تكلمنا عنه . إن لكل من هذه السلطات 
توزيعاً خاصاً تقترب بناء عليه من الحرية السياسية بدرجات متغلوتة وإذا لم تقترب 
منها فإن الملكية ستتحول الى استبدادية » . ٠‏ 


إنه تنبيه حذر , لكنه مُلِحّ . وهو يتعلق داتباً بنفس الوسواس : هل يمكن لفرنا ان تتجنب 
الحاوية امنثائبة باستمرار ار والتي تهدد . بلا انقطاج » ؛ الامم غير المتعقلة التي متزع كثيراً للاتزلاق على 
منحدر سهل جداً . 

من هذا التوضيح . يُستتتج أن الملكية . برأي مونتسكيو . أي الللكية الصحيحة » الاميئة 
لطبيعتها ومبدثها + بدو نيلة ينين خضي ٠‏ هما مدئ غير متساو ومستقبل غير متساوٍ الاولى 


431 


فرنسية بحتة ء والثانية أنجليزية أو متكيفة مع الانجليزية . 
إن الصيغة الفرنسية , الاكثر ضيقاً . قلما تلجا لخيرة الحرية القديمة » . فنظراً لأنها كانت 
ترجح كفة الفئات ذات الامتيازات » والبرمانات الحارسة للقوانين الاساسية . فانها كانت تعرض 
نفسها للاتهام بالرجعية من قبل النفوس المتقدمة . لا سها وأنها لم تكن تنص عل أي مشاركة 
للاكثرية ( من المواطنين ) بالتشريع ٠‏ وعل أي تمثيل سيامي لهم . 
أما الصيغة الانجليزية , أو المتكيفة معها . فقد كان لما مدى مختلف كلياً : إن القارىء 
٠‏ المتنور» في أواسط القرن الثامن عشر لم يكن بأمكانه إل أن يحكم بأنها جديرة بالانتشار والتقدم . 
إنها لم تكن فقط تضمن حرية الشعب . وحرية كل مواطن ( ٠‏ وأمنه » ) » وإنما كانت تغطي م 
لسلطة الشعب » في شكل جمعية كانت تمثل بطريقة ما الامة ؛ وكانت مدعوة للتشريع ولراقبة 
السلطة التنفيذية ( وذلك يشكل مشترك مع جمعية النبلاء ) . 
إلا أن هذا لا يمنع من كون الصيغتين تَضَّمْنَانَ على حد سواء هذين العنصرين الاساسيين » 
واللذين لا يمكن فصلهها عن بعض . وههما : طبقة نبلاء ورائية , وملك كانت هذه الطبقة تقابله 
وتوازنه وتدعمه وتحتويه في آن واحد ؛ بحيث كانت تشكل قوة مضادة » في غاية الجودة . كا كانت 
الصيغتان تتضمنان على حد سواء ملكية مضبوطة بقوانين ثابتة » وبالنالي مستقلة عن الارادة الكيفية 
والظرفية للسيد . وبعبارة أخرى » فقد كانتا كلتاهم| تعبيراً عن الحكم المعتدل : الحكم الذي يضع 
الخبر السيامي « بين حدّين » » ويحترم الوسط العادل بين السلطة والحرية ( أو عل الاقل ه روح 
الحرية » هذه الجديرة بأن تقوم مقام الحرية نفها , الى حد ما ) ؛ الحكم الذي لا يعرض نفسه 2 
بشكل خاص ء لأن ينحدر في أحد الحدين المتطرفين اللذين كان مونتكيو يخشاها . وهما : 
الدولة الاستبدادية والدولة الشعبية . 
وبالاجمال . فإن كلاً من هاتين الصيختين كانت تعكس . على طريقتها ‏ اللزلج السياسي 
للمؤلف : وهو مزاج ه طبيب صحة إجباعية » كان بعيداً جداً عن تقويض المؤسات القائمة ١‏ 
لكنه كان حريصاً الى أبعد حد على أن يوقفها على منحدر فسادها , وعلى أن يعالج ٠‏ بشكل خاص 
جداً » بعلاجات مناسبة ( تأتي في مقدمتها المقاومة الارستقراطية ٠‏ الضمانة الثمينة للحرية 
الدائمة ) الامم الملكية التي تواجه خطر الاستبدادية ٠‏ 5 
في نفس الوقت » كيف نشك بأن روح « الانولر» كانت تعصف لدى هذا للعتدل , هذا 
المحافظ . الذي . وهوه المتور» بحد ذاته » كان يتمنى ويجد من الحسن أن يكون الشعب متتورا 
كذلك . والذي كره ( وقد قال,ذلك ) العيش « في زمن الجهل  »‏ ولكن الذي . وهو الغريب عن 
كل نزعة تبسيطية وكل إسراف فكري . حتى ولوكان عقلانيا » لم يكن لديه ثيء من صفات رئيس 
حزب ٠‏ أو مناضل من أجل قضية حزب . حتى ولو كان هذا الحزب هو الموصوف « بالفلسفي » ٠‏ 


1) انظر مفالة ج . ج . شوفالييه بعنوان د الصرختان » التي نشرت في « للجلة الدولية للفلسفة »بروكل ‏ 1955 - 
المددة ,4 -ص :331 . 


432 


وحنى ولو كان بقصد الارتقاء « بسياسة العقل »ده . 
مشوباً بالنزعة الفلسفية والعقلانية . وكذلك باعتباره صادراً عن ه عدو لاهوتي » . وهذا سواء من 
قبل الجنسينيين(054015]65هزوم!) ( بحدة ) في « الكنسيات الجديدة » . أو من قبل اليسوعيين 5مم) 
(وء!انندمز ( باعتدال ) في صحيفة تريقو . وقد كان على مونتسكيو أنْ يكرس كل اهتاماته من أجل 
كتابة د دفاع عن روح القوانين ‏ (وذه! وعل اأ#مكظ'! عل عكمء/004 . 
وقد ظهر هذا « الدفاع » . بدون إمم مؤْلْف . في شباط1750 . وكان متلالئاً . لكن 
السخرية والتهكم فيه لم يُْد لا الى تكريس قيمة كرامة وعلو نبرة مونتسكي و( ومع ذلك . فإن من 
الممكن أن نتوقع بان هذا الدفاع سيسبُب لمؤلفه ضرراً أكثر مما يسبب له من ير لدى اللاهوتيين ٠‏ 
والناسكين في إثرهم , وأنّه لن يمنع إطلاقاً الادانة الصادرة عن أبرشية أندكس(:0806 في29 تشرين 
الثاني 1751 2 
لقد كان مونتمكيو يسخر قائلاً: « كيف يمكن أن ناخذ عليه أن يكون . في نفس الوقت . 

وبشكل تناقضي , تلميذاً للملحد سبينوزا ومتشيعاً للدين الطبيعي . هذه الهرطقة للنبوذة القادمة 
من انجلترة . ( د إن للؤلف لا يعرف قطما إذا كانت انجلترة مهد الدين الطبيعي . لكنه يعرف أنها 
لم تكن مهده هو» ) . ويقوم مونتسكيو بهجوم مضاد على اساس التشهير يستشهد فيه بجمله 
الخاصة بفصول مؤلفه المخصصة للدين . ويحتج بأنه لم يكن لاهوتياً وإنما ه كثتباً سياسياً » و 
: فقيهاً » . وإنهم أرادوا أن يجعلوه لاهوتياً بالرغم عنه » وأنهم جروه بالقوة الى ميدان كان يرفض 
الدخول اليه صراحة , ويتكره : ألم يكن قد أعلن في الكتاب الرابع والعشرين أنه لن يبحث في 
الاديان . إلا بالنسبة للخير الذي يُستخلص منها ني « الحالة المدنية ؛ . أو بعبارة أغرى , باعتبارها 
مؤسسات إنسانية ٠‏ وفقط وفق طريقة تفكيره إنساتية » » وليس أبدا ‏ في علاتتها مع حقائق أكثر 
سمو » ؟ ألم يكن الاجدر ببؤلاء اللاهوتيين المحترفين ( وهي حرفة لم تكن حرفته ) أن يشعروا 
بأنفسهم « يشمن » الاشياء ‏ الجميلة جداً » التي قالها لصالح الدين السيحي ٠‏ بدل أن يهاجموه بمثل 
هذه الحدة ؟ © . 


(1) تتظر : ب . غر وكلود(علسعططك 0 .2) - ٠‏ مالزيرب ٠‏ شلعد ومترجم عصره ٠ك‏ امسا حا سطمعلع 04 
(78ه 200 عل عا6[كصلاتذ - بلريس - متشورات لوحا هة”! -1961 ص -361 . 

(وم الجمميلة جداً في الحقيقة : ومتها على سبيل لثتال ما قاله ني الكتغب الرابع والمشرين ٠‏ القصل التالث : « إن الدهن 
للسيحي ٠‏ الذي لا يدو أن له موضوعاً غير السعادة في الحياة الاخرى ٠‏ يصنتع أيضاً سمادتنا قي هذه الحراة ٠‏ وهذا 
أمر مثير للاعجاب » . لكن للْشنّمِين عل لوقف كقوا يريدون أن يمتقدوا بأن موتكي و كتب هذه الاشياء اللمميلة 
جداً من باب التكر ء. « ومن أجل أن يخىء نمه » . وسيقول اليير سوريل في هذا الصدد ء وبعمق : « إن 
موتكيو اتتصر ( قي دفاعه ) على أغلبية الاتقادات التفصولية » لكته لم يكن قطاعل حق فها يتملق بالاتتقادات 
الاماسية . القد كان عليه . من أجل أن يثبت لرتودكسيته ٠‏ ويؤكد خضوعه . أن يتكر لدأ روح القوانين 
تفسه ء وأن يحرق نصف لولف . لكته لم يتلم قطهذا الامره . 


033 


لقد كان هذا الدفاع متلالثا . وبالرغم من أنه غير فعال » لم يكن يستطيع إلا أن يكون 
كذلك . لكن فضله يكمن في أنه ألقى توضيحات إضافية حول تقبيم مونتسكيو الاجمالي للدين : 
وهر تقييم ١‏ إيجابي إجمالاً » ؛ ويتجاوز ( عل حد تعبير س . كوا ) الانتقادات التي وجهها لدين 
متحول الى خخرافة أو منغلق في طفوسية شكلية وبلا روح » ٠‏ 

لقد كان هذا الدفاع متلالثا . لكنه لم يكن قابلاً كثيراً , بالتاكيد . لان يرضي الفلاسفة ذوي 
التقيد الصارم : هؤلاء المناضلون ١‏ من جهتهم , ني سبيل العقل , والمقاتلون المنخرطون في 
العمل , والذين لم يكن لديهم ما يفعلونه بالموقف المتميز جدا ل المنفصل جدا , على الاقل » ف 
التعبير . والمعادي جداً للاسراف ( لتكرر ذلك ) » هذا الموقف الذي كان يميز ويضع جانبا الرئيسر 
مونتسكيو » النبيل والبرلماني 01 5 





ل نجد نص ه« الدفاع عن روح القوانين  »‏ ني طبمة دوراتيه ‏ للجلد الثاتي - ص : 410 وما بعدها . 


434 


الكتاب الخامس 


الفصل الاول 


الانوار أو سياسة العقل 


كل هله الفلسفة الكبرى التي فعلت . بالاجمال , أكثر من 
لوثر وكاللن » . 

أ . ريتان . 

« إن الفلفة السياسية للانولر تتردد » في تطلماتها الأعم » 

يين الامتبدادية للستتيرة » والاصلاح ذي الننط الانجلمزي 6 : 

ب . فيرنور . 


عاك كدي 
معركته 
« إعتبلراً من عام 1751 حدثت ظاهرة نش رلا نظير لها . إن ما كان يجتر في الظل أخذ ينمو في 
وضح النهار . وما كان يُعتبر تأملاً لبعض الشخصيات النادرة ٠‏ انتشر في أوساط الجماهير . وما كان 
خحجولاً أصبح عحرضاً » . بهذه العبلرات يتصدى بول هازار, محلل الازمة الذي نعرفه » لدراسة 
الفكر الاوروبي في القرن الثامن عشر . من مونتسكيو الى ليسينغ لهدنهد م0 . إن النشر المقصود هنا 
هو نشر للواضيع الكبرى للهرطقة : الفرد , العقل . الطبيعة ١‏ عرسي ارايت 
أصبحت . من الآن فصاعداً » مكتسحةء وأعلاماً فخورة منشورة تتفرقع في رياح القرن . لقد 
أصبحت . حقيقة » » عمرّضّة ولم تعد تخشى وضح النهار. بالرغم من الاخطار التي ما زالت 
جدية . إن وضح النهار هو . وضح مار الاتولر الذي فرضى نفسه من أجل تعميد ظاهرة ثقافية لاا 
يحهل أي شخص مدى الاهمية الكبيرة التي ستكتسيها بالنسبة للحضارة ( وهذه الكلمة الاخيرة هي 
بحد ذاتها من الكليات الجديدة جدا التي ظهرت في ذلك القرن ) . 
الانولر التي تعني بالمرنية(قت” تغندس! ع) » وبالاتجليزية( لمعدصص تتهخلصة1) ٠‏ 
وبالالمانية لهودمعقاسهة) , وبالايطالية (متسعندنسيظة1) . وبالاسباية (ع»سا عه . إن 
الظاهرة , كالازمة التي انبثقت عنها , تخطى الاطار القومي . إنها ظاهرة أورويية . صحيح أن 
مته في كل مكان هو عكس الظل والظلام » عكس الظليات التي كان الفكر الاعمى يتطس فيها . 
فريسة للجهل « وللاحكام للسبقة » « والخراقة » . إنه عكس » يعود لكل فرد أن يكتسيه بتفسه 
3 ولتغه . وذلك بفتح عيون الروح ء بالذات , بأكبر ولوسع ما يمكن ‏ 


436 


إن أمانويل كانت(؛مم؟ اعناه هدعم ع) سيتساءل في عام1784 . ما هي الانوار ؟ وسيجيب : 
وو 0 وسو وزو زو اووس و 
عدم الاهلية الإستخدام فهمه بدون توجيه من الآخرين ؛ سن القصور الذي يعتبر هو نفسه مسؤ وا 
عنه ٠‏ لآن سببه يكمن ليس في عيب في الفهم . وإنما في نقص بالقرار » وبالشجاعة على استخدام 
الفهم » بدون توجيه من الآخرين » . إن الفيلسوف الالماني سيعطي وهو يستشهد 
باوراس(1106266) » وينظر تقريباً للماضي ؛ شعاراً للانوار » هو : « تهرأ على المعرفةع”عجد5) 
(علناع » وليكن لديك الشجاعة على استخدام فهمك الخاص بنفسك »دا : 


وهو بنظر تقريباً للماامي : لأن « كانت » عندما كتب في عام1784 . كانت أورويا للستنيرة 
قد أصبحت فعلاً حقيقة قوية » وتسير في اتجاه لا عودة فيه » وذلك بفضل جهد النشر الضخم الذي 
يُسمى في أيامنا هذه « بالدعاية » أو بمزيد من الدقة ‏ بالدعاية الايديولوجية » أو دعاية المعركة 
الايديولوجية . 


معركة : يقودها من . وضد ماذا . ولماذا » وبأي وسائل نشرء ومع أي حلفاء ؟ . 


من يقودها ؟ بالدرجة الاولى , أولئك الذين يُسَمُون بالفلاسفة . بالمعنى الخاص جداً الذي 
تعنيه الكلمة في ذلك العصر . ذلك أنه لم يكن هناك . في الحقيقة » من شيء غريب عنهم أكثر من 
التجرد د الفلسفي » والرصانة « الفلسفية » لقد كان التأمل البحت أقل ما كانوا يقومون به ٠‏ وقد 
رفض أكثر من حَكُم متشدد . في المستقبل , أن يعطيهم , بحق أو بخطأ . صفة و فلاسفة ». 
ولم يخصّهم بالضبط إلا بصغة « الادياء » ٠‏ وعند الاقتضاء « بالادباء الفلسفيين » ( عل حد تعبير 
أ . كورنو) . لقد كان الاديب . في القرن السابق . أي قرن ديكارت وسبينوزا مير بعناية عن 
الفيلسوف ؛ وكان العقل الفلسفي بالضبط يعتبر نوعاً من التخصص التقني . إلا أن أديب ‏ قرن 
الانوار» يستحق ؛ عل حد قول فولتير . أفضل من هذا اللقب » الادنى أهمية لان عقلاً و عميقاً 
وصافياً » يطبع مناقشاته ؛ ولآن ه روحاً فلسفية » حقيقية ُكَوّن . على ما يبدو, طبعه . إن 
الفلاسفة , في أيامنا هذه ٠.‏ سيوصفون بأنُم مفكرون أو مفكرون ملتزمون . فهم يعتزمون التأثير 
في هذا العالم . ويريدون أن يكونوا حاضرين فيه للحد الاقصى » وأن يعملوا فيه باسم العقل من 
أجل تحقيق أكبر فائدة لامثالهم من البشر " . إن لديهم اعتقاداً راسخاً يحركهم بقوة ٠‏ ويتمثل في أن 
هم قدراً خاصاً : هو القدر الذي تلخصه في عام1780 عبارة ليسنغ  :‏ تربية الجنس البشري 06© . 

ضد ماذا كان هؤ لء المقاتلون أو المناضلون يحاربون ؟ ولماذا كانوا يناضلون ؟ 

إنهم يعتزمون التحرر من نيرعدة أشياء » من نط تلك التي كان باسكال وبوسييه مُجّدانها . 





(!) انظر أقوال د كانت ؛ في ج . غيسدورف( المرجع السابق ذكره ‏ الحاشية 29‏ الفصل الثاني الكتاب الرابع ) . 

(© انظر غيدورف ص :490 ومايليها . 

(9) « كمثل العقل بالنسبة للفيلسوف ما تمثله النعمة الالحية بالنسبة للمسيحي . فكها نحتم النعمة عل المسيحي أن 
يعمل . يحنم العفل عل الفيلسرف أن يعمل » ( كبا جاء في مقالة « فيلسوف » في ه الموسوعة ٠‏ ) . 


007 


من نبرالماضي بصفته تلك ( حتى ولوكانت دراسته قد تمت بتحكم وشخف على يد كناب » من أمثال 
ثولتير » وسّعوا التاريخ وجدّدوه . لكن سلطة المثال والتقليد والعادات هي التي وَعْيعَتْ موضع 
التسلؤ ل ) . ونير الكنائس . وبالمقام الاول الكنيسة ‏ باختصار ؛ ونير اخرافة واللاهوت » إلا إذا 
كان هناك احتال لظهور « علم إي » جديد ومتفتح جدا ؛ ونير الاخلاق المكتسبة » وذلك بالمقدار 
الذي تصطدم فيه وجهاً لوجه مع الطبيعة ( وبالمقام الاول ما يتعلق منها بالعلاقات بين الجنسين ) ٠‏ 


هل يجب القول أن هذا يعني رفض الدين بحد ذاته؟ أبداً 2 إلا فها عدا بعض 
الاستشناءات . إن الدين الْنْزّل أصبح موضوعاً للشك , لكن الدين الموصوف بالطبيعي يتمع 
بحظوة كبيرة . لقد إزدهرت مذاهب التأليه . وفي فرنسا » بشكل خاص ٠‏ أصبح ١‏ اللادين » 
العلامة الاساسية لعصر الانوار . وجرى التهجم عل المسيحية بحد ذاتها : أما في البلاد الاخرى » 
فإن هذا لم يحصل , بصفة عامة . 

وفبا يتعلق بالمجتمع والدولة ء هل كان الامر يتعلق أيضاً بالتحرر من نيرهما المزدوج ٠‏ 
وبرفض المجتمع بذاته . والدولة بذاتها بسبب أجهزة القهر , وشبكات الاخضاع والاكراهات 
المتنوعة ؟ لا . لا حتى بالنسبة للملكية بذاتها . وهي النموذج الاكثر شيوعاً « للحكم القائم » 
( ولكن نعم . ونعم بالتأكيد ! بالنسبة « للحق الافي » , هذه الزائدة البالية للاهوت القديم ) *" . 

وفها يتعلق بالللكية الخاصة في ذاتها . فإن وضعها موضع التساؤ ل ٠‏ لم يكن , ولا سها في 
فرنسا وإنجلترة » إلا من باب الادبيات الْعُيّرة عن تهورات معزولة » وأطياف وأحلام وطوباويات 
تسير في خط توماس مور وخلفائه . إل أنه لم يكن لها . في ذلك الحين , أي تأثيرعلى الواقع ‏ . 

إذن » لماذا هذه المعركة الحامية . وهذا النشاط المكثف ( وهذا الميجان ‏ والتعبير ليس مبالغاً 
فيه النضالي ؟ ) '. 


إنها من أجل نظام المعتقدات الجديد الذي تُعَرْفهُ الكلمات الاساسية الجديدة » أو البطاقات 
المجردة التي أضفت عليها الطموحات المسيطرة في ذلك القرن 2 قيمة شبه صوفية وأتقلتها بالمعاني 5 
إن التحاليل الاكثر تنقيباً , والاكثر عمقاً . والاكثر براعة » والعائدة للمختصين الاكثر تأهيلا في 
أيامنا الحاضرة . لم تبالغ كثيراً ني سعيها لتوضيح المضمون الملموس لفكرة العقل » وفكرة الطبيعة 
امرتبطة بها ء وفكثرة السعادة » الغاية السامية التي سيضمنها [يان متزايد بفكرة التقدم ( الي ما 
زالت في حالة صيرورة ) » الوجه الديناميكي للعقل . وهذا دون نسيآن الفرد » السائر في طريق 
الانعتاق » في العديد من الميادين منذ بداية عصر النهضة » والذي اتمهت الروخ الاكثر شرعية في 





5 )131- 117 : ص‎  ) حول الدين  أنظر : ب . هازار( « الفكر . . » - جع السابق ذكره‎ )!١ 

(ه) إن الإلكية , ( كما يقول ب . هازار في الفكر . . . ص :179) كانت ٠‏ حاجزاً لا مكن تجلوزه » » ولم يكن بتطلع 
الى قلبه أو زعزعته إلا بعض الجسورين . والاطفال الضائعين ؛ . إن الفس ميليه (كفلة046) وخاصة موريالي 
(نرلك840) الذي ألْف في1755 « مدونة الطبيعة أو الروح الحقيقية لفوانينها » هما من بين هؤلاء الجسورين : إن 
الفارىء سيلتفي به في المجلد الثالث من هذا المؤلْف ( في فصل - ولادة الاشتراكية ) . 


438 


عصر الانوار ( والمكبوحة مع ذلك بتيارات أخرى ) لتحديد كل ما يتعلق بتنظيمه الاجتاعي 
والسيامي ‏ وذلك بعكس النظرة القديمة , والمستقبلية أيضاً له كمجرد د أداة » أود وصيلة » . 

ماذا سينجم عن هذا النظام الجديد للمعتقدات , وبشيء من الوضوح والدقة » بالنسبة لا 
يتصل بحكم البشر ؟ أَنْ المواطن يحب أن يحل حل الرعية . وأن كل سلطة تعسفية , مرتبطة بالحكم 
الاستبدادي أو بالنظام الذي ليس له قاعدة ولا قوانين » والذي استهجنه مونتكيوء يجب أن 
تُستبعد . وأنه يجب على كل ملك أن يقوم بالاصلاحات التي يمليها العقل بهدف تحقيق سعادة 
الافراد والشعوب . إن كلمات : الانسانية » وحب البشر . والاحسان » ا التي هي من كلمات ذلك 
القرن ( مثل كلمة : الحضارة ) تعطي لهذه الدعوة الاصلاحية مضموناً دقيقاًبما فيه الكفاية . وإن 
الحرب بين الامم 2 تبدر . من خلال هذه الكلمات ٠»‏ مُدانة تماماً وأمثل عدم السائح فى لليداة 
الديني . كما يبدو من الضروري جداً التوفيق بين « حب الوطن » وما يُسمى بالنزعة « العالية » 
للانوار : لقد أصبح اللعب يجري . بطيب خاطر . بفكرة ٠‏ مواطن العالم » . وبفكرة « السلام 
الدائم ( التي سيريط بها القس سان بيير(ء2:65 -1ن0نة5 6اط1.'4) . منذ عام1717 . إصمه 
بإصرار » والتي سيتناوها « كانت » ثانية في المقالة(6)نه:1) الشهيرة » في عام 1795 .٠..‏ (رهر 
القارىء الشغوف للمقتط ف (انه:)<8) الذي كتبه روسو حول ه« مشروع 6 (8064) القس سان 
عير ) 1. 

وأي وسائل نشر كانت بحوزة المقائلين ؟ 

هنا سيأخذ كل بروزه التاريخي , كل من هذا المشروع القومي لمكتبي » الذي سياخذ شكل 
قاموصس وسيسمى بالموسوعة (1'806[01066016) . وهذا التنظيم الدولي . المكون من جمعيات » 
يقال عنها أنها ه فكرية  »‏ وتتجاوز الحدود , والذي يُسمى بالماسونية(10عمههوهم -ءمه8) . 
الموسوعة 

كانت الموسوعة أو القاموس المدروس للعلوم والفنرن والمهن , التي ظهرت الاجزاء السبعة 
عشر منها . بين عامي 1751 و1765 » وسط أحداث طارئة مهمة جداً ٠‏ قد ولدت من نموذج 
إنجليزي : هو دورية شامبر ز(#55تصقط0 عل دنلعوم5اءاء ها) (1728) . ففي عام1737 إفترح 
راسي (لإهدسهة) , الرئيس الاعل للتنظيم الماسوني ‏ الذي كان شامبرز يتتمي اليه ٠‏ رسمياً » 
إصدار مؤلف أكثر كالاً . تُجمّع فيه ه أنوار كل الامم » . ووجه دعوة للعلماء والفنانين من مختلف 
المحافل في كل أوروبا . من أجل أن يجمعوا . بصفة مشتركة . المواد اللازمة لما سيكون « قاموساً 


(1) حول الطبيعة ‏ أنظر : ج . اهيرارد(لكدعط8 .0) د فكرة الطبيعة ني فرنا في النصف الاول من القرن الثامن 
عثر ) مدعنائفط -عثل نل عناامص عغنصعم ها حمعل معهدم"! نت متنحمل( عل 0066 (مروغطامناط 06 
(علعغنة وع0ناا15 5ع اناهاط /نهانمىعنهنا باريس -1963) . وحول المعادة : أنظر : ر . مرزي(تسماطة .0 
د فكرة السعادة في الادب والفكر الفرنسيين في القرن الثامن عثر ماع عتنقه165لنا ها مهل تنعط مط نال 66ل 0 
(ملءؤنة 61/1118 ننه ومكندوصد6 كمع هار اطروحة في الأداب ‏ باريس 1960 منشررات5نا00 -1960 - 
حول النزعة د العللية ؛ انظر ج . غيسدورف ص : 349 وما بعدها . 


439 


ثاملاً لكل الفنون الليبرالية ولكل العلوم المفيدة » . 
إن من غير المؤكد قطعاً أن يكون ديدرو(]014:0) ودالمبير(,ع6مءل0'4 قد اعتزما ١‏ 
بانكبابهها عل الموسوعة الفرنسية ٠‏ تحقيق هذا المشروع الماسوني . إنما المؤكد هو وجود وحدة في 
الالهام بين فلاسفة الانوار والماسونية » ووجود أخوة بينهم في المعركة الضارية القائمة من أجل 
القضية الحقة ١‏ وكذلك أهمية مثل هذا المشروع لمثل هذه المعركة 3 


إن الامر يتعلق . بدقة » بدليل ٠‏ مُنْظُم وفق ترتيب أبجدي , لمكتسبات المعرفة الانسانية 

الوضعية . إنه عبارة عن كشف حساب ختامي أوه جرد لم هو معلوم » ( على حد قول ب . هازار ) ٠‏ 
إنه جدول عام بجهود البشر « من كل الاجناس , وكل الفرون » . إنه الجدول الذي يجب أن 

يُستخرج منه ويتفجر التقدم الذي لا يُقهر للانوار . إنه انتصار العقل على كل العقبات . ويعلن 
ديدرو في المقالة المعنوية ّ الموسوعة « يجب فحص كل شيء 3 وتحريك كل شيء بلا استثناء ولا 
مجاملة . . . ويجب ازدراء كل هذه السخافات القديمة . وقلب الحواجز التي لم يضعها العفل قط : 
واعادة الحرية للعلوم والفنون ؛ الحرية الثمينة جداً بالنسبة لهاء . ولكن أي جُرأة في الفكر كان 
يفترضها هذا الامر !. وألا يعود إل ه لقرن فيلسوفي» غريب عن جُبْن الذوق أنْ يحاول إيجماد 
موصوعة ١١١‏ . 

إنه لتمديد لفكر ديدرو أن نقول : بأن مثل هذا المؤلْف لم يكن يستطيع إلا أن يركز على قم 
قرن كهذا ؛ أي عل القيم « الحديثة » . عل المنفعة . على نشر المعرفة وجعلها شعبية ٠‏ وعل أولية 
الانسان . 

المنفعة > ألم تكن هذه الفنون الميكانيكية المجهولة كثيراً أو المحتقرة في عصر الاختراعات 
المشهودة : كآلة الحياكة وآلة الغزل والآلة البخارية ( التي جربها ج . وات:3.7/91) ) تستحق أن 
يعطى ها انتباه وتقدير جديدين : إنها ستنعكس عل أولئك الذين كانوا يعملون بها . وعل ورشاتهم 
وتقنياتهم . إن المجتمع سينصف أخيرا هؤلاء الحرفيين الذين كانوا يقدمون البراهين للشيرة 
للاعجاب على « بصيرة العقل وصبره وموارده » ( على حد تعبير دامبير ) . إنه سيكُفٌ عن احثقار 
الايدي التي كانت تخدمه بهذا الشكل الفيد . 


نشر المعرفة وجعلها شعبية : 

فمقابل باطنية وأنانية الاختصاصي » كان الامر يتعلق باعادة المعرفة الى الدائرة الاجتاعية 
التي لم يعد باستطاعتها ( كبا أصبح يُظَنْ من الآن فصاعداً ) أن تتفتح وأن تشع خارجها . لقد 
أصبحت فكرة الفلسفة الشعبية فكرة عزيزة في عصر الانوار سواء في المانيا أم في فرنسا : لقد طالب 
ديدرو بتقريب الشعب ١‏ من النقطة التي يوجد الفلاسفة فيها » 5 أي نقطة ؟ ها ليمت قطما 
البحث العقيم عن المجهول , ولا السعي وراء للميتافيزياء البالية التي لم تكن ( حسب تعبير 


(1) أنظر دبدرو في ١‏ للوسوعة  »‏ نصوص متارة ( مقدمة وتعليق ١‏ . سوبول(انعن50 .8) باريس -54100003 -1962 
علمتعمة ‏ ص : 89-87 . 


كوندياك (عدلانكمه©) الذي يعتبر استمرارا للوك ) هي الميتافيزياء الجيدة . إنبا بالضبط د جرد ما هو 
معلوم  »‏ : المعلوم الْرَنّب عقلانياً . إن العمل الموسوعي هو عبارة عن « امتلاك فلاسفة القرن الثامن 
عشر لعالم. سيبقى بحد ذاته مجهولاً ٠‏ فيقبلونه كا هوء ويتخلون عن إدراك حقيقته العميقة » 
( ب . غرويتويسن 8ع#لاناطاع660 .8) . إنهم يدركون ويكدُسون الوقائع ‏ « الملاحظة حسب 
الاصول » . ويُستخلصون معطيات علمية , ويُرئّبون هذا الكل القابل للمعرفة والمعلوم . وهكذا 
يتحول . بواسطتهم . « عالم المواد . . . الى شيء ما يدركه الانسان . ويكون له » . 

يدركه الانسان ويكون له : وهذا يعني بعبارة أخرى : أولية الانسان . فعليه » وهو الكائن 
الذي يحس ويتأمل ويفكر . ويتنزه بحرية على سطح الارض كما كتب ديدرو في المقالة المعنونة : 
إنسان(00226!!) - أن يبني بقواه فقط . وبمساعدة الفلسغة التي تتكفل بجعله أفضل أو أكثر سعادة 
« أثناء هذه الحياة العابرة  »‏ مدينة البشر . المدينة المتمقة مع العقل والطبيعة . والتي تتخذ من 
دراسة الانسان الموضوع الاكثر نبلاً لما , دخان لنقة لوست الأ لويد و للسية بلرو» كينا 
صنع الجوارب أو لمختلف أساليب « تفصيل قميص » ثمنه ( على حد التعبير الساخر لأحد خصوم 
الفلاسفة ) ؛ لكن الفكرة التي كان بإمكان الموسوعة أن تُعطيها للقارىء عن الانسان وطبيعته وغايته 
كانت مع ذلك أكثر أهمية " . 


1: وهذا ما كان يراه بالطبع , القائمون بهذا المشروع الكبير أنفهم . لان طموحهم لم يكن 
شيثا أقل من تغييره الطريقة المشتركة للتفكير » . إن الموسوعة كانت تَّبرز باعتيارها إحدى المناورات 
الكبرى للفلسفة . وأكثر من ذلك :باعتبارها ( ى! قيل غالبا ) و حملة صليبية » حقيقية لهذه 
الفلسفة . حملة موجهة بالمقام الاول ومن خلال المراوغات والاقنعة والحذر والمكر والاسلوب 
البارع في الانتقال من موضوع لآخر . والسذاجة المزيفة العَوْضَةٍ ه للجرأة الواضحة  »‏ ضد العدو 
الذي يجمع إسمه فقط . وبلخص . كل بواعث الكراهية : ألا وهو الكنيسة الكاثوليكية . إن هذا 
الاح لوي وكا مرجع 
ويسجل ٠‏ 

500 . إن الامر كان يمري خلافاً لذلك ٠‏ في الميدان السيامي والاجماعي . أَلْنْ 
يسبتنكر البعض بالمقابل خوف وحذر المؤّلْفِين ؟ . أن يقول رو بسبيير نفسه في خطاب شهير استهدف 
فيه الموسوعيين صراحة بأن حقوق الشعب » ؟ . إن النقد الاشتراكي أو القريب من الاشتراكي ٠‏ في 
أيامنا هذه » سياخذ . بطيب خاطر . عل هؤلاء البرجوازيين الملأكين أغم وعقواء غالبا 
كمه عل التنايا السياسية المملية 4 . بالرقع من تأكيدهم للنعقرق العلنة للسقل في سياقة 


(9) انظر ب . هازار ‏ المرجع الابن ذكره ‏ الجزء الثاني ص : 271-115 . 

(1) حول الحرفيين ‏ أنظر دالمبير في « خطاب تمهبدي للمرسرعة ‏ (عنه4ممكنرءمع'! عل عمنهمتسنافمم وكنمعو01) 
بلربس » #فطنه60  1965-‏ ص : 54 . وب . غروينويسن ( أصول الروح البرجوازية في فرنسا . المجلد 
الاول : « الكتيسة والبرجوازية وها اء عدتلعو'آ 1٠١‏ 1006 .ممصم ده كتمعوعنهوطة انعجى ٠١‏ عل كعم تو 0) 

(6نةاوموعن0ط باريس -لتهدتفاله © طبعة جديدة في1977) . 


441 


المؤ سات . لقد كان امتلاك كل فرد لأمواله المكتسبة شرعياً . بشكل جادىء, يُعتبر من جانبهم ١‏ 
مطلباً » شبه مقدس . نودي به في البداية ضد الملك المطلق ( لنقرأ في هذا الصدد : مقالة الملكية 
التي كتبها مؤ لفت مجهرل ) ٠‏ 5 


الحلف الماسوني 

إنتشرت الماسونية كما سيكتب ج . غيسدورف(:006وناق .6) -« في المجال الذهني لمذهب 
التأليه المحب للانسان(عداوةممعطاصهانهم ماعل عمل) الذي رشحت نفسها لتحقيق برنايجه . ولم 
تعط لنفسها وجهاً ححديثاً إل ف القرن الثامن عشر» . 

لقد أصبحت هذه الحركة » الانجليرية في أصوها . أوروبية بسرعة . بل وحتى أكشر من 
أوروبية . إن مذهبها.التأليهي الذي يعترف بوجود مهندس كبير , منظم للعالم » يستبعد ٠‏ من 
حيث المبدا , الملحدين : لأنه يفترض في كل البشر الاتفاق على دين « عام؛ ( أو لنقل : دين 
طبيعي ) . لكن الفكر الماسوني . من حيث جوهره , يرفض كل ما يقسم البشر ذوي الارادة 
الحسنة , والمدعوين لأن يبنوا مع بعض الجمهورية العالمية « للاخوة » . والذين تشكل مصلحة 
الجنس البشري همهم الوحيد. إن من الممكن أن نصدق فالك(طلقة!) في « المحاورات الماسونية » 
(كعنوتددموهص 5عنهوملدة0) للمسنغ (1778 -1780) الذي يُعرّف , رداً على سؤ ال صديقه أرنست 
(:كمع) » الماسونيين وأهدافهم وفائدتهم ٠‏ بأنهم أولشك الذين « يتجاوزون في أنفسهم . 
ويعملهم ٠‏ الانقسام الذي يثيره بالضرورة بين البشر وجود الدولة والدول . . . وذلك دون الاضرار 
بالدولة والدول » . وكضمانة لهذا المشروع يُعلن فالك المبدأ الاسامي للم سونيين , الذين لا يمعلون 
منه سرا ٠‏ وإنغا يرفعونه دائياً » بالعكس ؛ أمام أنظار العالم بأسره ؛وهو: أن يقبلوا في تنظيمهم أي 
« إنسان شريف » . وقادر على أن يكون جزءا منه . مهما كانت أمته ودينه وطبقته الاجماعية . إن 
المقصود . بكلمتين . هو إحلال شعور الاخوة محل البرودة والتكتم وعدم الثقة التي يُولدها , 
بشكل طبيعي ٠‏ بين البشر وعيهم لاختلافاتهم ( هذه الاختلافات الني تم تجاوزها » من الآن 
فصاعداً نتيجة انتائهم للمؤسسة الماسونية ) . أي بديل افضل وأكثر ضمانا للسعادة بالنسبة لكل 
فرد » من هذا ؟. وماذا تُجُمُع الدول البشر إن لم يكن من أجل ه أن يتمكن كل فرد بواسطة هذا 
الانحاد من التمتع ٠‏ بشكل أكثر أماناً وأكثر كبالاً . بحصته من السعادة » بحيث تنشكل سعادة 
الدولة من مجموع هذه السعادات الفردية ؟ » ويعلن الماسونيون إن من غير الممكن أن يكون هناك 
شكل آخر لسعادة الدولة ورخخائها : لان كل شلك آخر يتضمن بالنسبة لأعضاء الدولة « إلزاما 
بالمعاناة » حتى ولو كان قليلاً . يُعتبر بكل بساطة . شكلا للطغيان » . 

وإذا عدنا الآن للكليات الاساسية التي أبرزناها سابقاً : الانسانية » حب البشر » 
الاحسان . وف إثرها الاخلافي ٠‏ النزعة العالمية » وإذا رجعنا الى مذهب التأليه ( وبالضبط : 
الحب للبشر ) في ذلك القرن ؛ فإن من السهل أن نفصور أي أداة فريدة من نوعها لَِشر 


(1) مقالة « الملكية  »‏ ني النصوص المختارة - ص : 203-202 . 


442 


المجموعة الجديدة . أو الكثلة الجديدة » من انعتقدات , يمكن أن يجدها الفلاسفة في الماسونية ؛ 
وأن ندرك أي قيمة كانت في نظرهم هذا الحلف الحميم مع مثل هذه الشبكة الكثيفة من الجمعيات 
الفكرية التي كانت هي أيضاً جمعيات عمل تبشيري . إنها و كنيسة جديدة غير مرئية كبا سيقال ٠‏ 
ممكن . لكنها كانت بشكل خاص .ء المكان المميز لتجمع ننخبة إجتاعية » أرستقراطية 
وبورجوازية » ذات اتجاهات ليبرالية : إنها مكان الموعد المحدَدُ للاعيان « المستنيرين » 1 . 
حلف الطغاة المستنيرين 

لقد كان هناك حلف آخر من طبيعة مختلفة كلياً . تمكٌن الحزب الفلسفي من أن يزدهي به . 
إنه حلف غير منتظر ( كما يُعتقد للوهلة الاولى ) . حلف متملق ؛ وثميل أحياناً للقول بأنه كان 
غادعاً أكثر ما كان أكيداً . ومع ذلك فإن هذا لا يمنع من أنه كان . في زمن تألقه أو لنقل في سن 
لمتقدمة , نفيساً وفمالاً . إنه حلف « الطغاة المستنيرين  »‏ الذي أذهل المخيلات وشعُلها بقوة » 
ولسبب - . إن الذاكرة التاريخية تستحضر فوراً ‏ الثنائيين » العاصفين بدرجات متباينة : ثنائي 
فريبريك الثاني وولتير , وثنائي كاترين الثانية ودبدرو . لكي لا نذكر إلا الشخصيات البارزة . 
ما إذا صعدنا الى فترة سابقة فإن الذاكرة التاريخية ستبعث الاسطورة الافلاطونية للفلاسفة - 
الملوك . من خلال السيرة الذاتية لافلاطون : حيث نجد الفيلسوف مفتوناً وتغدوعا بالطاغية. , 
والفكر مجتذباً وتخطوفاً من قبل السلطة , وواقعاً في فخها.. وطالما أن الفلاسفة ليسوا في السلطة » 
أي ليسوا فلاسفة ‏ ملوك » أو أن الناس الذين يتولون السلطة لم يصبحوا بعد فلاسفة » أي ملوك - 
فلاسفة . فإن أمراض المدينة التي تنخرها أزمة الروح تبدو مستعصية : هكذا كان أفلاطون يعبر 
عن قلقه كمواطن صالح . ويصف كطبيب ميتافيزيقي العلاج . هل كان سيتعرف في فولتير وديدرو 
وهلعيتوس (5دة1©61!) وهو لباخ (طعهطله1!) الذين يشكلون فريق الموسوعة , على هؤلاء 
« الفلاسفة الصافين والحقيقيين » الذين كان يتوجه إليهم بالنداء ؟ إن هذه مسألة أخرى . 

إن تعبيره الاستبدادية المستنيرة » هوتعبير سيء . إنه لم يكن والحق يقال . من تعابيرذلك 
العصر ء ولم يُعمم إلا في القرن التاسم عشر عل يد بعض المؤ رخحين الالمان. إن هذه الاستبدادية لا 
نستجيب للتعريف الذي أصبح كلاسيكياً , حتى ولو انتُّقد . والذي كان مونتسكيو قد أعطاه . إنها 
الاحرى ( وعل حد تعبير ج . الليل(1ن!ا5 .[) ) « تحول في الحكم المطلق » . إن تعبير ه الحكم 
المطلق المستنير » ( الذي اقترحه ف أيامنا هذه » مارسيل بريلو )241000 .084) يبدو أكثر ملائمة . 
لهذافإن من المناسب . إنطلاقاً منه » عرض التبرير الخاص بصيغة حكم مدعوة للعديد من 
التطبيقات الملموسة . ومهيأة لآن تعرف انطلاقةٌ ثم انحطاطاً ‏ كان لما آثار عميقة جداً » ولآن 

تورث لسياسبي المستقبل « نموذجاً » إيحائياً . ليكون موضوعاً للتامل ! 

وإذا كان الامر الاسامي هو أن يسود العقل ويحكم البغر بدل .. التقاليد والعناية الأهية » 

المغتصبتين , فلماذا كل هذا الاهتام بطبيعة الملك اليد . منذ اللحظة التي اكتسبته فيها الانوار » 


2.) 263 : الفكر ... ؛( المرجم السابق ذكره  ص‎ ١ انظر - ب . هازار‎ )١( 


003 


وقرر أن يضم في خدمتها وسائل الدولة ؟ أليس السيد الاستبدادي والمسلح بقوة ( إذا رؤ يت الامور 
بشكل جيد ) أكثر قدرة حتى على القيام بالاصلاحات العملية التي يتطلبها تقدم النفوس والعلوم 
والفنون والعادات الخاصة والعامة ؟ . ونظراً لأن من البديبي جدا أن لا تكون جماهير المحكومين 
الانسان « العادي » . فإن الرأي يضع آماله » ليس في الطريق الديمقراطي . وإنمافي الطريق 
الاستبدادي : الامر الذي يعني التوجه لأمراء حكماء ونشيطين: »2 تلاملة وأصدقاء للفلسفة 
والفلاسفة ٠‏ وجديرين بأنيفرضوا هذا التقدم الضروري . من الاعل . وكما سيقول توكوفيل 
(6لاة٠عناوء10)‏ بالطريقة الاكثر إيجازا : « إن الامر لا يتعلق إذن بتهديم السلطة المطلقة » وإنما 
بهديها » ٠‏ . 


وبما أن فريدريك الثاني . ملك بروسيا . الذي حكم بين عامي 1740 و1786 . يعتبر عموماً 
النموذج الاضيل لمثل هذه الصيغة من الحكم . المدعوة لآن تتنشر ثنيئاً فشيئاً فبا بعد , في العديد من 
بلدان أوروبا القارية » فإنه يجب أن نبحث لديه أولاً عن السمات الني استحقت بفضلها سلطته 
المطلقة صفة المستنيرة . 

إنها سلطة مستنيرة » بدون شك ., بالمقدار الذي يلح فيه صاحبها على فكرة خدمة الدولة 
( التي . لم تكن » بالتأكيد » غائبة عن ذهن لويس الرابع عشر , الذي يعتبر النموذج الكلاسيكي 

المطلق ) » ويستغرق في هذه الخدمة » ويضني نفسه في هذه المهمة ٠‏ ويعتزم أن يكون 
موجوداً في كل مكان » وقادرأ على كل شيء ٠‏ وأن لا يترك أي قضية هامة تفلت من انتباهه . ولقد 
كان يحلو لفريدريك أن يجمع ني تسمية ١‏ الخادم الاول للدولة » النبيلة والاصطلاحية والمجردة الى 
حد ما . تسميات القاضي الاول . والمالي الاول , والجنرال الاول . والدبلومامي الاول ( وهي كلها 
تسميات ملموسة ) » لأنه كان يعتبر أن نظام الحكم المدار جيداً يجب أن يكون مترابطاً مثل ٠‏ النظام 
الفلسفي » ؛ وأن لا ينبشق . بالتتيجة , إلا عن رأس واحد . هو رأس الملك السيد . 

إنها سلطة مستنيرة . بالتأكيد » لأن صاحبها لا يبرر قدرته على كل شيء ووجوده في كل مكان 
باحق الاههي بأي طريقة كانت ( فهو يوافق على أن الملوك « بشر كالاخرين »؛ . ) وإنما هو يبررها 
فقط بتبادل الخدمات المنفعية كلياً بين المحكومين والحكام : أليس من مصلحة الاوائل وراحتهم 
وحفظهم أن يأخذهم واحد من أمثالهم على عاتقه » وانه يعطوه ‏ بالمقابل » السمو؟. نا فكرة 
عقد الحكم القديمة . التي عادت لتصبح عصرية والتي يعود لها الفضل بأن تكون عقلانية بصفة 
بحتة : إنها عقلنة الدولة ( كما سيقول ه . بيرين(#6صمععاط .81) ) . 

إنها سلطة مستنيرة أخيراً ( وهذا ما يجب قوله » بشكل خاص ) في موقفها من الكنائس ٠‏ 
معاقل الاحكام المسبقة . والعدو اللدود للفلاسفة . إن فريدريك يحترم كل العبادات لكنه يعتزمر . 
البقاء محايداً فبا بينها . أنه يريد أن يكون محايداً » كيا يوضح . بين د روما وجنيف » . لآن الامر لا 





(1) ج . الليل(-1لا1.1 .0) في مقالة و الحكم للطلق ؛(0تصدنادفهو )80‏ الموسوعة العللية . 


444 


يتعلق . كما كان يتباهى بالقول , بتكرار غلطة لويس الرابع عشر , الني كانت مشؤ ومة بالنسبة 
لفرنسا . والتي تنجل بالقيام » مكيافيلياً ٠‏ بمعارضة كنيسة بأخسرى . إن المره » بالنسبة 
لفربدربك . « يصنع خلاصه » بالطريقة التي يراها صالحة . ولا بهم من أي حزب ديني هو لان 
الجميع . بنظره , مواطئون . 

إلا أن هذا لا يمنع من أن تكون هذه السلطة المستنيرة مطلقة أيضاً ( إن لم تكن مستبدة بالمعنى 
الذي قال به مونتسكيو ) . إنها تخضع لقواعد ولقوانين . لكن هذه القواعد والقوانين تنبثق منها 
حصرا . وتعبر عن إرادة ملكية هي . عملياً . أقل نعرضاً للعراقيل من إرادة لويس الرابع عشر : 
إنها إرادة حررت نفسها عملياً من منطق الفكرة التعاقدية . إن فريدريك لا يريد ولا يستطيع أن 
يريد ( وهو الذي يستطيع فعل كل شييء ) إلأ خيرشعبه . إن هذا الخادم الاول للدولة يعتبر نفسه - 
باخلاص . إجمالاً ‏ ملزما بالعمل كما لو كان عليه ٠‏ في كل حظة . أن يقدم حساباً عن إدارته 
لأولتك الذين يحب أن يُسَمُيهم « مواطنيه » . وقد يكون من الجميل أن نراهم يممرؤ ون على أن 
يطلبوا منه مثل هذا الحساب ! لكنهم . في الحقيقة . كانوا يتصرفون باعتبارهم رعاياد:» .1 

هكذا ارتسم النموذج الفريدريكي الذي ستتبعه كاترين الكبرى , التي حكمت بين عامي 
2 و1796 » بعبقريتها الخاصة . وبدون أن تهمل استخدام أسلحتها كامرأة » وذلك بحرصها 
على أن لا يمهل أحد في أوروبا المستنيرة حماسها الاصلاحي . المكبوح بواقعية سليمة . إنها 
ستعتمد . للقيام بذلك . وبحق , عل فلاسغة باريس » الوزّعين لاوسم دعاية ممكنة وهم : 
فُولتير ٠‏ ودلليير وديدرو . . . . 

ويمكن أن نرى في جوزيف الثاني . ملك النمسا . ( الذي شارك في الحكم في 1765 ثم 
حكم لوحده من 1780 الى 1790) النموذج لمرحلة جديدة من الظاهرة للدروسة . مرحلة أكشر 
إنسانية » و« عحبة للبشر» وأقل سطوعاً وبروزا . إن ابن ملري تيريز ء الراغب بحرارة في تحقيق 
السعادة لرعاياه سيفشل أيضاً عل كل الاصعدة . لأنه جعل الفلسفة ( كيا كان يقول ) مُشَرّعَةٌ 
لامبراطوريته . ولهذا اقترح أن تكتب عل شاهدة قبره الكلمات التالية : « هنا يرقد جوزيف 
الثاني . الذي كان تعيسا في كل مشاريعه » . 

ويجب أن نذكر في هذه القائمة غير الحصرية . غوستاف الثالث . ملك السويد » 
وستاتيسلاس - اوغست بونياتوف كي (نلة« لمآ عاووسم -مطعنسم 5 » ملك بولونيا( الذي 
كان عشيقا لكاترين الكبرى ) ٠‏ وشارل الثالث .' ملك اسباتيا ( مع كونت اراتدا(هشعدم)) 6 
وجوزيف الاول , ملك البرتغال ( مع للركيز دو بومبال(لعدامه 2 +©) » وكريستيان الرابع » ملك 
الدامرك ( مع ستروسي (##ممعدى6) » الطبيب القيلسوف الذي هرمن على هذا التصف نون - 





لف تظر: 1 لايس (2مذ» م1 08 ١‏ شباب فريدريك الكبير »(عذله76! سدع عل #ممعصحز ها) - باريس 
عتاعطعها! -18391 و : ب خاكسوت(6هتهن .© -فريدريك التقي - ملك بر وسراعف ذه: , لآ عذعلق6) 
(#6ققامم باريس. -1250د -1967 . 


445 


وانذي كانت زوجته عشيمة له والذي أصلح المملكة , في فترة وجيزة وبشكل جذري وفقاً لروح 
الانوار ) . و لأنه » وكيا سيشير لذلك بول هازار , عندما لم يكن الملوك يكفون » كان الوزراء هم 
الذين يساعدونهم » ه لام : إن التيار الفلسفي » الموسوعي » المعادي ‏ للكنائس كان يتقدم 
متحدياً العراقيل ‏ وملحقاً ضررا كبيرا بالاحكام المسبقة “0 . 
ولئن كان هذا الحلف بين الفلسفة والسلطة هشاً وغامضاً . فإن كلا من الحليفين كان يعتقد 
بأنه يستخدم الآخر» ويعتزم فعل ذلك . ولئن كان انحطاط هذه الصيغة سيتبع انطلاقتها المللحوظة 
جدا, باعتباره مسجلاً في مضمونها نفسه ( لأن المحكومين ١‏ وبالمقام الاول في فرنا » انتهوا 
للمطالبة ء حتى ولوكان هذا قليلاً في البداية ‏ بأن يكون لهم الحق بأبداء الرأي ؛ ولآن الرأي العام 
والاعيان والكنّبِ سينحازون » بعد إجراء كل الحسابات « للحرية المستنيرة » ) ( على حد تعبير 
لبريتيه ) : فإن أي شيء من هذا القبيل لم يكن من شأنه أن ينقص من الاهمية الجوهرية للظاهرة 5 
لقد أدت هذه الظاهرة في أوروبا رسالة تاريخية حقيقية » هي رسالة التسوية بين الحكم المطلق 
الكلاسيكي والانوار ( وذلك سواء في التطبيق أم في النظرية الغامضة الى حد ما ء ولكن الكافية) . 
إن الانوار تدين لها بالانتصار الاول والجزئي » الذي نحفق في ترتيب مبعثر ٠‏ على اللاتسامح 
الديني , والجمود الاجتاعي , وعل المفاهيم اللاعقلانية والمتخلفة للدولة . لقد كان الحلف غير 
المننظر والمخادع ( لتكرر ذلك ) نفيساً وفعالاً بالنسبة للحزب الفلسفي . فبعد وزن كل ال سور 
جيدا » يمكن القول , بأنه استفاد , على المدى البعيد على الاقل , من الملوك » أكثر مما استفاد الملوك 
منه 02 0. 
نحو الانتصار 
لقد قاد هذا الحزب , بصفة عامة » على نحو رائع » وعبر عقبات الزمن . ما أسهاه شعراء 
ذلك العصر. « بزورقه الصغير» . لنحكم على ذلك من خلال تذكير موجز بمنحنى تقدمه 5 
لننطلق ثانية من عام 1748 تاريخ ظهور ه روح القوانين » . فخلال السنوات العشر التالية 
حدث تدفق في المؤلفات الني كانت عناوينها وأسماء مؤ لفيها تقول الكثير : ففي عام 1749 ظهرت 
الاجزاء الثلاثة الاولى من التاريخ الطبيعي (6لاء؟ناقص عجنه:1'!415) لبيفون(80800) و د رسالة 
حول العميان محصصة للذين ييصرون و زجعن أنب عانم عل عههكنا' أذ معلهنه اد 5ء| عند ع تتاع 0 
لديدرو ؛ وفي1750 . صدر_و خطاب حول العلوم والفنون 6وعا © 65موعاعة وء! تناد دكنادععا 0 " 
ركاعة . لروسو ؛ وفي1751 » ظهر « خطاب تمهيدي للموسوعة غة عتفممنسنة؟م دمدمءه:060 
(نل»ممكبرعمء'! لدامبير , وهو الجزء الاول من للوسوعة . ثم بدأ الايقاع يتباطىء : ففي 1753 
صدرت « أفكلر حول تفسير الطبيعة )(سطعه ها عل مونلهان »متام "| تدع مهم 07 لديدرو ؛ 
وفي1754 « بحث في الاحاسيس )و0 اشقوعة دعل غانه17) لكونديياك ؛ وفي1755 » صدر 





الل حول جوزيف الثاني - أنظر : ك2 بادوثر(181 /1 5820 .06 و جوزيف الثاني » الامبراطور الشوري » 
(عمنععومناساه 6 تنكمت '! , ١١‏ اوعدو ل) باريس 1936 ( مترجم عن الاتجليزية ) 5 
(2) انظر : كورنو- مرجع السابق ذكره- صى : 309 . 


446 


« الخطاب » الثاني لروسو حول« أصل وأسس اللامساواة بين البشر و5ء! كء عمنه.ه'0) 
(5ع1قتصهط 5ع! نددعدم #انلهو6ت"'! عل 5م6006 ؛ وف 1756 صدرت «١‏ محاولة حول أخلاق 
دروح الامم )(كمدتاهم قعل اأورو8 "1 4 وملام 165 عند تمكو لفولسير ؛ وف 1758 ظهرهفي 
الروح 610(6م261'85) فلفيتيوس . « والجدول الاقتصادي 6(6دونتهوهم6 نوعاط ع لكيناي 
(لإقهدء0) مؤ سس المدرسة أو الطائفة للسأة بالفيزيوقراطية.أز الاقتصادية . 


خلال السنوات العشر هذه . تشكل الحزب . وكان حزباً محارباً ٠‏ كما نعرف ء نُظم 
معركته . وكان فولتير ( كما قال ر . بومو(ده20:6 .6 ) هو الذي يقوده ويوجهه ويحركه ويجمعه 
ويحئه على العم بلا كلل » ويحرص على بذر البذرة الصالحة بذرة « الانعتاق الكبير » الذي اراد أن 
يكرس نفسه له . لقد كان لقولتير هذا حس حاد بالاخطار الحقيقية التي تهدد . في زمن المراقبة 
وأحكام البرلمان ٠‏ الفرقة المقاتلة وتجبرها كما يشهد البعض - على التحول الى د طائفة سرية » » 
وذلك بالرغم من حماية ماليز رب(5ء0©طمعله04 مدير المكتبة لها » أونسامحه معها . أي تكتيك ينبغي 
اتباعه أمام هذه الاخطار ؟ . إنه الاتحاد والمهارة الحذرة . الاتمحاد . أي الشعور بتضامن وثيق يتجل 
من خلال التشاور والتعاضد والسير بشكل متراص مثل « الكتيبة المقدونية » . فطالما كان الاخيار 
متحدين دفإنهم لن يمُسُوا » . ولكن الحذر أيضاً مع المهارة : وهو ما يتجل في تجنب مهاجمة « الله 
والشبطان » في أن واحد » أو الكبار الذين يهب المعي لكسب تابيدهم ٠‏ والكها انين يمب 
تخفيضهم جذرياً . فعندما يكون العدو مقسيا كما ينبغي . فإن القلاع ستسقط , وسيتم الاستيلاء 
على النقاط الاستراتيجية . 


ولنصل من هذا الى سنوات 1760 حيث سيكون لدينا الحق بالتفكير بأن المبلراة قد كيت . 
لقد عبر ولتير عن رضاه وابتهاجه في عام 1763 بقوله في ه بحث حول التسامح »ها تدع غانه:1) 
(#عصه»اه! « إن كل أور وبا تقريباً غيرَت وجهها منذ سين سئة » . وهذه الرصالة , المؤ رخعة في15 
ايلول من نفس العام . والتي كتبها الى هلفيتيوس , ألا يبد تندق حبور الانتصار ؟ النتصار الفتوقع أن 
يكون قريباً جداً » والذي يكاد يُلمّس إذا مددنا له الذراع . لنقرا : 


« إن هذا العقل الذي طانا اضطُهِدَ يكسب كل يوم موقعاً . . . ومهما كلف الامر فسيحصل 
في فرنساء لدى الناس الشرفاء ما حصل في انجلترة . . . وسناخذ شيئاً فشيئاً حريتنا النبيلة في 
التفكير . . . إن الشباب يتكون .. ؛ء لقد اكتسى إسم الفلسفة منذ ذلك الحين كل معناه . إنه 
يترم ٠‏ ولم يعد الوقت وقت توجيه الشتائم للفلاسفة في خطب حفلات الاستقبال التي تنظمها 
الاكلديمية . لقد أصبح الناس الآن مجبرين عل « و تخفيض أبصارهم أمام الفلاسفة . .. ء» وأصبح 
من مصلحة الملك . ومصلحة الدولة أن يحكموا المجتمع . فهم يوحون بحب الوطن ٠‏ بينا 
المتعصبون يملبون له الاضطراب . ولكن . . . حذار من التعرض هم قط بأقوال يمكتهم أن يسيثوا 
استعما ها وده . 


لل مستجد هذه الرسالة في للختارات من نصوص ٠‏ الروح » فلفيتيوس الني قدمها غي بس (عمهع8 69:19 
في تعلهه5 عومنان12 - باريبس -1968 . وحول ١‏ للرحلة الحاممة ٠»‏ من معركة الانولر . أنظر : بول - 


047 


في عام1765 : ستكتمل الموسوعة ؛ وتسقط القلاع » ومنها الاكاديمية والصالونات ؛ وسيطرد 
البسوعيون من إسبانيا على يد الكونت دو أراندا » وزير شارل الثالث . بعد أن طردوا من 
البرتغال ٠»‏ ثم من فرنسا . وسيتعرف دبدرو على حسنات كاترين الكبرى . 


إن سنوات 1760 هذه ٠.‏ ستكون أيضاً سنوات المؤلفات الكبرى لجان جاك روسو . 
ففي 1761 ظهرت « هيلويس الجديدة #(عوذه!46! 6لاءانهوم ه1) ؛ و1762 ١‏ العقد الاجناعي » 
(لواعمة هاده © عل) ودآميل )(علنس8) ٠)‏ وف 1764 و رسائل مكتوبة من الجبل 0605656 
٠‏ (ع هما ممه ها عل وعانىة 

ولكن , في ذلك الحين , كان روسو قد قطع صلاته . منذ عدة سنوات » بالفلاسفة . لقد 
شعر « هذا الغريب بين البشر» ( على حد تعبيرب . غرويتويسن ) , من خلال الممارسة بأنه 
غريب . بشكل خاص » بين الموسوعيين ( بالرغم من صداتته الحارة جدا مع ديدرو ) ٠‏ 
وبالاجمال , فأنه كان , بالنسبة للحزب ٠‏ شخصاً متخلياً عن القضية . والاحزاب تكون قاسية على 

إن جوهر الامر يكمن في أن الفكر السيامي القوي والحاسم » لأؤلف العقد . يبقى » 
بالرغم من صحة عقلانيته ٠‏ مستفلاً عما يُوصف ء في التعابير المستعارة من امتثالية الانوار » بسياسة 
العقل : سياسة فولتير وديدرو . سياسة هلقيتيوس وهولباخ » وأيضاً » وبعد كل حساب » سياصة 
هيوم . مهما كان عبيراً » وأخيراً » سياسة الفيزيوقراطيين أو الاقتصاديين . هنا » كما في أي مكان 
آخرء يقف روسوعل حده , على حده بشكل جذري , وه سياسته » لا يمكن أن تعرض إلا عل 


حله 00 . 


2 - فولتير وديدرو : 
إنهما الشخصيتان البلرزتان في أوروبا الانوار . فكلاهما ( وعلى الاقل لفترة ما » بالنسبة 
لديدرو ) استهوتهها صرغة الحكم للطلق المستنير . وكلاهما كاتبان كبيران » وتختلفان » فضلا عن 
ذلك . جذرياً . لقد كان لدى مولتير موهبة ضخمة قي خدمة العقل ؛ لهذا سيّقال عنه أنه « شهوة 
العقل ».د . وكانت لدى ديدرو ء أوقوة الطبيعة » أجزاء من عبقرية متدفقة وغيرمنظمة . إن أيا 


- اورلياك(عهتاس0 .©) في « الرلي العام في فرنسا من الفرن الثقث عشر للى القرن الثامن عشر » #دغة0 01 
(ماعجنه 21/1118 بعد للا نه عمصد انط عنوام ( بازين -7 .لا .2 -[195) - ص 40-37 . ور - 
بومو( نسعصه< 0 في د وكير بنشه (عصسخحه فعا عدم عمفدناه 01 بارين لنقت5 1955 - ص :33 . 

: أنظر : إإريك ويل (اك" 08 في « جان جلك روسو وسي» و(عدجخنادم هه ك سعععمة .0.1 ( في عجلة‎ )١ 
. )1952- تقد(عدهنتنت) - المددك 5 كقون الثقي‎ 

ام غر ويتويسن « فلسفة الثورة »(هصناطه بمظا ها عل عخطومهطلفنام ه0 -باريس فتستسظلهن) 1956 - ص : 
72066 ل 


منهما لم يكن مفكرأً سياسيا . من الدرجة الاولى . ومع ذلك فإنهما يحسبان , كل بأسلوبه . في 
عداد المفكرين السياسيين . 
أ- فولتير أو شهوة العقل (1694 -1778) 


لقد أعاد مونتسكيو. بدون شك . العبادة لهذا العقل الذي رأى فيه « أنبل وأكمل واطيب 
حواسنا » . إل أنه كان يستخلصه من فوضى القوانين والاعراف ؛ وكان يقترن بألف شك ء 
ويخضع آلف معطية ؛ ويتحالف . خصوصاً . مع « الاحكام المسبقة » . أما فولتير فقد عارض 
هذا المقدار من النسبية » بنوع من « الشرعية الكلية » ومن إطلاقية العقل . 


او جد عو ع ع و لو سوكية د »أي 
بالعبث . وقد أخذت هذه الكراهية إتجاهاً معادياً . أكثر فأكثر » لرجال الدين وللكاثوليكية 
وللمسيحية في آن واحد . إن سحق الكرنية أي المسيحية سيتحول لدى هذا التأليهي(4615:6) الى 
موس . إنها مهمة سلبية وتتطلب « عُرباً كبيراً » كما قال وكما أحس بنفسه . لكنها مهمة 
ضرورية ٠‏ مهمة أولية » تأني قبل مهمة التأكيد والبناء ؛ مهمة تعليم كل إنسان الاستعهال الحر 
لعقله ضد الجهل الضار للاديان الوضعية ؛ مهمة إنعاش الفكر المستقل والحكم المستقل لدى كل 
فرد ١١‏ 5 
لدى كل فرد » وكل إنسان . . . أحقاً !.. إن ثولتير . بشكل أسامي » يعتمد على نوع من 
ارستقراطية الفكر ( و أربعون الف حكيم هذا تقريباًكل ما يلزم ») . إنه يُعَلّم بأن النور يجب أن 
هبط على درجات . وإنه لن يكون هناك مال لتعليم عامة الشعب » « السوقة »- كيا حدث له أن 
كتب يدون مجاملة - . وكان يفهم يتعبير الشعب :- د الدهما الذين ليس لديهم إلا أذرعهم من أجل 
العيش » والذين كان يميز من بينهم الحرفيين « الاكثر ارتفاعا » والذين بدأوا ه بالقراءة » في كل 
أورويا . هل يجب التفكير ( مع ر . بومو )(نسدعدمه5 .0 بأن هذا الاحتقار يعبر جزثياً عن « نفاذ 
صبر رجل التقدم » المتخاصم مع عامة الناس المنغلقين على نظراته ؟ . ويبدو» مع ذلك . أن إقامته 
في فرنلي (لإعمت *ل) إعتبلراً من عام1760 » واحتكاكه مع الوقائع الاجتاعية في جنيف التي كانت 
قاسية بالنسبة للصغار » قد خففت من هذا الاحتقار لفائدة اهيامه الحار بالعدالة 2 . 


هل يمكن أن نستخرج من الاعمال الضخمة لفولتير » أمير رسائل الهجاء » وملك صحافصي 
الرأي » مجموعة منسجمة من الافكار العامة حول السيامة ؟ إن هذا الامر ما زال موضوعا 
للتقاش . 

إن من الممكن الظن بأن هذا العقل المتوقد والمستعجل لم يتأمل بشكل رصين بأسس الحقوق 


ا لمرجم السايق - ص 73 -77 ٠‏ و:ار. بومو: د دين ورتير »(عكفسناه؟ عل ممنهنك: ه1) - باريس -1936 و 
و ميلءة فولتير »(عكفهاان؟ عل عنهنانادع م 1) - بأريس _غنامت -1963 . 
2ن بومو- سيلسة ولتي ر( للرجع السابق - ص : 24-22 ,44 47 8 


449 


الفردية . لكنه كان لديه شعور حاد بقيمتها » وبضرورة تنمية وعي واضح عنها لدى الفرنسيين . 
ولم يدرك أي شخص » بشكل أفضل منه . الاصلاحات الملموسة التي تتطلبها حماية هذه الحقرق 
في حينه ٠‏ أو في المستقبل القريب . إننا نجد لديه ذ القائمة الاكثر وضوحاً » والاكثر حيوية » أو 
بالاجمال إحدى أكثر القوائم نباهة والمتضمنة للتجاوزات التي أدت لضياع النظام القديم ‏ ؛'' . إن 
بجموع هذه الاصلاحات التي طالب بها فولتير . بلا كلل . خلال عشرين سنة » لن تشكل » بلا 
شك . وكبا سيشير لذلك ج . لنسون(00كههآ.©) . 


« بناءً فلسفياً جميلاً ينمو في المجرد من أجل محد الروح الانسانية » وإنماهي 
سلسلة من التصحيحات والاصلاحات للبناء الاججاعي القديم » والتي لا يمكن 
تصورها منفصلة عن الواقع الذي تستند اليه . لقد تساءل قولتير عن التنقيحات التي 
تطالب مشاعر الحرية ارا والانسانية » التي تُكَون بنظره الضمير الاجباعي 
والعقل في زمنه ٠‏ بإدخاها في كل جزء من أجزاء الحكم والادارة »<2» 5 
إن النقاش حول الكلمة الاخخيرة لفولتير السيامي , والذي ما زال قائياً حتى الآن . هو التعلق 
برضوع انكال فلكم + 
إن تفضيلاته لم تكن تذهب ء بالتأكيد , للديمقراطية التي هي سلطة العدد . ففد كان يكره 
الفوضى التي كان يصفها « بالطغيان الصاخب » . ولكن كيف اهتدى عبر متغيراته » إن لم نقل 
تناقضاته . الى طريقه الخاص باختيار أفضل نظام ملكي ؟ . لقد امندح المؤسسات الانجليزية 
( لتذكر الرسائل الفلسفية ) . وكان المتملق للمستبدين المستنيرين : من فريدريك تلميذه الفمظ 
والمخيب للامال , الى كاترين ( موضوع مثل هذا المديح الغريب الذي كتبه عنها : د المدهشة » » 
الصبا ال لوا وال ب ل ول ا 
الى غوستاف الثالث . ملك السويد الذي هناء لأنه أعاد الحكم المطلق 


ومع ذلك فإن هناك نقطة مؤكدة وهي أن سيامة العقل والتقدم , في فرنٍ ٠‏ كانت » في 
نظره . تلك التي قادها هنري الرابع شخصيا ١‏ ولويس الرابع عشر بالقدر الذي « كن » فيه شكليا 
الامة وجعل من الدولة و كل مت » . كان كل خط فيه يتهي بللركز”" » ولويس الخامس عشر 
نمه عندما كان لديه الحكمة ( في عام1771) لان يترك المستشار موبو( نهعم نده04) يحل البرلمانات ‏ 
التي استّبدلت بمحاكم جديدة للعدل ؛ ولويس السادس عشر ء أخيراً » » عندما كان لديه الحكمة 
لأن مين تورغر()مهمس5) ٠‏ مراقباً عاماً للمالية » وهو الذي لم يكن وهذا ما يبتهج له فولتير- 
مستشاراً في البرلمان ولا رجل دين : هكذا كان يبدو أن الملك الشاب دخل في طريق الاصلاحات 


)1١‏ د. موريه(اعه0كظ 0 ١‏ الاصول الفكرية للشورة الفرنية » ها عل معلاعتصعملاماه: معدنهذت مم0 
(ع>تنشهجهد] ومنامطله 147 - بلريس عناه") -1933 . 
(2) ج . كسون(همفعههظ .)© ١‏ فولتير» ‏ باريس طبمة1910 . 


(© من رصالة بتلربخ 18 ايار1767 الى السيدة دي دفون ٠.‏ 


450 


ولكن لسوء الحظ ها هو يدعو من جديد البرلمانات المحلولة . وهدا هو المظهر الاول لضعفه أما 
اللظهر الثاني فيتجل في خضوعه للمتأمرينبوإقالته لتورغوء أمل الفلاسفة ) . وهكذا نرى أن مؤّلف 
كنديد (ع087414) يرفض جذرياً سياسة الاجسام المتوسطة لمونتسكيو , ومعها الصيغتين اللكيثين 
د لروح القرانين » . لقد كان مولدير منااضلاٌ حقيقياً ه للاطروحة الملكية » ضد « الاطروحة 
النبيلة » » ومدافعاً مقتنعاً عن الاصلاحية الملكية الاكثر قرباً للحكم المطلق: المستنير منه للملكية 
المسمأة بالمعتدلة "" , 


وبالاجمال . فإن مولتير كان بهتم « بجوهر » السياسة ويحتواها وروحها أكثر ئما بيتم بشكلها 
ويمن يحتويها 0 5 

ولكن أي ضمانات يمتلكها المحكومون إذا تحول الحكم المطلق عملياً لحكم تعسفي أو 
إستبدادي بالمعنى الخاص للكلمة , وإذا سخر الملوك بأعما هم من الفلاسفة بعد إطرائهم لهم بالكثير 
من الكلام ؟ إن فولتير يعتمد في هذه الحالة على قوة الرأي العام الذي سيكبر نفوذه مع صعود 
البرجوازية المستنيرة أكثر فأكثر ؟ هل هو وهم ؟. إنه وهم يعود سببه لنفس التناقض الداخلي الذي 
جعله يكتب لفريدريك الثاني , في1742 . بأنه كان يحتاج لسيد كملك بروسيا » وللواطن كالشعب 
الانجليزي » ؟ وهذا ما سترد عليه سخرية أحد مفسرّيه الاكثر علراً به ( وهو ر . بومو ) : « هل 
يمكن لفولتير أن يفترض بأن هذا الشعب سيتحمل مثل هذا الشيد أو أن هذا السيد سيقنع بمثل هذا 
الشعب ؟ © . 
ب ديدرو الفيلسوف(1784-1713) 

لم يكن هناك شخص مجبول أكثر منه بالشهوة . لكن الحديث في موضوعه عن شهوة العقل 
فقط سيؤ دي لتعريفه بشكل غير كامل . إن العقل لم يرتبط مع الطبيعة بهذا المقدار إلا لدى القليل 
من مفكري القرن . لحد أن أحد المعاصرين خاطر . وهو يستدعي ذكرى نفس دنيس ديدرو » 
الْسَمّى بالفيلسوف ٠‏ بالمقارنة بسعادة بين « التنوع الشاسع لأفكاره والتعدد المدهش لمعارفه 
والاتدفاع السريع والحرارة والصخب امتهور خياله وكل جمال وفوضى محادثاته و وبين » الطبيعة ٠‏ 
كيا يراها بنفسه غنية خصبة وفيرة بالبذور من كل نوع . عذبة ومتوحشة » بسيطة وجليلة » طبية 
وسامية » ولكن بدون أي مبدأ مسيطر , يدون سيد . ويدون إله ».س . 





(ه) إنا نعلم مزحت المعادية للبرمان والتي أطلقها أثناء (صلاح موبر وقال فيها : ٠‏ إني أفضل أن أطيع أسداً ميلا ٠‏ ولد 
وهو أقوى مني بكثير » من أن أطيع منتي جرذ من جنسي » ( من رسالة الى مان لامبير ني7 نيسان1771) ولكنهاالم 
تكن في النهلية إل مزحة ! 
1٠١‏ انظر : بومو : للرجع السابق ذكره ‏ ص : 40,36 . 
'2) بومو: للرجع الابق ‏ ص : 51 : 
ديدرو 
“دا أنظر : غرويتويسن - للرجمع السابق ذكره - ص :ك3 . 


4511 


: الطبيعة . الحق الطبيعي . الارادة العامة‎ ٠ 
إزدحمت كلمة الطبيعة ؛ في ذلك العصر, بمعانٍ تمتلفة من الصعب استنفاد قائمتها. . أمنا‎ 
المعنى الذي يبدو أنه سيطر في ريشة ديدرو فهو التالي : الغريزة العميقة التي تُنَشْط الفرد وتّحُده‎ 
والتي لولاها لجرفه سيل الاشياء . ومرٌ كإبنة يوم : إلا أن ما ينكره الزمن على الفرد , يحصل عليه‎ 
» لسوء الحظ ؛ بألف عقبة في المجتمعات البشرية‎ ٠ بقوة شهواته . إن هله الغريزة الخيرة تصطدم‎ 
لأصبح‎ ٠ ٠ التي هي آلات معقدة ومعقدة جداً . أه.» لولاممنا بدقة بين هذه الغريزة وقانون الطبيعة‎ 
مختصراً قانون الامم !. وبصرخ ديدرو قائلاً : هل تريدون أن تعرفوا باختصار تاريخ كل بؤسنا‎ 
: تقريياً ؟ ها هو‎ 
لقد كان هناك إنسان طبيعي ؛ فَأَدْخِلَ الى داخله إنسان إصطناعي . ولقد‎ « 
اشتدت في داخل هذا الانسان حرب استمرت طوال حياته . لقد كان الانان‎ 
الطبيعي » أحياناً.. هو الاقوى في هذه الحرب . كيا كان الانسان المعنوي‎ 
والاصطناعي هو الذي يتتصر فيها ؛ في أحيان أخرى . وفي الحالتين كان هذا للسخ‎ 
» الحزين يُرهق بالملاحقة ويُزعج ويعذّب ويد على العجلة . كبا كان يتأوه باستمرار‎ 
ويشعر بأنه تعيس باستمرار . فاما أن يجرفه ويحركه حماس زائف بالمجد . وإما أن‎ 
. 0 » يلوبه وبصرعه خزي مزيف‎ 
إن هذا ليس إعلاناً للحرب ضد للجتمع والاخعلاق . فاذا كانت الطبيعة التي ليس لها من‎ 
غايات أخرى غير حفظ الفرد وتكاثر النوع . تجهل الخير والشرء فإن البشر للمتجمعين في مجتمع‎ 
. باعتبار أن نزعتهم الاججاعية طبيعية ) يحتاجون . من أجل تنظيم علاقاتهم المتبادلة , لأخلاق‎ ( 
إن الحاجة . بهذا المعنى , هي حاجة للفضيلة : إن جعل « الاخيار ينبتون » هو . على الاقل . أمر‎ 
بمثل أهمية قمع الاشرار . إن الحتمية الاخلاقية لدى ديدرو التي تستبعد أن يكون هناك ( أو إمكانية‎ 
أن يكون هناك ) كاتنات حرة » دفعته لأن يغيرموضع مسؤ ولية الشر بنقلها من الانسان الفردي الى‎ 
وص و يزيط ليوب يو 4 بو 1-18 مدهي ال ايت بود‎ 
الحق الطبيعي الذي يفهمه ديدرو . على طريقته تماما . كي)‎  ) الصادر , في عام1755 » في للوسوعة‎ 
يفهم عل طريقته . الاصيلة جداً » الارادة العامة التي لا يعتبر هذا الحق الطبيعي إل انعكاماً لا‎ 
. في كل منا‎ 
إن الارادات الخاصة كبا يُمَلْم ديدرو » هي إرادات مشكوك فيها . إنها يمكن أن تكون‎ 
طببة أو خبيثة . أمّا الارادة العامة التي هي إرادة النوع . والرغبة للشتركة لكل الجنس البشري‎ 
التي د يعتبرخير الجميع شهوتها الوحيدة » ) ولتي همي أسبق وأعلى من الارادات اللخاصة مثليا أن‎ ( 
بحد ذاته هو أسيق وأعلى من الافراد  فهي دائياً طيبة . إنها لم تمدع مطلقاً , ولن تمدع‎ 
مطلقا . وهي لا يمكن أن تخطىء . إن الفرد يجب أن يتوجه اليها ليعرف الى أي حد يجب أن يكون‎ 


1) أنظر : ب . هازار- « الفكر . . . »- ص :32-381 . 


42452 


 :‏ إنساناً » ومواطنا ورعية وأباً وطفلاً » . ومتى يكون من المناسب له ١‏ أن يُولِد أو أن يموت ؛ . إن 
عليها هي أن تبت الحدود لكل الواجيات . إنها في كل واحد منا عبارة ه عن عمل بحث من أعبال 
الفهم الذي يفكر أثناء صمت الشهوات فيا يمكن للانسان أن يطلبه من مثيله . وفيا يحق لمثيله أن 
يطلبه منه » . إن ما يربط بين كل المجتمعات ‏ وبدون أن تُستثنى منها المجتمعات الاجرامية ‏ هو 
الخضوع لهذه الارادة العامة , التي تحل محل الله والعناية الالمية . ولا يخشى ديدرو من أن يعلن بان 
الانسان الذي لا يُصغي إل لارادته الخاصة هو عدو للجنس البشري ! 9 . 


كيف يمكن أن لا نسجل , على النقيض من ذلك . الرصانة التي يقتتحم بها مؤ لف هذا المقال 
الجسور حول الحق الطبيعي ٠‏ بدن السياسي إنطلاقاً من التميز بين الارلاين ؟ فيا أن 
إحذاههما » كما يقول . وهي الارادة العامة , لا تخطىء مطلقاً , فإن من غير الصعب إذن أن نرى 
« أن من الواجب . . . أن تعود لها الفوة التشريعية » . وذلك من أجل خير الجنس البشري ؛ وأن 
ثرى أي « احترام ندين به ( وهذا ما يسرع باضاقته الكائب البارع وللحترم زوراً) تماد د الناس 
الاجلاء الذين يجمعون في إرادتهم الخاصة سلطة الارادة العامة وعصمتها » . 

ألا يوجد هنا بين السطور تحذير من أهواء الارادة الخاصة للملوك ٠‏ الذين يجسدون مؤقتاً 
الارادة العامة المحصومة من الخطأ وشبه المقدسة . والتي تعتبر لوحدها . في التحليل الاخير» 
صاحبة الحق الشرعي ف سلطة سن القانون » 0 . 

القد خصص ديدرور مباشرة لهؤلاء الناس الاجلاء مقالات شتى في الموسوعة . تُوضّمَ فكره 
فيها بدقة » وكانت عناوينها ؛ و السلطة السياسية 1751(6) و« اللطة والقدرة والسادة »(1765) ., * 
أما مؤلّف مقال : « الممثلون » فيا زال موضوعاً للجدل : هل هو ديدرو أم البارون هولباخ » 
المرتبطان مع بعض بشكل و ثيق واللذان يتشاركان في العديد من الافكار ؟ 

بعد إنجاز الموسوعة ( في1765) تمه ديدرو ( بعد أنْ مُسسّهُ لبعض الوقت الحظوة 
الفيزيوقراطية ) طوعاً أو كرهاً لآن يوضح لنفسه , بين1770 و1774 هذه القضية الكّبيرة في ذلك 
العصر : قضية « الاستبدادية » المستنيرة . ها هو فيلسوفنا إذن ٠‏ وجهاً لوجه . أمام أنلس أجلاء - 
يسمون فريدريك ملك بروسيا . وكاترين ملكة روسيا ‏ ويتتمون لنموذج من نوع خخاص جدا . 
ونعرف كفاية في ماذا هم كذلك . 


(9) ولكن أبن يوجد « مستودع هله الارادة العامة » . وأبن يمكن استشارتها ؟ إن ديدرو يطرح عل نفسه السؤال 
وتيب عليه بطريفة بليغة أكثر ئما هي مقنعة : « ني مبادىء الحق المكتوب لكل الامم المتمدنة ؛ في الاعبال 
الاججهاعية للشعوب المتوحشة والبربرية ؛ في الاتفاقهات الضمنية لاعداء الجمنس البشري فها بينهم ٠‏ وحتى في 
التقمة والحقد . .ءالخ 
لل حول الحتمية الاخبلاقية عند دبدرو, وما هو طبيعي والارادة العامة . أنظر ه . بروست(لوناه2 .11) «ديلرو 
والمرسوعة ؛(6ذل4مم0نء1.'82 61 0106404 بلريس ناه  1962-‏ ص : 508 . و : ديدروه الاعيال 
السياسية »(قعناونافادم 5ع؟/الا0) طبعة ب .. فيرنيير )0.17/15300/18155‏ المرجع السابق ذكره ‏ باريس --1963 
نم0 . 


0453 


السلطة السياسية . الممثلون 

إن أي إنسان » حسب رأي مؤلف مقال1751 لم يتلق من الطبيعة الحق بقيادة الآخرين . 
فالامير لا يستمد سلطته إلا من رضى رعاياه . ( وليس'له » من جهة أخرى » الحق بأن يطالبهم 
بخضوع أعمى : إن ديدرو يشر » بلطف . بأن هذا الخضوع الاعمى لا يكون واجبا [3 
للخالق » بين يُستثنى منه أي تلوق ) . إن هذه السلطة تعتبر مالا عاماً وليس خاصاً . إن ملكيتها 
الكاملة تعود للامة ( للشعب) . أما الامير فهو ليس إلا المنتفع بها , المدير لما ولمؤتمن عليها . إن 
الامة هي التي اعطته إياها كوديعة , وأَجرتها له » ومنحته حق ممارستها . إن الامة تتدخل دائا في 
هذا النوع من العقود أو الموائيق التي تختلف شروطها , بدون شك . حسب الدول . ولكن في كل 
مكان : 

د يحق للامة أن تحافظ تجاه وضد الجميع على العقد الذي أجرته . إن أي قوة لا 
تستطيع أن تخيره . وعندما لا يعود العقد قائياً تستعيد حقها وحريتها التامة في إجراء 
عقد جديد مع من يحلو لها » وكم! يحلو لما . وهذا ما قد يحصل في فرنسا إذا ما 
انقرضت . لسوء الحظ ١‏ الاسرة الحاكمة بأمرها . . . حينذاك سيعود الصولجان 
والتاج الى الامة » , 

أليست هذه حِكَمْ ‏ مُستلهَمة مباشرة من لوك وتنجه , في فرناء ‏ لتقويض السلطة 
الملكية » ؟ . لقد أحدث المقال فضيحة . وعبداً حاول ديدرو تغطية نفسه بشهادة لهنري الرابع 3 
العزيز عل الموسوعيين  .‏ وأحد أكبر ملوكنا » ( والذي استخدم ديدرو إحدى خطبه المشهورة التي 
ألقاها , في عام1596 » أمام مجلس الاعيان , كضمانة له) "" . 

وعبثاً ذهبت دعوته » في ناية المقال , التي أذ عليها , بحق , أنها لا تتفق مع بدايته » 
لعدم مقاومة الملوك حتى « الظامين والطرأعين والعنيفين » منهم . والذين لا يوافق ( تماما مشل 
بوسييه ) على القيام ضدهم إلا بالخضوع والصلاة . إن قرار مجلس الملك . بتاريخ7 شباط1752 ٠‏ 
الذي يأمر بحذف الجزأين الاولين من الموسوعة ) يعود سببه » بكل:تأكيد الى هذا المقال . وعندما 
ظهرت ٠‏ ثانية في1753 » ( وبفضل ماليزرب ) الطبعة المشهورة التي تضمنت جزماً ثالث وجد 
ديدرو تبريراً بارعاً بتغطيه نفسه . هذه المرة » بسلطة ملك آخر هو . . لويس الرابع عشر'! 8 

إن على الامير » لكي يجعل شعبه سعيداً أن يهتم بحاجاته » ولهذا يجب عليه أن يعرفها . 
الامر الذي يفترض وجود ممثلين 065645813015 يُعرّفهم مقال عام1765 . الذي يحمل هذا 
العنوان . بأنهم : « مواطنون مستنيرون أكثر من غيرهم , ومهتمون أكثر بالشيء العام ؛ مواطنون 
تر بطهم ممتلكاتهم بالوطن . وتضع وضعيتهم في متناوهم الشعور بحاجات الدولة » وبالتجاوزات 





(ه) : اني لم أدعركم قطالى هنا . . . لكي أجبركم عل الموافقة بشكل أعمى عل إراداتي [ ولكن ] من أجل ان الى 
نصائحكم , ومن أجل الابمان بها . ومن أجل اتباعها . وبكلمة . من أجل أن أخضع نفسي للرفابة بين أيديكم ) 


. 9: إفرأ مقالة و سلطة سياسية ؛(عناوذانادم 6انمواناه) في : فيرنيير- ص‎ ١ 


434 


التي تدنسها . والعلاجات إلتي من المناسب تقديمها لها » . 
لنلاحظ عبارة : تربطهم ممتلكاتهم بالوطن . . . إن الصيغة ليست محرد أسلوب انشائي . 
فاللقال يستخدمها ثانية » ويلح على : : أن الملكية هي التي تصنع المواطن » . إن كل إنسان يمتلك 
شيئاً في الدولة ٠‏ بهتم بخير الدولة . وعلى حد قول ي . بولاثال(لة#داء8 .9) ذ فإن ديدرو , مثل 
كل فلاسفة الانوار ‏ المتأثرين بالفيزيوقراطيين لا يخد يأك مؤسسة الللكية هي مؤمسة عر 
عادلة .وهو يقيمها عل عمل المزارع في البداية . 
باستثناء هذا التحفظ . يتم الاعلان بحماس عن حق جميع طبقات الامة بأن يُسمِعٌ صوتها- 
بينا تقوم السلطة السيدة بالسهر عل التوازن فيا بينها ‏ ! إن الحق « بالكلام في حد ذاته » هو . 
بشكل خاص . حق للشعب : ويقصد المؤلف بهذا التعبير. سكان المدن والارياف . التجار» 
وأصحاب المشاغل والمزارعين ( المهتمين أكشر من أي شخص بلمال العام : الارض ١‏ القاعدة 
الطبيعية والسياسية للدولة » ) . وهذا هو الجزء الاكثر عدداً . الاكثر عملاً والاكثر فائدة في 
للجتمع . 
يجب أن يكون هناك . بكلمتين » دستور تمثيلٍ , وانتخابات تنكرر » بما فيه الكفاية » 
لتذكير الممثلين بأن الامة هي مصدر سلطتهم . وينبغي أَنْ يكون للناخبين أو« المؤ سين » القدرة 
عل تكذيب هؤلاء الممثلين , ونقدهم وعزهم في أي وقت . لآن مثال انجلترة , التي عاد منها 
البارون هو لباخ . في عام1765 ٠‏ وهو متشائم جداً » كان يبين ١‏ بما فيه الكفاية ٠‏ الى أي حد يمكن 
للنواب أن يكونوا معرضين للخطأ والفسادف . 


د إن مثال الملكية المعتدلة » ذات الاساس التعاقدي الذي يفترحه ديدرو الموسوعي يُذْكّر( على 
حد قول ب . فيرنيير ) مباشرة بلوك . إن أصالته هزيلة . إذا ما استثنينا الاسلوب والمزاج الحم سي 
لرجل الشعب.. إبن صانع السكاكين في بلدة لنجير(ة»#همه0 . ومع ذلك فإننا نفهم رد فمل 
المحافظين ومجلس الملك لأن مثل هذا المثال كان يحتوي بذور تهديم الملكية المطلقة . ولكن هل 
سيتمسك ديدرو نفسه بهذا الثال ؟ ألن تلامه النزعة الرائجة في ذلك العصر؟ ألم يكن الحكم 
المطلق يقدم حلاً مقبولاً لمشكلة السلطة , شريطة أن يكون مستديراً . بالفلاسفة . إنه وهم 
فريدريك ! ووهم كاترين ! هذه التي اشترت من ديدرو مكتبته وخلصت هذا الاديب المعوز من 
مازق . ولقد كتب . وهو الرجل الشعبي . في عام1766 » ما يقرع مثل صرخخة قلب : « على الملوك 
أن لا يأبهوا بنا » إن كانوا سيتحملون عناء في ذلك »© . 
ديدرو والطفاة المستيرين 

لم تجبيات 5 عله ا دان د سلبان الشمال » » فإن ديدزو , والحق يقال » كان 

متحفظا . ولكن ها هو الملك ‏ الفيلسوف ينشر في أذار1770 دما حول الملرلة سيول الانمتيق 


(1) إفرأ مقالة : « ممثلون » في ب . ثيرنيير ص : 54-40 . 
(2) ب . فيرنيير- للقدمة العامة ص : 26 . 


455 


المسبقة رمك ناوا م ممما ساد نعمدظ'امة مس06 . هذه المحاولة التي كان البارون هولباخ قد كتبها 
تحت اسم مستعار . إل أن البحث الذي قام به الملك كان ».والحق يقال , عبارة عن دحض جملت 
نبرته وحنججه ديدروء الذي شعر بأنه أصيب بنفس الضرية . يأخذ الريشة ليصف هذا الملك بأنه 
فيلسوف مزيف , ومرائي ينبغي فضحه بدون مجاملة , ومحتال » وهفتري على الطبيعة الانسانية و ع 
في الحقيقة . طاغية !. ويصارح دنيس الفيلسوف ( وهو الذي يعتبر نفسه فيلسوفاً حقيقياً ) مؤلف 
« البحث » بواقعه . في رصالة غير منشورة ومؤ رثة في عام1771 : وقد اكتشفها كمخطوطة .» 
وقَدّمها للقراء في1937 . فرانكو منتوري(71ن5.17/5) , تحت عنوان ه صفحات غير منشورة ضد 
طاغية(هةز) هنا امه" 12601165 5عه28) . لنسرد فقط الطور الاخيرة منها : 
« ماذا تعلمت إذن من هذا الكتيب ؟. . أَنّ الانسان لم يحُلقَ من أجل الحقيقة » 
ولا الحقيقة خلقت من أجل الانسان . وأننا محكوم علينا بالخطأ . وأن الخرافة لها 
جانب جيد . وأن الحروب شيء جميل الخ . . . فليحفظنا الله من ملك يشبه هذا 
النوع من الفلاسفة » . 
وسنقرأ ما هو أكثر , وأفضل من هذا في كتيب « ملاحظات مكتوبة بيد سيد على هامش 
تاميث » (عاأعها عل موهده ها ذ مندى 'انامة وناك منهد ها عل كعانت6 8/0465 3 في عام1774 5 
فتحت العنوان الفرعي :د مبادىء سياسة السادة » (كدندع انمة دعل عدونانادم عل ممواء م6 0 
الذي هو عبارة عن جموعة جِكُم, وضعت أحيانا في فم فريدريك ٠‏ وعبرت إحياناً خرى مباشرة 
عن فكر ديدرو »جعل هذا فريدريك يقول : 
ليس هناك إلا شخص واحد في الامبراطورية ؛ إنه أنا . إني أهتم قليلاً بأن 
يكون فيها أنوار وشعراء وخطباء ورسامون وفلاسفة الخ ... إني لا أريد إلا 
جنرالات جيدين . ليس هناك لدي وزراء قط وإنما موظفون . إن رعاياي لاا 
أمنهم . ولا من حرمان من حرية ليس لدى الشعوب إلأًظل تافه لها . ومع ذلك فأنه 
يجب عل أن أعترف بأن لدي لحظات محزنة » فليجلبوا لي نابي . . . ؟ ٠‏ 
أما ديدروء الذي يتكلم باسمه , فلنستمع اليه يقول : 
« إحذروا ملكا يعرف عن ظهر قلب أرسطو وتاسيت ومكيافللي ومونتسكيو . إنه 
لأمر جيد أن يُسَمّى عبيده مواطنين ؛ لكن الافضل هو أن لا يكون هناك عبيد قط 
وأن يعترف بأن القوانين سدْتْ من أجل الجميع . من أجل السيد ومن أجل الشعب . 
لكنه لا يؤمن بشيء:من هذا . إنها حرب لا تنتهي , حرب الشعب الذي يريد أن 
يكون حرا » والملك الذي يريد أن يقود . إن من الواجب أن لا يكون هناك أخلاق 
وفضيلة إلا بالنسبة لأولئك الذين يطيعون . | وإني لأعرف جيدا . للاسف ء بأن 
هؤلاء لا يستطيعون أن يحُلُوا بها بلا قصاص ؛ فهذا . هو الامتياز التعيس لأولنك 
اللذين يقردرن » . 


456 


م دمه 


وهذا . دون إغفال الِكم الانتقامية التي يحذر فيها الفيلسوف أمثاله » أولئك الذين يمون 
في أيامنا هذه « بالمثقفين » » من كل الاوهام : 
« عندما نخدم الكبار . ينبغي أن يكرن لدينا دائماً نباهة « أقل من نباهتهم . . 
وينبغي أن لا نفصل أبداً بين السيد وشخصه . إن أي ألفة يمنحنا أياها الكبار » وأيٍ 
دن يبدو أنهم يعطونا إياه لنسيان مرتبتهم » يجب أن لا نقبل بها على الفور 
إطلاقاً . . . إن الملك ليس أب ولا إبناً ولا أخا ولا قريباً ولا زوجاً ولا صديقاً . من 
يكون إذن ؟ . إنه ملك . حتى عندما ينام 0:6 5 


إلا أنه يجب القول بأن هذه الكم الاخخيرة لم تمر ديدوو من كاترين . « سميراميس 
الشهال » » الني قام من أجلها . في عام1773 . بسفره الكبير الى سان بطرسبرغ . والتي كان له 
معها في أرميتاج » جلسات دراسة حقيقية » كتب عنها في المحادثات (كهعناءما80) والتي من 
أيديها أخذ الناكاز(2هطلة01 أو« التوجيه التحضيري من أجل سن القوانين » ههناءدهاعم1) 
(5أ0! كع موتاعءكمم ها عناوم ععنه ]نهعم ( الذي كتبته ونهبت فيه أفكار مونتس كيو 
وبيكار ي(8ذتهعء86)) . إن ديدرو سيفكر بهذا الناكاز بعد عودته من روسيا » وسيأخذ الريشة 
بيله . وسيكتب . بناء عل ذلك . « الملاحظات »(1085لة:06565) اء التي لن تقرؤ ها كاترين إلا 
في عامك178 » بعد وفاة ديدرو . بانزعاج شديد . وليس هناك ما هو أكثر إيحاءً من هذه 
« المحادثات » وهذه و الملاحظات » !. 


إننا نتعلم من قراءة الاولى . بأن كل حكم تعسفي هوحكم ميء . وذلك دون استثناء حكم 
السيد الطيب . العادل . الحازم والمستنير » و إكاعا كزع بن اليه الى بالققائوك اراق بعلم 
الارادة » أي . بكلمة . الحق بالمعارضة . لأن الحق بالمعارضة , في المجتمع البشري . هوحق 
وملسيو لأ بعل ال ناض . وف حال عدم وجود هذا الحق . يصبح الرعايا حيوانات 
تحت قيادة راع » ممتاز بلا شك . لكونه يقود « القطيع . . في مراع | دسمة )( حسب تعبير ديدرو 
في دحضه هلفيتيرس (كمنا» لاء0'5 مو أنها لا ) . لكن كل شيء لا يكمن في هذا . فالطاغية الذي 
يحكم رعاياه حسبه| يحلوله » حتى ولوكان أفضل البشر » يقترف ‏ إثا كيرا » : لانه يجعلهم ينسون 
الشعور بالحرية . الذني من الصعب جداً استعادته عندما ننساه . إِنهِ يِذ لهم قروناً من البؤس 
مقابل عشر سنوات من السعادة : « فلوئتالت ثلاث ملكات مثل اليزابيت » لغرق الانجليز بشكل 
غير حسوص في عبودية طويلة . 

لقد كانت كاترين » على حد قول ديدرو , تشاطره الرأي حول هذه النقطة الاخخيرة . لكن 
روسيا لم تكن انجلترة . وفي كل الاحوال . فإن الامبراطورة المتصلّفة إن لم تُصدم كثيراً 
« بالمحادثات » . فإنها ستندم لقراءة « الملاحظات » ( الامر الذي ينبغي أن لا نندهش له ) . 

« فا ملاحظات » تعلن في المقدمة أنه ليس هناك قطامن سيد حقيقي إلا الامة ؛ وأنه لا يمكن أن 


«1) حول كل النصوص المتعلقة بفريدريك : أنظر ب . فيرنبير ومقدماته . 


417 


يكون هناك من مُشرّع حقيقي إلا الشعب . وبعد ذلك بقليل نقرأ : إن امبراطورة روسيا هي 
بالتاكيد طاغية . ( الكلمة ترد فيها وتحرق ) .( ويتساءل فيلسوفنا) هل كانت تنوي أن تحافظ عل 
الحكم الاستبدادي وأن تنقله الى خلفائها . أم أن تتخل عنه ؟ إن التتمة والخلاصة جديرتان بهذه 
البداية . فالمادة19 من الناكاز تعلن بأَنّ السيد هو مصدر كل سلطة سياسية ومدنية . وهذاما 
يعترض عليه ديدرو بقوله : « إني لا أفهم هذا قط . ويبدو لي أن رضى الامة . الممثلة بنواب أو 
بجمعية . هو مصدر كل سلطة سياسية ومدنية ؛ . ويشكو ديدروء في مكان آخرء من أن 
الامبراطورة لم تنس ء بما فيه الكفاية » في « توجيهها . . . » بأنها كانت صاحبة سيادة » ومن أننا 
نجد فيه العديد من السطور التي تستعيد فيها ثانية » ودون أن تتبين ذلك , « الصوجان » الذي 
تنازلت عنه في البداية . ويأسف لأنه لم يرفيه أي استعداد مستقبلي لتحرير جسم الامة . إنه يرى 
فيه ( وعباراته في الخلاصة قاسية جداً ) ٠‏ ننازلاً عن اسم الطاغية » لكن جوهر الشيء حُوفِظ عليه » 
سمي الاستبداد ملكية » . 

إن كائرين . الفخورة جداً « بناكازها » ستمكر وستقول بأن النقد سهل . لكن الفن 
صعب . ولفد نُسبّت الى الملكة في وقت « المحادثات » . وتبادل الاطراءات والمجاملات . الجمل 
التالية » المليئة بالمعاني » » بالمعاني الطيبة : « إنك تنسى يا سيد ديدروء في كل مخططانك 
الاصلاحية . الفرق بين وضعية كل منا . فأنت لا تعمل إلأ على الورق الذي يقبل بكل شيء . 
أما آنا , الامبراطورة المسكيئة » » فأعمل عل الجخلد البشري السريع الاتفعال والحساس جداً ٠‏ لان 
للورق » . وهذا ما قام الفيلسوف , بكل تواضع مزيف . بترديد صداه , مشيراً الى أن لا شيء أكثر 
سهولة من ترتيب أمبراطورية . والرأس متكىء على وسادة » وعندما يكون لدينا ه شيطان مسكين 
يستهدف العمل بالسياسة » ٠‏ لأن كل شيء يسير , في هذه الحالة » كما نريد . لكن الامر يختلف 
كلياً ه « عندما نبدأ , ويتعلق الامر بالشروع في العمل » . بعد ذلك الحين . وعندما كتب 
د ملاحظاته » بدأ ديدرو يتصلب . 


وربما قرأ ثانية حِكَمّهُ الخاصة التي كانت تحذر . بقسوة , المثقفين من الملوك . من أمشال 
فريدريك . وإن كان قد استمر , بالمناسبة في إطراء الملكة . ( د فلها . كما كتب . يمكن قول 
الحقيقة . فهي المرأة الحقيقية لهنري الرابع » ) . ولقد كان يوجه لها دروساً عمديدة بلا مجاملة . وكان 
يقول ا بأنه لا يرضى بأن تعتقد بأنها ه أفضل مما هي في الواقع » . وكان يتنظر أيضاً اللحظة البعيدة 
الت سنقرأ فيها في مقدمة مرسوم ملكي عبارة : « لويس أو فريدريك أو كاترين بفضل رعاياه » » 
بدل العبارة التيوقراطية : « . . بفضل الله » . 

وهكذا حُسيمت القضية بالنسبة لديدرو , بعد هذه التجربة التي عاشها : إن الاستيدادية 
المستنيرة على حد تعبير ب . فيرنيير- ليست هي السياسة الحقيقية للانوار . » 5 





«1) حول دهدرو وكاترين : أنظر : ب . يرنيير » مقدمات ونصوص وكذلك تقييم ب . برنيير في المقدمة العامة - 
ص :32 . 


458 


كشف الحساب الختامي : صوت الفيلسوف 

إذن ء ما هي السياسة الحقيقية ؟ 

إن ديدرر .2 بعد استبعاد صيغة « إجلال الامراء للفلاسفة . والفلاسفة للامراء » ( حسب 
الصورة المحببة لبول هازار يعود على ما يبدو للملكية المعتدلة ذات الاساس التعاقدي : إن مصدر 
السلطة هوء ولا يمكن أن يكون إلا في الامة ( الشعب ) . إنها ملكية ذات دستور تمثيلٍ » كها 
نعلم , ونظام انتخاب مقيد بشرط الملكية . إن ديدرو يقصر الحكم الديمقراطي ‏ حكم الشعب 
بالشعب الذي يفترض اتفاق الارادات . بين بشر متجمعين ني محال ضيق بما فيه الكفاية ‏ على الدول 
ذات المساحة الصغيرة ( « أعتقد أنه لا يمكن أن يكون هناك حكم ديمقراطي إلا في الجمهوريات 
الصغيرة » ) . وإذا كان قلبه بلغة عصرنا . إجتاعياً , وأهمه نبرات بليغة الاثر » وصحيحة جدا ‏ 
حول وضع الحرفي والعامل » فإننا نستمع بامناسبة الى عقله وهو يصدر صوناً غتلاً كلياً . لقد كان 
لديه فكريا ٠‏ وكها كتب ء نظرة قليلة الاطراء نحو« الانسان ‏ الشعب » : وذلك على. الاقل في 
عام1778 » عندما ظهر و بحث حول عهدي كلود ونيرون ممما عل وعموة وء! ننه نمكحظ':) 
(ده»اة عل اه , الذي بإمكاننا أن نقرأ فيه أن كلود د هو الاكثر خخبثاً والاكثر حماقة بين البشر ؛ وأن 
إفتقاد المره للشعبية وجعل نفسه أفضل . سيّان ؛ وأن صوت الفيلسوف الذي يخالف صوت الشعب 
هوصوت العقل »" . 

صوت الفيلسوف . . . إننا نلامس هنا بلا شك . أساس تفكير مؤلفنا . وسواء أخذنا 
« المباحثات » أم « الملاحظات » أم « البحث. . . » المذكور سابقاً . أم ه خطاب من فيلسوف الى 
ملك , *(نمء مدا ذءطممدهلئطم ون 'ل 5كناوء15©) » فاننا سئرى فيها الفيلسوف وهو يمسك بمفاتيح 
كل شيء , أو تقريباً كل شيء . في المبدان السيامي . إنه يوضح للبشر حقوقهم غير القابلة 
للتنازل . ويخفف من التعصب الديني ( وهي مناسبة لديدرولمهاجمة رجال الدين للنهاية ) » ويعلم 
الحاكم ما هو العدل وما هو الظلم . والعسكري الذي يدافع عن الوطن . ما هو الوطن , والملك 
الذي يقود الجميع . ما هو مصدر سلطته . وما هي حدودها . إنه يُعتبر , إذا قام بواجباته في 
المجتمع . أفضل مدافع عن الملك السيد . عندما يكون هذا و صالحا » . إنه يقول له أن يكون 
عادلاً حتى تجاه جيرانه ( 9 فلماذا تمزق بولونيا ؟ » ) . ويقول للشعوب إنها هي الاقوى وإنها « إذا 
سارت الى المجزرة . فلآنها تركت نفسها تُقاد اليها » . إن من الممكن أن يكون قد تكلم بلا جدوى 





(!) انظر » ب . هازار_« الفكر . . . » ص : 323 . وحول الحكم الديمقراطي انظر . « دحض هلفيتيوس » فٍ : 
ب . فيرنيير- ص :478 . 

(0) وهوعبارة عن رسالة هجاء مختصرة ولكنها مقدمة ضد الاكليروس , وبيدو . على وجه الاحهال . ( وحسب رأي 
٠‏ ب . فيرنييرء ص : (452) أنها نشكل إحدى المقاطع العديدة الني أعدها ديدرو من أجل كتاب ه تاريخ 
المندين (وعوص! يانعل وعل عكنه115) للاب راينال(لعدرهظ غططة'ب) . ونقرأ فيها : « سيدي ؛ إذا أردت 
الكهان , فلن تريد قط الفلاسفة . وإذا أردت الفلاسغة فلن تريد قط الكهان . فنظراً لآن الاوائل هم أصدفاء 
العقل وبحركو العلم , ولان الآخرين هم أعداء العفل . وصاتعر الجهل , ونظراً لآن الاواتئل يفعلون الحير 
والآخرين يفعلون الشر , فانك لن تريد . في نفس الوقت , الخير والشر» ( انظر - ب . فيرنيير « ص : 483) . 


459 


ويمكن القول أنه إذا كان ديدرو المواطن قد انخرط في صفوف الجماهير . كواحد من بين 
آخرين , فإن ديدرو الفيلسوف كان يشعر أنه « المساوي للملوك » . هل هذا يعني التطلع للعب 
دور الفيلسوف ‏ الملك ٠‏ والطموح للعرش الذي يحتله بشكل ميء الملوك ‏ الفلاسفة للزيمون 
الذين نعرفهم.؟ لا . إنما المقصود أن ممُنح الفيلسوف من أمثال دنيس ديدرو الوسيلة لينير ه املك 
والشعب في آن واحد ؛ » وأن يوجه كل منهما بكتاباته » جاعلاً » سلطات الظْنْ يتراجع باستمرار أمام 
سلطان العقل » (عللى حد تعيير ج . بروست(00051 .1)) . 

إن هذا يعني . ضمنياً » إختيار طريق الاصلاحية الملكية » وليس الثورة ‏ ذات المغامرات 
التي يدفع ثمنها غالياً جداً . الجيل الحالي من أجل سعادة جيل المستقبل . 

ومع ذلك فإننا نعلم جيداً أن الثورات نأتي دائياً عند الوصول « للحد الاقصى للبؤس » ؛ 
« توابع تعوض الدم المراق ١١»‏ . 

وهكذا نرى أن الفكر الفلسفي . الثوري من حيث الجوهر , لديدرو , الملحد والمادي » لم 
يؤثر مباشرة على فكره السيامي المعتدل إجمالاً . وذلك بعكس فولتير التأليهي والروحاني . 

إن ملاحظة مشابهة يمكن أن تُطْبَقَ , بالاجمال . على هلقيتيوس وهو لباخ . بالقدر , المحدود 

جداً » الذي من المسموح به تقريبهما من ديدرو ومقارنتهما بدنيس « غير القابل للمقارنة » . 


3 هلفيتيوس (كنائا1©176) وهولباخ (طعهطامة) 

نشر هلفيتيوس (1715 -1771) , المزارع ‏ والغني وهو في الثالئة والعشرين من العمسر- 
وصديق فولتير الكبير ( الذي كان يكبره بكثير ) . في عام1758 كتايه د في الروح 610(2م85'! 006 
الذي أحدث « ضجة شيطانية » . وأثاره قضية » حقيقية . وقد أحرق الكتاب علناً بناه على حكم 
صادر عن البرئان . هذا فأن كتابه الثاني د في الانسان »(#صدعد”061) الذي كان المؤ لف يطمح 
من ورائه لتوسيع وتعميق أسس الكتاب الاول لم يظهر الأ بعد وفاة مؤّلّفه في عام1772 . وقند 
شكل هذا الكتاب . في عام1774 . موضوعاً « للدحض ©:((دناهان4 الذي كتبه ديدرو . 


أما بول تيري دو هولباخ (1723 -1789) ؛ البارون الالماني الاصل » الذي أكسبته ضيافته 
الباذخة وأكلاته الشهية لفب « رئيس خدم فندق الفلسفة » . والمتعاون امام مع الموسوعة » 
والصديق الحميم لديدرو , فقد أَلْف بين1770 و1776 « نظام الطبيعة ؛(متشهه ها عل مدسغايز8) 
د والنظام الاجتاعي »(لهفةه5 51253/ا5) والسياسة الطبيغية(6لاععدهةل عداوناناه2) والايتوقراطية 


( أو سلطة علياء الاخلاق )(عنندعمطا0.'8 , والاخلاق الكلية(ملكوك “نهنا ملده04 . إِنّه 


1( حول ١‏ الفبلسوف » : انظر : ب . فيرنيير» ص : 320-319 : 


«4600 


املف الذي حَكَمّ على نفسه بالاغفال الكل لإسمه من أجل أن يكتب ليس « بكليات مغطاة » وإفا 
بصراحة . 

إن الراديكالية الفلسفية هذين الكاتبين لن يكون ها في الميدان الاججهاعي ‏ السيامي إل تأثير 
غير مباشر » وذلك عل إثر نظرتهما للطبيعة البشرية » وخاصة عندما يتعلق الامر ببلفيتيوس ( الاكثر 
أهمية بكثيرعل المدى البعيد : « والذي كان يشكل لوحده جيشاً » ( على حد تعبيرج سس ميل .0) 
(للأ34 . لقد كان كل منهم| بعيداً جداً عن كل تطرف في ميدان الحكم 0 . 
هلفيتيوس وفكرة المتفعة . 

أثلج نشره في الروح » كثيراً صدر ديدرو : ففد كان هذا الكتاب بمثابة ضربة هراوة غاضبة 
وجهت للاحكام المسبقة من كل نوع . لكن الفكرة المادية . بشكل عدواني , حول الانسان » 
والتي كان المؤلف ببشر بها أرعبت شيئاً.ما فولتير . الذي كان يميل دائياً للخوف من المبالغة في 
الجرأة » < والافراطني الحماس » لدى المتقدمين من أعضاء الحزب الفلسفي . 

القد أراد هلفيتيوس أن يرى ني المصلحة مصدراً لكل الاعيال الانسانية . التي هي » 
علانية ٠‏ أخلاقية . وهو يعني بالمصلحة . لدى كل فرد » كل ما يمكن أن يزوده بلذة أو يجنبه العناء 
( أي » بالاجمال , ما يجعله سعيداً . حسب مفهوم للسعادة . من المسموح به القول بأنه محدود 
اللذة والالم حركيه الوحيدين . لقوانين اللصلحة : إن اللصلحة هي الني توزع التقدير والاحتقار 
المرتبطين بالاعهال والافكار . إن التصرف بالطريقة النافعة لأكبر عدد يعني أن تكون علدلاً » وأن 
تكون فاضلاً : لان الفضيلة ليست إلا الرغبة في سعادة هذا العدد الأكبر:ت . 

كيف نكون , بالنتيجة » النلس الفاضلين ‏ وهذه هي مهمة المشرّع ٠‏ الذي هومرب قبل كلى 
شيء - إن لم يكن بمعرفة التوفيق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العاضة ( التي هي ليست إلا 
« تجميعاً » لكل للصالح الخاصة ) . وإذا كان صحيحاً أن أي فرد ه لا يولد طيباً » لوخبيثاً » وأنَّ 
الشهرات تحمل على حد سواء . ني أصلها ثمار الخير والشر ء فإن على المشرّع أن يرغمها بواسطة 
القرانين الجيدة على أن لا تمل إلا ثيار الفضيلة والحكمة . أي بعبارة أخرى . توجيهها في اتهله 
للتفعة العامة . إن على هذا المشرّع أن يعرف . باعتباره مربياً » أَنَّ الانان هو فقط وليد الاشياء 


)1١‏ تظر حول غضية ه في الروح »- جوسيلان( امود : « هلئيتيوس ومدام دو بابادور حسب ومائل غير 
منشورة للفيتيوس وللاب بليس ممنفلهها ممتاعا معد مذعجه :4 عسمفموصمدم عد مه كذ اك مم62 1م11 
(1758 -1761) (عممعام عينم نط كك منطان عط :0 _جمعاط م1 -1913 . - وقد ظهر كتاب وف الروح » في 
عام1714 ف استردام . بمجلدين . أنظر : غلي بس (عممع8 (3-8» في الروح » نختلوات نصوص - مقدمة 
وتعليقات -تعلعفت0ه مومنف :باريس -1968 . 

2 أنظر : « في الامان » . وملكقه القكرية وتربيت> عه ى معلاء حت مطاملتا دادح وعد عل ,عمصتعمط "1 02 

(#متتمحدت6 ه50 _ لندن1775 ص : 15 . 


التي تحيط به وأ كل شيء بأتي من البيئة » من الظروف الاجاعية , وبالضبط من التربية ؛ بالعنى 
الاوسع للكلمة : « إن مُرَبّي كل فرد إذا تجرات على القول , هم : شكل الحكم الذي يعيش في 
ظله . وأصدقاؤه ومعلماته والناس الذين يحيطون به '. وقراءاته . وأخخيراً الصدفة . أي العدد 
اللاحدود من الحوادث التي لا يسمح لنا جهلنا بإدراك ترابطها وأسبابها » : 


إن العمل المنتظر من هذا المشرّع ‏ المربي ‏ الاخلاني لا حدود له تقريياً . إن السياسة 
والاخعلاق بالنسبة لهلقيتيوس شيء واحد . فنفس الروح يجب أن تحرك الفيلسوف والمشرع » بالرغم 
من أنهها غير مسلحين بنفس السلطة . إن الفيلسوف ‏ الاخلافي , لكي يكون نافعا للعالم » يحب 
أن ينظر للاشياء من وجهة نظر ( المنفعة » المصلحة . الفضيلة . السعادة ) التي يتأمل المشرّع منها 
بهذه الاشياء . وانطلاقاً من ذلك » فإن عليه أن يدل عل القوانين التي سيؤ من المشرع تنفيذها من 
خلال وضع خاتم قوته عليها . د إنّ الاخغلاق ليست إلا علمأ تافهاً . إذا لم دمج بالسياسة 
والتشريع » ١١‏ 8 

إعتراض : ألَنْ يصطدم المشرّع ‏ المربي باللاماواة الاصلية بين الارواح ؟ لا . لان 
هلفيتيؤس ينكر اللامساواة هذه . فهو يرى أن البشر في أغلبيتهم الكبرى خليقون » على حد 
صواء ؛ بسمو روحي . وهو يوافق فقط عل وجود لا مساواة بينهم في القدرة على الانتباه . لكنه 
يرفض ٠‏ في نفس الوقت . نسبتها ‏ الى سر عدم التساوي في كمال الاعضاء الني تنتجها . كما أنه لا 
يقبل بالحكم المسبق الخاص بعدم المساواة الذهنية للنساء » العائدة لطبيعتهن . إن ما يعترض صبيل 
التقدم الذي بامكانهن تحقيقه أن ميادين العلوم والفنون » هو تربيتهن وحياتهن . كذلك فانه لا 
يعترف بالامم المتميزة » بالطبيعة » في الفضيلة والروح والشجاعة:ت" . 


إنْ في هذا , بالتأكيد . ما يضع في رصيد هلفيتيوس ميولاً ديمقراطية . خخاصة وأن الشكل 
الافضل للحكم , في كتاب ‏ في الانسان » ( الذي قراء ديدرو ثلاث مرات قبل أن يكتشف فيه 
بعض « التناقضات » ) كان في نظر المؤلّف . وبدون أي تحفظ متعلق بمساحة الاقليم ٠,‏ هو الشكلم 
الذي لا يخضع فيه المواطنون إلا للتشريع الذي وضعوه بأنفسهم , والذي لا يرون فيه فوقهم « إل 
العدالة والقاترن » . ومع ذلك فلنقرأ 0 المقدمة , ولترى بأن المؤلف مهدى لكاترين الثانية » 
وفريدريك الثاني » أي للملكين اللذين يريدان « أن بجملا نفسيهما عزيزين على البشرية » 
واللذين يوليان الحقيّقة الكثير من القيمة » وبواسطتههما يجب أن ينار العالم . 

لقد كان المؤلّف أقل تفلؤلاً في كتاب « في الروح » وذلك لأنه عَرفَ جيداً بأن الامراء 





الل أنظر حول للريين » . هف الروح » » الخطاب الثالث ٠‏ الفصل الاول ‏ وحول « الاخلاق » « في الروح » - 
الخطاب الثاني الفصل الخامس عشر . 
2 د اللامساواة ‏ أنظر فى الروح ‏ الخطاب الثالث ‏ الفصل الرليع ‏ وه في الانسان 6 للججلد الثتي - الفصل 
الاول ‏ الفقرة الخامسة . وحول ١‏ الناء » أنظر الخطاب الثالث الفصل27 ؛ وحول ٠‏ الامم ؛ الخطاب الثالث- 
الفصل30 . 


4062 


2 الستنيرين إذا كانوا قادرين على إدراك مصلحتهم الحقيقية ( التي تتجل في أن يحكموا جيداً ) فإن 

هناك « الاخرين » : لأن التاربخ يثبت أن كل حكم يميل « دائياً للاستيداد سن . 
هولباخ والعقيدة الطبيعية : 

كان هواباخ تقرييأ مثل صديقه هلفيتيوس ٠‏ يرى الانسان محروماً من كل خرية في الاختيار 
وغير طيب وغير خبيث بالطبيعة . لكنه مؤهل لآن. يصبح طيباً أوخبيثاً حسبها تقوليه الثربية » أو 
حسبها يجد بأن مصلحته تكمن في أن يكون طيبا أوخبيثا ‏ وأنه لا ياخذ . بالاجمال . من الطبيعة ‏ 
إلا حب النفس والرغبة في حف ظ الذات . والارادة في أن يكون سعيداً . إن المقياس الوحيد للا 
الانسانية يوجد في المتفعة : أن كون المرء نافعاً يعني أن يُساهم في سعادة أمثاله . وأن كونه ضء! 
يعني أن يساهم في شقائهم . إن السعادة يمكن أن تُعرّف : باللذة المستمرة . 

فالانسان ليس له من حقوق عل الانسان إلا بسبب هذه السعادة التي تم الحصول عليها أو 
الوعودة . وإن كل سلطة شرعية ترنكز فقط عل قدرتها على أن تجملنا سعداء : وفي هذا يكمن كل 
ممنى الاق الصربح أو الضمني , المعقود بين المجتمع والسادة الذين يعتبرون حُدَامه أو لمعبرين 
عنه ٠‏ والذين يستمدون مبرر وجودهم فقط من الخيرات الني يزودوث بها الشعوب . بفضل 
مواهبهم وفضائلهقم 5 هذا فإن من الواجب أن تنأسس السياسة على الطبيعة والتجربة والمنفعة العامة 
بدل أن تقوم على الشهوات والاهواء والمنفعة الخاصة للحكام . 1 


هكذا نُستخلص المباديء السليمة والبديهية والبسيطة للمذهب الطبيعي(06دتلهنهد1© . 
الذي يقصد به الفلسغة المادية للطبيعة ٠‏ هذا الكل الكبير الذي لم يحُلق إلا من مادة وحركة . إن 
هله البادىء هي مبادىء الاخلاق الطبيعية » التي من المهم تعليمها للشعب . فليس فيها بذاتها لي 
شيء تهديمي . إنما ترتلح بشكل رائع للسلطة والقانون ( الذي يهب أن نرى فيه ه مجموع إرادات » 
المجتمع , والضمانة لتتفيذ الميثاق الاجداعي ) . إن هذه المباديء تشير , بما فيه الكفاية . الى أن أي 
سيد لا يمكن أن يكون سعيداً في ممتمع تعيس . إنها تحث الملك المستذير حول مصالحه الحقيقية على 
أن ينْصبّ نفسه كمصلح في دولته . لاء إن السلطة ليست عدواً لهذه المباديء ( طانا أنها ليست 
تعسفية أو عمياء . وأنها تقوم على الرضى الصريح أو الضمني . وأنها تقبل بوجود توازن علال بين 
اللطة والحرية'ّ . 





0 حول ه الدبمفراطية » - انظر . : في الانسان » - الفقرة الرابعة ‏ الفصل الثاني 

2 أنظر : نظام الطبيمة ( أوه في قوانين العالم الطيمي والعالم الاخلاقي » ) . مقدمة . ي . بلاقال-وعتمط همهلا 
(لت“قاع8 ./ا) 1966 _ مملدان . حول الضرورة » ص : 285 وما بعدها . وه الطبيمة ذات القواتين الثابتة » 
ص : 296 و305 ٠‏ وحول المتفعة والفضيلة والسعادة ٠‏ أنظر  :‏ السياسة الطبيمية أو خطاب حول للبانىء 
الحقيقية للحكم (اتمنتصدي تامع دل معتو ماهم عندمب وما عدنة وكتدممة0] نت عل كاله منجناتق20 8 - 
تدن -_1773 - ص : 69 . حول انجاترة - ص : 274 وحول السيد للصلح والاصلاحي : أنظر : النظام 
الاجهاعي لو للبادىء الطبيمية للاء ق والسيامة مع بحث حول تأثير الحكم عل العادات » لهكمة مدعغاور5) 
نك مممعنقفة! عل ممهمدة من عمد عتولقمم ها غك بك ملدممي ها عل جصتصمت مموتمصاير رين ال 


403 


إن عدوها هو الدين . هوالله أوالآأفة . هو اللاهوت . إنه الخرافة » بالتاكيد . لكن هولباخ 
يذهب لما هو أبعد من ذلك . إن ما يضعه قيد الاتهام » منذ ١‏ المسيحية المكشوفة »مم0 
(16ز400ل عتمدنمهة)كتمطك في عام 1761 »ووالعمدوى المقدمسة )(66هقة ممنهةادم» 8) في 
عام1768 هو الشعور الديني بحد ذاته . إن ما يطارده بضراوة هو ه الفوق طبيمي »ع0 
(اء:بائهم نه باعتباره تحدياً دائياً للعقل والطبيعة : الطبيعة المفترى عليها , المعروضة كأنها ه ركام 
دنىء من مادة سلبية تماماً » ؛ الطبيعة المجردة من حقوقها لفائدة هذا الكائن غير القابل للفهم 
والْسمّى بالله , من قبل دَجُالين ‏ وللْعلّن بأنه الاكثر أهمية من كل الكائئات ! إنها أوهام الخيال الني 
تولد أشباحاً وقوى غبر مرثية لا يقوم تهديدها إلا بمساندة القوى المرئية بشكل جيد . ( لأنه إذا كان 
الامراء يستمدون سلطتهم من الله ٠.‏ فإن هذه السلطة تكون بلا حدود » إلا إذا كانت هذه الحدود 
هي التي يفرضها عليهم الكَهان . في خين أنُّم إذا كانوا يستمدونها من البشرء وإذا لم يكونوا 
يتمتعون بها إل بشرط أن يجعلوهم سعداء , فإن البشر لا يمكن أن يكونوا مُلزْمِين بالوفاء بتعهداتهم ٠‏ 
إذا أخلوا هم بها » ) . 

إن العدو إذن ليس المسيحية فقط . فالمذهب التأليهي (©دة46) أو التوحيدي(هصدا156) ٠‏ 
والدين السمّى بالطبيعي ها كلها أيضاً أمسى مشكوك فيها ء وتتجه حت للتحول الى خرافة . إن 
تتبيت الخط الفاصل بين التأليهيين أو التوحيديين , وبين أكثر المؤمنين سذاجة هو أمر مستحيل . 

ومع ذلك فإن هولباخ » الذي ساهم كثيراً ؛ حسب التعبير الشهير لديدرو ‏ في و مطر 
القنابل » التي سقطت . في ذلك العصر . على بيت الرب » لم يكن لديه إلا القليل من الاوهام ٠‏ 
فهو يعلم أنه لن يقود ‏ في حياته . الناس العاديين للمبادىء السليمة للمذهب الطبيعي ٠‏ وقبل كل 
شيء للالحاد , الذي هوء في نظره . مصدر كل فضيلة *" . لكنه كان يعتمد على عامل الزمن ٠‏ 
وعل الانوار التدريجية للقرون . من أجل أن يقود للعرش ملوكا مستنيرين ومقتنعين بمساوىء الدهن 
والكهان . 


وبانتظار ذلك . حَوْل هولباخ للطبيعة كل قدرانه على التمجيد والحماس والحنان . تلك 
القدرات التي لم تجد لما عملاً ني الدين . ويا أيتها الطبيعة يا سيدة كل الكائنات ! وأنتن يا بناتها 
الفاتتات : الفضيلة والعقل والحقيقة ! كن للأبد لحاتنا الوحيدات . فإليكن - يجب تقديم بخور 
واحترامات الارض . بيني لنا إذن . يا أيتها الطبيعة . ما يجب عل الانسان أن يفعله من أجل 
الحصول على السعادة التي جعلتيه يرغب بها » . إن هذه الطبيعة ‏ الله تمنع » بواسطة فم البارون 
البليغ البشر من مقاومة قانونها السيد الذي يتجل في,النزوع للسعادة ه في كل لحظة من حياتهم ٠‏ 





- * ( كتحص دعا كنحة نمع حك انلمع - منشورات كت كهوناة بلريس 1822 مجلدان ‏ للجلة الثاني ص : 65 وما 
بعدها . 


(©) لفد وُصيف كتابه ه نظام الطبيعة » بأنه و توراة لللحدين » . 


4064 


والذي يأمرهم » بالتمتع 3 بلا خوف 2 بحونهم سعداء ٠‏ 5 
ويرفع هولباخ , نماماً مثل هلفيتيوس . احتجاجاً ضد وضع المرأة » وضد التربية التي تعطى 
للنساء ( أو بالاحرى التي لا تعطى لمن ! ) ٠‏ وضد قدرهن في أن يكن « مُفنْطهُدات » في كل 
مكان . إن هن أيضاً الح بسعادة حقيقية ودائمة : وهذا ما يبدو أن الرجال ينسونه . 
لكن مؤ لف « السياسة الطبيعية » . وعل خلاف هلفيتيوس » يقبل من حيث المبدأ » بوجود 
لا مساواة أصلية بين الكائنات البشرية . فهر يتمرد عل هذه « المساواة المزعومة » التي اعتقد البعض 
أنها كانت قائمة بينهم في الازمنة الاولى . ويرى أنَّ اللامساواة كانت دائياً ضرورية . وأنها أجبرت 
البشر على تقديم المساعدة لبعضهم البعض . وجعلت من اللملكية ضرورة : لأنّه جرت ٠‏ بدون 
جدوى . محاولة « لجعل كل الاشياء مشتركة » بين كائنات غير متساوية في قوتها وروحها وصناعتها 
ونشاطها . ويعود هولباخ ثانية لفكرة المنفعة : فلكي يكون كل المواطنين في دولة ما متساوين » يجب 
أن يكونوا نافعين للدولة بشكل متسار :نا 1 
ولنذكر » في الختام . بأن هولباخ كان قد طلب الى السيد المستنير أن يكون « مُصلحاً » 
( بالمعنى الوارد إجمالاً . في الموسوعة ) وإصلاحياً ! . أفي من العلاجات لمتطرفة للثورة العنيفة ‏ 
التي هي دائما أكثر قسوة من الشرور التي ينبغي الشفاء منها !. وإذا بقي أن الامة لديها الحق 
( باعتبارها المصدر الرحيد والحقيقي لكل سلطة شرعية ) في إبداء الرأي في حكومتها وقوانينها ‏ فإن 
هولباخ يوضح بأن مثل هذا الرأي يجب أن يستند على القوانين الاساسية : إن من المستبعد أن يقوم 
مواطن ما . من شأنه أن يكون معمياً بالحقد أو الحوى العابر » بتنصيب نفسه ليحاكم أو ليعاقب 
رؤساء المجتمع . 
لقد أشرنا سابقاً للانتهازية السياسية للموسوعيين ولهذرهم , وتحسسهم للوقائع ٠‏ رتكيقهم 
المرن مع الظروف . وها هو هولباخ يقدم لذلك مثالاً جديدا . فهو لم يفكر أبدا » باعتباره مفكرا 
سياسياً ٠‏ في غرس أفكاره ومطالبه ني الواقع مباشرة , بالرغم من أنه كان , كمنظر لنظام الطبيعة ١‏ 
متعصبا للتجريد . لفد أدرك أن صوت العقل وصوت العقل هو الذي يجب الاصغاء اليه دائها - 
لا يطالب لا بالتمرد ولا بالدم ؛ وأن الاصلاحات التي يقترحها ستكون مضمونة بشكل أفضل ١‏ 
لانها تنم بشكل بطيء . إن الشرور والتجاوزات هي كبيرة بالطبع . لكن الامر للستعجل هو تنوير 
كل مداها , وتنوير البشر بها . إن هولباخ . من جهته . لا يحرم نفسه من هذه للهمة . فهو يُشهر 
ويجلال بشراسة ( إن ١‏ المحاولة حول الاحكام المسبقة » التي صدمت بقوة ملك بروسيا » الذي 
وصف الولف بأنّه و كلب هائج » , تبين ذلك كفاية ! ) «ن : 


. المجلد الثاني - الفصل الخامس  ص :199 وما بعدها‎  » نظام الطبيعة‎  - حول هولباخ والدين  انظر‎ )١ 
140 : انظر د السياسة الطبيعية ؛  ص : 19-18 والنظام الاججاعي  للجلد الاول  ص‎  » حول « اللاماولة‎ )2( 
. 41 : وما بعدها  والمجلد الثاني ص‎ 
دو هولباخ والفلسفة‎ ٠ ©. ص : 58,34 أنظر ايضاً  ب . نافيل (5-م2141/11‎  » النظام الاجياعي‎ ٠  رظنا‎ )3( 
- العلمية في القرن الثلمن عثر و(ماءغنه 1!ا/اءا مد عديكناممعه نطوم متهم ها 4 معدط0ط"0) - بلريس‎ 
. 1966 لقح للد‎ 


4 حالة دافيد هيوم (776ناآآ 2 (1711 -1776) 
« إن صيغ هيوم . الذي لا يتفق مع النموذج المام للانوار 
بالسبة لفلفة التاريخ وبالنسبة لنظرية المعرفة وفلفة 
الدين . . . » تتسم بطابع التشلؤم والزهد » . . 
| . كاسبرر (التلظاككى .8) 


د إن القدرة التدميرية هيوم تنافقض مم ضعفه كمبدع 5 
وذلك بشكل اورضح في كتاباته السياسية , منه في مؤ لفاقه 

الاخعرى » . 
لسلي ستيفن (/517:117 عظهم1) 


كان على جان جاك روسو أن يخصص مقطماً من اعترافاته زقدعهءكده2) ( « آن الاوان 
لقول شيء ما عن السيد هيوم » ) لهذا الفيلسوف الاسكتلندي , الذي كان قد اكتسب لنفسه شهرة 
كبيرة في فرنسا » ولا سيا بين الموسوعيين . والذي كان يننظر أن يجد فيه ( وقد أخط في ذلك ) 
إنساناً نادراً . لقد آن الاوان لمن يسعى جاهداً لعرض الاساسية لسياسة العقل في قرن الفلاسفة . 
لآنْ يقول « شيا ما » عن هذا الانسان الذي كان مير أكثر ما كان جذاباً , والذي تستحق « حالته » 

لقد استّخدم هيوم الذي كان متشككاً ( حسب الصفة التي أسندت عادة «المونتاتي 
الانجليزي » هذا؛ ) أقل مما كان تجريبياً خاضعاً للتجربة ولضرورات المتفعة ( حيث سبق في ذلك 
هلفيتئوس') عقله كغر بال لا يرحم من أجل حل للسألة القديمة المتعلقة بأساس الالزام السياسي ٠‏ 
وتهديم صرح الحق الطبيعي . هذا البناء النموذجي للعقل , كما كانت تفهمه الحداثة: . 

لقد أخذ هذا الصرح . الذي كان بمثابة كاتدرائية للافكار . ذات تغط تومامي» والذي أضفى 
عليه غروتيوس وبوفندورف طابعاً علمانياً » شكله النهائي على يد لوك . إننا نعرف هذا الشكل 
النهاتي الذي يرى بأنّ العقل الطبيعي يُعَلْمِ البشر بعض مفاهيم الاخلاق والعدالة للَسَبأة بقوانين 


8 
- 


الطبيعة , التي هي حقائق بديهية بذاتها » وحقائق أبدية ؛ ون تكوين المجتمع السيامي كان قد ثم 





أنظر- لسل ستيفن (صعاجم:5 .1) « الفكر الاتجليزي في القرن الثامن عثر وعط صا مط طسظهمة 
(لامتتادعت طاصعماطوف ‏ نيويورك -1949 - الطبعة الثالثة . ومقالة ز . دوراتيه ه الائزام السياسي برأي هيوم » 
(عدعسط وماعه عدجنانادم ممتئعونا1'00) تي د للجلة الدولية للفلسفة ‏ بروكسل -1976 . وايلي هالفي 05 
(لالالها! « تَكَوْنَ الراديكالية الفنية , (منجفاوموماتام عملم دل ومتتعدمم ها - 
باريس 4124071 -1901  1904-‏ المزء الاول الفصل الثالث - ص . 130 وما بعدها . وكرين بريتون©) 
(241020ل82 ١‏ أفكلر ورجال : قصة المكر الغر بي خشهدوطا مكعلدع؟ كه برصمنه ع1 تمعد فمة ممعف 
منشررات عجفى معطنعهه1 لندن 1951) . وه . فلاثو(1401105ل .0) «١‏ حلولة حول سياسة هيوم » 
(عصدهة! عل عدسجناتادم ها عند نسعدة) بريس معنا ع دما -نعه0 -1955) . 


466 


بموافقة الافراد . وعن طريق نوع من العقد الاصلٍ ؛ الذي بدونه لم يكن هناك وجود لأي سلطة 
شرعية . لقد كان هدف هذا المجتمع يتلخص في أن يضمن بشكل أفضل ٠‏ ولقاء حدٍ أدنى من 
التضحيات من جانب هؤ لاء الافراد الذين أصبحوا مواطنين ؛ تطبيق قوانين الطبيعة » وكذلك متم 
هؤلاء بحقوقهم الطبيعية ( وفي مقدمتها الحرية والملكية ) .. ولهذا فإن انتهاك السلطة الاجتاعية لهذا 
الهدف يبرر التمرد . 


على هذا كان هيوم ( ادام على الصعيد الفلسفي » والمحافظ المستنير » في نفس الوقت . عل 
الصعيد السياسي ٠‏ حيث كان ليبراليا وعضوا في حزب التوريز المحافظ ) يرد بقوله : إن العقل كان 
بالطبيعة غير قادر لوحده على إملاء قواعد ضرورية في ميدان الاخلاق والعدالة » تكون بديهية 
وأبدية . لكنه كان يستطيع . على الاقل . أن يقود بشكل مفيد الاهواء الانسانية بتعليمها كيف 
تحسب نتائج هذا العمل أو ذاك ‏ وذلك من وجهة نظر الألم الأقل أو الارتياح الاكبر الذي يمكن 
استخلاصه منه ( وكيف يُفَضْل , بشكل خاص » مصلحة أكثر بُعدأً » ولكن أساسية على مصلحة 
آنية أو قريبة ولكن ثانوية ! ). هذه نقطة أولى . 


أما النقطة الثانية فهي إن هيوم لم يكن ينكر وجود بعض قواعد السلوك السيامي والاججاعي 
المقبولة بشكل كل . لكن هذه القواعد كانت . في نظره » نتاج المارسة والتجربة التاريخية الحقيقية 
وليست عبارة عن استستاجات لعقل مجرد . لقد كانت هذه القواعد ناشئة عن الاتفاق » وليس عن 
الطبيعة » وبهذا المعنى فانها تعتبر [صطناعية . وهكذا يميز هيوم بين مجموعتين أو جسمين من 
الاتفاقيات المتفصلة جيدا عن بعضها البعض . بالرغم من أنها تتعلق بنفس المفهوم المنفعي : فهناك 
من جهة د قواعد العدالة » التي يهيمن عليها احترام الملكية . ومن جهة أخرى جسم من الاتفاقيات 
التي تستند لاصل الحكم ولشرعية السلطة السياسية . إن مؤلف « بحث في الطبيعة اليشرية » 
(عمنقصباط عسمهه ها عل 6انه1) (1739 -1740) ٠‏ الذي لم يكن قد بلغ حينذاك الثلاثين سنة ) عو 
« حاولات سياسية 5(6عداوناناه 5نهدد8) (1742 -1748) و« تحقيق حول مباديء الاخلاق »(1751) 
(علد»مده ها عل تعواعدن»م وما عند عاغدومع) , يقدم لنا تفسيراً مؤثراً ‏ في واقعيته الجافة , لمذا 
الاصل والشرعية«8 . 
لملذا الحكم ؟ 
في ملذا إذن يجب أن نرى في الحكم إبداعاً مفيداً » وحتى في بعض الظروف » ضرورياً بصفة 
مطلقة ؟. يجيب هيوم : في كونه علاجأً لميل البشر الطبيعي لانتهاك قواعد العدالة بدافع للصلحة 
الآنية التتي يمكن أن يجدوها في ذلك . فنظراً لعدم إمكانية تغيير طبيعتهم , وهو الأمر المستحيل . فإن 
لديهم . عل الاقل . القدرة على تغيير وضعيتهم من خلال تطبيق مبدأ المنفعة . وبعبارة أخرى ٠‏ 
فإنه يكفيهم أن يجعلوا من احترام قواعد العدالة . الذي لا يُقَدّم إلا مصلحة بعيدة » مصلحة أنية 
لبعض الاشخاص الخاصين الموصوفين بالحكام : مثل الملوك ووزراتهم . إن هؤ لاء يقومون بتأمين 


. 508 : انظر جاه . سليين  مرجع السابق ذكره  ص‎ )١ 


0467 


احترام القواعد من خلال معاقبة أي شخص يتتهكها . وهكذا يجد البشر ‏ الذين اصبحوا 
محكومين . أنفسهم تجبرين على أخذ مصالحهم الحقيقية والدائمة بعين الاعتبار » سواءً برضاهم أم 
غصبا عنهم : فالتجربة التي تتكون لديهم حول الامن الذي يوفره لهم المجتمع السيامي تُمِدَهمٍ 
بشكل حتمي لطاعة السلطة . إنهم . بكلمتين . يعتادرن على الطاعة . 
وباختصار » فإن المصدر الحقيتي للولاء السياسي ٠‏ والسيب الحقيقي لاضفاء الطابع الشرعي 
على السلطة . يكمن . حسب رأي هيوم » في العادة . 
العادة وليس الرضى . العادة وليس الالتزام بالنمسك بوعد قُِمٌ تعاقدياً . 
إن من الممكن القبول . بدون شك . ( وهيوم يقبل بهذا ) بأن الولاء » في الاصل . قد 
أضيف على احترام وعد ما . وأنه ارتكز لمدة ما من الزمن عل هذه القاعدة . لكنه وجد سريماً 
« جذوره الخاصة  »‏ وأساسه المستقل ٠‏ تخارج إطار أي عقد أصلٍ . 
ويضيف هيوم , مبرهناً على حجته : سيقال.بأننا ملزمون بطاعة السيد لأننا وعدنا ضمنياً 
بالقيام بذلك . ولكن لماذا نكون إذن مجبرين على احترام تعهداتنا ؟ . لأنْ علاقاتنا مع أمثالنا لن تقدم 
لنا أي أمان إن لم نفعل ذلك . وهذا هوء بالضبط نفس السبب الذي يفرض الطاعة للسيد .: 
وبدونه لن يستطيع البشر أن يعيشوا في مجتمع » على الأقل » متحضر . هذا فإن من غير المفيد كلياً 
تفسير الالتزام السيامي ( أو الولاء ( بالالتزام الاخلاقي بالتمسك بالوعود ٠‏ وإخضاع الالتزام الاول 
للثاني - كها يريد ذلك منظرو الحق الطبيعي ‏ لأنْ كلاً منهما يجد أساساً كافيا في « المصالح العامة 
للمجتمع وحاجاته » . ويُقترح هيوم . الساخر , أن يُوْجْهَ مؤ ال للاكثرية الكبرى من أعضاء أمة 
ما حول ما إذا كانوا قد وافقوا إطلاقاً على سلطة حكامهم أو وعدوا هؤلاء بالطاعة . إن السؤال ع 
يضيف هيوم متهكباً . سبدو لهم غريباً جداً ؛ وسيجيب المعنيون بالامر عليه بالتأكيد أن القضية لا 
تتعلق بموافقتهم . وإنما هم يطيمو نبالولادة ؛(ععمعنل»تاه طعده ما ه>ه8) 8 
ويكتب هيوم عدو التقاليد القائلة بالعقد المسمى « بالبدائي » » بسخرية مشابهة » ولكن في 
شكل آخر : 
إذا ذعبت للتبشير , في أغلبية أقطار هذا العالم » بأن العلاقات السياسية تقوم 
فقط عل موافقة طوعية أوعل وعد متقابل » فإنٌ الحاكم سيسجنك فورا وكأنك متمرد 
ينوي [ههال روابط الطاعة . هذا إذا لم يقم أصدقاؤك , قبل ذلك . بسجنك وكأنك 
بحنون , لكونك قلت مثل هذه الاشياء اللامعقولة »٠ل‏ . 
حق المقاومة : 
إن كل هذه اللحاكيات الفكرية تجعلنا نتوقع بسهولة موقف المؤلّف من حق التمرد أو بتعيير 
أفضل المقاومة ( النشيطة ) الغالي جداً والمقدس جداً في نظر لوك . وذلك باعتباره النقطة الثالثة أو 


. 103- 101- 100-96-94 : انظر للقالة السابق ذكرها لدوراتيه  ص‎ ٠1١ 


.68 


المظهر الثالث من هذا البناء ( أو التهديم ) الهيومي . 
إِنْ من الواضح أنه . إذا كان البشر يطيعون بالولادة » وعلى إثر عادة طويلة تعاقد عليها 
الاجداد ونقلت عنهم . وإذا كانت السلطة , حتى الْمْنْصَبَة في الاصل . تصبح شرعية بالتقادم ‏ 
فإن الانقطاع العنيف . ٠‏ أي التمرد » الذي يضع كل شيء موضع الاتهام . ولا سيا كل التتائج الخيرة. 
للحيازة الطويلة .وللعرف والسوابق ١‏ ولقدم طرق العمل والتفكير , لا يمكن إلا أن يوحي هيوم 
بعدم ثقة عميقة . 
إلا أن هذا لا يعني بأن من المناسب تصنيفه من فئة المدافعين عن الطاعة السلبية . فقد كان 
يرتعب من هذه الطاعة . بالرغم من تعلقه بالسلام المدني والنظام الاجتياعي . ( ولتكرر ) بأن هذا 
المحافظ كان مستنيراً وأن هذا العضو في « حزب التوريز» كان ليبرالياً . لقد كان بعيداً عن رفض 
كل افتراض لمقاومة شرعية . إن كل شيء ٠‏ بالنسبة له » يكمن في أن نكتشف هذه المقاومة أساصاً 
منفعيأ . 
إن هيوم يفكر كما يلي : بما أن الطاعة هي نتيجة لسبب يتجلى في مصلحة المحكومين بالحاية 
الاجاعية » فإن هذه النتيجة يجب أن تتوقف , إذا ما توقف السبب » واذا ما دفع الحاكم المدني 
قهره لحد جعل سلطته لا تطاق تماماً » . 


ولكن إذا كان هذا المبدأ العام لا جدال فيه , فإنه يتجاوز الممكن . كما أن من المستبعد أن 
يَذّعي أنه يمل , ٠‏ ني كل حالة نوعية . قواعد قابلة لآن تحسم كل جدال حول الشرعية الحالية 
للمقاومة  .‏ إن درجة الضرورة » التي يمكنها أن تبرر هذه المقاومة » ينبغي أن تُقيمَ في كل مرة على 


حله . 


.كيف يمكن بعد هذا التوضيح رفض الفكرة ة القائلة بأن هيوم يختار بإصرار تفيراً 
د مقيداً » ؟. إن ما يجب أن يؤخذ بالحسبان . بنظره .» هو فقط الحالات الميؤ وس منها : مشل 
حالات « الطغيان والقمع القاميى » التي تصبح المقاومة فيها الملجأ الأخير في وجه خطر 
د متطرف » . إلأ أنه ليس هناك من شيء أكثر استثنائية من مثل هذه الحالة ه ولا من شيء أكشر 
خروجاً عن القاعدة العامة التي تطلب الخضوع . ٠‏ إن مصلحتنا ترتبطدائياً بجانب طاعة الحكام . 
وليس هناك إلا ميزة كبيرة آنية يمكن أن تقودنا للتمرد , وتجعلنا نهمل المصلحة البعيدة التي لدينا في 
الحفاظ عل السلام والنظام في المجتمع ٠‏ . 

لقد كان الأوان قد آن بالفعل ( لكي نأخذ ثانية جملة ج . ج . روسو ) لقول شيء ما عن 
هيوم . لقد كان من الواجب أن ننوه ببعض المظاهر البارزة في الفلسفة السياسية التي تطورت » 
والحق يقال ء بشكل غير ملحوظ أحياناً » من خلال عدد هام من الترددات بل والتناقضات . إنها 
مظاهر بارزة وبليغة الاثر . بشكل خاص . لما يجب تسميته بحالة هذا المفكر الفريد , المستبسل في 


(1) للرجع السابق- ص :95 . 


469 


نسف الاسس الفكرية لقرنه ‏ قرن الانوار ‏ والذي كان يمتلك » من جهة أخرى . ولأقصى حد 
روح هذا القرن وأسلوبه . 


- الفيز يوقراطيون أو الاقتصاديون 


لقد اكتُشف السر ؛ على حد قول ديدرو الفيلسوف . كا كَتَبْ » في إحدى نوبات حماسه ١‏ 
في تموز1767 . « الر الحقيقي , السر الابدي » الذي لا يتغيرء لأمن الامبراطوريات ودوامها 
وسعادتها الابدية » - بحيث أنه لم يعد هناك بجال للتاسف عل مونتسكيو ! 

ماذا حدث إذن ؟ . بكل بساطة . أن لوميرسيه دو لا ريقيير(ء»ةةانظ هاعل كت مم0 نشر 
كتاب « النظام الطبيعي والاسامي للمجتمعات السياسية »5ع اءتادعودء )ء اعتنههم 000368 
(وعنونانادم 50616165 الذي لقي نجاحاً مدوياً . 

إن المؤلف يتتمي « للمدرسة » » أوكها كان يقال حينذاك » ١‏ لطائفة » « الفيزيوفراطيين » » 
أوه الاقتصاديين » . التي أسّسّها الدكتور كيناي (بزهصوع© 07 , طبيب مدام دو بمبادور 04 
(تنهةهمهمم 6 . الذي أصبح مشهوراً بفضل كتابه « الجدول الاقتصادي » سععاطه؟) 
(#نونهمهوء6 الصادر في1758 . 

إن أهمية الكتاب الذي أطراه ديدرو كثيراً تعود لقيامه بتطبيق الصيغة السياسية السَأَة 
« بالاستبدادية الشرعية » على المبادىء والممارسة الاقتصادية 0 للطائفة  »‏ وذلك وفقاً للعرف الذي 
اختطه المؤ سس دا 5 


إن الاقتصاد الفيزيوقراطي ( وهذا الاسم يعود لأحد أتباع هذه المدرسة . وهو ديبون دو 
سي يي » الذي نشر. في عام1768 » كتاباً بعنوان « فيزيوقراطية » 
(تاهعهنوزطم) ) يقد نفسه باعتباره حكم الطبيعة(ونكنا!©) ضد الماركتيلية(06دنلمددىتم) » 
والكولبيرتية(©0151550©) . إنه يقوم على تفوق الزراعة . الوّحيدة المنتجة . « والمال البدائي 
لثرواتنا » : من هنا ينبع التفوذ والقيمة المناسبة لملكية الارض . هذه الوسيلة التي أصبحنا بها 
مين لتكون د سبي عميقاً تخليد عمل الخلق الكبر , وللتعاون عل مرأى من الخائق » 6( عل سيد 
تعبير كيناي ) . 


(1) أنظر ‏ ج . ولرس(56دتعلدت/7 .0) « الحركة الفيزيوقراطية في فرنا ) عنوتتدكمن ةرام امعصء انامم ع0 
(معمه2 مه باريس ‏ المعرةه -1910 . ( أعيد نشره في عام 1971) وو جيد(0146) ودربت(4نا0) 
تاريخ المذلعب الاقتصادية )(5علوننهمه40 وممااعمل وعل 50أ111500) - الطبعة السابعة . باريس 1959 - و 
|. جيمس (265مهل .8) «تاريخ مرجز للفكر الاقتصادي » 6#ومعم ها مك متتنعهصمة ععنويعنة) 
(6ناوفتكمدمه6 الطبعة الثشاتية ‏ بلريس - تعفاقعقطع24001 -1959 و جب . وول ف(5له.0 ١‏ لالؤلفات 
الاقتصادية الكبرى ؛(063افت600006 5ع7نات 35 قشاع 5ع1) - باريس -كظزن© -1973. . 


40 


إن الملكية العقارية لا تنفصل عن ملكية الاموال المنقولة , المكتصبة عن طريق البحوث 
والاعمال ؛ كما لا تنفصل عن الملكية الشخصية . أو بعبارة أخرى . عن الحرية العامة : فلكل 
مالك . حسب راي المؤسس , الحق الطبيعي بأن يستعمل . ٠‏ بمعرفةٍ . كل القدرات التي وزعتها 
عليه الطبيعة بشرط أن لا يضر بنفسه أو بالاخرين » . إن الحرية الاقتتصادية . الني تُلْخْصّها عبارة , 
دعه يعمل . هي المظهر الاسامي لهذه الحرية العامة . وعليه فإ لكل فرد الحرية بأن يزرع ما يعود 
عليه بأكبر قدر من الكسب؛وله الحرية في البذخ, لأن تمتم الاغنياء د يولد الثروات ويديمها »؛ وله 
أيضا الحرية والاعفاء المطلق من الرسوم في التجارة » سواءً الداخلية منها ( حرية انتقال الحبوب ) أم 
الخارجية ( حرية تصدير الحبوب ) . هكذا ستزدهر الزراعة . فطانا أن الملكية العقارية ولمنقولة 
ستكون محمية بشكل مضمون من ٠‏ السارقين والاشرار » : «فإِنٌ الامان , الذي يكون , مع الللكية 
والحرية . الشعار الثلاثي الفيزيوقراطي . سيتوفر . وهذا هود النظام الاجتاعي بكامله » كما يعلنه 
لوميرسيه دولا ريفيير« . 


إل أن الحرية السياسية البحتة يُستبعد ٠‏ بشكل غريب ومتناقض . على ما يبدو , من هذه 
الحرية العامة . وني حين أن الحرية السياسية كانت تضمن . لدى لوك . كل الباقي ( إن 
الضما نية(©0تدناصهتمع) هي السمة المميزة للفردية الليبرالية  )‏ فإن الفيزيوقراطيين » تلامذة لوك » 
كانوا يرفضونما . إِنْ إحدى الِكُم العامة للحُّكْمٍ الاقتصادي للمملكة الزراعية . الئي قال بها 
الدكتور كينلي ١‏ تقول بأن السلطة السيدة يجب أن تكون وحيدة وأعلى من كل الافراد » ومن كل 
« المشاريع الظالمة للمصالح الخاصة » . إلا أن ميزان القرى ( « والقوى المضادة » ) العزيز جداً عل 
مونتسكيو والمتأئرين بالتجربة الانجليزية , لا يمكن إلا أن يشجم هذه المشاريع وحربها المتبادلة » 
وذلك على حساب الخير العام . وبشكل يُتتهك فيه « النظام الطبيعي والاسامي » . وهكذا نرى في 
ماذا يأتي البرهان المدوي للومرسييه , في عام1767 . ليدعم بقوة اطروحة زعيم المدرسة ‏ 

إن الامر يتعلق . حسب ري المؤلف . باكتشاف ‏ وليس بشأسيس ‏ نظام أسامي 
للمجتمعات . لا يمكن ها أن تبتعد عنه يدون أن تخون مصاحها الحقيقية . وهذا النظام يتجل في 
« الاتفاق التام بين المؤسسات الاجتاعية » الذي تتعلق به سعادة البشر وتكاثرهم . إن هذا النظام 
هو نظام طبيعي » بمعنى أنه متضق مع الطبيعة , ويرتكز على احترام القوانين الطبيعية التي نعرفها . 
إنه يفرض نفسه على السيد » الرئيس الوحيد . الوراثي . الذي يمل القوانين الوضعية » قوانين 
الدولة : التي هي جرد إثبات للقوانين الطبيعية وإعلان عنها . فكيف يمكن للسيد أن يعمل ضد 
هله القوانين » في حين أن رخاء المملكة يتعلق بها . وبشكل لا ينفصل عن مصلحته الخاصة 
كشريك وراثي ني ملكية كل أموال رعاياه ؟ كيف يمكن لارادته السيدة أن تعبر عن شيء آخر غير 
خضوعه لهذا النظام الذي تنيره البداهة ؟ « إنه يستطيع فعل كل شيء . باستثناء ما يستحيل عليه أن 
يريدم » . 


(1) ج . ولرس - للرجع السابن ذكره ‏ المجلد التي . و اسس النظام الاجياعي » . 


4/11 


إستبدادية » نعم . لكنها مُطْهّرة تماماً من التعسف : إنها شرعية » على حد قول الْنظر 
البارع . أما بالنسبة للرعايا فكيف يمكن لهم . وهم المستديرون بتعليم عام مناسب ٠‏ أن يفكروا في 
عدم طاعة ‏ المستبد الشرعي » المذكور , الذي هو تجرد مترجم استبدادي للقوانين الطبيعية ؟ . 
ويتساءل لوميرسييه مبتهجاً باتتصاره : هل طرحت أبداً على بساط البحث مسألة التمرد ضد بداهة 
هندسة أقليدس » التي جعلت « المستبد اقليدس , يسود . منذ عدة قرون » وبدون تناقض ‏ على 
كل الشعوب المستنيرة»؟ فلنخضع أنفسنا نحن كذلك للاستبدادية الشرعية لبداهة النظام الاسامي! 
إن إرادة السيد ليست هي بالحقيقة التي تم القانون) 5 

لقد كان على توكوئيل (عللا,سوءه1) ٠‏ الخطير . أن يسخر , ينوع من الدعابة.الفظة »من 
« الطائفة » . لاعتقادها بأنبا وجدث ف الصين الامبراطورية النموذج الكامل لهذا الشكل من 
الحكم . « إن الفيزيوقراطيين يشعرون بأنهم متأثرون , وكأنهم مفتونون , لرؤ ية بلد يقوم فيه 
السيد المطلق » ولكن المتحرر من الاحكام المسبقة » بزراعة الارض ٠.‏ بيديه » مرة في العام » من 
أجل تشريف الفنون النافعة ؛ بلد يتم فيه الحصول على كل المناصب بمباريات أدبية ؛ بلد ليس له 
كدين إلا الفلسفة وكارستقراطية إلا امتعلمين »له . 
إستبدادية مستنيرة وإستبدادية شرعية 1 

إن من الصحيح القول بأن تعبير الاستبدادية الشرعية نفسه الذي جعله لوميرسيبه تعبيرا 
دارجاً . لم يكُفْ عن أن يكون موضوعاً للنقد في داخمل الطائفة نفسها ء ومن باب أولى في 
خخارجها . وذلك لما كان يتضمنه من إثارة وفظاظة بالنسبة « للآذان الحرة » . ومع هذا فإنه لم يكن 
هناك ما يمنع من إجراء مقارنة سريعة ومفيدة » عل ما يبدو ١‏ في عصر عَرِفَتْ فيه صيغة « الاستبدادية 
المستنيرة » النفوذ الذي رأيناه » بين هذه الصيغة وتلك الني أطلقها الفيزيوقراطيون . 

إن ما ينبغي تسجيله في البداية هو أن هناك تعارضاً جذريا في الغايات بين كل منهيا . 

إن الفيزيوفراطيين يطرحون بوضوح » كغاية , تحقيق الحقوق الطبيعية للفرد . وهم لا يرون 
في السلطة المسمّلة ( برعونة ) « بالإستبدادية » إل وسيلة . وهذا الأمر يدو حقيقياً بالنظر لآن 
مثاهم الاعل يتجل في أقل حكم ممكن . لقد احتج الماركيز دو ميرابو(نهءطدمنة8 06 » والد 
الخطيب » والمتعاون الحام مع كيناي , باسم الطائفة . على الهوس الفرنسي في الاستنجاد بالحكومة : 
« يجب أن تعلم الحكومة كل شيء ٠‏ وتنظم كل شيء ٠‏ وتعالج كل شيء . والشعب وأناس الريف 
الطيبون هم الذبن يقدرون عل فهم ذلك . فليس هناك أي واحد منهم لا يبتهل للمسيح من الآمر 
الالزامي , المعصوم » . اما فيا ينعلق بكيناي نفسه. . فهل يجب نكرار الحكاية المعروفة جيدأ المحادثته 





(1) انظر : لوميرسييه « النظام الطبيعي . . . 6( لتدنعوينه! مت[ -1767) الفصل الرابع والعشرون - ص : 186 
ك5 . 


(©) أنظر الاعيال الكاملة لتوكوثيل المجلد الثاني « النظام الفديم والثورة ٠هاك‏ متعنوف معنععة 0 
(ممناناله 840 اص :213 . 


412 


مع ولي العهد . والد من سيصبح لويس السادس عشر » الذي كان يشكو أمامه من صعوبات مهنة 
للك زوه لم يكن ينبني علي أن مك ) لود عليه يلي أله ل بواققد عل الك . وعندما يسأله 
ولي العهد : «ماذا كنت ستفعل لو كنت ملكا ؟ يجيب : « سيدي » إني لن أفعل شيئاً » - ١‏ ومن 
سيحكم ؟ ) -« القوانين » ( والمقصود بذلك : القوانين الطبيعية ) . هل يجب الاشارة الى أن مثل 
هذا المفهوم كان بعيداً جداً عم| أمكن وصفه ه بجنون الحكم » . هذا المفهوم نفسه الذي استخدمه 
فريدريك الثاني ٠‏ وهيمن على جوزيف الثاني المحكوم عليه بمرارة الفشل ! . 


إل أن هذا لا يمنع من أن التشابهات أو القرابات بين الصيغتين الاستبداديتين تغلبت ٠‏ في 
ذلك العصر . أي حوالي سنوات1760 . على تعارضهها . وإذا كان ديدرو . في1767 ١‏ قد تحمس 
كما رأيناه ‏ أفإن هذا لم يكن من قبيل الصدفة : إنها نزوة عابرة ولكنها بليغة الاثر . ولم يكن من 
قبيل الصدفة أيضاً أن يستمد كل من فريدريك الثاني ( بشكل جزئي جد ) . وجوزيف الثاني » 
وجوستاف ملك السويد الاقام. » عل نطاق أوسعم ٠‏ من مبادىء الطائفة في سياستهم الاقتصادية 
والمالية . لقد أتتٍ الدعوة الفيزيوقراطية بمحلها . في وقت ١‏ كان التيار فيه للحق الطبيعي عل 
الصعيد المأهبي » »( كما سيقول البيرسوريل ) وللاستبدادية المستنيرة على الصعيد العملٍ . والحقيقة 
أن كلاً من الصيغتين الاستبداديتين » المستديرة والشرعية » كانت تعبر بطريقتها عن تعطش 
للاصلاحات التي لم تكن أغلبية النفوس تننظره بعد إلا من الطريق الاستبدادي . 


إن توكوقيل نفسه الذي كان يسخر من الهوس « الصيني » للطائفة كان يعتبر » مثلها ٠‏ بأن 
الامة الفرنسية بأسرها , في أواسط ذلك القرن . لم تكن أكثر الحاحاً . » في موضوع الحرية 
السياسية ٠‏ من الفيزيوقراطيين , وأن أميرأً بمثل مستوى ومزاج فريدريك الكبير بامكانه ٠‏ لو 
استطاع الوصول للعرش . أن يحقق العديد من أكبر التغييرات التي كانت الثورة ستأتي بها » وذلك 
دون أن يفقد تاجه ٠‏ بل وحتى مع زيادة سلطته بشكل قوي . إننا لم نكن نجهل بأن هذه ال حالة 
سمو و لابو ع و ل رد معو ا ور 1 
المستنيرة » . ويبقى أن المؤ رخ الذي لا بريد أن يخضع للوسواس المشوه للثورة الكبرى ٠‏ ويتمسك 
فقط بفرنسا . يجب أن يبرز بكل وضوح الْبُعد الارروبي للاصلاحية الملكية في زمن الانوار . ل 2 


إن من المدفش جداً ٠‏ أنه في نفس شهر تموز من عام1767 2 الذي أطرى فيه ديدرو كثيراً 
لوميرسيه دو لا ريقيير ومؤلّفه ؛ كان هذا الاخير موضوعاً لنقد قارص وجهه للمركيز دو ميرابوء 
الفيزيوقراطي النشيط . مراسلٌ كان هذا قد أرسله اليه . إن ٠‏ البداهة » ليست هي فقط التي رُفِضَّتْ 
في ميدان « علم الحكم » وإنما التبرير الفيزيوقراطي للاستبدادية الشرعية هي التي فندت أيضاً : 


« لقد بُرْهِنَ على أن المصلحة الحقيقية للمستبد هي أن يحكم شرعياً 2 وقد اعتُرف 





1( أنظر حورل « البعد الارروبي للاصلاحية الملكية » ر ٠.‏ مرنييه(عنمكناه24 .+0 «مؤزمات فرنسا في ظل الملكية 
للطلفة ؛ -(6ن(موطة عنطءعهه00 ها كنا50 معمه:1 ها عل 10100101005 15)بار بس منشورات 5 .لا .8 -1974 
للجلد الارل ‏ ص : 522 . 


473 


بهذا في كل الازمنة . ولكن من هو الذي يقود نفسه نحو مصاحه الحقيقية ؟ 0 
وحده ١‏ إن ود اعرد عي ييه اويا عير اي 
ا . . فها الفائدة من أن ينيرنا العقل ٠‏ عندما قودن الشهرة ؟. . . إن نظامكم 
صالح جداً لاناس اليوتوبيا » لكته لا يساوي شيئا بالنسية لابناه آدم » . 


إن اسم هذا المراسل . وغالم النفس الخاني من الاوهام . كان : جان جاك 


روصو. لث)اء. 





(1). انظر د الاعيال الكاملة ‏ لروسر علمهة 214‏ المجلد الثالث 1964 الحواشي ‏ ص : 1480 -1538 ,1750 . 


1414 


الفصل الثاني 


جان جاك ر وسو(1712 -1778) أو دولة الشعب 


منذ ذلك الحين ١‏ كانت نظراتي قد توسمت كثيراً بالدرامة 
التاريخية للاخلاق . لقد رأيت أن كل شيء كان بتوفف جذر با 
على السيامة . وأن أي شعب » مهما كانت الطريقة التي نتتاوله 
بها » لن يكون مطلقاً إلأ كما ستجعله طبيعة حكومته يكون . 
وهذا يطرح السؤ ال الكيير حول أفضل حكم ممكن . . . 8 
الاعترافات (551005ء 0005© 5م1) 


1 من «١‏ الخطب » الى ١‏ العقد الاجتاعي » . 
عندما فاز جان جاك روسو(ناهع055ا80 .0.3) ؛ الكاتب غير المعروف . و« مواطن جنيف » 
( كما سيُوقَع ) , في عام1750 » بجائزة ٠‏ الاخلاق » من أكاديمية العلوم والآداب الجميلة بديجون ١‏ 
عن الموضوع التالي : « فها إذا ساهم تجدد العلوم والفنون في تهذيب الاخلاق » ؟ ع٠‏ ذ5») 
( «57انا0م و16 كعكنام» ذ 6نااأعاممء ة كائة كعل )ء كععمء ك5 كعل العدوعكدتاطماءر رت الرأى 
العام بشكل غريب بظهور هذا الاخلاقي المحب لان يكون له رأي تالف لرأي اللجميع - وذلك لأنه 
أعطى للؤال ( الذي قال عنه بنفسه إنه أحد ‏ أكبر وأجمل » الاسئلة التي أثيرت مطلقاً ) جواب 
سلبياً . إن شيئاً قليلاً على الاقل . إن لم نقل لا شيء . كان يعلن عن ولادة مفكر سياسي سيعتبر من 
بين أكبر المفكرين . 
لنستمع للاخلاقي » الذي يجابه باقدام . باسم الفضيلة والحقيقة . كل ما كان يعلم جيداً أنه 
يستحوذ على إعجاب الناس ( في عصر الانوار . أكثر من أي وقت مضى ) . 
أ الفضيلة والحقيقة : « النظام » . 
كتب روسو يقول أنه بقدر ما كانت علومنا وفنوننا تتقدم نحو الكمال » كانت أخلاقنا تفسد ‏ 
ونفوسنا تتعفن . إلا أن نفس الشيء حدث في كل الازمنة وكل الامكنة . أنظروا الى مصر ! أنظروا 
الى اليونان ( باستثناء اسبارطة « المشهورة على حد سواء بجهلها السعيد وبحكمة قوانينها ؛ ) . 
أنظروا الى روما « التي كانت في الماضي معبد الفضيلة ؛ » والتي أصبحت « مسرح الجريمة وعار 
الامم . وألعوبة البرابرة  »‏ » أنظروا الى القسطنطينية » أنظروا الى الصين التي وقعت نحت النير 





)© آهيا فابريكيوس » ماذا ستمكر نفسسك الكبيرة ٠‏ لو عدت ثانية 0 لسوء حظك » للحياة » وشاهدت الوجه الباذخ - 


45 


التتاري الفظ . بالرغم من العديد من المتعلمين والعلماء ! إن قليلاً جدأ من الشعوب هي التي 
تمكمت . دائما وف كل مكان » من اكتشاف ونقض هذا التوازي بين الثقافة والانحطاط 
الاخلاتي . إن البذخ . هذا الشر الكبير . نادراً ما يسير بدون العلوم والفنون » وهذه « لا تسير 
مطلقاً بدونه » . أن من الواجب أن نضع في عداد سلبياتهها أيضاً الضعف في الشجاعة , وانخفاض 
المؤهلات الحربية » والمؤهلات الاخلاقية » وذلك نتيجة للتربية « الحمقاء » التي تُعطى للشباب . 
إننا نُعلّم هؤلاء كل شيء » باستثناء واجباتهم . إنهم لا يسمعون مطلقاً كلمة « وطن » العذبة 
( ولا يسمعون إسم « الله » إلا من أجل الخوف منه » ) . إننا لا نريهم من التحف الفنية التي 
تعرضها المتاحف والحدائق . صور وتمائيل المدافعين عن الوطن ورجاله العظام . وإنما المناظر 
المفسدة لقصص الاساطير . « ماذا ! أتكون الاستقامة إبنة الجهل ؟. ويكون العلم والفضيلة 
متناقضين » ؟ . 


ذاك هو الرأي المخالف لرأي الجميع » والمفصّل باقدام ‏ وهذه هي الكلمة المناسبة . لكن 
المؤلف بهتم اهتاماً كبيراً . في السطور الاولى كا في الاخيرة . بأن يحدد موقع رأيه : 


ففي السطور الاولى يقول : ليس العلم قط هو الذي أهينه وائما أنا أدافع عن الفضيلة أمام 
رجال أفاضل . إن الاستقامة ما زالت لدى الناس الاخيار أغل من علم الفقهاء . فمن ماذا عل إذن 
أن أخاف ؟ » . وف السطور الاخيرة » يكتب : د يا أيتها الفضيلة ! العلم الاسمى للتفوس 
مبادئك منقوشة في كل القلوب , وألا يكفي من أجل تَعَلّم قوانينك أن يعود المرء الى ذاته وأن يصغي 
لصوت ضميره أثناه صمت الشهوات 06 ؟ 


إن هذا لا يمنع من أنه كان عل روسو . من أجل جعل مثل هذا الموقف . وهذا التحدي 
لفلسفة العصر .مقبولاً . باسم فلسفة حقيقية أكثر , أن بَشْرَعَ بعد نشر ه الخطاب » الفائز 
بالجائزة » وبين عامي 1751 و1754 . في جدل طويل , تحول الى « شاجرة خالدة » » وتضمن ما 
يجموعه ضعف عدد صفحات ١‏ البحث » نفسه . لقد كانت الصفحات الجديدة صفحات تفسير » 
أو توضيح » تركت الاطروحة سليمة . لكنها خففت . بامناسبة . من حِدّتها . لقد أدرك 
المعاصرون تماما بأن جوهر الاطروحة يتمثل في القول بأن النمو المتتالي للحاجات كان شرا ٠‏ وأن 
تكاثرها الذي لا ضرورة له . « تهور كبير» . وأن هذه الفكرة كانت تماماً مضادة للتيار ٠‏ وتريد أن 
تكون كذلك . وقد بقي روسو ء من جانبه , وفي كل مؤلفاته التالية , أميناً بعمق للوحي الشهير 
الذي هبط عليه وهو عل طريق فانسان . حيث كان « ألف نور » , على حد قوله ٠‏ يبهر روحه » 





- لروما هذه التي أنقذت بذراعيك . إنك ستقول . أيتها الالمة . . . ما هذه الاخلاق ؟ وماذا تعني هله الهاثيل ٠‏ 
وهذه اللوحات وهذه الابنية ؟ أيها الحمق . ماذا فعلتم ؟ إن الذين يحكمونكم هم خطباء متصنعرن . هل من أجل 
إغناء المهندسين المعهاريبن ٠‏ والرسامين ٠‏ والنحاتين والبهلوانيين مفتم بدمائكم اليونان وآميا » ؟ . 

(1) « الخطب ١  »‏ الاعمال الكاملة » -ع0هة 216‏ باريس ‏ منشورات لكقتدنالة 0‏ المجلد 3‏ ص : 30-5 مقدمة 
ف . برشاردي (لالمصطعدهه8 .8) . 


416 


ويملي عليه جوابه السلبي الذي رأى فيه أكاديميو ديجرن فضيحة ‏ . 
هل يجب أيضاً تصديق كلام روسو عندما ألح » في القطعة الاخيرة من الجدل الذي افتتحه 
« الخطاب » . والتي أصبحت ١‏ مقدمة للرسالة الثانية الى بوردص ٠»‏ آخر1753 أو بداية1754) » 
على ١ه‏ النظام 6(«عصغ)قلا5 ما») الذي لم يكن السؤال » الذي عالجه البحث الفائز بالجائزة » في 
نظره . إلا نتيجة ملازمة له ؟. إنه » كا يقؤل . « نظام » « حزين وكبير» . «حفيقي ولكن 
محزن » . إنه . كما يزعم ٠‏ ثمرة فحص صادق لطبيعة الانسان.» وملكاته ومصيره . إن هذا 
النظام , باعتباره نظام الحقيقة والفضيلة . هوالذي يعتزم الدفاع عنه ( وليس عنج . ج . روصو 
لمتهم بأنه مفكر سيء . وكاتب ميء ٠‏ كبا يقول ساخرأ ) ضد كل دحض وهجوم . وبهذا يسجل 
روسو إرادته الواضحة بتوسيع النقاش فبا بعد . ويجدد . بشكل خفي ولكن حازم . انشغالات 
ذات طابع اجتاعي ‏ نفساني . وبشكل أوسع . أنثروبولوجي . لقد ظهرت هذه الانشغالات » 
عبر الجدل . من خلال مظهرين على الاقل : مظهر الطيبة البدائية » الطبيعية للانسان الذي 
سينفسد » ومظهر اللامساواة » « المصدر الاول للشرء » الذي يُشَهْر د الخطاب » به . 
هذان للظهران . المترابطان بشدة . سياتي سؤال جديد . جعلته نفس أكاديمية دجون 
موضوعاً لمياراة » في عام1753 . ويدور حول « أصل اللامساواة بين البشر . وما إذا كان القاتون 
الطبيعي يسمح بها» » ليسمح لروسو بمعالجتهما » بصفة رئيسية » وبجعل مدى « نظامه  »‏ بما في 
ذلك إمتداداته السياسية ‏ موضوعاً للاعجاب أو للخوف ©" . 


ويوقع روسو أيضاً هذا « الخطاب » الثاني باسم ‏ مواطن جنيف » ؛ ويرفقه باهداء طويل 
ومتملق لجمهورية جنيف ( « للسادة الرائعين , المشرفين جداً , وأصحاب السيادة » ) » وبمقدمة 
| إيحائية يشير فيها . دفعة واحدة ٠‏ لقصده ٠‏ ويبرزه بصورة رائعة 7 


ويتساءل روسو : كيف يمكن معرفة مصدر اللامساواة بين البشر. إِنْ لم نبدأ بمعرفتهم هم 
بالذات ؟. إن معرفة التكوين البشري هي الانفع , بالرغم من أنهما الاقل تقدما من كل للعارف . . 
صحيح أن هذه المعرفة لا تستطيغ . منطقياً . أنْ يوس عل الطبيعة الحالية للانسان ٠‏ بعد كل ما 


(9 كان روسر د التغى في فاتسان (ت#تدعتعة:) بديدرو . الذي سجن عل أثر و رسالة حول العميان » للوصومة 
بالالحاد وبللادية أنظر ‏ مقدمة بوشاردي . ص : 27 وما بعدها . 

:#8 يقول لنا روسو ني ٠‏ الاعترافات » ( الاعيال الكاملة ‏ المجلد الاول ‏ ص 689-388 أنه من أجل أن يتأمل بارتياج 
في مثل هذا للوضوع . قام برحلة قصيرة الى مان جرمان حيث بحث ووجد » وهوه يتوغل في الغابة » ٠‏ صورة 
الازمنة الاولى » التي كتب » « بفخرهء . تلريخها : لفد تمرأ على « تعرية » طبيعة البشر » وصرخ في وجوههم : 
٠‏ أبها الحمق . . . تَمَلُموا أن كل شروركم نأتي منكم » . أما فها يتعلق بالامتدادات السياسية ٠‏ فنشير الى أن 
روسو كان يتامل . منذ الآن » عبا إذا كانت عيوب المجتمع لا تعود للانسان . بمقدار ما تعود للانان اللحكوم 

يشكل عي : . 


047 


أضافته الظروف ومظاهر التقدم على حالته البدائية ؛ أوما قامت به من تغيير لها » بحيث 
« أن النفس البشرية » الشبيهة.بتمشال غلوكوس الذي كان الزمن والبحر 
والعواصف قد شوهوه كثيراً بحيث أصبح يشبه الإله أقل ما يشبه حيوانا متوحشأ » 
والتي انفسدت في وسط المجتمع بألف سبب متجددٍ باستمرار ١‏ وذلك من خلال 
اكتساب كثرة من المعارف والاخخطاء .ومن خلال التغيرات التي حصلت في تكوين 
الاجسام . ومن خلال الصدمة الستمرة للشهوات ؛ إن هذه النفس البشرية إذا صح 
القول في مظهرها لحد أنها أصبحت تقريباً غير معروفة وأننا لم نعد نجد فيها » بدل 
الكائن الذي يتصرف دائياً إنطلاقاً من مبادىء أكيدة وثابتة . . . إلا التناقض المشوه 
للشهوة التي تعتقد أنها تفكر , وللادراك وهو ني حالة هيجان »7 . ٍ 
ويتابع روسوحديثه قائلاً : إن فرزما هو أصلٍ وما هو إصطناعي » في هذه الطبيعة الحالية 7 
ليس مشر وعا سهلا » كما هو الحال بالنسبة لمعرفة حالة لم تعد موجودة : © إن الكتب «١‏ العلمية » 
في هذا الموضوع ليست قليلة , لكنها لا ُعلما إلأ رؤية البش ركبا أصبحوا . 
ب من إنسان الطبيعة الى إنسان الانسان 
إل أن روسو الذي من المحتمل أن يستعمل محاكيات فكرية « إفتراضية وشرطية » ( كبا 
يقول » في لحظة دخوله في صلب الموضوع ) يعتزم أن يجعلنا نرى إنسان الطبيعة ؛ بانتظار أن يصبح 
هذا الانسان إنسان الانسان . إنه ينوي وصف حياة النوع البشري وفق الخصال للستمدة من 
الطبيعة ٠‏ والتي تمكنت التربية السيثة والعادات السيئة من ٠‏ إفسادها » ولكن دون تهديمها . إنه. 
يعتزم أن بين كم قغير الانسبان عما كان عليه » وأنْ يعيذ لثمثال غلوكرض صورته الحقيقية . بأي 
تبجيل يُعلن الاديب عن:قدوم الانثربولوجي ١!‏ . « أيها الانسان..؛ من'أي قطر كنت . ومهيا كانت 
أرلؤك . إسمع :ها هر تار يمك كما اعتقدت أني قرأنه ليس'ق كتب أمثالك الذين هم كذابون : 
وإنما في الطبيعة التي لا«تكذب مطلقا . إن كل ما سيكون منها » سيكون صحيحا ؛ ولن يكون فيه 
من نخطا إل ما سأخلطه فيه من عندي دون أن أريد ذلك » : 
ما هو هذا التاريخ » الذي ليس لدينا منه تاريخ واحد فقط؟ وما هي هذه الرواية أو هذه 
لمأساة التاريخية للزيفة ( أو بالضبط ه غير التاريخية » ) ؟ . وكيف حدث فيها إدراج اللامساواة ؟ 
لتلاحظ . مسبقاً . أن للؤلف بميز بين نوعين من اللامساواة :تلك الني يُسميها طبيعية أو 
فيزيانية » وتلك الني يدعوها أخلاقية أو سياسية : الاولى » تقيمها الطبيعة » وتكمن في الاختلاف 
في الاعيار والقوى والصحة وخصال الروح أو التقفس ؛ والشانية تتجلى في مختلف الامتيازات 





(1) و الاعيال الكاملة  »‏ للجلد3 ص : 123 . 
(ه) « حاثة » ( يعتقد للؤلف أن من واجبه أن يضيف بشكل لغز ) و يمكن أنها لم نوجد قط . وأنها . على وجه الاحهال 
لن توجد مطلقاً» ‏ ومع ذلك فأن من الضروري أن يكون لدينا أذكار صحيحة عنها لكي نحكم بشكل جبيد عل 
حالتا الحاضرة ٠‏ . 


48 


( الغنى . المراتب الشرفية القدرة؛ القيادة أو السلطة ) التي بتمتتع بها البعض على حساب 
الآخرين . والتي يقيمها رضى البشر , « وتخضع لنوع من الاتفاق » . 

بعد توضيح هذا الامرء يبري جدل « الخطاب » على فترتين . وببون روسو في البداية » 
ومن خلال لوحة الحالة الطبيعية و الحقيقية ؛ . أن اللامساواة , حتى الطبيعية . بعيدة جداً عن أن 
يكون ها في تلك الحالة هذا المقدار من الحقيقة والتأثير الذي يزعم لها . وأنها . بالعكس تماماً . تكاد 
لا تُلمس فيها » وأن تأثيرها « معدوم تقريباً» . وفبا بعد يرى روسو أن أصل هذه اللامساواة: 
رتقدمها يكمن ني التطورات المتتالية للروح البشرية ‏ التي تعود أسبابها لصدف مختلفة . وللمؤ ازرة 
العرضية لاسباب أجنبية « كان من الممكن أن لا تظهر مطلقاً » . والتي بدونها لم يكن للانسان 

لقد كان هذا الانسان عبارة عن كائن يعيش في الغابات . بين الحيوانات , ولديه في غريزته 
وحدها كل ما يلزمه من أجل العيش . لفد كان يخاف فقط من الألم والجوع ؛ أما الخيرات الوحيدة 
التي يعرفها فهي الغذاء . والراحة في وقت الفراغ وأنشى ( لقد كان يكتفي من الحب بجاتبه 
الجسدي ) ؛ « إن همه الوحيد تقريباً هو أن يحفظ ذاته » ويكون قلبه في حالة سلام وجسده بصحة 
جيدة . لقد كان لديه أقران يعيشون مثله مبعثرين . لكنه لا يقيم معهم أي تجارة ؛ فلم يكن لديه 
أي حاجة لهم ( إن كل « سلاسل » التبعية كانت مستبعدة ! ) ؛ ولم يكن لديه أي رغبة في إيذائهم 
( إن حرب الجميع ضد الجميع , المزعومة في هذه للرحلة هي تجرد حلم . حلم سيء لحريس ) 6 
فبينه وبينهم لا يوجد أي نوع من العلاقة الاخلاقية أو الواجبات المشتركة . هكذا يُفترض ويُتصور 
أن يكون . بصفة أساسية » الانسان الطبيعي في تكوينه البدائي © . 2 

إن هذا يعني القول بأن النزعة الاجهاعية الطبيعية هي . بالنسبة لروسو . حلم أيضاً . حلم 
جميل للفلاسفة . ولديدرو. إن الامر واضح جداً وخصوصا. لمن يتأمل في أصول اللغة, ويكتشف 
الاهام القليل الذي أبدته الطبيعة في مجال التقريب بين البشر . من خلال تسهيلها عليهم إستعيال 
الكلام . إِنْ من الواضح جداً أنها ه حَضرّت قليلاً جداً نزعتهم الاجباعية » : « لقد وضعت قليلاٌ 
جدا من ذاتها » في كل ما فعلوه من أجل إقامة روابط هذه النزعة . 

ويرتفع في هذا المكان إعترااض يمس الطببة الطبيعية التي طللا نادى بها مؤ لفنا . أين نجدها في , 
اللوحة التي رسمها ؟ إنه يضحي بها لتجنب الاخفاق : إن فكرة الخير والشر هي أيضاً وبالاساس 
غاتبة في تلك الفترة . فالانسان الطبيعي لم يكن طيباً ولا شريراً . لقد كان في حالة براعة ( ستوصف 
بأنها حالة ه ما قبل أخلاقية » ) . ومع ذلك فأنه سيكون من قبيل التعسف القول . مع هوبس » 
بأن هذا الانسان كان شريراً ه بالطبيعة » . لأنه لم يكن لديه أي فكرة عن الطربة . لقد كان هذا 





(9) إنه تكوين ليس لديه ما يفمله بعمل الفكر . حسب رلي روسو الذي يأعذ مجدداً برأي قديم غغالف للاراء الساتئة 
وذلك في جملته للثيرة . والذائعة الصيت . وااتي أثارت تعليقات وفيرة : « أني أجرؤ تقرياً على القول بأن حالة 
اكير هي حالة مضلة للطبيعة . وأن الاتسان الذي يفكر ملياً هو حروان قاد » . 


479 


الانسان يمتلك فضيلة طبيعية , ينبغي أن تؤخذ لحسابه بالاعتبار . إن لم نرد أن نظلمه . وهل 
الفضيلة هي : الشفقة . لقد كان روسو يعتبر كأمر مؤكد أن الشفقة و شعور طبيعي يساهم » من 
خلال تخفيفه لنشاط حب الذات لدى كل فرد , في الحفظ المتبادل لكل الجنس » . فبفضل هلء 
الشفقة التي تقوم . في حالة الطبيعة . مقام « القوانين والاخخلاق والفضيلة » » يكف الحفظ الخاص 
لكل فرد عن أن يكون هم هذا الفرد الوحيد . 
ما هي إذن الاخختلافات النوعية بين الحيوان والانسان كما رسمه روسو؟ إنها تكمن في صفة 
الانسان ككائن حر وفي وعيه هذه الصفة . ثم إنها تكمن » خصوصاً , في قدرة الانسان على بلوغ : 
الكبال أي في قابليته للكيال . لكن روسو يحذرنا من الآن ء بن هذه القدرة المميزة » وغير المحدودة 
تقربياً ؛ ستكون المصدر لكل الشرور التي يعاني منها الكائن البشري ؛ لانها ستتتزصه من هذا 
الوضع الاصلِ الذي كان مضي فيه أياماً هادئة و و بريئة » . ألا تتحمل هذه القدرة السؤ وم 
الرئيسية في الظهور التدريحي للانسان الاصطناعي ( إنسان الانسان ) , أو بعبارة أخرى » للحياة 
الاجماعية التي ستنئق منها » بشكل لا يقلوم ؛ هذه اللامساواة التي كانت ملموسة قليلاً في 
السابق ١‏ والتي انتهت للهيمنة عليها ؟ . وهكذا نصل الى الفترة الثانية من جدل:الخطابء أو القسم 
الثاني الذي بتفحص فيه المؤنّف . ويُقرَب بين ه تختلف الصدف التي استطاعت نين العفل 
البشري » وإفساد الجنس . وجعل الكائن شر يرا من خلال جعله إجياعياً , وبحيث يصل الانسان 
والعالم في النهاية البعيدة جداً , للنقطة التي نراهما فيها »0 . 
هل هناك نص أكثر شهرة وأكثر ذِكْرأً من النص الذي يفتتح هذا القسم الثاني , ويردد صدى 
فكرة من أفكار باسكال(لهعكد؟) ( و كان هؤلاء الاطفال المساكين يقولون: إن هذا الكلب لي» )؟ 
« إن الشخص الاول الذي استهدف . بتسويره لأرض ماء أن يقول هذه لي ١‏ 
ووجد أناساً بسطاء ليصدقونه » كان للؤّسسّس الحقيقي للمجتمع المدني . كم من 
جرائم وحروب وقتل . كم من بؤ س وفظائع كان يمكن أن يوفرها على اللجنس البشري 
ذاك الذي كان يمكن أن يصرخ أمام أفرانه 5 وهو ينتزع الاوتاد أو يطمر الحفرء 
قائلاً : إحذروا من الاصغاء الى هذا لمحتال » إنكم ستضيعون إن نسيتم أن الثهار 
هي للجميع وأن الارض ليست لأي شخص » . 
إل أننا ُغفل غالباً . وبشكل نخاطىء . الجملة التي تتلو : 
د لكن هناك احتال كبير بأن الامور , حينذاك ؛ كانت قد وصلت الى حد لم يكن 





1( حول الفترة الاولى إقرأ ص : 134 وما بعدها . ولا سما ص : 139 : و تحر من الخلط بين الناس للتوحشين 
والنلس الذين نرلهم الآن باعيننا  »‏ وحول القايلية للكيال ( صن : 142) . وحول الكلام وأصل اللغات 
ر(ض46! وما يعدها) . 
أنظر :ار . بولان(هنات8 .8) - : سياسة العزلة : تحلولة حول جد . جن . روسو ءها ف مدجظادم ها 
(بسعدونه2 .ل .ل عند تدوعت :علد اتام باريس - منشورات إعف5 -1971 . ص : 262 وما بعدها . 


460 


بالامكان لها أن تبقى فيه على ما كانت عليه » . 


إن هذا الظهور للملكية الخاصة . التي هي قبر للمساواة الطبيعية ٠‏ لم يكن بالفعل ( وكيا 
يوضح روسو ذلك بدقة فيا بعد ) إلا الحد الاخخير حالة الطبيعة . والخطوة الاولى في تقدم اللامساواة 
في الحالة الاجماعية . إنه « العهد الاول » الذي يسمح بوجود حالة الغني والفقير . وذلك بانتظار 
قدوم عهد ثان يسمح بوجود حالة القوي والضعيف , من خلال تأسيس هيئة الحكام ( والمقصود بها 
الحكومة » أو القادة » السياسيون ) ؛ « وعهد ثالث » , أخيراً » هو عهد السيد والعبد . من 
خلال تحويل السلطة الشرعية الى سلطة تغسفية : وهي الدرجة الاخيرة في اللامساواة . 


هنا يتم الاعلان عن الامتدادات السياسية التي يجب الرجوع اليها فيا بعد . إن نبرة كل ما 
تقدم تبين » بما فيه الكفابة » الى أي جانب سرميل جان جاك روسو الذي عانى . في حياته 
الشخصية ٠‏ بمرارة من اللامساواة والتبعية » رالذي يكره بشراسة « الاغنياء » د والاقوياء » 
« والسادة  »‏ ويَمْذْر و القادة » الذين يبحثون دائياً عن « الافضليات » . ويتأكدون دائياً من تلقي 
الدعم من ١‏ الرابطة الطبيعية للاقوياء » . كيف يمكن أن لا نحس بجان جاك هذا وهو يقف , بكل 
أعصابه , الى جاتب « المهانين واذَلَينَ » والمحر ومين ( كما لم يكن يقال ذلك بعد ) , و« جمهور 
الجائعين الذين يفتقدون لما هو ضروري » , في حين « أن قبضة من الناس تفيض بالاشياء غير 
الضرورية » © , 

إن هذا التتابع في العهود , التي يتلخص فيها القسم الثاني , ا 
« الثورات » الئي استرسل الولف في الحديث عنها » ليرئي لما . ولا سيا تلك الثورة » الحاسمة 
حقيقة , التي تعود لاختراع صناعة استخراج المعلدن وتنقيتها وللزراعة , والتي أدت نتائجها 
الحتمية لتوجيه ضربة قاضية للمجتمع الوليد » أي هذا د للجتمع للبتدىء ؛ الذي وصفه روسو 
النعزل . وبنوع من الحنان . ؛ بأنه العصر الاكثر سمادة . والاكشر بقاء » والاقل تعرضاً 
للانقلابات » و« الافضل للاتسان » . تعم ا ؛ ( يدعم روسو كلامه قائِلاً ) مدن الحديد والقمح 
البشر» » لكن الجنس البشري « ضاع » . لقد ولدت الصناعة سوية مع الزراعة : « فمنذ أن كلن من 
اللازم وجود رجال من أجل صهر الحديد . وطرقه ء كان من اللازم أيضاً وجود رجال آخرين من 
أجل تغذية أولتك » . إن الزراعة المدروسة للاراضي تؤدي لتقسيمها. ومن هنا ينث) حق الللكية » 
ويُسن القواتين ء ويظهر التايز بين الغني والفقير . وهذا هو المهد الاول للامساواة » كما نعلم . 
تلك هي ه الصدفة امشو ومة » التي أخرجت الجنس البشري من الحالة السعيدة د للمجتمع 
الميتدىء » . إن اتقطاع المساواة سيؤ دي لأفظع فوضى . وخصوصاً , لارتباطه بتكاثئر الحاجات 
الذي بميز الانان الاصطناعي . إنها المنافة وللزاحة . والتعارض ف المصالح بين الغني الذي 
يغتصب والفقير المستّل من قَبِلِهِ ؛ إنها الرغبة السرية لدى كل فرد في تحقيق منفعته على حاب 
الاخرين ؛ إنها أولوية الظهور على حساب الوجود . والخارج على الداخل ( يجب أن يُظهر للرء 
نفسه بشكل مختلف عيبا هو بالفعل ) ؛ إنه خنق الشهوات الجاحة للشفقة الطبيعية : إنه حب الذات , 


(9» كيا جاء ني السطور الاخيرة من ه الخطاب » . 


481 


(جدتم -تناوتعة' 0 ( المختلف جدا عن د حب النفس (أده مل تتاصدعة'.0 للدفوع الى ذروته ١‏ 
إنها إساءة استعمال الجنس البشري « للملكات التي تُشَرَقُه » : إن كل هذا يؤلْف لوحة سوداء 
جداً , تشبه بشكل خاص . هذه المرة » تلك التي رسمها هوبس إن حرب الجميع ضد الجميع » 
التي قال بها هوبس ٠‏ تتجلى هنا بالفعل . 
ومع ذلك فأننا لم نزل إلا في العهد الاول » » أو في التايز الاول ٠‏ أو المرحلة الاولى.من 
الفساد . ولكن ها نحن , للأسف قد حرجنا فعلاً مما كان يعتبر ‏ برأ روصو , الحالة السعيدة الني 
كان بِكِنْ لها حنيناً قوباً , والتي فَكُرَ بأن « الجنس البشري كان قد خْلِقَ ليبقى فيها دائياً ؛ . وأنها 
كانت « مرحلة الشباب الحقيقي للعالم . وأن كل التقدم اللاحق كان بالظاهر عبارة عن خطوات 
باتجاه كيال الفرد. بقدر ما هي بالفعل . باتجاه ضعف الجنس »2 . 
وستنلو ثورة الحديد والقمح ثورات أخرى . ستؤدي للعهد الثاني ثم الثالث . حينذاك 
ستنولد حت عن الهابزات المدنية دتمايزات سياسية تنج في لا مساواة متنامية بين الشعب ورؤ سائه . 
وف حين ستصبح اللامساواة » في الاعتبار وني السلطة ؛ بين الافراد المتجمعين في مجتمع . 
حتمية » ستخرج من هذه اللامساواة طائفة من الاحكام المسبقة المناقضة في أن واحد د للعقل 
والسعادة والفضيلة » . وهكذا الى أن ترفع الاستبدادية , في النهاية ٠‏ « رأسها البشع » وتلتهم كل 
ما تبقى من طيّب وسليم في الدولة » ويحل محل القادة والقوانين » طغاة وأسياد بلا قواعد ولا 
كابح ؛ وبحل الرعايا » عبيد . حينئذ تُقفل الدائرة ونصل الى المرحلة الاخصيرة من اللامساواة . 
ويصبح كل الافراد متساوين ثانية لأنهم لا يساوون شيئاً » . ويعود كل شيء لقانون الاقوى 
ويجد الجنس البشري نفسه ثانية في « حالة طبيعية جديدة » » لكنها تختلفة جداً عن الاولى ٠‏ نظرا 
لأنها ثمرة إسراف ف الفساد . في حين أن الاولى كانت تمثل حالة الطبيعة في صفائها . 


ج ‏ إقامة المجتمعات السياصية 

وهنا تظهر ثانية ٠‏ مرة بعد مرة » كلمة : إنها كلمة عقد(00:158]0) 5 سواء تعلق الامر بعقد 
مزيف أم بعقد حقيقي . لقد كان المفهوم مألوفاً ( ني شكل ميثاق اججاعي أو ميثاق خضوع ) لدى 
مؤلفنا الذي كان قارثا منتبهاً لهوبس ولوك وهلفيتيوس وغر وتيوس وبوفندورف . 


لنرجع الى الفوضى الفظيعة المرسومة أعلاه والناشئة عن انقطاع المساواة لمصلحة الغني . إن 
روسو يتخيل أن هذا الغني المعرض للهجوم . بشكل خاص . في هذه الحرب الدائمة » يبحث عن 
خلاصه من خلال جعل جيرانه يقبلون بإقامة رابطة ( إنه يقول لمم : « لنوحد أنفسنا » ) تجمع بين 
كل القوى التي كانت متعاكسة حتى ذلك الحين . وتوحدها في سلطة عليا ( « تحكمنا وفق قوانين 
حكيمة » ) : 

هكذا كان , أو يجب أن يكون , أصل المجتمعات السياسية هذه الاجسام الكبيرة 
ستغطي قريباً كل اللارض ؛ وتقم الجنس البشري :كن ووس ينه النفد ندل هلل 
مزيفاً يقدم عراقيل جديدة للفقير . وقوى جديدة للغني . ويؤدي لتدمير الحرية الطبيعية . وتثبيت 


432 


فانون الملكية واللامساواة لللأبد » وإخضاع كل الجنس البشري » منذ ذلك الحين , ١‏ لفائدة بضع 
طموحين . . . وللعمل والعبودية والبؤس » . 

هل كان على روسو أن يفضل أصولاً أخرى للمجتمع السيامي : كعمليات الغزو التي يقوم 
بها الاقرى . أو إتحاد الضعفاء ؛ أو رمي الشعوب لنفسها في البداية بين « ذراعي سيد مطلق بدون 
شروط ولا رجوع عن ذلك » ؛ أو السلطة الابوية التي يتفرع عنها الحكم ( المطلق أيضا ) وكل 
المجتمع ؛ أو التأسيس الارادي للطغيان بواسطة عقد ( أيضاً ) ٠‏ لا يبر إلا أحا. الطرفين ٠‏ ويوضع 
فيه كل شيء في جانب , ولا شيء في الجانب الآخر ‏ ولا يدور إلآ على حساب ذاك الذي يلتزم ؟ . 
إن روسو , الحريص عل تفحص الوفائع بالحق يستبعد . بعكس الكثير من المؤلفين , ( كما يرى ) 
كل هذه الافتراضات . إِنّهِ يتتقد . مروراً , بوفندورف المفكر الرديء لانه وافق عل القول بأن من 
الممكن للمرء أن يجرد نفسه من حريته لمصلحة شخص ماه مثلما ينقل ماله للغير بواسطة إتفاقيات 
وعقود » . 

. ويؤكد روسوء في الخلاصة , يفينه بأن امحكومات لم تبدأ بالسلطة التعسفية التي ليست إل 
شكلاً فاسداً للسلطة . وإلاً الحد الاتصى لماء والتي يعيدها . في نباية الامر. لقانون 
الاقرى وحده . بعد أَنْ كانت في البداية علاجاً له » . ويوضح روسوء من جهة أخرى ٠‏ بأنه حتى 
لوكانت هذه الحكومات قد بدأت هكذا , فأن هذه السلطة . اللاشرعية بطبيعتها » لم تستطع أن 
يُؤّسّْس حقوق المجتمع ٠‏ ولاء؛ بالتالي . « اللامساواة الؤّسّسّة » . 

ولكن ألا يمكن الاستعانة بعقد حقيقي ؟. هكذا كان الرأي العام ينظر لمسألة إقامة الجسم 
السيامي : عقد حقيقي ( هل يجب أن نقول : عقد خضوع ) بين الشعب الذي « جمع كل إراداته في. 
إرادة واحدة » ؛ والرؤساء الذين اختارهم . إن روسو يرضى بمثل هذا الرأي , ولكن بشرط بليغ 
المعنى تماماً وبتمثل : بعدم الدخول اليوم ( كما كتب ) في البحوث التي ما زال ينبغي القيام بها حول 
طبيعة الميثاق الاسامي لكل حكم » ٠.‏ . 

إل أن روسو يشرع منذ الآن . وفي التاريخ الذي أَلْفَ فيه ه خطاب حول اللامساواة ؛ 
( عام1754) بهذه البحوث . وقد كانت هذه البحوث تجري , على وجه الاحهال . منذ أن بدأ عمله 
( نحوعام1751-1750) في مؤلفه الكبيرحول« المؤسسات السياسية 6(وءدوناناك2 كمهنانناناكم1) ١‏ 
الذي سيقول أن فكرته الاولى خطرت عل باله أثناء وجوده في البندقية . في عامي 1743 -1744 . 
حيث كان سكرتيراً لسفير فرنسا السيد دو مونتيغو(نونه:0408 04.06 . ولقد كان لديه هناك » ( كما 
سيشرح ذلك ) الفرصة لملاحظة عيوب هذا الحكم البندقي الذي مد كثيرا . لقد أقتعه تفكيره 
امنهجي . منذ ذلك الحين . ( وبفضل الدراسة التاريخية للاخلاق , كما سيوضح ) بأن كل شيء 
يتوقف « جذرياً على السياسة » , وأن و أي شعب لن يكون مطلقاً إلأ كما ستجعله طبيعة حكومته 
يكون » . وهكذا تكونت , في ذهنه » سلسلة من الاسثلة التي ها المكان الاول من حيث الاهمية . 


(1) حول الفئرة الثانية ‏ انظر ‏ ص : 164 وما بعدها . 


ما هي طبيعة الحكم القادر عل نكوين الشعب « الاكثر فضيلة » , الاكثر أستنارة » الاكثر حكمة ١‏ 
والافضل 3 أخيرا 3 على أن تؤخذ هذه الكلمة بمعناها الاوسع ؟. ماهر وهذا سؤال متصل 
بشكل وثيق بالاول ‏ الحكم الذي سيكون . بطبيعته , الاقرب دوما من القانون » ؟ . وإنطلاقا من 
هذا . ماهو القانون ؟ 
إن المؤسسات السياسية » هو المؤلّف الذي اهنم به الكاتب بأكبر قدر من النذوق » 
وأراد » حسبها جاء في « الاعترافات » . أن يشتغل فيه طوال حياته » وأن يوضع به « الخاتم ؛ عل 
شهرته . 
لقد أمعن روسو في التفكير بمخطط هذه المؤوسسات السياسية أثناء تأليفه للخطاب الثاني و 
للاهداء لجمهورية جنيف ‏ هذه الجمهورية التي كانت تعكس لديه بغزارة نوع الاههامات التي يعود 
تاريخها للبندقية . وقد أعلن أنه وجد قيد التطبيق في الجمهورية التي ولد فيها ” « افضل المبادىء 
الاساسية » التي يتكون منها حكم بشكل سليم . وهي : أن أيّ شخص لا يكون فوق القاتون ( إن 
النيره الصحي والعذب » لهذا القانون هو الحرية الوحيدة والحقيقية ) , وأَذّ حق التشريع مشترك 
بين كل المواطنين ( « فَمِنْ الذي يمكن أَنْ يعرف بشكل أفضل منهم الشروط التي في ظلها من الملائم 
هم أن يعيشوا مع بعض في نفس المجتمع ؟ » ) , وأن الشعب والسيد شخص واحد . ( وليس له 
إذن إلا نفس المصلحة » ) . وهذا دون نسيان الامكانية ذات الامتياز والمتمثلة في أن يكون المجتمع 
السيامي محكوماً بشكل جيد نتيجة المساحة الضيقة التي يقوم عليها . والمحدودة بمدى اتساع 
القدرات الانسانية . « إن كل الافراد . في مثل هذا المجتمع ٠‏ يمكن أن يتعارفوا فيا بينهم ؛ ويكون 
حب الوطن فيه « حبا للمواطتين أكثر ما هوحب للارض »© . 
في نفس هذه الفترة تقريياً ( أي في نباية1754 على وجه الاحهال ) كتب روسو المقالة التي يشار 
اليها عادة تحت عنوان « خطاب حول الاقتصاد السيامي » منتهمدمع1'2 تنه مسمعه0) 
(منوفانادم . وذلك لكي مُنشر في تشرين الثاتي1755 , في المجلد الخامس من الموسوعة . إن نفس 
نوع الاهتامات , التي هي سياسية وأخلاقية أكثر ما هي [قتصادية » بالمعنى الدقيق للكلمة ٠‏ رز 
ويفرض نفسه هنا . لقد استخدم للؤلف . بكل تأكيد , المواد للجمعة من أجل مؤلفه الكبير . 
لكته » وبشكل غريب ء لم ينطق تقريبا بأي كلمة حول« لليئاق الاسامي » ؛ وترك في الظل مبدأ 
الشعب ( الذي هو وحده ) السلطة التشريعية . لكنه أبرز بقوة التمييز للزدوج بين السيد والحكم 
من جهة ء وبين الارادة العامة والارادة الخاصة من جهة أخرى ( وهو ما يشكل الدعامة لمزدوجة 
لبنائه النهائي القادم ) . وفصّل روسو بعبارات رائعة تمجيده للقانون » وكذلك مدحه لحب الوطن 
وما يرافقه من شروط ومتطلبات وتحاسن . 


أَنْ أحد الشروط التي يضعها روسو هذا الحب يكمن في تمتع كل فرد في الدولة بأمنه الخاص” : 
لأنه لا يمكن جرح فراع أو قطمها دون أن يصل الالم منها « الى الرأس » . أن من غير المعقول أن 


(» لي في 'جنيف ( للترجم ) . 


يهلك ,« مواطن واحد » يمكن أن نمد له يد المساعدة ؛ وأن يُوضع . خخطاً . مواطن واحد في 
السجن ؛ وأن تضيع محاكمة واحدة في « ظلم بديهي » . 
إن خلاص مواطن واحد يعتبر قضية مشتركة . مثلماهو حال خلاص الدولة بأسرها . 
« إذا قيل لنا أنه لأمر جيد أن بهلك واحد من أجل الجميع , فإنني سأعجب بهذا 
الحكم إذا صدر من فم وطني, فاضل ووقور يكرس نفسه طوعاً , وبدافع الواجب 
للموت في سبيل خلاص بلاده . ولكن إذا قصدَ بذلك أن من المسموح به للحكومة أن 
تضحي ببريء من أجل خلاص الجمهور . فأني ساعتبر هذه الحكمة إحدى أكدر 
الحِكَم التي اخترعها الطغيان حقارة على الاطلاق . وأكثرها خط . . . وأكثرها 
خطرا . . وأكثرها تعارضاً بشكل مباشر مع القوانين الاساسية للمجتمع . فبدلاً من 
أن يكون من واجب الفرد أن بهلك ني سبيل الجميع . على الجميع أن يرهنوا أموالهم 
وحياتهم للدفاع عن كل واحد منهم . وذلك بغية أن تحمي القوة العامة دائياً الضعف 
الخاص , وأن تحمي الدولة كلها كل عضو فيها 0 . 
إن هذه الاهيامات نفسها تبرهن بشكل كافب عل وجود سوه تفاهم خاص بين مؤلُف 
« الخطاب » الثاني . وقرائه من الحزب الفلسفي . لقد كتب اليه فولتير قائلاً إنه تلقى كتابه الجديد 
« المضاد للجنس البشري » , وأن أحداً لم يستعمل مطلقاً ني الماضي مثل هذا المقدارمن العقل الذي 
بريد أن ٠‏ ردنا الى حيوانات » , وأنه لدى قراءته للكتتاب صار لديه رغبة بالمشي « على أربعة 
قوائم » . وقد ردُ عليه روسو بذكاء قائلاً إن أي شخص في العالم لن يكون أفل نجاحاً منه » أي من 
ثولتير » في السقوط ثانية الى هذا المستوى ( ١‏ إنك تجعلنا نفف جيداً عل قدمينا لكي نكف عن أن 
٠‏ نجعلك تناسك على قدميك » ) . 
لقد تنبا مؤلف ٠‏ الخطاب » في حالميته رقم تسعة . باعتراضن خصومه . وقام بدحضه قبل 
صدوره . « ماذا إذن ؟ هل يجب تقويض المجتمعات . وتدمير ما لك وما لي , والعودة للعيش في 
الغابات مع الدببة ؟ » . لقد ذهب روسو حد الكتابة بأن التخلي عن أنوار الجنس البشري من أجل 
التخلص من عيوبه . سيؤديٍ للحط من قدر هذا الجنس » َ واستشهد لذلك بالناس « المشابهين 
له ؛ والذين كانت شهواتهم قد دمرت للابد بساطتهم الاصلية : لقد أصبح من المستحيل عليهم أن 
يتغذوا بالعشب والبلوط مثلما أصبح من المستحيل عليهم أن يستغنوا ه عن القوانين والرؤساء » . 
وف هذا ما كان يضبط الدسوى الموجهة لعدو التقلدم والانوار . وصاحب العبقرية الغريبة الذي كان 
في تلك الفترة ومن جهة أخرى صديقاً لديدرو , ومشاركاً في الموسوعة ) والذي كان ينكب الآن عل 
بحث عقلاني حول شرعية القوانين والرؤساء ( بالضبط) وحول الطبيعة الصحيحة « للروابط 
المقدسة للمجتمعات » . 





27 حول مشروع « المزسسات السياسية » أنظر ٠‏ الاعترافات » الاعيال الكاملة ‏ المجلد الاول ‏ ص : 404 
١‏ وملاحظات ر . دوراتيه مقدمة للعقد ‏ الاعمال الكاملة ‏ للجلد الثالث ‏ : ©7661 وما بعدها . 


,. 5 


أمِنَ الممكن أَنْ يريد الاننان أنْ يستطيع التقهقر ! هل مِنْ الممكن أن يكون هناك عصر تمنى . 
فيه أن يتوقف جنسه ؟ : هذا ما كان روسو يوحي به ني الصفحات الاولى من د الخطاب » . وهو 
يفكر بحالة : المجتمع المبتديء » التي تكلم عنها بالحنان الذي نعرفه . إل أن الطبيعة البشرية لا 
تتقهقر : هكذا كان في النهاية حُكُمْ امف . إذن » ونظراً لنْ من غير الممكن الرجوع لعصور 
البراءة والمساواة ؛ ولتلك « الحالة ‏ الحد 6 الافتراضية ( لأنها افتراض في البحث في موضوع الانسان 
الاصلي . كما يفعل علماء الفيزياء . على حد قول روسو ء كل يوم بالنسبة لتكوين العالم  )‏ فأن ‏ 
من الواجب اللجوء للاصلاحات . وقبل كل شيء » لاصلاح المؤّسسات السياسية : حين يتعلق ؛ 
الامر بصنع مواطنين . ولكن أيضاً باصلاح التربية . حين يتعلق الامر بصنع بشر . وكذلك ٠‏ 
وبصفة ليست أقل استعجالاً » بإصلاح الأخلاق المنزلية » حين يتعلق الامر بصنع أسر سعدة !. 
وهكذا ظهر . في عام1761 , ومن أجل الاستجابة لهذا المشروع الاخير. كتاب «١‏ جولي أو 
هيلويس الجديدة :(ع5أو|»< علاء/٠ن210‏ ها ناه عنانال) ١‏ كما ظهر في السنة النالية « في العمقد 
الاجتياعي أو مباديء امسق السياسي (عناوتانامم اتمعل ناك وعرأعوكم ناه لفعمد أمعا000 290 و 
د أميل أو في التربية »(5هننهعداف8'! عل:ده عانمع) , اللذان لم يفصل بين تاريخ صدوره) إلا 
عدة أسابيع . :! 2 ٠‏ 
إن ه العقد» . . لم يكن . والحق يقال , إل مقطعاً متفصلاً ومنجزاً من هذه المؤسسات 
السياسية » التي كان عليها أن.تضع « الجاتم » على شهرة المؤلف , والتي كان هذا قد نخل عن 
مشروع كتابتها . باعتباره فوق مستوى قواه . 
لقد مُيِمَ الكتاب من الدخول الى فرنسا , لا أكثر . أما في جنيف فقد صدر عن اللجلس 
الصغير , بتاريخ 19 حزيران1672 ( وكان النشر قد حصل قبل عدة أمابيع ) قرار باحراقه ‏ 
بصورة مشتركة مع أميل . باعتباره « جسوراً » وفاضحاً » وكافراً . وينزع لتدمير الدين المسيحي 
وكل الحكومات . 
وقد ساور المؤْلْف بعض القلق بالنسبة لنجاح كتاب العقد ف فرنسا حيث كان نجاح كتاب 
إميل فد الحق به ضرراً . كما كان يخشى ”' . كبا كان يدرك جيداً أن مؤلفه السيامى لم يكن من 
شأنه أن ينتشر كها تنتشر روابة ( وإن كان يأمل كذلك أنْ لا يُستهلك بسرعة ٠‏ وأنّْ يصبح كتاباً 
« لكل الازمنة » .“هذا إذالم يرفضه الجمهور» . )2 . 


(!) حول سوه التفاهم مع فرلتير « والفلاسفة » وحول استحالة و التقهفر » أنظر الحاشية الناسعة من الخطاب الثاني - 
الاعبال الكاملة ‏ للجلد الثالث ص -202 -207 . انظر الرسالة اللى فولتير المؤ رخمة في30 آب 1755 في اللجلد 
النالث _ث :1379 . 

(9) لقد أدين كتاب إميل . من جهة أخرى . في فرنسا ء قبل أيام من صدور فرلر جنيف ء وذلك من طرف البرلان 
والوربون والكنيسة « الذين اتفقوالمرة واحدة ( عل حد تعبيرب . غانيوبان ) («أاعجهة8.)6) . أما روسو نقد 
صدر بحقه قرار بالسجن : إن هله القساوة تسر الى حد كبير بما جاء في ٠‏ إعلان مباديء نائب ساثويار» » ف 
الكتاب الرابع . 

2( انظر : ر . دوراتيه في : الاعمال الكاملة ‏ للجلد الثالث ‏ المقدمة . 





0 


2 مبادىء الحق السيامي ةَ 
« ولد انان حراً . وهو في كل مكان مكبل بالقيود . إن من 
بعتفد بأنه سبد الاخرين هو الذي لا يكف عن أن يكون عبداً 
أكثر منهم . كيف حصل هذا التغيير؟ [ني أجهل ذلك . ما 
الذي يمكن أن يجعله شرعيا ؟ اعتقند أن بإامكاني حل هذا 
الؤال . 

( ني العقد الاجتاعي أر ميادىء الحنق السيامي ) 

( الكتاب الاول ‏ الفصل الاول ‏ ص651 . 


أ الارادة العامة , مصدر القانون . 
مع مفهوم و الارادة العامة » ٠‏ الذي كثيراً ما استُِّد اليه وقْسرٌ ونوقش » نضع أنفسنا في مركز 
الفكر السيامي للمؤلف 3 ونشرف عل مفهومه للقائرن » ونفسك بمفتاح التمييز الرئيسي بين 
السيادة والحكومة , بعد أن أمسكنا بمفتاح « تشوه » الانسان وتحوله الى مواطن بواسطة الميشاق 
الاساني . 
كان روسو قد عَرْفَ ف « النطاب حول الاقتصاد السيامي » الارادة العامة معتبراً إياها ‏ المبدأ 
الاول للاقتصاد العام والقاعدة الاماسية للحكم » . 


ولقد قارن , على إثرهوبس . الجسم السياسي يجسم الانسان ‏ وهي مقارنة ‏ كان يُقرٌ بأنها 
فظة وقليلة الدنة » لكنها ملائمة ‏ وكان يُلح عل الحساسية المتقابلة لكل أجزاء كل منهما » وعل 
هذا النوع من الأنا المشتركة في الكل المتمثل في حياة كل منهما . لقد كان الجسم السيامي إذن كائناً 
معنوياً » أيضاً . وكان لديه إرادة : « وهذه الارادة العامة التي تنزع ( أو كانت تنزع ) دائياً الحفظ 
ولرفاهية الكل وكل جزء . والتي كانت مصدر القوانين ٠‏ كانت بالنسبة لكل أعضاء الدولة ‏ 
بالنسبة لهم ولها . قاعدة العدل والظلم » . وبنوع من المزايدة ؛ يضع روسو عل عاتقه واجب 
البرهنة على أن الارادة الاكثر عمومية كانت هي أيضاً الاكثر عدلاً » وأَنْ صوت الشعب كان 
« بالفعل صرت اله » . ومع ذلك فأنه يوافق على أن الشعب المتجمّع يمكن أن تضلله المصالح 
الخاصة التي حلت. بمهارة. محل مصالحه: لقد كان بعض المتملقين 
الفصيحين يتوصلون أحياناً ‏ ومن خلال اتفاقات جزئية وذكية ( « انشقاقات سرية » ) للتملص من 
استعداده الطبيعي لأن لا يريد إلا الخير المشترك . لهذا كان يجب الموافقة عل أن المداولة العامة 
شيء » والارادة العامة شيء آخر . ويوضح روسو أخييراً , أن الفضيلة لم تكن إلا في امتثال الارادة 
الخاصة للارادة العامة » وذلك من أجل أن يتم إنجاز هذه الاخيرة ٠‏ . 

وهكذا كان روسو , منذ عام1755 . يبقي الجانب الاسامي من هذا المفهوم , أو من هذه 


2 - مبادىء الحق السياسي 
(10) « خطاب حول الاقتصاد السياسي » . للرجع السابق ‏ ص : 244 -246 -252 . 


437 


الاسطورة المستجدة غامضاً الى حد ما . ( لقد استخدم ديدرو في مقالته التي ظهرت أيضاً 506 
نفس العام » في « الموسوعة » نفس التعبير » ولكن , كما نعرف , بمعنى مختلف جذريا . فقد كان 
بقصد بها إرادة الجنس البشري المطابقة و للحق الطبيعي » الكل ) . إن الصيغ المعروفة جداً والتي 
نجدها بوفرة في العقد لا تقوم إلا بتكرار وإكبال المشروع السابق : 

د إنّ الارادة العامة يمكنها لوحدها أنْ توجه قوى الدولة وفق الغاية من تأسيسها ١‏ 
والمتمثلة بالخير المشترك . إن الذي يضفي على الارادة صفة العمومية هو المصلحة 
المشتركة التي توحد الاصوات أكثر بما هو عدد الاصوات ‏ . إن الارادة العامة همي 
دائياً مستقيمة وتنزع دائياً للمتفعة العامة . لماذا تكون الارادة العامة دائياً مستقيمة » 
وناذا يريد الجميع دوماً سعادة كل واحد منهم إِنْ لم يكن لأآنه ليس هناك أي 
شخص لا يتملك لنفسه هذه الكلمة : إن كل واحد لا يفكر عندما يصوت للجميع 
إلا بنفسه . . . إن الارادة العامة » لكي تكون عامة حقيقة » يجب أن تكون عامة في 
موضوعها كذلك وفي ماهيتها . إنها يمب أن تنطلق من الجميع لكي تطبق عل 
الجميع » . 

بعد إستيفاء كل الشروط . وإشباع كل المتطلبات سيتحقق عهد الارادة العامة العهد الذي 
يضمن سعادة الدولة . إنها مثالية » تلك اللوحة التي يرسمها لنا روسو بالرجوع الى هذه الجماعات 
من الفلاحين الذين نراهم « بنظمون شؤ ونهم . . . تحت شجرة بلوط» ويتصرفون دائما 
بحكمة » ! ( إن هذا يجري لدى السويسريين » الموصوفين بأنهم الاكثر سعادة في العالم ) . 

ولكن أي مصيبة ستحصل ء بالمقابل , عندما ينفسد هذا العهد أو يتعرض لما هو أسوأ من 
ذلك » وماذا ؟ لأن الارادة العامة لم تعد إرادة الجميع وذلك لأسباب ممتلفة » منها : ثقل المصالح 
الخاصة » والمجتمعات الجزئية أو المجتمعاتٌ الصغيرة ؛ فساد المصّلحة العامة ووضعها موضع 
التساؤ ل ؛ التناقضات والمجادلات ؛ والرأي الافضل الذي لا يمر قط بدون مشاجرات » ؛ 
البراعات السياسية التي تطارد السلام والاتحاد والمساواة التي كانت موجودة من قبل . أين توجد إذن 
الدولة القديمة وكل قواها الدافعة « القوية والبسيطة » ؟ . 


إن العقدة الاججاعية بدأت الآن فقط بالتراخي . وقريباً ستنقطع في كل القلوب ٠.‏ وستصبح 
الارادة العامة ه خرسلم » ٠‏ ومع ذلك فأنها لا تنطفيء 2 لانها غير قابلة للتلف : إن من الممكن عل 
الاكثر ده تضليلها » . ويعود لمن يعنيه الامر. أن يجعلها « تُسَتَجوب دائها » وأن د تجيب دائما »!إن 
روسو المتشائم يقوم هنا بجهد تفلؤ لي شاق . إلا أنْ هذا لا يمنع من أن مشكلة التباعد . الذي لا مفر 
منه عملياً » بين إرادة الجميع ( الاجماع ) والارادة العامة ٠‏ تقض مضجعه . وهي لا يمكن إلا أن 
تعذبه . 

إنه كان يعرف أن هناك غالباً فرق بين الارادتين الاولى والثانية , وأن إرادة الجميع تنظر 
للمصلحة الخاصة ولا تعتبر إلا ه مجموعاً لارادات خاصة » ؛ وأن القوة العامة هي دائياً أقل من 
مجموع القرى الخاصة . وأن كل هذا يمثل جيداً عفبات أمام الآلة السياسية , ينبغي التقليل منها 


4+6 


بالعلم والفن . ولكي يجعل من المقبول القول بأن المواطنين ( كما سنرى ) بطاعتهم للارادة العامة 
. إنما يطيعون , بنفس الوقت . إرادتهم الخاصة . وأنفسهم ولا شيء غير أنفسهم . سيكون ليس 
فقط من المستحب وإنا من العقلان أن تكون الارادة العامة في الاغلب هي إرادة الجميع ( حينئل 
سيكون مفسرو روسو أقل ميلاً للقول بوجود سراب ني ,حال عدم موافقتهم عل القول بوجبود 
معجزة .)١!‏ 

هل هو سراب أم معجزة , أم , ببرودة أكثر . أسطورة , ذاك الذي يغير وجه الواقع 
السيامي أكثر ما يعبر عنه . إنها اسطورة مشوهة . مبسطة . مرسومة بشكل كاريكاتوري عل 
اليمين وعلى اليسار . مخطوفة وأعيد التفكير بها بواسطة ما ورائيات كبيرة وبارعة ؟ إنها اسطورة 
مستعملة في خدمة الشهوات الجماعية والطموحات الفردية ؟ إنها اسطورة مهيأة لأن تتدحرج وتقفز 
عبر التاربخ مثل « انجراف ثلجي » ( على حد قول ب . دو جوفنيل(765©1ئا10 06 .8) : ورغم 
كل ذلك فإن الارادة العامة كانت تهد نفسها بصفة نبائية وقد نصبّها العقد كمبندأ أول للحق 
السيامي ٠١‏ 8 

إن الارادة العامة هي مصدر القوانين . فالقانون تعبير عن الارادة العامة ؛ إنه التعبير الوحيد 
عنها . إن بَنّها في موضوع فردي هو أمر مناقض لطبيعتها نفسها . إنها لا تتصرف . ولا تملي أعمالا ٠‏ 
وإنما تضع قواعد , هي القواعد الأعم . ولا تتكلم إلا بواسطة قوانين . بالمعنى القوي جدا الذي 
' يعطيه روس ولهذه الكلمة » . 

أي معنى ؟ 

إن القانون بالنسبة له هو التعبير الأجود عن الرابطة الاجتاعية , والمنظم الجليل للنظام 
الاجهاعي : إنه رابطة مقدسة ونظام مقدس . إن القانون أيضاً يدخل في عداد المقدسات . إنه 
انعكاس في هذه الدنيا لحكمة سامية . إنه ينجم عن المثل الاخلاقية قبل أن ينجم عن القوة . وهو 
يجد جماله وطابعه في عموميته ولا فرديته اللتين تستبعدان تعسف وعدم استقرار الارادات الخاصة ؟ 
وهما العدوان اللدودان لجان جاك : إن القانون يسمح للانسان بأن يفلد في محيطه المراسيم الثابتة 
للألوهية . إن العدالة والحرية ُعزيان له وحده . فهو الذي يعيد المساواة الطبيعية في الحق 
الاجتاعي . لأن القادة عندما يأمرون يكون القانون هو الذي يتكلم بفهمهم . هكذا . وبفضل 
القانون » يخدم البشر ولا يكون لديهم سادة قط . ويطيعون ويكونون مع ذلك أحرارا . هكذا إذن 
: رفع صعوبة تأمين الحرية العامة وسلطة الحكم ني أن واحد . وهي الصعوبة الني كانت تبدو 
منيعة . آه يا أيها القانرن . يا أيها الاكثر ه سمواً » من بين المؤسسات البشرية ! آه ء يا أها 
« الصوت السماوي » !ا . 

هذا فأن إيجاد شكل للحكم يضع القانون فوق الانسان هو المعضلة الكبرى في السياسة : إن ' 





(1) حول صيغ العقد المنعلقة بالارادة العامة ص : 368 -374-373-371 . 
(2) د خطاب حول الافتصاد السيامي  »‏ ص : 248 . 


489 


روسو كان يشبهها بمعضلة تربيع الدائرة في الحندسة . هذا أيهآا » فان الحكم الذي يكون ٠‏ 
بطبيعته  ,‏ دائيًا الاكثر قر باً من القانون » هو الافضل . ولكن كيف يمكن تحقيق أهداف كهذه ؟ 

فقط . كباً سترى » من خلال تدخل هذه الارادة العامة » مصدر القوانين . 

فهي تشرف , أولاً , على عقد الميثاق الاسامي أو العقد الاججاعي . 

وهي تفرض . فيا بعد التمبيز المعلن عنه بين السيادة ( أو السيد ) والحكومة . 

وهي الرحيدة التي تجعل من الممكن قيام ٠‏ المؤسسة الشرعية » . 
ب الميئاق الاسامي أو العمقد الاجياعي 

بعد الانتهاء من البحوث «١‏ التي ما زال ينبغي القيام بها » حول طبيعة الميئاق الاسامسي لكل 
حَكم . والني أشار إليها ني الخطاب حول اللامساواة » عرض روسو التتائج التي توصل اليها » 
دون أن يسترسل كثيراً في المقدمات التمهيدية ( « إني أدخل في صلب الموضوع بدون أن أبرهن على 


أهميته . . ) ©" . 


المعضلة وحلها . 

يتناول روسو مجدداً فرضية الحالة الطبيعية » الحالة البدائية » بالعبارات التالية : « أفترض أن 
البشر توصلوا الى النقطة التي تمكنت فيها العقبات التي تسيء لحفظهم في الحالة الطبيعية » من 
التغلب . بواسطة مقاومتها ٠‏ عل القرى التي يمكن لكل فرد أن يبذهما من أجل البقاء في هذه 
الحالة . حينئذ لا يعود بامكان هذه ا حالة البدائية أن تبقى » ويصبح الجنس البشري معرضاً للهلاك 
إن لم يُغير طريقته في الوجود » . 

إننا نميل بشدة لأَنْ نتذكر هنا مثل هذه المرحلة من التطور البشري وقد رُسِمَت بشكل مأساوي 
في « الخطاب » الثاني . إلأ أن مفسراً عميقاً لاعمال روسو ء وهوج . ستاروفسكي يحذر القاريء 
بقوله : « إن هناك بين « الخطاب » « والعقد » تغيراً في البُعد . فالميئاق الاجتاعي الذي ينجز ضمن 
بُعْدٍ معياري (009518176 بحت ء ويقع خارج إطار الزمان التاريخي » يتم الانطلاق فيه من 
البداية الشرعية(طلطله ت) ٠‏ . 


فلكي لا بهلك الجنس البشري . يأتي الفن لنجدة الطبيعة ويخترع هذه الوسيلة للخلاص ٠‏ 


(©) لقد جرى الامر عل خخلاف ذلك في الصيغة الاولل للعقد الْسَبأة « بمخطوطة جنيف » التي لم تُنشر قبل 1887 
( أنظر « الاعمال الكاملة »-214:206  3-‏ مقدمة ر . دوراتيه ‏ ص : 83 وما بعدها ) . والتي بدأ فيها الملؤلف 
بالبحث عن السبب الذي نشات عنه ضرورة المؤ مات السياسية » ؛ وذلك في فصل طويل ومعقد . عنوانه ه في 
المجتمع العام للجنس البشري » . وهو فصل كان له في البدء العنوان التاللي . الاكثر دلالة « في أنه لبس هناك قط 

و بصفة طبيعية . من مجتمع يبن البشر » . 
)١(‏ أنظر ‏ ج . ستارون كي ف « الشفافية والعقبة (6اعهاو1'0 © ممع كهمكصدنا هل) ‏ بلريس --1971 
لمم للدت دص :45 1. 


410 


وهي : تجميع قوى كل الافراد » بغية تشكيل فوة واحدة منها تكون أعلى من المقاومة المعارضة . لقد 
أن الاوان » وأصبح من المستعجل أن يرهن كل فرد قوته الخاصة وحريته الخاصة ( أي الادوات 
الاولى لحفظه الخاص ) دون أن « يسيء » مع ذلك ٠‏ لنفسه ويهمل الاهتامات الواجبة عليه » . 
إن هذا يعني القول بان من المهم إيجاد شكل للتجمع د يدافع ويحمي بكل القوة المشتركة شخص كل 
مُشارك وأمواله . وبواسطته يتحد كل فرد مع الجميع . ولا يمخضع مع ذلك إلا لنفسه . ويبقى حرا 
مثلما كان من قبل » . تلك هي المعضلة الصعبة الني دعي الميثاق الاسامي أو العقد الاجماعي لتقديم 
حل ها . 

إن الميئاق وحده هو الذي يستطيع تقديم الحل . لانه إذا كان النظام الاجتاعي بالنسبة لروسو 
« حقاً مقدساً » يُستخدم كأساس لكل الحقوق الاخرى ٠‏ بما فيها حق الملكية . فأنه لا يأتي مع ذلك 
من الطبيعة : إن الطبيعة لم تعين أي شخص من أجل أن يأمر الآخرين . إن أي إنسان لا يمسك 
سلطة طبيعية على شبيهه . ومن جهة أخرى . فأن القوة لا تنتج أي حق ( « أي حق هذا الذي يزول 
.عندما تتوقف القوة ؟ . إذا كان من الواجب أن نطيع بالقوة , فإنه ليس لدينا حاجة لان نطيع 
بالواجب » ) . لقد ولد الانسان حرا إنهذا الامر هو مُسلمة بالنسبة لروسو . لقد ولد حرا » هذا 
الانسان الذي هو , مع ذلك ٠‏ « مقيد في كل مكان بالسلاسل » . إن الانسان لا يمكن أن يتخلى عن 
حريته » بدون أن يتخل » في نفس الوقت . « عن صفته كأنسان » وعن حقوق الانسانية » وحتى 
عن واجباتها » . إن هذا الامر لا يتفق مع طبيعته نفسها . إن السلطة السياسية إذن لا يمكنها أن 
ترتكز شرعياً إلا على اتفاقية أولية ( إن عنوان الفصل الخامس من الكتاب الاول هو : « في وجوب 
الرجوع دائًا لاتفاقية أولى » ) . إلا أن الامر لا يتعلق قط . كبا كان يريد أو يقبل غروتيوس ٠‏ 
باتفاقية أو بعمل يتخب الشعب بواسطته ملكا . أو يعطي لنفه ملكا . وإنما المقصود , قبل ذلك 
بكثير » العمل الذى يكون الشعب بواسطته شعبا . هذا هوالاساس الحقيقي للمجتمع السياسي . 
هذا هو الميثئاق الاسامي أو العقد الاجتاعي » الحل الوحيد للمعضلة المطروحة . 


لتفحص هذا الحل عن قرب أكثر . إن النتيجة المزدوجة المرجوة : أي الحماية الني يُتتظر 
تلقيها من كل القوة المشتركة . ونفس الحرية التي كانت موجودة من قبل , تتطلب أن يقوم كل 
مشارك بالتنازل كليا عن كل حقوقه لكل الجماعة , وأن يمنح نفسه , بكامله . للجميع ( وهو شرط 
متا بالنسبة للجميع . وهذا فأنه ليس لأحد مصلحة بأن بجعله ثقيلاً على الآخرين ) . إن منح 
نفسه للجميع يعني إذن أن لا يمنح نفسه لاي شخص . وبلغه أكثر دقة إن لم يكن أقل غموضا . 
د فإن كل واحد يضع . بصفة مشتركة. شخصه وكل فوته :نحت الادارة السامية للارادة العامة . 
ويتلقى التجمع كجسم كل عضر . كجزه لا يتجزا من الكل » 5 

هنا يَلِدُ حالاً وبالفعل . جسم معنوي وجماعي بدل الشخص الخاص لكل متعاقد . إنه 
شخص عام مكون من اتحاد كل الاشخاص الاخرين ؛ شخص مزود بوحدته ء بأناه المشتركة » 
بحياته وبإرادته : إنه مدينة . كما كان يقال في الماضي . وجمهورية أو جسم سيامي . كما يقال 
الآن . وهو يُوصف بالدولة عندما يكون سلبياً #نددهظ و بالسيد عندما يكون فعّالاً ناعة). ١‏ أما 


421 


بالنسبة للمشاركين فإنهم يأخذون جماعياً اسم الشعب . وَيُسَمُوْن فردياً بالمواطشين باعتبارهم 
يشاركون في السلطة السيدة , وبالرعايا باعتبارهم يخضعون لقوانين الدولة »8 . 
التبديل المرّبح 
لننظر عن قرب أكثر أيضاً لهذا العمل الذي يحقق الانتقال من الحالة الطبيعية الى الحالة 
المدنية ؛ هذا العمل الذي بواسطته يكون الشعب شعباً ؛ هذا العقد الفريد الذي يستخدم نفس 
الناس المنظور اليهم من زوايا تختلفة (إن كل واحد يعتبر ومتعاقداً. إذا صح القول» مع نفسه»). 
ماذا سيجل بالحرية الطبيعية والمساواة الطبيعية ؟. وماذا سيخسر الفرد من جراء هذا التغيير 
الملحوظ ؟ وماذا سيكسب بالمقابل » وكتعويض ؟. ( فطالما أنه كسب شيئا ما ولم يستلم بكل 
بساطة لضرورة مرة » يقوم روصو بالالحاح بقوة على التنازل . وعلى التخلي الفردي لفائدة ما هو 
جماعي ومشترك . وللأنا المشتركة , « ولا هوعام» ! ) . ما هوء بكلمة واحدة , الشمن الحقيقي 
د لتشوه » الانسان وتحوله الى مواطن . 
لقد بين لنا المؤلّف . وبنوع من الانفعال المحاسن التي لاتضاهي للاتحاد الاجتاعي » 
وللحالة المدنية . إن تعدادها طويل ومطنب ومؤثر : العدالة التي حلت محل الغنريزة في سلوك 
الانسان ؛ الطابع الاخلاقي الذي أعطي لاعماله , والذي كان ينقصها من قبل ؛ عقله الذي أصبح 
يُستشار . بدل أن يستسلم لنوازعه ؛ صوت الواجب الذي حل لديه محل الاندفاع الجسدي والحق 
في الشهية ؛ ملكاته التي أصبح يمارسها وينميها ؛ أفكاره المتوسعة ومشاعره المتسامية ؛ نفسه 
بأسرها المرتفعة لحد أنه . 
٠‏ لولم تحط تجاوزات هذا الوضع الجديد غالباً من مقامه الى ما دون الوضع الذي 
خرج منه » لكان عليه أن يبارك باستمرار اللحظة السعيدة التي انتزعته منه الى الابد » 
والتي صنعت من حيوان أحمق وحدود كائناً ذكياً وإنساناً » . 
نعم لقد خسر الفرد بالعقد الاجهاعي حر يته الطبيعية . « وحقاً لا محدوداً في كل ما يستهويه 
ويستطيع بلوغه » . لكنه ربح الحرية المدنية ( المحدودة بالارادة العامة . في حين أن حرزيته الطبيعية 
لم يكن لما من حدود أخرى غير قواه ) . كما ربح أيضا ملكية كل ما بحوزته , هذه الملكية 
القائمة , منذ ذلك الحين . عل صك وضعي ( في حين أن الحيازة ليست إلا ه نتيجة القوة . أوحق 
المحثل الاول » ) . 
أما فيا يتعلق بالمساواة الطبيعية . فإن العقد بدل أن يقوضها . يحل ه مساواة معنوية وشرعية 
محل ما كان يمكن للطبيعة أن تضعه من لا مساواة جسدية بين البشر . بحيث يصبحون جميعاً 
متساوين بالاتفاق وبالحق بالرغم من أن بامكانهم أن يكونوا غير متساوين بالقوة أو بالعبقرية » . 
ولكن . كيف يمكن . بعد أخخل كل هذا بعين الاعتبار » الاستمرار في الحديث عن تنازل أو 


1 ' الكتاب الاول - من الفصل الاول الى الفصل السادس ‏ ص : 362-351 . 


402 


عن مل ( بالرغم من الالتزامات الكبيرة التي يفرضها العقد ) إذا بدا بمثل هذا الوضوح أن وضعية 
الافراد : 
« تجد نفسها , واقعياً , أفضل مما كانت عليه في السابق , وأنهم بدل التنازل لم 
يقوموا إلا بتبديل مر بح لطريقة وجود غير مؤ كدة وعابرة ٠‏ بأخرى أفضل وأكثر أماناً ؛ 
وللاستقلال الطبيعي . بالحرية ؛ وللقدرة على الاساءة للغيرء بأمنهم الخاص ؛ 
ولقوتهم التي كان من الممكن لآخرين أن يتغلبوا عليها . بحق جّمَلَهُ الاتحاد الاججماعي 
لا يقهر . إن حياتهم نفسها التي كرّسوها للدولة أصبحت محمية من قَيّلها بصورة 
مستمرة ؛ وهم عندما يعرضون حياتهم للخطر من أجل الدفاع عن الدولة . فإنهم لا 
يقومون إلا برد ما تلقوه منها لها . انهم لا يفعلون حينثرٍ إلا ما كانوا يفعلونه عادة » 
وبخطر أكثر . في الحالة الطبيعية ؟ صحيح أن على الجميع أن يقاتلوا عند الضرورة من 
أجل الوطن . لكن من الصحيح أيضاً أن أي واحد لم يعد عليه أن يقاتل مطلقاً من 
أجل نفسه 6أن , 
سفسطات ؟ 
إن طاعة الارادة العامة هي .إذن الشرط الذي , باعطائه كل مواطن للوطن , يضمن المواطن 
من كل « خضوع شخصي » ( وهذا الشرط هو الوحيد الذي يضفي طابعا شرعياً على التعهدات 
للدنية » والذي بدونه يعتبرها روسو ه عبثية وطغيانية » . ) . وبائتالي فإنه إذا كان هنلك شخص ما 
تسيطر عليه إرادته الخاصة . وبتطلع للتمتع بحقوقه كمواطن دون أن يفي بواجباته كرعية ‏ وهذا ما 
يعتبر د ظليأ » جسيأ يؤدي هلاك الجسم السيامي ‏ ولا يخاف من رفض طاعة الارادة العامة » فاته 
سرجد نفسه مكرها من طرف كل الجسم عل هذه الطاعة . 9 الامر الذي لا يعني شيثاً آخر سوى أنه 
« سيُجير على أن يكون حرا » . إن الميثاق الاجباعي . إنْ لم يكن يتضمن ضمنياً تعهدا هذا المعنى 
( وهو المعنى الوحيد الذي من شأنه أن يعطي القوة للتعهدات الاخرى ) فإنه لن يكون إلا صكاً بلا 
جدوى . 
إن من الشائع أن يشَهر بهذا المنطق للشبوب خفية بالعاطفة باعتباره « سفسطة» أولى 
للعقد . وأن تَُرَنَ بهذه ه سفسطة » ثاتية متصلة بللعضلة الشائكة الخاصة بالاكثرية والاجماع في 
الاصوات . 
لقد كان التميبز بين الارادة العامة وإرادة الجميع قد طرح سابقاً هذه للعضلة . وها هوعقد 
لميثاق يطرحها ثانية . 
إن روسو» الواضح جداً » يؤكد أن قاتونا واحداً يتطلب بطبيعته موافقة إجماعية » وهو : 
لليثاق ٠‏ بالضبط  :‏ لآنٍ التجمع المدني هو العمل الاكثر طوعية في العالم . إن أحداً لا يستطيع » 
(1) حول حستات الحالة لللدنية ‏ ص : 362 . حول الحرية وللساولة للدنية مص : 367-365 . حول لللكية ص : 
367-65 . حول التبديل للمربح - ص : 375 . 


493 


تحت أي حجة كانت , أن يضع إنساناً آخر بغير رضاه ء لآن هذا الاخمير ولد حراً وسيداً 
لنفسه » . أما خخارج هذا الميثاق الاصلٍ , فأن قاعدة الاكثرية ستطبق . ١‏ 

ولكن كيف يمكن لانسان أُعلنَ أنه ولد حراً أن يحبر على الامتثال لارادات ليست إراداته . 
كيف يمكن للمعارضين أن يكونوا في آن واحد أحراراً وخاضعين لقوانين ‏ لم يوافقوا عليها » ؟ 

يجيب روسو بأن السؤال طرح بشكل سبيء , وأن مطلب خضوع الاقلية للقوانين التي 
صوتت عليها الاكثرية لا يعني انتهاك الحرية , وإنما تحقيق الحرية . لأن الغاية من النصويت على 
اقتراح قانون ليست ٠‏ كبا يشرح ء الموافقة عل الاقتراح أو رفضه . وإنما القول فب إذا كان متفقا أم 
لامع الارادة العامة . فهذه الارادة لن تُعرَفَ إلا بعد التصويت . « إن إعلان الارادة العامة , كم| 
يوضح مفكرنا , يُستخلص من حناب الاصوات » . ويستنتج روسو من هذا ما يلي : « عندما 
يتغلب إذن الرأي المخالف لرأبي » فإن هذا لا يثبت شيئاً آخر غير أي كنت تخطتا » وأن ما كنت 
أعتبر أنه الارادة العامة لم يكن كذلك » . ولكي يزايد روسو . في ختام حديئه » كما لو أنه لم يكن 
واضساً يما فيه الكفاية , يضيف : « لو أن رأبي الخاص تغلب . لكنت فعلت شيئاً آخر غير الذي 
كنت أريده . وحينذاك فأني لن أكون حرا » . 

إن من الواجب الاعتراف بأن الاستنتاج طريف بشكل مقبول . إن الصورة التي يبرزه بها 
روسو . والتي استعارها من سجون جنوى التي كتبت على أبوابها وعلى قيود المحكومين بالاشغال 
الشاقة فيها . كلمة : حر يقركهه:عانا) غير المننظرة . هي صورة جميلة جداً . فهي تعني أن المواطن 
يقبل حتى بالقوانين التي تعاقبه عندما يتجرأ على انتهاك إحداها : إن إرادته العامة هي التي يخضع لها 
إذن : وأنه إذا كان د مواطناً وحراً » , فإنما هو كذلك بواسطتها . 

ويبقى الؤال المتعلق بامكانية الرجوع عن الميثاق الاسامي . حسناً . فحتى لو أنه كان 
القانون الاساسي الوحيد . بكل ما تعنيه الكلمة , فإن هذا لا يمنع قط من أن من الممكن الرجوع 
عنه . إنه لا يمكن أن يكون هناك أي نوع من القوانين الاماسية « الاجبارية بالنسبة لجسم 
الشعب » . إننا لا يمكن أن نضع موضع الشك بأن اليثاق سيفسخ ‏ بصفة شرعية جداً » إذا تجمع 
كل المواطنين من أجل فسخه باتفاق مشترك . 
ج المشرّع : 

لقد إستمد الجسم السياسي إذن وجوده من الميثاق. ويعود للتشريع أن يعطيه الحركة والارادة. 
إن القوانين ٠‏ باعتبارها شروطاً للتجمع المدني , لا يمكن أن تنبئق إلا عن المشاركين فيه : ٠‏ إن 
الشعب الخاضم للقوانين يجب أن يكون هومؤّلفها » . إن السؤ ال الدقيق والاسامي : من سيصنع 
القوانين ؟ سيتلفى أخيراً جواباً دقيقاً وحاسياً في آن واحد . 

لكنه ليس جواباً سهلاً ! إن من الممكن التفكير بأن الارادة العامة لم يعد عليها إلا أن تفي 





0( حول مفطات « العقد » اتنظر ص : 364 5 


494 


بوظيفتها , لأنها تعبر عن نفسها بالقانون . إلا أننا نرى روسو وهو يتساءل ويعترض ويصدر 
شكوكاً ‏ » إن لم يكن حول الارادة الحسنة للشعب » ونيته المستقيمة » فحول كفاءته : 


د كيف يمكن لجمهور أعمى لا يعرف غالباً ماذا يريد , لأنه نادراً ما يعرف ماهو 
صالح له . أن ينفذ بنفسه مشروغاً كبيرا وصعباً مثل نظام النشريع ؟ . إن الشعب يريد 
دائهاً من نفسه الخيرء لكنه لا يراه دائياً من نفسه . إن الارادة العامة تكون دائ) 
مستقيمة . لكن الرأي الذي يقودها لا يكو ن دائيًا مستتيراً . إن من الواجب أن نجعلها 
ترى الاشياء كيا هي . . . وأن نبين ها الطريق السليم الذي تبحث عنه . وأن 
نضمنها من تضليل الازادات الخاصة . . . وأن نوازن جاذبية المنافم الحالية والملموسة 
بخطر الشرور البعيدة والمختبثة . إن الافراد يرون الخير الذي يرفضونه . أما الجمهور 
فيريد الخير الذي لا يراه . إن الجميع بحاجة على حد سواء لمرشدين » . 


إن روسو يمُضر , ٠‏ بشكل جل ٠‏ ؛ إحدى هذه المفاجات المسرحية التي كان يجبها . والتي 
انفجرت في شكل ظهور المشرّع . 
مُشرّعٍ بالمعنى القديم ٠‏ مثل سولون ونوما(هصنا00 وليكورغ » وبالنسبة لليهود ( الذين ما 
زالت قوانينهم » » بالرغم من قدمها . حية دائياً ) مشل موسى . وبالنسببة لجنيف مشل كالشن في 
العصور الحديثة : إنه فرد إستثنائي مُلهم بشكل حقيقي ٠ ٠‏ وله نَفْسَ كبيرة تضطلع بأكثر المهام مهابة 
وصعوبة . مهمة تأسيس شعب , أي إعطائه نظام التشريع » المدعو لتنظيم حياته اللجما عية لمستقبل 
تيدر ول ننس الرقت» الأخلاق والغاداشوالراى > بكلردا قتعي موا روج ؤس ١‏ 
وه يحل بشكل غير ملموس قرة العادة محل قوة السلطة » . ويعتبر روصو أن ظهور مشرّع كبير هو أمر 
نادر بخلاف ظهور أمير كبير . ؛ لآن الاول يقترح النموذج الذي ليس عل الآخر إلا اتباعه ٠.‏ إنه 
يخترع الآلة التي ليس عل الآخر إلا أنْ يُسَيرُها . ويستشهد روسو هنا بمونتسكيو الذي كنب في 
« التأملات ٠ :  »‏ إن رؤساء الجمهوريات هم اللذين يصنعون المؤسسة . حين ولادة 
المجتمعات . وأن المؤسسة هي . فها بعد . التي تُكون رؤساء الجمهوريات » . 
إن مهمة سن القوانين للبشر . والتجرؤ على الشروع في تأسيس شعب , هي مهمة لا نظير 
ها . إنها تتطلب صفات متنوعة . وتقريباً متناقضة . إن روسو الذي يشعر بالضبط بأن لديه هذه 
الموهبة بصبح باسلوب غنائي بأنه يجب أن يكون هناك آهة من أجل سن القوانين للبشر . إننا نشعر 
أن مواطن جنيف فد وصل هنا لذروة متطلباته المدنية , وتمجيده المدني . إن الكلام عن محاسن 
ل وروي ااي وروا . أن تأسيس 
شعب ليس بشيء أقل من 
« تغيير للطبيعة البشرية ؛ وتحويل للفرد . الذي يشكل بحد ذاته كلا كاملاً 
ومنعزلاً . الى جزء من كل كبير يتلقى منه هذا الفرد . بشكل ما . حياته ووجوده ؛ 


(©) الاعمال الكاملة ‏ بلياد 3 ص :70 . 


405 


وتبديل لتكوين الانسان من أجل تقوبته . إن من الواجب , بكلمة واحدة ٠‏ أن يُستزع 
من الانسان قواه الخاصة ٠‏ من أجل إعطائه القوى التي هي غريبة عنه والني لا 
يستطيع أن يستعملها بدون مساعدة الغير؛ . 
هل نريد أن نكتشف التطلع العميق لروسو هذا الذي اتهم غالبا بالفردية المرضية » إن لم 
يكن بالفوضوية . إذن فلنمتنع عن تجاهل التكملة : 
« كلما مانت أكثر هذه القوى الطبيعية وانعدمت . كلما كانت القوى المكتسبة 
كبيرة ودائمة » وكلما كانت المؤسسة أيضاً صلبة وكاملة . بحيث أنه إذا كان كل 
مواطن لا يساوي شيئاً. ولا يستطيع شيئا إل بواسطة كل الآخرين » وان القوة التي 
اكتسبها الكل مساوية أو أعل من مجموع القوى الطبيعية لكل الافراد . فإنه يمكن 
القول بأن التشريع هو في أعل نقطة من الكبال الذي يستطيع بلوغه » . 
إنَّ مقطعاً معروفاً جدأً من « اميل » يؤ كد هذه الفكرة عن التشوه ( النافعم ) » وهذه الشهوة 
للوحدة . وهذا التعصب للكل الاجتاعي . ما هي المؤسسات الاجتاعية الجيدة ؟ إنها . يحميب 
روسو . تلك « التي تعرف بشكل أفضل كيف تُشوه الانسان وتنتزع منه وجوده المطلق لكي تعطيه 
وجودا نسبيا ٠‏ وتنقل الانا الى الوحدة المشتركة : بحيث يكف كل فرد عن الاعتقاد بأنه واحد , وإثما 
هو جرء من الوحدة »وإنه لم يعد حسوساً إلا في الكل "٠١2‏ . 
بعد البرهان على ضرورة الشرّع » الانسان الاستثنائي بعبقريته » يبقى أن نفهم جردا يأنه 
إستثنائي أيضاً « بعمله » . فهوء بالفعل , ليس سيداً ولا حاكياً ( و قاضيا » ) . إِنّه لا يقود 
البشر . إِنّه لا يقود إلا القوانين . إِنّهِ يؤّسس الدولة » لكنه لا يشكل قط جزءاً من الدستور ( هكذا 
كان كالقن ني جنيف بالرغم من أنه أجنبي ) . إنه يصيغ القوانين لكنه لا يعطيها قوة تتفيذية . إن 
الشعب وحده كجسم يستطيع ذلك , فهو السيد . وهو الذي يمتلك الحق التشريمي ‏ وهو حق لا 
يمكن نقله للغير» : إنه حق التعبير عن الارادة العامة . إن الارادة العامة وحدها تستطيع إجبار 
الافراد ؛ إننا لا يمكن أبداً أن نتأكد من أن أي إرادة خاصة ( حتى لو كانت إرادة المشررع ) تكون 
متفقة مع الارادة العامة إل بعد إخضاعها للتصويت الحر للشعب . في هذا يتجلى ما هو استثنائي في 
العمل التشريعي: : إننا نجد فيه » في آن واحد » شيئين يبدوان متناقضين  :‏ مشروع هوفوق القوة 
البشرية » وسلطة ليست شيئاً . من أجل تفيذه » ( في هذا الصدد كان للشرع » بحسب رأي 
مكيافلل , مختلفاً جداً : فقد كان عليه أن لا يوفر شيئاً من أجل أن يجذب اليه كل السلطة ) . ولكن 
كيف يمكن حل مثل هذه الصعوية ؟. وكيف يكن لحكيمنا أن يقنع « الانان العادي » الذي 
سيتحدث اليه بلغة غير لغته ؛ ويقترح عليه نظرات عامة جداً » ومواضيع بعيدة جدا ؟ ألن يكون 
هذا الحكيم عاجزاً » نظراً لافتقاده , في آن ولحد للقوة وللبرهان ؟ 
لا ء يجيب روسو ء وهذا بفضل حيلة تنج في صورة التدخل الالح . إن روسو يذكر بأن 





. 1461 : أنظر ص 382-380 وحاشية ر . دوراتيه التي يشير فيها لمكياظلٍ - ص‎ )1١ 


496 


كل المشرعين الكبار جعلوا الالحة تتكلم . وزينوها بحكمتهم الخاصة : وهذه الوسيلة هي الوحيدة 
التي تجعل الشعوب تطيع « بحرية » . ماذا ! هل هذا محرد دجل . ومناورات قذرة لديماغوجي ؟ 
لا بأي شبكل ! ولهذا يجب قراءة هذه الصفحة من « العقد » التي هي عبارة عن نشيد تسريري 
حقيقي للحكمة التي تُؤْسّس (ه د إنه لا يعود لكل إنسان أن يجعل الآلهة تتكلم . ولا أن يكون 
مُصَدّقاً عندما يُعلن نفسه ناطقاً باسمها . إن النفس الكبيرة للمشرّع هي المعجزة الحقيقية التي يهب 
أن تبرهن عل رسالته » )001 . 


وأخيراً ٠‏ فإن الملف يلح على أنْ أكبر مشرّع وأحكم « مُؤّسس » لا يعطي للشعب الذي 
يريد , القوانين الني يريد , ولاايؤ سس كما يريد , الشعب الذي يريد . إن صياغة قوانين جيدة في 
حد ذاتها لا يكفي . لانه يجب أيضاً أن نتفحص ما إذا كان الشعب الْمَدَةَ له و جديراً بتحملها » » 
( هكذا يسبر المهندس غور الارضى ليرى إن كان بامكانها حمل وزن البناء الكبير المزمع إقامته ) , 
إن المسألة هنا ليست مسألة حق أو ميدأ , وإنما مسألة و ملائمة » » مسألة تتعلق بالشروط الملموسة 
للزمان والمكان . كها كان يطيب لمونتسكيو أن يتفحصها: ٠‏ لقدتألقت على الارض ألف أمة . ولم 
يكن بإمكانها مطلقاً أن تحمل قوانين خيدة . وحتى تلك الثي تمكنت . لم تستطع ذلك إلا لفترة 
وجيزة جداً من كل مدة بقائها ». إلعل للشرح الباق عم التترة فى يدر انيز الع عن 
الصعب معرفتها . والتي ه سيفشل العمل » فها لوالتقطت قبل الآوان ) . كما أن من الهم أن ناخيذ 
بالحسبان : المدى أو المساحة التي يجب أن يكون لها حدودٍ . إن الدولة يجب أن لا تكون كبيرة جدأ » 
لكي يكون من الممكن أن نكم جيداً . ولا صغيرة جداً لكي تستطيع أن تصون نفسها بنقسها . 
(« كلها امتدت الرابطة الاجماعية أكثر . كلما تراخت أكثر » ) . . إن إيجاد النسبة الاكثر ملائمة 
لحفظ الدولة ليست الموهية الاقل للسياسي . ولنضف بانه يجب تجنب تأصيس شعب أثناء 
العواصف . وعدم صنعه إلا في فترة الرخاء والسلام : « لأن الوقت الذي تتنظم فيه دولة ما . مثل 
الوقت الذي تتشكل فيه فرقة حربية » هو اللحظة التي يكون فيها الجسم أفل قدرة على المقاومة ٠‏ 
وأكثر سهولة للتدمير» . 

من هو إذن الشعب الجدير بالتشريع ؟. إن الصفحة . المكثفة جداً . التي يخصصها روسو 
لهذا الؤال تخلص . بدون مراوغة . للقول بصعوبة مثل هذا العدد من شروط النجاح . 
وهذا يصدر الحكم التالي : لهذا نرى القليل من الدول المؤّسسّة جيداً . لكن القاضي القاسي*جدا 
يحرص مع ذلك على أن يضع جاتب بلداًما زال قدراً » في أوروبا ء حسب رأيه » عل التشريع : 
« إنه جزيرة كورسيكاء . لقد تمكن هذا الشعب الشجاع من استعادة حريته من الجنويين : إنه 
يستحق جيداً  ٠‏ كما يقول روسو.. أن يقوم ه رجل حكيم » بتعليمه كيف يحافظ عليها . ويضيف 
روسو : « لدي بعض الحدس بأن هذه الجزيرة الصغيرة منُدهش أورويايوماً ماء .ت . 


. 1460 : ص : 32 -384 وحاشية ر . دوراتيه ص‎  رظنأ‎ )!١ 
. الفصول الثامن والتاسع والعاشر‎  391- 34 : أنظر ص‎ 2 


497 


د التمييز بين السيد والحكومة : السيد : («ندعء١ده5‏ مل) 


ها هي إذن الدولة وقد سمت . إن الامر الذي يُطرح الآن هو توجيه القوة المتسركه ز ...ي 
تدعمها ) وفقاً للغاية من تأسيسها أي وفقاً للخير المشترك ٠‏ وهنا عو غمل الأرادة العامة . 3 
السيادة تكمن ني تطبيق هذه الارادة على هذه القوة المشتركة . « بهذا نرى ( كما نقرأ ” ) أن السيد 
ليس . بطبيعته , إل شخصا معنوياً أ » وأنه ليس له إل وجود مجرد وجماعي ٠‏ ؛ وأن الفكرة التي.نعلقها 
على هذه الكلمة لا يمكن أن تكون متحدة مع فكرة فرد عادي » . وباختصار , فأن السيادة ليست 
إل ممارسة الارادة العامة . 

وينجم عن هذا أن السيادة تتمتع بهاتين السمتين الاولتين : عدم القابلية للتصرف 
(4)نااطهمعنلهم:"1) وعدم القابلية للعجزثة(16لاطفوة»فهمة".آ) 

عدم القابلية للتصرف- . إن السلطة يمكن أن تتتقلء أمَا الارادة 
فلا . إن الارادة العامة التي تميل بطبيعتها للمماواةء لا يمكن أن 
تتفق . بشكل دائم وثابت . مع إرادة خاصة » تميل » » بطبيعتها » للتفضيلات . إن من العبث أن 
تكبل الارادة نفسها بقيود للمستقبل ! إنه ليس من اختصاص أي إرادة أن تقبل بشيء معاكس خخير 
الكائن الذي يريد . و فاذا وعد الشعب إذن » ببساطة . بالطاعة » فإنه بهذا العمل يحل نفسه » 
ويفقد صفته كشعب : ففي اللحظة التي يوجد فيها سيد مسيطر ( بمعنى عتانهه) ٠‏ لا يعود هناك 
وجود لسيد ( بمعنى منهءاناه50) » ومنذ ذلك الحين فإن الجسم السيامي يتهدم » . 1 

ولنفس السبب الذي لا يمكن فيه للسيادة أن تكون قابلة للتصرف . فإنها لا يمكن أن تكون 
ممثلة . إن الارادة لا يمكن أن مُثْلَ قط . إنّها تكون نفسها أوتكون إرادة أخرى ؛ وليس هناك قط 
حد وسط . وبما أن السيد ( كبا لمن روسو ) ليس إلا كاثنا جماعيا ٠‏ فإنه لا يمكن أنْ يُثْل إلا 
بنفسه 2 . 

بناء عل هذا . كيف يمكن أن نفسر ونطبنى فكرة وجود تمثلين للشعب .ء أي نواب ٠‏ في . 
حميات الامة ؟. 

إن الفكرة حديثة : وقد أتت من الحكم الاقطاعي الظالم والعبثي الذي « أهين » فيه الجنس 
البشري . إن الشعب . في الجمهوريات القديمة » وحتى في النظم لللكية » لم يكن لديه أبداً 
تمثلون . « إن هذه الكلمة لم تكن معروفة هناك » . ما الذى أدى لتصور هذا الطريق ؟ يجيب 
روسو بخشونة : إنه الفتور في حب الوطن . ونشاط المصلحة الخاصة . والمساحة الشاسمة 
ْ للدول . والفتوحات . « وتعسف الحكم » . إن لهجة المؤلّْف ترتفع . وهذا أمر مفهوم . وتد تلت 
التذكير القاطع بالمبادىء ٠ ٠‏ تهكيات موجهة لانجلترة التي كان لدى البعض هوس كبير باطراء نظامها 


(0) ني « خخطوطة -جنيف » ( الاعيال الكاملة ‏ بلياد-3 - ص : 294 ) . 


488 


« إن نواب الشعب ليسوا ولا يمكن أن يكونوا مثليه ٠‏ إنهم ليسوا إلا مفوضيه » 
إنهم لا يستطيعون أن يبرموا شيئاً بصفة نبائية . إن كل قانون لم يصادق عليه الشعب 
شخصياً هو باطل . ولا يعتبر قانوناً قط . إن الشعب الانجليزي يظن بأنه حر ء إنه 
يخدع نفسه كثيراً . فهو ليس كذلك إلا أثناء انتتخاب أعضاء البرملن . ولكن حاما 
ينتخب هؤ لاء يصبح عبدا , ولا يساوي شيثا . إن استعماله لحريته في لحظات قصيرة 
يؤدي لان يستحق جيدا أن يفقدها » . 

وعليه فإنه ليس هناك ما هو أوضح . وأكثر إطلاقية : إن القانون باعتباره ليس إل إعلاناً 
للارادة العامة » فإن الشعب لا يمكن أن يكون ممثلاً في السلطة التشريعية ( لكنه يمكن ويجب أن 
يكون ممثلاً في السلطة التتفيذية التي هي « ليست إلا القوة لمطبقة على القانون » ) 1 . 

ولكن كيف يمكن نسيان أنه إذا كانت الشعوب القديمة ٠‏ مثل اليونانيين » تجهل الممثلين 
التشريعيين » وتقوم بنفسها بكل ما عليها القيام به ( لانها كانت تنجمع بشكل دائم في الساحة ! ) 
فإن نظام العبودية هو الذي كان يسمح لما أساسا باقامة هذا النظام الديمقراطي المباشر ؟ . إن روسو 
يعلم هذا جيداً . وفضلاً عن ذلك فإن الاسباب التي لأجلها تبقى الشعوب الحديثة « في بيوتها ؛ 
وتستخدم نوابً , لا تغيب عنه . نعم ٠‏ إن الحرية اليونانية لم تكن لتبقى . بدون شك » « إل 
بمساعدة العبودية » : إلا أن هذا لا يمنع من القول بأنه منذ اللحظة التي يعطي فيها شعب ما لنفسه 
ممثلين فأنه لا يعود حراً . « إنه لا يعود » . لا , إن الشعوب الحديثة ليس لديها عبيد قط . لكنها هي 
كذلك ! 

ويبقى أن مؤّلّف العقد . بعد تفحص كل شيء بشكل جيد » يحتف ظ بقليل من الاوهام حول 
إمكانية قيام السيد , في عصره . بالاحتفاظ بالممارسة ( المباشرة ) لحقوقه إن لم تكن المديئة ه صغيرة 
جدا». 

اعتراض : ولكن إذا كانت صغيرة جداً . فإنها ستكون و خاضعة » . على هذا يجيب روسو 
بالنفي . معلناً عن تقدم الشكل الكونفدرالي الذي يرى فيه حلاً للمعضلة © . 1 

- عدم القابلية للتجزثة ‏ . لنفس السبب الذي هي غير قابلة فيه للتصرف ء إن السيادة لا 
تقبل التجزئة . فإما أن تكون الارادة عامة » وتكون إرادة كل الشعب , كجسم ( دون أن تكون 
« بالضرورة دائياً إجماعية , ولكن . إرادة كل الاصوات المحسوبة . عل الاقل . لأن كل استبعاد 
صريح للبعض ٠‏ يلغي العمومية ») . وإما أن تكون فق إرادة جزء , وحينئذ » فإنها لن تُكَونَ عمل 
سيادة ٠‏ ولن تعتبر بمثابة قانون . إنه لخطأ جسيم أن نعتبر د ما يصدر » عن السيادة كأجزاء متها . 
كا إننا نضلٌ في كل مرة نتخيل فيها بأننا نرى السيادة مجزأة . إن الحقوق التي يجري الحديث عنها 
لل انظر ص : 369-368 ,430-428 ( الكتاب الثاني الفصل الاول والكتنب الثالث ‏ الفصل الخامس عشر ) ٠‏ 


(2) « إن الاتحاد الكونفدرالي يسمح بالجمع ببن الفوة الخارجية لدولة كبيرةوالشرطة السهلة والنظام الميد لدولة صخيرة » 
(١‏ ص :431) . 


499 


و نخضع »2 كلها لا وتفترض دائباً « « إرادات مامية » لا تعطيها إلا التنفيذ : إن صك إعلان الحرب » 
وصك صنع السلام ٠‏ على سبيل المثال, ٠‏ ليسا أبدا ( كا يُقال كثيراً ) أعبال سيادة ؛ إنْ أبأ منهما لا 
يعتبر بمثابة قاتون ؛ وكل منهما ليس إلا تطبيقاً للارادة العامة وليس إلا عملاً خاصاً . 


ولكي يجعل نفسه مفهوماً بشكل أفضل وبمذر القارىه بشكل أفضل من غموض الكثير من 
المؤلفين , يلجأ روسولمقارنة بقيتْ مشهورة . فلقد كتب بأنه نظراً لعدم إمكانية تجزئة السيادة من 
حيث المبدأ , « فأن سياسبينا يحزئونها من حيث الموضوع » : الى قوة والى إرادة ؟ الى تشريعية والى 
تنفيذية ؛ الى حقوق ضرائب وقضاء وحرب ؛ إلى إدارة داخلية والى سلطة تعامل مع الخارج . 


د فأحياناً يدمجون كل هذه الاجزاء . وأحياناً يفصلونها ؛ إنهم يمعلون من السيد 
كائناً خيالياً ومشكلاً من قطع منقولة ؛ وهذا كما لو كانوا يُركُبون الانسان من عدة 
أجسام الاول لديه عينان والثاني ذراعان والثالث رجلان , ولا شيء أكثر من ذلك » . 
ويتلو هذا المقارنة التالية : 
« إن المشعوذين في اليابان يقطمون » كما يقال , طفلاً أمام أعين المشاهدين ٠‏ ثم 
يه عي الواحد بعد الآخر , يجعلرن الطفل يسقط ثانية 
كله ؛ تلك هي تقريباً استعراضات شعوذة سياسيينا : فبعد أن 
يلس اعفاد الس الاجياض بلبلية مسر جديرة بان ممري في معرض ء 
يقومون بجمع القطع بطريقة لا ندري ماهي » . 
لقد كان روسو. مُنَظر دولة الشعب . يحرص من باب أولى . عل التشهير بهذا الغموض 
الذي كان يساعد برأيه الملوك ضد حقوق الشعوب . 
وهو لم يزعل قط لكونه وجد في ذلك سبباً للتنديد بغر وتيوس - وفي نفس الوقت ولو مع شيء 
من الظلم . بمترجمه بار بيراك (عهملاءطيه8) ؛ لانما كانا غير منطقيين . ولم يتبنيا المبادىء 
الصحيحة ( ويسخر روسو بمرارة قائلاً : ولكن هل يعرفا بأنهها لم يقولا الحقيقة ولم يقوما بإبداء 
إعجابهما للشعب إلا بحزن : لكن الحقيقة لا تؤدي قطالى الثروة » والشعب لا يعطي سفارات ولا 
كرامي منابر ولا معاشات » ) :ا : 
وبجهد أكبر وبراغة حادة » يعزو روسو للسيانة سمتين آخخرتين ( وأخيرتين ) ترتبطان 
ببعضهها بشكل وثيق : وههما العصمة من الخطأ . والاطلاقية . 
العصمة من الخطأ(16ذغاذلاندكه )1‏ . « إن السيد . لكونه الوحيد السيد هودائياً ما يجب أن 
يكون » . فنظراً لانه لا يتشكل إلا من الافزاد الذين يؤ لفونه » فأنه ليس لديه ولا يمكن أن يكون 
لديه مصلحة مناقضة لمصلحتهم . إن رعاياه وهو . هم « نفس الئاس المنظور اليهم من زوايا 
مختلفة  »‏ إن هذا . حسب رأي مؤلفنا في رسالة الى دالمبير(؟ءطامءل0'4 ف منااع) (1758) هو ما 


. أنظر ص : 371-369 من العقد  الاعيال الكاملة  بلياد  للجلد الثالث‎ )١( 


. 


يميز الديمقراطية : فكما أن من غير المعقول أن يريد الجسم إيذاء كل أعضائه . كذلك فأنه لا يمكن له 
أن يريد إيذاء أي عضو بشكل خخاص ؛ إنه بالضرورة ‏ يريد « الافضل » ؛ للجميع ولكل واحد . 
لكن هذه الارادة العامة الْسَلْم بأنها مستقيمة دائياً وأا تنزع دائياً للمنفعة العامة يجب أيضاً 
لكي تملك جيداً بيانها » أن تكون دائياً مستنيرة : إن المرء يريد خيره » هذا مؤكد . لكنه لا يراه 
دائماً © إن الشعب ينخدع أو يدع ( باعتبار أن من المستبعد أن يفسد ) , ٠‏ وحينئذ فقط يبدو أنه 
يريد ما هوه شر» . وهذا يوجد غالبا » كما نعرف » فرق بين إرادة الجميع » » أي مجموع الارادات 
الخاصة . والارادة العامة التي لا تنظر إل للمصلحة المشتركة . ومن جهة أخرى . فإن من المهم » 
لكي تملك الارادة العامة جيداً البيان المطلوب . أَنْ ‏ لا يعبر كل مواطن عن رأيه إلا بحسب 
رأبها » . إلأ أن هذه القاعدة تصادف عقبة أخرى تتمثل بالمجتمعات المزئية » » التي هي مصدر 
الدسائس والمؤ امرات ععلى حساب المجتمع الكبير( ونظراً لعدم إمكانية إزالة هذه المجتمعات ‏ وهذا 
هو العلاج الجذري ‏ يدعو روسو على الافل لمضاعفة عددها . وذلك لكي يتم من خلال هذا 
« التفتيت » نفسه, تدارك اللامساواة فيا بينها ! و «ن. . 
الاطلاقية(:95ذاناله465) - . مهما كنا مفتونين بروسو فإن من الصعب أن لا نصف بالعمل 
الصعب جداً الفصل الرابع من الكتاب الثاني من العقد , وعنوانه « في حدود السلطة السيدة » » 
الذي بدأ فيه المزّلْف بوضع كل النبرة على الطابع المطلق لهذه السلطة . ثم انتهى لأَنْ يفرض عليها 
الحدود التي لا يمكن تجاوزها . والتي يسميها : « بالاتفاقيات العامة » . لنقرأ إذن : 
« يجب أن يكون [ للدولة أو للمدينة ] قوة كلية وإكراهية لكي تحرك وتهيء كل 
جزء بالطريقة الاكثر ملائمة للكل . فكها تععطي الطبيعة لكل إنسان سلطة مطلقة عل 
كل أعضائه . يعطي الميشاق الاجتاعي للجسم السيامي سلطة مطلقة عل كل 
اعضائه » . 
وهذه السلطة . التي توجهها الارادة العامة . نُسمى بالضبط سيادة . إنها مقدسة وذات حرمة 
لا يمكن انتهاكها . 
ولكن مهما كانت السلطة مطلقة ومقدسة وذات حرمة فانها لا تتجاوز ولا يمكن أن تتجاوز 
حدود ( لنقرأ الآن بعد عدة صفحات من التاملات والشروح المجردة والمعقدة ) . هذه الاتفاقيات 
العامة الغامضة المعلن عنها أعلاه . إن امأف يلح على أن كل انسان يحتفظ بموجب هذه الاتفاقيات 
بالقدرة على « التصرف بشكل تام بما ثُرِكَ له من أمواله وحريته » . إن هذه الاتفاقيات هي إتفاقيات 
شرعية . والسيادة التي تعبر هذه الاتفاقيات عنها هي سيادة شرعية : إنها سيادة لا تربط المتعاقدين 
من أدنى الى أعلى . لأنها إتفاقيات أبرمها الجسم السيامي مع كل واحد من أعضاله . وطالما أن 


(©© إننا نذكر بأن روسو برر بملاحظة مشابهة « ضرورة للشرّع » . 
(1) أنظر ص :363 . 


5301 


الرعايا لا يخضعون إلا لها . « فإنهم لا يطيعون أي شخص . وإنما هم يطيعون فقط إرادتهم 
الخاصة ٠‏ . إن قاعدة المساواة ( التي تنضمن قاعدة المقابلة بالمثل ) تريد أن تجبرهم جميعاً على حد 
سواء . وتحابيهم جميعا عل حد سواء . 

صحيح أن كل واحد منهم تنازل بموجب الميثاق الاججاعي . عن كل الجزء من فوته وأمواله 
وحريته الذي يعتبر استعماله مهما للجماعة . لكنه لم يتنازل إلا عن هذا الجزء فقط . هل يمكن 


الاعتقاد بأن الامر يتعلق بنزعه ليبرالية لديه ! 
أبداً : لان روسو يسرع في توضيح أن السيد وحده هو الذي يقرر مدى هذا الجزء المهم 
للجباعة . 


في هذه الظروف , أي مكبح يمكنه أن يمنع السلطة المطلقة من الغرق في الاستبداد ٠‏ ويمنع 
دولة الشعب من التحول الى لوفياثئان ؟ 1 

الجواب : إن السيد باعتباره دائيًا ما يجب أن يكون دائياً أميناً ه لقانون العقل ٠‏ , لا يمكنه أن 
يكبل الرعايا بأي قيد غير نافع للجماعة . إنه لا يستطيع حتى أن يريد ذلك . إن هذا ينجم 
بالضرؤرة عن طبيعته ٠‏ وعن ماهيته . وينجم عن ذلك أيضاً أنه لا يمن له مطلقا أن يثقل على أحد 
الرعايا أكثر من الآخر " . 

لوكان هذا السيد فرداً حقيقياً » فرداً عاديا , بدل أن يكون جسساً معنوياً ؤجماعياً , ولو كان 
باستطاعة أعماله أن تكون شيئاً آخر غير كونها أعمالاً للارادة العامة , وقوانين » فأنه سيكون من 
المعقول بشكل بديهي أن يُسيءَ استعمال سلطته المطلقة : حينئذ يجب أن تعين له حدود دستورية 
صارمة . لكن ما يصلح بالنسبة لسيادة غير شرعية يفقد كل معنى تجاه السيد الوحيد الشرعي الذي 
يعترف به روسو : إن الشعب كجسم . أي تجمع الناس الاحرار والمتساوين في الحقوق . الذي 
تحركه وترشده الارادة العامة لا يمكن أن يَضِلٌ . إن هذا السيد . حسب كتاب ١‏ العقد» . . » وإذا 
صح القول . طيب من حيث ماهيته . إنه لن يسيء أبدأ استعمال سلطته المطلقة . في مشل هذه 
الحالة يمزم المؤلف ) . يعني التساؤ ل عن « المدى الذي تمتتد اليه الحقوق الخاصة بالسيد 
وباللواطنين , التساؤ ل عن الحد الذي يمكن لمؤلاء أن يصلوا اليه في تعهدهم مع أنفسهم . وف 
تعهد كل واحد منهم تجاه الجميع , وتعهد الجميع تجاه كل منهم 00١6©‏ 5 
ها التمبيز بين السيد والحكومة : الحكومة : 

الحكومة ‏ إن الامر يتعلق أولاً بالنسبة لروسو بتحديد المعنى الدقيق هذه الكلمة التي » كما 
يقول . لم تُفسرٌ حتى الآن بشكل جيد » . إن روسو يضع على عاتقه واجب القيام بذلك : 


(0) د إن الدولة ترك لنا بالاجمال . ولنشاطنا الحر » كل ما ترى بأن من غير الضروري أن نحده من أجل ضهان ونأمين 
هذا التشاط الحر نفسه » . تلك هي الخلاصة , الممائلة لهالبراخ (5اعه:*«طلها! .04 . 
1) أنظر ص :375-372 . 


والفصل من « العقد » . المعنرن : في ا حكومة بصفة عامة معقد وبارع بمفتمونه وتعابيره ء بحيث 
أن المؤلف يشعبر بحاجة لأن ينبه القاريء بأنْ عليه أَنْ يكون يقظاً ٠‏ ويقظاأً بشكل خاص ( ولقاء هذا 
سيكون لديه » هو ء « فن أن يكون واضحاً » ! » كما يقول لنا) . 
التعر يفات والتأسيس 

إن تنفيذ القانون . وهو العمل العام ذو الموضوع العام , والتعبير عن الارادة العامة للسيد 
( أي للشعب كجم ) » ٠‏ لا يمكن أن يتم إلا من خلال أعمال خاصة تستهدف مواضيع خاصة . 
وهذه الاعمال لا يمكن أن تصّدر إلا عن الارادة الخاصة لجسم خاص ومحدود العدد يعطيه روسوهذا 
التعريف : « جسم متوسط قائم بين الرعايا والسيد من أجل اتصالما المتبادل » ومكلف بتنفيذ 
القوانين » ”2 . تلك هي الحكومة . كا يفهمها روسو . أوكما يريد أن يفهمها ( على الاقل في 
أغلب الاحيان ) وهو يعطي لهذا الاسم معنى ضيق . في حين أنه قبل كتاب العقد كان يُعطى له 
معنى واسع وإجمالي . وهو : مجموع المؤسسات السياسية ( وهو معنى ما زال من جهة أخرى , 
صا حاً منذ ذلك الحين , بالرغم من الطريقة التي لا مُحى » ٠‏ والتي طبع بها روسو التعبير ) ٠,‏ . 


إن هذا الجسم المتوسط ليس ولا يمكن أن يكون إلا أداة الارادة العامة وذراعها ٠‏ وقوة في 
خدمتها » تعمل وبكل طاعة لحسابها . وهذا الجسم يجب أن يكون دائهاً مستعداً لان يضحي بارادته 
الخاصة في سبيل هذه الارادة العامة . وهذا يعني أنْ هذا الجسم لم يوجد قط من تلقاء نفسه : وأن 
حياته هي حياة ه مستعارة ٠‏ وتابعة » , وأن قوته ليست إلا القوة العامة مركزة فيه » كما هي مركزة 

في وكيله الخاص . المكلف بأن يضعها موضع التطبيق . وفق توجيهات الارادة العامة وكيل 

يُستخدم لتحقيق الاتصال بين الدولة والسيد . ويقوم . « إذا صح القرل » في داخغل الشخص 
العام . جما يقوم به في داخل الانسان إتحاد الروح والجسد » 3 هله الود »عي تابعة » وليس 
ها صفة لكي تريد أو تتصرف بطريقة مستقلة . 

إن مثل هذا الوضع يجعلنا نفهم بأن تأسيسها . لا يتم , كما يحرنس روسو عل التوخ 
بموجب عقد . إن روسو يستبعد بحزم ٠‏ :ا قل حوس ( رلك ااسياب مماكسةهفرضية أن ماق 
« خضوع » كان قد تلا منطقياً الميئاق الاجتتاعي . إن الحكام ليسوا إلأّه ضباط » الشعب أ وخدامه أو 
مندوبيه » وليسوا أبدآ سادته : إن الشعب يعينهم لبارسوا باسمه سلطة ما يُسندها اليهم كوديعة » 
وتكون قابلة لأن يحد منها وبعدّها ويستعيدها عندما يحلو له . إن المسألة بالنسبة للحكام ليست في أن 
يتعاقدوا « وإنما في أن يطيعوا » . إنهم لا يقومون . في تحملهم لاعباء الوظائف التي تفرضها عليهم 
الدولة » بشيء أكثر من الوفاء بواجباتهم كمواطنين . وليس لمم بأي شكل الحق بالمجادلة في 
الشروط . 

ولكن ما هي إذن مؤسسة الحكومة هذه التي ليست عقداً ؟ إنها عبارة عن عمل معقد جداً » 





(9) وأبضاً : « بالحفاظ عل الحرية سواءً منها المدنية أم السياسية » وهذا ما منشير له باههام بالغ . 
.)١‏ إن الكتاب الثالث من العقد الذي يعالج موضوع الحكومة هو اطول فصل في الولف . 


503 


مؤلّف من عملين آخرين : الاول عبارة عن قانون يقيم جسم حكومة بهذا الشكل أوذاك .٠‏ 
والثاني عبارة عن عمل خاص يقوم الشعب بواسطته بتسمية الرؤساء الذين سيكلفون بأعباة 
الحكومة القائمة . ولكن كيف يمكن أن يكون هناك عمل خاص . أي عمل حكومة » قبل أن توجد 
الحكومة نفسها ؟ وكيف يمكن للشعب «١‏ الذي ليس إلا سيداً أو رعية » أن يتصرف كحاكم ؟. إن 
روسو ينسحب كبهلوان حقوقي من الصعوبة المزدوجة , ولكن ليس بدون أن يجعل القاريء يُعجب 
و بإحدى هذه الخواص المدهشة للجسم السيامي » والتي يوفق بواسطتها بين عمليات متناقضة 
ظاهريا لع.ن . 


إن مثل هذا الوضع المتمثل بخضوع وتبعية الحكومة يبرر التعريف الثاني الذي يعطيه روسو 
لما بنظره لها ليس كجسم . وإنما كعضو مكلف بوظيفة . هي وظيفة « المارسة الشرعية للقوة 
التتفيذية » تحت صلطة السيد ومراقبته . 
العيب الاسامي : 

إلا أن ملف « العقد » كان ثاقباً جداً في وقوفه عند هذا الحد . فكيف مكنه أن يتلافى واقع 
أن هذه الحكومة . التي هي تابعة . تشكل كلا في ذاته . أناخاصة . وأن لها بهذه الصفة قوة خاصة 
تتجه لحفظها الخاص » وإرادة خاصة أو إرادة جسم مُوجّهة أيضاً . وتكوين خاص ينبغي الابقاء 
عليه وترسيخه . وحساسية مشتركة لأعضائها ؟. وكيف يمكنه أن لا يرى » من جهة ثانية . أن هذه 
الحكومة . من أجل أن تستجيب للغاية من نأسيسها : وهي أن تكون وسيطاً بين الرعايا والسيد ١‏ 
يجب بالضرورة أن تمتلك مثل هذا الطابع « لكل »عضوي ومعقد ؟. 

لكن التوفيق بين هذا الطابع والطبيعة التابعة يطرح معضلة صعبة وشائكة : هي معضلة 
ترتيب الكل التابع 2 أي الحكومة 2 في الكل الذي هو الدولة ‏ بحيث ١‏ لا تشوه قط التكوين 
العام » بترسيخها لتكوينها الخاص . وتميزدائما قوتها الخاصة المهيأة لحفظها الخاص عن القوة العامة 
المهيأة لحفظ الدولة »  .‏ وبكلمة واحدة . أن تبقى هذه الحكومة مستعدة دائما للتضحية الذاتية 
الموحى بها سابقاً . 

إل أن روسوكانت تتسلط عليه الاخطار الكبيرة التي من شأن ترتيب مشوب بالعيب » في هذا 
المجال . أن يجرها على الجسم السيامي . فهو يعرف جيداً أن كل مجتمع جزئي ينزع لتنمية قوت 
الخاصة على حساب « المجتمع الكبير» . وذلك مع حظوظ طيبة بالنجاح ‏ وأن الحكومة تقوم بجهد 
متواصل ضد السيادة . مثلما تعمل الارادة الخاصة باستمرار ضد الارادة العامة” . « وأن في هذا 
يكمن العيب الملازم والمحتوم الذي يتجه . منذ ولادة الجسم السيامي بلا كلل » لتدميره . مثلما 
تدمر الشيخوخة والموت جسم.الانسان . لنستشهد في هذا الصدد بالعناوين الموحية بالمعاني 
«!) أنظر حوائي ر'. دوراتيه في الاعمال الكاملة 2/4206 المجلد الثالث ص : 1489 ,1490 . 
(9) أنظر كتاب : ب . دو جوثتيل(اعمع انامز ع0 .8) دفي السلطة و(نهانهدم 800) : « لقد رأى روسو جيداً أن 

رجال اللطة يشكلون جسياً , وأن هذا الجسم تسكته إرادة جسم . وأنه يتطلع لامشلاك السيادة » ( المرجع 
السابق ص : 52) . .. أن روسو ه يأتي بدبناميكية مياسية ٠‏ . 


25204 


للعديد من فصول «٠‏ العقد» : « في تعسف الحكومة واتحدارها للفساد» دفي موت الجسم 
السيامي » - ١‏ كيف تبقى السلطة السيدة » ( وهو عنوان يغطي ثلائة فصول , تنتهي الخلاصة 
تقرل : إن هذه السلطة « تتلاشى في النهاية » . وأن أغلبية المدن تسقط وتهلك قبل الأوان » . ) 
وآخيراً :< وسيلة تدارك إغتصابات الحكومة »ف . 


إلا أن هذا الوسواس وهذا التشاؤم الاساسي اللذين يحكان بالموت . في نهاية المنحدر ' 
الطبيعي والمحتوم . على الاجسام السياسية ٠‏ الافضل تكوينا » ( إذا كانت اسبارطة وروما قد 
هلكتا ؛ فأي دولة يمكنها أن تأمل بالبقاء دائً) ؟ ) يبدوان عاجزين عن التثبيط كلياً من عزيمة كاتب لا 
يعرف قط صفة أجمل من صفة مواطن . والدليل عل ذلك الحركة التعويقية التي يحرص على القيام بها 
كمستشار . والدليل عل ذلك أيضاً الاجراء . الغريب ٠‏ الذني يوافق عليه ويوصي به حتى من أجل 
مواجهة الاخطار المميتة » والذي يستوحيه من روما ومكيافللٍ - . 


بهذا المؤنّْف حول فن تكوين الدولة » يرى روسو أن من الممكن الابقاء على السلطة السيدة 
وإطالة عمرها للد الاقصى . إن التكوين الجيد يجب أن يعرف كيف يلجا لمختلف الوسائل 
الملموسة من أجل صيانة التوازن الصعب بين السيد والحكومة . نعم . إن الدولة المكونة على افضل 
وجه ستتتهي , ولكن « في وقت متأخر عن أي دولة أخرى . وذلك إِنْ لم يُؤَدِ أي حادث طارىء 
لضياعها قبل الاوان » . إن التكوين الجيد سيعرف كيف يحصر الحكومة في مهمة التنفيذ الدقيق 
للقوانين » بحيث تنفذ دائياً القانون » ولا شي مطلقاً غيره . إن القوة التشريعية'هي قلب الدولة : 
إن تصنع قوةالسيد ؛ وباعتبار أن اقوانين ليست إل ماله شرعية » للارادة العامة » فإنه سيكون 
بت اليه . ؛ لكي يقوم السيد بالتصرف ٠‏ ويُعَرْفَ بسلطته السامية ويُذكر بها ء ؛ أن يكون الشعب 
متجمعاً . وهذا هومفتاح كل شيء ! مجميع شعب ضخم ٠‏ أي وهم هذا , سيقال ؟ . (لكن روسو 
رد )قب في عام لم يكن هذا الام يعبر وه : أنظروا لشعب روما . إننا نبقى إذن ضمن نطاق 
الممكن حين ندعو لجمعيات الشعب . أما بالنسبة لتكرارهاه فيمكن القول , عموماً , بأنه كلما كان 
للحكومة قوة أكثر, كلما كان على السيد أن يُظهر نفسه كثيراً » . 


إن كل سلطة الحكومة تترقف عند اللحظة التي يجتمع فيها الشعب بشكل شرعي : فالسلطة 
التنفيذية تُقلق » وصوت السيد وحده يمكن أن يجمل نفسه مسموعاً . أنه و صرت اله عل 
الارض ©» . إن هذه الجمعيات ٠‏ التي ليس لما من موضوع آخر غير الحفاظ على الميثاق الاجتاعي ٠١‏ 
هي . في آن واحد . مكبح الحكومة وكنف السيادة ي . ولهذا فإنها كانت » في كل الازمنة » مصدر 
رعب للقادة : « ولهذا فإنهم لا يدخرون مطلقاً وسعاً في بذل الاهيامات والاعتراضات 
والصعوبات والوعود من أجل تكريه المواطنين بها ؛ وعندما يكون هؤلاء بخلاء » وجبناء ' 


(!) أنظر مقالة + . ج . شوفالييه ني دراسات . . . ديجرن1962 بلريس -1964 -1565ام!  8»1/5-‏ ص : -309 
303-01 -308 . 


505 


ووافين . وبحبين للزاحة أكثر من حبهم للحرية . فإنهبم لا يصمدون طويلاً أمام الجهود المخيفة 
للحكومة ء).س . 

لكن ها هو الشيء الغريب ؟ . ها هي التوصية غير المتتظرة للوهلة الاولى , والتي نقرؤها في 
الفصل السادس من الكتاب الرابع والاخير من العقد . تحت عنوان « في الدكتاتورية .ها ع0) 
(عسنماءتل . 

يجب أن لا نرغب بترسيخ المؤسسات السياسية لد أن نسحب منها القدرة على تعليق 
أعماها » . لقد تركت إسبارطة نفسها ( اسبارطة , دائماً هي ! ) قوانينها تنام . إن صلابة هله 
القوانين . التي كانت تمنعها من الخضوع للاحداث . يمكن في بعض الحالات أن تجعلها ٠‏ مُضرة » 
وتسبب بذلك فقدان الدولة في أزمتها . إن الظروف ترفض أحياناً المسافة الزمنية التي يتطلبها بطه 
الاشكال . إن من الخير التفكير بأن من غير الممكن « التنبوء بكل شيء » . وعدم استبعاد السماح 
بمعالجة الامن العام بعمل ه خخاص » تُسَنْدٌ مهمته للاكثر جدارة : وهكذا كان لدى روما ( دائما هي 
أيضاً ) الدكتاتورية . فقد عُيِّنَ فيها رئيس سام من أجل إسكات كل القوانين وتعليق السلطة 
السيدة » أي التشريعية » لمدة من الزمن . 

لكن أكبر ألاخطار فقط . وسلامة الوطن فقط يمكنها أن تبرر ( ولدة محدودة بشكل صارم ) 
مثل هذا التشويه للنظام العام : لقد كان يجب أن تكون هناك « حالات نادرة وجلية » . 

ولكن كيف يمكن التوفيق , بلا مفارقة , بين مثل هذا الاجراء واحترام الارادة العامة ؟ يميب 
روسو بأن هذه الارادة لا تكون حينذاك موضع أي شك : « من البديهي أن النية الاولى للشعب هي ٠‏ 
أن لا تهلك الدولة . بهذه الطريقة لا يؤدي تعليق السلطة التشريعية لالغائها قط . فالحاكم الذي' 
يجعلها تسكت لا يمكنه أن يجملها تتكلم . إنه يسيطر عليها دون أن يستطيع تمثيلها : إنه يستطيع 
فعل كل شيء باستئناء القوانين » . 2 . 

إنها دعوة جديدة ( لنفكر بالمشرّع ! ) تُوْجّه لفرد استثنائي من أجل القيام بمهمة إستثنائية ! 
و أشكال الحكم : الحكم الافضل : 

هذا التمييز الجذري بين السيد والحكومة . وكذلك الاهتام الكبير لدى روسو في تحقيق 
التوازن بين القوة الخاصة بكل منهما . كانا يفرضان عليه معالجة السؤ ال التقليدي المزدوج الخاص 
بأشكال الحكم . وبالحكم الأفضل . وذلك من منظور مختلف كليا عن سابقيه العديدين 
والبارزين . 
تمهيدات 

يمهد روسو لهذه الدراسة المهمة جداً بتأاملات غزيرة وبارعة » تساعدها كمية كبيرة من 


(1) للفالة السابقة ص : 309 . 
(2) أنظر- الكتاب الرابع ‏ الفصل ‏ السادص ‏ ص : 455 -458 . 


5306 


التحليلات الماهرة ‏ المقرونة عند الحاجة بعرض حسابي صعب نوعاً ما بالنسبة للقاريء الجاهل . 

وتتعلق هذه التاملات خصوصاً بعدد الشعب و( تحت عنوان « في المبدأ الذي يُكَوْنْ غتلف 

أشكال الحكم ) عدد الحكام » . 

فها يتعلق بعدد الشعب يتنهي روسو لسلسلة من التتائج الواضحة والناجمة عن أكثر أساليب , 
التعبير تكلفاً . وأحياناً عن أكثرها تشويشاً . فهو يقول أنه كلما كان هذا العدد أكبر ٠‏ وازداد أكثر » 
كلما كبرت الدولة أكثر . ونقصت الحرية أكثر ”؟ ووجب أيضاً على الحكومة و لكي تكون 
صالحة » . أن تكون نسبياً أكثر قوة . وقدرة على أحتواء الشعب : لأَنّ الارادات الخاصة . في هذه 
الحالة , ترتبط أقل بالارادة العامة أو بعبارة أخرى . ٠‏ لأن الاخلاق ترتبط أقل بالقوانين » . ولكن » 
وبشكل ملازم لذلك » » كلما وجب على السيد أن يكون لديه » بدوره . القوة لاحتواء الحكومة : 
باعتبار أن الحكومة ستكون أكثر ميلاً . ضمن الاطار المكبّر ؛ لاساءة استعمال سلطتهاء وأنه 
سيكون لدبها الوسائل أكثر للقيام بذلك . 


وفها يتعلق بعدد الحكام ( أي الامير» . إذا تكلمنا بصورة جماعية ) يعلن روسو « كمبداأ 
أسامي 4 بأنه سيقوم بالانكباب على توضيح . أنه « كلما كان هذا العدد كبيراً ٠‏ . كلما كانت الحكومة 
ضعيفة » إنها ستكون ضعيفة إزاء الرعاياء أي مجموع الرعايا أود الشعب » بالمعنى السلبي (08© . 
ضعيفة , لأنها مجمبرة » من أجل أن تحافظ على نفسها على أن تحرف قسياً كبيراً جداً من القوة 
الي رك حا عر راز ار ع لاوا »م او الي 

أما إذا كان الحكام قليلو العدج . فإن العكس هو الذي سيحصل بالضبط . 

إنطلافاً من هذا يمكن تصور حدين متطرفين . اما أن يكون كل المواطنين حكاماً ( وحينئذ 
تتطابق المتكومة مع السلطة التشريعية » أيمع السيد ‏ +وإما » بالعكس . أن تكون كل الحكومة 
بين يدى رجل واحد . إن السَلْم . بين هذين الحدين , متنوع . 

إلا أن روسولا يكتفي بهذا ؛ فهو يعسرض ويحلل تمبيزين جديدين : التمييز بين ثلاث 
إرأدات ف ث شخص الحاكم » والتمييز بين القوة النسبية للحكومة واستقامتها . 

الارادات الثلاث : وهي الارادة الذاتية , الخاصة . الفردية للحاكم التي يجب أن تكون 
( في نظام تشريعم كامل ) معدومة ؛ والارادة الجسدية التي ترتبط تبط فقط بميزة الجسد ويجب أن تكون 
٠‏ خاضعة جداء ؛ والارادة العامة أوالسيدة التي يهب أن تكون داياً مسيطرة » وأن تعبيره القاعدة 
الوحيدة لكل الارادات الاخرى » . إن النظام « الطبيعي » . كما يقول روسو . ( ويعرف ذلك 


مؤلف من عشرة'آلاف . 
(©©) بالمقارنة مع الشعب بالمعنى « الايجابي » أي مجموع المواطنين للشرعين . 


5307 


جيداً ) يُظهِرٌ » بالواقع ٠‏ تدرجاً تغالفاً بصورة مباشرة للتدرج الذي يتطلبه النظام د الاجتاعي » . 
أما فيا يتعلق بالتميبز بين القوة النسبية والاستقامة . فقد رأينا أن الحكومة تتراخى » 
ويضعف نشاطها عندما يتضاعف عدد أعضائها : هنا يوجد انخفاض في القوة النسبية . لكن 
إرادتها الجسدية . بالمقابل ٠‏ تقترب بمقدار أكثر من الارادة العامة . وتكون « اسثقامتها » إذن في 
الحد الاقصى . إذا كانت قوتها النسبية في الحد الادنى . وبالعكس . فاذا اقتصرت الحكومة على 
عضو واحد وا ورا امور وت بوي ا 
ليست إلا إرادة خاصة تقف على طرفي نقيض مع الارادة العامة . 


وعليه فان النتيجة التي يعبر عنها روسو بقوة تتلخص بقوله : ه وهكذا فاننا نفقد من جاتب ما يمكن 
أن نربحه من الجانب الآخر. وإن فَنْ المشرّع يكمن في معرفة تحديد التقطة التي تمتزج فيها قوة وإرادة 
الحكومة , اللتان توجد بينهما دائهاً علاقة نسبية عكسية. في العلاقة الاكثر فائدة للدولة . . 7 

لقد خضع قاريء العقد . بالفعل لاخحتبار انتباه شاق نوعاً ما . لكن هاهو الآن وقد تسلح 
من أخص قدميه الى أعلى رأسه من أجل أن يفهم المؤْلّف جيداً . عندما سيتناول هذا ثانية » ويجدد 
من منظوره الخاص . التمبيز . المطروق ثانية » بين أشكال الحكم ( الذي يصفه هو : « بتقسيم » 
الحكومات ) . 


تقسيم الحكومات : 
ملكية . أرستقراطية . ديمقراطية . جمهورية : إن القاريء يجد ثانية الكلمات القديمة المألوفة من 
هيرودوتس وأفلاطون وأرسطو وبوليبيوس ٠‏ مروراً ببودان ومونتسكيو . لكنها . لدى روسوء 
تعني فقط الانماط المختلفة لهذا الجسم التابع والخاضع , الذي يُسميه بالحكومة . وبلغة أكثر دقة 
( يستعملها روسو كذلك ) فإن هذا التقسيم يقوم بين الحكومة الملكية . والحكومة الارستقراطية . 
والحكومة الديمقراطية أو الشعبية . ففي الاولى تجد هذه الوديعة . أي الحكم بالمعنى الذي يقول به 
روسو نفسها مُسندة , أوه مفوضّة ء لحاكم واحد » يستمد منه أعضاء الجسم الآخرين سلطتهم 
( إنه الشكل « الاكثر شيوعاً » ) . وف الثانية تسند هذه الوديعة لعدد قليل » أي لبعض الافراد . 
أما في الثالثة فتُسند لكل الشعب أو للقسم الاعظم منه : ٠‏ بحيث يكون هناك مواطنون حكام أكثر 
ما يوجد من مواطنين عاديين » ( في حين يكون هناك ني الارستقراطية مواطنون عاديون أكثر ما يوجد 
من حُكام ) . 

إن هذه الاشكال الثلاثة للحكم هي شرعية , بمعنى أن كلا منها توجهه الارادة العامة . التي 
هي القانون ؛ وأن الحكومة في أي منها لا تندمج مع السيد ؛ وإنما هي خادمته لا أكثر . في هذا 
الصدد تقول جملتان صغيرتان من العقد كل شيء : « حينئذ تكون الملكية بحد ذاتها جمهورية » » 
لان كل حكومة شرعية هي حكومة جمهورية » . إن علينا أن لا نعتقد بأننا نوجد هنا أمام تناقض 
جديد لدى الجمهوري جان جاك . مواطن جنيف . فلنقرا . بالاحرى , بانتباه » العرض الذي 


(1) أنظر ‏ الكتاب الثالث ‏ الفصل الثاني - ص : 400 . 


508 


سيخصصه بالتتالي لكل من هذه الاشكال « الشرعية »0 . 
ولكن لننتظر منه مفاجأة رصينة منذ الاسطر الاولى التي تعرض الديمقراطية . إن هذا الحكم 
ينهم بعدم الكفاية . وإذا ما أخذٌ التعبيره بمفهومه الدقيق » . فإن.مشل هذا النظام الديمقراطي 
الحقيقي . لم يوجد ولن يوجد مطلقاً . أما في الاسطر الاخيرة فنتعلم بأنه ه لو كان هناك شعب من 
الآهة . لكان حَكَمْ نفسه ديمقراطياً» . لأنْ ه حكومة . بمثل هذا الكبال لا تتاسب البشر » . ماذا 
يعني إذن ٠‏ كل هذا ؟ 
ما يلي : أن الديمقراطية تعني . في هذا المكان من الؤلف, شكل الحكم الذي يتولى فيه 
الشعب كجسم ليس فقط التصويت عل القوانين , وإنمايقرر أيضاً التدابير الخاصة المطلوبة من أجل 
تنفيذها . إن السلطة التنفيذية تُلحق هنا بالسلطة التشريعية . وهذا يعني اندماج السلطات ٠‏ إي 
النظام المباشر المتكامل الذي يقوم فيه العدد الاكبر بكل شيء : بالاعمال الخاصة وبالاعمال العامة . 
إلا أن هذا الامرميء ( يقرر روسو بدون غموض ) ه لآن الامور التي يجب أن نكون متميزة ليست 
كذلك » . ولأن السيد والحكومة ( د الامير» ) باعتبارهها نفس الشخص العام « لا يُشكَلان , إذا 
صح القرل » إلا حكورمة بدون حكومة » . إن نيام جسم الشعب إذن بتحويل انتباهه عن المناظر 
العامة من أجل أن يوليها للموضوعات اخخاصة » هو أمر غير جيد : فمن النظرات الخاصة ينجم بلا 
ريب فساد السلطة التشريعية . 


وحتى لو لم نعتبر د أن حكم العدد الكبير هو أمر مضاد للنظام الطبيعي . . . فإن من غير 
الممكن تصور بقاء الشعب متجمعاً بلا انقطاع من أجل التفرغ للشؤ ون العامة » . إن مثل هذا 
الحكم يفترض توفر الكثيرمن العناصر التي من الصعب جمعها : كصغر ماحة الدولة لأقصى حد ؛ 
والبساطة الكبيرة في الاخلاق .,والكثير من اليقظة والشجاعة لدى كل مواطن ! وزيادة عل ذلك » 
أن لا يكون الحكم موضوعاً لحروب أهلية وصراعات داخلية ‏ . 

إن من الواجب أن نعود لهذه المجابهة الكبرى بين روصو وإلديمقراطية . ولكن لننظر الآن 
للارستقراطية ثم للملكية 1 

الارستقراطية - هي الحكم الْسْنَدُ لعدد قليل . إنها إِمّا أن تكون ورائية » وهذا هو 
الاسوأ من بين كل أنظمة الحكم . أو أن تكون إنتخابية , وهذا هو الحكم الافضل : لأنه يختار 
أعضاءه ويقود الشؤ ون بنظام وسرعة . أي نظام هو طبيعي أكثر من أن « يمكم الاكشر حكمة 
الجمهرر » ( وذلك لفائدته , وهذا أمر مؤ كد . وليس لفاتدتهم ) ؟ ومع ذلك فإننا لن نستطيع . 


(1) الاعبال الكاملة ! المجلد الثالث ‏ ص : 413-404 . 
(9© في رسالة مؤ رخخة في1767/1/31 ٠‏ وموجهة الى ابقرنوا(1!803) . كتب روسو : « لقد كان بامكانك أن 
ترى . . أنني لم لواف أبداً.ني العقد الاجهاعي عل الحكم الديمفراطي ٠‏ . الأمر الذي يثبت أن الصيغ السابقة , 
المفاجثة . في باديء الامر . ليست إلا جرد نزوات (1) 5 1' 
(2 أنظر ب . باستبد « روسو ونظرية اشكال الحكم »ف « دراسات » . . . ديحون -1962 ص :320 . 


509 


إخفاء أن المصلحة الجدية يمكن أن تكون فيه بارزة جداً على حساب الارادة العامة . 


الملكية : إن أي حكم ليس له قوة أكثر . لان كل نوابض آلة الحكم توجد في نفس اليد 
ولان كل شيء يسير لنفس الهدف . فليس هناك فط حركات متعارضة تدمر بعضها بعضا . إنه 
المكان الوحيد الذي يمكن فيه لأقل جهد أن ينتج أكبر عمل . ويتلو ذلك صورة » يذكر جمالها 
ببوسييه وهو يتضرع للملك المطلق إنبا صورة : د أرخميدس وهو يجلس بهدوه على الشاطيء وبر 
بدون عناء فوق لوج سفينة كبيرة » ويمثل بذلك ملكا ذكياً يحكم من مكتبه أقاليمه الواسعة ٠‏ 
ويجعل كل شيء يتحرك في الوقت الذي يبدو فيه جامداً » . هل سيكشف لنا العقد , بمفاجأة مسرحية 
جديدة » عن روسو ملكي ؟ 
لا . لآن مثل هذا القدر من القوة ( بتابع الف ) سيّدفع ثمنه تسلطا ه للارادة الخاصة ٠‏ 
يكون فاخشاً كلياً» . وإذا كان صحيحاً جداً أن كل شيء يسيز لنفس الهدف , « فإن هذا ادف 
ليس قط هدف السعادة العامة » . إنه حكم قاس بمهد . بدون تحذير من المؤّلف ء لنقد لاذع 
حقيقي ضد الملكية , يحل فجأة محل العرض الذي كان حتى هذا الحين رصيناً » وذا مظهر علمي 
حول الاشكال الثلائة للحكم . لفد تأمل روسو منذ قليل بالديمقراطية الشرعية والارستقراطية 
الشرعية . وقام سابقاً حتى بتعريف الملكية الشرعية بأنها الابنة الشرعية للميثاق الاجتاعي , لآن 
السيد فيها هو الشعب كجسم ولأن الملك يبدو فيها فقط المؤتمن الوحيد عل القوة التنفيذية . ( لقد 
قرانا سابقاً الصيغة المدهشة : و حينئذ تكون الملكية بحد ذاتها جمهورية ») . وها هومؤ لف العقد 
يغير بطارياته ليهاجم الآن الملكية اللاشرعية . باعتبارها شكلاً للحكم لم يعد له إلا أساس 
واقعي , بمعنى أنه يوجد لكنه لا يُسمْسُ وجوده على أي ميثاق إججاعي . انه الشكل الذي دعا اليه 
أنصار الحكم المطلق ٠‏ الذين يُسميهم روسو «بالسياسيين الملكيين ‏ والذين حرص تماماً عل دحض 
حججهم بانفعال كبيرعل غرار جون لوك : ولا سها حجتهم ( أو المسلمة الملكية » ) القائلة بوجود 
تطابق مزعوم بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للملك : 
« إن أفضل الملوك يريدون أن يتمكنوا من أن يكونوا شريرين إن كان يحلو لهم 
باستمرار أن يكونوا السادة . إن واعظاً سياسياً سيقول عبثا لحم أنه بما أن قوة الشعب 
هي قوتهم , فإن مصلحتهم الكبرى هي في أن يكون الشعب مزدهراً , وكثير العدد » 
وغيفاً . إلا أمُم يعلمون جيداً , أن هذا الامر غير صحيح . إن مصلحتهم 
الشخصية تكمن أولاً في أن يكون الشعب ضعيفاً » بائساً . وآن لا يكون باستطاعته 
مطلقاً مقاومتهم ؛ ٠٠١‏ : 
إنا لم ننس السفسطة التي شَهُرٌ بها امؤلف أعلاه » والتي تكمن في الافتراض الدائم بأن 
الامير هو ما يجب أن يكون , مع احتال أن تُنسب إليه بحرية كل الفضائل التي و قد يكون بحاجة 
ها». 





(1) انظر ‏ الكتاب الالث - ص : 409 . 


0 


ويضيف روسو بأن « كل شيء يساهم ني تجريد الانسان الذي رب ليأمر الاخسرين » من 
العدل والعقل » . 
الحكم الافضل : 

ولكن أين نجد . ضمن هذه الظروف , الحكم الافضل ؟ لقد قرأنا مديحاً للارستقراطية 
الانتخابية . هل هذه هي الكلمة الاخيرة لروسو؟ أم أنه سيفضل إحدى الاشكال المختلطة التي 
أشار اليها . والني تجم عن مزج الاشكال التقليدية الثلاثة ؟ الحقيقة هي أنه ليس هناك كلمة أخيرة 
في هذا الموضوع . « لقد حصل الكثي رمن الجدال في كل الازمنة حول أفضل أشكال الحكم . وذلك 
دون اعتبار أن كل شكل كان هو الافضل ف بعض الحالات .. والاسوأ في حالات أخرى » . إن 
البحث عن الشكل الافضل « بشكل مطلق » يعني طرح سؤ ال غير قابل للحل . وغير عد . أوء 
إذا أردنا , أن عدد حلوله الجيدة هو بمثل عدد التركيبات الممكنة . والتي توجد في الاوضاع المظلقة 
والنسبية للشعوب . إن كل شكل للحكم هو غير صالح لكل البلاد . إن مساحة البلاد تتدخل : 
وعدد الحكام ( أو الحكام السامين ) يجب أن يكون متناسباً تناسباً عكسياً مع عدد المواطنين ٠‏ ويتبع 
هذا ة بصفة عامة » أن الحكم الديمقراطي يناسب الدول الصغيرة . والارستقراطي الدول 
المتوسطة » والملكي الدول الكبيرة . لكن كم توجد من استثناءات لهذا الامر وحسب الظروف ! إن 
المناخ ‏ الذي يرى روسو أن مونتسكيو كان قد أخذه جيداً بالاعتبار- يلعب دور كبيراً : د إن الحرية 
باعتبارها ليست ثمرة لكل المناخغات ٠‏ ليست في متناول كل الشعوب ©» . ومع ذلك فإنُ هناك مؤ شراً 
للحكم الجيد . يكمن في تزايد عدد المواطنين : فحيث يسكن شعب ويتزايد أكثر فأكثر بدون 
وصائل اجنبية . ولا تجنيس للاجانب . ولا جاليات أجنبية » يكون هناك حكم جيد » يكون هناك 
الحكم الافضل . وحيث « ينقص الشعب ويذبل ‏ يكون الاسوأ . 

هنا أيضاً يبدو روسو النسبي , تلميذ مونتسكيو. متضاماً . بدرجة مقبولة , مع الْنْظرٌ 
الدقيق لمبادىء الحق السيامي . لكنه دائياً روسو . 


إنه دائيً - ولا شيء أكثر أهمية من العودة هذه النقطة من أجل ختم هذه التفصيلات ‏ روسو 
دولة الشعب . أي دولة الديمقراطية . إن كل شيء يكمن في التفاهم جيداً حول هذا التعبير » وفي 
أن لا ننَصب كعدو للديمقراطية ٠‏ نظراً لعدم الدخول في منطق ومصطلحات العقد ( التي تبدو احيانا 
متخلفة . من جهة أخرى ) ٠‏ المفكر السياسي الذي من الصحيح أنه و لم يوافق مطلقاً » على الحكم 
الديمقراطي . لكنه لم يقبل مطلقاً أيضاً بشرعية سيد آخر غير السيد الديمقراطي . 


لهذا كان بإمكانه أن يأخذ عل مونتسكيو الذي يصفه ( بصدق ) بالعبقرية الجميلة . بأنه لم 
يقم باجراء التمييزات الضرورية . وبأنه لم يعرف كيف يرى - مثله ! أن السلطة السيدة هي 
د نفسهانٍ كل مكان » . إنها , في كل مكان » الجماعة , إنها الشعب . إن خصياً حاداً »مثل ب 
بيرتيه (هذطاى8 .2) ( اليسوعي ) , في ذلك العصر » لم ينخدع قطني هذا الصدد . إنه يرى جيداً 


(1) حول انظمة الحكم للختلطة ‏ انظر حاشيةر . دوراتيه ص : 1483 . 


511 


أن العقد يعرض نظرية الديمقراطية , ون في هذا يكمن « العيب الاسامي » للمؤلّف . فالئف 
لم يخش من أن : 

د يضع السّيادة في الجسم السيامي » بحيث أنه عندما يكون الحكم ملكياً , فإن الجماعة لا 
تكف أيضاً عن أن تكون هي السيد ؛ باعتبار أن الملك لا يكون حينئذ ولا يمكن أن يكون إل حاكياً 
ومنفذا لارادات الشعب : إن هذا يعني ني الاساس عدم الاعتراف بالملكية وبالارستقراطية وإنما 
فقط بالديّةراطية : وفي هذا يناقض هذا المؤلف كل المفاهيم التي تعطينا إياها الكتب المقدسة » 
ومؤلفات الفلسفة حول قوة الملوك في الملكية . وفوة كبار الامة في الارستقراطية » "' . 


ر الدبن المدني : 
« أريد أن يكون هناك في كل دولة قانون أخلاقي أو نوع من إعلان إيمان مدني . . . » ( من 
روسو الى فولتير . في18 آب1756) . : 
هل كان روسو يقول كل شيء ؟. هل كانت السيادة محمية بشكل كافبٍ من اغتصابات 
الحكومة وخبث الاحداث ؟ هل كان لدولة الشعب حظوظ كافية » ليس في أن تكون أبدية . وإنمافي 
أن تدوم مدة معقولة ؟ . هل كانت « الروح الاجتاعية » 3 الني هي ثمرة العقد واسمنت الاتحاد 
السيامي . مضمونة ومُدَعُمة بما فيه الكفاية . بالعديد من الاحتياطات ؟ 
إن دعامة إضافية ما زالت تنقصها أيضاً : هي دعامة الدين . ولكن تحت أي شكل ؟ 
لقد أضاف روسو لولمه في اللحظة الاخيرة فصلاً بعنوان : « في الدين المدني » . لم يكن 
متوفعا في المخطط الاولي 3 وقد كتب مسودته ‏ وهذه نقطة تفصيلية رمزية ‏ على ظهر الاوراق التي 
كان قد حرر عليها فصله حول اللمشرّع ١:‏ 5 
لقد كان من الممكن أن نندهش لان نفساً دينية » وف نفس الوقت مدنية » مثل نفسه » لم 
نشعر حتى ذلك الحين ( إل بشكل عرضي ٠‏ وبالضبط في صدد الحديث عن المشرع الملهم ) بالحاجة 
للاستعانة برابطة هي في آن واحد أخلاقية وأجهاعية قوية جداً وقادرة على الربط بين ما هو داخلي وما 
هو خارجي الى أقصى حد . ألم يكن دين المواطن القديم يدعم ويقوي . بشكل خاص المدينة - 





م ملاحظات حول ه العقد الاجتاعي » ذكرهار . ديراتيه الذي يشبر الى ه أن سيادة الشعب تكفي , بالحقيقة وبرأي 
روسوء لتمييز الديمقراطية , مهما كان . من جهة أخرى . الجسم أو الحاكم المكلف بادارة الدولة » . ويستشهد 
ر . دوراتيه بنص « الرسالة الى دالمبير» . الابقة للعقد .. ؛ والني جاء فيهاه أن الرعايا واليد , ف 
الديمقراطية » لا بشكلون إلا نفس الناس منظور البهم من زوايا مختلفة » . كذلك فإن ب ..برتييه يضيف ه هلم 
لللاحظة البليغة » ( حسب دوراتيه ) : ٠‏ وبكلمة واحدة . فإني أعتقد بأنه سيكون من المستحيل ذكر اسم أي 
فانوني عام رفض ٠‏ قبل ملف المقد الاجهامي . [عطاء السيادة للملوك » أنظر- ه . غوييه زيعةطداهة .11) 
« التأملات لليعافيزيقية لجان جاك روسو (ناشع كناو .ل .ل عل تعنوت ور مهاعد دكمهتلها تضم عملا 
باريس للهلا -1970 . 

(1) أنظر . حاثية ر . دوراتيه ‏ للجلد الثالث ‏ ص :1477 . 


أ 512 


الدولة : إن هذه المدينة الدولة التي كان لما دينها الخاص وحكومتها الخاصة , لم تكن تميز قط ألمتها 
عن فوائينها » . لقد كان الدين الآ مي وحب القوانين مجتمعين فيها ؛ وهذا كان انتهاك القوانين يعني 
« أن يكون المرء كافراً » . كما أن الموت في سبيل البلاد يعني د الذهاب للاستشهاد » . ألم يكن لدى 
روسو حنين لمثل هذه الوحدة » ومثل هذه الكتلة التي ليس فيها انفصام ‏ والمتحققة بفضل الاندماج 
بين قيصر والله ‏ أو الآلحة ؟. 
لكن روسو يأخذ على الدين الوثني كونه تأسّسَ عل الكذب والغلط . وكونه خاطيء وبنفس 
الوقت حصري وغير متسامح ؛ وإنه يحمل كل شعب عل ذبح كل من يرفض آغهته . إلا أن الوثنية 
لم تعد بمكنة بعد أن ميزت الثورة المسيحية جذرياً بين قيصر والله : لقد أصبح من الواجب فصل 
دين الانسان عن دين المواطن أو الدين المدني . لقد كان الامر يتعلق بابجاد صيغة تمتلك كل مزايا 
الدين القديم . بدون الاساءة للحرية الداخلية للانسان وللحقيقة . وبدون فرض مضمون 
عقائدي ( دوغرائي ) ١‏ يكل ميدي القلعة »يراك مزه عدم افيح . لانه ولم يحدث مطلقاً أن 
أّت دولة لم يُتخدم الدين كقاعدة لماء. وإذا كان 
صحيحاً أن الح المعطى للسيد على الرعايا بموجب الميثاق الاججاعي , لا يتجاوز قط . كما نعرف ء 
ه حدود المنفعة العامة » ( وعليه فأنه ليس على الرعايا أن يقدموا له كشفاً بارائهم إلا بمقدار ما تهم 
هذه الاراء الجماعة )'فإن من الهم جداً بالنسبة للدولة : 
« أن يكون لكل مواطن دين يجعله يحب واجباته . لكن عقائد هله الدين لا تهم 
الدولة ولا أعضاءها إلا بمقداز ما ترتبط به هذه العقائد بالاخلاق وبالواجبات . الني 
عل من يعتنقه أن يفي بها تجاه الغير . إن كل فرد يستطيم أن يكون لديه » علاوة عل 
ذلك . الاراء التي تحلوله , دون أن يكون من شأن السيد أن يتعرف عليها . . . لان 
ليس له قط أي اختتصاص في العالم الآاخر . إن هناك إذن إعلان إيمان مدني . بصغة 
بحتة . يعود للسيد أن يجدد مواده . ليس بدقة كالعقائد الدينية وإنما كمشاصر 
إجتاعية . بدونها من المستحيل أن يكون المرء مواطناً صا حاً ورعية مخلصاً » ل 8 


وقبل استجواب روسو حول مضمون هذا الدين المدني » وحول هذه العقائد ( التي ليست 

منه ) . من المناسب أن نعود لدين الانسان الذي فصله عنه بتصميم . 
: إن دين الانسان هو المسيحية : ليس مسيحية « اليوم » » وإنما مسيحية الانجيل ٠»‏ المختلفة 
كلياً برأي مؤلفنا : والني هي بدون هياكل ولا مذابح ولا طقوس ؛ إنها دين يقتصر على عبادة 
و داخلية بحتة » للأله الاسمى . وعلل واجبات أبدية للاخملاق . إنها بالاجمال « دين التوحيد 


الحقيقي » . و« الحق الآمي الطبيعي » . إن هذا الدين هو الدين للقدس , السامي » ٠‏ الحقيقي » 
الذي بواسطته يعترف البشر أبناء نفس الأله . و ببعضهم البعض جميعاً كاخوة » ! 


لكن هذا الدين ليس له أي علاقة خاصة مع الجسم السيامي . إنه لا يضيف للقوانين أي نوع 


. 4608 : للجلد الثالث ص‎  رظنا‎ 1١ 


513 


من أنواع القوة . وبدل أن يربط قلوب المواطنين بالدولة » يفصلها عنها . « كما يفصلها عن كل 
أمور الارض : إني لا أعرف شيئاً اكثر تخالفة للر وح الاجهاعية » ( وهي تهمة سبق لمكيافلل أن 
وجهها ) . ويضيف روسو قائلاً بالحاح : د إن وطن المسيحي ليس في هذا العالم ء صحيح أنه يقوم 
بواجبه . لكنه يقوم به بلا مبالاة عميقة بالنسبة الحسن أو لسوء نجاح إهتاماته » . ويَُابْع النقد اللاذع 
عل صعيد النظم السياسية . من الذي يجرؤ على الحديث عن « جمهورية مسيحية » ؟ إن كلا من 
آهاتين الكلمتين تستبعد الاخرى . عبودية وخضوع , هذا ما تعرف فقط أن تدعو المسيحية له . إن 
المسيحيين الحقيقيين » خلقوا ليكونوا عبيدا » . 

إن العلاقات بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية كما تصورتها المسيحية ‏ وخصوصاً 
الرومانية والبابوية ‏ ومنذ أن أنى يسوع ليقيم على الارض « ملكة روحية » » تغذي بدورها قرار 
الاتهام . إن الدولة ستكف عن أن تكون واحدة : وليس هناك ما هو أكثر خطورة من هذا , بنظر 
روسو . فمن هنا نشأت الانقسامات الداخلية » والصراعات الدائمة حول الاختصاص القضائي 
لدى الشعوب المسيحية . واستحالة كل ه دستور » جيد » وذلك نظرا لعدم التوصل مطلقا لمعرفة 
«لمن تجب الطاعة للسيد أم للكاهن » . وفي هذا الصدد . يوجه مواطن جنيف مديحا حارا للذي لم 
يكف عن أن يفتنه حتى عندما كان يحاربه , أي لهوبس . الفيلسوف الذي شنْمْ عليه كثيرا "© : 
« إنه الوحيد » من بين كل للؤلفين المسيحيين . . . الذي رأى جيداً الداء والدواء » وتجرأ عل 
اقتراح جمع رأمي النسر وعلى إعادة كل شيء للوحدة السياسية التي بدونها لن تتكون مطلقا دولة أو 
حكومة بشكل جيد »,نا - 

لقد آن الاوان الآن لاستجواب روسو حول مضمون دينه المدني » الضمانة الاخيرة هذه 
الوحدة السياسية التي توسوسه . 1 

إنه يعلن أن عقائد هذا الدين يجب أن تكون بسيطة . وقليلة العدد , ومُعلنة بدقة » وبدون 
شروح ولا تعليقات . إنها تتضمن عدة عقائد إيجابية » مثل : وجود إله فقوي . ذكي محسن . متبصر ٠‏ 
ومدبر . وحياة قادمة . وسعادة للعادلين . وعقاب للاشرار . وقدسية العقد الاجعاعي والقوانين . 
وعقيدة سلبية ( واحدة ) هي : اللاتسامح . 

اننا سنشير مع ه . غوييه :طون .44) الى أن المشرّع في العقد يمد ثانية هنا خلاصات 
النائب سافويار(لكدلاه»اهظ عل عمنمكالا) فى إعلان الايمان المشهورة لاميل , وأنه ليس من قبيل 
« الصدفة » أن يقدم النائب شروحاً وتعليقات , غير موجودة في العقد . للعقائد الايجابية ( باستثناء 
الاخيرة ) . وأن يثبت حقيقتها و بمساعدة الادراك وحده الذي يقوده الضمير» . 


ولكن - وهذه هي . لكي ننهي حديثنا » النقطة الاكثر حساسية . والاكثر قابلية للنقاش » 





(9) لكن روسو يحرص عل القول بانه مُشنُحْ عليه لما في سياسته من أفكلر صائبة وحقيقية أكثر ما فيها من أفكار شنيعة 
وخاطتة . 
1) حول دين الانان ‏ اتظر ص : 464 . 


5314 


والتي نوقشت كثيراً ‏ أي جزاء يمكن أن يخصص هذه العقائد العلمانية - الضامئة للنزعة الاجهاعية 
والمدنية ع وللاخلاص ؟ 


إن روسو يُسَلم بأن السيد لا يستطيع إجبار أي شخص عل الايمان بها . لكنه يستطيع أن 
يتفي من الدولة كل من لا يؤمن بها . . . . إن التنازل هزيل . صحيح أنه إذا نفاه » فليس ذلك لأنه 
كافر » وإفالأنهه غير اجتاعي ٠‏ وغير فادرعل أن يحب بصدق القوانين والعدالة » وعل أن يضحي 
عند الحاجة بحياته من أجل واجبه . . « إن العزاء هزيل أيضاً . ومع ذلك فهذا ليس شيئاً أيضاً . 
إن تعبير « إلا إذا » » الخطابي والمنتقم . يمهد لقرار الحكم القامي : 
« . . . إل إذا تصرف شخص ماء بعد أن يكون قد اعترف علنا بهذه العقائد » 
كا لو أنه لا يؤمن بها . عندها ليعاقب بالموت : لأنه ارتكب أكبر الجرائم . وكذب 
أمام القوانين ٠‏ . 
إن من الممكن التفكير بان الامر يتعلق بمذهب متوحش . فأي دين . بكل معنى الكلمة ١‏ 
يمكن أن يطلب أكثر من هذا ؟ هل يجب الاجابة بأن الرابطة الاجتاعية » في ذاتها . وبذاتها هي . 
بالاساس . مقدسة . فى نظر روسو ؛ الامر الذي يبرر أكثر المتطلبات قساوة ؟ وكيف يمكن أن لا 
نكشف هنا ونْنّدْد ‏ كما ينبغي , بتفجر التعصب المدني؛» 


3 مُشرّع كورسيكا وبولونيا : 

كان لا بد لأمنية روسو في العقد في أنْ يُعْلمِ ه رجل حكيم ما ؛ شعب كورسيكا الشجاع 
كيف يحفظ حريته » من أن تجد صدى في هذه الجزيرة التي كان عليها يوماً ما أن ه تدهش 
أوروبا » . وناذا لا يكون هونفسه هذا الرجل الحكيم ؟ . ولقد كتب له بذلك في عام1764 الكابتن 
بيتافوكو(0عهكه] انا عمنه1أمف ع1ا) . لماذا. فكر هو من جانبه , لا يلتقط مثل هذه الفرصة لييين 
من خلال التطبيق القيمة العملية لمبادىء المقد؟ . لا سها وأنّه كان معجباً بعمق ببامكال 
باول (نامدط علساودد؟) رجل الدولة الكبير والقائد العسكري الكبير بنفس الوقت . وهكذا وبعد 
مباحثات معقدة وإرسال إستارة أسثلة الى بينافوكو بغية معرفة الواقع الكورسيكي بدقة ( الذي تخل 
في النهاية عن فكرة دراسته في نفس المكان ) » ل 0 ٠‏ على كتابة مشر وو 
الدستور . وكانت كتابة سريعة ومؤ قتة كان عليها أن تُعاد ثانية لتنقيحها . لكن هذا لم يحدث . 
ولقد وُجَدَت ضمن أوراق المؤلف بعد وفاته « خطوطة حول شؤون كو رسيكا التي كان يجعل منها 
حالة قائمة بذاتها » . لكن هذه المخطوطة لم تُنشر للمرة الاولى إلا في عام1861 . 

أما نشر مخطوطة « تأملات حول بولونيا وحول مشرووع إصلاحها ونا ددح حوه ناس لندوم2) 
(ع16عز0]م 00 اننوماء) بنع ونيد ك عمهما0ط فلم يتم إلا في عام 1782 . إن تاريخ إنجاز كتابة 
المخطوطة يمكن أن يحدد في نبان1771 . وتنقيحها في حزيران . وكان روسو قد اشتغل بها طوال 


1) أنظره حوليات جان جاك روسو ؛(ناعةةدا0ة .لل عل دعلعععة) مقالة لر. دوراتيه للجل د 1959-35 -1962 . 


515 


فصل الشتاء . وعل حد قول أحد الخبراء بالقرن الثامن عشر , وبالمسائل البولونية ( وهو جان 
قابر(ءوطةط صم ل) فأن هذه التأملات لم تكن عملاً و للمجاملة » أوه عملاً ظرفيا » . وإنما هي 
عمل يجب:وضعه ضمن مجموعة . باعتبايه « بلا شك ؛ تحفة الادب الغزير جداً الذي . ٠‏ انتشر 
في ذلك العصر حول موضوع حكومة بولونيا ولكن أولاً الشاهد « عليه . خاصة , ون لأف 
كان يطمح لأَنْ تُدُم نصائحه أيضاً . وبغض النظر عن « القدر الخاص للامة البولونية كل أمة جديرة 
بهذا الاسم )ده : 
إة مط كل «مؤسسة وسيدة , وكذلك كل أصلاح سقيتي يكام و براي روسو أي 
الطابع القومي . إن كل شعب يجب أن يكون لديه طابع قومي ٠‏ وإذا كان هذا الامر بنقصه , إن 
عليه أن يبدأ بأَنْ يعطيه لنفسه . إن سكان الجزر ٠‏ بصفة عامة , لديهم طابعاً قومياً واضحاً جداً : 
« إن الكورسيكيين » » بشكل خخاص لديهم طابعاً قومياً حسوساً جداً بشكل طبيعي » . فليعرفوا كيف 
يحفظوا أنفسهم كما هم ! إن المبادىء الاساسية للمؤ سسة التي يقترحها عليهم مُشرّعهم ( أو ببساطة 
أكثر : مستشارهم ) لا تستهدف جعلهم غيرما هم عليه . أما بالنسبة للبولونيين . فأنْ المؤلف لم 
يبذل جهداً أفل من أجل اكتشاف الطابع ( الاصيل جداً ) المعترف به لهذه الامة في كل العصور » 
والذي ميزها بشكل عنيف جدا.عن الروس . إن الامة البولونية تختلف من حيث طبيعتها وأخلاقها 
ولغتها وحكمها ليس فقطعن الروس . وعن كل الشعوب المحيطة بها ٠‏ « وإنما عن كل ما تبقى من 
أوروبا» . حسنا . فلتكن دائما هي هي في كل الميادين » وليس أمة أخرى ! 
لنشر هنا إلى أنه لن يكون هناك مرافعة أكثر حرارة من مرافعة روسو لصالح الخصوصية 
والنوعية المتميزة واهوية الْسأة بالقومية (ألا يجب الذهاب حد الكلام عن ٠‏ الحصرية » القومية؟) . 
ولنشر. بنفس الوقت . في موضوع مواطن جنيف . لما قد ثميل طراعية لنسيانه في أيامنا هذه : 
وهو خوفه الشديد من النزعة العالمية للانوار . واحتقاره لحب مزعوم للجنس البشري ٠‏ يسمح نحت 
ستار حب كل الناس بعدم حب أي شخص ؛ كما يسمح « لفيلسوف ما » بحب التتار وإعفاء نفسه 
من حب جيرانه ! إن هذه المشاعر العميقة حقيقة لدى روسو . والتي يعبر عنها في الاهداء الوارد في 
الخطاب الثاني . وفي د الخطاب حول الاقتصاد السيامي » تجد غذاء جديداً لا في أمور بولونيا . 
لنحكم على ذلك : 
« لم يعد هناك اليوم فرنسيون والمان واسبان وانجليز حتى ولو قيل ذلك . إنه لا 
يوجد إل أوروبيون . فالجميع لهم نفس الاذواق . ونفس الام 
الاخلاق . . . والجميع , في نفس الظروف . سيفعلون نفس الاشياء . . 
سيتكلمون عن الخير العام ولا يفكرون إلا بأنفسهم . رو 
للبذخ . وليس لدم شهوة غير شهوة الذهب . . . ماذا همهم لأي سيد يخصعون » 


0( أنظر الاعيال الكاملة ‏ للجلد الثالث ‏ مقدمة ستيلنغ ‏ ميشر)(06601) (لنسطعفكطة -همفلاء:5 .5 : رص 
ومقدمة جان فاب ر(ع»طه:! .لا ص : 60061/1© . 


516 


وقوانين أي دولة يتبعون ؟ إنهم حيث يكونون يشعرون أَجم في بلدهم 2 شريطة أن 
يجدوا نقوداً ليسرقوها ونساء ليفسدوها » . 


« إنهم حيث يكونون يشعرون بأنهم في بلدهم . . » أو بعبارة أخرى » إنهم يعيشون 
حسب المثل الكريه ( يصيح جان جاك ) القائل : حيث أنا بخير فأنا في وطني نط ,ممع نالا) , 
(نذماهم . وهو مثل يجب أن يُقَلَبَ بحيث يصبح كل بولوني يقول في أعماق قلبه : أنا في وطني فأنا 
بخيرزممع0 أطز .اهم أ6نا) . إن المرء لا يكون بخير إلا في بلاده . لهذا فانه يجب اعطائه ميلا 
مختلفاً عن ميل هؤ لاء الاوروبيين غير المتميزين . إن أيأمن هذه الشعوب لم يتلق ه شكلاً قومياً» . 
من خلال مؤ سسة خاصة : في حين أن ما يشكل عبقرية وطابع وذوق وأخلاق شعب ما . وما يجعله 
أن يكون هو وليس شعبا آخر إنما هي المؤسسات القومية . وهكذا يمكن إعطاء ميل آخر لشهوات 
البولونيين : من خلال تشريع ملائم جداً » وقابل لأن يؤثر على نفوسهم منذ اللحظة التي تكون فيها 
هذه النفوس موسومة « بسحنة قومية » تميزهم عن غيرهم من الشعوب الاخرى . لهذا فأنه يجب عدم 
مركاو عون ا 0 » ومن إبعادهم عن هذه الشعوب الاخرى . إن من الواجب أن 

من الحسن أن يموتوا فيها من الضجر حتى وسط الملاذ التي حرموا منها في بلادهم , وأن يحسوا 
ا 0 . إن من « السعادة » أن يكون لهم لباس خاص . وأن لا 
يستسلموا . بشكل خاص . للميل العام في أوروبا لتقليد أذواق الفرنسيين وأخلاقهم ! « إن أي 
بولوني يجب أن لا يتجرأ على الظهور في الباحة وهو يرتدي ملابسه على الطريقة الفرنسية » . 

الوطن ٠‏ الوطن ! إن صلوات حقيقية للوطن تثيرحرفياً هذه التأملات العجيبة والمأثورة *' 
لقد كان روسو يريد أن بهتم المواطنون باستمرار بالوطن . وأن يجعلوا منه « قضيتهم الكبرى » ١‏ 
وأن يضعره د على الدوام حط أنظارهم » . إن حب الوطن هو حب القوانين والحرية . وقد رضع كل 
جمهوري حقيقي هذا الحب مع حليب أمه . « إن على الطفل وهو يفتح عينيه » أن يرى الوطن ١‏ 
ويجب ١‏ لحين الوفاة . أن لا يرى غيره . . . إن هذا الحب يصنع كل وجوده . 0 
وحيداً » يكون لا شيء . وحالما لا يعود له وطن ؛ لا يعود موجوداً . وإنْ لم يمت يكون أسوأ من 
ذلك . إنها جمل حماسية استخدمت كمقدمة للنصائح المعطاة حول التر بية : التربية القومية التي 
يجب أن تطبع النفوس بالشكل القومي , وأن تقودها لحب الوطن من خلال الميل والشهوة وكذلك 
من خلال الضرورة ( إن هذا يُذُكر بقول مونتسكيو : « في الحكم الجمهوري يشعر المرء بالحاجة 
لكل قوة التربية ٠)»‏ . 


لدى روسو هذا الذي نغرف حكمته التشريعية أو ليون افع ف الساتع 
القديمة . ومن مؤ لفاته الخاصة . والذي يبقى بطريقة لا تُنسى مؤّلْف الخطاب الاول المعلن عن 
« نظامه » ( نظام الحقيقة والفضيلة ) . نكتشف صلة مميزة بين حب الوطن ورفض البذخ والثروة 
(0) : التأملات » التي سيقول عنها جان فابر إنها د الرواية الاولى للطاقة القومية » ( بالاشارة للثلائية التي سيكتبها 
باريس (نغتد8) فيا بعد ) . 
0( حول الطابع القومي انظر بصفة خخاصة ص : 960 وما بعدها . 


5317 


والذهب والفضة . إن المرافعة المرة التي قرأناها أعلاه ضد هؤ لاء الاوروبيين غير المتميزين تنتهي 
بالامنية بأن تقلب العاطفة الوطنية قلوب المواطنين نحوه سعادة أخرى » غير سعادة الإثراء : همي 


البساطة في العادات وفي الزينة ؛ البساطة التي ستكون ثمرة للتربية ( أيضاً همي ٠‏ دائياً هي ) 
أكثر ما هي ثمرة للقوانين المحددة للنفقات الكىالية ! 


البساطة في الاقتصاد : إن روسو يدعو الكورسيكيين والبولونيين لاقتصاد ( معاكس لتيار 
التقدم ) لا يضحي بالزراعة لفائدة التجارة » ولكن بالعكس تماما . إنه اقتصاد الاكتضاء الذاتي 
الذي , هو أيضاً . بالنسبة للامة الضامن للسعادة . اقتصاد يستبعد اللامساواة في الثروات ( يقول 
روسو للكورسيكيين : ه يجب أن يعيش كل النلس وأن لا يثرى أي شخص » . وللبولونيين يقول : 
« إن التماوت الشاسع في الثرؤات الذي يفصل السادة الاقطاعيين عن صغار النبلاء يشكل عقبة 
كبيرة أمام الاصلاحات الضرورية من أجل جعل حب الوطن الشهرة المسيطرة » )0) : 

ويبقى التطرق ضمن منظور « للعقد » لمسألة مزدوجة تتعلق « بالمؤسسة » : وهي مسألة 
المساحة ومسألة الديمقراطية المرتبطتان ببعضهها بشكل وثيق . 

إننا نذكر أن روسوكان قد تساءل حول كيف يمكن للسيد أن يحتظ بالمارسة المباشرة لحقوقه 6 
وكيف سيتجنب تمثيل السيادة » إذا لم تكن المدينة صغيرة جداً ؟ إن الحكمة السياسية أملت هنا على 
المؤلف الذي كانت اهتاماته كمنظر معر وفة » بعض التكييفات العملية . فكورسيكا جزيرة كبيرة » 
وبولونيا بلاد شاسعة . 


إن على كورسيكا أن تزود نفسها باقتصاد ه ريفي » . إلا أن نظاماً كهذا يحرص عل « الحالة 
الديمقراطية » . لكن حكياً ديمقراطياً بحت يلائم مدينة صغيرة أكثر مما يلائم أمة . لاننا لن نعرف 
كيف نجمع كل شعب بلد ماكيا ممع شعب مدينة ( وهذا ما يقبل به حكيمنا ) . وعليه فإن النتيجة 
التي يصل لما روسو نتلخصي بالدعوة لفيام حكم مختلط : نصف «يمقراطي ونصف ارستقراطي 0 
د حيث الشعب لا يتجمع إلا بأجزاء منه . وحيث المؤتمنون على سلطته دلُو غالبا » *" . 





بك حول الباطة ب إرجع ‏ الخطاب حول الاقتصاد السيامي  »‏ المجلد الثالث ‏ ص : 258 .259 بغ 
(ه) ومع ذلك . وهذا ما ينبغي أن لا ننساء . فان للبدأ الدمقراطي ني حالته الصافية هر الذي يجمله روسو بشرف على 
التكوين الاصلى للكورسيكيين ني جسم سباسي : إن على كل الكورسيكيين البالغين العشرين سنة فيا فوق أن 
بتجمعوا في نفس البوم كلٌ في مدبته وضيعته أر فريته ليقسم « تحت السماء واليد على التورةة » القسم الثالي : 
و بلسم الله القوي . . . أيدُ ببجسدي وأموالي وإرادني وكل فوتي بالامة الكورسيكية » لأسي لها 
بشكل ملكية تلمة . نفسي وكل ما يتعلق بي . وأقسم أنْ أحيا وأموت لأجلها . ون أحترم كل 
قوانينها واطيع رؤ سامها وحكامها الشرعيين في كل ما سيكون متفقاً والفوانين . . . آمين » ٠‏ 
الامر الذي يعني أن الجماعة المدنية ستلد في كورسيكا ه بنفس الطريفة التي خلِنَ فيها اللجتمع ( السيامي ) بالعقد 
الاجباعي ؛ . ( عل حد تعبير س . ستيلنغ ‏ ميشر (ممهطء80 -ههنلاءا5 .5) في « دراسات » . . . ديجرن - 
ص :287 ). 


518 


أما فيا يتعلق ببولونيافإن الاصلاح الاول الذي ستكون بحاجة له هو ]صلاح مساحتها . إن 
روسو يطوح المسألة في عموميتها في حركة بلاغة جميلة . 
« إن كبر الامم ومساحة الدول ! هما المصدر الاول والرئيسي لشقاء الجنس البشري . . . إن 
كل الدول الصغيرة تقريباً سواء أكانت جمهوريات أم ملكيات ‏ ازدهرت فقط لأنها صغيرة » ولآن 
كل المواطنين فيها يعرفو بعضهم بعضاً ويرون بعضهم بعضاً , ولان الرؤساء يمكنهم أن يروا 
بأنفسهم الشر الذي يحدث ٠‏ والخير الذي عليهم أن يفعلوه ؛ ولان أوامرهم تُتَْذَ أمام عيونهم . إن 
كل الشعوب الكبيرة » المسحوقة بجماهيرها » تشن ما من الفوضى ( مشل البولونيين ) أو من 
المضطهدين المرؤ وسين الذين يبر التدرج الضروري الملوك على أعطائها اياهم » . 
فعلى البولونيين . الذين لن تتلاءم مقاطعاتهم الواسعة مطلقاً مع الادارة القاسية 
للجمهوريات الصغيرة . أن يبدؤ وا إذن برص حدودهم . وإن لم يستطيعوا ذلك , فليلجؤ وا عل 
الاقل لوسيلة . هي من الآن موجودة في روح مؤسستهم : وهي الوسيلة التي امندخها روسوء في 
أكثر من مناسبة . باعتبارها تجمع مزايا الدول الكبيرة والصغيرة ( وتبدو بصفتها تلك « إلوحيدة » 
التي يمكن أن تناسب بولونيا  )‏ وهي نظام الحكومات الانحاديةه . 
وبعد اكتساب هذا النظام تبقى مسألة تكييف الديمقراطية » حسها وردت ف العقد . مع 
انطروني النوعية البولونية . إن استبعاد التمثيل كان عمليا مستحيلا في هذا البلد الكبير الاقطاعي 
والفوضوي > لاي كان ضحية لما يُسمّى بنظام الاعتراض الحر(0:» «#نمءن) © , والذي كان 
يمتلك على الاقل مجلس مات (0206) أي سلطة تشريعية سيدة لم تخضعها القرة التنفيذية 
لسيطرتها . لقد كان عل مجلس الديات . المتعطل عن العمل . المفتقد لقوته . الذي لا يطيعه 
« أحد » . ولكته لا يمخضع بدوره « لأحد » أن يد ثانية هذه القوة . وأن يجدها دون أن يفرق في 
ما يعتبر الداء الكبير للنظم التمثيلية المحكوم على الدول الواسعة بأن تُصاب به » وهو: فساد 
الممثلين ( انظروا الى انجلترة ) . إنه « داء رهيب . . . يمعل من جهاز الحرية أداة العبؤدية » . 
ويرى روسو ان هناك وسيلتين ضد هذا الداء : تواتر الدايات بكثرة ( بحيث يتغير الممثلون 
غالبا ) والوكالة الامرة ( « إخضاع الممثلين لضرورة اتباع تعليات الناخبين بدفة . وتقديمهم لحساب 
صارم لم عن سلوكهم في الدايات » ) © . 


كيف يمكن , أخيراً ٠‏ تجاهل وجود ملك في بولونيا ؟. إن الموّلْف يرى أن من المستحيل أن 
تستغني دولة بمثل هذا الكبر عن رئيس أعلل يكون رئيساً لمدى الحياة . لكنه يقترح تدبيراً ما من شأنه 
أن يجعل رئيس الامة يصبح « ليس العدو منذ الولادة » وإنما المواطن الاول » . 


(1) حول ه عظمة الامم  »‏ أنظر المجلد الثالث ص :971-970 . 
(©) وهو عرف بموجبه كان عل كل قرار لمجلس الديات أن يتخذ بالاجماع . 
(2) حول « التمثيل » في بولونيا ‏ للجلد النالث ‏ ص : 979-978 . 
انظر ايضاً ر . دوراتيه ‏ جان جاك روسو وعلم السياسة في عصره ( باريس -/2ل1/ -1970) . 


519 


إن روسو لم يكن قد أخذ ثانية ملفه الخاص بكورسيكا ولم يُنقح مشر وعه للدصتور الخاص 

بالجزيرة . لكنه بالقابل » ينهي بنجاح وبنجز تأملاته . . . ( وها هو غطلي قد ويم ٠‏ بشكل 
كاف لهذا |فإني أتوقف » ) . ولكن ليس بدون إبداء النصائح الاخيرة : تجنب إقامة أو إصلاح 
دستور وسط العواصف ( كما سبق له أن قال في « العقد » ) وإنما انتظار د فترة هدوء » . وفي كل 
الافتراضات عدم التسرع بالامور , وعدم إرهاق ‏ الآلة » » والبدء بالاستفادة من للواطنون 
الموجودين لانه لا يمكن أن نخلق « دفعة واحدة مواطنين جدد » . و-هل يجب إضافة هذا , لأنّ له 
مغزى مهم جداً - ليس بدون أن يضع نفسه في المشهد . وليس بدون أن يُظْهِرٌ في خاتمة الكلام أناه 
المتشددة » المتألمة والعبقرية : 


« يمكن أن لا يكون كل هذا إل ركاماً من الاوهام » ولكن ها هي أفكاري . 
فليس خطاي إِنْ كانت تشبه قليلاً جداً أفكار الناس الآخرين . وليس بيدي أل أنظم 
زأمي بطريقة أخرى . ومهما وجد فيها البعض من غرابة , فإني أعترف بأني . من 
سي 0 ومرت رباع اكاب الأنستي + سالج رلال: 
تسسات واي ع مات 1 
تصحيح عيوبها » . 
ومع هذا الالحاح . وتحت ستار من التواضع ٠‏ تأتي فبا بعد بعض السطور التي يقوكاليها : 
ون فَكْرتُ بشكل مغاير للناس الآخرين مس00 5 
4 الخلاصة - توضيح : 
« حتى في مقاومته لفلسفة الانولر » وفي تغلبه عليها ٠‏ ييتى 
روسر إبناً حفيقياً مله الانوار الني حاريها . . . إنه لم هدم عالم 
القرن الثامن عشر . وما غير فقط مكان مركز ثقله » . 
أ . كاسيرر (25513353 .05 


. فللفة الانرار »(دعغنصسآ عمل منطومهمط رام ه0‎ ١ 

د العقد الاجهاعي » ... . كتاب قوي » 

ديغر ل الى مالر و (تسحفمكة ذ مقاسهت) «0) 
( البلوط الذي نقطمه )(لهمة ده 'نب مموغط دم . 
بشكل مغاير للناس الآخرين إن جان جاك يشعر ويريد وقد شعر وأراد دائياً أن يكون ' 
« مغايراً » , مختلفاً , فريداً : وبكلمة . وحيداً ( إنه مؤلف الاعترافات الذي وصفه بنفسه بأنه 
« وحيد بين البشر » ) . وف الوقت الذي ينكر فيه اعتقاده بأنه أكثر حكمة من هؤ لاء الآخرين ٠‏ فإنه 
يتباهى بأنه فكر و أكثر وأفضل من الملوك » . وكيف يمكن الشك باعتقاده بأنه فكر أكثر . ولا سسا 


(1) أنظر ‏ للجلد الثالث - ص :1041 . 


23020 


بشكل أفضل من الفلاسفة . وأفضل لانه فكر بشكل : مغايره» 8 
في ماذا ؟ 
. 0 ره 
بتكل مقاير في التكار حول ادلائة الليمية واخلي الطيمي + وسول اد السيادة 
« للدنية ؛ وشروط ومضمون اليثاق الاساسي أو العقد الاجماعي ٠‏ .وكيم ( بالعنى الضيق الذي 
وسماتها » وكذلك في ضرورة اشع ؛ بشكل مغاير في إنارسة ‏ في ضررها اللحتمل الذي لا 
يتظاهر روسو باعطائه للتعبير ) : فى : 0 ود وا و اد 
0ك ني خضودين في الاطار المدني ؛ بشكل مغاير في أفكاره حول 
ينفصل عن ضرورتها ؛ بشكل مغاد * 5 مم 56 ا 
( العيد باذ .دا جماعيا » وتفجراً للفرح العام » الفرح الوحيد ه الصانفي ؛ عل حد قول 
1 , رصالة الى دالمبير» ؛ :© بشكل مغاير في تصنيفه لاشكال الحكم , حيث الإصناف 
بة تغط بريشته مضموناً غير مننظر ( وهذا ما سبب ظهور العديد من التفسيرات ه للحم 
الديمقراطي » و الدقراطية ؛ ) . بشكل مغاير - الامر الذي يتطلب إبرازاً خاضاً كلب ني أفكاره 
حول الوطن الذي يرفض روسو أن يذيبه في و جتمع عام للجنس البشري » ٠‏ وأن يمسخه بأي نزم 
عللية » وأن يضعفه بأي مجاملةقلبية أو روحية تجا ما هو اجنبي : ذاهباًلحد الكتابة في أميل : ه بأ 
كل مجتمع جزئي ينفر , عندما يكون ضيقا ومتحدا جيدا » من المجتمع الكبير . إن كل وطني يكون 
قاسياً مع الاجانب . انهم ليسوا إل بشرً. إنهم لا شيء بنظره . إن هذه السيئة لا مفر منها لكنها 
ضعيفة . إن الامر الاساسي هو أن يكون المزء طيباً مع الناس الذين يعيش معهم . 7 : 
| بشكل مغاير ‏ أخياً ‏ في أفكاره حول تطور وصبرورة الجنس البشري » الذي بالرغم ( أو 
بالاحرى : بسبب ) من فابليته للكيال ء وبالرغم من نقيه الجذري للخطيكة الاصاية » *ن 
يخضع , كما يرى روسوء لقانون التقهقر : لأنه إذا كان يجب تصديق البداية الاستفزازية لأميل 
فإن « كل شيء خرج بشكل جيد من أيدي خخالق الاشياه ٠‏ وكل شيء يفسد يعن ب جور وو .٠ج‏ 
الأنسان الذى هو» مع ذلك . طيب بالطبيعة . كا نعرف . إن كل شيء يفسد : ما عدا اوس 
الشرعية , وفق معابير العقد . وبقاءها ( على الاقل لاطول مدة مكنة ) في وجه فوى للوت ٠‏ 
الامر الذي يعني القول بأنه من أجل القياس الدقيق للفكر السيامي للجنيفي الكبير. ومن 
أجل تحديد موقع روسو بشكل أدق في سياق طموحات قرنه . فإنه يهب التطلع ‏ بقصد الفم 
بتركيب بعد العديد من التحالبل ‏ نحو هذه المؤسسة المعلن بأنها المإسسة الشرعية الوحيلة ٠‏ 
لاستخلاص وتعميق روحها وافتراضياتها . 
بل _-+-بشبببابيبيبيبيبييب ا 


: روسو قاضي جان جباك 1.1.06 6ل ونال معهدده 1 المحلؤرة الثانية  الاعهال الكاملة للجلد الاول - ص‎ ٠ 


٠859| 
. 129-116: أنظر متاروبنسكي ( ج . ج . روسو : الشفافية . .. ) ص‎ 22 
٠ 248 : الاعيال الكاملة  المجلد الرابع  ص‎  » ره أنظر . د أميل‎ 


5201 


مر 


لقد كان موتك قد دعى قارئه لعدم دمج « سلطة » الشعب مع دحرية » الشعب . أما 
حرية بمقدار لو ع ع د وج 2 
الشرة .وين يدية شرع جني كل حضو إناة انيلا و يقتا كلك انوا مؤي بن 
نسان : القانه ن الزع ى 022 2 الليولة شرعية إلا إذا كان شكل الحكم يضع القانون فوق 
الانسان : القانون الذي هو تعبير عن اه الدولة لا يكون ها * عية أكثر إل بمقدار ما 
تحرص الحكومة عل البقاء دا أكدر قر ب] أو والدواة ل يكون 1 شرعية "كر 21 

1 إن كل بحث مؤلف «١‏ العقد».. 
يستهدف الحصول على هذه النتيجة المزدوجة . لأنه يضع في “عظلة الإكشر فية اق وجة 
التجاوزات المحتملة للسلطة والملازمة لماهيتهه . وذلك على الاقل طالا عنمي و بر ْ 5 
تلف . وهذا ما سيجعل الفيلسوف آلن(منهله) ٠‏ الذي عاش في ظل الجمهورية الفرسه يي , 
يكتب , مبّدياً إعجابه . « بأن جان جاك هو الاول , ويمكن أن يكون الوحيد الذي حَكَّ السنط 
حتى العظم . إن فولتير لا يساوي شيئا بجانبه . فهو لم يكن إلا رعية ساخط كان يبحث عن ملك 
صالج » : 

ولكن كيف لا نضع الى جانب هذا الاطراء الحمامي جداً الآراء القاسية لبنجامين 
كونستان (00054301 مندمهمزمء8) الذى عاش في عهد عودة الملكية » ول : ب . ج . برودون.2) 
(0700ناه25 .ل ف عاماكة! ؟. لقد أدان الاول «١‏ الميتافيزياء الخالدة » لهذا المقد الاجباعي الذي 
كرس أخطاءا مشؤ ومة أكثر من أي ١‏ نظام عبودية » آخر » ورأى في هذا العمل الذي غالباً ما استيدَ 
اليه لدعم الحرية المساعد الاكثر فظاعة ٠‏ لكل أنواع الاستبداد » . أمَا الثاني فاعتبر أن روسولم 
يفهم شيئا من العقد الاججاعي . وإنه لم يقم إلا بإضفاء طابع شرعي عل الفوضى الاجهاعية نفضل 
« حيلة بارعة ؛ . هي حيلة الارادة العامة السيدة . التي نؤسس وتبرر . وتضفي طابعاً شرعياً » 
وبالتالي تقوي . هذه السلطة الني لا ينبغي إلا إزالتها » . ٠‏ . 

وإذا كان صحيحاً أن الكثير من الصيغ . والني تُعدٌ من بين الأكثر شهرة في المؤنّف , تعلن 
بوضوح سمو الدولة وأولويتها المتشددة وعدم شرعية أي معارضة لما مهما كانت .  (‏ السلطة 
المطلقة » للجسم السيامي عل كل اعضائه » ؛ ٠‏ السيد هو الوحيد الذي يقرر مدى أهمية ما يجب 
عل كل واحد أن يتنازل عنه من « قوته وأمواله وحريته » . « إن حياة المواطن نفسها هي «هبة 
مشروطة من قبل الدولة » الخ . . . ) . 

أفلا يجب حيتئذ الكلام عن تنافض تحير . أو عن مجرد غهوض سيشكل مصدراً لكل سوه 
التفاهم بالمستقبل ؟ إن من البديمي أن النزعة الفردية الاصلية لدى روسو قد خضعت في طريقها 
لتحولات كبيرة , وأن مؤّ لفنا ابتعد جذرياً عن فردية لوك الليبرالية الذي كان تلميذاً له في البداية . 
وأنه ( حسب الملاحظة العميقة ل . أو . جيرك ) في الوقت الذي أخخذ فيه كإطار أفكار سابقيه حول 





1) أنظر ‏ ألن(منهله) - «١‏ سياصة ؛(عناوذانل70  )‏ باريس 2 .لا .1952-8 ص : 226 . 


522 


الحرية والمساواة . ملاً هذا الاطاره بالمضمون الاطلاقي للعقد الذي قال به هوبس . وذلك دون أن 
ينحاز للفردية الاستبدادية لهوبس الذي شَيّد دولة اللوقيائان . لكن الامر كان يتعلق لديه » بصفة 
حصرية باطلاقية الارادة العامة : أو بعبارة أخرى : إطلافية إرادة » من حق كل مواطن أن يفكر 
بأنها إرادته بمقدار ما هي إرادة أي شخص آخر . إِنْ سر الارادة العامة يأتي هنا ليحل حل « سر » 
الملكية أو لينوب عنه . وبفضل هذا السر ستتأسس الشرعية الجديدة ٠‏ شرعية الديمقراطية . 

ِل أن هذا لا يعني أن كل نزعة فردية قد أفرغت . إن روسو بدون شك » ينقلنا الى ما وراء 
« ما هو تعاقدي » , بالرغم من عنوان مؤّلْفه ؛ والصفة التي يبدو أنها توافق بحق نزعته الفردية 
المتحولة هي صفة الجا عية(عكنهائاههداهم00) . 

إن ج . ه . صابين سيضع , بدراية » للفصل المخصص لروسو في « تاريخه للنظرية 
-السياسبة » عنوان : « إعادة اكتشاف الجماعة  »‏ وذلك نظراً لأنه رأى فيه أن مؤّلف « الخطب » 
الذي أصبح مؤلفاً ه للعقد » . إعتنق التعاليم الاساسية لأفلاطون ( وأرسطو ) . فلتكن الرابطة 
الاجتاعية جزءاً من النظام الاخلاقي قبل أن تكون من نظام الحق الوضعي والقوة ؛ وليكن الانسان 
غير قادر على نحقيق تفتحه الاخلاقي الكامل خارج الاطار المدني . أي خخارج المدينة ‏ الدولة ‏ أو 
الجسم السياسي ‏ أو الجباعة السياسية المجسّدة لأعلى قيمة أخلاقية : لقد دئيُنَ روسو من خلال 
هذا المنظور المزدوج , في فلسفة السلطة . عصرأ جديداً ذا تأثير كلاسيكي . هو إغريقي بصفة أكثر 
شرعية من النزعة الكلاسيكية المزيفة للقرن الثامن عشر .2 . 

الفردية الجماعية (ع15ة]10 010101088 عتسكتلد0101نلمة"1) : إن هله الصيغة لن تمر بدون أن 
تفاجيء , ظاهرياً . لأنما تُلصِقُ تعبيرين متناقضين للوهلة الاولى . لكنها . مع ذلك , تتفق بدقة 
مع نوع من التمزق الداخلي ٠‏ المرتبط بازدواجية نفسانية صماء . نكتشفها لدى جان جاك . في أنه 
المعقدة جداً . أنله التي أنقذها بشكل متنابع من الاجزاء المختلفة , إن لم نقل المتعارضة ( من خلال 
سياق نظام تبقى وحدته وانسجامه الاجمالي مدهشين ) . وهكذا يقود روسو قارئه من منحدر 
لوكي . يتعلق الامر فيه بحك السلطة « حتى العظم » . الى منحدر هوبسي يعود فيه كل شي* 
للحكم المطلق . وتُرسم فيه سلفاً كل الانحرافات باتجاه الاستبدادية . 

أي شهادة أكثر سطوعاً على هذا الغموض . وكذلك على تذوق روسو للتطرف في البرهنة » 
من الرسالة المشهورة التي أرسلها في عام1767 الى المركيز دو ميرابو ( والد الخطيب ) ! . إن نبراته 

ناءة تضع فيها موضع التساؤ ل أساس البحث الذي قام به المفكر السيامي . إنها تقرع بحزن 

وكأنها تنكر لكل العقد . وتبدو موافقة عل أن المبادىء الموضوعة بكل هذا القدر من الاقتناع أو 
المستتتجة بكل هذا القدر من الدقة المنطقية » تتطلب , لكي تكون مطبقة . فضيلة أكثر ما يحتويه 
منها الضعف الانساني . وبالفعل . فإن روسو ء بعد أن عَرْفَ ما يعتبر بالنسبة له المعضلة الكبرى 
في السياسة : ايجاد شكل للحكم يضع القانون فوق الانسان , وبعد أن قارنها بمعضلة تربيع الدائرة 


)1( انظر ‏ ج 5-0-7 مابين ‏ امرجم السابق ذكره - ص : 485 .489 -490 . 


23 


في الهندسة . يتابع حديثه قائلاً . 

٠‏ إذا كان مكنا إيجاد هذا الشكل فلنبحث عنه ولنسعى لاقامته ؛ وإذا لم يكن 
ممكناً لسوء الحظ . وأنا أعترف بسذاجة بأنني أعتقد أنه كذلك . فرايي أنه يجب 
الانتقال للطرف الاقصى الآخر . فنضع الانسان دفعة واحدة فوق القانون وذلك 
بالقدر الممكن . ونقيم , بالنتيجة . حكر] إستبداديا تعسفياً , يكون تعسفياً الى أقصى 
حد ممكن . إني أريد أن يكون بامكان الحاكم المستبد إن يكون إلا . وبكلمة 
واحدة , فأني لا أرى قط حداً وسطاً يمكن تحمله بين الديمقراطية الاكثر صرامة 
والهوبسية الاكثر كمالاً 6 


د أعترف بسذاجة . . . ؛ أليس في هذا الاعتراف دعوة للوثيائان للتربع على العرش ٠.‏ عل 
أنقاض الارادة العامة ! إن في هذا ما يبرر بشكل كامل للاصدقاء القدامى لروسوء فلاسفة 
باريس » لأنْ يُشَهّروا به باعتباره ٠‏ المتخل عن القضية » (« الخائن » » « المرتد » . « بوذا 
الفلسفة » » على حد تعبير ولتير ) ! فكيف يمكن لهم أن يغفروا له » وهو الذي نما وأحيط بالرعاية في 
كنفهم . تحوله بشكل ظاهر لعدو لثيم للانوار ؟ 

ومع ذلك فإ صوتهم لن يكون هو الذي سيشد الاجيال القادمة » وإنما صوت أمانويل كانت 

( اله اءدامقصصط) الذي سيكون له الصدى الاعل . 

ففي هذه المحاكمة القاسية للمعطيات المعقدة . إرتفع صوت ٠‏ كانت » لتبرئة المتهم ‏ 
ووصل خحد المديح . ويكفي أن نذكر هنا الجمل المشهورة : « كان هناك وقت كنت فيه أعتبر أن 
البحث عن الحقيقة وحده كان يكون شرف الانسانية . وكنت أحتقر الانسان العادي الذي لا يعرف 
شيئاً . وقد وضعني روسو في الطريق المستقيم . لقد تلاشى هذا الحكم المسبق الاعمى . وتعلمت 
احترام الطبيعة الانسانية ٠‏ واعتبرت نفسي أقل فائدة بكثير من العامل العادي جداً . إذا لم أعتبر أن 
فلسفتي يمكن أن تساعد البشر على إثبات حقوقهم 2:2 . 

وإن من الصحيح جداً . أن روسو. أكثر من أي كاتب من كُتَّابٍ الانوار » جمد وطالب 
بحقوق الانسان العادي » الانسان العامي . الانسان باختصار . المأخوذ فقط في صفته وجدارته 
ككائن إنساني . صفته وجدارته اللتين يشترك بهما الكبار والصغار . والمستقلتين عن كل « تسلسل 
إجتاعي » . وإن مثل هذه المهمة تعود له بالضبط , فقد كان الاول الذي فكر بالانسان الفقير الذي 
كان يمتاج للخبز . ىا قال » :« وبرجل الشعب » . هذا الشعب الذي كان يعتبر أن فيه ما زالت 
توجد بشكل أنقى من أي مكان آخر القيم التي هي إنسانية بشكل طبيعي . بالانسان . الذي أجبرته 
تقلبات وجوده الشخصي عل أن يعرف كل الاحوال . وأن يعيش فيها جميعاً . مدركاً . بهذا . 





لل الرسالة ذكرها دوراتيه في هج . جب . روسو وعلم السياسة في عصره ‏ ص 113 2 
2ن أنظر ‏ ب . هاسنر(كعهدعه!! .9) « الفلسفة السياسية لكاتنت (امهكط عل مدونانادم #تطوموملنام هلا 
باريس - .لا .1962-8 اص :89 . 


54 


بشكل أفضل . هذا « الكائن العامي » الذي يتهرب . في علافات بعيدة جداً . من الناس الذين 
يعيشون في مجتمع «ا : 
وسنحاول . بالخلاصة . أن نذكر مديحا لالماني كبير آخر هو «'غوته »(©طا60#) الذي أتى: 
ليؤكد وبوسع مديح « كانت » : 
« إن العالم القديم هو الذي ينتهي مع فولتير. أما مع روسو . فان عالاً جديداً هو الذي 
يبدأ . وهذا إذا لم نفرض نفسها على اللعلى . في ختام هذه المعايشة الطويلة لعبقرية قوية 
وغريبة ٠‏ الكلمات المعروفة جداً لج مان دو ستايل (انها5 عل ##نههمم6) حول روسو : الذي لم 
يكتشف شيئاً . لكنه ألهب كل شيعادت : 
هل هذا صحيح ؟ لا . إن مؤلّف١«‏ العقد » اكتشف في الواقع . وأراد أن يكتشف . وعرف 
كيف يكتشف . لقد صنع . ونجح ني صنع ما كان ٠‏ بأمكان المفكر الحديث وحده أن ينجح في 
صنعه » والذي كان مونتسكيو , مونتسكيو البارز قد تلافاه وهو : أن يحرج للنور علياً حقيقيا للدولة 
( : لفد تجنب معالجة مبادىء الحق السياسي ؛ واكتفى بمعالجة الحن الوضعي للحكومات القائمة : 
وليس هناك في العالم شيء أكثر اختلافاً من هاتين الدراستين » ) . 
لكن ملف « العقد » لم يرد فط آن يلهب كل شيء . حتى ولوكان من الصحيح أن عللا 
جديداً بدأ معه . إنتصنيف روسو بين الثوريين بالنية.. بمقارنته بايهاز مع فولتير المختص بنزعة 
إصلاحية حذرة . يعني تصنع الكثير من السهولة . إنه يعني إنكار أن الجرأة العجيية للفكر , لدى 
الجنيفي الكبير عاشت بوفاق مع الحكمة والتعقل العمليين ( بحيث أن الكثير سيتمكنون من الحكم 
عليه بأنه « ورع » ) . هنا يجب عل المعلق أن يلح . 
ويمكن . في هذا الصدد . عدم الأخذ بالشهادة القائلة بأن روسو. في شيخوخته ٠.‏ يعططي 
لحان جاك *' الحريص عل أن يفرض صورة ما لهذا ضد سميء النية : « لقد ألح دائما ... عل 
الحفاظ على الم سسات القائمة ٠‏ مؤ يدا الفكرة القائلة بأن تهديمها لن يؤدي إلا الى انتزاع المسكنات 
وترك العيوب . وإحلال اللصوصية محل الفساد » . ويمكن أيضاً الاستشهاد بالرسالة التي كتبها 
روسو . ني عام1765 , الى بينافوكو أثناء مراسلاتهها المتعلقة بكورسيكا : « كان وسيكون لي دائياً ٠‏ 
كحكمة لا تتهك . أن أَكِنْ الاحترام الاكثر عمقاً للحكومة التي أعيش في ظلها دون أن أهتم بان 
أريد مطلقاً أن أراقبها وأنقدها أو أصلحها بأي طريقة » . 


لل أنظر ‏ ب . غريتويسن ‏ مرجع الابق ذكره ‏ ص : 134 -139 : 

(2» نجد حكم ج . دوستايل(لفها5 ع2 .6) في كتابه « الادب منظوراً له في علاقاته مع المؤ سات الاجهاعية هاع©) 
(دعلهعمة ممم نا ناتئكه دعا 6 21 127720615 565 كانهل +6 )نمو ع وداه انا الصادر في أيار1300 - المنشور 
ممدذاً في باريس 1959 - للجلد الثتني ‏ الفصل 20 ص : 281-280 . 

(9) روسو يحكم على جان جاك . « عحاورات » ( للحاورة الثالثة . الاعبال الكاملة ‏ منشورات بلياد ‏ الجزه الاول- 

ص 478). 


5325 


لكن النبرة لم تكن خداعة بالنسبة شرع بولونيا » وهو يتحدث عن القناتة وعن صعوبة 
مشروع عتق الاقنان ( « [خوتكم في القيود » » كما قال للبولونيين ) . 
و إن الحرية غذاء ذو عصير جيد , لكن هضمه صعب ؛ فيجب أن تكون هناك 
مِعْدَات سليمة جداً لتحمّله . . . إن تحرير شعوب بولونيا هو عملية كبيرة وجميلة ع 
لكنها جسورة وتحفوفة بالمخاطر . ويجب عدم تجريبها بلا روية . ومن بين 
الاحتياطات التي ينبغي اتخاذها , هناك أمر لا بد منه ؛ ويتطلب وقتا : وهو ء قبل كل 
شىء ء جعل الاقنان الذين يُراد تحريرهم جديرين بالحرية وقادرين عل تحمّلها » . 
لكن النبرة لم تكن خداعة كذلك بالنسبة لَوَلُف ورأي حول الجمعيات 
الكهنوتية )(00016ئزوئزا20 ها ءناد 820601 نا0) القس سان بيار(ع5]65 ]نقد عل عططة'1) ( هذا 
الطوباوي الشيخ الذي يدين روسو له بالكثير ) . فهو لا يرى في مضاعفة عدد جالس املك ٠‏ 
المعينين بالاقتراع والني كان القس يقترحها . « شيثاً أقل من ثورة » . لأنه من أجل إقامة مثل هذا 
النظام : 
« يجب البدء بتهديم كل ما هو قائم . ولا يجهل أحد كم هي خطيرة في دولة كبيرة لحظة 
الفوضى والازمة التي تسبق بالضرورة إقامة مؤسسة جديدة : إن جرد إدخال الاقتراع لوحده 
سيؤ دي لانقلاب مرعب , وسيعطي حركة متشنجة ومستمرة لكل جزء بدل إعطاء قوة جديدة 
للجم . لتتخيل الخطر من تحر يك الجهاهير الغفيرة التي تتألف منها الملكية الفرنسية , لمرة واحدة ! 
فمن سيستطيع أن يسك ثانية بالتزعزع المعطى أو يتنبأ بكل الآثار التي بمكنه أن يحدئها ؟ . وعندما 
تكون كل مزايا المخطط الجديد أكيدة . فأي إنسان ذي حس سيجروء عل الشروع في إلغاه العادات 
القديمة » وتغيير الِكَم القديمة وإعطاء شكل للدولة مغاير للشكل الذي قادتها اليه بالتتابع مدة الف 
وثلاثاثة سنة » ؟ 0 . 
لقد مات فولتير الذي ولد في عام1694 » وروصو الذي ولد في عام1712 ٠‏ في نفس 
عام1778 . وف عام1776 كانت الثورة الامريكية قد اندلعت . وبعد عشر سنوات كان على الثورة 
الفرنسية . التي ستندلع في أيار1789 » أن تعلن عن فدومها . ( إنها غلطة فولتير . . . إنها غلطة 
روسو... كا سيغني غافر وش (0811076) في رواية والبؤساء » طيغو(مهن!!) . 
إنهيا الحدثان اللذان تفصل بينهما مدة ثلاث عشرة سنة » واللذان سيكون لما نتائج ذات 
أهمية بليغة . وسيكون من التق عليه اعتبارهها . بدرجات متفاوتة ‏ نماراً « للفلسفة » . إنما 
الثورتان اللتان سنشهد بينهما بزوغ , إن لم يكن بدء نضج , فكرتين حملتين بطاقة فريدة هما : 
فكرة الامة . وفكرة التقدم . وهم| الفكرتان اللتان نقلتهما الانوار للقرون التالية لتكونا شعلئين 


. 1657- 1686 : أنظر الاعيال الكاملة  للجلد الرابع ص‎ )1١ 


الفصل الثالث 


من ثورة لأخرى(1776 -1789) 


٠‏ لقد وضع إعلان الاستقلال امبادىء التي وَجمهْت فيا بعد 
كل حركات التحرر » . 
س . فوهلن (صعلطه! .©) 


« إننا نعتبر هذه الحقائق بديهية بذاتها : أن كل الناس ولدوا متساوين » وأنَ 
خالقهم زودهم ببعض الحقوق التي لا يجوزانتصرف بها . ومن بينها : الحياة والحرية 
والبحث عن السعادة ؛ وأنّ الناس يُؤسسُون , لضمان هذه الحقوق , حكومات تنبثق 
سلطتها الحقة من رضى المحكومين ؛ وأنّه إذا قامت حكومة , مهما كان شكلها . 
بتجاهل هذه الغايات , فإن للشعب الحق بتغييرها أو بإلغائها وبتأسيس حكومة 
جديدة , يقيمها على مثل هذه المبادىء , وبنظم سلطاتها وفق الاشكال التي ستبدوله 
صالحة أكثر لضمان أمنه وسعادته » ٠.‏ 


بهذه العبارات التي تنم عن فلسفة سياسية رفيعة , إعتزم ممثلو سكان المستعمرات الانجليزية 
اللاث عشرة في أمريكا الشهالية ٠‏ المجتمعون في مؤتمر قاري . في4 تموز1776 . يفيلادلفيا , أن 
يبروا أمام الرأي العام في عالم محايد تمردهم ( الذي بدأ في نيسان1775 ) ٠‏ ضد حكومة الملك 
جورج الثالث . لقد تذرعوا » وحرصوا على أن يشيروا لذلك ؛ ليس بأسباب ‏ خفيفة وعابرة » ١‏ 
وإفاه بسلسلة طويلة من التجاوزات والاغتصابات » التي كانت تنجلى فيها الارادة بإضاع سكان 
المستعمرات «الحكم إستبدادي مطلق » . وعليه فقد نشروا وأعلنوا رسمياً أن المستعمرات المتحدة 
هي دول حرة ومستقلة . وها الح ني أن تكون كذلك . وأن كل رابطة سياسية مع الوطن الأصل قد 
خلت تماماده» ؛ وكانوا في ذلك مدعومين بالحقائق المعلنة صراحة » ومتخذين شاهدا على نواياهم 


(1) الثورة الامريكية : 
(1) انظر - كارل بيكر(8803:17 .©) « إعلان الاستقلال » - باريس 7#عهع5 -1967 وديدرو في د الأعيال 
الكاملة  »‏ منشورات عكغفظاى ! .1 ( بلربس بفدعدة) -1963 ( ص : 492-481 ) حيث نق رأ تحذيرا طريفاً من 
ديدرو للمتمردين . تحذيراً من ه الرجل الكبير» الذي « سيصبح مستبداً » بسبب بقاته مدة طويلة عل رأس أمور - 


5327 


المستقيمة الحاكم الأسمى للكون . 


إننا نرى . لدى قراءة هذا النص المشهور: بشكل جيد ؛ أنه يطالب لكل شعب بحق 
مزدوج : حق تغيي رشكل حكومته , وحق قطم الصلات ( ذات الطابع الاستعماري أوغيرها ) النني 
يمكن أن تربطه بشعب آخر : بحيث يشغل مكاناً ه منفصلاً ومساوياً » بين دول العالم . 


» يبدو أن تحرر المستعمرات المتمردة‎ » ١ وخخارج إطار هذا المدى العظيم بالنسبة للمستقبل‎ ١ 
المكرس بإعلان الاستقلال . أتى خصيصاً , ني نفس تلك اللحظة ؛ ليجلب للنفوس الاوروبية‎ 
التي بلغت الانوار فيها ذروة التخمر تحقيقاً للفلسفة من خلال الحدث . فهاهم الإمريكيون . أناس‎ 
الطبيعة » كا كان الكثير يتخيلهم , يقطعون صلتهم بالملكية الانجليزية بة التي تجمدتكثيراً ( ولا‎ 
سما من قبل مونتسكيو ) والتي كان طغيانها ينفضح ؛ ويقيمون على أساس الرضى المتبادل فقط‎ 
جمهورية . جمهورية كونفدرالية كبيرة . وهكذا كتب ديدرو بحماس : « . . . هل يمكن للثورة التي‎ 
حدثت فيا ورأء ابحار . بإعطائها لكل سكان أورويا ملجأ ضد التعصب والطغيان  أن ملم‎ 
أولتك الذين يحكمون البشر دروساً حول الاستعهال الشرعي لسلطتهم » . أما حماس كوندورسيه‎ 
) فتجل , في1786 ؛ بإهدائه الى لافاييت(116ء بره ه) ( الذي سيصبح في المستقبل بطل العالَينْ‎ 
0 كتيباً بعنوان : تأثير الثورة الامر يكية على أور و باعسوة6صة'0 موأاسله/26 هاعف مممعلاهمة”‎ 
(©مه؟نا8'! ىناه . وسيبدي كوندورسيه , فيا بعد , وهو بصدد تلخيصه لتاريخ تقدم الفكر‎ 
الذي كان يراه » في المقام الأول » في تقدم الفلسفة . إعجابه بالامريكيين , إنجليز ما‎ ٠ البشري‎ 
وراء البحار » لأنهم عرفوا « رما افضل من الاوروبيين : الحقوق المستقاة من الطبيعة » والتي هي‎ 
وبالضبط نفس الحقوق التي يتمتع بها إنجليز إنجلترة ( وهي الحقوق المشتركة , كما سيلح , لكل‎ 
١ أفراد الجنس البشري ) . وسيُذّكر . بانفعال , باللحظة الكبيرة لهذا التحرر من النير البريطاتي‎ 
: حيث شوهد حينذاك . للمرة الاولى‎ 


د شعب كبير وهو يتخلص من قيوده , ويعطي نفسه بهدوء الدستور والقوانين 
التي كان يعتقد بأنها الاكثر جدارة بصنم سعادته . ونظراً لان وضعه الجغرانيٍ وحالته 
السياسية القديمة كانت تجبره على تشكيل جمهورية امحادية ١‏ فقد رأبناء يضر في 
داخلها . في آن واحد , ثلاثة عشر دستوراً جمهورياً تقوم على أساس اعتراف رسمي 
بالحقوق الطبيعية للانسان » وتتخذ كموضوع أول ها حفظ هذه الحقرق » . 

لقد إرتبطت بهذا التحرر بعض الأسماءالني تُذَكُر في آن واحد بالفكر والعمل المقترنين يبعض 
من أجل النصر . إنها بالمقام الأول . أسماء جيفرسون(1©7500) وفراتكلين(دنلطمهم) » هذان 
الامريكيان الشهيران للابد ء وني ظلهها أسماء بين(عهندم) وبرايس(6) الانجليزيان من 


- الدولة . أومن « للواطن الذي سيصبح في يوم ما قوياً لحد يجمله يملم بالطغيان » . انظر أيضاً كوندورسيه في 
« للخطط الاجالي . . . . » الاعمال : 1847  1849-‏ للجلد السلدس _تعلفعمة عوضنائلم - باريس -1972 - 
ص :224 


528 


' إنجلترة » الْنُسيان نسبياً , واللذان يدين لما الاستقلال الامريكي بالكثير . 


إن توماس جيف رسون هو بلا جدال مؤ لف إعلان4 تموز1776 : فلقدٍ كتب مسودته » وقبل 
أن يقدمه « للمؤتمر ‏ (525ه00©) ضيه اس الل عون اا ع 0 وفرانكلين 
( وهذا الأخيرهو .على وجه الاحهال الذي استبدل تعبيرة الحقائو ثق المقدسة والتي لا تُنكر» الني 
ورد أصلاً في النص - والمبتذل الى حد ما - بتعبير و الحقائق البديهية بذاتها » الذي يعني أكدر 
بكثير» . وقد كان عل « المؤتمر» » رغبة منه في مراعاة جانب المواطنين الذين يملكون العبيد في 
كارولينا الجنوبية وجورجيا . أن يحذف فقرة طويلة وصفها جون أدامز بأنها و خطاب هجاء عنيف » 
ضد عبودية السود . 

إن الاعلان . عل حد قول جيفرسون نفسه . لم يكن يمترع شيئاً ٠‏ ولم يكن يعبر عن أي 
فكرة جديدة , ولم تُقَرّر أي من الافكار الواردة فيه . ويؤخذ بها إلا بعد مناقشتها عدة. أشهر أمام 
المؤتمر . لقد كان الأمر يتعلى فقط بإسباع هذا العام ذي الرأي المحايد الذي توجه اليه 
المتمردون . الحس المشترك في الموضوع . بعبارات واضحة بما فيه الكفاية , وذلك من أجل 
الحصول عل موافقته » . لقد كان جيفرسون يستند لتعاليم المؤلفات الابتدائية في القانون العام » 
كمؤ لفات أرسطو . وشيشرون ولوك وسيدني . وكان يكفيه , في الحقيقة , أن يذكر لوك 5 

أما بنجامين فرانكلين , فرانكلين الطيب . ه برجوازي أمريكا » ثم « مواطن العالم ؛ ع 
روي الو لوي ل يح مر الرمز الحن ( الحي جداً » 
الحي جيداً ) لأنوار القارة الفتية » والجمهورية الفتية . فقد انتخب في أيلول1726 , من قبل ' 
د للؤتمر » مع مندويَينْ آخرين , لتمثيله لدى بلاطا فرنسا ( الذي كان من للهم كسبه لجانب القضية 
الامريكية ضد إنجلترة ) . وقد وطأت قدمله أرض الفلاسفة في كانون الأول . فقام سريعاً ه بغزو» 
باريس . وهو في سن السبعين ٠‏ وأصبح فيها البطريرك . لقد ظهر . على حد قول كاتب سيرته 
برنارد فلي([12 .8) « بالمالة لأزدوجة للحكيم العاقل مثل السيد فولتير » ولطفل الطبيعة مثل السيد 
روسوء . وكان يصفته عالاً( فهو مخترع الواقعية من الصواعق ! ) ومهيا بحضور جلسات أكادمية 
العلوم بانتظام . موضع تقدير العلياء . كبا كان بصفته ماسونياً مهياً في محفل فيلادلفيا . وكأنه في 
بيته في المحافل الفرنسية . لقد كان العالّم الأكثر بريقاً يبحث عنه : إنه عالم لاروثموكوهة 
نسدد عطعم ونويل (تعلتقده01) وبر وكل (عفلههم8) وللركيز الشاب لافاييت الذي حرق . 
للذهاب للقتال من أجل الاميركيين . كبا فتحت له صالونات السيدات ( ومنهن السيدة دي 
دوفون )(لمصدتك<1 دف مجتة0) حيث يوجد الكثير الذي يمكن تعلمه » وحيث شُيِفتْ السيدات ‏ أو 

وعل إثر توقيع معاهدة التحالف الفرنسية ‏ الامريكية في بداية شباط1778 » إستقبل لويس 


الل يتبع كفرل يبكر - ( في للرجع السلبق ذكره _ ) مختقف مراحل كتابة نص اعلان الاستقلال وللصادر الفكرية هذا 
الس 3 مسحداً في ذلك لشهادة جيفرسون . 


السادس عشر في فرساي . في20 آذار . فرانكلين والمندوبِينَ الاخرين ه للمؤتمر » : « لقد زار إبن 
بائع الشمع [ ني بوسطن التي تحمل شعار الكرة الزرقاء ]حفيد لويس الرابع عشر». ( ب. فأي ). 
لكن تكريساً إكثر بهاءا وأكثر إتفاقاً مع روح القرن , إنتظره بعد ذلك بأيام قليلة : إنه تكريس 
الفلسفة نفسها ‏ أو بعبارة أخرى . الحزب الفلسفي ‏ في شخص «١‏ املك » فولتير . لقد كان 
المشهوران يحضران جلسة لأكاديمية العلوم . وتحت أنظار جمهور فضولي ومهتاج , يريد أن يراهما 
يقفان ليلتقيا ببعض , ويسليا على بعض . ويدخلا في حديث . . . . وأخيرا و يبلا بعض على 
الطريقة الفرنسية » ( حينذاك قيل . إزاء ما كان يُصاح به وما فعلاه : انه « كان ممتعا رؤ ية سولون 
وهو يقبل سوفوكليس » )02 . 

مع « بين »(1737 -1809) وبرايس(1723 -1791) هذان الانجليزيان من انجلترة اللذان 
ناصرا » رغم كل الاخطار , قضية المتمردين بمقالات مدوية ( سابقة لاعلان الاستقلال ) يتغير 
المشهد . 


لقد قيل عن مقالة د الحس المشترك ؛(عكدعة همده ه20 ) لتوماس بين , الموجهة و لسكان . 


أمريكا الشهالية » في كانون الثاني 1776 » أن ريشة للؤلف فيها كانت تساوي سيف جورج 
واشنطن . فقد كانت عبارة عن ثأر مدهش للصاحبي الغامض ٠‏ الذي لم ينجح في شيء في بلده 
الاصلٍ . فجاء ليبحث عن الحظ في فيلادلفيا » وهو مزود بتوصية من الدكتور فرانكلين ! 

لقد اعتزم ه بين » أن يدير النقاش في مسألة العلاقات بين المستعمرات ووطنها ‏ الام 
« المزعوم » حول مبادىء الحس المشغرك فقط . وطرح . بعبارات فظة » ولكن واضحة ٠‏ قضية 
التمييز بين المجتمع والحكومة . إن المجتمع بنتج عن حاجاتنا ١‏ بينا تننج الحكومة عن فسادنا . 
المجتمع يحمي والحكومة تعاقب . إنها ليست . حتى في كبا ها الأ ه شرا ضرورياً » » ودعامة 
ضرورية لعدم كفاية الاخخلاق . أمًا في حال عدم كيالا فإنها د شر لا يطاق » . إن حكومة بسيطة في 
هذا الصدد . هي أقل عيباً من حكومة مُرَكْبة : فكليا كان الثي بسيطاً , كلما كان أقل تعرضا 
للفساد . وكلما أمكن إصلاحه بسهولة . إذ فسّدَ . 

ويوبخ بين . حيتئلي الدستور الانجليزي المعقد بشكل مفرط . ويشن هجوماً عنيفاً عل 
الملكية والوراثة التي غطت إنجاترة والعالم بأسره ه بالدم ورفات الأموات » » ويستند لكلام الله 
ضد هذا الشكل من الحكم . الذي يثقله بلعنة سامية : « في كل الظروف ء تمثل الملكية بالنسبة 
للحكم ما تمثله البابوية بالنسبة للدين » 1 

لكن أساس المعضلة » ف كانون الثاني 1776 كان يكلمن في للصالحة أو في متابعة الحرب 
الأهلية بين سكان المستعمرات والوطن الام ؛ في الابقاء على الاتحاد أو في الانفصال ؛ في المحاسن 
وللساوىء الخاصة بكل حل . وهنا كانت ريشة بين تساوي سيف الجنرال . لقد رفض الؤلف كل 
المحاسن التي تذرع بها أنصار الصا حة . ونْنْدَ » بالعكس ٠‏ بالسيئة المرعبة للاتحاد . والمتمثلة بربط 





(1) أنظر » ير نلرد فلي (/8.54) د يتجامين فرانكلين »باريس لاع ! -#سعتصادة ‏ للجلد 2‏ صض161 وما يعدها . 


50 


أمريكا بحركة السياسة الانجليزية » وجعلها تدخل في خضم « المنازعات الاوروبية » . إلأ أن ها 
الآمر ( كما يبَشرٌ ) ليس من مبصلحتها , لأن التجارة , التي تعتبر أوروبا مقرا لها » ستكون دائم 
عبقريتها الواقية . وهذا ما يستبعد كل صلة خاصة بين الامريكيين وأي شعب من الشعوب 
الاوروبية . 


مذهب سليم وحجج لا يمكن دحضها ! هكذا حكم واشنطن نفه على « ال حس المشترك ) 
منذ صدوره . إن« بين » . سيبرز. من الآن فصاعداً » ككاتب مشهور , نذر نفسه لخدمة حقوق 
الانسان , من خلال الدفاع عن القضية الامريكية . التي كانت في نظره » من زوايا كثيرة » قضية 
« الجنس البشري » . 

وبعد حمس عشرة سنة » أي في عام 1791 حين كانت الثورة تجري في فرنسا » سيعتبر 
د بين » أن من واجبه أن « يكرر الجرم » 1 وهذا ما سيفعله بالوّلْف الشهير و حقوق الانسان » 
(مملة كه داطونه 556) الذي رد فيه عل « أفكار . . . »(كدهن40©) ء المؤلْف الذي لا يقل 
شهرة , للكاتب الايرلندي الكبير إدمون بيرك(ماءد8 .08 . لقد بُعِنْتْ لدى ه بطل التقدم » ( كها 
سيُوصف بين ) كل حماسة عام1776 10 . 

أمَا الدكتور برايس فلم يكن أقل غموضاً . في البداية » من مؤَلْف « الحسن المشترك » . 
لقد ظهرت د ملاحظانه حول طبيعة الحرية المدنية ‏ لأا 6ه عمههه عطا نمه كددننهجعه06) 
(بركتعنانا . في شباط1776 :. وقد عَرْفَ المؤلف باسم هذا القس الانجليكاني , في ضفتي المحيط 
الاطلسي . إنه رأس فلسفي ضليع كانت القضايا السياسية تشغله بعمق ؛ بغية إخضاعها 
لضرورات العقل ( دون الاضرار بالصدى التوراتي لبعض الجمل التي كان الؤلّف يَجّد فيها 
بالقضية الامريكية التي ستتتصر لصالح العالم بأسره ) . 

لقد كان قصده في هذه « الملاحظات » التي تبعتها . في عام1777 « ملاحظات إضافية » 
(كدهةاه/066 لهمه400) أن يتفحص مسألة استقلال المتمردين في ضوء لمبادىء العامة للحرية 
المدنية » ووفق ما يتطلبه « العقل والعدل وحقوق الانسانية  »‏ وليس أبداً من خلال الرجوع 
للسوابق ولمارسات الازمنة البائدة . وللأنظمة القانونية والشرّع الني منحتها إنجلترة 
للمستعمرات . ويعتبر برايس بأنه مثلما أن أي شعب لا يمكنه التخلي عن حريته الدينية » ويسمح 
لاي كان بأن يفرض عليه إهاناً أوعبادة » ويتنازل عن حقه بالحكم بنفسه فقط في مثل هذا الموضوع - 
فإن أي مجتمع سيامي لا يمكن أن يتخل بصفة شرعية عن حريته المدنية » ويتنازل لسلطة قضائر 
٠‏ الحقوق الطبيعة الانسانية التي لا يمكن التنازل عنها . إن هذه الحرية المدنية تشكل « حسنة لا يمكن 
(1) حول يبن أنظر : كونراي (21ه0©0) ٠‏ توماس بين والثورة في المُللين » ممنائطه/ ها كت ممنهم معمعدط 21 

(علهمته تناك مما تفل ترجه عن الانجليزية ف. راب 818882 .5) بلريس عم .1900 - أنظر أيضا > 


أريك فونر « توم بين وأمريكا الشررية » (هعتتعصط لامعدمناسفهت لمعه عصنذ هه ؟) نيويورك --1976 
جوع« .هلا 0:10 . 


5331 


لاي جيل أن يتخل عنها لجيل آخر . وأن أي شعب من حفه دائاً أن يستردها » إذا فُقِدَتْ » . 


إن ما يطالب به برايس هو الح بالتحرر لجميع الأمم الخاضعة « حالياً في العالم » . حالما 
يكون لديها القدرة عل ذلك . 
ويعبر هذا الانجليزي ببلاغة عن أسف مؤ لم بقوله : 
« أي سياسة حقيرة 1 أي مصيبة هي في أن تُقَادَ خكومة هكذا ! فلوكنا لم نتخل 

مطلقاً عن مبادئنا القديمة ؛ ولو كنا دعمنا وشجعنا أمريكا عل التفكير بالتجارة بدل 
اعتبارها بلدا ينبغي أن يحكم ؛ ؛ ولو كنا » كشعب ليبرالي وحكيم قد ابتهجنا لرؤ ية 
كثرة من الدول الحرة تضرع انطلاقاً ما » وتتمتع كلها بجمعيات مستقلة مشابهة 
لجمعياتنا . . . لكان بمقدور حرية أمريكا أن تحفظ حريتا » . 

إن وحدة التفكير مع « بين » مدهشة : الاشارة للتجارة , والحذر من الحكم بحد ذاته . 


إننا لن نفاجا لكون الدكتور برايس نفسه سبحي بدوره ثورة1789 » هذا الانتصار الجديد 
لحقوق الانسان . وبهنىء نفسه لأنه عاش بما فيه الكفاية ليرى هذه الحقوق « مفهومة بشكل أفضل 
من أي وقت مضى » . وآنه لمن المقيد أن نعرف أنه إذا كان « بين » قد رَدُ بكتابه الشهير حول 
حقوق الانسان » في1791 . عل بيرك الذي احتقر الثورة الفرنسية ( بالرغم من أنه تيد بشكل 
مدو في1774 و1775 مكان لمستعمرات الامريكيين الذين كانوا في حالة غضب ) فإن بيرك نفسه 
بكتلبته « لتأملاته . . » للقذعة . كان يرد على الدكتور برايس . على الدكتور برايس المتّاح 
للتحمس جداً لأحداث فرنسا . السعيد جداً . والفخور جداً لأنه استظاع أن يكون الشاهد عل 
عدة ثورات , ولأنه رأى وشاهد « أمبراظوزية لللوك تتحول الى أمبراط ورية للقوانين ١‏ 
وأمبراطورية الكهان تَحلٍ مكلها لامبراطورية الضمير والعقل » 0م . 


2 - الأمة - من مهلي الى سبياس 

لم د تريش افد امار كيه مط ع علق » وإنما كانت ضد الملك . لقد كانت ككون » 
بالقوة » كجماعة مستقلة وكجمهورية . إنه مثال محزن . بوجهين ! ولكن . ف النهاية » ألم يقم 
هذا الوطن الأم » » أي انجلترة » متذ عهد قريب . بقطع رأس ملكه : لقد كان هذا الأمر أشد 
خطورة من تجرد الانفصال عنه ٠»‏ ومن إثقاله حقيقة » بالانتقادات . 


إن شيثاً من كل هذا لا يمكن بالتأكيد أن يحدث في فرنسا » لملكية بعمق . والتي يعتبر فيها 
(0) سيجد القارىء في للجلد الثالث من هذا لولف . وعند الحديث عن الثورة الفرنية , التحليلات لللاتمة لكل 
من بيرك وبين وبرايس . 


(1) حول برايس أنظر -ه. لابوشكس « ريتشارد براهس مُنَطلَر الثورة الامريكية مها عف معفةعمغط عمذب! لمصطعف9) 
( تفع تااعة حذاتط 74 - باريس تا -1970 - ص : 131 و215 و217 -,221 - 


532 


التطابن بين الأمة والدولة ( غطاؤ ها القانوني ) وبين شخص الملك » ومنل أمد بعيد مبدا لا جدال 
فيه : هكذا كان المتمائلون يفكرون . لكنه كان من المفاجىء أن لا يوضم هذا المبدأ أيضا موضع , 
التسلؤ ل مع بقية المعتقدات الارئوذكسية التي رُعَزِعَت في زمن الازمة . وفي الواقع ٠‏ فإن المراقيين 
الجيدين اكتشفوا , بمقدار ما كان القرن يتقدم . بذور الانفصال الذي كان نذيرا غيفاً بالنسبة 

ففي « جريدة #(نعدععمل الماركيز دارجنسون(00:معوءة'3) المدهش ٠»‏ بتاريخ 26 حرّيران 
4 »ء نقرأ : « أن الآراء القومية تتتصر , ويمكن أن تقود بعيداً . إن من الملاحظ أن أسماء الأمة . 
والدولة لم نكن تتردد في أي وقت مضى مثلما تتردد اليوم . إن هذين الاسمين لم يكونا يُلفظا مطلقاً 
في عهد لويس الرابع عشر . ولم يكن هناك حتى فكرة عنهما » . وقد اعتقد المركيز أن بإمكانه أن 
يؤكد . ضمن هذا السياق . أن الفرنسيين ‏ في أي وقت مضى » لم يكونوا مثل هذا الاطلاع عل 
« حقوق الأمة والحرية » . 

لقد أخطا المتفائلون . هذا ما يعلنه بشكل ساطع الصوت الاعلى مكانة » صوت « السيد ؛ 
نفسه ٠»‏ المستدرج لانخاذ موف رسمي ضد إدعاءات البرلمانات ؛ وذلك أثناء الجلسة المشهورة 
لبرلمان باريس ١‏ في 3 أذار1766 2 ( المأة بجلة « الخَلدِ»» : لقد صاح لويس الخامس عشر 
قائلاً :ه كما لو كان مسموحا نسيان . . . 

د أن في شخصي فقط تكمن القوة السيدة . . . ون مني وحدي نستمد محاكمي 
وجودها وسلطتها . . . وأنّ لي وحدي تعود السلطة التشريعية بدون خضوع ولا 
تقسيم . . وأنّ النظام العام بأسره ينبئق مني وأن حقوق ومصالح الأمة . التي يتجرأ 
البعض على أنْ يمَلوا منها جسر] منفصلاً عن الملك . هي بالضرورة متحدة مع حقوقي 
ومصالحي . وأنها لا ترتاح إلا بين يَدَيْ 06 . 

لقد كان الأمر يتجل في هذا : أن هناك مْنْ كان يمرؤ على جعل الامة جسياً منفصلاً عن 
الملك ؛ مَنْ كان يجرؤ على تنصيب حقوق الأمة فى وجه القوة السيدة للملوك . لقد كان هناك ما هو 
أكثر. من الانفصال . لقد كانت هناك معارضة 0 : 
وقد عبر عن هذا الاتاه ما بل , المثمر . وذلك بانتظار قدوم سيياس 9 , 


أ مابلٍ(/ا1ط02 (1709 -1785) 
كان الاب غابرييل بونّو دو مابل (نزاطهة8 عل 5046هم8 695616) شقيق كونديياك(عهلانكهه0©) 





(1) « أنظر - « الفكر السيامي : من الأصول الى آياضنا الحالية » 005 8 ومهتهاءت دعل ,مدونانادم عمعصعم ه0) 
(تكتيدط ( ج. أمبر. ه. موريل , ر. ج. دوبوي  )‏ ص : 233 

(9 إننا نعرف كيف كان دبدرو ينحدث عن « الأمة ؛ ( لكاترين ولقراء الموسوعة أيضا ) . وكيف كان روسو يمجد 
د المؤ سسات القرمية »'. 


2333 


١ 
١ 


شهرة مؤلّف « العقد . . » . ومع ذلك فإن هذا هوما كان حاصلاً بالفمل . لقد طَوْرَ هذا 
الشخص » الذي كان يُوصّف « بالحكيم » وه النزيه »وه الفاضل » ٠‏ , ب سهل وواضح 
وبحماسة مقنعة » فكراً سياسياً قابلاً للفهم أكثر من فكر الجنيفي الكبير . 
لقد أنْفَ كتابه حول « حقوق و واجيات المواطن )(معلامات ناك 5ن0670 ام 15أ005) منذ 
عام1758 . لكنه لم يظهر إل في عام1789 . ما « محادثات فوسيون حول علاقة الأخلاق 
بالسياسة (مدونانادم ها عل ا علهعهم ها عل )مجه ع1 عند مدعوط عل ممعناء م80 ) نظهرت في 
عام 1763 . ثم صدرت له « ملاحظات حول تاريخ فرنسا ‏ الجزء الأول » ناد كموتلةع005) 
(عناتهم ممغنصمعط-ععصة ها عل عمنه:115! "1 في عام 1765 ( أما د تتمة (16ذنا5) هذه الملاحظات 
التي اعتبرها مابلي « وصيته » فظهرت في 1788 ؛ بعد وفاته ) وصدر ه في التشريع أو أسس 
القرانين ) (5امآ وعل وعراعمع2 ناه ومتتهلونع»! ها ء0) فى1776 » ود ملاحظات حول حكومة 
وقوانين الولايات المتحدة الامر يكيةي 65ل وزهل كعل ء امع صع مك لتنامع عأ عند كممتاة ع5 0) 
(عنو عم ة'ل وعزوناءولماع في1783 . 


حقوق الأمة : 
فتح مابلٍ مدا ني «.ملاحظانه . . » الججدل القديم حول الاسس التاريخفية للملكية 
الفرنسية » وحول أصول الحرية « القديمة » » الحرية د القومية » . وبالرغم من عدم إنكاره 
للجذور الارستقراطية ٠‏ العزيزة عل بولانقيليبه ومونتسكيو . هذه الحرية » وموافقته على أن أباءنا 
كانوا و قد جلبوا من جرمانيا الحكم الأكثر حرية الذي يمكن أن يكون لدى البشرء فقد اعتزم أن 
يستخلص جذوراً ديمقراطية عميقة أيضاً , وآن يبرهن , بشكل لا يدحض . على الحقوق القديمة 
للامة في وجه ملوكها . 
وهكذا يجعل من شارمان ( الذي سبق لبولانفيلبيه أن امتدحه بقوة ) ديْمقراطياً من نوع ما ء 
ومقتنعا « بحقوق الشعب غير القابلة للتقادم » ؛ فهو الذي دعا و لميدان أيار» النواب وبننفس الوقت 
مثلٍ الاكليروس والنيلاء . وعبثاً كان الامبراطور الكبير يقول في أوامره : نحن نريد , نحن نأمر » 
نحن نقود . لان الامة » بواسطة فمه . هي التي كانت تريد وتأمر وتقود . ففي جسم الأمةركانت 
تكمن القوة التشريعية ؛ والقانون لم يكن شيا آخر غير إرادة الامة ب المنشورة باسم السيد . إن 
المبادىء التي جُلبت من جرمانيا كانت تهد تكريسها في هذا الاعتراف بالحق القومي والشعبي . 
إل أنّ الحرية الديمقراطية لم تب . للاسف » بعد شارلمان ( الذي لم يعرف , بالحقيقة ٠‏ 
كيف يجعل حكمه راسخاً باعطائه «لميدان أيار» أشكالاً ثابتة ودائمة ) . لقد كان لدى فرنسا ٠‏ 
بعده , وبلا شك » « المجالس العامة »(«سدعومع 5:هاظ وم1) التي جمعها فيليب الجميل بجرأة ٠‏ 
لكنها , في عهد هذا املك وعهود خلفائه . كانت تخدم كثيراً السلطة التعسفية . ومع ذلك » فإنها 
كما يجب عل الأقل أن تكون . كانت تمثلٍ الضمانة الوحيدة للحرية ولاحترام القوانين . أما القوانين 
الأساسية المزعومة فإنها لم تكن تُعطي إل حماية وهمية . لد كان برمان باريس تيبا للأمال » أما 


5334 


تطلعاته لتقاسم السلطة التشريعية مع الملك فقد فشلت ( وكان الرأي الغام يعتبره » مع ذلك . 
« كلوح النجاة بعد غرق السفينة ؛ ٠‏ وبنسى أنه كان بحد ذاته أحد الأسباب الرئيسية لهذا 
الغرق ) ؛ وهذا كان على المجالس العامة أن تجدد . وذلك عل أمل أن تكون الأمة التتعشة قادرة 
على الافادة منها . 

ويتحمر مابلي قائلاً : « ولكن كيف نامل بأنْ يأتي شارلمان جديذ من بيننا ؟. هنا نتبين 
تشلؤمية هذا الاخلاقي المثبط الهمة بسبب انحطاط الأخلاق . والذي يريد أن يمد , في فرنسي 
عصره . ليس أناساً « مُسَيرين آلياً » » وإنما مواطنين مهتمين بالشيء العام ؛ مواطنين من النمط 
القديم مثلما كان يشعر هو بنفسه أنه أخلاقي من النمط القديم » وجمهوري من النمط 
القديمن» . لقد كان مابلٍ يجاهر بنوع من التعبد الحقيقي لافلاطون . وف أحد الايام . كما 
يذكر مر من فرط الخجل لأنّه قُورن بم ولف « الجمهورية » ( قائلاً : و وضدٌ صغير مثلي 
أنال»). 

لقد حلم مابلٍ . مقتفياً في ذلك أثر هذا الانسان الكبير. بشيوعية الأموال.. وبإقامة 
جمهورية , في جزيرة مهجورة في السماء الصافية . يكون فيها « الجميع متساوين وأحرار 
وإخوة » . ويكون القانون الأول فيها عدم امتلاك شيء بشكل خاص . إننا نعلم أن مابلي بمده ١‏ 
مثل توماس مور وكمبانيلا . هذه الشيوعية للجميع كان يتجاوز أفلاطون : إن طوباويته الخاصة ١‏ 
أو حلمه « بالعصر الذهبي » . يقوم إذن عل الساواة بشكل واسع . وعندما يعود الى العالم 
الواقعي » يستغيث بارع القوي ( الله ) من الطمع والبخل - هانان الشهوتان اللتان يوقفهم| العقل 
عند حدههما . وه وكيا نرى , يلتحق في هذا الصدد أيضاً بأفلاطون ؛ ولكن بأفلاطون 
« القوانين » . إنه ٠‏ بصفة عامة . يلتحق بالقدماء » بمعنى أن المسألة بالنسبة له ليست في الحد من 
تدخل الدولة في شؤ ون الأفراد . وذلك باسم الحرية . وإنما . بالعكس . في اعتقاده ٠‏ بأنه يجب 
انتظار كل شيء من الشرّع الذكي الذي درس نظرات الطبيعة . ففي ا خير العام يجب أن يبحث الفرد 
عن سعادته الخاصة . 

لكن مابلٍ » » مثل روسو ومثل العديد من المفكرين السياسيين ني ذلك القرن » المتأثرين 
بدقة بمثال القدماء » لم يكن يعتقد بأن تشريعاً جيداً يمكن أن يطبق في دولة كييرة : إن قوى الحكومة 
تسترخي فيها كثيراً , في حين أن ه كل شيء يمكن أن يكون عصباً وقرةٌ وعملاً في الجمهورية 
الصغيرة )© . 


وا ووم ره موق ٠‏ لفرنسا ( الأكثر سكاناً في أوروبا 
)1( حول ه مشاعية الأموال والماولة  »‏ أنظر و حفوق وواجبات ؛ - المجموعة الكاملة ‏ للجلد 1 - ل :/379 -384 
حول «١‏ النشريع » أنظر - للمجلد9 ص :383-379 ص : 43 وما بعدها . 


(2) أنظر - « ملاحظات . . . »- في المجموعة الكاملة ‏ « الاعهال  »‏ باريس . العام الثالث للشورة 1794 -1795 - 
للجلد :1 ر2 و3 . 


ددد 


أ 


في ذلك العصر ) ؟. إن الشكل الملكي يفرض نفسه نظراً لاستبعاد الشكل الجمهوري » بالعنى 
الدقيق للكلمة . ولكن أي شكل ؟. إن مابلٍ برفض إغراء الاستبدادية المستنيرة في مظهرها 
الفيزيوقراطي الغريب الْسَمى بالاستبدادية « الشرعية » . فهو يوجه لها نفس الاعتراض الذي 
وجهه روسو : إنها » كما يقول . تفترض ١‏ السيطرة المطلقة للعقل على المستبد » . إن صيغة 
أصيلة . هي صيغة الملكية الجمهورية تبدو له أنها تقدم الحل الصحيح للمعضلة الشائكةه. ولكن 
ماذا يعني بالضبط بهذا التحالف الجريء بين الكلمات ؟ 

إن الملكية . على حد قوله » تصبح , بلا شك , عيباً ضرورياً في أمة ما , منذ اللحظة التي 
تفقد فيها الأفكار البدائية حول البساطة والمساواة التي كانت تمتلكها في الماضي » والتي أصبحت غير 
قادرة على استعادتها . إن أسرة متميزة.» تشغل بلا منازع المكان الأول في الدولة » ستضع هذ 
الاخيرة بمناى عن الفتن والدسائس التي تنتهن حما بالاستبدادية . إن الاعتدال البرجوازي , الذي 
هو روح الحرية:ودعامتها . لا يمكن امتلاكه في الأمم الغنية والقوية وذات المساحة الكبيرة : إن ما 
هو صالح في سويسرا يكف عن أن يكون كذلك :في فرنسا أو إنجلترة أو السويد . 

لَكِنّ من الْسَلْم به أن ملكا , يُنظر اليه باعتباره الشر الاقل » يب أن يكون ملكا أقل ما 
يمكن . وأنّ ملكية كهذه يجب أن تشابه الجمهورية الى أقصى حد . إن السويديين . كبا يلاحظ 
مابلي , « فكروا بحكمة شديدة عندما أرادوا أن يكون لدهم ملك من نوع ما بمنع قيام ملك 
حقيقي من بينهم »2 . 

إن السويديين هم الذين يقترحهم مؤلفنا كمثال , وليس الانجليز . إنه بعيد عن أن يُشاطر 
مونتسكيو حماسه للدستور الانجليزي . فهو يأخعذ عل هذا الدستور تركه مكاناً مفرطاً للامتيازات 
الملكية » أو بعبارة أخرى ٠‏ للسلطة التنفيذتية , على حساب السلطة التشريعية التي يجب دائم) أذ 
تكون روح الدولة . ويرفض مابلي التوازن المزعوم بين القرى . ولا يرى في بلد لوك إلا مشرق: 
حرية » وليس الحرية . إننا نكتشف هنا وجود هلع حقيقي شديد من السلطة التنفيذية . إن انمحاء 
هذا العضو التابع لم يكن أبداً كاملاً ما فيه الكغاية , بنظر مابل . لقد ذهب حد كتابة أن كل مُشرع 
يجب أن ينطلق من مبدأ أن القوة المنفذة كانت وهي وستكو ن دائ] عدوة القوة المشرّعة . إنه لا يوافق 
عل أن يكون بإمكان السلطة « الخادمة » أنْ تمل عمل السلطة « السيدة » ( الأمر الذي يبعده عن 
مونتسكيو دون أن يقرّبه حقيقة من روسو )0 . 

ويطلب مابلي . لاسباب عملية أكثر مما هي ما ورائية » أن يكون للأمة مُشَرّعها الخاص ٠‏ 
لكنه لا يستبعد صراحة التشريع المباشر بواسطة جمعية تضم كل المواطنين . إلا أنه لا بتصور أن تُسنَدَ 
لجمهور سلطة بمثل جلال السلطة التشريعية ( روح الدولة,! ) ؛ سلطة تتطلب بالضرورة الكثيرمن 
التفكير » ومن تركيز الذهن . وبتساءل » أي مكبح سيبقى للدولة ؟ إن هذا المتحمس لاسبارطة ع 


(1) حول مابل والفيزيوقراطوين أنظر : « شكوك مُقترحة عل الفلاسفة الاقتصاديين حول النظام الطبيمي والأسامي 
للمجتمعات السياسية » -1768 في ٠‏ المجموعة الكاملة ‏ المجلد 11 


536 


ولُشرّعها ليكيرغ ( الذي يجعله يقول : « لو كنت ولدت في اسبارطة لشعرت بأني قد أكون شيئا 
ماء ) يقدح , بطيب خاطر ٠‏ أثيناء » نموذج الديمقراطية المتقلبة الأطوار » الخفيفة ٠ ٠‏ المتلونة 
والطغيانية ٠‏ المستعدة دائئاً لآن تُسَلْم نفسها للمتآمرين . ألم برهن التجربة الاثينية على أن الساحة 
العامة يمكن أن تأتي د بمراسيم ظالمة ولا معقولة مثل مراسيم الديوان » ؟ لقد كان مابلٍ مقتنعاً بان 
الآمة السيدة لا تستطيع التصرف بشكل ملائم إلا بواسطة مثلين متتخيين . ويكون هؤلاء الممثلون 
مكبوحين , وحتوين في مجادلاتهم ٠‏ ومضطرين للحذر نظراً لان جسم الامة , الشعب » أو بعبارة 
أخرى مُوكُليهم يلاحظونهم كمراقبين شاغين , ويمكنهم أن يعزلونهم يسوي باطلة 
إذا انتهكوا القواعد الثابتة » وستنبههم صرخة الامة الى أنهم خانوا واجبهم © 

عمثلون منتخبون . اللو الدع بيهو مكف ولبلا 
لاعطاء حى الاقتراع للجمهور لتوصيرن .+ ارال الاكين .+ للنالطاق باسانة و ونال سما 
الجمهورية » ويرى أن من المهم استبعاد الحرفيين من كل مشاركة في امحياة العامة . لان عملهم يحط 
من قدرهم ويُبقيهم ني الجهل . إن الجمهورية لا يمكنها أن تستغني عنهم . لكنه يكفيها أن تكون 
مفعمة بالانسانية تجاههم » ود أن تحكمهم بدون أن تحتقرهم » ( لتتذكر هنا الدولة المثالية 
لأرسطو )«ه . 


إن مابلي ٠‏ بعودته للملكية الفرنسية , يكتفي من جهة أخرى . وكما رأبناه » بتمني تهديد 
المجالس العامة : لتَسْتعِدٍ الآمة الحق أن تتجمع , ٠‏ ود ستُنتشل من العدم » . ويذهب ( ف مرحلة 
ثانية ) الى ما هو أبعد من مشروع الحرية الذي يتمتع به الانجليز . بقوله إنه سيكفي أن تقوم سلطة 
المجالس العامة بسرعة كافية » ولو بدون عنف . بالتقدم الضروري . وأن يفي البرلمان حقيقة 
« بواجباته تجاه الآمة . وأن تفط بقية الحقوق والامتيازات والمزايا التي كانت أي هيثة أو مفاطعة 
لوو وو سن ل لصي ا 0 . ( ولكن ليكن مفهوماً جيداً 
أنْ هذه الهيئات , بنضاها من أجل حقوقها » » تناضل من أجل الأمة بأمرها . وذلك دون أن تفصل 
مطلقاً مصالحها الخاصة عن المصالح العامة ) . 


وهكذا نصل , شيئاً فشيثاً . وبدون أن سرع اللثية بلا حذر ‏ الى مشارف الملكية 
الجمهررية . 


(0) ستقارن هله العبارات بالمخلوف التي سيُعبر عنها مابلٍ ني رسالته الى ج . أدامز , المؤ رخة ف 24 تموز1783 
( ملاحظات . . . حول الولابات المنحدة الامريكية ) . فبعد أن بهنىء اللجمهرربات الثلاث عشرة لكونها استقت 
أسس حكومتها من ١‏ الفلسفة الأكثر حكمة » . يضيف قاتلا : و نعم ٠ ٠‏ إن الديمقراطية يجب أن يُستخدم كأساس 
لكل حكم بريد أن يمني أفضل فائدة ممكنة من المواطنين » ٠.‏ لكن هذه الديمقراطية « يحب أن تُدَارَ ونش ويُقام 
بأكبر قدر ممكن من الحذر » . لأنّ الجمهرر ‏ المنحط»؛ بسبب مشاغله وحاجاته ليس لديه « الوسائل ولا الوقت 
اللازم للارتفاع بواسطة نأملاته لمستوى أسس السياسة الحكيمة 6 ( المجلد الثلمن ص :352-351-340 )000 . 


(1) أنظر » الفكر السيامي . . . للرجم السابن ص :273-272 
22 حول التمثيل الضروري - أنظره في النشريع ‏ المجلد9 ص : 288 وما بعدها . 


537 


وها هوم ولف د حقوق وواجبات المواطن ؛ الني ما تجدر ملاحظته ( لتُذَكر بذلك ) لها 
نشرت في عام1789 ٠‏ بينا كانت قد أُلْفَّت في عام 1758 وقد شد د بنامه السيامي الصغير . . . 
الذي حُجِبْ اليوم عنا ببناء منافسَيْه الكبيرين ( مونتسكيو وروسو) , ولكن الذي عرفه وزاره 
معاصر وه بشكل ظاهر . وتصوروا » من خخلاله . الى حد كبير ٠.‏ دستورهم الثالي »0 . 
: ومع ذلك . فكيف لا نشير» قبل أن نترك مابلي ١‏ وأ لا نتجنب أساس المعضلة ( التي 
حَلْها روسو فقط بفضل أسطورة الارادة العامة ) إلى أن هذا الَولّمَ بالمشروع من النمط القديم . 
وبالسلطة التشريعية بالعنى الحديث . كان جد , بنفس المقدار » أيضا . « بعض الحقوق » 
المستقاة من الطبيعة » الشخصية بالنسبة لكل واحد , الملتصقة بكل فرد , والتي لا يمكن لأي 
شخص أن يتنازل عنها . ولا يمكن إذن لأى قانون بشري أن يحرم أي شخص منها ‏ ولكن دون أن 
يبدو من هذا أنه تصور إمكانية انتهاك المشرّع أو السلطة التشريعية نفسها لهذه الحقوق ١‏ الطبيعية » 
غير القابلة للتتازل » , ود غير القابلة للتقادم » . وهي إمكانية خطيرة » بشكل خاص . كانت 
( وستكون دائياً ) من طبيعة الأشياء » والتي للحيلولة دون حدوثها هناك دائما مال لتوقع وتنظيم 
العقبات الأكثر فعالية : إنها مهمة شاقة » مهمة حساسة , ولكن كم هي ضرورية ! 
ب سبياس (5غتز»ذ5) (1748 -1836) 
٠‏ ني اللحظة الني تلص فيها عقلي وهر سالم من الأحكام 
المسبقة الحزينة التي كان محاطاً بها . دخلت طاقة الاتفاضة 
قلي » . 
( سيياس ) 


« من كل رجال السياسة الفرنسيين يعتبر الأب سبياس » 
بلاشك , الرحيد الذي تنمت مفاهيمه الب الجديرة 


بالمذاهب الفلسفية الكبرى » ٠‏ 
ب . باستيد (للقاععطظا .8) 


كان مؤلّف الكتاب الشهير د ما هي الطبقة الثالشة ؟ ع (نهاع-وعة1 ما من مه اكع :1©) 
صاحب عقل ذي شمولية ودقة من نوع آخر . كها كان غريباً عن تفسيرات مابلٍ للتاربخ القومي ٠‏ 
وكذلك عن مفهرمه للمواطن من النمط القديم وعن أحلامه الاجتاعية . فمئذ الكراسات الثلاثة 
التي سينشرها . مغفلة من إسم المؤلّف . على دفعات . من تشرين الثاني 1788 الى كانون الثاني 
9 ( وهي : « محاولة حول الامتيازات :(10112805م 5ع! ءناة نهو85) ود نظرات حول وسائل 
النتفيذ الني يمكن أن تكون نحت تصرف مثلي فرنسا في 1789 » ومعتزدط دعا عند 5عنالا) 
«1789 وء ععكوم5 تل أممسناوم معو ها عل كامقامعو6ءدء: 5عا 0001 موناناءةيرء'0 رد ماهي 
الطبقة الثالثة ؟ ؛ ) بدا سبياس ممتلكاً بشكل كامل للاتجاهات المهيمنة على مذهبه الذي ما زال في 


353 » و حقوق وواجبات » . . . . ص‎ )١!( 


5338 


طريق النمو . وهذه الاتجاهات تُستخلص من خلال هذه العروض النقدية الني كَرْسَ المؤلف بها 
ساراس يو ابي بان عد . إنها أولاً الفكرة الفردية لحقوق الانسان ١‏ وثانياً فكرة 

التمثيل السيامي وأخيراً » وخاصة . إلفكرة التي تكمل بشكل ما الفكرتين السابقتين » فكرة 
ل يي ل لس سي للا لف مده : 


لقد استمد سبياس من لوك بشكل أسامي فكرة حقوق الانسان , الأساسية . وهذا يعني أن 
المجتمع السياسي في نظره ليس له سبب آخر للوجود إلا ضهان الحقوق ق الفردية الملازمة لصفة 
الانسان . والسابقة للتنظيم الاجتاعي ٠‏ » والاعل منه ؛ وذلك بالرغم م احتال تحديدها . وقد 
وجد في المطالب الثلائية الفيزيوقراطية : حرية ؛ ملكية ٠‏ أمن إثبانا بليغا لهذه الفكرة . إن هذه 
الحقوق الطبيعية تستبعد الاميازات , التي هي ٠‏ اختراع مسكين » يتشاجر فيه العبث مع الضرر : 
ألم تقرر الطبيعة أن لا توزع السعادة عل البشر إلا على أساس المساواة » ؟ إن هناك تفوقاً واحداً 
مقبولاً » لآنّه يرتبط بالوظائف : إنه التفوق الذي يفترض وجود حكام ومحكومين - وهذا التسلسل 
هو الحقيقي في مواجهة كل التسلسلات المزيفة ! 

ويتبع هذا أن الحرية لا يمكن أن يوس إلا عل الحقوق العائدة للجميع . وهنا يعارض 
سيياس مونتسكيو جهاراً : فإذا كان هذا الانسان الكبير قد رأى في التميبز بين السلطات الضمانة 
الرئيسية للحرية السياسية ٠‏ فإنه بي صديقاً للامتبازات أكثر مما هو لحقوق الانسان ( ليس هناك 
شيء أكشر غرابة عل سبياس من الحرية الْسَمّاة بالارستقراطية ) . أما فيا يتعلى « بالنظام 
الانجليزي الجميل » المزعوم . الذي وجدّ ه في الغابات » والذي يحابي ع ؛ بشكل فاضح ١‏ السلطة 
التنفيذية والامتيازات ٠‏ فإن مؤّلّف « الطبقة الثالثة » ٠‏ يرفض .ء تماماً مثل مابلٍ » أن يُعجب به . 
إن مثل هذا التتاج لصدف التاريخ . المعقد بشكل لا عقلاني وغير مفيد . لا يمكن أن يبد حظوة في 
نظر من سيُوصف يبديكارت السياسة . 

لان سبياس » مثل ديكارت , يحتقر التاريخ ويعتزم أن لا يستعين إلا بالعقل , الموجود في كل 
الازنة ؛ وأن لا يني لأ وفق قوانين المنطق النظام الججديد للأشياء . ويكتب سيياس في 
« النظرات . .. » ساخراً : « إن كثيرين سيعتقدون أن عليهم البحث في القرون البربرية عن 
قوانينَ للامم المتمدنة » . إن الشرود في ما يسميه ‏ هل كان يستهدف مابلٍ ؟- البحث ه « المشكوك 
فيه » عن الم سسات والأخطاء القديمة ليس من شأنه . أنه لا يقبل بأن يبحث لدى اللجرمان القدماء 
أو لدى متوحشي اوتاهيتي عن نماذج : كها إنه لم يعد بالامكان الظهور بمظهر المتأثر أكثر بالاطروحة 
المسمّاة « بالجرمانية » ؛ إِنْ الاصل الفرنجي المزعوم لطبقة النبلاء الفرنسيين يوحي له بهذا التهكم 
الانتقامي : لماذا لا تعيد الجها هير المحر ومة من الامتيازات الى غابات ٠‏ يلاد الفرنجة » كل هذه الأسر 
المتعجرفة ذات الادعاء المجنون بأنها تنحدر من عرق الفاتحين , وترث بالتالي حقوقهم :2ه ؟ 





(1) أنظر : ب. باستيد : « سبياس وفكره » الطبعة الثانية ‏ بلربس -©11عطعد!1! 19702 
2 حول الامنبازات أنظر باستيد - ص : 346 وما بعدها . حول تأثير لوك ص : 298 وما بعدها . حول تأثير - 


239 


أمًا فبا يتعلق بفكرة التمثيل السيامي ٠‏ فإنها تعتبر أساسية لدى سيياس ٠‏ كبا لدى مابلٍ . إن 
الارادة العامة السيدة ( التي كان روسو بطلب أن يعبر عنها الشعب كجسم » مباشرة ) تتحول . في 
نظامه . إلى إرادة للامة يعبر عنها حصراً ممغلون . إن سيياس يعتبر , هو أيضاً » أن جاهير 
الفرنسيين ينقصها الكثير من الثقافة ووقت الفراغ لتقوم بالتصويت مباشرة على القوانين . 
لكن سبياس يطالب بممثلين حقيقيين . وليس « بمجرد حاملي أصوات » نعاضعين لوكالة 
آمرة ء ومقيدين من قبل موكليهم . إن الجسم الانتخابي يُعطي وكالة لنوابه ليقرروا بصفة مشتركة 
بعد النداول والمناقشة. : إن قراراتهم هي تجسيد لإرادة مشتركة تمثيلية ( وسيشير ب . باستيد ١‏ 
معلقاً : « إنها الإرادة المشتركة التي نبحث عنها . وكل من لا يعطيها هو سيء بشكل 
جلري »)نس . 
وأخيراً ٠‏ وخخاصة . فإن فكرة الأمة الواحدة , التي لا تقبل .التجزئة . والني هي كيان 
جليل ٠‏ تداق سبياس + مل معركته للريرة ضد الامنيازات ٠‏ وعيرها + تظراً دقيقاً ومعند 
العاطفة . 
فهو يرى أن التمييز بين الطبقات وتسلسلها يلحق ضرراً لا بُطاق بهذه الفكرة الاساسية 
(« ثلاث طبقات . لا » وإنما ثلاث أمم » . سيقول أثناء افتتاح مجلس الطبقات العامة ٠‏ يوم4 أيار 
9 ) . ويعتبر أنه إذا انتزعنا الطبقة ذات الامتيازات . فإن الأمة لن تكون « شيئاً ما أقل , وإنما 
شيئا ما أكثر » : لآن الطبقة الثالثة التي ستبقى بمفردها . تجمع بتفسها كل ما يحب توفره من أجل 
تشكيل أمة كاملة . فلديها . وبتفوق ساحق , العدد ( فمن أصل خمسة وعشرين مليوناً من 
الفرنسيين هناك متنا ألف من ذوي الامتيازات ) , ولديها النشاطات المفيدة . والاستحقاق 
الشخصي . وهي تضم كل من ينتمي للأمة ٠‏ فكل من ليس منها لا يمكن أن ينظر لنفسه باعتباره من 
الأمة . ومن هنا يصدر سيياس حكمه القاطع كشفرة المقصلة : 
« إذن ما هي الطبقة الثالثة ؟ إنها كل شيء , لكنها كل معطل ومُضْطْهدْ . ماذا 
ستكون بدون الطبقة ذات الامتيازات ؟ كل شيء ‏ لكن كل حر ومزدهر ٠.‏ إن أي 
شيء لا يستطيع أن يسير بدونها » لكنها كُلَّ سيسير بشكل أفضل للغاية بدون 
الآأخرين » . 
هذه الطبقة الثالثة الني هي الكل . ماذا كانت تشكل لحد الآن في التنظيم السيامي ؟ لا 
شيء . ماذا تطلب ؟ أنْ تصبخ فيه شيئاً ما . إِنْ هذه الصيغ التي كانت بمثابة رصاصة . كان 
لسيياس موهبة استخدامها . لكنه ينبغي أن لا ننخدع بذلك : فهي تُغطي وتترجم مبادىء كانت 


- كرندياك الهام جداً ص : 306-303 حول دبكارت والتاريخ والجرمان القدماء ص : 293  295-‏ وحول بلاد 
الفرنجة ‏ ص : 351 
(1) حول التمثيل ‏ أنظر > باستيد ص : 372-369 


طويلاً موضوعاً للتامل . إن المطابقة الجريئة هي ثورية للغاية : لقد كانت صيغة الطبقة الثالشة 
تسلوي الأمة . ٠‏ مهيأة لآن تخدم ليس مصالح جماهير المحرومين من الامتيازات , التي كان الكراس 
المشهور تمجيداً لهم ٠‏ وإنما مصالح نخبة هذه الجماهير . والمقصود بهذه النخبة الفئة العليا من الطبقة 
الثالية . التي أصبحت . من الآن فصاعداً . واعية لقيمتها ولقوتها . لقد أدت هذه المطابقة لتنائج 

منطفية , ,أينا سيياس . منذ كانون الثاني 1789 . يضطلع بمهمة استخلاصها . إن المبادىء 
الحقيقية ( كتب قائلاً ) تمنع أن يكون هناك ثلاث طبقات , وثلاث هيئات للتمثيل . في حين أن 
الارادة العامة يجب أن تكون واحدة . 


« أرجو أن ننتبه للفرق الشاسع الموجود بين جمعية الطبقة الثالثة . وجمعية الطبفتين 
الأخرتين . فالأولى تمثل خمساً وعشرين مليون إنسان وتنداول حول مصالح الأمة . 
أما الطبقتان الآخخرتان . فليس لما » لوكان من حقهها أن تجتمعا . إلا سلطات نحو 
مثتي ألف فرد . لا يفكر ون إلا بامتيازاتهم » . 
إل أن للذهبي العميق لا يغفل عن الاعتراض . القائم عل التاريخ والحق , أو على الحق 
التاريخي . والقائل : 
« بن الطبقة الثالثة كما سيقال لا يمكنها لوحدها أن تشكل مجلس الطبقات 
العامة » . 
لكن جوابه سيكون سريعاً : 
« إيه » هذا أفضل ! إنها ستؤلف ججعية وطنية »ره . 


لقد اتطلقت الكلمة الكبيرة » للهدّمة للملكية الفذيمة ( ويعلق ب . باستيد على هذا بقوله : 
« إننا نتقل بهذا من التمييز بين الطبقات الى الوحدة الفرنسية » ) . إن فكرة الامة كانت تشىق 
طريقها . بعزم . وقريباًجداً ستّسمع صرخة جديدة كلياً : تحيا الامة . الى جانب الصرخة القديمة : 
يميا الملك . ثم ء وسريعاجداً » لن تتدفق من أفواه وأفئدة الجماهير الغاضبة . والجنود أنفسهم وهم 
في للعركة . إلا صرخة واحدة : تحيا الامة . إنه مثال مرعب , مثال معدي يُعطيه الفرنسيون 
الثائرون لأوروبا لللكية ! 


فكرة التقدم 


حاف الى وي قولس اح 
الحلود فقي يلاله على مسعقيل أكثر قويً» - 
( ب. هازثر - الفكر . . . 2 ) 


(1) حول « الوحدة الوطنية »- أنظر باستيد ‏ ص : 277 وما بعدها . وحول نص « الطبقة الثالثة » راجم الطبقة 
التقدية ا حديتة لر ويرتو رَلِيري 24871780 8 (202 - جنيف -1970 ) . 


541 


و أخيراً ٠‏ رأبنا في هذه الفكرة ملهباً جديداً بنمر » وبنبغي 
أن يوجه الضربة الأخيرة لبناء الاحكام المسبقة المتزعزع : إنه 
مذهب قابلية الجنس البشري اللانهائية للكبال » . 

كوندورسيه ( تخطط إجالي )..٠.‏ 


أ تمهيدات : 
لقد كان مُمَرِّياً أن نقرأ بريشة فونتنيل(ملاء5ع:506) . في زمن الأزمة ( في1688 ) أن البشرلن 
يفدوا و مطلقاً» . إن مثل هذه الكلمات الكتوبة بهذه الريشة الخفيفة ولكن الْفِْمَة كانت مثقلة 
بالمعاني . مثقلة بالمعاني . إذا ما فكرنا بأن الرؤ ية اللهيمنة للتاريخ البشري . منذ العهود اليونانية - 
الرومانية القديمة ( باستناء مبرسة ابيقور ) كانت تقول بفسادٍ ( بدقة ) وبتقهقر محتوم إنطلافا من 
العصر الذهبي . من الفردوس الفقود : إنها رؤ ية تشاؤمية كانت تعبر عنها بطريقة ما النظرية 
المسمّاة بنظرية الدورات أو العودة الخالدة . (اعدع:6 تندهاء ممآ) وهي النظرية التي كان يمج 
عليها ما يجب تسميته بالأمل الانساني: الخالد . المرتبط بالاحتجاج الانساني الخالد في وجه بس 
الواقع . ونواقصه , وحدوده ( لكي لا نقول شيثاً عن الشهية الانسانية الخالدة للتغير ‏ من أجل 
الوجود الأفضل . أو بكل بساطة , من أجل الجديد . والشيء الآخر ) . لقد تعرفنا على النظريات 
الالفية وما تدعو له من انتظار وما تبذله من وعود بألف عام من مملكة الله الاخروية . وعرفنا أيضا 
الطوباويات ٠‏ التي هي تعبير عن « الحنين » الذي يكتسي أحيانا نبرة ملتهبة وحادة : كما هو المحال 
لدى كمبانيلا المتطلع الى مدينة الشمس . 
« إن الكفر والغش والكذب والمشاجرات ستختفي » والخراف لن تخثشى الذئب ٠‏ 
والقطعان لن تخاف الاسد , وسيتعلم الطغاة كيف يحكمون من أجل خبر الشعب ٠‏ 
وستتوقف البطالة » وفي نفس الوقت , العمل الشاق . لآن العمل , للْقسّم بين 
الجميع ٠‏ يصبح لعبة . وسيعترف الجميع بلله كأب يوحيد . وستجتمع الشعوب في 
مدينة واحدة ستستعير اسمها من الشمس 006 . 
له أن نبرة و اتلاتتيد الجديدة ‏ (عك تامسلا علا 107 التي ظهرت تقريباً في نفس الفدرة 
(عام1627 ) كانت تختلف كثيراً . فمؤ لفها فرنسيس بيكون(0ممهظ .5) العاليم الموسوعي ورجل 
الدوئة كان ( كبا أشرنا لذلك سابقاً ) يعلن ‏ بأن ه المعرفة هي القدرة وإكنه اندم 4كت'ء 07 5810) 0 
وأن العلم هر القرة(ء متعم :ىم" عممعت6) : إن بيكون الطوباوي الذني تزود بدوره من 
« مزن غلال أفلاطون , لم يفضل , بمقدار أقل , المحدثين , الأغنياء بالكثير من المعرفة 
للكتسبة ٠‏ عل اليونانيين والرومان . لقد كان هؤلاء » في نهاية الأمرء يعيشون في زمن شباب 





الل كماتيللا ٠-‏ مديئة الشمس » - للرجم السابق ذكره ‏ فيري(0م65) وتريه(تم:11) - جنيف 1502 -1972 
(ه) في «تمسصع0 صمدحها! (1620) 


242 


العالم : أما أولك , أي المحدثون , فكانوا هم القدماء الحقيقيون المستفيدون من التجربة الطويلة 
للعصور ” . إننانرى إلى أي جاتب كان على الأمل الانساني أن يدور . إنه لم يكن يستطيع إلا أن 
ينحاز لنموالعلوم . الني ستمتد من دراسة المادة الى دراسة الانسان . وهذا ماكان يبدومن الآن أنه 
يدق -: الحزن للايمان العقيم والمشبط للعزيمة في الدورات التتابعة والعودة الخالدة . ما هي اتلانتيد 
الجديد: :- “كن ( على حد تعبير ج. غيسدورف 61050069 ٠  )©6.‏ طوباوية هذه المعرفة 
الجديدة » في شكل مركز للبحث العلمي والتقني » الذي يضع قيد العمل » ووفق فواعد برنامج 
شامل ؛ كل موارد العلم العملياتي » بهدف نمسين الوضع البشري »ا 3 

وإذا كانت فكرة النمو . السير للامام , الت -م ( بالمعنى الاشتقاقي الأكثر حرادية للكلمة ) » 
تقدم العقل البشري ٠‏ تقدم الجنس البشري ..قذ فرضت نفسها على القرن للَسَمَى بقرن الأنوار » 
فليس هناك ما هو أكثر طبيعية وأكثر حتمية من هذا . وإنّه لأمر رمزي , بما فيه الكفاية » أن يقوم 
تورغو(]80عنا1) » في متتصف القرن بالضبط . أي في عام1750 » وني خطاب شهير ألقاه في 
السوربون » بوضع أسس فلسفة للتقدم تبشر بتقدم الفلسفة وتبرره ١‏ وذلك باتتظار أن يقوم 
كرندلورسيه » في السنوات الاخيرة من نفس القرن ٠‏ وفي أوج الثورة الفرنسية 3 بتؤيج الانوار 
والفلسفة « بالوصية » الفكرية المؤثرة » المعنونة » تخطط إجمالي دول تاريمي لتقدم الفكر 
البعري ) (متشتصاط ادك '! عل وغجومعم دعل عناو مهاونط ننهء اطق هن'ل 6ؤ5أناوو8) وهذا دون أن 
ننمى أنه بين تورغو وكوندورسيه.يندرج » وكل في أسلوبه الخاص . كل من ليسنغ (8دأة5م) ف 
امنيا , وبرايس(5:06©) وبريستلي(زلادع:5 في انجلترة . إنها . في الحقيقة . نظرية ألفية جديدة 
( عقلانية كلياً , وبملكتها الموعودة أرضية كلياً » وإنسانية كلياً) ستمتلك الأرواح والقلوب . إنها 
طوباويا جديدة ودائمة ستقترح نفسها على الأمل الانساني ؛ طوباويا نابعة من « المعرفة الجديدة » 
البيكونية » وستتغذى من كل معارف المستقبل الجديدة . طوباويا ذات طموح علمي , تشهد على 
« الانتقال من الأمل الادبي والفني الى الأمل التقني 3 العا لي لعالم أفضل ولفكرة أكثر فعالية » . 
طوباويا مدعوة لآن تتحول , أثناء القرن التالي » ومن خلال ديناميكية فكرة التقدم , الى أسطورة 
حركة بقوة » أسطورة مسيطرة ستعتبر البديل الحديث للايمان الديني . خاصة وأن الفكرة للنقولة 
بالنهاية بواسطة الانوار يجب أن تكون ليس فكرة التقدم لا أكثر » وليس التقدم بلا قيد أو شرط ‏ 
وإنا التقدم اللامحدود . القائم على قابلية الجنس البشري اللاتحدودة للكيال » والتي لا يمكن لأي 


(1) حول ف. بيكون والتقدم ‏ أنظر غيسدورف ( المرجع |الايق ذكره  )‏ ( و بلمباتىء . الكتاب الرايع - ص : 
2 1324) . 

(9» سيقارن باسكال . من جاتبه . تعاقب البشر بمراحل السن لمختلفة للفرد » بحيث أن الاجيال القادمة للبشر خلال 

العديد من القرون يحب أن ه ُعتبر كتضى الرجل الذي ييقى داتياً والذي يتعلم باستمرلر » . إن كل البشر كقوا 
يصتعون مجتمعين ٠‏ تقدماً مستمراً » في الملوم ودلك طلنا كان العآلم هرم ويخلص بامكال للقول بأن أوئدنك 
« الذين نميهم القدماء كاقوا في الحقيقة جديدون في كل الأشياء » وكقنوا يشكلون طقولة البشر بالغبط» 
( د كتييات »(دعطتتدن0) - منشورات ل. برانشفيغ  -‏ أفكار » باريس - هاشيت -1917 - الطبعة السابعة - 
ص :80 _الحاشية1 ) . 


2343 


نهاية أن تُرسَمَ ها )ل . 

إل أن هذا بالضبطهوما حصل . وإذا كأن معزياً آن يكون لدينا . مع فونتنيل » الضمانة بأن 
البشرلن يفسدواه مطلقا » ؛ أفلن يكون أوج العزاء مضمونا أيضا إذا تقدموا » وتحسنوا » وساروا 
في طريق الكمال دائا » » ماديا ومعنويا ؟ 


ب - من تورغو الى كوندو رصيه 

تورفو : الجدول الفلسفي للتقدم المتتالي للفكر البشري 

(متقصنط ورك '! عل وكأدمعععناة وغنهمعم دعل عناوتطمموهلنام نععاطة1 ع0 (11 كانون الأول 
90 )2 . 


كان تورغوء الذي سيصبح وزيز لويس السادس عشر(1/اء وذنهم0 ( والذى سيبعث 
اختياره لهذا للنصب الكثير من الآمال ) يعمل حينذاك رئيساً لدير السوربون » ويكرس نفسه 
للكنيسة . وكان لديه ثلاثة وعشرون عاما من العمر . وقد بدأ منذ ذلك الحين » على ما يبدلو. 
وحسب بعض ١‏ المقاطع »(#اسمصسهد») لعام 1745‏ التفكير باستمرار في القضايا التي ستُسمى 
فيا بعد د بفلسفة التاريخ » . وهي قضايا سيفكر فيها أيضاً في اللستقيل ( ولدينا منه ه خططأ لخطابين 
حول التاريخ العالمي »(علاعدي تمن عه يوقط'1 عن وسناحعمقك انهل عل هها2) » كمؤ رخ ء في عام 
51 ) . إننا نحس . لديه ء» عل الفور بإيمان لا يُقهر في تقدم العقل الذي تساعده تربية جيلة 
التوجيه » بمعنى أنها متفقة مع المبادىء السليمة ؛ تربية تقودها الدولة ويمِد للدولة ( لللكية ) 
مواطنين مكتملين . 

في يوم 11 كانون الأول1750 هذاء بدا الخطيب » الذي كان يتكلم باللاتينية » بالأشارة 
للتناقض بين ظواهر الطبيعة و الخاضعة لقواتين ثابتة » منغلقة في دائرة ثورية » هي نفسهادائا » . 
كلها تولد ثاقية » وكلها تهلك , وبين الشهد د للتغيرداتياً » » بالعكس , الذي يقدمه تعاقب البشر 
من قرن الى قرن . هناك » في الطبيعة » يكتفي الزمن بأن يُعيد لكلى لحظة صورة الثيء الذي جعله 
يختفي لتوه . وهنا ء في التلريخ الانساني » يكون كل شيء غنيا بللستقبل . لمستقبل الزاخمر 
بالاقدلر المقهورة ”" . 

ثم سين تورغو للسادة للج المجتمعين ني السوربون هذا التقدم في الفكر البشري الذي حدث عبر 
تراكم من التجارب وللعلرف الجديدة دائيا » وللنقولة بعنلية من جيل الى جيل » إنه إرث ثمين ع 
وكتز مشترك يكير باستمرلر : ٠‏ إن كل العصور تترابط ببعضها البعض بسلسلة من الأسباب 
والنتائج . تصل:الحالة الحاضرة للعالم بالحالات السابقة . . . إن الجنس البشري » اللنظور له منذ 





(1) :غيدورف_ للرجع السابق ‏ ص : 319 
(وه بعلن ج. غيدورف عل هذا بقوله : ٠‏ إن فكرة التقدم تضمن اتغصاءاً يبن نظام الثقاقة والنظام الطبيحي ١‏ أنظر 
ه تال الأمل  »‏ غيسدورف - للمرجع السابق - ص 323 5 


144 


أصله , يبدو في نظر الفيلوف كلا شامعاً . له هو نفه . مثل كل فرد طفولته وتقدمه » . 

إن تقلبات التاربخ . والشهوات وأضرارها تتدخعل بدون شك . لككن هذا لا يمنع من أنه في 
ومط هذه الثقلبات « تُصقل الأخلاق » ويستنير الفكر البشري .. . وتتقارب الامم المعزولة من 
بعضها البعض . وتجمع التجارة والسياسة » أخيراً » كل أجزاء الكرة الأرضية . وتسير الكتلة 
الكلية للجنس البشري دا . من خلال تتلوب الهدوء واليجان , حتى ولو كان ذلك بخطى بطيئة ٠‏ 
نحو كيال أكبر » . 

وهكذا يُستخلص نوع من قانون القابلية للكيال » من المشهد « المتغير» بدعياً . لكن 
الغامض بهولة » اللشوش ٠‏ الدموي في أغلب الأحيان ١‏ الذي تقدمه الأزمنة الماضية 2 والذي 
تسيطر عليه , ظاهرياً . المصلحة والطموح والمجد الباطل . إن السير يمكن أن يكون أكثر أو أقل 
سرعة حسب الشعوب المختلفة ( وهناك إمكانية و لانحطاطات متكررة » تختلط بالتقدم ) . إل أن 
الاتجاه العام غير مشكوك فيه . نعم , إنه سير للامام . نعم ؛ إنه يجب الايمان بامكانيات الطبيعة 
البشرية 03 العاقلة للخاية . والقابلة بالتالي للتربية ! 


ويستشهد الخطيب . في النهاية . بنيوتن الذي أخضع اللانهاية للحساب . وبليينتز الذي 

نم ذكاءه الواسع كل مواضيع الفكر البشري . ثم يصرخ : لقد تبددت كل الظلمات . يا للنور 

الذي يشع من كل الجهات ! يا لهذا الحشد من الرجال الكبار من كل الأجناس 1 يا لكمال العقل ! 

إن كل يوم يضيف شرثاً ما للارث العلمي ؛ إن المناهج تتضاعف مع الاكتشافات , والمشنقة ترتفع 

د مم البناء » . وها هي الأمنية التي تعبر عنها الكلمات الأخيرة من الجدول المأثور » تضاف . كما 
ينبغي .على إطراء قرن لويس الرابع عشر الكبير : 

د هل يمكن للرجال أن يقوموا باستمرار بخطوات جديدة في سلك الحقيقة | هل 

يمكنهم . بالأحرى أيضاً , أن يصبحوا , باستمرار » أفضل وأكثر سعادة ! » . 


قد يكون مغرياً أن نتذكر . أمام فكرة ترابط العصور بعضها ببعض بسلسلة من الأسباب 


١‏ والسائج 03 المتغيرات الجليلة لبوسبيه في خطابه حول التاريخ العالمي . وأن نخاطر حتى بإجراء مقارنة 


شاملة يين فكر تورغو وفكر الأسقف الكبير في عهد لويس الرابع عشر . لكن الآفاق العقائدية لكل 
منهما هي . في الحقيقة » على طرفي نقيض . فبالرغم من إدراك تورغوه للمزايا التي سببتها إقامة 
السيحية للجنس البشري » ( وهذا عنوان خطاب سابق له في الوربون » في3 تموز1750 ) . فإن 
هذا لا يمنع من أن التصور المسيحي للتاريخ , كما استخلصه علم اللاهوت الوسيطي » وهو تصورٌ 
« تقدم موجهو نحو نهابة معينة » . ومتمثل بانجاز المشروع الإلمي , لم يكن أبدا تصوره . إننا 
نستشف بين السطور , في جدوله . عمل الضرورات ؛ أو القوانين التاريمية « الثابتة  »‏ التي 
تعمل . من خلال احداث وأفراد بارزين , وخخارج إطار كل تفوق . وكل تدخل مباشر وواعي 
له . أوخارج السعي للخلاص الابدي تحت أنظار الله . هل يعني هذا نفياً للالوهية ‏ بلا قيد أو 
شرط» ؟. أبدا . وانما وكها سيوضح ج. غيسدورف بدقة - على الآقل تغيير في معنى حضورها 


545 


في العالم . لقد أخذ الله ييتعد عن الاحداث , ويكفُ عن أن يكون حاضراً مادباً ؛ وعن التدخل في 
نظام الاشياء من خلال المعجزات . ولقد أعطى الانسان لنفسه حق إتخاذ المبادرة » . ولنقل ( من 
أجل [كيال التحثيل من خلال قلب الصيغة ) أن الانسان أخخذ يبتعد عن الله ؛ ولكي نعود الى تورغو 
والجدول . وأن المساهمة المقدّمة لتشييد مديئة البشر . وهي . كبا نعرف . ٠‏ العمل الكبير» 
للانوار » تترسخ باعتبارها ذات أهمية لا جدال فيهاده . 


وليس من قبيل الصدفة . أن تكون السنة التالية 1751 . سنة ظهور الجزء الاول من 
الموسوعة التي قدم لما دالمبير بالخطاب التمهيدي . الذي يتتبع تاريخ تقدم الفكر البشري منذ عصر 
النهضة . 

إن ولتي » رجل التقدم . لم يكن مع ذلك قط . وإذا أخذ ككل , منظراً لفكرة التقدم . 
كما لم يكن مونتسكيو كذلك أيضاً . أما بالنسية لروسو فقد أخيذَ عليه بشكل خاص كونه منظراً لما 
هو ضد التقدم ٠ ٠‏ أي « رجعياً » ( وهذا كان , من بين أسباب أخرى . الغضب الشديد للحزب 
الفلسفي عليه ) لكن هذا لا يعني , في الحقيقة ٠‏ إلأ فهمه بشكل سطحي . إن تشاؤمه التاريخي 
الواضح يترافق - كما رآه جيداً ج. ستار و بسكي مع تفلؤ له الانثربولوجي » الذي يبدو أنه لم 
يضعف مطلقاً . وإننا لنعرف . بما فيه الكفاية . أي عناد. وأي حماس بَشرّ فيهما بنوع من 
« الخلاص » بفضل إصلاحات عميقة في مختلف ميادين الحياة . 

إن أي غموض »ء بالمقابل , لا يُعَنّم فكر أدم سميث (طانه5 امهل ة) في « تحقيقه الشهير 
حول طبيعة وأسباب ثر وة الأمم )5ع عدوءطءة, ها عل 5عذناف 5ع| ا #تنائعم هل عند مأغنوم8) 
(كهوناهم المنشور في عام1776 3 في أديمبورغ (وصدهطمنذ80) 3 عندما يقوم بمدح حالة التقدم . 
بالمقارنة مع حالة الانحطاط الحزينة » » وحالة السكون « الباهتة ٍ . ويرى سميث أن وضع 
قمر لكي ٠و‏ للعيال للساكين » + يبدو الأكار مبسادة والأكتر يبرا دما لاركرن البيدمع ل 
ذروة غناه » وإنما عندما يكون في طريق التقدم نحو مكتسبات جديدة الات 
بالقول : ٠‏ وهذه هي الحالة الأكثر سروراً والأكثر ودّا بالنسبة لكل طبقات المجتمع »© . 


ليسنغ (1729 -1781)/ 

قام أكبر مفكر ألماني للانوار بعد « كانت » « اللواطن الأول » في لمانيا المفكرة . المفكرة 
جداً . حسب تعبير بول هازار الذي لقبه : « بعقل سائر» ‏ بدوره » بإعلان إيمانه في «.قر بية 
الجنس البشري » (متنقصنط عكدعع ناك همنانهكن80) . في عام 1780 . فشر بزمن الانجيل 


(1) أنظر لتورغو وحول تورغو : « الأعمال» . . . . منشوراتطاعطع 5‏ باريس -4120401 1923-1913 للجلد 
1 دص : 214 235 , وحول للقارنة مع بوسييه ر. ل. مي ك(348136 سآ .0 تورغو والتقدم وعلم الاجهاع 
والاتتصماد ( بالانجليزية  )‏ كمبرهدج -1973 - ص : 30-29 . وحول التربية القومية أنظر توكوفيل في ٠‏ النظام 
القديم . . . » . الأعيال الكاملة ‏ باريس -لتستعظلهة 1952 - للجلد2 - ص211 . 

ف سول د سميث - أنظر غيدورف ‏ للرجع السابق ذكره ‏ ص : 332 


246 


الجديد . الانجيل الخالد » واعلن , كبا لو أن ذلك أمر مؤ كد . عن قدوم ه عصر الكمال الذي لن 
يحناج فيه الانسان , كلما اقتنع عقله أكثر فأكثر باقتراب مستقبل أفضل دائها . لأن يسأل هذا 
المستقبل عن دوافع لاعماله » لأنه حينذاك سيفعل الخير لانه الخير» وليس من أجل بعض 
التعريضات التي تصاحبه » . 

ولكن لننتبه الى أن صعود الانسانية هذا , أو السير( الذي هوء في نهاية الأمرء وبدون أي 
شك . ممكن ) للامام , للأعل , يتضمن . بالنسبة لليسنغ . توقفات . وتخلفات ظاهرة » . فهو 
لا يحدث في شكل خط مستقيم . إنه ليس مستقبا بالرغم من أنه « مستمر 26 . إن العناية الإلهية 
تتقدم بخطى غير محسوسة : إن عليها القيام . كما يرى ليسنغ . « بالكثير من المنعطفات » , وعليها 
أن تهلب معها و الكثي رمن الاشياء » . لكنه يرفض » مع ذلك , أن يعاس منها . وحتى لوكان عليه 
في يوم ما أن يؤ من بأنها تتراجع . فإنه يطلب منها أن لا تسمح بأن يتأ منها : 

و هذا ليس صحيحاً . إن الخط المستقيم ليس دائياً الطريق الأقصر . . . وماذا لم 
ترتب الامور بحيث أن العجلة الكبيرة التي تقود ببطه الجنس البشري نحو نقطة 
كباله . لا يمكن أن توضع قيد الحركة إلا بواسطة دوران عجلات أخسرى أسرة 
وأصغر . تقوم كل منها بنصيبها ضمن المجموعة ؟ 

إن العناية الإلهية لدى ليسنغ ( وهوكا نذكر » مؤ لف المحاو رات الماسونية ) هي غير العنايه 
الالمية لدى بوسييه . كها أن مذذهب التأليه لديه ليس كما هو لدى فولتير . إن رؤ يته لصيرورة الجنس 
البشري لا تنفصل عن رؤ يته لصيرورة كل إنسان ماخوذ بشكل خاص . فعل هذا الفرد أولاً أن 
يكون قد قطع « هذا الطريق الذي تقدم عليه الجنس البشري بائجاه الكمال » . إن لمسنغ » هذا 
البلحث النهم عن الحقيقة ”*» هذا ه العقل السائر » » يرفضض أن يعيد لأي عنصر , مهما كان , 
تفسير الانسان والانسانية . كما يرفض أن بيسط بإفراط التطور التدر يجي لهذه الانساتية«» : 

لقد ذهب ( أو سيذهب ) كل من برايس وبرايستلي وكوندورسيه » بشكل مباشر أكثر . 
وباختصار أكثر . نحو الهدف . وتمسكوا أكثر بالبقاء ضمن حور الأنوار . بشكل تابعوا فيه . 
ومددوا وأكملوا ما قام به تورغو . 
برايس (1723 -1791) و برايستلي (1733 -1804) 

كان الدكتور برايس ٠‏ القس الانجليزي الغامض غير الانجليكاني الذي ناصر . بالحماس 
الذي نعرفه , المتمردين فيا وراء الاطلسي . في عام1776 » قد تناول منذ1767 » ويحهاس لا يقل 
عن السابق.» قضية التقدم المجردة » وذلك في « مقالاته الأربع » (قدمنله عدون سدهه) . وقد 


(0©) حسب تعييرب. جرابن تذمجة 06 .12 في مقدمته لكتفب « تر يبة 6ه 8 
(«») يُذكر غوته » في حديث له مع اكرمان بأن ليستغ نفسه كان قد أعلن نوما بأنه : « إذا أراد الله أن يعطيه الحقيقة » 
فإنه سيرفض هذه الهدية » وسيفضل أن يتحمل عناء البحث عنها به » . 
(1) حول ليسنغ أنظر - ب. هازلر  :‏ الفكر . . . » للرجع السابق ذكره ‏ ص : 21-404 


247 


أعلن » فٍ إثر تورغو ( وقبل كوندورسيه ) إيمانه بقابلية الانسان الطبيعية للكال . وبقدرته عل 
التقدم . بلا نهاية » في مال المعرفة وني السعادة . وكان برايس يتساءل : لماذا لا نحلم بعالم يكف 
عن أن يكون مقسياً الى دول مستقلة » ومحكوم عليه » بسبب مصالحها المتناقضة , بالحروب 
والخراب . لماذا لا نحلم . بعد أفلاطون وتوماس مور بشكل للحكم « يتتزع » بتأسيسه لشيوعية 
الاأموال ٠‏ وإلغائه للملكية . من كل عضو في الدولة فكرة استعباد الآخمرين . أو اعتبار أن له 
مصلحة متميزة عن مصلحة مواطنيه » ؟ . ألا يمتلك الانسان « قدرات ككامئة» . وإمكانيات للفعل 
بعود للزمن , لزمن طويل جداً (« يمكن أن يكون الابدية » ) أن يخرجها للنور وبنميها ؟ 

إننا لن نندهش لكون برايس , الملتضت لانجازات الولايات المتحدة الفتية ‏ ؛ بالمقارنة مم 
انجلترة الهرمة , قد سر لرؤ بة إشارة ساطعة للتقدم السيامي والأخلاتي » » في هذا الانفصال التام 
بين السلطة المدنية والدين . والذي كان لوك قد نادى به » وكانت الجمهورية الامريكية » التي ليس 
لها كنيسة قائمة «تعطي للعالم المثال السعيد جداً عنهر؛ : 


أما برايستلٍ - الدكتور برايستل القس الانجليزي غير الانجليكاني أيض]ً . والذي كان 
في نفس الوقت . كيميالياً بارزاً - فقد بَشْرَ أيضاً « بانجيل القابلية للكهال » . بمعنى أنه يرى أن 
الطبيعة تخضع أكثر فأكثر لقدرات الانسان التي تنمو( وفق حركات التوازن البيكوني ) مع معرفته . 
إنه يرى الانسان وهو بحسن أكثر فأكثر وضعيته المادية في العالم ٠‏ ويزيد في كل يوم سعادته 
الشخصية » » وكذلك قدرته على جعل الآخرين سعداء . وبطيل ؛ على وجه الاحتال . وجوده . 
ومهما. كانت بداية هذا العالم . فإن نهايته ستكون مجميدة « وفردوسية » بشكل يتجاوز ما يمكن أن 
تنصوره تخيلاتنا حالياً . إن التاريخ يكشف لنا أن العصر الذهبي الموجود في العصور الدائية ليس إل 
حلياً لدى الشعراء : إنه يعلمنا أن الماضي والحاضر ليسا إلا مراحل في المسيرة المجيدة ذا التحسين 
الموعود ؛ وأنْ كل عصر في العالم عمل ويعمل وسيعمل في هذا التحسين : وأن هناك تخططاً ني 
الصيرورة التاريخية . 


إن هذا السير نحوكمال أكبر قد تأخر بلا شلك نتيجة التعديات على الحرية المدنية والدينية » 
والتدخلات التي قامت بها الحكومة في غير موضعها . في ميادين كان يجب عليها أن تدعها لعمل 
الطبيعة ( أي : للافراد ٠‏ - إن لدى برايستلي « و قردية أععلاتية » ممعضاءق يساعقة أدمصنيت + 
بفردية اقتصادية » ) . إلأ أن هذا لا بمنع من أن موْلْمنا كان يُليحّ على أن المفهوم المهيمن الآن » 
وبشكل كلي تقريباً . في موضوع الحكم والسلطة والذي قدم فيه التاربخ ذخيرة وفيرة جداً من الوقائم 
والتجارب . ( وها هم الفلاصفة السياسيون يمدون تمت تصرفهم هذا الحقل الحديث جدا 
للتجارب الجديدة المتمثلة بالحكومات الجديدة في الولايات المتحدة الامريكية الفتية ٠‏ ولا يتوانون 
عن جعله موضوعاً لاكبر استخدام في بحوثهم ) هو المفهوم القائل بأن الموضوع الخاص الوحيد 
للسلطة السياسية هو سمادة الشعب . 


)0( أنظر سلا بوشكس - المرجع السابن ذكره ‏ ص : 205-202 


548 


يحرص برايستلي كثيراً على أن يدقع عن نفه تهمة الهذيان ٠‏ فيؤ كد بأن نظراته مستوحاة من 
المجرى الطبيعي للشؤ ون البشرية الذي يبين » خصوصا في كل ما يتعلق بالعلم » وجود تقدم . 
« أسرع مما كان عليه الحال في أي وقت مفى » نحو الكيال » 9ه« . 


ج - كوندو رسيه(1743 -1794) المخطط الاجالي . . . 
في21 شباط1782 » ألقى الماركيز دوكوندورسيه . صديق تورغو الكبير وكاتب سيرته » عالم 
الرياضيات البارز . وعضو أكاديمية العلوم منذ عام1769 » والنشيط جداً في الحزب الفلسفي 
( وتلميذ فولتير » الذي كان يسمح لنفسه أن يقدّر روسو ) خطاباً مناسبة استقباله في الأكادمية 
الفرنسية . وقد أعلن فيه أن الجنس البشري لن ير مجدداً . « تناوبات الظلام والنور» الني كان 
يُعتقد . منذ أمد طويل . بأن الطبيعة قد حكمت عليه بها ه بشكل أبدي » , وأنّه بمقدار ما كانت 
الأنوار تنمو ومناهج التثقيف تتكامل . كان يبدو أن الفكر البشري ‏ يكبر . وأنّ حدوده تتحسر» 
. ذلك أنه من كثرة ما تأمل في وسائل تحسين مصير البشرية » فإنه لم يكن باستطاعته ‏ وكها كتب في 
العام السابق ‏ أن يقاوم الاعتقاد بأنه لم يكن هناك حقيقة إلا وسيلة واحدة . . . هي تسريع تقدم 
البثر . 

5 إن كوندورسيه سيعمل لهذا التسريع 6 بصفته رجل دولة متمتع بحظوة الثورة . فهو سيتقد 
حماساً . عندما سيصبح نائباً في الجمعية التشريعية وعضوا في لجنة التعليم العام » من نهاية 1791 الى 
نيان1792 . من أجل إصلاح التعليم : فهذا الاصلاح سيلهمه خمس مذكرا ات رقع تنم م) 6 
تناولت الأولى منها : مُسلّمة « الكبال اللاحدود » للجنس البشري . وسيجد ء أخيرا » وهو 
النائب في « الإتمر »(ممفاه»ومه ه0) وأسير الدوامات المأساوية للصراع بين الجيرونديين 
(قهنههه:01) والجبليين(5فتقصهة:0400 ( والتي سيمؤت بشسببها , منفياً ومُطارداً , في آذار1794 ) 
الشجاعة . الثيرة للاعجاب . في أنْ يترك للاجيال القادمة . أي لتلك الاجيال الني آمن بها 5 
د مخططه الاجالي . . . » الذي كان بمثابة وصية حقيقية لروح القرن . إن نفس المسلمة التي جعل 
منها مذهباً جديداً قاضياً بالنسبة للاحكام المسبقة ( مذهباً كان ه تورغو وبرايستلي , كبا كتب . أول 
وأشهر من بُشّر به ) ستكون الأساس هذه الوصية © . 

لقد كان تورغو يعتزم عرض الجدول الفلسفي لتقدم الفكر البشري » أما كوندورسيه فقد 
اعتزم وضع مخطط اجمالي للجدول التار يخي لهذا التقدم . ش 


السيرللامام ‏ , . , 
تاريخي ٠»‏ لأنه تَشَكُْل عبر الملاحظة المتتالية للمجتمعات البشرية في مختلف العصور التي 
(0 إلى الجيل الذي يل جيل برابس وبرايستلي يتتمي ولهم غودوين (ذنالهه6 ./18) (1756 -1836) الذي سرطور كتابه 
الام حول المدالة السياسية :(305866 لهعنانا0©) (1793) أيضاً فكرة قابلية الجنس البشري للكهال . 
2( حرل ع برايتلي انظر : لابوشكس - ص : 147 -149 -154 
(2) أنظر خطاب كوندورسيه في مقدمة م.ت.ف. هنكر (جعطاءمة!! .5 ]6 .04 و للمخطط الاجالي ... 2- 
وعلدءمة قومنا نات - ص : 26 -27 


549 


مَرتْ بها » ولأنه » لهذا الأمر » خضم لمتغيرات دائمة : لقد كان عليه أن يعرض نظام المتغيرات » 
وتأثير كل .سلظة عل اللتسظة الذالية + وان بين بهذا السب الذي شيعه شنا التجدد باستمرار > 
والخطوات التي قام بها باتجاه الحقيقة أو السعادة » ١‏ . إلا ان التتائج التي حصل عليها الانسان 
خلال مجرى تاريخه تسمح ء. بفضل ثبات "قوانين الطبيعة التي تتحكم بنمو الملكات البشرية 
( الفكرية والأخلافية ) وبكل الأمور الأخرى . برسم جدول المصير القادم للجنس البشري ٠‏ مم 
شيء من الاحهال . كبا يمكنها أن تقدم القاعدة الأولى لعلم حقيقي خاص « بالتنبؤ » بالتقدم 
المستقبل ٠‏ وبتوجيهه وتسربعه . وبهذا المعنى . فإن العصور أو المراحل التي نّم قطعها , وعددها , 
تسعة حسب الْؤّلّف . ( والتي يقدم عنها دراسة مبسطة للغاية » وغير نزيهة بما فيه الكفاية ‏ » أو 
بعبارة أخرى » « متحزنة » كيا يقال في أيامنا الحاضرة ) . هي حبلى بالعصر العاشر . إن هذا العصر 
سيكون عبارة عن إسقاط في الستقبل للحركة اللاحَظة في الماضي ٠‏ وسيخضع بالضرورة لنفس 
القانون العام الذى خضعت له العصور السابقة : القانون الذي أثبتته الوقائع والمحاكمة الفكرية » 
وهو : 

د أن الطبيعة لم ترسم أي حد لكبال لللكات البشرية ٠‏ وأن قابلية الانسان 
للكيال هي . حقيقةٌ » لا محدودة , وأن تقدم هذه القابلية للكيال ‏ » الذي أصبح من 
الآن فصاعداً مستقلاً عن إرادة أولتك الذين يريدون إبقافه » ليس له حدود أخرى 
غير دوام الكرة الأرضية التي رمتنا الطبيعة عليها . إن هذا التقدم يمكن أن يتبع ٠‏ 
مح لحا ا بوساح ل ع اق 
متقهقر أبداً , طاما أن الأرض تشغل نفس المكان في نظام الكون . . 

وفيا بعد , يبين كوندورسيه للقارىء . في تمهيده للوحة هذا العصر العاشر , الدوافع الأقرى 
للاعتقاد بأن الطبيعة لم تضع أي حدٍ لأمالنا » © :2 

وإذا كان الأمر كذلك ,سيتساءل هذا القارىء . فهاذا يمكن انتظاره . بانصاف . من هذا 
العصر الأخير . وأي تقدم سيحر زه الفكر البشري في المستقبل ؟ 
1 الجواب : التقليل المستمر ( وليس الالغاء » لانها « طبيعية وضرورية »؛ ) للاسباب الرئيسية 
للامساواة بين الامم الئي تمئلك كميات متنماوتة من الأنوار » والوسائل والثروة والتعليم ؛ والقضاء 
التام على الاحكام المسبقة التي أقامت بين الجنسين . ضد كل عقل وبواسطة تعسف القوة فقط . لا 
مساواة في الحقرق « مشؤ ومة حتى بالنسبة للجنس الذي تحابيه » ؛ والقضاء التدريمي عل الحروب 
بين الشعوب ( المرفوضة « مثل عمليات القتل » ) بفضل اتحادات كونفبرالية دائمة » تشكل 
ضمانات للاستقلال الوطني : إن هذه الشعوب ستعرف بأنها لا تستطيع أن تصبح غازية دون أن 
تفقد حريتها » . ولهذا فإنها ستبحث عن الأمان وليس عن القوة . وإلى هذا يجب أن نضيف 


01( أنظر « المخطط الاجمالي 6.0.٠0‏ ص77 
2ن( المرجع السابق ص : 7 و255 


252530 


التحديد الارادي . عند الاقتضاء . للولادات . الى تحدي التقشف الأخلاني لبط بالاسكم 
المسبقة للخرافة » وضد ( الفكرة السخيفة القائلة بإثقال الأرض بكائنات غير مفيدة وتعيسة » : لان 


الامر يتعلق باعطاء الكائنات التي لم توجد بعد . ليس الوجود , « وإنما السعادة » . 


وكل هذا دون إهيال * الكبال العضوي للجنس البشري : فبفضل تقدم الطب والتغذية 
والسكن . » سيتم القضلة . في أن واحد , عل البؤزس وعل الغنى الفاحش . » هذين د السببين الأاكثر 
فعالية للتقهقر » . وفنا أيضاً » هل صيكون من العبث الأمل بتقدم لا محدود . ٠‏ والتفكير 


« بأنه يجب أن يأني زمن لا يكون فيه الموت إلا نتيجة إمَا لحوادث استثنائية أو 
لتهديم أكثر فأكثر بط للقوى الحيوية ؛ وأن مدة المسافة الوسطية الفاصلة بين الولادة : 
ع ويد رعيرع مخ . إن الانسان لن يصبح ء» » بدون شك » 

خالداً . ولكن ألا يمكن للمسافة التي تفصل بين اللحظة التي يبدأ فيها الحياة » 
والزمن المشترك الذي يعاني فيه . بصورة طبيعية » بدون مرض ولا حادث . من 

صعوبة الاستمرار في الوجود . أن تزداد باستمرار؟ »0 . 
كل هذا دون الاضرار بالكيال الداخلي للانسان : واللقصود بذلك التقدم الذي يمر زه في 
ميدان الأخلاق العملية » بفضل التقدم الذي حققته العلوم الاخخلاقية والسياسية . فلماذا لا تتهذب 
البواعث التي توجه مشاعرنا وأعمالنا » وتترسخ وتتغذى بعطف نشيط ومستنير وبحساسية كريمة ١‏ 
مثلما نحمسنت ظروف حياتنا الملدية نتيجة لتقدم العلوم الرياضية والفيزيائية ؟. حينذاك سيكون 
بالامكان . بلا شك . القضاء على هذا ١‏ التعارض الظاهري » بين المصلحة المشتركة لكل إنسان 
والمصلحة المشتركة للجميع : ولكن أليس هذا بالضبط هدف الفن الاجهاعي ؟ حينذاك سيسنح 
كال القوانين والمسسات العامة العائد لتقدم هذه العلوم الأخلاقية . بالتقريب بين المصلحتين ٠‏ 
وجعلهم) « متطابقتين » ( وهنا نتعرف . ببساطة أكثر . على المثال الأعى لدى روسو ) . ويلخص 

كوندورسيه بالعبارات التالية رؤ يته الختامية : 

د تلك هي الأسئلة التي يجب أن تنهي دراستها هذا العصر الآخير . وكم تقدم 
لوحة الجنس البشري , المتحرر من كل قيوده , ْمَل من تسلط الصدفة وكذلك من 
تسلط أعداء تقدمه , والسائر بخطى ثابتة ومطمئنة عل طريق الحقيقة والفضيلة 
والسعادة ٠‏ للفيلسوف مشهداً يواسيه من الأخطاء واججر ائم والمظالم التي ما زالت 
الآرض مُدَنْسَةٌ بها . والتي هو غالباً ضحية لهاء . 

ولقد كان على كوندورسيه . المطارذ من قبل الجبليين ورويسبيير ؛ باعتباره صديقاً 
للجيرونديين » والسجين الذي توفي من شدة الانماك في30 آذار1794 ؛ أن يكون بالفعل الضحية 
المؤلمة : كما لوأنْ عليه أن يعطي لوجوده ه كفيلسوف » طابع المثال الكامل ! 


(9) ( لكي لا نقول شيئاً عن تأسمس لغة.عالية ود نقدم في فن التعليم » ) . 
(1) حرل الموث - أنظر 282 


5351 


و إذا كان صحيحاً ( كا سيشير الى ذلك فيا بعد المفكر العميق ا. كورنو()00؟نهه© .4) ) أن 
فكرة التقدم اللاحدود تتصل عن قرب بأسرة الافكار د الدينية » , باعتبار أنْ من شأنها أن تقدم إيانا 
سامياً يجب عل كل الكائنات أن تُسْهِمْ فيه أثناء وجودها العابر  »‏ فإنه يجب الاستتتاج بأن 
كوندورسيه الذي التهمته . مع الكثير من الآخرين . ثورة أحلامه ( المضائرة والمنحرفة ) » ساهم 
حقيقةٌ » وبأي إيمان ! وبأي حماس واضح ! ني هذا الهدف السامي ٠!‏ . 
جف التيار المضاد : ج. ب . فيكو (1668 -1743) 

كانت الديكارتية نهرب مرتعبة بعيداً عن الغابة للتوحشة 
للتاربخ . أما فيكو فكان يفوص بشغف في هذا الجزء من التلريخ 
الذي كانت فيه بالغبط رائحة النزعة التاريمية . إذا 
الفول . هي الأقوى , أي ني التاريخ الأكثر بعدا والأكثر اختلافا 
عن نفسبة العصور للثقفة » . 


بنبدينو كر وس (0:064) مناممده8) 
( فلسفة ج. ب . فيكو ) 


في بداية عام 1743 التي ولد فيها في فرنسا جان انطوان نيقولا كاريتات » أو المركيز دو 
كوندورسيه » مات في إيطاليا جان باتيست فيكو(1©0/ ©كناجه8-هدء0) مؤلْف العلم الجديد 
(7مناه هتدع 561) ( الذي ظهر في1725 في حالته الأرلى ) "' . 
لقد مات وهو تقريباً غير معروف . .وحكوماً عليه بالمضير الجاحد للعبقريات التي لم يُعرف 
قدرها . لقد كان غدوعاً بقرنه . فقرنه , ولوقيل عنه أنه قرن الأنوار . لم يكن يعرف كيف يِقدرٌ 
الطريقة والشغف الذي كان يحاول بها أن يخرق ظلام التاربخ العميق للامم . لقد كان عليه أن 
يتنظر القرن التاسع عشر ليقوم جيل ميشليه()ء!ءطءزة8 5علدا0) بترجمة و العلم الجديد » للفرنسية ( في 
4 1826 )»مؤ كداً حينذاك أنه « من تأليف فيرجيل(16نه:ة1) وثيكو » وذلك بانتظار أن يعلن في 
مقدمته د لتاريخ فرنسا »(معمهء عل ع5أه)؟11]) . في1869 » بأنه ليس له مؤ لف آخر غيرفيكو» . 


لقد عارض هذا البطل الروحي ( في عصره . وضد روح عصره ! ) الحياة ٠‏ التي أساءت 
معاملته بقسوة . بوعيه أن العناية الإلهية قد وضعته في سر الأمور البشرية . وأنه قد تلقى منها 
« للشعل » لإنارة أصول العالم الاجهاعي . وإدراك « المعنى الكل للانانية » . وقد وافق » وهو 
فخور بذلك . عل ١‏ أنها » قادته عبر طرق متباعدة © . 0 





284- 283 : ص‎ )١١ 
. ظهرت الحالة الثانية في1730 , والثالثة في1744 . بعد قليل من وفاة زلف‎ )0( 
نجد ترجمة فرنسية كاملة « للعلم الجديد » في أ. دربين(2010813/8 .8) باريس - ناجل -1953 . أما ترجمة‎ )2( 


2332 


فعلاً . ولكن أي طرق ؟ 

لقد أعطى فيكو ببسالة » الاشارة للتمرد ضد العقل المجرد والاستتتاجي ٠‏ إبتداءً بعقل 
ديكارت الذي هينه بالقول بن منهجه « خَدَرَ » عبقرية الفلاسفة الذين تمسكوا , بعده , بالاحراك 
الحسي الواضح والمتميز. فلقد أفسد ( هذا المنهج ) الشباب الذين سيخرجون من الاكاديميات 
والذين لم يحدئوهم إل عن البديهيات ( الفردية ) والحقائق امبرهن عنها . كما لو أنهم سبجدون 
عالماه هندسيا كلا وجبريا كليا » ! كذلك لم يجد حظوة في أنظار فيكو عقل كل من هوبس وسبينوز! 
وغروتيوس وبوفندورف ولوك . إن هذا النابولي القامي لم يدرك . بعد هذا التشويش الذهني إلا 
مذهب الشك المشؤ وم . لقد كتب في عام1729 الى صديق له : « إن الحكمة الفلسفية للنفوس 
المستنيرة التي يجب أن توجه الحكمة المبتذلة للشعوب , لم تعد تقوم إلا بدفعها بقوة أكثر الى ضياعها 
وهلاكها ون . 

. إن فيكو يرفض هذا العالم الفردي الذي بناه عقل فاسد : إنه : مُفاد للتاريخ » تسكنه 
أشباح مكدسة فوق بعضها البعض . وهياكل عظيمة يابسة » وآليات تحر المصلحة . إنه عالم 
الملموس والمميز » والكائنات نفسها , بلحمها ودمها . كما عاشت وستعيش . وهي مغمورة في 
جماعات بشرية أكثر اتناعاً ( حيث الاسرة . المؤسّسّة على قدسية الزواج » تشكل قاعدة ارم 
الاجتاعي ) بدل بريد الأشياء والكائنات . 


وهذا الغرض يوسم فيكو نطاق بحوثه لدراسة اللغات , وسائل نقل أفكار الامم . وحكايات 
الشعراء الكبار » « والأساطير» المثقلة بالحكمة العريقة في القدم . وأصول الحق , والتنظيم 
السياسي في المجتمعات البدائية , والدور الاسامي للدين'. موحداً في كل ذلك بين خيال الْنَجُم 
وحدسه وبين الصبر الشغوف للعال . ولم يكن هناك أي شك لديه في أن المسيحية هي التي أعطت 
الفكرة « الأكثر صفاءً » والاكثر كمال لله » , وأنّ أوروبا تدين لها بحضارتها الرفيعة » وأنها ُعتبر » 
« حتى من أجل الغاياث البشرية » أسمى من كل الأديان الأخرى . لانها تجمع بين حكمة السلطة 
وخكمة العقل » . 

هل يهب التوضيح بأن العقل الْسنَّنّد اليه ليس له أي شيء مشترك مع عقل ديكارت 


(1) ضد ديكارت ‏ أنظر ‏ ب. كروس - المرجع السابق ذكره ‏ ص : 1 وما بعدها . 
حول فيكر إفرأ - ج. شي روي (لا0ا140-8© .0) ١‏ تكن الفكر الفلفي ل. ج. ب. فيكوء 
(100/ .1.8 عن منجنطومومانطم #كومعم ها عل ومنأهممه؛ ها) ‏ أطر رحة دكتوراة في الآداب ‏ جامعة 
اكس - مرسيليا ( منشررات 28 ه انهه[ -5ذلام! -1943) أنظر »- بنديتو كروص « فللفة جان باتبست 
فيكر » -(100/ .1.8 عل عنطومةطنام ه1) ترجمة ه. دارسيل وج . بورجان -.11) ( وعلتوعة'ل متومنه8 
باريس -86625 © ه01 1913 أنظر أيضاً - « الأعبال للختارة لفيكو ‏ باريس - منشورات.0.8ا.8 - 
46 توجمة وعرض " شي - روي )(لانناة -لانهط©) 


.3 


والآخرين . الْفَكّكِ والانفصالي . بنظر فيكو : إن هذا العقل يخلق مجدداً كلاً عضوي ما كان ذلك 
العقل يجزؤه ويعارضه بشكل تعسفي بحجة الادراك الحسي الواضح والمتميز . إنه يوفق . كما تدعو 
لذلك الكنية الكاثوليكية » بين العمل الحر للانسان الذي يخلق تاريخه الخاص , واتجاه العناية 
الإلهية كا يوفق بين منطق العقل وشعلة الخيال . 


إن طموح العلم الجديد للطبيعة المشتركة للامم هو. عل ضوء هذه المعطيات , التالي : 
« رسم الدائرة الخالدة لتاربخ مثالي . تدور حوها . في الزمان . تواريخ كل الأمم . بولادتها 
وتقدمها . وانحطاطها ونهايتها ٠»‏ . 
الدائرة الخالدة : السير للامام والرجوع (ستسممه: ك وعدم 5مم1) 
هذه الدائرة هي دائرة العصور الثلاثة : الإلهي . والبطوبي والبشري التي تستجيب لها ثلاثة 
أنواع من الظبيعة والأخلاق والحقوق الطبيعية واللغات والخطوط ( وهكذا فإن الخطوط الإلهية » 
وبالذات « الهيروغليفية » سبقت الحروف ) . وكذلك ثلاثة أنواع من الاجتهادات والأحكام » 
وثلاثة أنواع من الحكومات : التيوقراطية ( في عصر وسطاء الوحي ) والارستقراطية . والبشرية . 
ويقصد فيكو بالحكومات البشرية تلك 
« التي تتلاقى فيها المساواة في الطبيعة العاقلة » وهي السمة الخاصة للانساتية » مع 
المسلواة المدنية والسياسية ؛ وحينذاك يولد كل المواطنين أحراراً ٠‏ سواء كانوا يتمتعون 
بحكومة شعبية . . . أم كان هناك ملك واحد يضع كل رعاياه نحت مستوى نفس 
القوانين . ونظراً لآ في يده وحده القوة العسكرية » فإِنّه يرتفع فوق المواطنين بتمييز 
مدني بحث » . : 
وهكذا تكون الدول . في العصور البشرية » ديمقراطية أوملكية . نتيجة لأسباب مختلفة كلياً 
عن تلك أنتجت الارستقراطيات في العصر البطولي . ويمتدح فيكو« روح الصراحة » الني تميز 
الجمهرريات الشعبية و عدوة الاسرار التي تحب الارستقراطية أن تحيط نفسها ببها؛ . كا يمتدح 
« الروح الكريمة » للملكيات . وذلك ليس بدون أن يستتتج أنه في العصور التي يكون العقل فيها 
أكثر تطوراً فإن الحكم الأكثر اتفاقاً مع الطبيعة البشرية هو الملكية . فهي ترتفع ٠‏ برأيه . على 
أنقاض الديمقراطية ‏ وهذا فإن من الطبيعي أن يحكم املك بطريقة شعبية ( « فنظرا لرغبته بأن 
يكون كل رعاياه متساوين . . . يقوم بإذلال الاقوباء . بطريقة تجعل الصغار لا يمخشون شيئا من 
قهرهم »)ا . 
ضمن هذه الدائرة ذات العصور الثلاثة تدور إذن الامم بالرغم من التنوع اللاحدود في 
اخلاقها وعاداتها . ولا تخرج منها مطلقاً . إن تواريخها الحقيقية المرتبطة بالزمان تجري في هله 
الدائرة فوق اللوحة الخلفية لتاريخ مثالي خالد . إنها تنجم عن ترابط وثيق بين الأسباب والتنائج » 


(1) أنظر ج. بورجان ص :36 وب. كروس ص :66 وما بعدها . 
(2) أنظر ‏ ب. كروس - الفصول15 16 -17 ولا سها ص 226 


5354 


داخل النظام الثابت للعصور . إنها تروى . من حيث تعريفها . مسيرة الزمن التي خمضعت ها هذه 
الأمم . التي تولد ( أو بعبارة أخرى ١‏ تبدأ ) وتنمو( أو بعبارة أخرى : تتطور من خلال التقدم 
والانحطاط ) وتنتهي . 

إنة لامر بديهي أن قانون النمو أو التطور هذا . بما فيه من تقدمء لا يُبشر. بأي طريقة 
كانت . بمفهوم تورتّو وكوندورسيه . وبأملهما العقلاني بتقدم مستمر ومتصل » ووفق خط 
مستقم . لكن إعادة فيكو مع ذلك للنظرية التقليدية القائلة بالدورات التاريخية والعودة الخالدة ٠‏ 
وهي النظرية المتشائمة والمثبطة للهمة ع سيكون لا منطقياً . إن من الصحيح أن نظرية فيكو في 
السير للامام والرجوع (51رمء, ء 51,مه) ٠‏ إذاما أميء فهمها . تجمل الذهن يميل بسهولة لذلك . 
فالكتاب الخامس من « العلم الجديد ؛ عنوانه « عودة الامور البشرية الى محرى الثورات التي تقوم بها 
الأمم » ( في حين أن عنوان الكتاب الرابع هو : « المجرى الذي يتبعه ناريخ الامم » ) . إن فيكو 
يعتزم أن يبين كيف تبدأ المجتمعات ثانية نفس محرى الحياة وفق الأشكال المتعاقبة التي نريدها العناية 
الإلهية . وكيف ‏ على سبيل المثال تعيد « الأزمنة البربرية الحديثة » . والمقصود بذلك العصور 
الرسطى . ومرحلة بعد مرحلة . إنتاج د الأزمنة البر برية القديمة » . أي أزمنة اليونانيين والرومان » 
وكيف تؤدي عودة نفس الحاجات السياسية , لاعادة إنتاج » ولتجديد شكل الحكم الاتمادي 
للآشيين(725ع476) والايتوليين(55ع1ا85)0) , في هذا البلد الاوروبي أم ذاك في زمن فيكو : فإذا 
كان اليونانيون قد وجدوا أنفسهم مضطرين للحذر من طموحات قوة جبارة جاورة . فإن نفس 
السبب يفسر قيام الكانتونات السويسرية والولايات المتحدة . تلك هي نظرية السير للامام 
والرجوع « . 

إنهما يكتسيان في نظر فيكو معنىّ ميتافيزيفياً ودينياً بشكل أسامي كلياً : لأنما يسمحان . من 
خلال تنوع الأشكال الخارجية . بإدراك ما يسميه « تطابق مضمون » التاريخ الذي يقوم بتفسيره . 
وهما يبرهنان . بما فيه الكفاية » على أن مؤلَّفْهِ استهدف . بالحقيقة , التاريخ المثالي الخالد . من 
خلال الحديث عن التاريخ الخاص والزمني لليونانيين والرومان ٠‏ انما يساههمان . كما يرى . في 
تبرير عنوان « العلم الجديد » « الذي يمكن أن يكون مغروراً , إلأ أنه يمتلك الحق به بلبب 
موضوعه .الذي هو : « الطبيعة المشتركة للامم » . 

إن نظرية السير للامام والرجوع هذه لا تستبعد فقط التقهقر , وإنما أيضاً الركود . والعردة 
لنقطة الانطلاق . إن حركة التاريخ البشري التي تنظمها العناية الإلهية هي حركة نحو الأعلى . إنها 
تتضمن تجلبيدات ( يستذكر فيكو حكاية الطائر الخرافي(نه»م عمآ) الذي يزعم أنه يعيش, خمسة 
قرون ٠‏ ثم . بعد أن يحرق نفسه . ينبعث من رماده وهو أكثر شباباً وجالا ) وإغناءات تُكتسب 
مانا في كل حركة شعنية لم قلمها عجنددا في إطار انظام ابت . إنها حركة نحو الاعلى . ولكن بدل 
أن تنتشر في خط مستقيم » تأخذ ( على حد تعبير ج . .لي - روي (لاناكا -«إنهط) .) شكل الحلزون 


1 انظر ب . كروس - الفصل 11‏ ص : 130 وما بعدها . 


255 


المنسع أكثر فأكثر » . 


هل كان لصاحب مذهب السير للامام والرجوع , هذا النابولي ذي المعرفة الاستثنائية الذي 
أمغى كل حياته تقريباً في الصحراء . هذا النبي المعذب د كبا لو أنه يحترق بلهيب داخلي » ٠‏ هل 
كان لفيكو التعيس الحظ ( كما كان يُسَمُي نفسه ) أدنى حظ بالعيش في العصور القادمة ؟ . إن شيا 
من يكون أكثر اختلافاً . وأكثر تناقضاً , بصفة جذرية . بينا حماسته هو والحماسة التي يرحب بها 
في نباية القرن تقريباً ٠‏ لدى كوندورسيه . إن شيئاً لن يكون أكثر اختلافاً بين هدفه السامي والهدف 
الذي كان على هذا الأخير أن يُسهم فيه حتى الموت . إن البسالة التي عارض فيكو بها جهارا عقل 
القرن » والعناد الذي تقدم به لمعارضة تيار الأنوار . كانا يحكمان » عل ما يبدو . على ذكراه بالغرق 
نهائياً في غياهب النسيان . إننا قلما كنا نشك بأن صوته المضطرم كان يبشرء من بعيد جدا , بم 
سيُوصف ء بسعادة , بأنه ه عودة المطرود » ( على حد تعبير ج. غدورف ) . وبالعكس ماما ' 
فقد كنا متأثئرين » بجانب من سيصفه بينيدتو كروس نفسه « بالمتخلف » ؛ وبالرفض الفيكوي 
لفهم القيمة « الثورية . لمذهب الشك وللعقلانية وللتمرد ضد ا ماضي ١‏ باعتبارها أدوات حر بية 
ضروريةة)" . 
وفي حين أن كوندورسيه فهم جيداً هذه القيمة ! فإن حس المستقبل والصيرورة الانسانية - 
وهي صيرورة إنسانية بصفة بحتة وصارمة » ومتأصلة كلياً ومطهرة كلياً من كل تعال- سيكون 
حصته الممجّدة للابد : لقد اهتم هو فقط بمدينة البشر التي عل الفلسفة أن تبنيها . وكان هذا ععل 
يقين من إيمانه العلماني كلياً » ولم يكن يخشى قط من التنبؤ ٠‏ في الولف الذي نعرفه , بأن : 
« كل شيء يقول لنا بأننا نلامس إحدئ الثورات الكبيرة للجنس البشري . . . . إن المالة الحمالية 
للانوار تضمن لنا بأنها ستكون ثورة سعيدة » . 





(1) حول الحركة الحلز ونية أنظر ‏ شي روي ص : 299 


556 


00 لة 
الكتاب الأول : المدينة ‏ الدوا 


ص ارد 0 
0 0 
ظ 38 0 ل 9 معو وه 
ظ 75 0 9 - 37 +ومصيو و وريه 
ْ . ْ لمحي ور 0 
موري ات 

الفصل الثاني 


3 -القوانين ل 


سطو والسياسة 0 
١‏ 7 السياسية ووو 
ظ 7 ظ ا 
ص 00 السياسة للمديئة 0 
: 3 وبين © م عم ع مم دل عممعمءم.م.ه 
د -للمدينة المثالية 200 


14 


الفصل الخامس : أرسطو : الدساتير الواقعية طخ هيه مف اه وا فرفء ها معرويه 


1 - تصنيف الدساتير ا ف مجه ف كز اسع 6 أ 10 وروا شف الاك ا وه 210 
2 -فن علاج الدساتير اج و و ا موهفمو و وده 
د -الدستور الأفضل القابل للتطبيق : الجمهورية المعتدلة ا 2 
الكتاب الثاني : من الامبراطو ريات الى الدول الإمم 
الفصل الأول : التطلع للمدينة العالمية : من الاسكندر الى قسطنطين 222111 
1 -العصر الحلليني 50 ااا اا 000 
2 -الجمهورية الرومانية والرواقية الوسطى اه 854410 وله وو لإروالة 
د -الامبراطورية الرومانية : من سينيكا الى ماركوس - أور يليوس 2*7 
4 -الامبراطورية الرومانية والمسيحية اا سات نوه اب ا اد طاو 1 01 
الفصل الثاني : المديئتان ( القديس أوغسطين وتأثيره ) 121211111111 
1١‏ -من القديس بولس الى القديس أوغسطين عع لامها لاود عم اس ل 
2 -مدينة الله 6 101#31#151525050أ1111#1 اا 0 
3 -الدولة حسب القديس أوغسطين ها مام اج انف فر ل د 2 
4 -الكئيسة والدولة حسب القديس أوغسطين 0 
5 -الأوغسطينية السياسية عق مقعم مطد هه مده له موده اع واف قاع 
الفصل الثالث : صراع السيفين اموجه ب محا ماي با أ 0 
1 -لمذهب الغريغوري فقي هاف ماعو مر عا يناه نع عا لاط 6ه ماما 
2 نح وانتضار الاكلروص .ميقم ممم عه مهو مداع قوع 
الفصل الرابع : القديس توما الاكويني والفكرة الوسيطية للدولة 1 1 
1 -الفكرة الوسيطية للدولة [[[ز[ذ[1[|[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ [ [ 0 
2 -التوماسية السياسية كن ل و الو جاوز كر تق ل عه للد شاك اق د 511 
الفصل الخامس : نحو الدولة القومية والسيدة معي له عع فر لاما اها اها 4 
١‏ -التزاع البونيفاسي ع اك 6 ات ع الم عا ا ا ا 
2 دانتي ا ا ا ا 
ذف -مارسيل دو بادوا و يه ع ور هع فعا لياه سهة سعام ع مه فالاو عاد 
4 غيوم دوكام 8 838:38 ماقم هاه 8ه اهار 38:6 6ه فته يه وز وه #اعدوااء وهر مهار 
5 -انشقاق العالم للسيحيّ وإرث العصور الوسطى ع ل لت و 


الكتاب الثالث : الدولة ‏ الامة الملكية النمو والذروة 


558 


160... 
167 .. 


97 


117 .. 


143 .. 


559 


1 -الخطب والامير 000000000 مو 232 
27 - فكرة الدولة وفكرة الانسان عند مكيافيللٍ ورة يوتواية ها ويه واوا اك 8 2 
3 الاحتجاج #لاشقسة و1 قد وهر و عه وام ع1 1 فده مايه داوع ف مر 24722146406 
الفصل الثاني : الاصلاح أو الدولة والدين الحقيقي ف قو عه لزاه اف ماه قم للها عا ور 256 

1 -لوثر رةه و مق 4 يوه و اف يعو الف ون جه و3 2 31204 ا وام مها نواه 256 

2 -كالفن .؛ كلما نوه وني اوري بج بين مد م وف فب رون الال وا و 262 

د الجر وب الدينية ومناهضو الملكية 6ه ع1 4 قيهن هناها ففرة ههه فلو مهلها هاه ماه ماح :م 2702 
الفصل الثالث : الدولة والسيلدة . جان بودان مؤلف الجممهورية 211 

1 السيادة : دورها . علاماتها » ومقرها اواك لاف 1ه واه الوه 228 دان 20597 

2 -السيادة : مصدرها ومداها 00 0 

د -السيادة : حدودها يفيه امو اها ههه قارع فم ه8168 6ع لعاف قاغ وامواه 6 2901226-56 

4 -السيادة والحكم : الحكم الأافضل هيه عه امبو اه عأ مااع لع وا واو و2 + :292 

5 -طبع الشعوب والاشكال السياسية فاجو ياو عضي ا ا اف لط و رش 1 29417 
الفصل الرابع : بين بودان وهويس ااا 

1 -في فرنساء نحو الحكم المطلق الحقيتي 00000 م6 22 298122 

2 -اليسوعيون : السلطة غير المباشرة وحق المقاومة ممه اهام وعد 6 ملاع ما لدم 302 

53 -التوسيوس او الديمقراطية التجمعية 27 00 0 00 

4 -غروتيوس أوثورة الحق الطبيعي و ا 31 

5 -ف انجلترة : نحوالثورة الطهرية ف وهاه وه هه مع فاع عع 4غ عه نمام عع عو 3114 
الفصل الخامس : توماس هويس أو الفردية الاستبدادية ف م ار 3د 

1 روح هوبس ومتطلباته 1 1 0 ا 1 ااا ااا 

2 -من البشر الطبيعيين الى الانسان الاصطناعي : الدولة اللوفياتان ع0 

53 -الدولة اللوفياتان حقوقها وواجباتها 000 

4 -الدولة اللوفياتان والدين مط الو ف امل مه عو مه ماو 33041 
الفصل السادس : ذروة الحكم المطلق في فرنسا ا 000001 

تفوق وسمو النظام الملكي الفرسي شماه هه سويه هه ف لتققه لها هر واه وده مرا 3422 

سيادة الملك المطلق والتي لا تنجزأ م ع ا م ل مد لهذ 

الكوابح الاخلاقية الاساسية . الحكم المطلق والتعسف ذ[ [ [ [ 0 0000000 
الكتاب الرابع َ الهرطقة وتطوراتها 

الفصل الأول : الأزمة و تحضيراتها 1[1[1[1ذ[1[ 1[ 1 1-000 

352 610 -الحدثان ذزز [ [ ز ز 1 1 1 0101110101 وا ع يفوع ماه لامها‎ ١ 

2 -الأرثوذكسية للزدوجة مقع قو واو قا و سوه عا مو و واوا اماو ده دان ع ك3 


ذف -الحرطقة : الفردية والعقلانية ف ولوق تخا وق انه ناه فتداية امعد 351 
الفصل الثاني : جون لوك أو الفردية الليبرالية قا ان و و لو و 30 
1 - الميلسوف : تحليل الروح اا ا الام بحاي واوا ادق مه شن م لور 2091 
2 -المقالتان : من المبادىء الخاطثة الى المبادىء الصحيحة 371 
الفصل الثالث : في فرنسا : الليبرالية النبيلة ا ال ا 
1 فتلون » سان سيمون . بولانقليه عن ونه علط ماه قرغ افك ف لأا قازناى وعد 392 
2 -من الرسائل الفارسية الى الرسائل الفلسفية لاه مق وه ا 3199 
3 - نحوه روح الفوانين » : « التأملات » 0 0 0 الاين 
الفصل الرابع : روح القوانين نع ا اه عانم قن وو رولك مامه 09224 
١‏ -المشروع الضخم للمؤلف ونحقيقه ا واه موا دع م الك خض 406 
2 دسياسة مونتسكيو : الحكم المعتدل جه عع ولطهاة 8 مهار ااه لام م ا اا 418 
الكتاب الخامس : اصلاحات أم ثورة ااه ال وو ون ونه 
الفصل الأول : الأنوار أو سياسة العقل اح م د اماه ام اه وان عاو مدع 4382 
1 -الحزب الفلسفي ااه ع من قا 114 امع اط ها وا عومد تنه 34 
2 -فولتير وديدرو ا ها طن لاوط اتوي اك مدن الاو عع 4902 
3 -هلفيتيوس وهولباخ 11 اانه 
4 حالة دافيد هيوم م اد خا لك له فا ساف د فاولف وده ودعي 6ك جم وى 406 
الفصل الثاني ': جان جاك روسو أو دولة الشعب مقع اق فسا له عرفل مز اع وز 475 
1 -منالخطب الى العقد الجباعي اا 
2 -مبادىء الحق السيامي 1 1 اال 
ذف -مشروع كورسيكا وبولونيا مو اط مدة 4 م اط بن لم اع عاق اع 5152 
4 -الخلاصة : توضيح دح ع مس امه اذاو معو مت فاع اع ف دك جع لم22 
الفصل الثالث : من ثورة لأخرى ...0006.226 327260660006000 
١‏ -الثررة الاميركية دا ا ا ب ما عنقا ذا اه وال مقع هد مزه عه لاع :6ن 5272 
2 -الامة من مابلي الى سياس ا و وعد الك مر عق لال جا وا دج 332 
د -فكرة التقدم عه عه ماع هه مه فذقا هوق مني عه اما 6اع عله 541 
1966111